• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: العدل ضمان والخير أمان
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الصلاة دواء الروح
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    فضل ذكر الله تعالى
    أحمد عز الدين سلقيني
  •  
    قواعد قرآنية في تربية الأبناء
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    مائدة التفسير: سورة الماعون
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    ما انتقد على «الصحيحين» ورجالهما، لا يقدح فيهما، ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} ...
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    وما ظهر غنى؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    سؤال وجواب في أحكام الصلاة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    خطبة: يكفي إهمالا يا أبي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: فتنة التكاثر
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    تحريم الاستغاثة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

خطبة عن مصعب بن عمير

د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/12/2017 ميلادي - 26/3/1439 هجري

الزيارات: 38046

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن مصعب بن عمير

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يومِ الدينِ...

 

أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقوا اللهَ -أيُّهَا الإِخوةُ المؤمنونَ- فمَا خَابَ مَنِ اتَّقَاهُ، فمَنَ كَانَ للهِ تَقيًّا صَارَ لَه وَلِيًّا، ومَنْ أعْرَضَ عَن رَبِّهِ فلا يَلُومَنَّ إلاَّ نَفسَهُ ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].


عبادَ اللهِ.. لا بدَّ للمُسلِمينَ مِنَ الاطِّلاعِ علَى تَاريخِ آبائِهِم وأجدَادِهِم مِنَ الصحَابةِ، ذَلكُمُ التَّاريخُ الْمُشْرِقُ الْمُشَرِّفُ الذي هُو أَحَقُ بالاحْتِذَاءِ والمتَابَعَةِ مِمَّنْ يُسَمَّوْنَ اليومَ أَبطَالاً ونُجُومًا.. لا بُدَّ لشبابِ الأُمَّةِ أنْ يَتَلَمَّسَ دَرْبَهُمْ، وأنْ يَسِيرَ على طريقِهِمْ.


ونَحنُ اليومَ معَ شَابٍّ مِن خِيرَةِ شَبابِ الصحَابةِ، لَمْ تُلْهِهِ دُنيَاهُ عَن آخِرَتِهِ، ولَمْ تُشْغِلْهُ قَرابَتُهُ عن نَبِيِّهِ، ولَمْ تُبْعِدْهُ أموالُهُ عَن دَعوتِهِ، بَل كانَ نَجمًا وقَمرًا، وشمسًا وبَدْرًا، كانَ مَثَلِ صِدْقٍ عَلى عُلُوِّ الهِمَّةِ، وصِدْقِ النِيَّةِ، وقُوَّةِ العَزِيمةِ.. إنَّه مُصعَبُ بنُ عُمَيْرٍ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ.. السَّيِّدُ، الشَّهِيْدُ، السَّابِقُ، البَدْرِيُّ، القُرَشِيُّ.. وُلِدَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في مَكَّةَ لأُسْرَةٍ ثَرِيَّةٍ.


كَانَ رَقِيقَ الْبَشَرَةِ، حَسَنَ الشَّعْرِ، لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلَا بِالطَّوِيلِ، مَا رُئِيَ مِثلُهُ في النَّعِيمِ؛ كانَ يَلبَسُ أَرَقَّ الثيابِ وأنعَمَهُ، ويَتَطَيَّبُ بأزْكَى الطِّيبِ وأَحْسَنِهِ، مَا عَرَفَتْ مَكَّةُ مُنَعَّمًا مِثْلَهُ.


ذَكَرَ ابنُ سَعْدٍ أنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ كَانَ فَتَى مَكَّةَ شَبَابًا وَجَمَالًا، وَكَانَ أَبَوَاهُ يُحِبَّانِهِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ مَلِيئَةً كَثِيرَةَ الْمَالِ، تَكْسُوهُ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الثِّيَابِ وَأَرَقَّهُ، وَكَانَ أَعْطَرَ أَهْلِ مَكَّةَ، يَلْبَسُ الْحَضْرَمِيَّ مِنَ النِّعَالِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُهُ وَيَقُولُ: "مَا رَأَيْتُ بِمَكَّةَ أَحَدًا أَحْسَنَ لِمَّةً، وَلَا أَرَقَّ حُلَّةً، وَلَا أَنْعَمَ نِعْمَةً مِنْ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ"، فَبَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَامِ فِي دَارِ الْأَرْقَمِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ وَصَدَّقَ بِهِ، وَخَرَجَ فَكَتَمَ إِسْلَامَهُ خَوْفًا مِنْ أُمِّهِ وَقَوْمِهِ، فَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِرًّا، فَبَصُرَ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ يُصَلِّي، فَأَخْبَرَ أُمَّهُ وَقَوْمَهُ، فَأَخَذُوهُ فَحَبَسُوهُ، فَلَمْ يَزَلْ مَحْبُوسًا حَتَّى خَرَجَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الْأُولَى، ثُمَّ رَجَعَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ حِينَ رَجَعُوا فَرَجَعَ مُتَغَيِّرَ الْحَالِ فَكَفَّتْ أُمُّهُ عَنْهُ. أهـ


وذَكَرَ ابنُ إسْحَاقَ عَنْ سَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ قَالَ: كُنَّا قَبْلَ الهِجْرَةِ يُصِيْبُنَا ظَلَفُ العَيْشِ وَشِدَّتُهُ، فَلاَ نَصْبِرُ عَلَيْهِ، فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ هَاجَرْنَا، فَأَصَابَنَا الجُوْعُ وَالشِّدَّةُ، فَاسْتَضْلَعْنَا بِهِمَا وَقَوِينَا عَلَيْهِمَا. فَأَمَّا مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ، فَإِنَّهُ كَانَ أَتْرَفَ غُلاَمٍ بِمَكَّةَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فِيْمَا بَيْنَنَا، فَلَمَّا أَصَابَهُ مَا أَصَابَنَا لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّ جِلْدَهُ لَيَتَطَايَرُ عَنْهُ تَطَايُرَ جِلْدِ الحَيَّةِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْقَطِعُ بِهِ، فَمَا يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَمْشِي، فَنَعْرِضُ لَهُ القِسِيَّ ثُمَّ نَحْمِلُهُ عَلَى عَوَاتِقِنَا.


تِلْكَ كَانَتْ حَالُ مُصْعَبٍ قبلَ الإسلامِ، وهكَذا صَارَتْ حَالُهُ بعدَ الإسلامِ.. ومَعَ ذَلكَ لَمْ يَمْنَعْهُ نَعِيمُهُ ومَالُهُ وأَهْلُهُ مِن أَنْ يَكونَ عَبدًا للهِ حَقًّا، لَمْ يَمْنَعْهُ تَرَفُهُ مِن أَنْ يكونَ مُتَّبِعًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم صِدْقًا.


هَكَذَا أسْلَمَ مُصعَبٌ، ومَا إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الهِجْرَةَ إلى الْمَدِينَةِ حتَّى أَرسَلَ مَنْ يَقْدُمُهُ فِيهَا ويُمَهِّدُ لَهُ، فَمَا كانَ إلاَّ أَنْ أَرْسَلَ أَوَّلَ سَفِيرٍ في الإسلامِ.. مُصْعَبُ بنُ عُمَيرٍ، فهَاجَرَ مُصْعَبٌ الْهِجْرَةَ الثَّانِيةَ إلى المدينةِ النبويةِ.


يَقولُ البَرَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَجَعَلاَ يُقْرِئَانِنَا القُرْآنَ". رواهُ البخَارِيُّ.


اتَّصَفَ مُصعبٌ بالأخلاقِ الكَريمةِ الفَاضِلَةِ؛ ففي الأَسفَارِ يَتبَيَّنُ الرِّجَالُ، يقُولُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ: "كَانَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ لِي خِدْنًا وَصَاحِبًا مُنْذُ يَوْمَ أَسْلَمَ إِلَى أَنْ قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأُحُدٍ، خَرَجَ مَعَنَا إِلَى الْهِجْرَتَيْنِ جَمِيعًا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَكَانَ رَفِيقِي مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ، فَلَمْ أَرَ رَجُلًا قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ خُلُقًا، وَلَا أَقَلَّ خِلَافًا مِنْهُ".


ثُمَّ قَدِمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ وحَضرَتْ غزوةُ بَدرٍ فكانَ مُصْعَبٌ فيمَن شَاركَ فيهَا، بَل كانَ هو حَامِلَ لِواءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم والْمُهَاجِرِينَ. وقَد كَانَت للمسلمينَ الغَلَبةُ في بدرٍ، حتى جَاءَ يومُ أُحُدٍ وحَدَثَ مَا حدثَ فيهِ مِن قَتْلِ سَبعِينَ مِن الصحابةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم فكانَ مُصْعَبٌ مِمَّنْ قُتِلَ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ يَزِيدُ شَيْئًا.


قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَاتَلَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ دُوْنَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قُتِلَ، قَتَلَهُ ابْنُ قَمِئَةَ اللَّيْثِيُّ، وَهُوَ يَظُنُّهُ رَسُوْلَ اللهِ، فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ: قَتَلْتُ مُحَمَّداً.


قَالَ ذلكَ.. لكنَّه لَم يَعْلَمْ أن ثَمَّةَ قَومٌ يَفْدُونَ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بنُفُوسِهِم فَضلاً عن فِدَائهِم له بالمالِ والأَهلِ..

ومَاتَ مُصعَبٌ فِدَاءً لِرَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَجِدُوا مَا يَدْفِنُوهُ بهِ مِنَ الثِّيَابِ..


رَوى الْبُخَارِيُّ أنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أُتِيَ يَوْمًا بِطَعَامِهِ، فَقَالَ: "قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَكَانَ خَيْرًا مِنِّي، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا بُرْدَةٌ...ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي" وروَى الْبُخارِيُّ ومُسْلِمٌ مِن حَديثِ خَبَّابِ بنِ الأَرَتِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: "هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، وَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا نُكَفِّنُهُ فِيهِ إِلَّا نَمِرَةً، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، فَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ بِهَا، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ إِذْخِرٍ".


لا إلهَ إلاَّ اللهُ! بالأَمسِ كانَ أَغْنَى النَّاسِ وأَنعَمَهُم، واليومَ لا ثِيابَ تَكفِي كَفَنَهُ وهَكَذا الدُّنيَا!! نَعَمْ.. مَاتَ مُصعَبٌ وهُو يقاتِلُ عَن دِينِ اللهِ، ويُدَافِعُ عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وقَد حَصَلَ علَى رِضوَانِ اللهِ وجَنَّتِهِ، نَالَ أَعظَمَ وِسَامٍ يَنالُهُ مُسلِمٌ.. وَسَامَ الشَّهادَةِ في سبيلِ اللهِ جل وعَلا.


أَيهَا الإِخْوَةُ... لَمَّا انْتَهَتْ غَزوَةُ أُحُدٍ، رُوِيَ أنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ مُنْجَعِفٌ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23] ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَشْهَدُ أَنَّكُمُ الشُّهَدَاءُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". ذَكرَه ابنُ سعدٍ.


فاللهمَّ ارْضَ عَن عَبدِكَ مُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ، واجْعَلْ مَسكَنَهُ الفِرْدَوسَ الأَعلَى، واجْمَعْنَا بهِ في الجنَّةِ مَعَ سَيِّدِ المرسلينَ صلى الله عليه وسلم. والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ الذِي أَنَارَ لنَا الطَّرِيقَ، وأَوْضَحَ لنَا السَّبِيلَ، وجَعَلَنَا خَيرَ أمَّةٍ للعالمينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يومِ الدينِ...

 

أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقوا اللهَ -عبادَ اللهِ- ورَاقِبوهُ في السِّرِّ والنَّجوَى، وتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بالعُروةِ الْوثْقَى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


عبادَ اللهِ... قَد سَمِعْتُمْ سِيرةَ جَبَلٍ أَشَمٍّ، وبَطَلٍ مِغوَارٍ مِنْ أَبطَالِ الإِسلامِ، وعَلينَا جَمِيعًا أَنْ نستَخْلِصَ مِنَها الْعِبَرَ، لا سِيَّمَا وأنَّهُ شَابٌّ تَركَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا، وأَعْرَضَ عَن زُخْرُفِهَا، حتَّى صَارَ إِلى فَقْرٍ مُدْقِعٍ وَعَوَزٍ شَدِيدٍ.


ولَمْ تَكُن هذه حَالُه وحْدَه، بلْ كانَ مُعْظَمُ الصَّحَابةِ فُقَرَاءَ، لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمْ يَجِدُ مَا يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ، بَلْ كَانَ يُغْشَى علَى الْوَاحِدِ مِنهُم مِن شِدَّةِ الْجُوعِ، ولَمْ يَكُنْ لأَحَدِهِمْ إلا ثَوْبٌ وَاحِدٌ، حتَّى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرجَ مِنَ الدنيَا ولَمْ يَشْبَعْ مِن خُبْزِ الشَّعِيرِ، ولَم يَأكُلْ طَعَامًا مُرَقَّقًا قَطُّ، ومَعَ ذَلِكَ لَمْ يَمْنَعْهُمْ فَقْرُهُمْ مِنْ أَنْ يَكونُوا عِبادَ اللهِ الصَّالِحِينَ، لَمْ تَمْنَعْهُمْ حَاجَتُهُمْ وَقِلَّةُ ذَاتِ الْيَدِ مِنْ أَنْ يَكُونوا مُلُوكَ الدُّنْيَا وعُمَّارَ الْجَنَّةِ.


لَقَدْ كانَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِثَالَ المؤمنِ الصَّادِقِ معَ نفْسِهِ، الصادقِ في إِيمَانِهِ، الخَائِفِ مِنْ ربِّهِ، المُخْلِصِ في إِرَادَةِ اللهِ والدَّارِ الآخِرَةِ، كانَ مِثَالَ الرَّجُلِ الشُّجَاعِ الذي بَاعَ نفسَهُ للهِ، وَوَهَبَ حياتَهُ لِلدَّعْوَةِ إلَى اللهِ، مِثَالَ المؤمنِ الصَّادِقِ في حُبِّهِ لِلرَّسولِ صلى الله عليه وسلم حبًّا لهُ جُذُورُه في القَلْبِ، ومَظْهَرُه وثِمَارُه في القَولِ والعَمَلِ حتَّى لَقِيَ اللهَ مُدافِعًا عن رسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.


فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُلْحِقَنَا بالصَّحْبِ الكِرَامِ، وأَن يَجْمَعَنَا بِهِمْ غيرَ فَاتِنِينَ وَلا مَفْتُونِينَ ولا مُبَدِّلِينَ.

اللهمَّ ارْضَ عَن عَبدِكَ مُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ، واغْفِرْ لَهُ، وأَلْحِقْنَا بِهِ علَى خَيرٍ، واجْمَعْنَا بهِ فِي جَنَّتِكَ ودارِ كَرامَتِكَ، معَ الحبيبِ المصطَفَى صلى الله عليه وسلم.


اللهمَّ اغفرْ لنا في جُمْعَتِنَا هذه أجمعينَ، اللهمَّ إنا نسأَلُكَ الإيمانَ والعفوَ عمَّا مَضَى مِنَ الذنوبِ والآثامِ والعصيانِ، اللهم إنَّا نسأَلُكَ لَباسَ العافيةِ والتقوَى.. وأن توَفِّقَنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرضَى.


اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُم.


اللهمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرضَى، وخذْ بناصِيَتِه إلى البرِّ والتقوَى، وارْزُقْه البِطانةَ الصالحةَ التي تدلُّه على الخيرِ وتأمرُه بهِ.


اللهمَّ انْصُرْ جُنُودَنَا فِي الحَدِّ الجَنُوبِيِّ يَا ربِّ العَالَمِينَ، وأَعِزَّهُم بالدِّينِ، وارْفَعْ بهِمْ رَايَةَ الإِسلامِ والمسلِمِينَ.. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سيرة مصعب بن عمير
  • خطبة عن الصحابي مصعب بن عمير
  • أول سفير في الإسلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: العدل ضمان والخير أمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: يكفي إهمالا يا أبي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موقف الدعوة إلى الله بالحكمة في قصة مصعب بن عمير(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • سيرة الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مصعب بن عمير الشاب الغني(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/1/1447هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب