• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446 هـ
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد إذا وافق يوم الجمعة ...
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المسائل المختصرة في أحكام الأضحية
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    الثامن من ذي الحجة
    د. سعد مردف
  •  
    خطبة عيد النحر 1446 هـ
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    التشويق لفضائل النحر والتشريق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

تأملات في سورة النساء (2)

تأملات في سورة النساء (2)
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/3/2017 ميلادي - 28/6/1438 هجري

الزيارات: 12095

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تأملات في سورة النساء (2)

 

الخطبة الأولى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلاَمُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللهِ... أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، حَيْثُ أَمَرَنَا فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ فَقَالَ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... لَا يَزَالُ الْحَدِيثُ مُسْتَمِرًّا عَنْ سُورَةٍ مِنْ أَعْظَمِ السُّوَرِ الَّتِي جَمَعَتْ فِقْهًا وَأَحْكَامًا، وَحَوَتْ مَوَاعِظَ عِظَامًا؛ سُورَةٌ النِّسَاءِ وَالَّتِي سَرَدْنَا فِيمَا مَضَيَ بَعْضًا مِنْ أَحْكَامِهَا لَا سِيَّمَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنِّسَاءِ وَأَحْكَامِهِنَّ مِنْ إِرْثٍ وَنِكَاحٍ وَطَلاَقٍ وَإِعْضَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَذَكَرْنَا فِيهَا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ نِصْفَ الرَّجُلِ فِي الْمِيرَاثِ وَهَذَا فِي الْأَعَمِّ الْغَالِبِ وَإلَّا فَهِيَ أَحْيَانًا تَزِيدُ وَأَحْيَانًا تَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ. وَالْيَوْمَ مَعَ وَقَفَاتٍ أُخْرَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْمُبَارَكَةِ، أَوَّلُهَا مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58] فَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِأَدَاءِ الْأَمَانَاتِ، وَكَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ الْمُؤَدَّى إِلَيْهِ خَائِنًا؛ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ والتِّرْمِذِيُّ، وَلا عَجَبَ مِنْ ذَلِكَ؛ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُطَارَدًا مِنْ قَوْمِهِ وَهُمْ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمُ الأَمَانَاتِ؛ لِذَا كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ يُلَقَّبُ بِالصَّادِقِ الأَمِينِ، أَمِينٌ فِي قَوْلِهِ، أَمِينٌ فِي فِعْلِهِ، أَمِينٌ مَعَ أَهْلِهِ، أَمِينٌ مَعَ النَّاسِ.

 

وَأَمَّا شَطْرُ الآيَةِ الثَّانِي فَهُوَ أَمْرٌ بِالْعَدْلِ مَعَ جَمِيعِ النَّاسِ.. مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ، صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ، قَرِيبِهِمْ وَغَرِيبِهِمْ.

 

عِبادَ اللهِ... إِنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِمٍ يَقُومُ عَلَى مَصَالِحِهِمْ، وَيَسُوسُ لَهُمْ أَمْرَ دُنْيَاهُمْ وَدِينِهِمْ؛ وَلِذَا أَمَرَ اللهُ بِالطَّاعَةِ لَهُمْ وَجَعَلَ طَاعَتَهُمْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُمْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةً عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]، قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ: "قَالَ الْعُلَمَاءُ: نَزَلَتِ الآيَةُ الْأُولَى فِي وُلاةِ الأُمُورِ؛ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا، وَإِذَا حَكَمُوا بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ، وَنَزَلَتِ الثَّانِيَةُ فِي الرَّعِيَّةِ مِنَ الْجُيُوشِ وَغَيْرِهِمْ، عَلَيْهِمْ أَنْ يُطِيعُوا أُولِي الْأَمْرِ الْفَاعِلِينَ لِذَلِكَ فِي قَسْمِهِمْ وَحُكْمِهِمْ وَمَغَازِيهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ إلَّا أَنْ يَأْمُرُوا بِمَعْصِيَةِ اللهِ، فَإِذَا أَمَرُوا بِمَعْصِيَةِ اللهِ فَلا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ، فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي شَيْءٍ رَدُّوهُ إلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ وُلاةُ الْأَمْرِ ذَلِكَ أُطِيعُوا فِيمَا يَأْمُرونَ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللهِ ورَسُولِهِ -لأَنَّ ذَلِكَ مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ- وَأُدِّيَتْ حُقُوقُهُمْ إِلَيْهِمْ كَمَا أَمَرَ اللهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]".

 

وعَلَى الأُمَّةِ قَاطِبَةً أَنْ تُحَكِّمَ كِتَابَ اللهِ بَيْنَهَا، وَأَنْ تَرْضَى بِحُكْمِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ تَطِيبَ نَفْسًا بِذَلِكَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

 

تِلْكَ الطَّاعَةُ -يَا عِبَادَ اللهِ- هِيَ سَبَبٌ لِلنَّعِيمِ الدَّائِمِ، سَبَبٌ لِمُرَافَقَةِ الأَنْبِيَاءِ والصَّالِحِينَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّ قَضِيَّةً مِنْ أَهَمِّ الْقَضَايَا الَّتِي أَيْقَنَ النَّاسُ بِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَعُدُّوا لَهَا الْعُدَّةَ، وَلَمْ يَأْخُذُوا لَهَا الأُهْبَةَ، إِنَّهَا قَضِيَّةُ الْمَوْتِ... فَالْمَوْتُ حَقٌّ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْكَافِرُ وَالْمُسْلِمُ لَكِنِ الْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَعُدُّ الْعُدَّةَ، أَمَّا الْكُفَّارُ فَإِنَّهُمْ ﴿ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ﴾ [محمد: 12] قَالَ اللهُ عَنِ الْمَوْتِ: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ [النساء: 78] كُلٌّ سَيَمُوتُ؛ الْكَبِيرُ والصَّغِيرُ، الصَّحِيحُ والْمَرِيضُ، الشَّرِيفُ والْوَضِيعُ ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ [الرحمن: 26] فَأَعِدُّوا واسْتَعِدُّوا، وَخُذُوا مِنْ طَاعَةِ اللهِ زَادًا يُوَصِّلُكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ.

 

وَتَمْضِي السُّورَةُ قُدُمًا لِتَتَحَدَّثَ عَنْ حَدَثٍ غَيَّرَ وَجْهَ التَّارِيخِ وَمُجْرَيَاتِ الأَحْدَاثِ، وَنَقَلَ النَّاسَ مِنَ الظَّلَامِ إِلَى النُّورِ، إِنَّهَا الْهِجْرَةُ -يَا عِبَادَ اللهِ- هِجْرَةُ الْبِلاَدِ وَالْعِبَادِ إِذَا هُمْ لَمْ يُقِيمُوا دِينَ اللهِ، لَقَدْ تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضَهُ وَأَهْلَهُ وَمَالَهُ وَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَدْعُوا إِلَى "لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ" ثُمَّ تَبِعَهُ أَصْحَابُهُ، هَذِهِ الْهِجْرَةُ كَانَ فِيهَا الْخَيْرُ وَالسَّعَةُ وَالْأَجْرُ؛ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 100] قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو يَعْلَي بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ ضَمْرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: احْمِلُونِي، فَأَخْرِجُونِي مِنْ أَرْضِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.

 

فَحَرِيُّ بِالإِنْسَانِ أَنْ يَعْمَلَ الصَّالِحَاتِ، وأَنْ يَبْتَعِدَ عَنِ الْمُوبِقَاتِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّاتِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124].

نَسَأْلُ اللهَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَأَنْ يُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ بِلا حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ، إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ والْقَادِرُ عَلَيْهِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا كَمَا أَمَرْ، والصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِ الْبَشَرِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أُوِلِي الْمَفَاخِرِ والْكَرَمْ، والتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.. أَمَّا بَعْدُ...

 

عِبَادَ اللهِ... ذَكَرَ اللهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْوَصِيَّةَ الْعَظِيمَةَ الَّتِي وَصَّى بِهَا الْأُمَمَ قَبْلَنَا وَأَمَرَنَا بِهَا أَيْضًا؛ فَقَالَ: ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴾ [النساء: 131].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّ مِنَ الآيَاتِ الَّتِي تَحُثُّ الْمُسْلِمَ عَلَى ابْتِغَاءِ وَجْهِ اللهِ، وَإِخْلاَصِ الْعَمَلِ لَهُ، وَإِرَادَةِ ثَوَابِهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي قَالَ فِيهَا تَعَالَى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 134] وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا إِلاَّ مَا قَدَّرَهُ اللهُ لَهُ بِلا زِيَادَةٍ.....

 

قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 18، 19].

 

عِبَادَ اللهِ... تِلْكَ بَعْضُ مَلاَمِحِ هَذِهِ السُّورَةِ وَالَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى أَشْهُرٍ بَلْ أَعْوَامٍ حَتَّى نُوَفِّيَهَا حَقَّهَا، فَهِيَ سُورَةٌ أَنْزَلَ اللهُ فِيهَا بُرْهَانًا لِلْأُمَّةِ مِنْ أَحْكَامٍ وَأَوَامِرَ وَتَوْجِيهَاتٍ؛ فَقَدْ جَاءَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ﴾ [النساء: 174، 175].

 

إِنَّ سُورَةً كَهَذِهِ لَتُبَرْهِنُ عَلَى عَظَمَةِ هَذَا الدِّينِ، فَلْتَجْتَمِعِ الْبَشَرِيَّةُ كُلُّهَا لِيَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِ هَذِهِ، أَوْ لِيَأْتُوا بِعُشْرِهَا أَوْ مِعْشَارِ عُشْرِهَا، بَلْ يَأْتُوا بِآيَةٍ مِنْ مِثْلِهَا!!

 

وَصَدَقَ الْعَلِيُّ الأَعْلَى إِذْ يَقُولُ: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 23، 24].

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَنَا بِالْقُرْآنِ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا الْخَطَأَ وَالْخِذْلاَنِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ.

 

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ مَنْ قَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 

اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأعَزُّ الْأكْرَمُ..

اللَّهُمَّ آتِ نفوسنا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا...

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُمْ.

اللهمَّ انْصُرْ المُجَاهِدِينَ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي الحَدِّ الجّنُوبِيِّ، اللهُمَّ اشْفِ جَرْحَاهُمْ وارْحَمْ مَوْتَاهُمْ وَسَدِّدْ رَمْيَهُمْ وَبَارِكْ فِي جُهُودِهِمْ...

اللهمَّ وَفِّقْ ولاةَ أمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بِنَواصِيهِمْ لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، اللهمَّ أَصْلحْ لَهُمْ بِطَانَتَهُمْ يِا ذَا الجَلالِ والإِكْرامِ...

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تأملات في سورة النساء (1)
  • خطبة عن: "أولئك كالأنعام بل هم أضل"
  • تأملات في سورة ق
  • آية الذرية في سورة النساء ومضامينها التربوية
  • { يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها }
  • ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت
  • ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم
  • {لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا}
  • سورة النساء (1) حقوق الله ورسوله
  • تأملات في سورة الانشقاق
  • سورة النساء (2) أحكام النساء
  • سورة النساء تكريم للمرأة

مختارات من الشبكة

  • تأملات في آيات من القرآن الكريم .. سورة النساء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في سورة الفاتحة(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تأملات بين الواقع وبعض معاني سورة الحجرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تأملات في سورة العنكبوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في بعض آيات سورة النازعات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات إيمانية في قصة نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام من خلال سورتي الأنبياء وص (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تأملات في سورة الكهف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن تأملات في سورة يوسف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في سورة الحجرات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تأملات في سورة الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب