• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغِيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

هل توقف الكرام الكاتبون؟

هل توقف الكرام الكاتبون؟
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/7/2017 ميلادي - 13/10/1438 هجري

الزيارات: 11568

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هل توقف الكرام الكاتبون؟


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِن أَسبَابِ نَجَاحِ أَقوَامٍ وَإِخفَاقِ آخَرِينَ، سَوَاءٌ في ذَلِكَ النَّجَاحُ الدُّنيَوِيُّ المُؤَقَّتُ، أَوِ النَّجَاحُ الأُخرَوِيُّ الدَّائِمُ المُؤَبَّدُ، تَيَقُّظُ المُوَفَّقِينَ وَانتِبَاهُهُم لِقِيمَةِ أَوقَاتِهِم، وَاستِدرَاكُهُم دَقَائِقَ سَاعَاتِهِم، وَحِفظُهُم أَزمَانَهُم وَأَعمَارَهُم. تَجِدُ المُخفِقِينَ في الصَّيفِ هُمُ المُخفِقِينَ في الشَّتَاءِ، وَالكسَالى في أَوقَاتِ العَمَلِ هُمُ الكُسَالى في أَوقَاتِ الفَرَاغِ، بَينَمَا يَبقَى الجَادُّونَ في أَوقَاتِ الدِّرَاسَةِ وَأَيَّامِ العَمَلِ وَالدَّوَامِ، هُمُ الجَادِّينَ في أَوقَاتِ الإِجَازَاتِ وَالفَرَاغِ. حَيَاةُ المُخفِقِينَ خُمُولٌ وَكَسَلٌ وَمَلَلٌ، وَحَيَاةُ النَّاجِحِينَ نَشَاطٌ وَبَذلٌ وَعَمَلٌ، وَنُفُوسُ المُخفِقِينَ تَقُودُهُم إِلى شَهَوَاتِهَا وَتَجذِبُهُم إِلى رَاحَاتِهَا، وَالنَّاجِحُونَ هُمُ الَّذِينَ يَقُودُونَ نُفُوسَهُم إِلى كُلِّ عُلُوٍّ وَمَجدٍ ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 37 - 41].


لَقَد وَعَى المُوَفَّقُونَ العُقَلاءُ أَنَّ الكَونَ بما فِيهِ وَمَن فِيهِ يَتَحَرَّكُ، وَأَنَّ كُلَّ شَيءٍ في الحَيَاةِ يَسِيرُ وَلا يَتَوَقَّفُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُم في حَاجَةٍ إِلى التَّقَدُمِ كُلَّمَا تَقَدَّمَ بِهِمُ العُمُرُ، وَالتَّغيُّرِ إِلى الأَحسَنِ وَسُلُوكِ الأَفضَلِ كُلَّمَا سَارَ بِهِمُ الزَّمَنُ، لِئَلاَّ يَتَأَخَّرُوا وَالنَّاسُ مِن حَولِهِم يَتَقَدَّمُونَ، وَيَرجِعُوا وَإِن ظَنُّوا أَنَّهُم وَاقِفُونَ، قَالَ ابنُ القَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ -: للهِ عَلَى العَبدِ في كُلِّ عُضوٍ مِن أَعضَائِهِ أَمرٌ وَلَهُ عَلَيهِ فِيهِ نَهيٌ، وَلَهُ فِيهِ نِعمَةٌ وَلَهُ بِهِ مَنفَعَةٌ وَلَذَّةٌ، فَإِن قَامَ للهِ في ذَلِكَ العُضوِ بِأَمرِهِ وَاجتَنَبَ فِيهِ نَهيَهُ، فَقَد أَدَّى شُكرَ نِعمَتِهِ عَلَيهِ فِيهِ، وَسَعَى في تَكمِيلِ انتِفَاعِهِ وَلَذَّتِهِ بِهِ، وَإِن عَطَّلَ أَمرَ اللهِ وَنَهيَهُ فِيهِ، عَطَّلَهُ اللهُ مِنِ انتِفَاعِهِ بِذَلِكَ العُضوِ، وَجَعَلَهُ مِن أَكبَرِ أَسبَابِ أَلَمِهِ وَمَضَرَّتِهِ، وَلَهُ عَلَيهِ في كُلِّ وَقتٍ مِن أَوقَاتِهِ عُبُودِيَّةٌ تُقَدِّمُهُ إِليهِ وَتُقَرِّبُهُ مِنهُ، فَإن شَغَلَ وَقتَهُ بِعُبُودِيَّةِ الوَقتِ تَقَدَّمَ إِلى رَبِّهِ، وَإِن شَغَلَهُ بِهَوًى أَو رَاحَةٍ وَبَطَالَةٍ تَأَخَّرَ، فَالعَبدُ لا يَزَالُ في تَقَدُّمٍ أَو تَأَخُّرٍ، وَلا وُقُوفَ عَلَى الطَّرِيقِ البَتَّةَ. قَالَ - تَعَالى -: ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ﴾ [المدثر: 37].


مُؤلِمٌ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - أَن تَمُرَّ بِالمُسلِمِينَ أَيَّامٌ وَلَيَالٍ قَد تَمتَدُّ إِلى أَشهُرٍ، يَظُنُّونَ فِيهَا أَنَّ الحَيَاةَ قَد تَبَاطَأَت، أَو أَنَّهُم قَد غُفِلَ عَنهُم وَتُرِكُوا، أَو أَنَّ الكِرَامَ الكَاتِبِينَ قَد تَوَقَّفُوا عَن كِتَابَةِ مَا يَفعَلُونَ، كَم نَرَى في سَنَوَاتِنَا المُتَأَخِّرَةِ وَخَاصَّةً في أَوقَاتِ العُطَلِ وَالإِجَازَاتِ مِن مُقَصِّرٍ في عِلاقَتِهِ بِرَبِّهِ، مُنشَغِلٍ عَن عِبَادَةِ مَولاهُ، مُتَّبِعٍ لِهَوَى نَفسِهِ، مَا بَينَ مُتَرَاخٍ عَنِ السُّنَنِ وَزَاهِدٍ في المُستَحَبَّاتِ، وَوَالِغٍ في المَكرُوهَاتِ مُتَهَاوُنٍ بِالمَنهِيَّاتِ، وَمُرتَكِبٍ لِبَعضِ الكَبَائِرِ وَالمُحَرَّمَاتِ، وَتَارِكٍ لأَركَانٍ وَشَعَائِرَ وَوَاجِبَاتٍ!! وَصَدَقَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إِذْ قَالَ: " نِعمَتَانِ مَغبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ. وَفي أَوقَاتِ الفَرَاغِ مِنَ الدِّرَاسَةِ وَخُلُوِّ الأَيدِي مِنَ الأَعمَالِ، وَتَوَفُّرِ السَّعَةِ في الوَقتِ وَرَاحَةِ البَدَنِ مِنَ المَشَاقِّ، وَالَّتي هِيَ الأَولَى بِالجِدِّ وَالاجتِهَادِ في عَمَلِ الآخِرَةِ، وَالتَّزَوُّدِ مِنَ الطَّاعَةِ وَالتَّقَرُّبِ إِلى اللهِ بِما يُحَقِّقُ رِضَاهُ، تَجِدُ الخُمُولَ وَالكَسَلَ، وَالعُكُوفَ عَلَى اللَّهوِ وَالإِغرَاقَ في اللَّعِبِ، وَطُولَ السَّمَرِ وَاعتِيَادَ السَّهَرِ، ثم الإِخلادَ إِلى الفُرُشِ في أَوقَاتٍ مُتَأَخَّرَةٍ، وَالاستِسلامَ لِلنَّومِ سَاعَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ، فَلا صَلاةَ في وَقتِهَا مَعَ جَمَاعَةٍ، وَلا قِيَامَ لَيلٍ وَلا صِيَامَ نَهَارٍ، وَلا دُعَاءَ وَلا ذِكرَ وَلا تِلاوَةَ قُرآنٍ، وَلا مُسَاهَمَةَ في خَيرٍ وَلا تَزَوُّدَ مِن بِرٍّ، فَأَيُّ غَبنٍ هُوَ شَرٌّ مِن هَذَا الغَبنِ، وَأَيُّ خَسَارَةٍ هِيَ أَشَدُّ مِن هَذِهِ الخَسَارَةِ؟!


لَقَد وُجِّهَ المُسلِمُ في الكِتَابِ وَالسُنَّةِ إِلى اغتِنَامِ فَرَاغِهِ قَبلَ شُغلِهِ، وَالنَّصَبِ في حَالِ صِحَّتِهِ وَالرَّغَبِ إِلى رَبِّهِ، وَإِذَا هُوَ لم يَتَمَكَّنْ في مِثلِ هَذِهِ الأَوقَاتِ مِنِ استِغلالِهَا فِيمَا يَنفَعُهُ، فَمَتَى تُرَاهُ يَستَثمِرُ عُمُرَهُ في طَاعَةِ اللهِ؟! وَمَتَى تُرَاهُ يَكُونُ عَبدًا رَبَّانِيًّا يَستَنفِدُ أَجَلَهُ في مَرضَاةِ مَولاهُ؟! قَالَ - تَعَالى - لِنَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ [الشرح: 7، 8] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: "اِغتَنِمْ خَمسًا قَبلَ خَمسٍ: شَبَابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ " رَوَاهُ الحَاكِمُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.


وَإِذَا كَانَ المَرءُ يَنشَغِلُ بِالدِّرَاسَةِ وَالعَمَلِ وَطَلَبِ الدُّنيَا وَالتَّكَثُّرِ مِن حُطَامِهَا في أَغلَبِ عَامِهِ، فَإِذَا جَاءَتِ الإِجَازَةُ تَفَرَّغَ لِلتَّرفِيهِ وَالسَّفَرِ وَتَزجِيَةِ الوَقتِ وَتَضيِيعِهِ، فَمَتَى تُرَاهُ يَأخُذُ بِنَصِيبِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ أَو يَستَكثِرُ مِنَ القُرُبَاتِ؟! إِنَّ كَونَ أَعمَالِ المَرءِ في إِجَازَتِهِ لا تَخرُجُ عَن إِمتَاعِ نَفسِهِ، مَعَ الغَفلَةِ عَنِ الوَاجِبَاتِ وَالنَّومِ عَنِ الصَّلَوَاتِ وَهَجرِ الجَمَاعَاتِ، إِنَّ هَذَا لَمِن أَشَدِّ الظُّلمِ لِلنَّفسِ وَالهَضمِ لَهَا وَتَدسِيَتِهَا، وَالحَقُّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى المُسلِمِ تَعوِيدُ نَفسِهِ عَلَيهِ في كُلِّ زَمَانٍ، وَتَروِيضُهَا عَلَى سُلُوكِهِ وَالاستِقَامَةِ عَلَيهِ، هُوَ تَهذِيبُهَا وَتَأدِيبُهَا وَالأَخذُ بِزِمَامِهَا، وَأَطرُهَا عَلَى العِبَادَةِ وَالأَعمَالِ الصَّالِحَةِ، وَتَربِيَتُهَا عَلَى أَنَّ الرَّاحَةِ إِنَّمَا تَكُونُ في مُمَارَسَةِ مَا يُحِبُّهُ اللهُ لا في تَركِهِ.


وَإِنَّ بَينَ يَدَيِ العَبدِ في إِجَازَتِهِ أَعمَالاً كَثِيرَةً يَستَطِيعُ بها أَن يَستَدرِكَ مَا فَاتَهُ مِن مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ وَأَوقَاتِهَا خِلالَ أَيَّامِ الدِّرَاسَةِ أَو سَاعَاتِ العَمَلِ الوَظِيفِيِّ، قِرَاءَةً لِلقُرآنِ، وَصِيَامًا وَقِيَامًا، وَصَلاةَ ضُحًى وَرِبَاطًا في المَسَاجِدِ لانتِظَارِ الصَّلَوَاتِ أَو حُضُورِ مَجَالِسِ العِلمِ، وَدَعوَةً إِلى اللهِ وَأَمرًا بِالمَعرُوفِ وَنَهيًا عَنِ المُنكَرِ، وَزِيَارَةً لِلأَقَارِبِ وَصِلَةً لِلأَرحَامِ، فَإِن هُوَ لم يَستَطِعْ شَيئًا مِنَ السُّنَنِ وَالمُستَحَبَّاتِ، فَلا عُذرَ لَهُ لِيَترُكَ الوَاجِبَاتِ أَو يَرتَكِبَ المُوبِقَاتِ، أَو يَترُكَ الصَّلَوَاتِ وَيَهجُرَ الجَمَاعَاتِ، كَمَا هُوَ حَاصِلٌ في أَيَّامِنَا هَذِهِ، عَن طَلحَةَ بنِ عُبَيدِاللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِن أَهلِ نَجدٍ ثَائِرُ الرَّأسِ، يُسمَعُ دَوِيُّ صَوتِهِ وَلا يُفقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسأَلُ عَنِ الإِسلامِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " خَمسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ وَاللَّيلَةِ " فَقَالَ: هَل عَلَيَّ غَيرُهَا؟ قَالَ: " لا إِلاَّ أَن تَطَوَّعَ " قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " وَصِيَامُ رَمَضَانَ " قَالَ: هَل عَلَيَّ غَيرُهُ؟ قَالَ: " لا إِلاَّ أَن تَطَوَّعَ " قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - الزَّكَاةَ، قَالَ: هَل عَلَيَّ غَيرُهَا؟! قَالَ: " لا إِلاَّ أَن تَطَوَّعَ " قَالَ: فَأَدبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أَنقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَفلَحَ إِن صَدَقَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَفي قَولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَفلَحَ إِن صَدَقَ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَن لم يَصدُقْ في العَهدِ، وَقَصَّرَ في الأَركَانِ وَتَرَكَ الوَاجِبَاتِ المُتَحَتِّمَاتِ، وَالَّتِي أَهَمُّهَا وَأَزكَاهَا وَعَمُودُهَا الصَّلاةُ، فَقَد خَابَ وَخَسِرَ، وَقَد جَاءَ التَّصرِيحُ بِذَلِكَ في الحَدِيثِ الآخَرِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَالنَّسَائيُّ وَابنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبدُ يَومَ القِيَامَةِ مِن عَمَلِهِ الصَّلاةُ، فَإِن صَلَحَت فَقَد أَفلَحَ وَأَنجَحَ، وَإِن فَسَدَت فَقَد خَابَ وَخَسِرَ، وَإِنِ انتَقَصَ مِن فَرِيضَتِهِ قَالَ الرَّبُّ: انظُرُوا هَل لِعَبدِي مِن تَطَوُّعٍ؟ فَيُكمَلُ بها مَا انتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثم يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ جَمِيعًا.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَغتَنِمْ أَوقَاتَ فَرَاغِنَا فِيمَا يُقَرِّبُنَا إِلى رَبِّنَا ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 77، 78].

♦ ♦ ♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَلا تَنسَوهُ ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الحشر: 18، 19].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَيسَ كَونُ المُسلِمِ في إِجَازَةٍ مِنَ الأَعمَالِ أَوِ الدِّرَاسَةِ بِمُسَوِّغٍ لَهُ أَن يُعطِيَ نَفسَهُ إِجَازَةً مِن عَمَلِ الآخِرَةِ، فَإِنَّ عَمَلَ الآخِرَةِ لا نِهَايَةَ لَهُ إِلاَّ المَوتُ، صَحِيحٌ أَنَّهَا قَد تَمُرُّ بِالمَرءِ أَوقَاتٌ يَفتُرُ فِيهَا أَو يَضعُفُ قَلِيلاً، لَكِنَّ الضَّعفَ لا يَجُوزُ أَن يَتَجَاوَزَ إِلى المَأمُورَاتِ فَتُترَكَ، أَوِ إِلى المَنهِيَّاتِ فَتُؤتَى، فَتِلكَ حُدُودٌ لا تُعتَدَى وَلا تُنتَهَكُ، وَلَيسَ مِن عَلامَاتِ الخَيرِ وَلا أَمَارَاتِ التَّوفِيقِ أَن يُتبِعَ المَرءُ نَشَاطَهُ في العِبَادَةِ في مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ كَرَمَضَانَ وَغَيرِهِ، بِالتَّرَاجُعِ وَالتَّفَلُّتِ، رَوَى ابنُ حِبَّانَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَن عَبدِاللهِ بنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ، وَلِكُلِّ شِرَّةٌ فَترَةٌ، فَمَن كَانَت فَترَتُهُ إِلى سُنَّتي فَقَدِ اهتَدَى، وَمَن كَانَت فَترَتُهُ إِلى غَيرِ ذَلِكَ فَقَد هَلَكَ " فَالحَذَرَ الحَذَرَ - عِبَادَ اللهِ - مِنَ الفَتَرَاتِ المُهلِكَةِ، وَعَلَيكُم بِالصَّبرِ وَالتَّوَاصِي بِالحَقِّ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى، وَلْيَشُدَّ بَعضُنَا عَلَى يَدِ بَعضٍ، وَلْيَتَفَقَّدْ كُلٌّ مِنَّا مَن يَلِيهِ، وَلْيَأمُرْ بِالمَعرُوفِ مَن حَولَهُ، وَلْيَنهَ عَنِ المُنكَرِ مَن رَآهُ عَلَيهِ، فَتِلكَ سَبِيلُ النَّجَاةِ وَالفَلاحِ ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3] ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 71، 72].


اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبِن وَالبُخلِ وَالهَرَمِ وَعَذَابِ القَبرِ، اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنتَ خَيرُ مَن زَكَّاهَا، أَنتَ وَلِيُّهَا وَمَولاهَا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإيمان بالكرام الكاتبين

مختارات من الشبكة

  • تأملات في كلمة الوقوف أو التوقف(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • هل توقف الكاتب عن القراءة؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مختارات من كتاب الإسلام: في بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام(كتاب - موقع الشيخ عبدالرحمن بن حماد آل عمر)
  • صدر حديثاً كتاب (حملة القرآن من الصحابة الكرام) للدكتور سيد ساداتي الشنقيطي حفظه الله(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • تحفة الكرام بوسائل صناعة العقل في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حيي الكرام (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إتحاف الكرام بشرح لامية شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (ت 728 هـ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إفادة الكرام بذكر بعض الآداب مع الوالدين في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بدر التمام في تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة الكرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف الكرام بمشجرة الصيام (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب