• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: لزوم الإيمان في الشدائد
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    دروس وأسرار من دعاء سيد الاستغفار
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    حكم الأضحية
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    خطبة حجة الوداع والدروس المستفادة منها (خطبة)
    مطيع الظفاري
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك (الإخلاص طريق الخلاص)
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل يوم النحر
    محمد أنور محمد مرسال
  •  
    تخريج حديث: إذا أتى أحدكم البراز فلينزه قبلة ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تحفة الرفيق بفضائل وأحكام أيام التشريق (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العزيز، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}: فوائد وعظات
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    إمساك المضحي عن الأخذ من الشعر والظفر في عشر ذي ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

معاملة المنافقين في الإسلام

الشيخ أسامة بدوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/5/2017 ميلادي - 23/8/1438 هجري

الزيارات: 60690

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معاملة المنافقين في الإسلام


أولاً:عدم المجادلة أو الدفاع عنهم، وجواز سبِّ من يجادل عنهم:

قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا * هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ﴾ [النساء: 105 - 109].

 

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت تروي حادث الإفك:

[... فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: (يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي). فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ - وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ -، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللهِ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَت ][1].

 

قال النووي: «جَوَازُ سَبِّ الْمُتَعَصِّبِ لِمُبْطِلٍ، كَمَا سَبَّ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ لِتَعَصُّبِهِ لِلْمُنَافِقِ، وَقَالَ: «إِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ»، وَأَرَادَ أَنَّكَ تَفْعَلُ فِعْلَ الْمُنَافِقِينَ، وَلَمْ يُرِدِ النِّفَاقَ الْحَقِيقِيَّ »[2].

ولقد سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يُعلِّق على هذه العبارة، لا بالاستنكار، ولا بالاستحسان.

إن المجادلة عن المنافقين والدفاع عنهم ولو كانوا أولى قربى أمرٌ مَنْهِيٌّ عنه.

 

لذلك أمر الله تعالى باحتقار شأنهم وما هم عليه من أمر الدنيا. قال تعالى: ﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 55].

كما نهى الله سبحانه النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يصليَ على أحد مات من هؤلاءِ المنافقين، وفى هذا منتهى الاحتقار والازدراء لهم.

ونحن نعلم أن أولي الطَّول والمال والولد عادة ما يكونون مَدعاة للإكبار والاحترام، ولكن الآية بها نهي صريح عن ذلك.

 

نَهْيٌ يتضمَّن احتقارًا وازدراءً لهم؛ لأن أموالهم وأولادهم ليس إلا سببًا من أسباب عذابهم في الدنيا والآخرة، لذلك نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وصف المنافق بأوصاف التعظيم ك- (سيدنا)، ونحوه.

عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عز وجل)[3].

فهم بما يرتكبون من أعمال وجرائم في حق الإسلام والمسلمين لا يستحقون الاحترام والتبجيل.

 

إن المنافق مهما علت مرتبته عند الناس، ومهما أوتي من أسباب القوة والجبروت فهو حقير عند ربه: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾ [النساء: 145].

ولذا يجب أن يكون محتقرًا من المسلمين، مهانًا بينهم، فلا تبجيل له ولا احترام. وكيف يكون ذلك، وقد قال الله تعالى فيهم: ﴿ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ﴾ [الأحزاب: 61].

إذن، فلا سمع ولا طاعة ولا اعتراف لهم بحقوق الزعامة أو الرياسة.

 

يقول الدكتور محمد موسى: « إن حق المنافق التأخير لا التقديم، التحقير لا التعظيم، الهجر لا التقريب، التقريع لا التبجيل، لأنه عدو الله ورسوله، وعدو للمؤمنين، وهذا اللائق بمعاملة أعداء الله والرسول.

فمتى وُسِّد الأمر إلى المنافقين من تقلُّد أمور المسلمين من أسباب سخط الله تعالى، وعلامة من علامات الهلاك.

عَنِ الْحَسَنِ البصريِّ قَالَ:« لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَسُودَ كُلَّ قَوْمٍ مُنَافِقُوهَا »[4]. فإلى اللهِ المشتكَى!

 

ثانيًا: النَّهْي عن موالاتهم:

قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [آل عمران: 118، 119].

 

قال مجاهد: « نزلت هذه الآيات في النهي عن موالاة المنافقين والركونِ إليهم ».

وقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 57].

فهذه الآية تنهَى عن موالاة منافقي أهل الكتاب الذين أظهروا الإسلام، ولكنهم أخفَوُا الكفر في قلوبهم، وهم من عامَّة المنافقين، فهم أولياء بعض. قال تعالى: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 67]. فكانت موالاتهم نفاقًا.

 

لذلك نهى الله تعالى عن الرضا عنهم. قال تعالى: ﴿ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 96]. فليس من الديانة أن يرضى عبد مؤمن عن قوم أخبر سبحانه وتعالى بأنه غير راضٍ عنهم.

وهذا عمل لا يصدر إلا ممن قلَّ إيمانه، وضعف قلبه، لأن المؤمن يحب من يحبه الله عز وجل، ويبغض من يبغضه الله عز وجل، ويكره من أجله، ويرضى لرضاه، ويغضب لغضبه.

 

ثالثًا: إخراجهم من ديوان المجاهدين، وعدم قبول عذر من يثبت كذبه من المتخلِّفين منهم: قال تعالى: ﴿ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ﴾ [التوبة: 83].

فقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ألا يقبل واحدًا من هؤلاءِ الذين تخلفوا نفاقًا في صف الجهاد معه ثانية.

 

وقال تعالى: ﴿ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ﴾ [التوبة: 83].

فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمنهم أو يصدقهم بعد ذلك؛ لأنهم أكذب خلق الله جميعًا.

 

لذلك أمر الله تعالى بالإعراض عن المتخلِّفين عن الجهاد، والمثبِّطين للأمة المسلمة عنه. قال تعالى: ﴿ سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [التوبة: 95].

ليس إعراضَ صفحْ ورضا، ولكن إعراض احتقار وازدراء؛ لأنهم رجس لا يستحقون إلا هذه المعاملة القاسية، عقابًا لهم على تخلفهم عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعصيتهم أمره، ومفارقتهم للجماعة المؤمنة، وجزاء وفاقًا لما حوت قلوبهم من نفاق وكراهية للجهاد في سبيل الله تعالى.

 

رابعًا: الأمر بجهادهم والغلظة عليهم:

قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [التوبة: 73].

فالأمر بجهاد المنافقين صريح وواضح، لا يحتاج إلى تأويل، أو توضيح.

 

« قالَ أميرُ المؤمنينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: [بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَرْبَعَةِ أَسْيَافٍ:

1-سَيْفٍ لِلْمُشْرِكِينَ ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة: 5].

2- وَسَيْفٍ لكفار أَهْلِ الْكِتَابِ ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة: 29].

3- وَسَيْفٍ للمنافقين: ﴿ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ [التوبة: 73].

4-وَسَيْفٍ لِلْبُغَاةِ: ﴿ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الحجرات: 9].

 

وهذا يقتضى أنهم يجاهَدون بالسيوف إذا أظهروا النِّفاق.

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: ﴿ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ [التوبة: 73]: [بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَكْفَهِرَّ فِي وَجْهِهِ ].

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: [أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِجِهَادِ الْكُفَّارِ بِالسَّيْف، وَالْمُنَافِقِينَ بِاللِّسَانِ، وَأَذْهَبَ الرِّفْقَ عَنْهُمْ ].

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: بِالْكَلَامِ، وَهُوَ مُجَاهَدَتُهُمْ،...

وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: مُجَاهَدَتُهُمْ إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَيْهِم »[5].

 

فمن عُلِمَ نفاقُه يقينًا وجب مجاهدته بالسيف، والغلظة عليه قولًا وعملًا، ومن استخفى بنفاقه يُجاهَد بالحُجَّة والبيان واللسان، وندعوه إلى التوبة والدخول في جملة المؤمنين.

وقد دعاهم الله عز وجل إلى التوبة، كما في قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 64]، وقوله تعالى: ﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 102 - 104].

 

قال ابن إسحاق: « وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ يَحْضُرُونَ الْمَسْجِدَ فَيَسْتَمِعُونَ أَحَادِيثَ الْمُسلمين، ويسخرون ويستهزءون بِدِينِهِمْ، فَاجْتَمَعَ يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ مِنْهُمْ نَاسٌ، فَرَآهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَحَدَّثُونَ بَيْنَهُمْ، خَافِضِي أَصْوَاتَهُمْ، قَدْ لَصِقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأُخْرِجُوا مِنْ الْمَسْجِدِ إخْرَاجًا عَنِيفًا، فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ، خَالِدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ كُلَيْب، إِلَى عمر بْنِ قَيْسٍ، أَحَدِ بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ- كَانَ صَاحِبَ آلِهَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَذَ بِرِجْلِهِ فَسَحَبَهُ، حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَتُخْرِجُنِي يَا أَبَا أَيُّوبَ مِنْ مِرْبَدِ بَنِي ثَعْلَبَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ أَيْضًا إلَى رَافِعِ بْنِ وَدِيعَةَ، أَحَدِ بَنِي النَّجَّارِ فَلَبَّبَهُ بِرِدَائِهِ ثمَ نَتَرَهُ نَتْرًا شَدِيدًا، وَلَطَمَ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَأَبُو أَيُّوبَ يَقُولُ لَهُ: أُفٍّ لَكَ مُنَافِقًا خَبِيثًا: أَدْرَاجَكَ يَا مُنَافِقُ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (أي ارجع من الطريق التي جئت منها).

 

وَقَامَ عِمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ إلَى زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ رَجُلًا طَوِيلَ اللِّحْيَةِ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَادَهُ بِهَا قَوْدًا عَنِيفًا حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ جَمَعَ عِمَارَةُ يَدَيْهِ فَلَدَمَهُ بِهِمَا فِي صَدْرِهِ لَدْمَةً خَرَّ مِنْهَا. قَالَ: يَقُولُ: خَدَشْتَنِي يَا عِمَارَةُ، قَالَ:أَبْعَدَكَ اللهُ يَا مُنَافِقُ، فَمَا أَعَدَّ الله لَكَ مِنْ الْعَذَابِ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا تَقْرَبَنَّ مَسْجِدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ».

 

وَقَامَ أَبُو مُحَمَّدٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، كَانَ بَدْرِيًّا، وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَسْعُودُ بْنُ أَوْسِ إلَى قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ، وَكَانَ قَيْسٌ غُلَامًا شَابًّا، وَكَانَ لَا يُعْلَمُ فِي الْمُنَافِقِينَ شَابٌّ غَيْرُهُ، فَجَعَلَ يَدْفَعُ فِي قَفَاهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ.

وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَلْخُدْرَةَ بْنِ الْخَزْرَجِ، رَهْطِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ، إلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَ ذَا جُمَّةٍ، فَأَخَذَ بِجُمَّتِهِ فَسَحَبَهُ بِهَا سَحْبًا عَنِيفًا، عَلَى مَا مَرَّ بِهِ مِنْ الْأَرْضِ، حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ. فَقَالَ: لَقَدْ أَغْلَظْتَ يَا ابن الْحَارِثِ، فَقَالَ لَهُ، إنَّكَ أَهْلٌ لِذَلِكَ، أَيْ عَدُوُّ اللهِ، لما أَنْزَلَ اللهُ فِيكَ، فَلَا تَقْرَبَنَّ مَسْجِدَ رَسُولِ اللهِ، فَإِنَّكَ نَجِسٌ.

 

وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إلَى أَخِيهِ زُوَيِّ بْنِ الْحَارِثِ، فَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ إخْرَاجًا عَنِيفًا، وَأَفَّفَ مِنْهُ، وَقَالَ: غَلَبَ عَلَيْكَ الشَّيْطَانُ وَأَمْرُهُ.

فَهَؤُلَاءِ مَنْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ يَوْمئِذٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِخْرَاجِهِمْ »[6].

 

• والرسول صلى الله عليه وسلم الرحمة المُهداة، كان يلجأ أحيانًا إلى الشدَّة والقوة في معاملتهم؛ ليضرب على أيدي بغاة الفتنة، ويُرهِب السَّاعين لإشاعة الفشل بين المسلمين لإحداث القلاقل بين صفوفهم.

فما كان يغيب عنه صلى الله عليه وسلم أن هناك صنفًا من الناس خَبُثَتْ سرائرهم، وفسدَت قلوبُهم.

يحسبون التسامح ضَعْفًا، ويظنُّون اللِّينَ جُبْنًا، ويعتقدون المِنحة غنيمة. هذا الصنف لابد من الغلظة والشدة عليهم حتى يقيَ الله تعالى الأمةَ شرورَهم.

 


[1] أخرجه البخاري: ك: المغازي، ب: حديث الإفك، ح (4141)، مسلم: ك: التوبة، ب: في حديث الإفك، ح (2770).

[2] شرح النووي على مسلم (17/118).

[3] أخرجه أحمد، ح (22939)، وأبو داوود: ك: الأدب، ب: باب لا يقول المملوك «ربي» و«ربتي»، ح (4977)، وصحَّحه الألباني.

[4] صفة النفاق وذم المنافقين، للفريابي، رقم (110)، ص (145)، وانظر: المنافقون في الكتاب والسنة وآثار سلف الأمة، د. محمد موسى آل نصر، ص (61).

[5] تفسير ابن كثير (4/156، 157)، وهو اختيار ابن جرير.

[6] انظر: سيرة ابن هشام، تحقيق السقا، (1/528، 529)، بتصرف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سخرية المنافقين بالدين وأهله
  • صفات المنافقين في القرآن
  • فجور المنافقين في الخصومة
  • صد المنافقين عن سبيل الله تعالى
  • بعض صفات المنافقين
  • حكم المنافق في الإسلام

مختارات من الشبكة

  • خطر المنافقين على الإسلام والمسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صفات المنافقين إثارة الشبهات في الإسلام(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • من صفات المنافقين أنهم مع أعداء الإسلام(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • سياسة الدولة الإسلامية في التعامل مع الطابور الخامس ( المنافقين )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحتاج توبة المنافقين(استشارة - الاستشارات)
  • تأمل ما تنطوي عليه نفوس المنافقين من البغض لدين الله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة التوبة (الحلقة التاسعة) مصارع المنافقين في قلوبهم وألسنتهم وأيديهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انظر سفاهة أحلام المنافقين في تعاملهم مع الله تعالى!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كشف المنافقين(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/12/1446هـ - الساعة: 0:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب