• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

الأسرة ومقومات البيت المسلم

الأسرة ومقومات البيت المسلم
أحمد إبراهيم عبدالرؤوف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/10/2017 ميلادي - 3/2/1439 هجري

الزيارات: 55964

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأسرة ومقومات البيت المسلم


اهتم الإسلام اهتمامًا عظيمًا بصلاح البيوت؛ لأن الأسرة هي الدِّعامة الأساسية في صرح الأمة، واللبنة الأولى في تكوين المجتمع، فعلى قدر ما تكون اللبنة قويةً يكون البناء راسخًا منيعًا، وكلما كانت ضعيفة كان البناء واهيًا، آيلاً للانهيار والتصدع.

 

فالبيت المسلم.. هو المدرسة الأولى التي يتخرج منها الأعضاءُ الفاعلون في المجتمع.. وموقع الأسرة من المجتمع كموقع القلب من الجسد، فصلاح المجتمع من صلاح الأسرة، وفساد المجتمع من فساد الأسرة..

 

لذلك لما كان هذا هو شأن الأسرة.. صبَّ إبليسُ اللعينُ جُلَّ اهتمامِه للنَّيلِ منها وتمزيقِها، فكان من أعظم أولويَّات إبليس في هذه الدنيا أن يحطم قواعد البيت المسلم، فيزيل المودة والرحمة من بين أفراد الأسرة، ويبث بينهم العداوة والبغضاء؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ)) رواه مسلم 2813.

 

فالشيطان أصلًا لا يريد قيامًا لمجتمع مسلم على منهج الله، فكيف له أن يهدم مجتمعًا؟؟ كيف له أن يهدم بنيانًا قويًا؟؟ يبث جنوده وسراياه ويشجعهم على تفتيت اللبنات التي يتكون منها هذا البناء الضخم.. فيفعلون أفاعيلهم في البيوت والأسر التي لم تتحصن منهم، تلك البيوت والأسر، هي اللبنات التي يتكون منها بناء المجتمع.

 

عباد الله.. الأسرة في الإسلام بناءٌ متين الأساس، مترابط الأركان، أصله ثابت، وفرعه في السماء، يؤسس هذا البناء على تقوى من الله، واتباع لشريعته سبحانه، بالزواج الشرعي الذي هو الطريقة السوية المشروعة لتكوين الأسرة، تلك الطريقة التي تليق بكرامة الإنسان، وتتوافق مع فطرته السليمة..

الزواج.. ميثاق غليظ.. وعهد متين.. بين رجل وامرأة، يدعى به كل منهما زوجًا، بعد أن كان فردًا..

 

وقد وضع الشرع أسسًا ومعايير يبنى عليها اختيار الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها، قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32].

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ)) البخاري 5090، ومسلم 1466.

 

وقال: ((تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ)) ابن ماجة 1968 وحسنه ابن حجر في الفتح (9/ 125) والتلخيص الحبير (3/ 309) وكذا حسنه الألباني ومحققوا دار الرسالة.

 

وقال: ((تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ)) أبو داود 2050 قال ابن حجر: رجال إسناده ثقات عدا مستلم فهو صدوق، وقال الألباني: حسن صحيح.

وقال: ((الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ)) مسلم 1467.

 

وقال: ((إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)) الترمذي 1084، وحسنه الألباني.

 

وجاء رجل إلى الحسن بن علي يسأله قائلًا: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها. شرح السنة للبغوي 9/ 10/ 2241، إحياء علوم الدين 2/ 300.

وباجتماع الزوج الصالح والزوجة الصالحة، يُبنى البيتُ الصالح بإذن الله تعالى..

 

فإذا تم الزواج.. فلتكن الحياة قائمة على السكينة والمودة والرحمة، فلهذا أصلًا شرع الزواج، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء خيرًا)) مسلم 1468 وإنه والله لحري بكل زوج أن يحسن إلى زوجته ويكرمها عملًا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم..

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت)) مسند أحمد 1661، وصحيح ابن حبان 4163، وحسنه الألباني.

 

فإذا رزق الزوجان بالولد، فلتكن تربيته محافظة على الفطرة والعقيدة الصحيحة التي يولد عليها كل مولود، فيرسخ الوالدان توحيد الله عز وجل في قلبه، ومراقبة الله عز وجل وتقواه في كل حال.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه)) البخاري 1358، 1359، 1385، 4775، 6599، ومسلم 2658.

 

وانظر كيف ربى لقمان ابنه حيث قال: ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]، وقال له: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: 16-19].

 

من من الآباء الآن يتحدث مع ابنه هذا الحديث؟ لا تكاد تجد أبًا يربي ابنه هكذا منذ الصغر إلا من رحم الله.. ثم تجد الأسر والمجتمعات تعاني وتشكو تشرد الأبناء وسوء خلقهم واجترائهم على الحرمات والعادات! ولا حول ولا قوة إلا بالله..

 

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس وقد كان غلاماً: ((يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)) الترمذي 2516.

 

بعض الناس مع الأسف يستصعبون هذا الكلام على فهم الصغار! بينما يتركونهم ويسلمونهم للأفلام الكرتونية التي تكون باللغة العربية الفصحى، وباللغات الأجنبية، ولا يستصعبون ذلك على أفهامهم!

 

تقول له علم ابنك حديث ابن عباس، فيرد ويقول: هذا كلام صعب على فهم الصغار! لا والله ليس صعبًا، لقد حفظه ابن عباس ووعاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حدثه به وهو غلام صغير..

 

إن الناشئة في بكور حياتها ديوان مفتوح، وسجل ناصع، يتلقى أي شيء يرد عليه من حق أو باطل، ومن صحيح العقائد وفاسدها، ومحاسن الأخلاق ومساوئها، لذلك كان الحسن البصري يقول: قدموا إلينا أحداثكم، فإنهم أفرغ قلوبًا، وأحفظ لما سمعوا، فمن أراد الله أن يتم ذلك له أتمه. الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي 1/ 311.

 

وإن يعقوب عليه السلام قد ربى يوسف عليه السلام غلاماً صغيراً؛ رباه على التوحيد وعلى خوف الله وتقواه، وكان من ثمار تلك التربية أن حفظ الله يوسف لما فارق أباه، فلما أُخِذَ وأُلْقِيَ في الجُبِّ، ثم أُخْرِجَ منه وتعرض لما تعرض له، مر بفتن عظيمة ما نجا منها إلا بحفظ الله له بما زرع أبوه في قلبه ورباه عليه، من التوحيد ومراقبة الله، فقال لامرأة العزيز وقد راودته عن نفسها: ﴿ مَعَاذَ اللهِ ﴾ وقال لاجئاً معتصماً بربه: ﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف: 33]، وقال للفتيان في السجن معلناً وداعياً إلى ما تربى عليه من التوحيد: ﴿ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يوسف: 37، 38].

 

أيها المسلمون.. عَوِّدُوا أولادَكم وبناتِكم على الصلاة والصيام منذ صغرهم، وعودوا بناتكم على الحجاب وحببوا إليهن الطهر والعفاف والستر والحياء منذ صغرهن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مُرُوا أولاكمِ بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنينَ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عَشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المَضاجِعِ)) أبو داود 495 وقال النووي: إسناده حسن، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح، وصححه الألباني.

 

وكان الصحابة يعودون أولادهم على الصيام، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطوه اللعبة من العهن يلهونهم بها عن الطعام حتى يأتي موعد الإفطار البخاري 1960، ومسلم 1136.

 

أيها المسلمون.. كونوا عوناً لأبنائكم على بركم، وكونوا عوناً لهم على طاعة ربهم، لا تأمروهم بمعصية الخالق سبحانه، ولا تعنفوهم أو تعاقبوهم إذا لم يطيعوكم في ذلك، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لا تطلب من ولدك أن يشتري لك الدخان أو السجائر أو أن يعينك على أي معصية؛ ابتليت بها.. فلا تشركه معك فيألفها ويعتادها.

 

إن من الخطأ في التربية أن يغضب الأب والأم لتقصير أولادهم في أمور العادات والأعراف والتقاليد والمباحات، ولا يغضبون إذا انتهكت حرمات الله، فيعتاد الأبناء على هذا، ويتحفزون لما يغضب الأب والأم من العادات، ولا يبالون إذا فعلوا ما يغضب الله، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلطف إلى الصغار فإذا ما فعلوا ما يسخط الله أظهر لهم شيئاً من الغضب والتعنيف؛ ليتعودوا على ترك ما يغضب الله سبحانه..

 

أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بتمر من تمر الصدقة، فجعل الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بذلك التمر، فأخذ أحدهما تمرة فجعلها في فيه، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ((كِخْ كِخْ، ارم بها)) ولم يكتف بهذا وإنما بين له ووضح وعلم ورسخ في عقله الصواب فقال: ((أما علمت أنَّا لا نأكل الصدقة؟)) البخاري 1491، 3072، ومسلم 1069.

 

أيها المسلمون.. اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم في العطية والهبة حتى في طريقة الملاطفة والترحيب والتوديع، حتى في القبلات.. اعدلوا بين أولادكم، فإن هذا مما يعينهم على البر، قال صلى الله عليه وسلم: ((اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي النُّحْلِ، كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يَعْدِلُوا بَيْنَكُمْ فِي الْبِرِّ وَاللُّطْفِ)) البيهقي في الكبرى 6/ 295/ 12003.

 

الخطبة الثانية

إذًا فمن أعظم أولويَّات إبليس في هذه الدنيا.. أن يحطم قواعد البيت المسلم، فيزيل المودة والرحمة من بين أفراد الأسرة، ويبث بينهم العداوة والبغضاء؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ)) رواه مسلم 2813.

 

لذلك عباد الله.. وجب علينا أن نحمي بيوتنا وأسرنا وأهلينا من شر الشيطان، فاعملوا عباد الله بما يجلب لبيوتكم ملائكة الرحمن ويطرد عنها شر الشيطان..

 

عمروا بيوتكم بذكر الله.. تتنزل عليكم الصلوات والرحمات.. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب 41:43].

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ)) مسلم 779. وكم في بيوت المسلمين يا عباد الله من بيوت ميتة؛ بل هي في الحقيقة مأوى للجن والشياطين، بعيدةٌ عن ذكر الله، مليئةٌ بالفساد والمنكرات، لا يُسمعُ فيها إلا مزاميرُ الشياطين، وأصواتُ المطربين والمطربات..

 

وما أقبحَ البيوتَ إذا خلتْ من ذكر الله، فسكنتها الشياطينُ، وعششت فيها، فصارت كالقبور الموحشة، فعميت قلوبُ ساكنيها، وابتعدت عنها الملائكة، ونزعت منها الرحمة، ومحقت منها البركة..

 

عمروا بيوتكم بذكر الله.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ)) مسلم 2018..

 

حصن نفسك وبيتك وأهلك من الشيطان.. حصن ذريتك من الشيطان.. قال صلى الله عليه وسلم: ((لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، فَقَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا)) البخاري 141، 3271، 6388، 7396، ومسلم 1434.

 

اقرؤوا القرآن في بيوتكم ولا تجعلوها مقابر.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ)) مسلم 780.

 

صلوا من النوافل في بيوتكم.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا)) مسلم 777، وقال: ((إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِهِ، فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا)) مسلم 778. يأتيك الخير إلى بيتك بصلاتك فيه، وأي خير؟! إنه خير الله، وخير الله طيب كثير..

 

عباد الله.. أفشوا السلام في بيوتكم.. عندما تدخل على زوجتك ألق السلام، عندما تدخلين على زوجك ألق السلام، عندما يدخل بعضكم على بعض في البيوت، وحتى في حجرات البيوت.. ألقوا السلام.. أفشوا السلام، فذلك سبب من أسباب ازدياد المحبة والألفة.. قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: ((أَوَلاَ أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)) مسلم 54.

 

عباد الله.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة)) البخاري 3225، 3322، 4002، 5954، ومسلم 2104، 2105، 2106.. فجنبوا بيوتكم تلك الأمور، حتى لا تنقطع عنكم ملائكة الرحمة.. لا تدخلوا كلبًا، ولا تعلقوا صورة ولا تمثالًا لذات روح.

 

عباد الله.. البيت المسلم مأمور بحسن الجوار؛ قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ﴾ [النساء: 36]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيُوَرِّثه)) البخاري 6015، ومسلم 2624، 2625، والإحسان إلى الجار يكون بالسلام عليه، والبشاشة في وجهه، وتعهده بالزيارة، وإسداء الهدية والنصح له، والفرح لفرحه، والتألم لألمه، وكفِّ الأذى عنه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ)) قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ)) البخاري 6016.

 

عباد الله.. إن أسعد البيوت لبيت يتعامل أهله فيما بينهم تعبدًا لله.. فيعامل الزوج زوجته بإحسان.. لله.. ينوي بذلك العمل بوصية رسول الله حين قال: ((استوصوا بالنساء خيرًا)) مسلم 1468، وتعامل الزوجة زوجها بإحسان طمعًا في جنة الرحمن.. فإن المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها.. خيرت بين أبواب الجنة الثمانية تدخل من أيها شاءت، وقد ورد أن امرأةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَةٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهَا قَالَ: ((أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟)) قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ: ((فَكَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟)) قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلَّا مَا أَعْجَزُ عَنْهُ قَالَ: ((انْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ)) النسائي في الكبرى 8/ 158/ 8914، ويعامل الوالدان الولد بإحسان طمعًا في صلاحه وكونه ولدًا صالحًا يدعو لهما بعد موتهما، ويعامل الولد والديه بإحسان طمعًا في جنة الرحمن.. فالوالد أوسط أبواب الجنة، الترمذي 1900 وقال حديث صحيح، والعبد لا يحوز نصيبه من الجنة بدون رضا أمه عنه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لجاهمة عندما جاء يستشيره في الغزو: ((هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟)) قَالَ: نَعَمْ قَالَ: ((فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلَيْهَا)) النسائي 1204.

 

فما أسعد هذا البيت المسلم.. الذي يقوم على هذه النوايا والعبادات..

أيها المسلمون.. تعلموا أحكام الأسرة.. تعلموا أحكام الزواج والطلاق.. تعلموا السنة في عشرة الأزواج.. تعلموا السنة في تربية الأبناء.. لا تتسرعوا في حلف الأيمان بالطلاق.. ولا تعودوا ألسنتكم لفظة الطلاق.. فتندموا ولات ساعة مندم.. الزواج والطلاق جدهما جد وهزلهما جد.. لا مجال للمزاح في هذه الأمور..

 

وإلى من وقع بينهم الطلاق من الآباء والأمهات.. لا تجعلوا الشيطان ينتصر عليكم فيؤدي بكم إلى ظلم أبنائكم وخيانة الأمانة التي ائتمنكم الله عليها، واعلموا أن لهم حقوقاً عليكم من التربية والتعليم والتأديب والنفقة وسائر حقوق الأبناء فلا تضيعوها بعنادكم لبعض وانتقامكم من بعض.. اتقوا الله ولا تخونوا أماناتكم.. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال 27، 28].

 

عباد الله.. أسسوا بيوتكم على شرع الله.. عمروها بطاعة الله وذكر الله، لا تجعلوها مقابر تعمرها الشياطين، بل اجعلوها رياضًا تغشاها الملائكة، وتتنزل عليها الرحمات من خير الراحمين..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأسرة ومقاصد الشريعة
  • من واجبات الأسرة
  • الأسرة والحوار بين أفرادها
  • فوائد تربوية لمائدة طعام الأسرة
  • الأسرة والسيرة النبوية
  • البيت المبارك وحياتنا المباركة

مختارات من الشبكة

  • الأسرة السعيدة بين الواقع والمأمول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة فقه الأسرة: الخطبة (1) أسس بناء الأسرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور الأسرة في علاج وتدريب الطفل المعاق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مشاهد التكريم للأسرة يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسرار الأسرة والزواج من ناحية فقهية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • أسباب الفشل في بناء الأسر(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ‏ آداب وأخلاق يجب مراعاتها في الأسرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أسباب الخلافات الأسرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وعي أسرة الطفل المعاق بمصادر المعرفة لحالته(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • دور الأسرة في حياة المعلم(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/11/1446هـ - الساعة: 21:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب