• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الأمل وإرادة التغيير إكسير الحياة

الأمل وإرادة التغيير إكسير الحياة
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/1/2018 ميلادي - 16/4/1439 هجري

الزيارات: 31461

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأمل وإرادة التغيير إكسير الحياة


الحَمْدُ لله الدَّاعي إلى بابه، الموفِّق من شاء لصوابِهِ، أنعم بإنزالِ كتابِه، يَشتملُ على مُحكم ومتشابه، فأما الَّذَينَ في قُلُوبهم زَيْغٌ فيتبعونَ ما تَشَابَه منه، وأمَّا الراسخون في العلم فيقولون آمنا به، أحمده على الهدى وتَيسيرِ أسبابِه، وأشهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحدَه لا شَريكَ له شهادةً أرْجو بها النجاةَ مِنْ عقابِه، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه أكمَلُ النَّاس عَملاً في ذهابه وإيابه، صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ أفْضل أصحَابه، وعَلَى عُمر الَّذِي أعَزَّ الله بِهِ الدِّيْنَ واسْتَقَامَتِ الدُّنْيَا بِهِ، وَعَلَى عثمانَ شهيدِ دارِهِ ومِحْرَابِه، وعَلى عليٍّ المشهورِ بحَلِّ المُشْكِلِ من العلوم وكَشْفِ نِقابه، وَعَلَى آلِهِ وأصحابه ومنْ كان أوْلَى بِهِ، وسلَّمَ تسليماً.

أمل يخاطب خُلسةً وجداني
والطير يُثقل كاهل الأغصان
أمل أحس به إذا انهار الظلام
وقام صرح الصبح كالبنيان
وأحسه والطفل يبتدئ الخطى
يهوي فينهض واهن الأركان
والنمل يطلب رزقه متجلداً
والنحل ينعش روضة البستان
وأُحسه والعشب يخترق الحصى
ويقيم دولته على الكثبان
والزهر يخلف غيره ببهائه
والماء يخرس ألسن النيران
وأُحسه في الكون في حركاته
وأُحسه في لوحة الفنان
ويظل يحدوني على رغم الجراح
تفتني وتغوص في وجداني
أملٌ يحدثني بعودة عِزّتي
وكرامتي وجحافلِ الإيمان

 

الأمل إكسير الحياة

ما الذي يدفع الزارع إلى الكدح والعرق؟

إنه أمله في الحصاد، وما الذي يغري التاجر بالأسفار والمخاطر ومفارقة الأهل والأوطان؟

إنه أمله في الربح

وما الذي يدفع الطالب إلى الجد والمثابرة والسهر والمذاكرة؟

إنه أمله في النجاح

وما الذي يحفز الجندي إلى الاستبسال في القتال والصبر على قسوة الحرب؟

إنه أمله في النصر، وما الذي يحبب إلى المريض الدواء المر؟

إنه أمله في العافية، وما الذي يدعو المؤمن أن يخالف هواه ويطيع ربه؟

إنه أمله في رضوان ربه وجنته.

الأمل ضياء ساطع في ظلام الخطوب، ومرشد حاذق في بهماء الكروب، وعلم هادٍ في مجاهيل المشكلات، وحاكم قاهر للعزائم إذا اعترتها فترة، ومستفز للهمم إذا عرض لها سكون

إن اليأس حيلة العاجز الذي يؤثر الانسحاب والعزلة.

 

إن البلاء يحتمل بعظم الرجاء، والفرج طريقه الثقة بالله العلي الأعلى، المؤمن الحق لا تزلزله المحن، ولا تهده المتاعب، بل يزيده ذلك عطاءً وبذلاً وتضحية: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ* فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران:146-148].

 

الأمل والعمل:

الأمل في الله ورجاء مغفرته يقترن دائمًا بالعمل لا بالكسل والتمني، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]. وقال عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218].

 

فلا يقول الإنسان: إن عندي أملا في الله، وأُحسن الظن بالله، ثم بعد ذلك نراه لا يؤدي ما عليه تجاه الله من فروض وأوامر، ولا ينتهي عما نهى الله عنه، والذي يفعل ذلك إنما هو مخادع يضحك على نفسه.

وأملتُ للدنيا صباحاً مؤجلاً
سيكشف عنها ظلمة الضيم والشر
فكل صباح رمزه ومثاله
ووعد به يحدو إلى الزمن النضر
نُسرُ بنعماه وإن لم تكن لنا
وننشده فيما يكون من الدهر

 

الأمل في حياة الأنبياء: فها هو نبي الله نوح عليه السلام – يظل الف سنة إلا خمسين عاما يدعو قومه إلى الإيمان وما أصابه اليأس و إنما وصل الليل بالنهار و السر بالجهار و الوعد بالوعيد حتى اخبره الله انه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن و أمره أن يصنع السفينة على قمة الجبل في أرض صحراء قحلاء لا زرع فيها ولا ماء و لكنه الأمل أن تجري السفينة في موج كالجبال ﴿ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ * حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [هود: 38 - 40]

 

الأمل في حياة إبراهيم الولد: الأمل في حياة نبي الله و خليله إبراهيم – عليه الصلاة و السلام- و قد بلغ من الكبر عتيا و لم يرزق الولد و لكنه لم ييأس جاءته البشرى بالولد ﴿ قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ * قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 53 - 56]

 

الأمل في حياة يعقوب عليه السلام: الأمل في حياة نبي الله يعقوب لم يستسلم عليه السلام لألم الفراق بل بظل يحدوه الأمل قرابة أربعين سنة و هو كله ثقة و امل في أن يجمع الله تعالى بين الاحبة حتى في أحلك الظروف يقول لأبنائه ﴿ يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾} [يوسف: 87]، وإذا كان هذا اليأس مذمومًا في كل موقف لأنه ينافي الدين، ويعطل نظام الحياة فإن أسوأ ما في هذا اليأس أن يتحول من حالة فردية تنحصر في آحاد الناس إلى حالة جماعية تصاب بها الأمة؛ فتنهار قواها، وينفرط عقدها

 

الأمل في حياة أيوب: و أنت أيها المريض لا تيأسمن روح الله و خذ بالأسباب و توكل على رب الأرباب و ليكن حالك كحال أيوب عليه السلام ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83، 84].


الأمل في حياة محمد صلى الله عليه وسلم أما سيرة سيد الأنبياء فكلها عمل يحدوه أمل و ثقة بالله تتعالى و لم لا و هو الذي ربى أمته على ذلك أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ " [1].

 

وها هو يغرس الأمل في حياة أصحابه و يثبتهم على الصراط المستقيم ليقوموا بالدعوة و البلاغ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا أَلاَ تَسْتَنْصِرْ لَنَا أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا فَجَلَسَ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ فَقَالَ « قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِى الأَرْضِ ثُمَّ يُؤْتَى بِالْمِنْشَارِ فَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ فِرْقَتَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عَظْمِهِ مِنْ لَحْمٍ وَعَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَحَضْرَمَوْتَ مَا يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ تَعَالَى وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَعْجَلُونَ ». [2].

 

عَنْ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: " لَمَّا كَانَ حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ عَرَضَ لَنَا فِي بَعْضِ الْخَنْدَقِ صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ، لَا يَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، فاشْتَكَيْنَا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ [ص:277] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآهَا أَلْقَى رِدَاءَهُ وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَهَا وَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ السَّاعَةَ» ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ فَقَلَعَ الثُّلُثَ الْآخَرَ فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ الْأَبْيَضَ» ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ فَقَلَعَ الثُّلُثَ الْآخَرَ وَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرَ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا السَّاعَةَ» [3].

 

عظّم من أحلامك، كبّر أهدافك، ليست قضيتنا هي الحصار، ولا قضيتنا هي الدولة الصغيرة التي نحن نعيش فيها، لا، قضيتنا هداية العالمين، قضيتنا حمل هذه الرسالة إلى كل بقاع الأرض، ويبشرهم أن الكلام هذا ليس بأوهام، وإنما سوف يحصل بإذن الله، وسيصل الإسلام إلى فارس والروم واليمن، وسيصل إلى كل بقعة في العالم، قديماً وحديثاً؛ لأن هذا وعد ربنا سبحانه وتعالى، والله لا يخلف الميعاد؛ ولهذا نجح الصحابة في حفر الخندق العملاق، ولو كان عندهم يأس وإحباط ما كانوا ليستطيعوا أن يحفروا (20) أو (30) متراً مكعباً فقط، فما بالك في ثلاثمائة ألف متر مكعب.

 

وحُفر الخندق ونجح المشروع، ومع ذلك لم ينته الامتحان بعد، لا زلنا سندخل في مرحلة الزلزال لنتخلص من كل المنافقين.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

أما بعد:

الأمل في حياة الصحابة و التابعين:

وعن أبي الزناد قال اجتمع في الحجر مصعب وعروة وعبد الله بنو الزبير وعبد الله بن عمر فقالوا تمنوا فقال عبد الله بن الزبير أما أنا فأتمنى الخلافة وقال عروة أما أنا فأتمنى ان يؤخذ عني العلم وقال مصعب أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة ينت الحسين قال عبد الله بن عمر أما أنا فأتمنى المغفرة.

قال فنالوا ما تمنوا ولعل ابن عمر غفر له. [4]

 

الأمل في حياة السلطان محمد الفاتح العثماني رحمه الله:

ومن عجيب النماذج الناجحة في زراعة الهمة العالية في الأطفال ما يقال من أن الشيخ مصطفى آغا شمس الدين كان أحد مشايخ السلطان محمد الفاتح العثماني رحمه الله، وقد كان شيخه هذا يأخذ بيده، ويمر به على الساحل، ويشير إلى أسوار القسطنطينية التي تلوح من بعد شاهقة حصينة، وأسوار القسطنطينية أسوار عظيمة، بل إن الإنسان حين يتخيلها لا يكاد يتصورها؛ لأن أول طبقة من طبقات السور ارتفاعها أربعون متراً.

 

فكان يقول له: يا بني! أترى هذه المدينة التي تلوح في الأفق؟! إنها مدينة القسطنطينية، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً من أمته سيفتحها بجيشه، ويضمها إلى أمة التوحيد، فقال فيما روي عنه صلى الله عليه وسلم: (لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش)، وإن كان العلماء يضعفون هذا الحديث، لكن الشيخ حينما كان يقول له ذلك يبدو أنه كان يعتقد صحته.

 

وما زال الشيخ يكرر هذه الإشارة على مسمع الأمير الصبي إلى أن نمت شجرة الهمة في نفسه العبقرية، وترعرعت في قلبه، فعقد العزم على أن يجتهد ليكون هو ذلك الفاتح الذي بشر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وقد كان، فقد كان والده السلطان مراد الثاني يستصحب ابنه منذ الصغر بين حين وآخر إلى بعض المعارك؛ ليعتاد مشاهدة الحرب والطعان ومناظر الجنود في تحركاتهم ونزالهم، وليتعلم قيادة الجيش وفنون القتال عملياً، حتى إذا ما ولي السلطنة وخاض غمار المعارك خاضها عن دراية وخبرة.

 

والسلطان محمد الفاتح العثماني كان له بعد الله سبحانه وتعالى الفضل في إسلام كثير من شعوب أوروبا، خاصة أهل البوسنة والهرسك؛ لأنَّه في ذلك الوقت الذي فتح فيه البوسنة والهرسك كان قد بدأ يظهر في بلاد البوشناق أو البوسنة مذهب شباب متمرد على النصرانية، مذهب يحن إلى أصول النصرانية، وأحدثوا مذهباً نصرانياً جديداً، فيه التبرؤ من كثير من مظاهر الوثنية والشرك والتثليث وعبادة المسيح عليه السلام، فكانوا يُحاربون من الكاثوليك ومن الأرثوذكس، والأرثوذكس هم الصرب لعنهم الله، وكذلك الكروات الكاثوليك لعنهم الله، فكان الصراع على أشده في هذا الوقت بين هذه الطوائف، فلما دخل محمد الفاتح العثماني رحمه الله تعالى وأشرق عليهم نور الإسلام انقادوا للإسلام، ودخلت الأمة البوسنية تقريباً بكاملها في دين الإسلام.

 

فالشاهد أن شيخه لما ربى وزرع الهمة العالية في نفسه منذ طفولته تحقق الوعد المرجو، ولما جاء اليوم الموعود شرع السلطان محمد الفاتح في مفاوضة الإمبراطور قسطنطين ليسلمه القسطنطينية، فلما بلغه رفض الإمبراطور تسليم المدينة قال رحمه الله: حسناً! عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر! إنه التصميم على إحدى الحسنيين.

 

وحاصر السلطان محمد الفاتح -وأنعم به من فاتح-القسطنطينية واحداً وخمسين يوماً، تعددت خلالها المعارك العنيفة، وبعدها سقطت المدينة الحصينة التي استعصت على الفاتحين قبله، سقطت على يد بطل شاب له من العمر يومئذٍ ثلاث وعشرون سنة، فقد كان عمر محمد الفاتح يوم فتح القسطنطينية ثلاث وعشرون سنة.

 

وننتقل الآن إلى تربية أبنائنا وتربية الشباب الآن، فتخيل واحداً منهم في سن ثلاث وعشرين سنة، فهل يمكن أن يقود الجيوش، ويفتح البلاد والأمصار، ويدير أمة بكاملها؟! والفاتح كان قد ولي السلطنة قبل ذلك بسنوات، وفي سن ثلاث وعشرين سنة فتح القسطنطينية، فرحمه الله تعالى.

 

الأمل في حياة نور الدين الشهيد:

كان ذا همة عالية، كان هدفه وهاجسه فتح بيت المقدس وتطهيره من الصليب، قام في حلب بعمل منبر عظيم، لينصبه في بيت المقدس حينما يفتحه، وكان الناس يسخرون منه يوم يمرون عليه وهو يفعل ذلك، فلم يلتفت إليهم، وحاله كحال نبي الله نوح يوم يصنع الفلك، وكلما مر عليه ملأ سخروا منه، كان يريد بذلك المنبر بث الروح وبعث الهمم وتبديد اليأس المخيم على القلوب، ولقد حقق الله له أمنيته، وفُتح بيت المقدس ونُصب فيها منبره بعد وفاته، نصب على يديْ تلميذه صلاح الدين، وكان بين عمل المنبر وحمله ما يزيد على عشرين سنة.

كَفْكِفْ دُموعَكَ لَيسَ يَنفَعُكَ البُكاءُ ولا العَويلُ

وَ أنهضْ و لا تَشكُ الزَّمانَ فما شكا إلا الكَسولُ

وأسلكْ بِهِمَّتِكَ السبيلَ ولا تَقُلْ كَيفَ السبيلُ

ما ضَلَّ ذو أملٍ سعى يوماً وحكمَتُهُ الدليلُ

كَلّا ولا خَابَ امرؤٌ يوماً ومَقصدُهُ نبيلُ



[1] - مسند أحمد ط الرسالة (20/ 296) إسناده صحيح على شرط مسلم. وانظر (12902)

[2] - أخرجه أحمد (5/ 109، رقم 21095)، والبخاري (3/ 1322، رقم 3416)

[3] - أخرجه أحمد (4/ 303، رقم 18716)

[4] - صفة الصفوة (1/ 215)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • طول الأمل
  • الأمل
  • التفاؤل والأمل
  • التغيير الفردي.. وأثره في حماية الكيان المسلم!

مختارات من الشبكة

  • من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم: الأمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فسحة الأمل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الصبر بين الأجر والجبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طول الأمل: حقيقته ومضاره وعلاجه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نور الأمل وغيث الحياة: رحلة في جوهر المساعدة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأمل في الله وقود الحياة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الأمل وأثره في الحياة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقدت الأمل في الحياة(استشارة - الاستشارات)
  • شابّ فاقد الأمل في الحياة(استشارة - الاستشارات)

 


تعليقات الزوار
4- الفرق بين الأمل و الرجاء
خليل عبد السلام - المغرب 05-01-2018 12:06 PM

السلام عليكم و رحمة اللهو بركاته
جزاكم الله خيرا و في منبر الألوكة الذي يتحفنا بتلك الثمار اليانعة من بساتين العلم والعلماء
الفرق بين الأمل والرجاء
قال الغزالي رحمه الله في الفرق بين الرجاء والأمنية أن الرجاء يكون على أصل، والتمني لا يكون على أصل
مثاله من زرع واجتهد وجمع بيدرا ثم يقول أرجو أن يحصل منه مائة قفيز فذلك منه رجاء.
وآخر لا يزرع زرعا ولا يعمل يوما، قد ذهب ونام وغفل سنة فإذا جاء وقت البيادر يقول أرجو أن يحصل لي مائة قفيز، فقال من أين لك هذه الأمنية التي لا أصل لها؟! فكذلك العبد إذا اجتهد في عبادة الله تعالى وانتهى عن معاصيه يقول: أرجو أن يتقبل الله هذا اليسير، ويتم هذا التقصير ويعظم الثواب، فهذا رجاء منه، وأما إذا غفل وترك الطاعات وارتكب المعاصي، ولم يبال بسخط الله ورضاه، ووعده وعيده. ثم أخذ يقول: أرجو من الله الجنة والنجاة من النار، فذلك منه أمنية لا حاصل لها وسماها رجاءً وحسنَ ظنٍّ، خطأ منه وجهلا.

3- الامل نافذة الحياة
أشرف الأزهري - مصر 04-01-2018 05:37 PM

الأمل هي تلك النافذة الصغيرة، التي مهما صغر حجمها، إلا أنّها تفتح آفاقاً واسعة في الحياة .
أشرف الأزهري/ من علماء وزارة الأوقاف المصرية

2- إكسير الحياة حقا
محمود ناصر - مصر 04-01-2018 05:26 PM

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
جزاكم الله خيرا
الأمل والتفاؤل هما زهرة الحياة، فبهما تزداد رونقاً وجمالاً، ويبعثان نوراً يضيئ طريقنا، ويمنحنا القوة والعزيمة للاستمرار، ويمنحاننا نظرة إيجابيّة تبعث في النفس الطمأنينة والراحة، ويشعراننا أن كلّ شيء ممكن،

1- كم هي خبيئة الأمل
صوت الدعاة - مصر 04-01-2018 05:22 PM

جزاكم الله خيرا
يمكن للإنسان أن يعيش بلا بصر ولكنه لا يمكن أن يعيش بلا أمل

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب