• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الحديث: أنه سئل عن الرجل يطلق ثم يراجع ولا يشهد؟
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    خطبة مختصرة عن أيام التشريق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    قالوا عن "صحيح البخاري"
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (12)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    عشر أيام = حياة جديدة
    محمد أبو عطية
  •  
    من مائدة الحديث: فضل التفقه في الدين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    خطبة: وسائل السلامة في الحج وسبل الوقاية من ...
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

أحاديث رجم الزاني المحصن

د. محمد بن علي بن جميل المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/7/2017 ميلادي - 7/10/1438 هجري

الزيارات: 224834

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة الرد المفصل على الطاعنين في أحاديث صحيح البخاري (5)

أحاديث رجم الزاني المحصن

 

روى البخاري في صحيحه وغيره من المحدثين عدة أحاديث في رجم الزاني المحصن، وزعم بعض أهل الأهواء أنَّ حدَّ الزاني هو الجلد، سواء كان بكراً أو ثيباً؛ بحجة أن المذكور في القرآن هو الجلد لا الرجم!

 

والجواب الشافي عن هذه الشبهة أن في القرآن إشارة إلى حد الرجم ولكن الطاعنين في السنة كما يجهلون السنة النبوية فهم أيضا يجهلون تفسير القرآن الكريم، وبيان ذلك فيما يلي:

روى البخاري (3635)، ومسلم (1699) في صحيحيهما من طريق الإمام مالك بن أنس عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ((أنَّ اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟»، فقالوا: نفضحهم ويجلدون، فقال عبد الله بن سلام: كذبتم إنَّ فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم؛ فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما، قال عبد الله: فرأيت الرجل يجنأ على المرأة يقيها الحجارة)).

 

قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/ 370): "قوله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ ﴾ [المائدة: 15] لم يبين هنا شيئاً من ذلك الكثير الذي يبينه لهم الرسول صلى الله عليه وسلم مما كانوا يخفون من الكتاب، يعني: التوراة والإنجيل، وبين كثيراً منه في مواضع أخر، فمما كانوا يخفون من أحكام التوراة رجم الزاني المحصن، وبينه القرآن في قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [آل عمران:23] ".

 

وقال أيضاً (1/ 403 - 404): "قوله تعالى: ﴿ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ﴾ [المائدة: 41] في هذه الآية الكريمة إجمال; لأن المشار إليه بقوله: (هذا)، مفسر الضمير في قوله: (فخذوه)، وقوله: (لم تؤتوه)، لم يصرح به في الآية ولكن الله أشار له هنا، وذكره في موضع آخر، اعلم أولاً أن هذه الآية نزلت في اليهودي واليهودية اللذين زنيا بعد الإحصان، وكان اليهود قد بدلوا حكم الرجم في التوراة، فتعمدوا تحريف كتاب الله، واصطلحوا فيما بينهم على أن الزاني المحصن الذي يعلمون أن حده في كتاب الله التوراة: الرجم، أنهم يجلدونه ويفضحونه بتسويد الوجه، والإركاب على حمار، فلما زنى المذكوران قالوا فيما بينهم: تعالوا نتحاكم إلى محمد صلى الله عليه وسلم في شأن حَدِّهما، فإنَّ حكم بالجلد والتحميم فخذوا عنه ذلك واجعلوه حجة بينكم وبين الله تعالى، ويكون نبي من أنبياء الله قد حكم فيهما بذلك، وإن حكم بالرجم فلا تتبعوه، فإذا عرفت ذلك فاعلم أن المراد بقوله: (هذا)، وقوله: (فخذوه)، وقوله: (وإن لم تؤتوه)، هو الحكم المحرَّف الذي هو الجلد والتحميم كما بينا، وأشار إلى ذلك هنا بقوله: ﴿ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا ﴾ [المائدة:41]، يعني المحرَّف والمبدَّل الذي هو الجلد والتحميم ﴿ فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ ﴾ [المائدة: 41] بأن حَكَم بالحق الذي هو الرجم ﴿ فَاحْذَرُوا ﴾ [المائدة: 41] أن تقبلوه، وذكر تعالى هذا أيضاً في قوله:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ﴾ [آل عمران: 23]، يعني: التوراة ليحكم بينهم، يعني: في شأن الزانيين المذكورين، ﴿ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [آل عمران:23]، أي: عما في التوراة من حكم رجم الزاني المحصن، وقوله هنا: ﴿ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [آل عمران:23] هو معنى قوله عنهم: ﴿ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ﴾ [المائدة: 41]".

 

وقال العلامة الشنقيطي أيضاً في تفسيره: "اعلم أن رجم الزانيين المحصنين دلت عليه آيتان من كتاب الله، إحداهما نسخت تلاوتها، وبقي حكمها، والثانية: باقية التلاوة والحكم، أما التي نسخت تلاوتها، وبقي حكمها فهي قوله تعالى: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، وكون الرجم ثابتا بالقرآن ثابت في الصحيح، فروى البخاري (6830) ومسلم (1691) في صحيحيهما من طريق ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس وقال في خطبته: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها، وعقلناها، ووعيناها، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى، إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، وفيه: أن الرجم نزل في القرآن في آية من كتاب الله، وكونها لم تقرأ في الصحف، يدل على نسخ تلاوتها، مع بقاء حكمها".

 

فآية الرجم المقصود منها إثبات حكمها، لا التعبد بها، ولا تلاوتها، فأُنزلت وقرأها الناس، وفهموا منها حكم الرجم، فلما تقرر ذلك في نفوسهم نسخ الله تلاوتها، والتعبد بها، وأبقى حكمها الذي هو المقصود.

فالرجم ثابت في القرآن، وما ثبت في صحيح البخاري (6812) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين رجم شراحة بنت مالك الهمدانية في خلافته وقال: «رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم»، لا ينافي ذلك; لأن السنة هي التي بينت أنَّ حكم آية الرجم باق بعد نسخ تلاوتها، فصار حكمها من هذه الجهة، فإنه ثابت بالسنة.

 

وأما الآية التي هي باقية التلاوة والحكم، فهي قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [آل عمران:23]، على القول بأنها نزلت في رجم اليهوديين الزانيين بعد الإحصان، وقد رجمهما النبي صلى الله عليه وسلم، وقصة رجمه لهما مشهورة ثابتة في الصحيح، وعليه فقوله: ﴿ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ أي: عما في التوراة من حكم الرجم، وذم المعرض عن الرجم في هذه الآية يدل على أنه ثابت في شرعنا، فدلت الآية على هذا القول أن الرجم ثابت في شرعنا، وهي آية باقية التلاوة" انتهى من أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي (5/ 368 - 372) باختصار وتصرف.

 

وتوجد آية ثالثة أخرى تدل على إثبات حد الرجم غير ما ذكره العلامة الشنقيطي، وهي قوله تعالى:﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 49، 50]، قال الإمام ابن الجوزي في كتابه زاد المسير في علم التفسير(1/ 556): "قوله تعالى: ﴿ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ ﴾ [المائدة: 49] أي: يصرفوك ﴿ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [المائدة: 49]، فيه قولان: أحدهما: أنه الرجم؛ قاله ابن عباس، والثاني: شأن القصاص والدماء؛ قاله مقاتل".

 

وقد يقول قائل: لماذا لم تُذكر آية الرجم بصراحة في كتاب الله؟!

فالجواب: أنه لا يجوز رد الحق بكونه لم يذكر في القرآن، فكثير من الأحكام المجمع عليها لم تذكر في القرآن كعدد ركعات الصلوات وتقدير نصاب الزكاة وقدر ما يخرج منها وتحريم الجمع بين المرأة وخالتها أو عمتها وغير ذلك من الأحكام التي لم تذكر في القرآن الكريم وذكرت في السنة النبوية بالتفصيل، ومع ذلك نقول: الله أحكم الحاكمين، ولا بد أن يكون لعدم التصريح بذكر حد رجم الزاني المحصن في القرآن حكمة سواء علمناها أو لم نعلمها، وقد قال بعض العلماء: إن الحكمة من ذلك بيان تفضيل أمة محمد صلى الله عليه وسلم على اليهود الذين لم يقبلوا العمل بهذا الحد مع وجوده في كتابهم صريحا، فقبلت هذه الأمة هذا الحد الشديد مع عدم وجوده صريحا في كتاب الله، وإنما وجد في آية نسخ لفظها، وبقيت الإشارة إليه في آية أخرى ليست صريحة، ومع ذلك عملت به الأمة، اتباعا لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الذي بين ذلك الحد بيانا شافيا، ولا شك أن العمل بالأمر مع عدم وضوح الأمر به أعظم في التعبد والانقياد والابتلاء، كما أمر الله نبيه إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم أن يذبح ابنه إسماعيل صلى الله عليه وسلم برؤيا، فلم يكن الأمر مباشرا، وهذا أعظم في البلاء، وأعظم في الانقياد والاستسلام، والله أعلم، والتسليم بشرعه أسلم.

 

وقفتان للتأمل:

الوقفة الأولى: نقول لمن يرد حد الرجم من اليهود والنصارى: حد رجم الزاني مذكور في التوراة، ففي سفر التثنية الإصحاح (22) الفقرات من (13 - 21) (إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَحِينَ دَخَلَ عَلَيْهَا أَبْغَضَهَا، وَنَسَبَ إِلَيْهَا أَسْبَابَ كَلاَمٍ، وَأَشَاعَ عَنْهَا اسْمًا رَدِيًّا، وَقَالَ: هذِهِ الْمَرْأَةُ اتَّخَذْتُهَا وَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا لَمْ أَجِدْ لَهَا عُذْرَةً. يَأْخُذُ الْفَتَاةَ أَبُوهَا وَأُمُّهَا وَيُخْرِجَانِ عَلاَمَةَ عُذْرَتِهَا إِلَى شُيُوخِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَابِ، وَيَقُولُ أَبُو الْفَتَاةِ لِلشُّيُوخِ: أَعْطَيْتُ هذَا الرَّجُلَ ابْنَتِي زَوْجَةً فَأَبْغَضَهَا. وَهَا هُوَ قَدْ جَعَلَ أَسْبَابَ كَلاَمٍ قَائِلاً: لَمْ أَجِدْ لِبِنْتِكَ عُذْرَةً. وَهذِهِ عَلاَمَةُ عُذْرَةِ ابْنَتِي. وَيَبْسُطَانِ الثَّوْبَ أَمَامَ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ. فَيَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ الرَّجُلَ وَيُؤَدِّبُونَهُ وَيُغْرِمُونَهُ بِمِئَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَيُعْطُونَهَا لأَبِي الْفَتَاةِ، لأَنَّهُ أَشَاعَ اسْمًا رَدِيًّا عَنْ عَذْرَاءَ مِنْ إِسْرَائِيلَ. فَتَكُونُ لَهُ زَوْجَةً. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ هذَا الأَمْرُ صَحِيحًا، لَمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلْفَتَاةِ. يُخْرِجُونَ الْفَتَاةَ إِلَى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ)، واليهود يؤمنون بالتوراة، وكذلك النصارى يؤمنون بها ويسمونها العهد القديم، ويجعلونها مع الإنجيل في كتاب واحد يسمونه الكتاب المقدس، فليخسأ كل يهودي أو نصراني يطعن في هذا الحكم الشرعي وهو في كتابه الذي يدَّعي الإيمان به، وننبه على أن ثبوت آية الرجم في التوراة لا يعني عدم تحريفها.

 

الوقفة الثانية: نقول لمن يرد حد رجم الزاني المحصن وهو من المسلمين:

ألا تعلم - أيها المسلم - أن عذاب الله في الآخرة أشد من هذا الرجم؟! أو تريد أن تقول: إن عذاب الله لمن عصاه وكفر به في نار جهنم وتقليب وجوههم في النار وشويها وسقيهم من الحميم الذي يقطع الأمعاء وحشية وفيه انتهاك لحقوق الإنسان؟!

 

ثم ألا تعلم - يا أخي مسلم - أن أكثر الذين تريد أن ترضيهم بإنكار حد الرجم لا يرضون بحد الجلد أصلا؟! بل لا يعتبرون الزنا جريمة تستحق العذاب إن حصل برضا الطرفين؟!

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران:100-101].

 

وفيما ذكرنا كفاية لمن كتب الله له الهداية، ولكن نزيد المسألة بسطاً؛ بياناً للحق وكشفاً للشبهات، ولتستبين سبيل المجرمين فنقول:

جريمة الزنا هي من أقذر الجرائم، وقد أنكرها كل دين، بل وأنكرها العقلاء من الناس؛ وذلك لما فيها من عدوان على حقوق الأزواج، ومن اختلاط للأنساب، وحل لروابط الأسرة، وقتل لما في قلوب الآباء من عطف وحنان على الأولاد إذا شكوا في كون هؤلاء الأولاد منهم.

 

فالإسلام حارب هذه الجريمة البشعة بهذه العقوبة الرادعة: الرجم للمحصن، والجلد مع التغريب لمدة سنة لغير المحصن، قال الله تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور:2].

 

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) رواه مسلم في صحيحه (1690) وأحمد بن حنبل في مسنده (22666) وأبو داود (4416)، والترمذي (1434)، وابن ماجه (2550)، وابن حبان (4425)، وغيرهم بالأسانيد المشهورة التي حفظها العلماء جيلا بعد جيل.

 

ومعنى الحديث أنه إذا زنى رجل بامرأة وهما بكران أي: لم يتزوجا من قبل فعقوبتهما جلد مائة، وتغريب عام من ذلك البلد الذي زنيا فيه، وإذا كانا ثيبين أي: سبق أن تزوجا فعقوبتهما جلد مائة ثم الرجم.

 

هذا وليعلم أن النظام الإسلامي كل متكامل لا تفهم جزئياته إلا في نسق واحد، فالإسلام قد حرم النظر إلى النساء الأجنبيات، ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور:30-31].

 

وأمر الله النساء ألا يُظهرن الزينة إلا للأزواج أو الأقارب الذين لا يخُشى منهم فتنة، ﴿ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور:31].

 

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يختلي رجل بامرأة، ففي الصحيحين عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم)).

 

وحرَّم النبي صلى الله عليه وسلم أن يمس الرجل امرأة لا تحل له، فعن معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لأن يُطعن في رأس رجل بِمخْيَط [إبرة] من حديد، خير له من أن يمس امرأة لا تحل له)). رواه الطبراني في الكبير (486)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5045).

 

والإسلام حض الرجال على إخراج هذه الشهوة بالزواج، قال الله تعالى: ﴿ وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور:32-33].

 

ورخّص الله للرجل أن يتزوج بامرأة واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع بشرط أن يملك النفقة عليهن، ويستطيع العدل بينهن، قال الله: ﴿ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ﴾ [النساء:3].

 

وحث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على عدم المغالاة في المهور، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((خير النكاح أيسره)). رواه أبوداود (2117)، وصححه الألباني.

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)) رواه الترمذي (1084)، وصححه الألباني.

 

وهذه الجريمة لا تحصل في المجتمع المسلم الذي تسوده الفضيلة إلا بعد تدبير عظيم من كلا الطرفين يدل على إجرامهما وفسادهما.

وقد وضعت الشريعة شروطاً من الصعب جداً توافرها قبل إيقاع العقوبة، فإن لم تتوافر هذه الشروط مجتمعة لا يقام الحد على صاحب الجريمة جلداً كان أو رجماً، فهذه الجريمة لا تثبت إلا بشهادة أربعة شهود عدول يشهدون عند القاضي أنهم رأوا الرجل والمرأة يزنيان، قال الله تعالى: ﴿ لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾ [النور:13].

 

وقد فرضت الشريعة عقوبة الجلد ثمانين جلدة على من قذف رجلاً عفيفاً أو امرأة عفيفة بالزنا ثم لم يأت بأربعة شهداء، قال الله: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور:4].

 

حتى لو شهد ثلاثة على رجل أو امرأة بالزنا، وذكروا أنهم رأوا منهما الزنا بلا خفاء، فإن هؤلاء الشهود الثلاثة يجلدون، ويَسلم الرجل والمرأة من حد الزنا؛ لكون الشهود لم يكونوا أربعة!

 

وقد قرر الفقهاء أنَّ الزاني إذا تاب قبل القدرة عليه، فإن التوبة تُسْقِط عنه الحد، وإذا رجع عن إقراره وكذَّب نفسه لم يُقم عليه الحد، وإذا اختلف الشهود في وصف الحادثة يسقط الحد عن المتهمين بالزنا ويجلد الشهود حد القذف!! بل لو أقر رجل بأنه زنى بامرأة وسمّاها، فإنه يُقام الحد عليه وحده، ولا يقام على تلك المرأة إلا إذا أقرت!

 

ومن القواعد الشرعية المعروفة: «ادرءوا الحدود بالشبهات»، فأي شبهة فإنها تكون في صالح المتهم، ويجب على القاضي أن يسقط الحد عن الرجل أو المرأة بأدنى شبهة.

 

وقد رغَّبت الشريعة الإسلامية في الستر على عورات المسلمين، وإمساك الألسنة عن ذكر الفاحشة إن وقعت، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور:19].

 

وحين أقر ماعز الأسلمي رضي الله عنه بالزنا لم يستعجل النبي صلى الله عليه وسلم في رجمه، بل حرص على أن يجد أي مسوغ لمنع إقامة الحد عليه، وعاتب الرجل الذي حثه على الإقرار وتمنى أنه ستره، فعن نعيم بن هزال رضي الله عنهما عن أبيه ((أنَّ ماعزاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات، فأمر برجمه، وقال لهزال: لو سترته بثوبك كان خيراً لك)). رواه أبوداود (4377)، وهو في السلسلة الصحيحة (3460).

 

فهل بعد هذا كله يُقال: إنَّ جلد الزاني غير المحصن، ورجم الزاني المحصن يُنافي رحمة الشريعة وحكمتها؟!

ماذا يبقى للإنسان من آدميته وكرامته إذا تُركت هذه الفاحشة يُعلن بها أمراض القلوب من غير استحياء، ثم لا يمنعهم أحد من هذه الفاحشة؟! إن من يتجرأ على هذه الفعلة الشنيعة، ثم افتضح حاله حتى يراه هذا العدد في ذلك الوضع؛ لهو إنسان مفسد ضال مضل، ولو لم يتم بتره أو تربيته فإنه يشكل خطراً عظيماً على المجتمع كله.

 

وبعض الناس قد يقول: ما هي حكمة الشريعة في جعل عقوبة الزاني غير المحصن جلد مائة وتغريب عام، وجعل عقوبة الزاني المحصن الرجم بالحجارة؟!

والجواب: أن الشريعة وضعت عقوبة الجلد على أساس محاربة الدوافع التي تدعو للجريمة بالدوافع التي تصرف عن الجريمة، فالذي يدعو الزاني للزنا هو اشتهاء اللذة والاستمتاع بالنشوة التي تصحبها، والدافع الذي يصرف الإنسان عن هذه اللذة المحرمة هو الألم، فالشريعة حينما جعلت عقوبة الجلد للزاني غير المحصن لم تضعها اعتباطاً، وإنما وضعتها على أساس من طبيعة الإنسان، وفهم لنفسيته وعقليته.

 

والشريعة الإسلامية حينما قررت عقوبة الجلد للزنا دفعت العوامل النفسية التي تدعو للزنا بعوامل نفسية مضادة تصرف عن الزنا، فإذا ارتكب الزاني غير المحصن الزنا وجلد، ففيما يصيبه من ألم الجلد ما ينسيه اللذة، ويحمله على عدم التفكير فيها مرة أخرى.

 

بالإضافة إلى أن الزاني غير المحصن يُغرَّب من بلده الذي زنى فيه إلى بلد آخر لمدة سنة، وذلك للتمهيد لنسيان الجريمة بأسرع ما يمكن، ولأن إبعاد المجرم من مكان الجريمة يجنبه مضايقات كثيرة، والإبعاد يهيء له أن يحيا حياة كريمة من جديد، وأن يتوب إلى الله في غربته، ثم يأتي إلى الناس بوجه جديد.

 

ووضعت الشريعة عقوبة الرجم للزاني المحصن على نفس الأساس الذي وضعت عليه عقوبة الجلد للزاني غير المحصن، ولكن شددت عقوبة المحصن للإحصان؛ لأن الإحصان يصرف الشخص عادة عن التفكير في الزنا، فإن فكر فيه بعد ذلك فإنما يدل ذلك على قوة اشتهائه للَّذة المحرمة، وشدة اندفاعه لهذه الجريمة البشعة، فناسب أن توضع له عقوبة غليظة جداً بحيث إذا فكر في هذه اللذة المحرمة، وذكر معها العقوبة التي يستحقها شرعاً؛ تغلب التفكير في الألم الذي يصيبه من العقوبة على التفكير في اللذة التي يصيبها من الجريمة.

 

إن الزاني المحصن مثَلٌ سيء لغيره من المحصنين، وليس للمثل السيء في الشريعة حق البقاء، فإن بقاءه في المجتمع ضرر محض، وقتله رحمة بالمجتمع كما يقطع العضو المصاب بالسرطان رحمة بالبدن.

 

فالشريعة الإسلامية تقوم على الفضيلة المطلقة، وتحرص على الأخلاق والأعراض والأنساب من التلوث والاختلاط، وهي توجب على الإنسان أن يجاهد شهوته ولا يستجيب لها إلا من طريق الحلال، وأوجبت عليه إذا استطاع الزواج أن يتزوج حتى لا يُعرِّض نفسه للفتنة أو يُحَمِّلها ما لا تطيق، فإذا لم يتزوج وغلبته الشهوات على عقله ودينه وعزيمته فعقابه أن يجلد مائة جلدة، وشفيعه في عدم رجمه تأخيره في الزواج الذي أدى به إلى الجريمة.

 

أما إذا تزوج فأحصن فقد حرصت الشريعة ألا تجعل له بعد الإحصان سبيلاً إلى الجريمة، فلم تجعل الزواج أبدياً حتى لا يقع في الجريمة أحد الزوجين إذا فسد ما بينهما، فأباحت للزوج الطلاق، وأباحت للزوجة الخلع، وهو طلب الطلاق مقابل مال تعطيه زوجها، وأباحت كذلك للزوجة أن تطلب الفسخ لغيبة الزوج الطويلة أو مرضه أو إعساره أو لأي ضرر يلحقها في بقائها معه، وهكذا أباحت للزوج أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة على أن يعدل بينهن.

 

وبهذا فتحت الشريعة للمحصن كل أبواب الحلال، وأغلقت دونه باب الحرام، فإذا زنى مع هذا فلا وجه لتخفيف العقوبة عنه، وموته خير له حتى لا يزداد إثماً إلى إثمه، وخير للمجتمع ليسلم من شره.

 

وأخيراً: كم عدد المرات التي أُقيم فيها حد الرجم؟!

أعداء الشريعة المنفرون من تطبيق الحدود يوهمون الناس أن الشريعة ما هي إلا مجرد تطبيق حد الجلد والرجم، مع أن المتتبع للتاريخ الإسلامي القديم والمعاصر لا يجد هذه العقوبة قد نفذت حال تنفيذ العقوبات إلا في أعداد محدودة جداً، فإن الشريعة ضيقت جداً في إثبات الزنا، فلم تجعله يثبت إلا بالإقرار أو بشهادة أربعة عدول يشهدون أنهم رأوا الرجل والمرأة يزنيان، حتى لو رأوهما مضطجعين على فراش واحد فإن هذا لا يثبت جريمة الزنا، فيعزران على فعلهما هذا، ولا يطبق عليهما حد الزنا إلا إذا اعترفا أو شهد الأربعة الشهود بالزنا الواضح الذي لا لبس فيه، وهذا من أصعب الأشياء، ولهذا لم يثبت حد الزنا على أحد بشهادة أربعة شهود من أول الإسلام إلى زماننا هذا إلا نادراً جداً، ويحصل بتشريع هذا الحد وتنفيذه الأمن والاستقرار للمجتمع، وإن لم تتوافر شروط إقامة الحد على أحد من الزناة.

 

قال المطيعي رحمه الله: "الجريمة إذا ارتُكِبت في غير إعلان يجب الاستمرار في سترها، ومنع كشفها، وهذا تضييق للعقاب، وجعله رمزاً مانعاً، بدل أن يكون عاماً جامعاً ". تتمة المجموع (22/ 193).

 

وبهذا يتبين أن حد رجم الزاني المحصن أو جلد الزاني غير المحصن لا ينافي النقل ولا العقل، فالله الحكيم الرحيم هو الذي شرع هذا الحد رحمة بعباده ومصلحة لهم.

 

وللاستزادة في هذا الموضوع ينظر كتاب: التشريع الجنائي الإسلامي للعلامة عبد القادر عودة رحمه الله (1/ 636)، وما بعدها، و(2/ 346) وما بعدها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ( حد الزاني والقذف والسرقة ) من بلوغ المرام
  • مسألة: تحريم الزانية على الزاني وغيره حتى تتوب وتنقضي عدتها
  • شروط رجم الزاني

مختارات من الشبكة

  • شرح حديث أبي هريرة في رجم الزاني المحصن(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • نقد النقد الحديثي المتجه إلى أحاديث صحيح الإمام البخاري: دراسة تأصيلية لعلم (نقد النقد الحديثي) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بلغة الأخيار من أحاديث الأذكار: أحاديث الأذكار المتكررة يوميا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح الحديث الخامس من أحاديث الأربعين النووية (حديث النهي عن البدع)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تخريج ودراسة تسعة أحاديث من جامع الترمذي من الحديث (2995) إلى الحديث (3005) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تعليم أحاديث رسول الله للأطفال ( 5 أحاديث هامة ) (3)(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • مخطوطة مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا ( تخريج أحاديث الشفا في تعريف حقوق المصطفى )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أحاديث منتقاة من أحاديث أشراط الساعة الكبرى(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • حديث: ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • شرح حديث عمران بن حصين في رجم المرأة الجهنية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/12/1446هـ - الساعة: 8:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب