• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

من الذي ورث أموال فرعون وقومه بعد غرقهم؟

د. محمد بن علي بن جميل المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/10/2017 ميلادي - 16/1/1439 هجري

الزيارات: 121526

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من الذي ورث أموال فرعون وقومه بعد غرقهم؟


توجد آيتان في القرآن متعارضتان في الظاهر، قال الله تعالى: ﴿ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الشعراء: 57 - 59].

وقال سبحانه: ﴿ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴾ [الدخان: 25 - 28].


ففي الآية الأولى ذكر الله أن أموال فرعون وقومه ورثها بنو إسرائيل، وفي الآية الثانية ذكر الله أن الذي ورثها قوم آخرون، وظاهر ذلك أن القوم الآخرين غير بني إسرائيل!

وإن قلنا: إن القوم الآخرين هم بنو إسرائيل فكيف نوجه وراثة بني إسرائيل لكنوز آل فرعون وجناتهم وهم قد هاجروا من مصر إلى الشام؟!

 

لم يذكر العلامة الشنقيطي الجمع بين الآيتين في كتابه العظيم دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب، وقد نظرت في أقوال المفسرين لبيان معنى الآيتين ورفع الإشكال، فوجدت للمفسرين وجوهاً كثيرة في بيان ذلك كما يلي:

الوجه الأول: ذكر بعض المفسرين أن المراد بالقوم الآخرين في الآية الثانية هم بنو إسرائيل المذكورون في الآية الأولى، وعلى هذا فلا تعارض بين الآيتين، قال الواحدي: (وكذلك إن الله رد بني إسرائيل إلى مصر بعدما أغرق فرعون وقومه، فأعطاهم جميع ما كان لقوم فرعون من الأموال والعقار والمساكن) الوسيط (3/ 354). وينظر: تفسير مقاتل بن سليمان (3/ 822)، تفسير ابن كثير (7/ 253).

 

وقد ذكر ابن جرير في تفسير قوله تعالى: ﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ ﴾ [البقرة: 61] أن أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود كانا يقرآنها ﴿ اهْبِطُوا مِصْرَ ﴾ [البقرة: 61] بلا تنوين، ونقل ابن جرير عن أبي العالية والربيع بن أنس أن بني إسرائيل بعد غرق فرعون رجعوا إلى مصر. ينظر: تفسير ابن جرير (2/ 23)، وجعل ابن جرير هذا القول محتملا ولم يستبعده.

قال ابن كثير: (لما أهلك الله فرعون وجنوده استقرت يد الدولة الموسوية على بلاد مصر بكمالها، كما قال الله تعالى:﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف: 137]) تفسير ابن كثير (4/ 294).

 

وقال طنطاوي: (لا مانع من عودة الضمير في قوله تعالى: ﴿ وَأَوْرَثْنَاهَا ﴾ إلى الجنات والعيون والكنوز التي أخرج الله تعالى منها فرعون وقومه، بأن عاد موسى ومن معه إلى مصر- لفترة معينة- بعد هلاك فرعون وملئه، ثم خرجوا منها بعد ذلك مواصلين سيرهم إلى الأرض المقدسة، التي أمرهم موسى عليه السلام بدخولها) التفسير الوسيط لطنطاوي (10/ 251).

 

قلت: وما قصه الله علينا في القرآن عن قارون أنه كان من قوم موسى وأنه كان يملك الكنوز العظيمة يؤيد هذا القول، فلعل كنوز قارون التي أخبرنا الله في القرآن عن كثرتها هي مما ورثه قارون من قوم فرعون بعد غرقهم، ولا يوجد دليل قاطع على أن خسف الله لقارون وداره وأمواله كان قبل إغراق فرعون، كما لا يوجد دليل قاطع على أن موسى ومن معه بعد غرق فرعون توجهوا مباشرة إلى أرض الشام وحصل لهم التيه في أرض سيناء، بل ظاهر سياق القرآن أن بني إسرائيل بعد غرق فرعون أنزلهم الله منازل طيبة، قال سبحانه: ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ * وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [يونس: 90 - 93]،

قال السمرقندي: (﴿ مُبَوَّأَ صِدْقٍ ﴾ يعني: منزل صدق، وهو أرض مصر. وذلك أن الله تعالى قد وعد لهم بأن يورثهم أرض مصر، فلما غرق فرعون رجع موسى عليه السلام ببني إسرائيل إلى أرض مصر، فنزلوا بها وسكنوا الديار) بحر العلوم للسمرقندي (2/ 131). وينظر: تفسير البغوي (2/ 433)، تفسير الزمخشري (2/ 369)، تفسير الخازن التنزيل (2/ 463).

 

ويؤيد ذلك ما قصه الله علينا من أن موسى سافر مع فتاه يوشع حتى بلغ مجمع البحرين ووجد الخضر، وركب معه البحر وقتل غلاما ومر بمدينة، فالظاهر أن ذلك كان بعد إغراق فرعون وقبل حصول التيه لبني إسرائيل في سيناء.

ويؤيد ذلك أيضا ما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم من أن موسى حج البيت، ففي صحيح مسلم (166) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي الأزرق فقال: ((أي واد هذا؟)) فقالوا: هذا وادي الأزرق، قال: ((كأني أنظر إلى موسى عليه السلام هابطا من الثنية وله جؤار إلى الله بالتلبية)) ثم أتى على ثنية هرشى فقال: ((أي ثنية هذه؟)) قالوا: ثنية هرشى، قال: ((كأني أنظر إلى يونس بن متى عليه السلام على ناقة حمراء جعدة عليه جبة من صوف، خطام ناقته خلبة وهو يلبي)) فالظاهر أن حج موسى كان بعد إغراق فرعون وقبل حصول التيه، ولا عبرة بإنكار اليهود أن يكون موسى حج البيت فقد أخبرنا الله في القرآن أن إبراهيم أذَّن في الناس بالحج، فكل مؤمن بعد إبراهيم فهو مأمور بالحج إن كان مستطيعا، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بحج بعض الأنبياء، وأخبر أيضا أن عيسى بن مريم سيحج البيت في آخر الزمان كما في صحيح مسلم (1252).

 

ولا عبرة أيضا بكون اليهود أو بعض المؤرخين لا يذكرون أن بني إسرائيل رجعوا إلى مصر بعد إغراق آل فرعون، قال الألوسي: (لا اعتبار بالتواريخ وكذا الكتب التي بيد اليهود اليوم لما أن الكذب فيها كثير، وحسبنا كتاب الله تعالى، وهو سبحانه أصدق القائلين، وكتابه جل وعلا مأمون من تحريف المحرفين) روح المعاني للألوسي (13/ 122).

 

الوجه الثاني: ذهب ابن عطية وابن جزي والمراغي وسيد قطب وابن عاشور إلى أن القوم الآخرين غير بني إسرائيل، وأن بني إسرائيل لم يرثوا ملك فرعون في مصر ولكنهم ورثوا ملكا مثله في أرض الشام، والمقصود نوع الملك الذي زال عن فرعون وملئه وورثه بنو إسرائيل. ينظر: تفسير ابن عطية (4/ 232)، تفسير ابن جزي (2/ 91)، تفسير المراغي (19/ 67)، في ظلال القرآن لسيد قطب (5/ 3214) التحرير والتنوير لابن عاشور (19/ 133) و (25/ 303).

 

الوجه الثالث: ذكر ابن عطية والخفاجي احتمالاً ضعيفاً وهو أن الله ورَّث بني إسرائيل مصر بعد مدة طويلة من الدهر، واستشكلا ذلك بكون التواريخ لم تتضمن ملك بني إسرائيل في مصر. ينظر: تفسير ابن عطية (4/ 232)، حاشية الشهاب الخفاجي (7/ 14).

 

الوجه الرابع: ذهب محمد رشيد رضا ورجحه جماعة من علماء مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر إلى أن المعنى أن بني إسرائيل ورثوا ملك فرعون في أرض الشام؛ لأن الشام كانت تابعة لمصر في عهد فرعون. ينظر: تفسير المنار لمحمد رشيد رضا (9/ 86)، التفسير الوسيط لجماعة من العماء بإشراف مجمع البحوث بالأزهر (9/ 856).

وقد أيد محمد رشيد رضا رأيه بأنه جاء في الأثر المصري الوحيد الذي ذُكِر فيه بنو إسرائيل (وهو المعروف برقم 34025 المحفوظ في متحف مصر) أن الإله رع التفت إلى مصر فولد منفتاح ملك مصر [وهو اسم فرعون]، فخضع له القيروانيون والحيثيون والكنعانيون وعسقلان وجزال وينعمام، وأصبحت فلسطين خلية لمصر والأراضي كلها مضمومة في حفظه. ينظر: تفسير المنار لمحمد رشيد رضا (9/ 70).

 

الوجه الخامس:قال ابن عاشور: (وقيل: ضمير ﴿ أَوْرَثْنَاهَا ﴾ عائد إلى خصوص الكنوز؛ لأن بني إسرائيل استعاروا ليلة خروجهم من جيرانهم المصريين مصوغهم من ذهب وفضة وخرجوا به كما تقدم في سورة طه [يعني في قوله تعالى: ﴿ حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا ﴾ [طه: 87]) التحرير والتنوير لابن عاشور (19/ 134).

 

الوجه السادس:قال ابن عجيبة: (التحقيق أنهم ملكوا التصرف في مصر، ووصلت حكومتهم إليها، ولم يرجعوا إليها، والله تعالى أعلم) البحر المديد لابن عجيبة (4/ 137). وينظر: روح المعاني للألوسي (13/ 122).

 

الوجه السابع:لا مانع أن يكون بعض الذين خرجوا مع موسى رجعوا إلى مصر بعد غرق فرعون فورثوا أموالهم، وقد نقل هذا الاحتمال الألوسي عن بعض العلماء ولم يسمه، وإن صح هذا فقد يكون الذين رجعوا إلى مصر هم الذين قال لهم موسى: ﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 61] على القول بأن المراد بمصر بلاد فرعون كما نقله ابن جرير عن بعض السلف، والله أعلم. وينظر: تفسير ابن جرير (2/ 23)، روح المعاني للألوسي (10/ 83).

 

فهذه سبعة وجوه محتملة في الجمع بين الآيتين، وهي كافية في الجمع بين الآيتين ورفع الإشكال المذكور، ولا نجزم بشيء من هذه الوجوه؛ لأنه لا يعلم حقيقة الحال إلا الله علام الغيوب، وأظهر الوجوه عندي هو الوجه الأول؛ لأن ظاهر القرآن في الآية الأولى أن بني إسرائيل ورثوا أموال فرعون وجنده، ويكون في التعبير في الآية الثانية بأنهم قوم آخرون زيادة فائدة بأن القوم الآخرين يعم بني إسرائيل وغيرهم ممن ورث شيئا من أملاك فرعون وجنده، وذلك يشمل بني إسرائيل ويشمل الفراعنة الذين حكموا مصر بعد غرق فرعون، والله أعلم بالصواب، وما أوتينا من العلم إلا قليلا.

 

وبقي إشكال آخر يحتاج إلى جواب، وهو أن الله قد أخبر في كتابه الكريم أنه طمس على أموال فرعون وملائه، ودمَّر ما كان يصنع فرعون وقومه، فقال سبحانه: ﴿ وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ * قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 88، 89]، وقال سبحانه: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف: 137]، وفي الآيتين المذكورتين في أول البحث أن بني إسرائيل ورثوا جنات قوم فرعون وزروعهم وكنوزهم ومقامهم الكريم من القصور وغيرها، فكيف نجمع بين كونها دُمِّرت وبين وراثة بني إسرائيل لها؟!

 

لم أجد من حرَّر القول في الجمع بين هذه الآيات، ويمكن الجمع بينها بأن الجنات المعروشة والزروع والبنايات التي كانت لقوم فرعون دمرها الله، وورثها من جاء بعد فرعون بعد تدميرها، فأصلحوا الأراضي وزرعوها، وغرسوا الأشجار، وأجروا العيون، واستفادوا من بقايا ما دمره الله من بنايات قوم فرعون، فرمموا القصور وسكنوها أو بنوا بحجارتها مساكن جديدة.

 

وأما الكنوز فظاهر الآية أنها لم تدخل في دعاء موسى بطمس أموالهم، فإنه قال: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ ﴾ [يونس: 88] فذكر موسى الزينة - وهي من الكنوز - والأموال، ثم خص بطلب طمس الأموال دون الزينة، ويؤيد ذلك قوله تعالى حاكيا قول قوم موسى حين اعتذروا إليه من عبادتهم العجل: ﴿ حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا ﴾ [طه: 87].

وقد تكون كنوز آل فرعون طمس الله أكثرها، أو كثيرا منها، وورث من جاء بعدهم ما بقي منها أو ما وجدوه منها بعد تدمير الله ما كان يصنع فرعون وقومه.

 

قال ابن جرير: (هذا دعاء من موسى دعا الله على فرعون وملئه أن يغير أموالهم عن هيئتها، ويبدلها إلى غير الحال التي هي بها)، ثم روى ابن جرير عن الربيع بن أنس قال: صارت حجارة، وعن قتادة: قال: بلغنا أن حروثا لهم صارت حجارة. ينظر: تفسير ابن جرير (12/ 263 - 265).

ويفهم من قول قتادة أن الذي طُمِس من أموالهم وتحول إلى حجارة بعضها وليس كلها؛ لأنه قال: (حروثا لهم صارت حجارة)، ولم يقل: جميع حروثهم، فيصح أن يكون العموم في قول موسى: ﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ ﴾ [يونس: 88] المراد به الخصوص، كقول الله تعالى: ﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ﴾ [الأحقاف: 25]، حيث أخبر الله أن الريح التي أرسلها على عاد كانت تدمر كل شيء وهذا عموم، ثم أخبر أن مساكنهم لم تُدمَّر، على أحد القولين في تفسير الآية، والقول الآخر: أنها دُمِّرت ودخلت في لفظ عموم ﴿ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأحقاف: 25]، أي: لا يرى إلا مساكنهم مدمرة. ينظر: التفسير البسيط للواحدي (20/ 194)، التحرير والتنوير لابن عاشور (26/ 51)، الوجيز في أصول الفقه الإسلامي لوهبة الزحيلي (2/ 63).

 

وقال ابن جرير في تفسير قوله: ﴿ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ﴾ [الأعراف: 137]: (يقول: وأهلكنا ما كان فرعون وقومه يصنعونه من العمارات والمزارع. ﴿ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾[الأعراف: 137] يقول: وما كانوا يبنون من الأبنية والقصور، وأخرجناهم من ذلك كله، وخرَّبنا جميع ذلك) تفسير ابن جرير (10/ 407).

وقال البيضاوي: (﴿ مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ﴾ [الأعراف: 137] من القصور والعمارات ﴿ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف: 137] من الجنات أو ما كانوا يرفعون من البنيان كصرح هامان) تفسير البيضاوي (3/ 32).

 

وقال محمد رشيد رضا في تفسير دعاء موسى بطمس أموال فرعون: (المعنى: ربنا امحق أموالهم بالآفات التي تصيب حرثهم وأنعامهم وتنقص مكاسبهم وثمراتهم وغلاتهم فيذوقوا ذل الحاجة) تفسير المنار لمحمد رشيد رضا (11/ 386).

وقال الشعراوي: (وقد ظل ما فعله الله بقوم فرعون باقيا في الآثار التي تدلك على عظمة ما فعلوا، وتجد العلماء في كل يوم يكتشفون تحت الأرض آثارا كثيرة. ومن العجيب أن كل كشوف الآثار تكون تحت الأرض، ولا يوجد كشف أثري جاء من فوق الأرض أبدا!) تفسير الشعراوي (7/ 4328).

والله أعلم، وسبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت علام الغيوب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصة موسى مع فرعون
  • الفرعونية: صفاتها ونهايتها
  • الفرعونية والقابلية للاستخفاف
  • فرعون (قصيدة)
  • قصة موسى وفرعون والسحرة
  • ماشطة ابنة فرعون (1)
  • سحرة فرعون وزوجته وماشطة ابنته (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الذي غرق في الطين (قصة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أهم ما يرشد إليه حديث «الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله»(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المال الذي اشتريت به الأضحية مخلوف(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • تفسير: (أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الزكاة في الإسلام (الذي يؤتي ماله يتزكى)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • جزء في تعيين (الصنابحي) الذي روى له الشافعي من طريق مالك بن أنس الأصبحي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حجرت المحكمة على أبي، فمن الذي سيتصرف في الأموال؟(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • حديث: الذي تفوته صلاة العصر، كأنما وتر أهله وماله(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى العذاب المستقر الذي أصاب قوم لوط(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب