• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

صفات الدجال

صفات الدجال
الشيخ محمد طه شعبان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/4/2017 ميلادي - 22/7/1438 هجري

الزيارات: 123313

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صفات الدجال


أَصْلُ الدَّجَلِ مَعْنَاهُ الخَلْطُ، يُقَالُ: دَجَّلَ إِذَا لَبَّسَ وَمَوَّهَ[1]، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: دَجَلَ البَعِيرَ إِذَا طَلَاهُ بِالقَطِرَانِ، وَغَطَّاهُ بِهِ[2].

وَسُمِّيَ الدَّجَّالُ دَجَّالًا؛ لِأَنَّهُ يُغَطِّي الحَقَّ بِالبَاطِلِ، أَوْ لِأَنَّهُ يُغَطِّي عَلَى النَّاسِ كُفْرَهُ بِكَذِبِهِ وَتَمْوِيهِهِ وَتَلْبِيسِهِ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُغَطِّي الأَمْرَ بِكَثْرَةِ جُمُوعِهِ[3].

وَسُمِّيَ مَسِيحًا لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: "إِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ العَيْنِ"[4].

وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَمْسَحُ الأَرْضَ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَالأَوَّلُ أَرْجَحُ لِلحَدِيثِ المَذْكُورِ.

 

• صِفَةُ الدَّجَّالِ وَالأَحَادِيثُ الوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ:

الدَّجَّالُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، لَهُ صِفَاتٌ كَثِيرَةٌ، بَيَّنَهَا لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ لِتَعْرِيفِ النَّاسِ بِهِ، وَتَحْذِيرِهِمْ مِنْ شَرِّهِ، حَتَّى إِذَا خَرَجَ عَرَفَهُ المُؤْمِنُونَ، فَلَا يُفْتَنُونَ بِهِ.

 

وَإِلَيْكَ صِفَاته الواردة فِي السُّنَّة:

1- قُوَّتُهُ وَضَخَامَةُ بَدَنِهِ:

فَفِي حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ: "فَانْطَلْقَنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا"[5].

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولَ: "بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالكَعْبَةِ" الحَدِيثَ، فَذَكَرَ صِفَةَ عِيسَى عليه السلام، ثُمَّ قَالَ: "فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ... قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الدَّجَّالُ"[6].

 

وَمَعَ ضَخَامَةِ بَدَنِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَصِيرٌ:

فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنِّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَلَّا تَعْقِلُوا، إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ، أَفْحَجُ، جَعْدٌ، أَعْوَرُ، مَطْمُوسُ العَيْنِ، لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ، وَلَا جَحْرَاءَ، فَإِنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ"[7].

 

2- أَنَّهُ شَابٌّ:

فَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْـوَفُنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُفِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ..." [8] الحَدِيثَ.

 

3- أَنَّهُ أَحْمَرُ:

فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ – الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ –: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ"[9].

 

4- مَمْسُوحُ العَيْنِ اليُمْنَى:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ العَيْنِ"[10].

وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "... وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ العَيْنِ عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ"[11].

 

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الدَّجَّالَ بَيْنَ ظَهْرَانِيِ النَّاسِ، فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلَا وَإِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى،كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ"[12].

 

وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ حُذْيَفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الدَّجَّالُ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُسْرَى"[13].

 

وَقَدْ جَمَعَ القَاضِي عِيَاضُ بَيْنَ هِذِهِ الرِّوَايَةِ وَالرِّوَايَاتِ القَائِلَةِ بِأَنَّ العَوَرَ فِي عَيْنِهِ اليُمْنَى، بِأَنَّ كِلْتَيْ عَيْنَيْهِ مَعِيبَةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَمِيعَ الرِّوَايَاتِ صَحِيحَةٌ، فَتَكُونُ العَيْنُ اليُمْنَى هِيَ المَمْسُوحَةَ الَّتِي ذَهَبَ ضَوْؤُهَا، كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَكُونُ العَيْنُ اليُسْرَى هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ[14].

وَرَجَّحَ هَذَا الجَمْعَ أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرْطُبِيُّ[15]، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الجَمْعِ: "هُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الحُسْنِ"[16].

 

قُلْتُ: نَعَمْ، هُوَ نِهَايَةٌ فِي الحُسْنِ، إِلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي إِحْدَى رِوَايَاتِ حَدِيثِ حُذْيَفَةَ: "الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ العَيْنِ عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ"[17]، فَوَصَفَ العَيْنَ المَمْسُوحَةَ بِكَوْنِهَا عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ، فَانْتُقِضَ جَمْعُ القَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ إِحْدَاهُمَا – وَهِيَ اليُمْنَى – مَمْسُوحَةٌ، وَالأُخْرَى عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

وَلِذَلِكَ فَقَدْ رَجَّحَ ابْنُ حَجَرٍ رضي الله عنه الرِّوَايَاتِ القَائِلَةَ بِأَنَّ العَوَرَ فِي العَيْنِ اليُمْنَى، وَهِيَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَلَى رِوَايَةِ العَيْنِ اليُسْرَى، الَّتِي فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ"؛ لِأَنَّ المُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ[18].

 

5- مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ، أَلَا إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَمَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: ك ف ر"[19].

وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه: "مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ"[20].

 

6- جَعْدُ الشَّعْرِ، كَثِيرُهُ:

فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ: "إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ"[21].

وَالقَطَطُ هُوَ شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعَرِ[22].

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ، أَحْمَرُ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ العَيْنِ، كَأَنَّ عَيْنَيْهِ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ..."[23].

وَعَنْ حُذْيَفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الدَّجَّالُ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، جُفَالُ الشَّعَرِ"[24].

وَمَعْنَى: "جُفَالُ الشَّعَرِ" أَيْ: كَثِيرُهُ[25].

 

7- أَفْحَجُ:

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ"[26].

وَالأَفْحَجُ: هُوَ الَّذِي إِذَا مَشَى بَاعَدَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ كَالمُخْتَتِنِ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ عُيُوبِهِ[27].

 

8- فِيهِ انْحِنَاءٌ:

عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "... وَأَمَّا مَسِيحُ الضَّلَالَةِ، فَإِنَّهُ أَعْوَرُ العَيْنِ، أَجْلَى الجَبْهَةِ، عَرِيضُ النَّحْرِ، فِيهِ دَفَأٌ"[28].

وَمَعْنَى: "فِيهِ دَفَأٌ" أَيْ: فِيهِ انْحِنَاءٌ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَدْفَى أَيْ: فِيهِ انْحِنَاءٌ[29].

 

9- أَجْلَى الجَبْهَةِ:

كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ المُتَقَدِّم.

وَمَعْنَى: "أَجْلَى الجَبْهَةِ" أَيْ: خَفِيفَ شَعَرِ اللِّحْيَةِ مِنَ الصُّدْغَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي انْحَسَرَ الشَّعَرُ عَنْ جَبْهَتِهِ[30].

 

10- عَرِيضُ النَّحْرِ:

كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرْيَرَةَ المُتَقَدِّمِ.

• هَلِ المَسِيحُ الدَّجَّالُ مَوْجُودٌ الآنَ؟

اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، وَالجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ الآنَ فِي جَزِيرَةٍ فِي البَحْرِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الجَسَّاسَةِ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍرضي الله عنه قَالَتْ: فَذَكَرَتْ قَصَّةَ تَأَيُّمِهَا مِنْ زَوْجِهَا، قَالَتْ: فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي سَمِعْتُ نِدَاءَ المُنَادِي، مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الصَّلَاةَ جَامِعَة"، فَخَرَجْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسِاءِ الَّتِي تَلِي ظُهُورَ القَوْمِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ، جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: "لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ"، ثُمَّ قَالَ: "أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟" قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "إِنِّي وَاللهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ، لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بِهِمُ المَوْجُ شَهْرًا فِي البَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي البَحْرِ حَتَّى مَغْرِبَ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ، مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قَالُوا: وَمَا الجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: أَيُّهَا القَوْمُ، انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ، قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا، حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي، فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا البَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ،فَلَعِبَ بِنَا المَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ، فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قُلْنَا: وَمَا الجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ، فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا مِنْهَا، وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا، هَلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قَالُوا: هِيَ كَثِيرَةُ المَاءِ، قَالَ: أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ، قَالُوا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِي العَيْنِ مَاءٌ؟ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ العَيْنِ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، هِيَ كَثِيرَةُ المَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ، قَالَ: أَقَاتَلَهُ العَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ العَرَبِ وَأَطَاعُوهُ، قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي، إِنِّي أَنَا المَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً - أَوْ وَاحِدًا - مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِيعَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي المِنْبَرِ: "هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ" - يَعْنِي المَدِينَةَ - "أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟" فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ، "فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ، أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ، وَعَنِ المَدِينَةِ وَمَكَّةَ، أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ، أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لَا، بَلْ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ" وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى المَشْرِقِ، قَالَتْ: فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم [31].

 

وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: بَلْ هُوَ ابْنُ صَيَّادٍ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ، وَأَحَادِيُثُهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، مِنْهَا:

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ صَيَّادٍ: "أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟" فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ فَرَفَضَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: "آمَنْتُ بِاللهِ وَبِرُسُلِهِ" ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَاذَا تَرَى؟" قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ" ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا" فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: ذَرْنِي، يَا رَسُولَ اللهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ"[32].

وَالصَّوَابُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهُ هُوَ المَذْكُورُ فِي حَدِيثِ الجَسَّاسَةِ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَ ابْنِ صَيَّادٍ مُحْتَمِلَةٌ، وَحَدِيثُ الجَسَّاسَةِ نَصٌّ فِي المَسْأَلَةِ.

 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رضي الله عنه:

"وَالمَقْصُودُ أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ لَيْسَ بِالدَّجَّالِ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَطْعًا، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الضَّمْرِيَّةِ، فَإِنَّهُ فَيْصَلٌ فِي هَذَا المَقَامِ"اهـ[33].

 

• مَكَانُ خُرُوجِ الدَّجَّالِ:

يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ جِهَةِ المَشْرِقِ، مِنْ خُرَاسَانَ[34]، مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ[35]، ثُمَّ يَسِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ.

فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ المُتَقَدِّمِ: "أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّامِ، أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لَا، بَلْ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ"، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى المَشْرِقِ [36].

 

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الدَّجَّالُ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالمَشْرِقِ، يُقَالُ لَهَا: خُرَاسَانُ، يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ"[37].

 

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ، مَعَهُ سَبْعُونَ الفًا مِنَ اليَهُودِ عَلَيْهِمُ التِّيجَانُ"[38].

 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رضي الله عنه:

"فَيَكُونُ بَدْءُ ظُهُورِهِ مِنْ أَصْبَهَانَ، مِنْ حَارَةٍ يُقَالُ لَهَا: اليَهُودِيَّةُ"[39].

 

• الأَمَاكِنُ المُحَرَّمُ دُخُولُهَا عَلَى الدَّجَّالِ:

حُرِّمَ عَلَى الدَّجَّالِ دُخُولُ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ المَدِينَةِ، وَمَسْجِدِ الطُّورِ، وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى.

فَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: "وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي، إِنِّي أَنَا المَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً - أَوْ وَاحِدًا - مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا"، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم -وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي المِنْبَرِ-: "هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ" يَعْنِي المَدِينَةَ[40].

 

وَعَنْ جُنَادَةَ بْنِ أُمَيَّةَ الأَزْدِيِّ قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ فِي الدَّجَّالِ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، وَفِيهِ: "وَإِنَّهُ يَمْكُثُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، يَبْلُغُ فِيهَا كُلَّ مَنْهَلٍ، وَلَا يَقْرَبُ أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ: مَسْجِدَ الحَرَامِ، وَمَسْجِدَ المَدِينَةِ، وَمَسْجِدَ الطُّورِ، وَمَسْجِدَ الأَقْصَى"[41].

 

• مُدَّةُ مُكْثِ الدَّجَّالِ فِي الأَرْضِ:

يَمْكُثُ الدَّجَّالُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، كَمَا فِي الحَدِيثَيْنِ المُتَقَدِّمَيْنِ.

فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: "فَأَخْرُجُ، فَلَا أَدَعُ قَرْيَةً إِلَّا دَخَلْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ".

وَفِي حَدِيثِ جُنَادَةَ بْنِ أُمَيَّةَ الأَزْدِيِّ: "وَإِنَّهُ يَمْكُثُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا".

وَعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه، أَنَّ الصَّحَابَةَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا لُبْثُهُ فِي الأَرْضِ؟ قال: "أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ"[42].

 

• أَتْبَاعُ الدَّجَّالِ:

أَكْثَرُ أَتْبَاعِ الدَّجَّالِ مِنَ اليَهُودِ، وَالعَجَمِ، وَالتُّرْكِ، وَأَخْلَاطٍ مِنَ النَّاسِ، بِمَا فِيهِمُ الأَعْرَابُ وَالنِّسَاءُ؛ فَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ"[43].

وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الَّذِي تَقَدَّمَ: "يَتْبَعُهُ قَوْمٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ"[44].

 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رضي الله عنه:

"وَالظَّاهِرُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنَّ المُرَادَ هَؤُلَاءِ التُّرْكُ أَنْصَارُ الدَّجَّالِ"[45].

وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الطَّوِيلِ: "وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَقُولَ لِلأَعْرَابِيِّ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَقُولَانِ: يَا بُنَيَّ، اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ"[46].

وَذَلِكَ لِأَنَّ الجَهْلَ غَالِبٌ عَلَى الأَعْرَابِ، وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ حَالُهُنَّ أَشَدُّ مِنْ حَالِ الأَعْرَابِ، لِشِدَّةِ تَأَثُّرِهِنَّ وَغَلَبَةِ الجَهْلِ عَلَيْهِنَّ.

 

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَنْزِلُ الدَّجَّالُ فِي هَذِهِ السَّبَخَةِ بِمَرِّقَنَاةَ، فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إِلَى حَمِيمِهِ وَإِلَى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ، فَيُوثِقُهَا رِبَاطًا، مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ"[47].

 

• هَلَاكُ الدَّجَّالِ:

فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ: "فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ[48]، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلَهُ، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللهُ مِنْهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الجَنَّةِ"[49].

 

وَعَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ المَدِينَةِ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ المُسْلِمُونَ: لَا، وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الغَنَائِمَ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ: إِنَّ المَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلْحُ فِي المَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ"[50].



[1] انظر "النهاية في غريب الحديث" 2/ 102.

[2] انظر "لسان العرب" 11/ 236.

[3] "لسان العرب" 11/ 236، 237.

[4] سيأتي تخريجه.

[5] أخرجه مسلم 2942.

[6] أخرجه البخاري 7128.

[7] أخرجه أبو داود 4320، وصححه الألباني في "المشكاة" 5485.

[8] أخرجه مسلم 2937.

[9] انظر التخريج السابق.

[10] أخرجه مسلم 2933.

[11] متفق عليه: أخرجه البخاري 3450، ومسلم 2934.

الظفرة: لحمة تنبت عند المآقي، وقد تمتد إلى السواد فتغشاه. "النهاية" 3/ 158.

[12] متفق عليه: أخرجه البخاري 7123، ومسلم 169.

[13] أخرجه مسلم 2934.

[14] انظر "شرح مسلم" للنووي 2/ 235.

[15] "التذكرة" 663.

[16] المرجع قبل السابق.

[17] متفق عليه: أخرجه البخاري 3450، ومسلم 2934.

[18] انظر "فتح الباري" 13/ 97.

[19] متفق عليه: أخرجه البخاري 7131، ومسلم 2933.

[20] متفق عليه: أخرجه البخاري 3450، ومسلم 2934.

[21] أخرجه مسلم 2937.

[22] انظر "شرح مسلم" 18/ 65، "النهاية" 4/ 81.

[23] متفق عليه: أخرجه البخاري 7128، ومسلم 169.

[24] متفق عليه: أخرجه البخاري 3450، ومسلم 2934.

[25] انظر "النهاية في غريب الأثر" 1/ 80.

[26] أخرجه أبو داود 4320، وصححه الألباني في "المشكاة" 5485.

[27] "عون المعبود" 7/ 390.

[28] أخرجه أحمد 15/28، وَقَالَ أحمد شاكر: إسناده صحيح.

[29] انظر "النهاية في غريب الحديث" 2/ 126، "لسان العرب" 1/ 77.

[30] انظر "النهاية" 1/ 290.

[31] أخرجه مسلم 2942.

[32] متفق عليه: أخرجه البخاري 1289، ومسلم 2930، 2931.

[33] "النهاية في الفتن والملاحم" 1/ 108.

[34] خراسان: بلاد واسعة في جهة المشرق، تشتمل على عدة بلدان، منها: نيسابور، وهراة، ومرو، وبلخ، وما يتخلل ذلك من المدن دون نهر جيحون. انظر "معجم البلدان" 2/ 350.

[35] أصبهان: قال ياقوت: "مدينة أصبهان بالموقع المعروف بـجي، وهو الآن يعرف بـشهرستان، وبـالمدينة فلما سار بختنصر وأخذ بيت المقدس، وسبى أهلها، حمل معه يهودها، وأنزلها أصبهان، فبنوا لهم في طرف مدينة جي محلة، ونزلوها، وسميت اليهودية، فمدينة أصبهان اليوم هي اليهودية" أهـ "معجم البلدان" 1/ 208.

[36] تقدم تخريجه.

[37] أخرجه الترمذي 2237 وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه 4072، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" 3398.

[38] إسناده حسن: أخرجه أحمد 12277، وأصل الحديث عند مسلم برقم 2944.

[39] "النهاية في الفتن والملاحم" 1/ 128.

[40] تقدم تخريجه.

[41] أخرجه أحمد 24/ 76 "الفتح الرباني"، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 343: "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح"، وَقَالَ ابن حجر في "فتح الباري" 13/ 105: "رجاله ثقات".

[42] أخرجه مسلم 2937.

[43] أخرجه مسلم 2944.

[44] وقد تقدم.

[45] "النهاية في الفتن والملاحم" 1/ 117.

[46] أخرجه ابن ماجه 4077 وَقَالَ الألباني : في "ظلال الجنة" ص 160: "إسناده ضعيف، رجاله كلهم ثقات، غير عمرو بن عبد الله الحضرمي، لم يوثقه غير ابن حبان، والحديث أخرجه ابن ماجه 4077، والآجري في "الشريعة" ص 375 – 376 من طريق أخرى عن السيباني. ولي رسالة في تخريج هذا الحديث، وتحقيق الكلام على فقراته التي وجدت لأكثرها شواهد تقويها". اهـ.

[47] إسناده صحيح أخرجه أحمد 5353 وَقَالَ أحمد شاكر: إسناده صحيح.

مرقناة: واد يأتي من الطائف.

[48] أي: لابس مهرودتين، أي: ثوبين مصبوغين بورس ثم زعفران. "شرح مسلم" 9/ 250.

[49] تقدم.

[50] أخرجه مسلم 2897.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدجال ونزول عيسى بن مريم
  • فتنة المسيح الدجال
  • المسيح الدجال
  • فتنة الدجال
  • الوقاية من فتنة المسيح الدجال
  • أنذركم المسيح الدجال
  • أعظم فتنة في الأرض (فتنة الدجال) وأربعة عشر سببا للنجاة منه
  • فتنة المسيح الدجال (خطبة)
  • خطبة أتباع الدجال

مختارات من الشبكة

  • توحيد الأسماء والصفات واشتماله على توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام صفات الله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إفراد أحاديث أسماء الله وصفاته - غير صفات الأفعال - في الكتب والسنة (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • العظمة صفة من صفات الله(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • اعتقاد أهل السنة والجماعة في الصفات الثبوتية والصفات السلبية(المنفية)(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • السلوك المزعج للأولاد: كيف نفهمه؟ وكيف نعالجه؟ (3) صفات السن(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • اتصاف الله بصفات الكمال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفات الحروف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: وكونوا مع الصادقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللآلئ الغراء من فضائل وفوائد الحياء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/11/1446هـ - الساعة: 21:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب