• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
  •  
    إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تعظيم شعائر الله (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    كثرة أسماء القرآن وأوصافه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    لا تغضب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة السيرة: تحنثه صلى الله عليه وسلم في
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

أعيادنا وأعيادهم .. للاحتفال بعد آخر

أعيادنا وأعيادهم.. للاحتفال بعد آخر
محمد نور الدين عبدالله

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/1/2018 ميلادي - 28/4/1439 هجري

الزيارات: 7736

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أعيادنا وأعيادهم.. للاحتفال بعد آخر

 

عند التفكُّر في الأعياد والاحتفال بها، يتجلَّى البون الشاسع بين احتفالات غير المسلمين بأعياد ميلاد أنبيائهم أو صالحيهم الذي لا يتجاوز تذكُّر فضلهم - كميلاد المسيح، أو ميلاد بوذا - وبين أعياد الإسلام التي تتجاوز حاجز رمزية الوقت والشخص، فالاحتفال والفرح عندنا له بُعْدٌ آخَرُ بعد امتطاء راحلة الطاعات التي تغوص في دواخل النفس البشرية تنتزعها من أتُّون الشهوات، وتردُّها إلى جادة الطريق.

 

في هذه الأسطر نُزيح اللثام عن بعض الأبعاد الخفيَّة والحِكَم الجليلة في أعياد المسلمين مقارنةً بأعياد غير المسلمين، وفيها نُعرِّج على المولد النبويِّ، لا من حيث الحكم الفقهيُّ، ولكن من حيث الفهم الصحيح لمعنى الاحتفال وعلاقته بالنفس والطاعات.

 

قرائن الاحتفال في الإسلام:

للاحتفال عند المسلمين قرائنُ ترتبط به حتى يكون كما أراد الشارع الحكيم، ومن هذه القرائن:

أولًا: أن يكون بأمر من الله، ثانيًا: أن يكون بعد عمل طاعة ظاهرة وباطنة، ثالثًا: أن يُفرَد فيه الله بالتعظيم فلا يُعظَّم فيه غيره، رابعًا: أن يكون في توقيت زمنيٍّ مُحدَّد من عند الله عز وجل، خامسًا: أن نُظهر فيه الفرح بما يرضى الله.

 

أما عند غير المسلمين، أو المسلمين المتمسكين بأذيال الغرب، فنجد أن احتفالاتِهم تهتمُّ وتتشدَّق بآخر قرينتين فقط: بأن يكون في توقيت زمنيٍّ محدد من عند أنفسهم، ويُظهرون فيه الفرح بأي شكلٍ كان، فشتَّان بين شريعة الخالق ونهج الخَلْق، فالإغراقُ في اللهو والترفيه أحد مظاهر الحداثة الحضارية الغربية، بالرغم من التقدُّم في ميادين العلم والتكنولوجيا، لكنها ترزح تحت نِيرِ الرغبة الجامحة للشهوات لإفراغها، فهي تتجرَّع لذَّاتها ليلًا حتى الثُّمالة، ثم تنفض عنها غبار العبث بالنهار؛ لتبدأ يومًا للعمل الشاقِّ، هذه هي حياتهم: عمل مادي، وترويح مادي، وقلوبهم وأرواحهم مهملةٌ كنبتةٍ خضراءَ في أرضٍ بُورٍ وخرابٍ لا تُسقى ولا تُراعى.

 

البُعْد الدلالي أهمُّ من الترفيه واللهو:

والذي نأسى عليه هو هذا الحال البائس الذي وصل إليه المسلمون في تتبُّع سنَن الأُمَم الأخرى شبرًا بشبر بإقامة احتفالاتهم؛ فهذا عيدٌ للحُبِّ، وذاك للربيع، وآخر للهالوين؛ بل نحتفل بما هو دينيٌّ عند غيرنا، ونُظهر السعادة والفرح بالكريسماس وعيد القيامة المجيد، ولو كان هناك أعياد أخرى للحيوان والنبات والجماد، لما انتظرنا؛ بل لو جعلوا في كلِّ يومٍ عيدًا لفرحنا وسعدنا، أليست كلها ترويحًا ولهوًا؟ أليس فيها نشر السعادة والفرح والسرور؟ وهذا أحد الموروثات المشوَّهة التي أتَتْ بها الحياة المدنيَّة الحديثة ونثرتْها في وجدان أُمَمٍ تخلَّت عن قِيَمها، وراحتْ تتلقَّف الغثاء؛ بل وتلهث وراءه، ﴿ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً ﴾ [النور: 39].

 

وهذه الثقافة السائدة من نشر اللهو والترفيه في تلك الأعياد المختلقة، فيلهو ويلعب فيها المسلم وغير المسلم - هي ثقافة الغرب السائدة؛ لأنها ببساطة الثقافة الغالبة، ثقافة الغالب، والمغلوب مُولَع بتقليد الغالب، فغير المسلمين لا يحتفلون بأعياد المسلمين، ولا يُبدون السعادة والفرح الشديدين كما يفعل أبناء جلدتنا مع أعيادهم، فالغاية عندهم لهو ولعب وزينة، هذا مبلغهم من الدنيا، أما في شريعتنا، فالغاية تعظيم الله بإرضائه، والوسيلة إظهار الفرح والترفيه المباح، من هنا نجد أن غايتهم هي وسيلتنا، وغايتنا أعلى وأنقى وأطهر، فشتَّان بين الثرى والثُّريَّا!

 

وذلك يدل على مدى البُعْد عن المنهج الحق في حياتنا، فأصبحنا نكرس للفرح واللهو والترفيه والترويح، فهذه غايتنا من الأعياد المخترعة، ولا ننظر إلى البُعْد الدلاليِّ في الفرح بالأعياد، فأصبحت المتعة المادية مقدَّمةً على الرُّوحية، والترويح الجسديُّ مُقدَّمًا على حياة القلوب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

أهمية الحدث ليس شرطًا للاحتفال:

لم يكن انتصار بدْرٍ أو فتحُ مكة من أعياد المسلمين بالرغم من أهميتهما البالغة في مسار الدعوة، ولم يكن صلح الحديبية احتفالًا سنويًّا بالرغم من وصف الله له في سورة الفتح بـ ﴿ فَتْحًا مُبِينًا ﴾ [الفتح: 1]، ولم يُؤْثَر عن الصحابة احتفالهم بعيد ميلاد أحدهم أو حتى ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يُقرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أعياد الكفَّار وأعياد الجاهلية؛ فعن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ((ما هذان اليومانِ؟))، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهليَّة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله قد أبْدَلَكُم بهما خيرًا منهما: يومَ الأضْحَى، ويومَ الفِطْر))؛ رواه أبو داود والنسائي.

 

وعند دخول الرسول للمدينة وعِلْمِه باحتفال اليهود بيوم عاشوراء، لم يكن ردُّ فعله إلا بطاعةٍ لله عن طريق الصوم، ففي الحديث الذي رواه أبو داود (سنن أبي داود 2446) عن ابن عباس قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وجد اليهود يصومون عاشوراء، فسُئلوا عن ذلك، فقالوا: "هذا اليوم الذي أظهَرَ الله فيه موسى على فرعون، ونحن نصومه تعظيمًا له"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نحن أَوْلَى بموسى منكم))، وأمر بصيامه.

 

فقوله صلى الله عليه وسلم: ((نحن أَوْلَى بموسى))؛ أي: نحن أثبت وأقرب لمتابعة موسى صلى الله عليه وسلم منكم، فإنَّا موافقون له في أصول الدين، ومُصدِّقون لكتابه، وأنتم مخالفون لهما في التغيير والتحريف، ولا يوجد مظاهر للاحتفال تُذكَر في هذا اليوم كما ذكر ذلك ابن تيمية في المجموع[1].

 

فأهمية الحدث فقط لا تُؤهِّله لكي يكون عيدًا كما نرى، كما أن رمزية الحدث لا تجعله مناسبة للاحتفال إلا إذا أمر الله بذلك؛ لذلك أرى أن الربط بين أهمية الحدث والاحتفال به ليس من سمْتِ شريعتنا؛ بل هو نهج اختلاقي من لدن الناس؛ لأن الناس تميل إلى تعظيم الأحداث، ولكن الشريعة تأمُر بتعظيم الله فقط.

 

البعد النفسي:

عند التأمُّل نُلاحظ أن الاحتفال الحقيقيَّ عند المسلمين هو الاحتفال بما أمر به الله ورسولُه، وقرينة ذلك عمل لون من ألوان الطاعة التي يتمُّ الاحتفال بعدها؛ ففي رمضان نتقرَّب إلى الله بالصيام ثم نحتفل بعدها بعيد الفطر، وهنا تكون الفرحة لها مسوِّغ، ولها طعم في النفس، ومعنى في العقل؛ ففي الحديث المتفق عليه عنأبي هريرةرضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((للصائمِ فرحتانِ: فرحةٌ عند فِطْره، وفرحةٌ عند لقاء ربِّه))، فعند فطره يفرح بما أنعم الله عليه من القيام بهذه العبادة وإتمامها، وبما أباح الله له من الطعام والشراب الذي كان ممنوعًا منه حال صيامه، وعند لقاء الله يفرح حين يجد جزاء صومه كاملًا في وقت هو أحوجُ ما يكون إليه.

 

وفي العَشر الأُوَل من ذي الحجة تبدأ أفضل أيام السنة، ويشرع الملايين في الاستباق إلى بيت الله الحرام، يبذلون الجهد والمال تقرُّبًا لله بفريضة الحج، والذين لم يلحقوا بهم من ورائهم يدْعون الله ويتقرَّبون بالصوم والنَّحْر وسائر الطاعات، فكم من دمعة سُكِبتْ رجاءً لله في غفران الذنوب، وكم من قطرة عرقٍ بُذِلت ابتغاءَ مرضاة الله، ها هنا يكون الاحتفال بعد مراغمة النفس بالطاعات، والتزاحُم في موسم الطاعات، ها هنا يكون عيد المسلمين الأكبر.

 

ومن هنا نعي الحكمة الكُبرى من أعياد المسلمين، هي أعيادٌ متجدِّدة كلَّ عام، ومُجدِّدة لثوب النفس الذي يَبْلَى كلَّ عام، الفرح فيها له بُعْد آخر تتراءى فيه ومضات الرِّضا لمن اقتحم عقبة الشهوات الكؤودَ، ووصل إلى عتبات القبول، وأناخ مطاياه على باب غفَّار الذنوب، أضف إلى ذلك أن كثرة الأعياد والاحتفالات التي تُوصف بأنها دينيَّة تُقلِّل من زخم الأعياد الحقيقية وتزاحمها، فتعظيم شعائر الله لا يحدث إلا بتهوين وتقليل شأن ما دونه، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].

 

تعظيمنا لرسولنا يختلف:

أما فيما يخصُّ المولد النبويَّ، فبالرغم من وجود من يُدافع عن مشروعية الاحتفال بالمولد النبويِّ بالطاعات والذِّكر، وبالرغم من وجود من يسوق آراء بعض العلماء الأجلَّاء من أمثال ابن حجر، والسيوطي، وابن الجوزي في جواز الاحتفال بالمولد النبوي، فإن أدلة العلماء غير المجيزين من أمثال ابن تيمية والشاطبي أرجحُ عند العلماء المحققين المتأخرين الذين أفردوا لهذه المسألة فتاوى خاصة؛ من أمثال ابن عثيمين وابن باز، ورأي العلماء غير المجيزين للاحتفال بالمولد النبوي يُؤيِّد البُعْد الذي نحن بصدده في هذا المقال؛ بل وواقع الصحابة الذين هم أحبُّ لرسول الله منا يشهد على ذلك.

 

وفضل الله على عباده بالمنِّ عليهم بالإسلام وشرائعه والرسول وهديه، وبمواسم للطاعات والرحمات - هي الفرح الحقيقي ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾ [يونس: 58]، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: أي: "بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا؛ فإنه أولى مما يفرحون به من حطام الدنيا، وما فيها من الزهرة الفانية والذاهبة لا محالة"، فحبُّنا لرسول الله ليس له وقت، وليست له مراسم؛ بل هو حب يظهر في كل وقت، وعلى كل حال.

 

وهناك ولع عند غير المسلمين بتمجيد الأشخاص على طريقتهم الخاصة، عن طريق عمل احتفال وعيد كبير في مساحة زمنية ضيقة ربما تكون يومًا أو عدة أيام، وأنا أُسمِّي هذا النوع من الاحتفاء بالاحتفاء الرأسي؛ أي: إظهار كمٍّ كبيرٍ من الفرح والسرور في مساحة زمنية محدودة، وبعد هذا الوقت يكاد ينعدم الذِّكر والتعظيم للشخص، وهذا من الناحية النفسية يحوي خبثًا ضمنيًّا؛ حيث إن الإعداد وبذل الجهد سوف يكون لوقت زمني قصير، بالإضافة إلى أن احتفالهم به هو لون من ألوان الترويح التي تهواها النفس، ومن ثم فالبذل قليل، واللهو كثير.

 

أما تعظيمنا لرسولنا صلى الله عليه وسلم، فله رونق خاص يفيض بذلًا وحُبًّا، نحن نحتفي برسولنا في جميع الأوقات، ونتَّبع سُنَّته في جميع الأحوال، حتى تقلُّبنا في نومنا وعند دخولنا الخلاء نتَّبِع سُنَّته، وهذا أُسمِّيه الاحتفاء الأفقي؛ أي: يشمل كل الوقت، والبذل والحب فيه لرسولنا مستمرَّان، هذا هو الاحتفاء والاحتفال الحقيقيَّان، فمرادنا سعادةٌ من نوع آخر، ترقى عن تلك التي تكرس المجون في يوم واحد لتنتزع مُرادها من شهواتها، فسعادتنا يملؤها حنينٌ إلى تلك اللحظة التي نروى فيها من حوضه، ونتلمَّس بها شفاعته، أَعْظِمْ بهذا الاحتفال من نقاءٍ وصفاءٍ!

 

البُعْد العقدي، واجتياز رمزية الوقت والشخص:

ويوجد بُعْد عقدي يلوح في الأفق مرتبط بأعياد المسلمين: (الفطر والأضحى)، وهو إفراد التمجيد لله وحده دون عباده ورسله، فالأعياد لا ترتبط بشخص مهما علا مقامه، فارتباط الفرح - أو حتى الحزن - بشخص ليس من سمْتِ شريعة الإسلام، فالارتباط دائمًا بالله.

 

فغير المسلمين مولعون بربط الفرح أو الحزن بالأشخاص كما هو الحال في النصرانية واليهودية والبوذية؛ بل وكاد يحدث هذا الربط الضمنيُّ عند بعض المسلمين كما كان الحال عند وفاة إبراهيم ابن رسول الله، فالبعض أراد أن يربط بين حالة الحزن وكسوف للشمس، فبيَّن ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما لاح في الأفق ربطٌ غيرُ شرعي في أذهان العامة بين وفاة ابنه وكسوف الشمس، فقال المصطفى في الحديث الذي رواه البخاري (1051) من حديث المغيرة بن شعبة قال: كَسَفَتِ الشمسُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: كَسَفَتِ الشمسُ لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشمسَ والقمرَ لا يَنْكسِفان لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه، فإذا رأيتُمْ فصلُّوا، وادْعُوا الله)).

 

وأحيانًا يكون الربط عند غير المسلمين بين الفرح والزمن - كعيد الربيع في بداية وقت الربيع من السنة - تعظيمًا لهذا الوقت، وقد جاءت الشريعة الإسلامية الغرَّاء بالنهي عن هذا الربط غير الشرعي، فعلى سبيل المثال يُكره إفراد شهر رجب بالصيام؛ لأن ذلك من شعائر الجاهلية التي كانت تُعظِّم هذا الشهر؛ فقد روي عن أحمد عن خرشة بن الحر، قال: "رأيتُ عمرَ يضرِب أكفَّ المترجبين حتى يضعوها في الطعام، ويقول: كلوا؛ فإنما هو شهر كانت تُعظِّمه الجاهلية"؛ عزاه الألباني لابن أبي شيبة، وقال: صحيح (إرواء الغليل، ج4، ص113).

 

وفي ديننا الحنيف ليس لنا أن نحتفل بزمن معين ما لم يكن بإذن من الشارع، فعلى سبيل المثال ليلة الإسراء والمعراج لها مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، لكننا لم نُؤمر بالاحتفال بها، وبالرغم أن تحديد هذه الليلة به خلاف كبير بين العلماء المحققين فإن الكثير يحتفل بها يوم السابع والعشرين من رجب، ولو ثبت أن وقوع الإسراء والمعراج كان في تلك الليلة بعينها، لما جاز إحداث أعمال لم يشرعها الله ولا رسولُه، ولا شك أن الاحتفال بها من المحدَثات في الدين، وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية أن ليلة الإسراء والمعراج لم يقُم دليل معلوم على تحديد شهرها أو عشرها - أي في العشر التي وقعت فيه - أو عينها، يعني نفس الليلة؛ ا هـ.

وخلاصة أقوال المحققين من العلماء أنها ليلة عظيمة القدر مجهولة العين.

 

والخلاصة:

إن تعظيم الأشخاص أو الأحداث أو الأزمنة، وربط الاحتفال بهم، وإظهار الفرح بسببهم - ما لم يكن بإذن من الشارع - ليس من شريعتنا الغراء، فالأعياد والاحتفال بها من الدين والشرع، والأصل فيما كان من هذا الباب الاتِّباع والتوقيف؛ قال ابن تيمية رحمه الله: "إن الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك التي قال الله تعالى: ﴿ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ ﴾ [الحج: 67]؛ كالقِبلة والصيام، وفي هذا تعظيم لله أيما تعظيم، وهذا لن تجده إلا في هذه الشريعة الغراء.



[1] (مجموع فتاوى شيخ الإسلام، ج 25، ص 299) "وأما سائر الأمور؛ ‏مثل: اتخاذ طعام خارج عن العادة، إما حبوب وإما غير حبوب، أو في تجديد لباس، أو توسيع نفقة، أو ‏اشتراء حوائج العام ذلك اليوم، أو فعل عبادة مختصة؛ كصلاة مختصة به، أو قصْد الذبح أو ادِّخار لحوم ‏الأضاحي ليطبخ بها الحبوب، أو الاكتحال أو الاختضاب أو الاغتسال، أو التصافح أو التزاوُر، أو زيارة ‏المساجد والمَشاهِد ونحو ذلك، فهذا من البدع المنكرة التي لم يسنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ‏خلفاؤه الراشدون، ولا استحبَّها أحدٌ من أئمة المسلمين، لا مالك ولا الثوري ولا الليث بن سعد ولا ‏أبو حنيفة ولا الأوزاعي ولا الشافعي ولا أحمد بن حنبل ولا إسحاق بن راهويه، ولا أمثال هؤلاء من ‏أئمة المسلمين وعلماء المسلمين، وإن كان بعض المتأخرين من أتباع الأئمة قد كانوا يأمرون ببعض ‏ذلك، ويروون في ذلك أحاديثَ وآثارًا، ويقولون: "إن بعض ذلك صحيح"، فهم مخطئون غالطون بلا ‏ريب عند أهل المعرفة بحقائق الأمور".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أعيادنا وأعيادهم .. وهل نعي تميزنا؟!!
  • أعيادنا ومواسمنا
  • أعيادنا أفراح وبركات !!
  • أعيادنا وأعيادهم
  • أعيادنا التي ستتحقق بإذن الله (خطبة عيد الفطر)

مختارات من الشبكة

  • التهنئة بالعيد يوم العيد (بعد الفجر وبعد صلاة العيد لا قبل يوم العيد)(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • الابتعاد عن البدع والمنكرات التي انتشرت في الأعياد(مقالة - ملفات خاصة)
  • لماذا العيد؟ عيد الفطر وعيد الأضحى(مقالة - ملفات خاصة)
  • العيد بين الفرح والحزن: لا للعيد .. بلى للعيد ..(مقالة - ملفات خاصة)
  • السنن المتعلقة بالعيد(مقالة - ملفات خاصة)
  • عيد الفطر المبارك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوم العيد .. يوم التهنئة بنعمة الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • خلاصة سنن العيد(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • سنن العيد في حال الحجر(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • العيد غدا(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب