• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ولقد كرمنا بني آدم (خطبة)

ولقد كرمنا بني آدم (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/10/2017 ميلادي - 13/1/1439 هجري

الزيارات: 43262

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ولقد كرمنا بني آدم


الحمد لله...

الإنسان آيةُ اللهِ الباهرة، أودع فيه من المعجزات والدلائل والآيات ما يحار العقل فيها، ويَعجب الخلق لها، هذا الكائن الضعيف في مظهره، هو كريمٌ على الله تعالى، خَلَقَه بيده، وأسجدَ له ملائكته، وسخَّر له الكونَ بما فيه، وبيَّن له منهج حياته الذي يضمن له السعادة في الدنيا والآخرة، ومن أجله خلق الله سبحانه الجنة والنار، وكان الجزاء والحساب في يوم القيامة.

 

إخوتي الكرام .. هذا الإنسان الكريم على الله قد أوجب الله تعالى له حقوقاً؛ وأمر بها في كتابه، وسنة نبيه، فكانت مثار فخرٍ واعتزازٍ لكلِّ مَنْ ينتمي لهذا الدِّين، وقد أرست الشريعية الإسلامية مبادئ حقوق الإنسان، وحافظت عليها عبر نصوص كثيرة؛ مُمَثَّلةً في أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وسيرته العطرة.

معشر المسلمين .. إنَّ تقرير احترام حقوق الإنسان قرَّرته كليات الشريعة ومقاصدها العامة والخاصة، ويكفي في ذلك قول الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ [الإسراء: 70].

 

فالآية الكريمة جَمعتْ خمسَ مِنَنٍ: التكريم، وتسخير المراكب في البر، وتسخير المراكب في البحر، والرِّزق من الطيبات، والتفضيل على كثير من المخلوقات.

 

والسؤال هنا: مَنْ مُؤسِّس حقوق الإنسان؟

الجواب لا يحتمل إلاَّ شيئاً واحداً؛ إذْ إنَّ مُؤسِّس حقوق الإنسان هو نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد خَلَق الله تعالى الناس وجعلهم سواسية؛ كأسنان المشط في الدرجة من حيث الأصل، ولم يُفرِّق بينهم في الحقوق والحريات من حيث النسب، والحكمة من تنويع ألوانهم ولغاتهم وتوزيعهم في مختلف الشعوب والقبائل هي تسهيل التعارف وتنظيم أمور الحياة ورعاية مصالحها؛ لا التفاضل، وفي هذا يقول سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].

 

ويؤكِّد هذا المعنى الجميلَ النبيُّ الكريم صلى الله عليه وسلم؛ وهو الذي أسَّس مبادئ حقوق وحريات الإنسان بطريقة شاملة ومُتقنة، لم يَسبِقْ لها مَثيلٌ في تاريخ الإنسانية، في وقتٍ كانت تئِنُّ فيه تحت وطأة الملوك الظالمين، والحكام المستبدين في مشارق الأرض ومغاربها، وأعلن مبدأَ المساواة العامة بين الناس في أعظمِ جَمْعٍ "وسط أيام التَّشريق" حينما قال صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ! أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى)[1].

 

(مسألة) متى انتُهِكت حقوق الإنسان؟

كان العالَمُ الإنساني بعد عهد عيسى - عليه السلام - يُعاني طوال ستة قرون من انتهاك حقوق الإنسان وحرياته؛ حيث كان ظلام الجهل سائداً بين الناس، والظلم على أعلى مُستواه، إذْ بزغ فجرٌ جديد، وعهد جديد في تاريخ الإنسانية، وبدأت صفحة جديدة مشرقة من حياة الإنسانية في بداية القرن السابع الميلادي، وأشرقت الأرض بأضواء شمس الرسالة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فبعد عهد طويل من الظلام والظلم والطغيان واليأس والحرمان، بدأت الإنسانية تستعيد حقوقها المسلوبة، وحرياتها الضائعة؛ بسبب بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، التي كانت كالصواعق المُحرِقة على رؤوس الطغاة والجبابرة، والأمطار والغيوم والنسائم المنعشة لأرض الإنسانية القاحلة، فاخضرَّ زرعُها، وأزهرَ ثمرُها، وتعطَّرت أجواء العالم الإنساني بالنكهات العاطرة، وساد الرخاء والأمن، واستظل الناس في ظلال البساتين الوارفة للدين الإسلامي[2].

 

وهذا ما حدا ببعضِ المُنصفين؛ من المفكرين الغربيين؛ من أمثال "وِل ديورانت" إلى القول: (وإذا حَكَمْنا على العَظَمَة بما كان للعظيم من أثر في الناس؛ قلنا: إنَّ محمداً [صلى الله عليه وسلم] كان من أعظم عظماء التاريخ[3]، فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعبٍ ألقتْ به في دياجير الهمجية حرارةُ الجو، وجدبُ الصحراء، وقد نجح في هذا الغرض نجاحاً لم يُدانه فيه أيُّ مُصلِحٍ آخرَ في التاريخ كلِّه)[4].

 

أيها الأحبة .. إنَّ المتأمل في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بإنصاف يلحظ أنها أُنموذجا فريداً ومتكاملاً في تشريع حقوق الإنسان، وحمايتها، وحفظها، والاعتراف بأهميتها؛ بل كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم نفسُه أنموذجاً فريداً يُحتذى به في هذا الشأن؛ حيث تجسَّدت فيه جميع معاني الإنسانية السامية في كافة جوانب حياته المباركة؛ فلم تُكذِّب أقوالَه أفعالُه، ولم يهضم الناسَ حقوقهم أبداً، ولم يعتد على حريات الآخرين؛ مسلمين وذِمِّيين ومعاهدين وغيرِهم، وحاشاه ذلك، وهو صاحب الخُلُق العظيم، والدِّين القويم.

 

بل لم يَعرف التاريخ الإنساني عبر الأجيال والقرون الطويلة رسولاً ولا نبيًّا - فضلاً عن مصلح أو مَلِك - أكمل من نبيِّنا وسيِّدنا وقائدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، من جهة تطبيقه لمبادئ وحقوق الإنسان، وكذا لم يعرف التاريخُ أُمَّةً اهتمت بحقوق الإنسان ورعتها حقَّ رعايتها مثل أُمَّة محمد صلى الله عليه وسلم، والحديث هنا - أحبتي الكرام - عن أهم مظاهر "حفظ حقوق الإنسان" في الإسلام، وهي كثيرة جداً، وأهمها أربعة أصول:

1- تحرير الإنسان من الرِّق.

2- ضمان حرية المعتقد.

3- تحقيق العدالة بين الناس.

4- حماية القيم الأخلاقية.

ولعلنا نُسلِّط الضوءَ على الأصل الأول "تحرير الإنسان من الرِّق".

 

جاء الإسلام بعد مَبعَث النبي صلى الله عليه وسلم ووجد نظام الرَّقيق قائماً على ساقه، وقد تنوَّعت وتعددت طوائف الأرِقَّاء؛ زِنجاً، وروماً، وفُرساً...، وتعدَّدت روافده وطرقه عندما وُجِدت الحروب القبلية، بجعلها الرَّقيق مصدراً للغنيمة، وساهم الفقر في رواج بضاعة الرَّقيق، فهذه الظاهرة الاجتماعية كانت ظاهرة عالميَّةً معروفة عند الأمم وقت بعثة النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

 

إذاً الإسلامُ لم يَدْعُ إلى الرِّق ابتداءً - كما يُروِّج له المستشرقون - بل جاء الإسلامُ ونظام الرِّق قائماً مستقراً، فعمل من خلال تشريعاته وآدابه في تقليص هذا النظام، فبدأ بتجفيف منابعه، والتقليلِ من أعداد الأرِقَّاء الجدد، ثم عمل على تحرير الأرِقَّاء الواقعين تحت وطأة الرِّق من خلال عدَّة أحكام وإجراءات، ثم حثَّ على التعامل الطَّيِّب والمعاشرة الحسنة لهؤلاء الأرِقَّاء، وبهذه الإجراءات الحكيمة لم يُصادم الإسلام الواقعَ ولم يفتعل المشاكل التي قد تترتَّب على إلغائه جملة واحدة، وإنما عمد إلى حلولٍ واقعية، وبعد تطبيقها تقلَّص الرِّقُّ وكاد أن ينتهي تماماً.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله ...

(مسألة) ما هي الوسائل التي اتَّخذها الإسلام في تجفيف منابع الرِّق؟

من أهم وسائل الإسلام في تجفيف منابع الرِّق ما يلي:

الوسيلة الأولى: الترغيب في تحرير الرِّقاب:

رغَّبت الشريعة الإسلامية في تحرير الرقاب؛ حيث اعتبرته عملاً يُنقذ صاحبَه من النار، وذلك عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ). قال سَعِيدُ بنُ مَرْجَانَةَ: فَانْطَلَقْتُ بِهِ إلى عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، فَعَمَدَ عَلِيُّ بنُ حُسَيْنٍ - رضي الله عنهما - إلى عَبْدٍ لَهُ قَدْ أَعْطَاهُ بِهِ عبدُ اللَّهِ بنُ جَعْفَرٍ عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ أو أَلْفَ دِينَارٍ فَأَعْتَقَهُ[5].

 

قال المُهَلَّب - رحمه الله: (في هذا الحديث فضل العتق، وأنه من أرفع الأعمال، ومِمَّا يُنجِّي اللهُ به من النار، وفيه أنَّ المجازاة قد تكون من جِنس الأعمال، فجُوزيَ المُعتِق للعبد بالعتق من النار)[6].

أيها الإخوة الكرام .. هذا الحديث فيه لطيفةٌ بديعة، وهي أنه لمَّا أعتق أخاه من الرِّق، فكأنَّما أحياه، فكان الجزاء من جنس العمل، فضَمِنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم له البقاءَ والخلودَ في الجنة وعدم دخول النار.

 

وممَّا يدلُّ على أنَّ الحرية الممنوحة للمملوك تُعادِل الحياة:

ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ)[7]، فهذا الحديث جعل الشَّيء الوحيد الذي يُكافئ به الولدُ والديه هو أنْ يكونا مملوكين فيعتقهما، فإنْ كانا قد مَنَحاه الحياةَ ابتداءً، فقد أعادهما إلى الحياةِ بتحريرهما من الرِّق، وبهذا يتكافآن، وفي هذا دليلٌ على مدى احتفاء الإسلام بالحريَّة إذ جعلها مُعادِلة للحياة، ومَنْ فقد حُريَّته فَقَدْ فَقَدَ حياتَه.

 

الوسيلة الثانية: جُعِلت كفارةُ مَنْ لَطَم مملوكَه أنْ يُعتِقَه:

عن زَاذَانَ؛ أَنَّ ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما - دَعَا بِغُلاَمٍ لَهُ، فَرَأَى بِظَهْرِهِ أَثَرًا، فقال له: أَوْجَعْتُكَ؟ قال: لا. قال: فَأَنْتَ عَتِيقٌ. قال: ثُمَّ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ فقال: مَا لِي فِيهِ مِنَ الأَجْرِ مَا يَزِنُ هذا[8]، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ ضَرَبَ غُلاَمًا لَهُ، حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ[9]، أَوْ لَطَمَهُ، فَإِنَّ كَفَّارَتَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ)[10].

قال النووي - رحمه الله: (في هذا الحديث الرِّفقُ بالمماليك، وحُسْنُ صحبتِهم، وكفُّ الأذى عنهم، وأجمع المسلمون: على أنَّ عِتْقَه بهذا ليس واجباً، وإنَّما هو مندوب؛ رجاءَ كفارةِ ذنبِه فيه، إزالةَ إثمِ ظُلمِه)[11].

 

الوسيلة الثالثة: النهي عن استرقاق الأحرار ظلماً وعدواناً:

مَنْ صَيَّر حراً عبداً؛ فقد ارتكب جرماً عظيماً، يستحق فاعله أن يكون الله تعالى خصماً له يوم القيامة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قَالَ اللهُ تعالى: ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ)[12].

قال ابن بطال - رحمه الله: (إنما عَظُم الإثمُ فيمَنْ باع حرًّا؛ لأنَّ المسلمين أكفاء في الحرمة والذِّمة، وللمسلم على المسلم أن ينصره ولا يظلمه، وأن ينصحه ولا يُسلمه، وليس في الظلم أعظم من أن يستعبده أو يُعرِّضه لذلك، ومَنْ باع حُرًّا فقد مَنَعَه التصرف فيما أباح الله له، وألزمه حال الذِّلة والصَّغار، فهو ذنب عظيم، يُنازَعُ اللهُ به في عباده)[13].

 

الوسيلة الرابعة: تسوية الرَّقيق بغيره في كثير من الحقوق:

أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالرقيق خيراً، وأوجب معاملته بالحسنى، ونهى عن ظلمه، في غير ما موضع، ومن ذلك:

أ- قوله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، اسْقِ رَبَّكَ، وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي، مَوْلاَيَ، ولا يَقُلْ: أَحَدُكُمْ: عَبْدِي، أَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ، وَفَتَاتِي، وَغُلاَمِي)[14].

ب- وقوله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي؛ فَكُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: فَتَايَ، وَلاَ يَقُلْ الْعَبْدُ: رَبِّي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ سَيِّدِي)[15].

 

ففي الحديثين مراعاةٌ لمشاعر تلك الفئة الضعيفة وجَبرٌ لخاطرهم، بالإحسان إليهم في الكلام والتَّلطُّف بهم عند النداء، ومراعاةُ المشاعرِ والحرصُ عليها أدبٌ رفيع من آداب الإسلام في التعامل مع هذه الفئة الضعيفة؛ من أمثال الخدم في البيوت ونحوهم.

الدعاء ...



[1] رواه ابن المبارك في (مسنده)، (ص147)، (ح239)؛ وأحمد في (المسند)، (5/ 411)، (ح23536)؛ والطبراني في (الكبير)، (18/ 12)، (ح16) وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد)، (3/ 266): (رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح). وصححه الألباني في (السلسلة الصحيحة)، (6/ 203)، (ح2700).

[2] انظر: عناية السنة النبوية بحقوق الإنسان، سيد نور بن سيد علي النكهوري (ص16).

[3] بل النبي صلى الله عليه وسلم هو أعظم عظماء التاريخ بلا منازع، بأبي هو وأمي.

[4] قصة الحضارة، ول ديورانت، ترجمة: د. زكي نجيب محمود، (13/ 47).

[5] رواه البخاري، (2/ 891)، (ح2381)؛ ومسلم، (2/ 1148)، (ح1509).

[6] شرح صحيح البخاري، لابن بطال (7/ 34).

[7] رواه مسلم، (2/ 643)، (3872).

[8] معنى كلام ابن عمر: أنه ليس في إعتاقه أجرُ المُعتِق تبرعاً، وإنما عِتْقُه كفارةٌ لِضَربِه، وقيل: هو استثناء منقطع، وقيل: بل هو متصل، ومعناه: ما أعتقته إلاَّ لأني سمعتُ كذا. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، (11/ 128).

[9] (حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ): أي: جزاءً وعقوبةً، لم يفعل موجبه.

[10] رواه مسلم، (3/ 1279)، (ح1657).

[11] شرح النووي على صحيح مسلم، (11/ 127).

[12] رواه البخاري، (2/ 776)، (ح2114).

[13] شرح صحيح البخاري، لابن بطال (6/ 349).

[14] رواه البخاري، (2/ 901)، (ح2414)؛ ومسلم، (4/ 1765)، (ح2249).

[15] رواه مسلم، (4/ 1764)، (ح2249).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نبأ ابني آدم
  • واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق
  • مشروع إبليس في إغواء بني آدم عليه السلام
  • سيد ولد آدم (خطبة)
  • ولقد كرمنا بني آدم وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا
  • كل يوم هو في شأن (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قول الله تعالى: (ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني إسرائيل)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولقد آتينا داوود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • { ولقد كنتم تمنون الموت }(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب