• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

بولس والنصرانية

بولس والنصرانية
اللواء المهندس أحمد عبدالوهاب علي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/5/2017 ميلادي - 1/9/1438 هجري

الزيارات: 33411

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بولس والنصرانية


حديثنا الآن عن بولس، خاصة وقد علمنا لمحة عن فكر بولس، وفلسفته لفكرة الصليب والفداء، وهي مسيحيته التي قام يبشِّر بها، وجاءت مخالفةً لمسيحية المسيح الحقة التي اتَّسمت بالمحبة والوداعة، خلافًا لذلك العنف الدمويِّ الذي اعتنقه بولس في مسيحيته الصليبية.

 

ولسوف نرى كيف دخل بولس في المسيحية، وكيف كان نتاج أفكاره، خاصة وأن هناك قاعدة معروفة تقول: إنك لا تجني من الشوك العنب.

 

ولقد كان بولس (شاول) يهوديًّا، واشتهر بعنفه في خصومته، بل بعدائه الشديد لأتباع المسيح، ولم يكن له حظٌّ من رؤية المسيح - ولو مرة واحدة - في حياته.

 

يقول سفر أعمال الرسل: "أما شاول، فكان يسطو على الكنيسة، وهو يدخل البيوت، ويجر رجالاً ونساء، ويسلمهم إلى السجن" (3: 8).

 

"والشُّهود خلعوا ثيابهم عند رجلَي شابٍّ يُقال له: (شاول)، فكانوا يرجمون استفانوس وهو يدعو، ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم: يا رب، لا تقم لهم هذه الخَطِيَّة.

وإذ قال هذا رقد، وقد كان شاول راضيًا بقتله"؛ (أعمال الرسل 7: 58 - 60، 8: 1 - 3).

ثم أعلن بولس - فجأة - تحوُّله إلى المسيحية!

 

إن تاريخ الديانات يَشهد لكثيرين كانوا من ألدِّ أعدائها وأعداء النبي والرسول الذي جاء يدعو لها، ثم يتحولون إليها ويصيرون من خير دعاتها.

 

لكن القاعدة الهامة والخطيرة التي شذَّ فيها بولس هي أنه لم يلتزم بالتعاليم الموجودة في العقيدة الجديدة التي تحول إليها - وهي المسيحية - لكنه اختصَّ بتعليمٍ انفرد به، وطفق يبشِّر به، واستطاع بوسائله الخاصَّة ومهاراته أن ينحي كل التلاميذ جانبًا، ويتصدَّر الدعوة إلى المسيحية بعد أن اكتسح الآخرين.

 

ولنرَ الآن ماذا يقول سفر أعمال الرسل عن قصة تحول بولس إلى المسيحية.

يقول الإصحاح التاسع: "أما شاول فكان لم يزل ينفث تهددًا وقتلاً على تلاميذ الرب، فتقدم إلى رئيس الكهنة، وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات حتى إذا وجد أناسًا من الطريق رجالاً ونساء يسوقهم موثقين إلى أورشليم.

 

وفي ذهابه حدث أنه اقترب إلى دمشق، فبغتةً أبرقَ حوله نورٌ من السماء، فسقط على الأرض، وسمع صوتًا قائلاً له: شاول لماذا تضطهدني؟! فقال: من أنت يا سيد؟ فقال الرب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده، فقال وهو مرتعد ومتحيِّر: يا رب، ماذا تريد أن أفعل؟! فقال له الرب: قم وادخل المدينة، فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل.

وأما الرجال المسافرون معه، فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحدًا" (9: 1 - 7).

 

لكن الله سبحانه وتعالى دائمًا يبين الحقَّ رحمةً بالناس؛ ولهذا نجد الإصحاح الثانيَ والعشرين من سفر أعمال الرسل يحكي قصَّة تحول بولس إلى المسيحية على لسانه شخصيًّا فيقول: "حدثَت لي وأنا ذاهب ومتقرب إلى دمشق، أبرقَ حولي من السماء نورٌ عظيم، فسقطت على الأرض، وسمعت صوتًا قائلاً لي: شاول شاول، لماذا تضطهدني؟ فأجبت: من أنت يا سيد؟ فقال: أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده، والذي كانوا معي نظروا النور وارتعبوا، ولكنهم لم يسمعوا الصوت الذي كلمني" (22: 6 - 9).

 

من ذلك نتبين أنَّ المسافرين سمعوا الصوت ولم ينظروا النور؛ حسب قول الإصحاح (9)، بينما ذكر الإصحاح (22) عكس ذلك تمامًا فقال: نظروا النور ولم يسمعوا الصوت!

هذه بداية دخول بولس إلى المسيحيَّة، وهي قصة مشكوك فيها تمامًا.

 

لقد دخل بولس المسيحية - وفق روايةٍ خطؤها واضح تمامًا - ثم انطلق بتعليمه الخاص الذي أعلَن فيه الاستغناء عن كل تعليم تلقاه تلاميذ المسيح مِن معلِّمهم؛ بدعوى أنه تلقى تعليمه من المسيح مباشرةً في تلك الرؤية المزعومة.

 

فهو يقول: "لما سرَّ الله الذي أفرَزني من بطن أمِّي ودعاني بنعمته، أن يُعلن ابنه فيَّ لأبشر به بين الأمم للوقت لم أستشر لحمًا ودمًا، ولا صعدت إلى أورشليم إلى الرسل (التلاميذ) الذين قبلي، بل انطلقت إلى العربية، ثم رجعت أيضًا إلى دمشق، ثم بعد ثلاث سنين صعدت إلى أورشليم لأتعرَّف ببطرس، فمكثت عنده خمسة عشر يومًا، ولكني لم أر غيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب.

والذي أكتب به إليكم هو ذا قدام الله، إني لست أكذب فيه"؛ (غلاطية).

 

وهكذا بدأ بولس الدعوة إلى المسيحيَّة وفق مفهومه الخاص لمدة ثلاث سنوات قبل أن يتعرَّف بتلاميذ المسيح الذين أسَّسوا الكنيسة الأمَّ في أورشليم، والذين كانوا المرجع في كل ما يتعلق بالمسيحية والدعوة إليها.

 

ثم يقول بولس: "بعد أربع عشرة سنة صعدت إلى أورشليم مع برنابا، آخذًا معي تيطس أيضًا، وإنما صعدت بموجب إعلان، وعرضت عليهم الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم، ولكن بالانفراد على المعتبرين؛ لئلا أكون أسعى أو قد سعيت باطلاً، فإن هؤلاء المعتبرين لم يشيروا عليَّ بشيء، بل بالعكس؛ إذ رأوا أني اؤتُمنت على إنجيل الغرلة، كما بطرس على إنجيل الختان"؛ (غلاطية: 2: 1 - 8).

 

من ذلك يتَّضح:

1- أن قصة دخول بولس في المسيحية مشكوكٌ فيها، ولا يمكن الاعتماد عليها؛ لما فيها من تناقضات صارخة.

2- لم يعرف بولس عن المسيحية سوى الصَّلب وسفك الدم، وأن هذا شيء اختص به، وأما غير ذلك من تعاليم المسيح فقد أهمله تمامًا؛ فهو يقول: "أعرفكم أيها الإخوة، الإنجيل الذي بشرت به، إنه ليس بحسب إنسان؛ لأني لم أقبله من عند إنسان ولا علمته، بل بإعلان يسوع المسيح"؛ (غلاطية 1: 11 - 12).

"لأني لم أعزم أن أعرف شيئًا بينكم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوبًا" - (1) كورنثوس: 2: 2).

 

لقد بحث العلماء فكرَ بولس والتيَّارات التي أثرت فيه، وفي هذا يقول تشارلز دود:

"لقد أوضحنا سلفًا أن فكرة الكمنولث العالمي كانت شائعةً في العالم الوثني، وكانت روما في تأثُّرها بالمُثُل العالية للرواقيين - الذين قدموا في أيام بولس رئيسًا لوزراء الإمبراطورية، وفي القرن التالي له اعتلى أحدُهم عرش الإمبراطوريَّة - فحاول تأسيس ذلك الكمنولث، ولقد تأثر بولس كأحد المواطنين الرومانِ بهذه الأفكار"[1].

 

لقد فكَّر بولس في إنشاء كمنولث مسيحي يقوم على اسم واحد وعلامة واحدة؛ هما المسيح والصليب، ولا مانع أن تكون فيه أفكارٌ وديانات مختلفة؛ ليكن ما يكون! إنَّ بولس يعترف في رسائله بأنه لم يتحرَّز عن استخدام كل الوسائل لكسب أكبر عدد من الأتباع؛ فهو يقول: "إذ كنت حرًّا من الجميع، استعبدت نفسي للجميع؛ لأربح الأكثرين! فصرتُ لليهود كيهودي؛ لأربح اليهود، وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس؛ لأربح الذين تحت الناموس، صرت للضعفاء كضعيف؛ لأربح الضعفاء، صرت للكل كل شيء؛ لأخلص على كل حال قومًا! وهذا أنا أفعله لأجل الإنجيل؛ لأكون شريكًا فيه"؛ (كورنثوس 9: 19 - 23).

 

وهكذا نجد بولس قد عرَض المسيحية على أصحاب العقائد المختلفة بالصورة التي تُرضي كلاًّ منهم، وترتب على ذلك أنَّهم دخلوا الديانة الجديدة بعقائدهم وأفكارهم القديمة، وكان لهذا - ولا يزال - أثرُه الخطير في المسيحية.

 

ولقد عرَفنا من قبل أنَّ برنابا هو الذي قدم بولس إلى التلاميذ، لكن الذي حدَث بعد ذلك أن أزاح بولس برنابا من تصدُّر الدعوة إلى المسيحية.

يقول سفر أعمال الرسل: "فحصل بينهما مشاجرةٌ حتى فارق أحدهما الآخر"؛ (15: 39).

 

ولم يلبث بولس أن تشاجر مع بطرس - رئيس التلاميذ - ونحَّاه أيضًا؛ فهو يقول: "لما أتى بطرس إلى أنطاكية قاومته مواجهة" (غلاطية 2: 11).

 

ومن المؤكد أن بولس لم يعلم قدر بطرس الذي أعطاه المسيحُ التفويض أن يحلَّ ويربط كما يشاء، والذي عيَّنه راعيًا لتلاميذه.

 

ولا داعيَ للحديث عن رسائل بولس؛ فهي رسائلُ شخصية بحتة، يقول في بعضها:

ليس عندي أمرٌ من الرب، ولكني أعطي رأيًا (أكو: 7: 25).

أو يقول: أظن أني أنا أيضًا عندي روح الله (أكو 7: 40).

أو يقول: لست أقول على سبيل الأمر، بل أعطي رأيًا (أكو 7: 6).

 

وهكذا من مِثل هذه الأمور الظنيَّة التي لا تَصلح إطلاقًا لبناء عقيدة، كذلك تَنتهي رسائله بالحديث عن السلام وبثِّ القبلات المقدسة للرجال والنِّساء على السواء! مثل قوله:

سلِّموا على تريفينا وتريفوسا التاعبتين في الرب؛ (رومية 16: 12).

سلموا على برسيس المحبوبة التي تعبت كثيرًا في الرب؛ (رومية 16 - 12).

سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة؛ (رومية 16: 16).

 

إن مسيحية بولس تقوم أساسًا على فكرة الإله المخلِّص المقتول، ولقد كانت الدياناتُ التي شاعت في العالم الروماني في ذلك الوقت - مثل ديانات إيزيس وميثرا وسيبل - تقوم على نفس هذه الفكرة؛ ولهذا يقول مؤرِّخو الديانات: إن التشابه ملحوظٌ بين المسيحية وتلك الديانات.

 

يقول هربرت فيشر في كتابه "تاريخ أوربا": "استدار العالم الروماني بشغف زائد إلى عبادات الشرق الملتهبة؛ مثل: عبادات إيزيس وسيرابيس وميثرا، إن عباد إيزيس المصرية وسيبل الفريجية وميثرا الفارسي اشتركوا في معتقدات كثيرة وُجدت في النظام المسيحي.

 

لقد اعتَقدوا في اتحاد سريٍّ مقدَّس مع الكائن الإلهي؛ إما عن طريق اقتران خلال الشعائر، أو بطريقةٍ أبسط عن طريق أكل لحم الإله في احتفال طقسي، لقد كان الإله الذي يموت بين العويل والمراثي - بيد أنه يقوم ثانيةً وسط صيحات الترحيب والسرور - من الملامح الرئيسية في هذه العبادات الشرقية الغامضة.

إن عبادة إيزيس قد نُظمت بطريقة تماثل تمامًا ما في الكنيسة الكاثوليكية.

 

لقد كان هناك تنظيم كهنوتي مماثل، مكوَّنٌ من البابا مع القُسس والرهبان والمغنِّين وخدم الكنيسة، وكانت صورة السيدة ترصَّع بجواهر حقيقية أو مزيفة، وكانت زينتها تُعمل كل يوم كما كانت صلاة الصبح وأغاني المساء تغنَّى في معابدها الرئيسية، وكان الكهنة حليقي الرؤوس ويَلبسون ملابس كهنوتية بيضاء من الكتان.

 

إن التحوُّل من الوثنية إلى المسيحية لم يكن يعني الدخول في جو غريب كليَّةً، أو ممارسة ثورة فجائية؛ لقد كانت عملية التحول تتم بلطف، وكانت طقوس العقيدة الجديدة استرجاعًا للأسرار القديمة!

 

فقد كانت عقيدة الوسيط مألوفةً في معتقدات الفرس وأتباع الأفلاطونية الحديثة، وكانت فكرة التثليث معتقدًا دينيًّا شائعًا، تنبع أساسًا مما تعارفوا عليه من أن العدد (ثلاثة) هو العدد الكامل"[2].

 

ويقول أرنست كيللت في كتابه "مختصر تاريخ الديانات": إن أوجه التشابه المحيرة بين شعيرة التعميد (المسيحية) - على سبيل المثال - وبين طقوس التطهير في ديانة أتيس وأدونيس: لَتصدمُ كلَّ دارس؛ لقد أظهرَت الديانة المسيحية قدرةً ملحوظة في جميع العصور على الأخذ لنفسها ما يناسبها من الديانات الأخرى.

 

ولسوف أعطي هنا ملخَّصًا لأسطورة أتيس وطقوس عبادته؛ لأن هذا لم يؤثِّر فقط بعمق في المسيحية؛ بل لأنه كان منتشرًا في أغلب الإمبراطورية الرومانية، لقد حدثت قيامة أتيس في يوم الخامس والعشرين من مارس بدء الربيع، وهو نفس اليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات؛ حسب أقوال كثير من المسيحيين، كذلك فإن التشابه بين الطقوس السرية لديانة ميثرا والمسيحية مذهلة؛ إن المثرية لها طقوسها المتعلقة بالعَشاء الربَّاني، ومن الصعب التفريق بينها وبين ما في عقيدتنا المسيحية، ولها احتفالات تماثل احتفالات عيد الميلاد، ولها عيد القيامة"[3].

 

تعقيب الدكتور محمد جميل غازي:

هذا، ولقد عقَّب الدكتور محمد جميل غازي بقوله: إن المسألة أصبحَت من الوضوح بحيث لا بدَّ من الإقرار بأن تسمَّى الديانة المسيحية الديانةَ البولسية؛ فهي تُنسب بحقٍّ لبولس، وليس للمسيح عليه السلام!

 

كذلك من المفيد معرفةُ أنَّ الفاتيكان يعترف بموقف بولس من المسيحية وعدم حرصه عليها، فقد جاء في كتابٍ نشَره الفاتيكان سنة 1968م بعنوان: "المسيحيَّة عقيدة وعمل" ما يلي في صفحة (50):

"كان القدِّيس بولس منذ بدء المسيحية يَنصح لحديثي الإيمان أن يحتفظوا بما كانوا عليه من أحوال قبل إيمانهم بيسوع".

 

إنَّ هذا الإقرار الخطير يتَّفق وكلَّ ما قاله اللواء أحمد عبدالوهاب عن بولس والمسيحية، والآن أقدِّم الأستاذ إبراهيم خليل أحمد؛ ليقول لنا شيئًا عن فطيرة القربان والعشاء الرباني الذي كان معمولاً به في الديانات الوثنية القديمة.

 

إضافات للأستاذ إبراهيم خليل أحمد:

وهنا قال الأستاذ إبراهيم خليل أحمد: جاء في إنجيل (لوقا إصحاح 22) (وفي الأناجيل الأخرى أيضًا) ما نصه: "ولما كانت الساعة اتكأ والاثنا عشر رسولاً معه، وقال: شهوة اشتهيتُ أن آكل هذا الفُصح معكم قبل أن أتألَّم؛ لأني أقول لكم: إني لا آكل منه بعدُ حتى يكمل في ملكوت الله، ثم تناول كأسًا وشكَر وقال: خذوا هذه واقتسِموها بينكم؛ لأني أقول لكم: إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله، وأخذ خبزًا وشكر وكسر، وأعطاهم قائلاً: هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم، اصنعوا هذا لذكري.

 

وكذلك الكأس أيضًا بعد العشاء قائلاً: هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يُسفَك عنكم، ولكن هو ذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة، ابن الإنسان ماضٍ كما هو محتوم، ولكن ويلٌ لذلك الإنسان الذي يسلِّمه"؛ (لوقا 22: 14 - 22).

 

من الملاحظ أنَّ الأيام الأخيرة من حياة المسيح كانت مزدحِمة بالقلق والرُّعب، وكان المسيح حقيقةً في أيامه الأخيرة ثابتًا لكلِّ الضغوط دون أن يتأثَّر بتلك القلاقل؛ لأنه كان واثقًا تمام الثقة أن الله سبحانه وتعالى سوف ينجيه.

 

لكن عندما نأتي حقيقةً لتفسير هذا الكلام؛ فإني أقول في صراحة متناهية: من هو المصدر الأساسي لهذا النص؟ إن هناك نصًّا في سِفر أعمال الرسل يمنع الدم:

"بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام والزِّنا والمخنوق والدم"؛ (20: 15).

 

فإذا كان يَنهى عما ذُبح للأصنام والدم، فكيف يقال: "هو ذا دمي، اشربوه"؟!

إن هذه وثنية منقولةٌ من وثنيَّة العبادات التي كانت متفشِّية في الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت، إن مصدر هذا النصِّ أو إيحائه إنما يرجع إلى تلك الوثنية المتفشية، مثل المثرية الفارسية، وكان من طقوسها العشاءُ الرباني، وكان منها يوم 25 ديسمبر يوم الميلاد، ويوم الأحد يوم الراحة.

 

كل هذه وثنية فارسية في عبادة ميثرا، ثم غُيرت اللافتة من ميثرا إلى المسيح، أما أن نؤمن بشريعة موسى التي تَمنع الإنسان المؤمن عن الدم، وبذلك تكون هذه العادة باطلة؛ لأنه لا يُعقل أن يقول المسيح: "كلوا جسدي هذا، واشربوا دمي هذا"؛ لسببٍ هو أنَّ المسيح تحدَّى اليهود قائلاً: "ستطلبونني ولا تجدونني، وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا"، فهو يتحدَّاهم ويؤكِّد عجزهم عن الوصول إلى المسيح بدليل قوله في إنجيل (يوحنا إصحاح 8 عدد 28):

"فقال لهم يسوع: متى رفعتم ابنَ الإنسان فحينئذٍ تفهمون أني أنا هو، ولست أفعل شيئًا من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علَّمني أبي، والذي أرسلني هو معي، ولم يتركني الآب وحدي؛ لأني في كل حين أفعل ما يرضيه".

إن قصَّة الصلب منقوضةٌ من أساسها تمامًا.

 

كذلك فإن الذي صُلب هو شبيهٌ بابن الإنسان؛ إذ يقول إنجيل يوحنا على لسان المسيح إصحاح 3 عدد 14: "وكما رَفع موسى الحية في البرِّية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان".

 

وكانت الحية التي رفعها موسى شبيهة بالحية الحقيقية، فبالمقارنة نقول: كما رفع موسى شبيه الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع شبيه ابن الإنسان.

 

وعلى هذا الأساس نقول: إن النصَّ الذي يتكلم عن أكل جسد المسيح وشرب دمه إنَّما هو نصٌّ مقتبَس من المصادر الوثنية المتفشِّية في الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت، لقد كان المسيح آمنًا على نفسه، وبالتالي كان جسده سليمًا ودمه سليمًا.

 

وأنا - كقسِّيس سابق - لا أقدر أن أتصور أنَّ كسر لقمة وإعطاءها لأخٍ في العقيدة يضعها تحت أسنانه تتحوَّل إلى جسد المسيح، ويشعر أنَّ لحمًا تحت أسنانه!

 

ما أريد قوله هو بيان كيف استطاع بولس إفساد المسيحية؛ لقد قال المسيح: "ما جئت لأنقض شريعة موسى"، وتجد في سفر التكوين إصحاح 17 عدد 9 في حديث الله سبحانه وتعالى لأبينا إبراهيم: "وقال الله لإبراهيم: وأما أنت فتحفظ عهدي، أنت ونسلُك مِن بعدك في أجيالهم؛ هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك؛ يُختن منكم كل ذكر، فتختنون في لحم غرلتكم، فيكون علامة عهد بيني وبينكم، ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم، وأما الذكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلته، فتقطع تلك النفس من شعبها؛ إنه قد نكث عهدي"؛ (17: 9 - 14).

 

ونجد أنَّ إبراهيم حين خُتن كان عمره 100 سنة تقريبًا، وكان ابنه البِكر إسماعيل عمره 14 سنة، فهذا إبراهيم بقدره الجليل وابنه إسماعيل وبقيَّة الخدم والعبيد اختَتنوا جميعًا، فكيف يأتي بولس بعد هذا ليبطل الختان؟! لقد كان بولس إنسانًا مشكوكًا فيه من التلاميذ والرسل، لولا برنابا الذي تحنَّن عليه وقدَّمه لهم، لكنهم جميعًا كانوا يخافونه.

 

وكان بولس من الصنف الوصولي الذي يطمع في الوصول إلى القمَّة، حتى إذا ما وصل فإنه يتخلص من كل من خلفَه.

لقد أراد بولس أن يخرج بالرسالة من اليهودية إلى الأمم، علمًا بأن المسيح لم يأمر بهذا؛ لأن الرسالة كانت محدودة في بني إسرائيل.

 

ولما كانت الأمم غير مختتنة، فإنه لجأ إلى أول مجمع هاجم فيه الختان، وقال: إن الختان ختان القلب، كمن يقول للمسلم: إنك تستطيع دخول الصلاة بلا وضوء، فهذا إفساد للصلاة؛ إذ قد هدم الأساس التي يجب السير عليه لإقامة الصلاة.

 

وقد استطاع التأثير على الحاضرين، فنقرأ في سفر أعمال الرسل إصحاح 15 عدد 22: "حينئذٍ رأى الرسل والمشايخ مع كل الكنيسة أن يختاروا رجلين منهم فيرسلوهما إلى أنطاكية مع بولس وبرنابا يهوذا الملقب برسابا وسيلا رجلين متقدمين في الإخوة، وكتبوا بأيديهم هكذا: الرسل والمشايخ والإخوة يهدون سلامًا إلى الإخوة الذين من الأمم في أنطاكية وسورية وكيليكية؛ إذ قد سمعنا أن أناسًا خارجين من عندنا أزعجوكم بأقوال مقلِّبين أنفسكم، وقائلين أن تختتنوا وتحفظوا النَّاموس، الذين نحن لم نأمرهم، رأينا وقد صرنا بنفس واحدة أن نختار رجلين ونرسلهما إليكم مع حبيبينا: برنابا وبولس، رجلين قد بذلا أنفسهما لأجل اسم ربنا يسوع المسيح، فقد أرسلنا يهوذا وسيلا وهما يخبرانكم بنفس الأمور شفاهًا؛ لأنه قد رأى الروح القدس ونحن لا نضع عليكم ثقلاً أكثر غير هذه الأشياء الواجبة؛ أن تمتنعوا عما ذُبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا، التي إن حفظتم أنفسَكم منها فنعِمَّا تفعلون، كونوا معافين"؛ (15: 22 - 29).

 

هكذا صار الروح القدس لعبةً في أفواههم؛ فقد أمرَهم ألا يختَتنوا؛ بهذا حطَّم بولس شريعة موسى تحطيمًا كبيرًا.

وبالنسبة للطَّلاق نجد شريعةَ موسى تسمح بالطَّلاق كما في سِفر التثنية، لكن بولس يَعمل على إشاعة الفاحشة بين الناس؛ فإذا كانت امرأةٌ على خلاف مع زوجها فإنه يأمرها بعدم الطَّلاق، وهكذا وُجد فسادٌ في المجتمع حيث تُضطرُّ الزوجة إلى سلوك خفيٍّ مشين!

 

وأريد أن أسأل الآن:

لماذا رفضَت الكنيسة إنجيلَ برنابا؟ لأن برنابا في إنجيله بيَّن بقوة ووضوحٍ كيف أفسدَ بولس المسيحية، وحوَّلها إلى نصرانيَّة يونانية، ومِن عقيدةٍ تؤمن بالتوحيد، وهو أنَّ الله واحد أحد، إلى عبادة ابن الله؛ على شاكلة أوزوريس وإيزيس وحورس.

وأكتفي بهذا القدر الآن، وأترك الأخ يكمل حديثه.



[1] من كتاب: "ماذا يعنيه بولس لنا اليوم؟"، ص 49.

[2] من كتاب:" تاريخ أوربَّا"، ص 102 - 115.

[3] من كتاب: "مختصر تاريخ الديانات"، ص 130 - 262.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بولس.. يهوديا ومسيحيا
  • بولس وتلاميذ المسيح
  • بولس والمسيح
  • هل جعل بولس المسيح إلها؟!
  • الرد على شبهة بولس: صار لعنة لأجلنا
  • المغفرة في النصرانية
  • عقيدة الخلاص والفداء ونتائجها السلبية في المجتمعات النصرانية
  • لماذا يرتدون إلى النصرانية؟ (1)

مختارات من الشبكة

  • إيذاء اليهود للمسيح ودعوته " الدور الذي قام به بولس "(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بولس الرسول أو شاول الطرسوسي.. الشخصية المحورية في الديانة النصرانية (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بولس الرسول أو شاول الطرسوسي.. الشخصية المحورية في الديانة النصرانية (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تنبؤات المسيح بآلامه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بولس الرسول أو شاول الطرسوسي.. الشخصية المحورية في الديانة النصرانية (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسلمو سويسرا: نحن مسلمون ولسنا متطرفين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (اليهودية- التعاطف)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • تنبؤات نصرانية باطلة: نهاية العالم تحدث في القرن الأول الميلادي!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قضية صلب المسيح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسيح ابن مريم عليه السلام (12)(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب