• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إني أخاف أن أسلب التوحيد! (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سوء الظن وآثاره على المجتمع المسلم (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    تفسير سورة الزلزلة
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    تحريم سب الريح أو الشمس أو القمر ونحوها مما هو ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    الملك المحدث: إجازة بخط الإمام الحافظ عبدالرحيم ...
    محمد الوجيه
  •  
    أكرمها الإسلام فأكرموها (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    إكرام المرأة في الإسلام (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    توقير كبار السن وإكرامهم (خطبة)
    د. محمد حرز
  •  
    تخريج حديث: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تفسير: (الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    المسح على الجوربين
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    {ألم نخلقكم من ماء مهين}
    د. خالد النجار
  •  
    الحياة ساعة والآخرة دائمة
    بدر شاشا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

ولا تحزنوا (خطبة)

ولا تحزنوا (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/1/2018 ميلادي - 19/4/1439 هجري

الزيارات: 35552

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ولا تحزنوا


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِن سِيمَا سَنَوَاتِنَا المُتَأَخِّرَةِ، كَثرَةُ الهُمُومِ وَالغُمُومِ، وَاستِيلاءُ الأَحزَانِ عَلَى القُلُوبِ، وَتَلَجْلُجُ الأَسَى في الصُّدُورِ، في وَاقِعٍ مُتَضَارِبٍ مَرِيجٍ، يَكثُرُ فِيهِ فَشلُ الإِنسَانِ في تَحقِيقِ أَهدَافِهِ، وَتَتَعَدَّدُ العَوَائِقُ دُونَ بُلُوغِهِ غَايَاتِهِ، عَدَا مَا جُبِلَت عَلَيهِ الدُّنيَا مِن كَبَدٍ وَمَشَقَّةٍ، وَمَصَائِبَ تُصَبِّحُ النَّاسَ وَتُمَسِّيهِم، وَمَا يُحِيطُ بِالأُمَّةِ الإِسلامِيَّةِ بِخَاصَّةٍ مِن مِحَنٍ وَشَدَائِدَ، وَمَا يُقَاسِيهِ المُسلِمُونَ في أَوطَانِهِم مِن بَغيٍ وَظُلمٍ وَهَضمٍ، وَتَعَدٍّ عَلَى مُقَدَّرَاتِهِم وَسَلبٍ لِحُقُوقِهِم وَاستِضعَافٍ لَهُم. وَإِنَّهُ مَهمَا شَعُرَ المُسلِمُونَ بِالهَوَانِ وَالضَّعفِ، أَو أَحَسُّوا بِالهَزِيمَةِ أَو حَصَلَت لَهُم أَيُّ مُصِيبَةٍ، أَو وَجَدُوا مِنَ العَدُوِّ غَضَاضَةً أَو استِضعَافًا، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ أَن يُسلِمَهُم ذَلِكَ الشُّعُورُ إِلى أَن تُحِيطَ بِهِمُ الأَحزَانُ وَتُقَيِّدَهُم الأَشجَانُ، أَو تُقعِدَهُم عَن بَذلِ الأَسبَابِ لإِزَالَتِهَا وَالتَّخفِيفِ مِن أَثَرِهَا، قَالَ تَعَالى في ثَنَايَا مَا ذَكَرَهُ مِمَّا أَصَابَ المُسلِمِينَ مِن ضَعفٍ وَهَزِيمَةٍ، مُشَجِّعًا لَهُم وَمُقَوِّيًا لِعَزَائِمِهِم وَمُنهِضًا لِهِمَمِهِم: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139].

 

أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّهُ لا يَنبَغِي لِلمُؤمِنِينَ أَن يَستَسلِمُوا لِلحُزنِ وَهُم مُؤمِنُونَ بِاللهِ؛ فَهَذِهِ الدَّارُ دَارُ مُرُورٍ وَغُرُورٍ، يُعطِي اللهُ مِنهَا المُؤمِنَ وَالكَافِرَ، وَيُمِدُّ مِن عَطَائِهَا البَرَّ وَالفَاجِرَ، وَيُدَاوِلُ الأَيَّامَ فِيهَا بَينَ النَّاسِ، وَسُنَّةُ المُدَافَعَةِ فِيهَا قَائِمَةٌ وَمُستَمِرَّةٌ، يَومٌ لِهَذِهِ الطَّائِفَةِ وَيَومٌ لِتِلكَ، وَيَومٌ يَتَّسِعُ الرِّزقُ فِيهِ وَيَومٌ يَضِيقُ، وَحِينًا يُعَافى العَبدُ وَحِينًا يُبتَلى، ارتِفَاعٌ وَانخِفَاضٌ، وَشِفَاءٌ وَأَمرَاضٌ، وَيُسرٌ وَعُسرٌ يَعتوران، وَسَرَّاءُ وَضَرَّاءُ تَتَبَادَلانِ، غَيرَ أَنَهَا دَارٌ مُنقَضِيَةٌ أَيَّامُهَا، فَانِيَةٌ لَذَّاتُهَا، زَائِلَةٌ بِحُلوِهَا وَمُرِّهَا، مَاضِيَةٌ بِخَيرِهَا وَشَرِّهَا، رَاحِلَةٌ بِزَينِهَا وَشَينِهَا، بِخِلافِ الدَّارِ الآخِرَةِ، فَإِنَّهَا خَالِصَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 32].

 

نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - لا يُحزِنُ المُؤمِنَ كثيرًا مَا بلَغَهُ الكَافِرُ مِن عُلُوٍّ، أَو نَالَهُ الفَاجِرُ مِن حَظٍّ، أَو مَارَسَهُ الظَّالِمُ مِن ظُلمٍ، كَيفَ وَقَد قَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 176] وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِنَّ اللهَ لَيُملِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لم يُفلِتْهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ؟!


وَإِنَّهُ حِينَ يُنهَى المُؤمِنُ عَنِ الحُزنِ وَيُدعَى إِلى تَجَاوُزِهِ، فَإِنَّهُ لا يُقَالُ لَهُ اخرُجْ عَن طَبِيعَتِكَ وَجِبِلَّتِكَ، وَخَالِفْ فِطرَتَكَ وَخِلقَتَكَ، وَلَكِنَّ المَنهِيَّ عَنهُ وَالمَذمُومَ، هُوَ مَا يَنتُجُ عَنِ الحُزنِ مِن آثَارٍ غَيرِ مَحمُودَةٍ، وَتَصَرُّفَاتٍ تَتَنَافى مَعَ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، مِن سُوءِ ظَنٍّ بِاللهِ أَو تَعَدٍّ لِحُدُودِهِ، أَو ذَمٍّ لِلقَضَاءِ وَالقَدَرِ، أَو عَدَمِ رِضًا بما جَرَى بِهِ القَلَمُ بِإِرَادَةِ الحَكِيمِ الخَبِيرِ، أَو يَأسٍ وَقُنُوطٍ وَكَفِّ أَيدٍ عَنِ العَمَلِ، أَو قُعُودٍ وَتَرَاجُعٍ عَنِ العَطَاءِ وَالبَذلِ، أَو حُزنٍ عَلَى مَا نَقصَ مِن عَطَايَا الدُّنيَا أَو فَاتَ مِن شَهَوَاتِهَا، مَعَ عَدَمِ اهتِمَامٍ بِالدِّينِ وَلا تَحَرُّكِ غَيرَةٍ لأَجلِهِ، وَلا أَسَفٍ عَلَى مَا انكَسَرَ مِن قَوَاعِدِهِ أَو تَصَدَّعَ مِن حَوَائِطِهِ، وَلا نَدَمٍ عَلَى مَا هُدِمَ مِن بُنيَانِهِ أَو ضَاعَ مِن فَرَائِضِهِ أَوِ انتُهِكَ مِن حُرُمَاتِهِ، أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ الشَّيطَانَ يُسَلِّطُ الأَحزَانَ عَلَى الإِنسَانِ، لِيَشغَلَ فِكرَهُ وَيَشِلَّ عَقلَهُ، وَيَصِلَ بِهِ إِلى اليَأسِ وَالقُنُوطِ، فَيَضِلَّ بِذَلِكَ عَمَّا خُلِقَ لَهُ، وَلا يُرَكِّزَ جُهدَهُ في اتَّخَاذِ قَرَارَاتِهِ وَلا في البَحثِ عَن حَلٍّ لِمُشكِلاتِهِ، بَل يَزدَادُ تَخَبُّطًا وَتَشَتُّتًا، وَيُخطِئُ في حَقِّ نَفسِهِ وَحَقِّ مَن حَولَهُ، بَل وَفي حَقِّ رَبِّهِ وَخَالِقِهِ، الَّذِي بِيَدِهِ كُلُّ شَيءٍ، وَإِلَيهِ يَرجِعُ كُلُّ شَيءٍ.


أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - إِخوَةَ الإِيمَانِ - وَلا يَستَسلِمَنَّ أَحَدُنَا لِلأَحزَانِ، وَلْنَرفَعْ شَكوَانَا إِلى الرَّحِيمِ الرَّحمَنِ، وَلْنَلْهَجْ بِذِكرِهِ وَلْنُكثِرِ مِن دُعَائِهِ، وَلْنُدَاوِمْ عَلَى التَّسبِيحِ وَالاستِغفَارِ، وَلْنَفزَعْ إِلى الصَّلاةِ وَلْنَقتَرِبْ بِالسُّجُودِ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ العِلاجُ النَّاجِعُ المُذهِبُ لِلحَزَنِ وَالأَسَى، الطَّارِدُ لِلهَمِّ وَالغَمِّ، وَلْنَتَحَلَّ بِالصَّبرِ وَسَعَةِ الأُفُقِ في تَنَاوُلِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ مَعَ كُلِّ عُسرٍ يُسرًا، وَإِنَّ بَعدَ كُلِّ ضِيقٍ فَرَجًا، قَالَ تَعَالى عَن نَبِيِّهِ يَعقُوبَ عَلَيهِ السَّلامُ: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 86] وَفي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ عَن أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبنِ وَالبُخلِ، وَضَلَعِ الدَّينِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ " وَفي الصَّحِيحَينِ أَيضًا عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِن جَهدِ البَلَاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ القَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الأَعدَاءِ " وَفي رِوَايَةٍ: " تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِن جَهدِ البَلاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ القَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الأَعدَاءِ" وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 97 - 99] وَقَالَ تَعَالى آمِرًا نَبِيَّهُ بِالصَّبرِ وَعَدَمِ الضَّيقِ لِمَكرِ المَاكِرِينَ: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النحل: 127] وَفي مُسنَدِ أَحمَدَ وَغَيرِهِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لِمُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: " قَد جَفَّ القَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَو أَنَّ الخَلقَ كُلَّهُم جَمِيعًا أَرَادُوا أَن يَنفَعُوكَ بِشَيءٍ لم يَكتُبْهُ اللهُ عَلَيكَ لم يَقدِرُوا عَلَيهِ، وَإِن أَرَادُوا أَن يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لم يَكتُبْهُ اللهُ عَلَيكَ لم يَقدِرُوا عَلَيهِ، وَاعلَمْ أنَّ في الصَّبرِ عَلَى مَا تَكرَهُ خَيرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصرَ مَعَ الصَّبرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا " اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبنِ وَالبُخلِ، وَضَلَعِ الدَّينِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ...


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَكَمَا يَذهَبُ الحَزَنُ بِالقُربِ مِنَ اللهِ وَصِدقِ اللُّجُوءِ إِلَيهِ، وَيَتَبَدَّدُ بِالاشتِغَالِ بِعِبَادَتِهِ وَالفِرَارِ إِلَيهِ، فَإِنَّ ثَمَّةَ أُمُورًا تُجَدِّدُ قَدِيمَ الأَحزَانِ وَتَبعَثُ مَيِّتَ الأَشجَانِ، وَتَضِيقُ بها الصُّدُورُ وَتَتَعَقَّدُ الأُمُورُ، وَيَعِيشُ الإِنسَانُ بِسَبَبِهَا بَينَ هَمٍّ وَغَمٍّ وَانقِبَاضِ نَفسٍ وَضَعفِ عَزمٍ، مِن ذَلِكَ تَعَلُّقُ القَلبِ بِالدُّنيَا وَمَدُّ البَصَرِ إِلى مَا عِندَ الآخَرِينَ مِن نِعَمٍ دُنيَوِيَّةٍ، قَالَ تَعَالى: ﴿ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر: 88] وَمِن ذَلِكَ الظَّنُّ بِأَنَّ عُلُوَّ أَهلِ البَاطِلِ سَيَدُومُ وَلَن يَزُولَ، وَالحُزنُ لِعَدَمِ استِجَابَتِهِم وَرُضُوخِهِم لِلحَقِّ، قَالَ تَعَالى: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [لقمان: 23] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [يس: 76] وَمِن ذَلِكَ التَّنَاجِي بِالبَاطِلِ وَتَردَادُ مَا يُسَبِّبُ الحُزنَ وَيَشغَلُ البَالَ، وَكَثرَةُ الخَوضِ فِيهِ وَتَنَاقُلُهُ وَالتَّرَاسُلُ بِهِ، مَعَ فَقدِ نُورِ الأَمَلِ وَمَوتِ رُوحِ التَّفَاؤُلِ، وَالاشتِغَالِ بِنَدبِ الحَظِّ وَشَكوَى الزَّمَانِ، وَسَبِّ الحَالِ بِاللِّسَانِ وَلَو عَلَى سَبِيلِ المُزَاحِ؛ فَإِنَّ البَلاءَ مُوَكَّلٌ بِالمَنطِقِ، قَالَ تَعَالى: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المجادلة: 10] وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعرَابيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ فَقَالَ لَهُ: "لا بَأسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ" قَالَ: قُلتَ طَهُورٌ ؟! كَلاَّ، بَل هِيَ حُمَّى تَفُورُ أَو تَثُورُ عَلَى شَيخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " فَنَعَمْ إِذًا " وَقَالَ شَاعِرٌ:

اِحفَظْ لِسَانَكَ لا تَقُولَ فَتُبتَلَى
إِنَّ البَلاءَ مُوَكَّلٌ بِالمَنطِقِ


وَقَالَ آخَرُ:

لا تَنطِقَنَّ بِمَا كَرِهتَ فَرُبَّمَا
نَطَقَ اللِّسَانُ بِحَادِثٍ فَيَكُونُ


أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن أَن يَتَمَلَّكَنَا الحَزَنُ عَلَى فَوتِ شَيءٍ مِنَ الدُّنيَا فَحَسبُ؛ فَإِنَّ الحَزَنَ الأَكبَرَ وَالهَمَّ الأَعظَمَ وَالغَمَّ الأَطَمَّ، هُوَ مَا يَنتَظِرُ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَالظَّالِمِينَ عِندَ المَوتِ وَبَعدَهُ، فَيَلقَونَ مِنهُ مَا يُفزِعُهُم وَيَذهَبُ بِأَلبَابِهِم وَيُقَطِّعُ قُلُوبَهُم، وَأَمَّا المُؤمِنُونَ الصَّادِقُونَ، فَحَسبُهُم مِنَ الحُزنِ مَا قَد يَقَعُ لَهُم مِنهُ في الدُّنيَا، فَيَصبِرُون عَلَيهِ وَيِحتَسِبُونَ، ثُمَّ يُبَشَّرُونَ بِزَوَالِهِ عَنهُم عِندَ المَوتِ وَيَسلَمُونَ مِنهُ إِلى الأَبَدِ، وَيَبقَى لَهُمُ الأَجرُ إِن شَاءَ اللهُ، قَالَ تَعَالى: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 277] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ﴾  [الأنبياء: 101]، ﴿ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 103] وَقَالَ تَعَالى وَاصِفًا حَالَهُم بَعدَ دُخُولِ الجَنَّةِ: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 34] وَفي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ عَنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَا يُصِيبُ المُسلِمَ مِن نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ، وَلا حُزنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا، إِلاَّ كَفَّرَ اللهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون
  • تفسير: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)
  • لا تحزنوا: فوائد أصولية مقاصدية من الآيات القرآنية
  • لا تحزن (خطبة)
  • لا تحزن إن الله معنا
  • {ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا}

مختارات من الشبكة

  • خطبة: لا تحزن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الهجرة النبوية: دروس وعبر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إني أخاف أن أسلب التوحيد! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • سوء الظن وآثاره على المجتمع المسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أكرمها الإسلام فأكرموها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إكرام المرأة في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توقير كبار السن وإكرامهم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آهات الندم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/6/1447هـ - الساعة: 19:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب