• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

كيف نبني البيت المسلم؟ (خطبة)

كيف نبني البيت المسلم؟ (خطبة)
جمعية التنمية الأسرية بالمنطقة الشرقية (وئام)

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/4/2017 ميلادي - 9/7/1438 هجري

الزيارات: 100451

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كيف نبني البيت المسلم؟ (خطبة)[1]

 

اهتمام الإسلام بالأسرة نواة المجتمع الإسلامي.

قواعد بناء البيت المسلم:

1 - الإيمان الصادق بالله ورسوله.

2 - السكينة والمودة والرحمة.

3 - إقامة البيت المسلم والأسرة المسلمة وفق شرع الله.

4 - التعاون على الطاعة.

5 - التعاون في شؤون الأسرة.

6 - أداء الحقوق الزوجية.

7 - حسن تربية الأولاد.

 

كيف نبني البيت المسلم؟

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد[2]:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هُدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة[3].

 

عباد الله:

أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل؛ فهي وصية الله للأولين والآخرين، كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].

 

أيها المسلمون:

اهتمَّ الإسلام بالأسرة والبيت المسلم؛ لأنها نواة المجتمع الإسلامي، والمحضن التربوي الأصيل، والخليَّة الأولى التي يَفتح الطفل عينيه عليها؛ وفيها تعيش الأسرة جزءًا كبيرًا من حياتها.

 

فإذا صلحَت الأسرة صلح المجتمع الإسلامي؛ لذا يجِب الاعتناء بالبيت المسلم بتهيئته لحياة سعيدة، يملؤها الإيمان والمحبَّة، وجعلها مسجدًا للعبادة، ومعهدًا للعلم، وملتقًى للفرح والسعادة.

 

عباد الله:

إن الإسلام قد اعتنى بالأسرة منذ بدء تكوينها، فوضع الأسس والقواعد التي يعتلي عليها البناء الشَّامخ القوي الذي لا يهتز أمامَ رياح المشاكل، وعواصف الأزمات.

 

فالبيت المسلم يقوم على مجموعة من الأسس والقواعد التي تَحكمه، وتنظم سير الحياة فيه، كما أنها تميِّزه عن غيره من البيوت، وتُستمد هذه القواعد من القرآن الكريم، والسنَّة النبوية الشريفة، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحياة الصحابة، والتابعين.

 

عباد الله:

ألا وإن من أهم قواعد بناء البيت المسلم:

1 - الإيمان الصادق بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وما يتطلَّبه ذلك من الإخلاص لله، ودوام الخشية منه، وتقواه، والعمل بأوامره، واجتناب نواهيه، وتربية جميع أفراد الأسرة على ذلك.

 

ومما يدلُّ على هذا أن الإسلام من بداية الأمر جعل الدِّينَ هو الأساس الأول في اختيار شَريك وشريكة الحياة، قال صلى الله عليه وسلم: ((تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدِينها، فاظفر بذات الدِّين، تربت يداك))[4].

 

وعلى الطرف الآخر قال لأهل الفتاة في الحديث الشريف: ((إذا خطب إليكم مَن ترضَون دِينَه وخُلقَه، فزوِّجوه؛ إلا تفعلوا تَكن فِتنة في الأرض وفَساد عريضٌ))[5].

 

وجاء رجل إلى الحسن بن علي يسأله قائلًا: خطب ابنتي جماعة، فمَن أزوِّجها؟ قال: زوِّجها من التَّقي؛ فإنه إنْ أحبَّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها[6].

 

إذًا؛ لقد حثَّ الله تبارك وتعالى على أهميَّة البناء الإيماني، وشرط أن يكون الأساس الراسخ لأي بنيان يريد أن يشيده الإنسان، فقال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة: 109].

 

فقوله: ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 109]؛ أي: على نيَّة صالحة وإخلاص، ﴿ وَرِضْوَانٍ ﴾ [التوبة: 109]؛ بأن كان موافِقًا لأمره، فجمع في عمله بين الإخلاص والمتابعة، ﴿ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا ﴾ [التوبة: 109]؛ أي: على طرف، ﴿ جُرُفٍ هَارٍ ﴾ [التوبة: 109]؛ أي: بالٍ، قد تداعى للانهدام، ﴿ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة: 109][7].

 

فالتقوى هي أساس كل بنيان، وكذلك البيت المسلم الذي يتأسَّس من بدايته على الصلاح، والاهتمام بالجانب الإيماني في علاقة الزَّوجين مع الله تبارك وتعالى؛ ولذا نجد أيها الأزواج أنَّ البيت المسلم الذي أُسِّس على تقوى الله عز وجل من صفاته:

• الحرص على أداء فرائض الله تبارك وتعالى في وقتها.

• نشأة الأبناء على طاعة الله عز وجل؛ لأنَّ الأبوين مهتمَّان بعلاقتهما مع الله عز وجل، وبالتالي ينشأ الأبناء من خلال المحاكاة والقدوة على عبادة الله عز وجل.

 

• قلَّة الخلافات بين الزوجين؛ لأنَّ أصل علاقة الزوجين مبني على أساس قوي، لا يتزعزع مهما كانت الأسباب، وإن حدَث خلاف فسرعان ما يبادر الزوجان إلى حله.

• السكينة والطمأنينة النفسية في البيت.

 

أمَّا البيت غير الإسلامي الذي لا يهتمُّ بطاعة الله عز وجل، فإن من صفاته:

• تضييع الفرائض وتفويتها وتأخيرها.

• يكبر الأبناء وهم لا يدرون أمر دينهم.

• أصل العلاقة بين الزوجين لا يكون على طاعة الله عز وجل؛ وإنما يكون على المادية والمصلحة.

 

أيها المسلمون:

إن اختيار الزوجة ذات الدِّين والإيمان أصبح اليوم أمرًا صعبًا، عكس ما كان عليه أيام الرَّعيل الأول، فعلى الإنسان أن يحرص كلَّ الحرص في اختيار الزوجة الصالحة؛ فإنها نواة الأسرة المسلمة.

 

"فيجب الاهتمام البالغ بتكوين المسلمة لتنشئ البيت المسلم، وينبغي لمن يريد بناء بيتٍ مسلم أن يبحث له أولًا عن الزوجة المسلمة، وإلا فسيتأخر طويلًا بناء الجماعة الإسلاميَّة، وسيظل البنيان متخاذلًا كثير الثغرات! وفي الجماعة المسلمة الأولى كان الأمر أيسر مما هو في أيامنا هذه، كان قد أنشئ مجتمع مسلِم في المدينة، يهيمن عليه الإسلام، يهيمن عليه بتصوره النَّظيف للحياة البشرية، ويهيمن عليه بتشريعه المنبثق من هذا التصور، وكان المرجع فيه - مرجع الرجال والنساء جميعًا - إلى الله ورسوله، وإلى حُكم الله وحكم رسوله، فإذا نزل الحكم فهو القضاء الأخير.

 

وبحكم وجود هذا المجتمع، وسيطرة تصوره وتقاليده على الحياة، كان الأمر سهلًا بالنسبة للمرأة لكي تصوغ نفسها كما يريد الإسلام، وكان الأمر سهلًا بالنسبة للأزواج كي ينصحوا نساءهم، ويربوا أبناءهم على منهج الإسلام، نحن الآن في موقف متغير...، هناك كان الرجل والمرأة والمجتمع كلهم يتحاكمون إلى تصور واحد، وحكم واحد، وطابع واحد"[8].

 

2 - السكينة والمودة والرحمة:

العلاقة الزوجيَّة تقوم على السكن والمودة والرحمة، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، والمقصود بالسَّكينة: الاستقرار النفسي؛ حيث تكون الزوجة قرَّةَ عينٍ لزوجها، لا يعدوها إلى غيرها، كما يكون الزوج قرَّةَ عين لامرأته، لا تفكِّر في غيره، والمودة: هي شعور متبادل بالحب، يجعل العلاقة قائمة على الرضاء والسعادة.

 

والرحمة صِفة أساسية في الأخلاق العظيمة في الرجال والنساء، على حدٍّ سواء، فالله سبحانه يقول لنبيه: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]، فليست الرحمة لونًا من الشفقة العارضة؛ وإنما هي نَبع للرقَّة الدائمة، ودماثة الخلق، وشرف السيرة.

وعندما تقوم البيوت على السكن المستقر، والودِّ المتصل، والتراحم الحاني، فإن الزواج يكون أشرف النِّعم، وأبركها أثرًا.

 

3 - إقامة البيت المسلِم والأسرة المسلمة وفق شرع الله وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا يقدمان على خطوة إلَّا بعد أن يَعلما حكمَ الله ورسوله فيها، فإن علِماه لم يُقدِّما عليه شيئًا أبدًا، سواء كان عرفًا، أو عادة، أو هوًى، ويستعليان بعقيدتهما، ويقفان بصلابة أمام الفتن والمشاكل والمغريات.

 

4 - التعاون على الطاعة:

بأن يحضَّ كلٌّ منهما الآخر على عمل الخير، ويشجِّعه عليه، قال صلى الله عليه وسلم: ((رَحِم الله رجلًا قام من الليل فصلَّى، ثم أيقظ امرأتَه فصلَّت، فإن أبَت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأةً قامت من الليل فصلَّت، ثم أيقظت زوجها فصلَّى، فإن أبى نضحَت في وجهه الماء))[9].

 

يقول الغزالي وهو يتكلَّم على دور الزوج في تعليم زَوجته: "ويعلِّم زوجته أحكامَ الصلاة، وما يُقضى منها في الحيض وما لا يقضى، فإنه أُمر بأن يقيها النار، بقوله تعالى: ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]، فعليه أن يلقِّنها اعتقادَ أهل السنة، ويزيل عن قلبها كل بدعة إن استمعت إليها، ويخوفها في الله إن تساهلت في أمر الدين، ويعلِّمها من أحكام الحيض والاستحاضة ما تحتاج إليه"[10].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي نزَّل على عبده الفرقانَ ليكون للعالمين نذيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إنه كان بعباده خبيرًا بصيرًا، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

عباد الله:

ألا وإن من القواعد والأسس التي يجب أن تقوم عليها البيوت المسلمة:

5 - التعاون في شؤون الأسرة:

فعن الأسود قال: سألتُ عائشةَ: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يَصنع في بيته؟ قالت: "كان يكون في مهنة أهله - تعني: خدمة أهله - فإذا حضرَت الصلاة خرج إلى الصلاة"[11].

 

وقال علي رضي الله عنه: "يا رسول الله، والله لقد سنوت حتى اشتكيتُ صدري"، وقالت فاطمة رضي الله عنها: "قد طحنت حتى مجلت يداي"[12].

 

وهذا لأن رعاية البيت حقٌّ مشترك بين الرجل والمرأة، قال صلى الله عليه وسلم: ((كلُّكم راعٍ وكلم مَسؤول عن رعيَّته...، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيَّته، والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيَّتها))[13].

 

6 - أداء الحقوق الزوجية:

من الأسس التي يَقوم عليها البيت المسلم والأسرة المسلمة: أداء الحقوق، وأن يَعرف كلُّ واحد ما عليه، وما هو له، وقد أمر الإسلام الأزواجَ بحسن معاملة زوجاتهم، قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ألا واستوصوا بالنِّساء خيرًا؛ فإنما هنَّ عوانٍ عندكم))[14]، بل جعل الإسلام حسنَ معاملة الزوج لأهله من أمارات مروءته وخيريَّته؛ وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي))[15].

 

وكذلك أمر الإسلام الزوجات بحسن عشرة أزواجهنَّ، وجعل أداء المرأة حقَّ ربها متوقفًا على أداء حق زوجها، قال صلى الله عليه وسلم: ((فإنِّي لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله، لأمرتُ المرأةَ أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدِّي المرأة حقَّ ربها حتى تؤدِّي حقَّ زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتبٍ، لم تمنعه))[16]، ولا شك أن كلًّا من الزوجين إذا التزم بهذه التوجيهات، تحقَّق للأسرة المسلمة الاستقرار والأمن والطمأنينة.

 

7 - حسن تربية الأولاد:

يؤكِّد الإسلام على حسن تربية الأولاد، وتنشئتهم نشأة إسلاميَّة صحيحة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، وتبدأ مسؤولية الرجل والمرأة تجاه أولادهما منذ اللحظة الأولى التي يتَّجه فيها تفكيرهما إلى إنشاء بيتٍ وتكوين أسرة؛ إذ إنَّ عليهما أن يُحسِنا انتقاء واختيار من سيكون أبًا أو أمًّا لأطفالهما، ثمَّ بعد أن يأتي المولود إلى هذه الدنيا.

 

فيكون الواجب عليهما تعليم الأولاد، وحسن تأديبهم، فعلى كل أبٍ وأمٍّ أن يبثَّا في نفوس أولادهما عقيدة التوحيد، ويغرِسا في أذهانهم مبادئ الإسلام منذ نعومة أظفارهم، وعليهما أن يحرِصا على تعويدهم أداء العبادات، يقول صلى الله عليه وسلم: ((مُروا أولادكم بالصَّلاة وهم أبناء سَبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع))[17].

 

وقد كان سلَف هذه الأمَّة يحرصون على تَعويد أطفالهم حب الدين، ويغرسون في نفوسهم معاني التضحية والفِداء من خلال تعليمهم سيرة النَّبي صلى الله عليه وسلم، وقصص الأنبياء عليهم السلام، بما فيها من مواقف عظيمة، وتضحيات جسيمة، لها أثرها القوي في تنشئة الطفل المسلم، وتكوين شخصيته، كما يجب أن يتأكَّد الوالدان من حضور أطفالهما مجالس العلم والخير؛ لينهلوا من مَعينها، ويتربوا على الفضيلة والكرم.

 

فالأولاد غرس الآباء، وثمرات أفئدتهم، فإن كان الوالد حريصًا على رعاية غرسه، وتعاهده وحمايته من الآفات التي قد تفسده أو تهلكه، فإنَّه يكون غرسًا صالحًا ومثمرًا نافعًا، وإن أهمله وتركه ولم يعطه حقه من الرعاية والعناية، فإن مصيره في الغالب هو الهلاك والبوار، فيشقى بنفسه ويُشقي والديه ومجتمعه من حوله[18].

لذلك علينا التمسُّك والالتزام بالمبادئ والأسس المتينة في بناء الأسرة؛ حتى تنهض أمَّتنا وتستعيد مكانتها ودورها.

 

عباد الله:

ثم اعلموا رحمكم الله أن الله تعالى أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلم وزِد وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأزواجه وذريته وصحابته، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين...



[1] إعداد وتأليف: اللجنة العلمية بمجموعة زاد - بإشراف الشيخ: محمد صالح المنجد.

[2] هذه خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه، وكان السلف يفتتحون بها خطبهم في دروسهم وكتبهم وأنكحتهم، وللألباني فيها رسالة لطيفة، جمع فيها طرق حديثها، وألفاظها، وذكر فيها فوائد تتناسب مع موضوعها، وقد طبعت على نفقة جمعية التمدن الإسلامي بدمشق، ثم طبعها المكتب الإسلامي طبعة ثانية جميلة مزيدة ومنقحة؛ أخرجها أبو داود (4607)، والنسائي (1578)، والحاكم (183)، وأحمد (3720 و4115).

[3] أخرجه مسلم (867).

[4] أخرجه البخاري (5090)، ومسلم (1466).

[5] أخرجه الترمذي (1084)، وابن ماجه (1967)، وحسنه الألباني في الإرواء (1868)، والصحيحة (1022).

[6] شرح السنة للبغوي (9/ 11).

[7] تفسير السعدي (1/ 353).

[8] في ظلال القرآن (6/ 3619).

[9] أخرجه النسائي (6010)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح (1230).

[10] إحياء علوم الدين (2/ 48).

[11] أخرجه البخاري (676).

[12] أخرجه أحمد (840).

[13] أخرجه البخاري (893)، ومسلم (1829).

[14] أخرجه الترمذي (1163)، وابن ماجه (1851)، وأحمد (20172)، وحسنه الألباني في المشكاة (2670)، والإرواء (2030).

[15] أخرجه الترمذي (3895)، وابن ماجه (1977)، وصححه الألباني في الصحيحة (285).

[16] أخرجه ابن ماجه (1853)، وابن حبان (1290)، والبيهقي (7/ 292)، وحسنه الألباني في الإرواء (1998)، وفي الترغيب (3/ 76).

[17] أخرجه أبو داود (495)، وأحمد (6650)، وحسنه الألباني في المشكاة (572)، وصحيح أبي داود (509)، والإرواء (247).

[18] انظر: (الأولاد أمانة) للدكتور: عبدالعزيز بن فوزان الفوزان، موقع رسالة الإسلام، بتصرف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البيت المسلم
  • حصن البيت المسلم
  • التربية والبيت المسلم

مختارات من الشبكة

  • "كيف حالك" في كلام الفصحاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كيف أوفق بين الدراسات العليا ومسؤولية البيت؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف نقنع أبانا بأن يهب البيت لنا ؟(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • كيف تتعامل المرأة مع اقتصاد البيت المنهار؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • كيف نصلح بيوتنا (3) خطبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف نصلح بيوتنا (2) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف نصلح بيوتنا (1) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف يكون بيتك سعيدا؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مضى حج البيت وبقي رب البيت(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تأملات في الحج (9) مضى حج البيت وبقي رب البيت(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب