• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    صحيح الأخبار المروية فيمن تنبأ ببعثه خير البرية ...
    عبدالله بن عبدالرحيم بن محمد الشامي
  •  
    تشجير متن الدليل في علم التفسير (PDF)
    افتتان أحمد
  •  
    نسخة الصغاني (النسخة البغدادية) لصحيح البخاري
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    مواسم الخيرات ماذا أحدثت فينا من أثر؟
    عبدالسلام بن محمد الرويحي
  •  
    (سورة الماعون) من مشروع (لرأيته خاشعا "القرآن فهم ...
    د. محمد حسانين إمام حسانين
  •  
    أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    خطبة: كيف نربي أولادنا على الدعوة إلى الله
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان قولهم إلا أن قالوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الطهارة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ظاهرة تأخر الزواج (2)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الغيبة والنميمة طباع لئيمة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    قبسات من علوم القرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القادر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    غابة الأسواق بين فريسة الاغترار وحكمة الاغتناء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فرق بين الطبيب والذباب
    محمد بن عبدالله العبدلي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

معنى اسم الله البر

الشيخ وحيد عبدالسلام بالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/11/2017 ميلادي - 16/2/1439 هجري

الزيارات: 163142

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معنى اسم الله البر

 

الدِّلالاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (البَرِّ)[1]:

البَرُّ اسْمُ فَاعِلٍ للمَوْصُوفِ بِالبِرِّ، فِعْلُه بَرَّ يَبَرُّ فَهُو بَارٌّ وجَمْعُه بَرَرَةٌ، والبِرُّ هو الإحْسَانُ، والبِرُّ في حَقِّ الوَالِدَينِ والأَقْرَبِينَ مِنَ الأَهْلِ ضِدُّ العُقُوقِ وهو الإسَاءَةُ إليهم والتَّضْييعُ لحقِّهم[2]، والبَرُّ والبَارُّ بمعْنَى وَاحِدٍ، لَكِنَّ الذي ثَبَتَ في أسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى البَرُّ دُونَ البَارِّ، والأسْمَاءُ كَمَا عَلِمْنا تَوْقِيفِيَّةٌ على النَّصِ.

 

والبَرُّ سبحانه وتعالى هو العَطُوفُ عَلَى عِبَادِهِ ببِرِّهِ ولُطْفِهِ، فَهُوَ أَهْلُ البِرِّ والعَطَاءِ يُحْسِنُ إلى عِبَادِهِ في الأرْضِ أو في السَّمَاءِ، رَوَى البخاريُّ مِنْ حَديثِ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَالَ اللهُ عز وجل: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَقَالَ: يَدُ اللهِ مَلأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ المِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفْعُ"[3].

 

كَمَا أنَّ البَرَّ عز وجل هو الصَّادِقُ في وَعْدِهِ، الذي يَتَجَاوَزُ عَنْ عَبْدِهِ، ويَنْصُرُهُ ويحمِيهِ، ويَقْبَلُ القَلِيلَ مِنْهُ ويُنَمِّيهِ، وهو المحْسِنُ إلى عِبَادِهِ، الذي عَمَّ بِرُّهُ وإحْسَانُهُ جَمِيعَ خَلْقِهِ، فَمَا مِنْهم مِنْ أَحِدٍ إلا وتَكَفَّلَ اللهُ بِرِزْقِهِ[4].

 

قَالَ أبو السُّعُودِ: "البَرُّ المحْسِنُ الرَّحِيمُ الكثيرُ الرَّحْمَةِ، الذي إذا عُبِدَ أَثَابَ، وإذا سُئِلَ أَجَابَ"[5].

 

وُرُودُهُ في القُرْآنِ الكَرِيمِ[6]:

وَرَدَ مَرَّةً وَاحِدَةً في قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 28].

 

مَعْنَى الاسْمِ في حَقِّ اللهِ تَعَالَى:

قَالَ ابنُ جَرِيرٍ: "﴿ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ ﴾؛ يَعْنِي: اللَّطِيفَ بِعِبَادِهِ"[7].

وقَالَ الزَّجَّاجُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَعْنَى (البِرِّ) لُغَةً: "واللهُ تَعَالَى بَرٌّ بِخَلْقِهِ في مَعْنَى: أَنَّه يُحْسِنُ إليهم، ويُصْلِحُ أَحْوَالَهم"[8].

وقَالَ الخَطَّابِيُّ: "(البَرُّ) هو العَطُوفُ عَلَى عِبَادِهِ، المُحْسِنُ إليهم، عَمَّ بِبِرِّهِ جَمِيعَ خَلْقِهِ، فَلَمْ يَبْخَلْ عليهم بِرِزْقِهِ.

وهو البَرُّ بالمُحْسِنِ في مُضاعَفَتِهِ الثَّوابَ له، والبَرُّ بالمُسِيءِ في الصَّفْحِ والتَّجَاوُزِ عنه.

وفي صِفَاتِ المَخْلُوقِينَ: رَجُلٌ بَرٌّ وبَارٌّ: إذا كانَ ذا خَيْرٍ ونَفْعٍ، ورَجُلٌ بَرٌّ بأَبَوَيْهِ، وهو ضِدُّ العَاقِّ"[9].

 

وقَالَ الحُلَيْمِيُّ: "(البَرُّ) ومَعْنَاهُ: الرَّفِيقُ بِعِبَادِهِ، يُرِيدُ بهم اليُسْرَ، ولا يُرِيدُ بهم العُسْرَ، ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ مِنْ سَيِّئَاتِهم، ولا يُؤَاخِذُهم بجَمِيعِ جِنَايَاتِهم، ويَجْزِيهم بالحَسَنَةِ عَشْرَ أَمْثَالِها، ولا يَجْزِيهم بالسَّيِّئَةِ إلَّا مِثْلَها، ويَكْتُبُ لَهُم الهَمَّ بالحَسَنَةِ، ولا يَكْتُبُ عليهمُ الهَمَّ بالسَّيِّئَةِ"[10].

 

وقَالَ القُرْطُبِيُّ بَعْدَ أَنْ حَكَى مَعْنَى الاسْمِ لُغَةً: "وهَذَا الوَصْفُ في اللهِ تَعَالَى مِنْ أَوْصَافِ فِعْلِهِ، وهو مُضَافٌ إلى عِبَادِهِ كُلِّهم في الدُّنْيَا، وإلى الخُصُوصِ في الأُخْرى؛ وذلك أنَّه مَا مِنْ شَخْصٍ في الدُّنْيَا إلا وَسِعَهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى وفَاضَ عليه إحْسَانُهُ، ولذلك عَمَّ في قَوْلِهِ: ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان: 20].

 

وأَمَّا في الأُخْرى فَلَا يَخْتَصُّ بِبِرِّ اللهِ تَعَالَى إلَّا مَنْ أَنْعَمَ عَلَيهِ بِجِوَارِهِ، وأَسْكَنَهُ بَحْبُوحَةَ أَنْوَارِهِ، لا مَنْ أَحَلَّهُ في نَارِهِ"[11].

 

وقَالَ ابنُ القَيِّمِ:[12]

هذا ومن أوصافه القدوس ذو التـ
ـنزيه بالتعظيم للرحمن
وهو السلام على الحقيقة سالم
من كل تمثيل ومن نقصان
والبر في أوصافه سبحانه
هو كثرة الخيرات والإحسان
صدرت عن البر الذي هو وصفه
فالبر حينئذ له نوعان
وصف وفعل فهو بر محسن
مولى الجميل ودائم الإحسان


ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهذا الاسْمِ:

1- اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى بَرٌّ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ، عَطُوفٌ عَلَيْهم، مُحْسِنٌ إليهم، مُصْلِحٌ لأَحْوَالِهم في الدُّنْيَا والدِّينِ.

أَمَّا في الدُّنْيَا فَمَا أَعْطَاهُم وقَسَمَ لهم مِنَ الصِّحَّةِ والقُوَّةِ والمَالِ والجَاهِ والأولادِ والأنْصَارِ، مِمَّا يَخْرُجُ عنِ الحَصْرِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]، فَيَدْخُلُ في ذلك كُلُّ مَعْرُوفٍ وإحْسَانٍ؛ لأنَّها تَرْجِعُ إلى البِرِّ.

 

ويَشْتَرِكُ في ذلك المُؤْمِنُ والكَافِرُ.

 

وأَمَّا في الدِّينِ فَمَا مَنَّ بِهِ عَلَى المُؤْمِنِينَ مِنَ التَّوْفِيقِ للإِيمَانِ والطَّاعَاتِ، ثُمَّ إعْطَائِهم الثَّوَابَ الجَزِيلَ عَلَى ذلك في الدُّنْيَا والآخِرَةِ، وهو الذي وَفَّقَ وأَعَانَ أَوَّلًا، وأَثَابَ وأَعْطَى آخِرًا.

فَمِنْهُ الإيجَادُ، ومِنْهُ الإعْدَادُ، ومِنْهُ الإمْدَادُ، فَلَهُ الحَمْدُ في الأولَى والمَعَادِ.

 

2- مِنْ بِرِّه سُبْحَانَهُ بِعِبَادِهِ إمْهَالُهُ للمُسِيءِ مِنْهم، وإعْطَاؤُهُ الفُرْصَةَ بَعْدَ الفُرْصَةِ للتَّوْبَةِ، مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى المُعَاجَلَةِ بالعُقُوبَةِ.

قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ﴾ [الكهف: 58].

 

المَعَانِي الإِيمَانِيَّةُ:

قَالَ الإمامُ ابنُ القَيِّمِ في شَرْحِهِ لِلْطَائِفِ أَسْرَارِ التَوْبَةِ:

1- ومِنْها: أَنْ يَعْرِفَ بِرَّه سُبْحَانَهُ في سَتْرِهِ عَلَيهِ حَالَ ارْتِكَابِ المَعْصِيَةِ، مَعَ كَمَالِ رُؤْيَتِهِ لَهُ، ولَوْ شَاءَ لَفَضَحَهُ بَيْنَ خَلْقِهِ فحذروه، وهذا مِنْ كَمَالِ بِرِّهِ، ومِنْ أَسْمَائِهِ (البَرُّ)، وهذا البِرُّ مِنْ سَيِّدِهِ كَانَ بِهِ مَعَ[13] كَمَالِ غِنَاهُ عَنْهُ، وكَمَالِ فَقْرِ العَبْدِ إلَيهِ، فَيَشْتَغِلُ بِمُطَالَعَةِ هَذِهِ المِنَّةِ، ومُشَاهَدَةِ هَذَا البِرِّ والإحْسَانِ والكَرَمِ، فَيَذْهَلُ عَنْ ذِكْرِ الخَطِيئَةِ، فَيَبْقَى مَعَ اللهِ سُبْحَانَهُ، وذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُ مِنَ الاشْتِغَالِ بِجِنَايَتِهِ، وشُهُودِ ذُلِّ مَعْصِيَتِهِ، فَإنَّ الاشْتِغَالَ باللهِ والغَفْلَةَ عَمَّا سِوَاهُ: هُوَ المَطْلَبُ الأَعْلَى، والمَقْصِدُ الأَسْنَى.

 

ولَا يُوجِدُ هذا نِسْيَانَ الخَطِيئَةِ مُطْلَقًا بَلْ في هَذِهِ الحَالِ، فإذا فَقَدَها فَلْيَرْجِعْ إلى مُطَالَعَةِ الخَطِيئَةِ، وذِكْرِ الجِنَايَةِ، ولِكُلِّ وَقْتٍ ومَقَامٍ عُبُودِيَّةٌ تَلِيقُ بِهِ.

 

2- ومِنْها: شُهُودُ حِلْمِ اللهِ سبحانه وتعالى في إمْهَالِ رَاكِبِ الخَطِيئَةِ، ولَوْ شَاءَ لَعَاجَلَهُ بالْعُقُوبَةِ، ولَكِنَّهُ (الحَلِيمُ) الذِي لا يَعْجَلُ، فَيُحْدِثُ له ذلك مَعْرِفَةَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ باسْمِهِ (الحَلِيمِ)، ومُشَاهَدَة صِفَةِ "الحِلْمِ"، والتَّعَبُّدُ بهذا الاسْمِ، والحِكْمَةُ والمَصْلَحَةُ الحَاصِلَةُ مِنْ ذَلِكَ بِتَوَسُّطِ الذَّنْبِ: أَحَبُّ إلى اللهِ، وأَصْلَحُ للعَبْدِ، وأَنْفَعُ مِنْ فَوْتِها، ووجُودُ المَلْزُومِ بِدُونِ لازِمِهِ مُمْتَنِعٌ.

 

3- ومِنْها: مَعْرِفَةُ العَبْدِ كَرَمَ رَبِّهِ في قَبُولِ العُذْرِ مِنْهُ إذا اعْتَذَرَ إليهِ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الاعْتِذَارِ، لَا بِالْقَدْرِ! فَإنَّهُ مُخَاصَمَةٌ ومَحَاجَّةٌ، كَمَا تَقَدَّمَ، فَيَقْبَلُ عُذْرَهُ بِكَرَمِهِ وجُودِهِ، فَيُوجِبُ لَهُ ذلك اشْتِغَالًا بِذِكْرِهِ وشُكْرِهِ، ومَحَبَّةٍ أُخْرَى لَمْ تَكُنْ حَاصِلَةً لَهُ قَبْلَ ذلك، فَإنَّ مَحَبَّتَكَ لِمَنْ شَكَرَكَ عَلَى إحْسَانِكَ وجَازَاكَ بِهِ، ثُمَّ غَفَرَ لَكَ إسَاءَتَكَ ولَمْ يُؤَاخِذْكَ بها: أَضْعَافُ مَحَبَّتِكَ عَلَى شُكْرِ الإحْسَانِ وَحْدَهُ، والوَاقِعُ شَاهِدٌ بذلك، فَعُبُودِيَّةُ التَّوْبَةِ بَعْدَ الذَّنْبِ لَوْنٌ، وهَذَا لَوْنٌ آخَرُ.

 

4- ومِنْها: أَنْ يَشْهَدَ فَضْلَهُ في مَغْفِرَتِهِ، فإنَّ المَغْفِرَةَ فَضْلٌ مِنَ اللهِ، وإلَّا فَلَوْ أَخَذَكَ بِمَحْضِ حَقِّهِ كَانَ عَادِلًا مَحْمُودًا، وإنَّمَا عَفْوُهُ بِفَضْلِهِ لا باسْتِحْقَاقِكِ، فَيُوجِبُ لَكَ ذلك أَيْضًا شُكْرًا لَهُ ومَحَبَّةً، وإنَابَةً إليهِ، وفَرَحًا وابْتِهَاجًا به، ومَعْرِفَةً له باسْمِِ (الغَفَّارِ) ومُشَاهَدَةً لهَذِهِ الصِّفَةِ، وتَعَبُّدًا بمُقْتَضَاها، وذَلِكَ أَكْمَلُ في العُبُودِيَّةِ، والمَحَبَّةِ والمَعْرِفَةِ[14].

 

5- اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى بَارٌّ بأَوْلِيَائِهِ، صَادِقٌ[15] فِيمَا وَعَدَهم بِهِ مِنَ الأَجْرِ والثَّوابِ؛ ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ ﴾ [الأعراف: 44].

 

﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [الزمر: 74].

 

6- اللهُ جَلَّ شَأْنُه بَرٌّ يُحِبُّ البِرَّ ويَأْمُرُ بِهِ، ويُحِبُّ مَنْ يَتَخَلَّقُ بِهِ مِنْ عِبَادِهِ الأَبْرَارِ.

ومِنْ أَجْمَعِ الآياتِ التي ذَكَرَتْ أَعْمَالَ البِرِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

 

وأَثْنَى تَعَالَى عَلَى ابْنَي الخَالَةِ عِيسَى ويَحْيَى عليهما الصَّلَاةُ والسَّلَامُ بِبِرِّهما أَبَوَيْهما، فَقَالَ في وَصْفِ عِيسَى عَلَيهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 32]، وفي وَصْفِ يَحْيَى عَلَيهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ﴾ [مريم: 14].

 

وجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّ الأَخْلَاقِ الفَاضِلَةِ الحَسَنَةِ مِنَ البِرِّ، فَعَنِ النَّواسِ بنِ سَمْعَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن البِرِّ والإثْمِ؟ فَقَالَ: "البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، والإثمُ ما حَاكَ في صَدْرِكَ وكَرِهْتَ أن يَطَّلِعَ عَلَيهِ النَّاسُ"[16].

 

7- لَنْ يَنَالَ العَبْدُ بِرَّ اللهِ تَعَالَى بهِ في الآخِرَةِ إلا باتِّبَاعِ ما يُفْضِي إلى برِّه ومَرْضَاتِهِ ورَحْمَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92]. وقَدْ فُسِّرَ (البِرَّ) في هذه الآيةِ بالجَنَّةِ، وثَوَابِ اللهِ تَعَالَى.

 

قَالَ قَتَادَةُ: "لَنْ تَنَالُوا بِرَّ رَبِّكم حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا يُعْجِبُكم، ومِمَّا تَهْوَوْنُ مِنْ أَمْوَالِكم"[17].

 

وقَالَ ابنُ جَرِيرٍ: "لَنْ تُدْرِكُوا أَيُّها المُؤْمِنُونَ (البِرَّ)، وهو البِرُّ مِنَ اللهِ الذي يَطْلُبُونَهُ مِنْهُ بِطَاعَتِهم إياه، وعِبَادَتِهم لَهُ، ويَرْجُونَهُ مِنْهُ، وذلك تَفَضُّلُهُ عَلَيهم بإدْخَالِهم جَنَّتَهُ، وصَرْفِ عَذَابِهِ عَنْهم، ولذلك قَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ: البِرُّ: الجَنَّةُ؛ لأنَّ بِرَّ الرَّبِّ بِعَبْدِهِ في الآخِرَةِ، وإكْرَامَهَ إياه بإدْخَالِهِ الجَنَّةَ"[18].

 

ومِمَّا يَدْخُلُ في هذا المَعْنَى قَوْلُه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا، وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّابًا"[19].

 

قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ: "البِرُّ أَصْلُه التَّوَسُّعُ في فِعْلِ الخَيْرِ، وهو اسْمٌ جَامِعٌ للخَيْرَاتِ كُلِّها، ويُطْلَقُ عَلَى العَمَلِ الخَالِصِ الدَّائِمِ"[20].

 

وقَوْلُه: "وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ": مِصْدَاقُهُ في كِتَابِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾، قَالَه ابنُ بَطَّالٍ[21].

 

8- "لا تَظُنَّ أَنَّ قَوْلَه تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13، 14] مُخْتَصٌّ بِيَوْمِ المَعَادِ، بَلْ هَؤُلَاءِ في نَعِيمٍ في دُورِهمُ الثَّلَاثَةِ، وهَؤُلَاءِ في جَحِيمٍ في دُورِهمُ الثَّلَاثَةِ.

 

وأَيُّ لَذَّةٍ وأَيُّ نَعِيمٍ في الدُّنْيَا أَطْيَبُ مِنْ بِرِّ القَلْبِ، وسَلَامَةِ الصَّدْرِ، ومَعْرِفَةِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وتَعَالَى ومَحَبَّتِهِ، والعَمَلِ عَلَى مُوَافَقَتِهِ؟

وهَلِ العَيْشُ في الحَقِيقَةِ إلا عَيْشُ القَلْبِ السَّلِيمِ؟ وقَدْ أَثْنَى اللهُ عَلَى خَلِيلِهِ؛ بِسَلَامَةِ قَلْبِهِ فَقَالَ: ﴿ وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 83، 84].

 

وقَالَ حَاكِيًا عَنْهُ أَنَّه قَالَ: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، والقَلْبُ السَّلِيمُ هو الذي سَلِمَ مِنَ الشِّرْكِ والغِلِّ والحِقْدِ والحَسَدِ والشُّحِّ والكِبْرِ، وحُبِّ الدُّنْيَا والرِّيَاسَةِ، فَسَلِمَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ تُبْعِدُهُ مِنَ اللهِ، وسَلِمَ مِنْ كُلِّ شُبْهَةٍ تُعَارِضُ خَبَرَهُ، ومِنْ كُلِّ شَهْوَةٍ تُعَارِضُ أَمْرَهُ، وسَلِمَ مِنْ كُلِّ إرَادَةٍ تُزَاحِمُ مُرَادَهُ، وسَلِمَ مِنْ كُلِّ قَاطِعٍ يَقْطَعُ عنِ اللهِ.

 

فَهَذَا القَلْبُ السَّلِيمُ في جَنَّةٍ مُعَجَّلَةٍ في الدُّنْيَا، وفي جَنَّةٍ في البَرْزَخِ، وفي جَنَّةٍ يَوْمِ المَعَادِ"[22].

 

9- ومِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الإحْسَانِ والبِرِّ: أَنْ يُحْسِنَ إلى مَنْ أَسَاءَ، ويَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَ، ويَغْفِرَ لِمَنْ أَذْنَبَ، ويَتُوبَ عَلَى مَنْ تَابَ إليهِ، ويَقْبَلُ عُذْرَ مَنِ اعْتَذَرَ إليهِ، وقَدْ نَابَ عِبَادُهُ إلى هذِهِ الشِّيَمِ الفَاضِلَةِ والأفْعَالِ الحَمِيدَةِ وهو أَوْلَى بها منهم وأَحَقُّ، وَكَانَ لَهُ في تَقْدِيرِ أَسْبَابِها مِنَ الحِكَمِ والعَواقِبِ الحَمِيدَةِ مَا يُبْهِرُ العُقُولَ فَسُبْحَانَهُ وبِحَمْدِهِ.

 

وحَكَى بَعْضُ العَارِفِينَ أَنَّهُ قَالَ: "طُفْتُ في لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ شَدِيدَةِ الظُّلْمَةِ وقَدْ خَلَا الطَّوَافُ وطَافَ بي هَاتِفٌ أَنْتَ تَسْأَلُنِي العِصْمَةَ وكُلُّ عِبَادِي يَسْأَلُونَنِي العِصْمَةَ فإذا عَصَمْتُهم فَعَلَى مَنْ أَتَفَضَّلُ ولِمَنْ أَغْفِرُ؟ قَالَ: فَبَقِيتُ لَيْلَتِي إلى الصَّبَاحِ أَسْتَغْفِرُ اللهَ حَيَاءً مِنْهُ"، هذا ولو شَاءَ اللهُ عز وجل أَلَّا يُعْصَى في الأَرْضِ طَرْفَةَ عَيْنٍ لَمْ يُعْصَ، ولَكِنِ اقْتَضَتْ مَشِيئَتُهُ مَا هو مُوجِبٌ حِكْمَته سُبْحَانَهُ، فَمَنْ أَجْهَلُ باللهِ مِمَّنْ يَقُولُ أَنَّهُ يُعْصَى قَسْرًا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ ومَشِيئَتِهِ سبحانه وتعالى سبحانه عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا[23].

 

10- بَيَانُ مَا اخْتَصَّ اللهُ بِهِ الإنْسَانَ مِنْ أَنْوَاعِ البِرِّ وصُنُوفِ الكَرَامَاتِ:

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]، فَسُبْحَانَ مَنْ أَلبَسَهُ خِلَعَ الكَرَامَةِ كُلِّها مِنَ العَقْلِ والعِلْمِ والبَيَانِ والنُّطْقِ، والشَّكْلِ والصُّورَةِ الحَسَنَةِ والهَيْئَةِ الشَّرِيفَةِ والقَدِّ المُعْتَدِلِ، واكْتِسَابِ العُلُومِ بالاسْتِدْلَالِ والفِكْرِ، واقْتِنَاصِ الأَخْلَاقِ الشَّرِيفَةِ الفَاضِلَةِ مِنَ البِرِّ والطَّاعَةِ والانْقِيَادِ، فَكَمْ بَيْنَ حَالِهِ وهو نُطُفَةٌ في دَاخِلِ الرَّحِمِ مُسْتَوْدَعٌ هُنَاكَ وبَيْنَ حَالِهِ والمَلَكُ يَدْخُلُ عَلَيهِ في جَنَّاتِ عَدْنٍ؛ ﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 14]، فالدُّنْيَا قَريَةٌ، والمُؤْمِنُ رَئيسُها، والكُلُّ مَشْغُولٌ بِهِ، سَاعٍ في مَصَالِحِهِ، والكُلُّ قَدْ أُقِيمَ في خِدْمَتِهِ وحَوَائِجِهِ، فَالمَلَائِكَةُ الذين هُمْ حَمَلَةُ عَرْشِ الرَّحْمَنِ ومَنْ حَوْلَه يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، والمَلَائِكَةُ المُوَكَّلُونَ بِهِ يَحْفَظُونَهُ، والمُوَكَّلُونَ بِالقَطْرِ والنَّبَاتِ يَسْعَونَ في رِزْقِهِ ويَعْمَلُون فِيهِ، والأَفْلَاكُ سُخِّرَتْ مُنْقَادَةً دَائِرَةً بِمَا فِيهِ مَصَالِحُهُ، والشَّمْسُ والقَمَرُ والنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ جَارِيَاتٌ بِحِسَابِ أَزْمِنَتِهِ وأَوْقَاتِهِ، وإصْلَاحِ رَوَاتِبِ أَقْوَاتِهِ، والعَالَمُ الجَوِّيُّ مُسَخَّرٌ لَهُ بِرِيَاحِهِ وهَوَائِهِ وسَحَابِهِ وطَيْرِهِ، ومَا أَوْدَعَ فِيهِ، والعَالَمُ السُّفْلِيُّ كُلُّهُ مُسَخَّرٌ لَه مَخْلُوقٌ لِمَصَالِحِهِ أَرْضُهُ وجِبَالُهُ وبِحَارُهُ وأَنْهَارُهُ وأَشْجَارُهُ وثِمَارُهُ ونَبَاتُهُ وحَيَوَانُهُ وكُلُّ ما فِيهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ ﴾ [الجاثية: 12] إلى قَوْلِهِ: ﴿ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 13].

 

وقَالَ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ﴾ [إبراهيم: 32]، إلى قَوْلِهِ: ﴿ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34]، فَالسَّائِرُ في مَعْرِفَةِ آلاءِ اللهِ، وتَأَمُّلِ حِكْمَتِهِ، وبَدِيعِ صِفَاتِهِ أَطْوَلُ بَاعًا، وأَمْلَأُ صُوَاعًا مِن اللصِيقِ بِمَكَانِهِ، المُقِيمِ في بَلَدِ عَادَتِهِ وطَبْعِهِ، رَاضِيًا بَعَيْشِ بني جِنْسِهِ، لا يَرْضَى لِنَفْسِهِ إلا أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا مِنْهم، يَقُولُ لي أُسْوَةٌ بهم:

وَهَلْ أنا إلا مِنْ رَبِيعَةَ أو مُضَرْ

 

ولَيْسَ نَفَائِسُ البَضَائِعِ إلا لمَنِ امْتَطَى غَارِبَ الاغْتِرَابِ، وطَوَّفَ في الآفَاقِ حَتَّى رَضِيَ مِنَ الغَنِيمَةِ بالإيَابِ، فاسْتَلَانَ مَا اسْتَوْعَرَهُ البَطَّالُونَ، وأَنِسَ بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الجَاهِلُونَ[24].



[1] أسماءُ اللهِ الحسنى للرضواني (2/ 120).

[2] لسانُ العربِ (4/ 51)، والمغربُ للمطرزي (1/ 69).

[3] البخاريُّ في التفسيرِ، بابُ قولهِ: وكان عرشُه على الماءِ (4/ 1724) (4407).

[4] انظرْ: تفسيرَ البغوي (4/ 240)، وشرحَ أسماءِ اللهِ الحسنى للرازي (ص: 335)، وفتحَ القديرِ (5/ 100)، وتفسيرَ الأسماءِ الحسنى للزجاج (ص: 61)، والأسنى في شرحِ أسماء اللهِ الحسنى للقرطبي (1/ 333)، وزادَ المسيرِ لابنِ الجوزي (8/ 53)، والمقصدَ الأسنى للغزالي (ص: 123).

[5] تفسيرُ أبي السعود (8/ 150)، وانظرْ أيضًا: تفسير النسفي (4/ 185).

[6] النهج الأسمى (2/ 172 - 179).

[7] جامعُ البيانِ (27/ 18)، ثُمَّ سَاقَ بسنَدِه عنْ علي بنِ أبي طلحةَ، عنِ ابنِ عباسٍ؛ مِثْلَه.

[8] تفسيرُ الأسماءِ (ص: 61).

[9] شأنُ الدعاءِ (ص: 90)، وبنحوه مختصرًا قالَ البيهقيُّ في الاعتقادِ (ص: 64)، وكذا الأصبهانيُّ في الحجةِ (ق 33 ب) بنحو الفقرةِ الأولى منه.

[10] المنهاجُ (1/ 204)، وذَكَرَه ضِمْنَ الأسماءِ التي تَتْبَعُ إثْبَاتَ التدبيرِ لَهُ دُونَ ما سِوَاهُ، ونَقَلَهُ البيهقيُّ في الأسماءِ (ص: 71).

[11] الكتاب الأسنى (ورقة 345 ب).

[12] النونية (2/ 234).

[13] في الأصلِ: كَانَ عَنْ بِهِ كَمَالُ غِنَاهُ، ولَعَلَ الصَّوَابَ ما أثْبَتْنَاهُ.

[14] مدارجُ السالكينَ (1/ 206).

[15] قَدْ سَبَقَ أَنَّ مِنْ مَعانِي البر في اللغةِ: الصِّدْقُ، فيقالُ: بَرَّ في يمينهِ، أَيْ: صَدَقَ.

[16] أخرجه أحمدُ (4/ 182)، ومسلمٌ في البرِّ والصِّلة (4/ 1980)، والترمذيُّ (4/ 2389)، والدارمِيُّ (2/ 322) من ثلاثِ طُرُقٍ، عنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، عَنْ عبدِ الرحمنِ بنِ جبيرٍ بنِ نفيرٍ، عن أبيه، عن النواسِ؛ به.

وأخرجهُ الدارمِيُّ (2/ 322) قَالَ: أخبرنا أبو المغيرةِ، ثنا صفوانُ هو ابنُ عمروٍ، حدثني يحيى بنُ جابرٍ القاضي، عن النواسِ؛ بنحوِهِ، ويحيى بنُ جابرٍ ثِقَةٌ، لَكِنَّ حَديثَهُ عنِ النواسِ مُرْسَلٌ، التهذيب.

[17] تفسير ابن جرير (3/ 246) بسَند حسَن عنه.

[18] المصدر السابق.

وقِيلَ البِرُّ: التَّقْوَى، وقِيلَ: الطَّاعَةُ، وقِيلَ: الخَيْرُ الذي يُسْتَحَقُّ به الأَجْرُ...

وقَالَ القاضي أبو يعلى: لَمْ يُرِدْ نَفْيَ الأصلِ، وإنَّمَا نَفْيَ وُجودِ الكَمالِ، فكأنما قَالَ: لَنْ تَنَالُوا البِرَّ الكَامِلَ، زادُ المسيرِ لابنِ الجوزي (1/ 420).

[19] أخرجهُ البخاريُّ (10/ 507)، ومسلمُ في البرِّ والصلةِ (4/ 2012 - 2013)، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، مرفوعًا؛ به.

ورواه مسلمٌ (4/ 2013) عن الأعمشِ عن أبي وائلٍ عن ابنِ مسعودٍ مرفوعًا به.

[20] الفتحُ (10/ 508).

[21] المصدرُ السابقُ.

[22] الداء والدواء (ص: 178 - 179) لابن القيم.

[23] مفتاحُ دارِ السعادةِ (ص: 497).

[24] مفتاحُ دارِ السعادةِ (ص: 459).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح اسم الله تعالى اللطيف
  • شرح اسم الله الكافي
  • شرح اسم الله الغني
  • شرح اسم الله الشهيد
  • شرح اسم الله البصير
  • اسم الله الرفيق
  • اسم الله العظيم (خطبة)
  • ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر

مختارات من الشبكة

  • معاني أسماء الله الحسنى: الحكم، الحكيم، الكريم، الوهاب، البر، القريب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (البر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح أسماء الله الحسنى أو (إعلام اللبيبة الحسنا بمعاني أسماء الله الحسنى) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • معنى اسم الجواد من أسماء الله الحسنى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح الأسماء الحسنى معنى اسم الكريم(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شرح الأسماء الحسنى معنى اسم الشاف(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • حكم قول: باسم الشعب، باسم العروبة، باسم الوطن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المشتقات (اسم الفاعل - اسم المفعول - الصفة المشبهة - اسم التفضيل)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (البر، الرؤوف)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/1/1447هـ - الساعة: 16:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب