• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فتاوى الطلاق الصادرة عن سماحة مفتي عام المملكة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    عناية النبي بضبط القرآن وحفظه في صدره الشريف
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    على علم عندي
    عبدالسلام بن محمد الرويحي
  •  
    عظمة الإسلام وتحديات الأعداء - فائدة من كتاب: ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: أهمية التعامل مع الأجهزة الإلكترونية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    نصيحتي إلى كل مسحور باختصار
    سلطان بن سراي الشمري
  •  
    الحج عبادة العمر: كيف يغيرنا من الداخل؟
    محمد أبو عطية
  •  
    تفسير سورة البلد
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    فضل يوم عرفة
    محمد أنور محمد مرسال
  •  
    خطبة: فضل العشر الأول من ذي الحجة
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: اغتنام أيام عشر ذي الحجة والتذكير بيوم عرفة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    حقوق الأم (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    من مائدة العقيدة: شروط شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    تحريم صرف شيء من مخلوقات الله لغيره سبحانه وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله يخلف على المنفق في سبيله ويعوضه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

خطبة عن احترام حقوق الآخرين

خطبة عن احترام حقوق الآخرين
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/3/2017 ميلادي - 27/6/1438 هجري

الزيارات: 121941

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن احترام حقوق الآخرين


الخطبة الأولى

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطْقَهُ، وَمَنْ سَكَتَ عَلِمَ سِرَّهُ، وَمَنْ عَاشَ فَعَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَمَنْ مَاتَ فَإِلَيْهِ مُنْقَلَبُهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ الْأَمِينُ، قَائِدُ الْغُرِّ الْمَيَامِينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ... أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلاَمُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

اتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ والنَّجْوَى، ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّ للهِ نِعَمًا عَلَى عِبَادِهِ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، فَمَنْ شَكَرَ زَادَهُ اللهُ، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ، وَإِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ الَّتِي لَا تَخْفَى عَلَى النَّاظِرِ مَا تَوَصَّلَ لَهُ الْبَشَرُ -بِفَضْلِ اللهِ- مِنْ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، وَالْأَجْهِزَةِ الْحَدِيثَةِ، حَتَّى صَارَ الْعَالَمُ قَرْيَةً صَغِيرَةً.

 

إلّا أَنَّ الْمُشْكِلَةَ تَكْمُنُ وَرَاءَ اسْتِخْدَامِنَا السَّيِّء لِهَذِهِ الْوَسَائِلِ؛ فَقَدْ ضَيَّعْنَا كَثِيرًا وَفَرَّطْنَا حَتَّى صَارَ الْجَوَّالُ بَدِيلاً عَنِ الْمُصْحَفِ، فَتَرَكْنَا كِتَابَ اللهِ لأَجْلِهِ، وصَارَتِ الوَسَائِلُ الأُخْرَى بَدِيلاً عَنْ سُنَّةِ رَسُولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واسْتَغْنَيْنَا بِهَا عَنْ صِلَةِ الأَقَارِبِ والأَرْحَامِ.

 

عِبَادَ اللهِ... إِنَّ الْمُسْلِمَ مَحْكُومٌ بِدِينٍ يُرَاعَى فِيهِ حَقُّ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، دِينٌ يَحْفَظُ عَلَى الإِنْسَانِ غَيْبَتَهُ كَمَا يَحْفَظُهَا فِي حُضُورِهِ.

 

لِذَلِكَ - وَفِي ظِلِّ الْوُقُوعِ فِي مُخَالَفَاتٍ شَرْعِيَّةٍ - كَانَ لِزَامًا عَلَيْنَا ومِنْ بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2] أَنْ نُنَبِّهَ عَلَى بَعْضِ الْأَخْطَاءِ وَالْمُخَالَفَاتِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا بَعْضُنَا.

 

أُولَى هَذِهِ الْمُخَالَفَاتِ - عِبَادَ اللهِ - هِيَ عَدَمُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الأَمَانَةِ؛ فَدِينُنُا دِينُ أَمَانَةٍ وَوَفَاءٍ وَصِدْقٍ، فَالنَّبِيُّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ مَا تَعْلَمُونَ مِنَ الْعَدَاوَةِ الشَّدِيدَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَقَّبُوهُ بِالصَّادِقِ الْأَمِينِ، وَأَوْدَعُوا عِنْدَهُ الْأَمَانَاتِ؛ وَلَا عَجَبَ، فَهُوَ الْقَائِلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الحَدِيثَ ثُمَّ التَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ"، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَذَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ فَقَالَ: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا... وَذَكَرَ مِنْهَا: وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا جَمَعَ اللهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ تَحُضُّ عَلَى حِفْظِ الأَمَانَةِ وَعَدَمِ الْغَدْرِ، الأَمَانَةِ فِي الْمَالِ أَوِ الْعِرْضِ أَوِ الْقَوْلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِمَّا يَحْدُثُ الْيَوْمَ أَنْ يَسْمَعَ الرَّجُلُ الْكَلِمَةَ فَيَنْشُرُهَا، وَيَلْتَقِطُ الصُّورَةَ فَيَبُثُّهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَيَرَى الشَّيْءَ فَلَا يَكْتُمُ خَبَرًا بَلْ يَطِيرُ بِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ بِلَا إِذْنٍ مِنْ صَاحِبِهِ بَلْ رُبَّما بِلَا مَعْرِفَةٍ مِنْهُ، فَضَيَّعْنَا الْأَمَانَةَ فِيمَا بَيْنَنَا، حَتَّى هُتِكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَعْرَاضٌ، وَانْتَشَرَتْ فَوَاحِشُ، وَدَبَّ بَيْنَ بَعْضِ النَّاسِ الشِّقَاقُ وَالْخِلاَفُ. وَقَدْ كَانَ الْأَوْلَى بِهَذَا الرَّجُلِ أَنْ يَصْمُتَ فَلَا يَتَحَدَّثَ، وَأَنْ يَكْتُمَ فَلَا يَنْشُرَ، وَأَنْ يَتَغَافَلَ فَلَا يُثَرِّبَ. رَوَى الْإمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَديثِ نُعَيْمِ بنِ هَزَّالٍ، أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَقِمْ عَلَيَّ كِتَابَ اللَّهِ....

 

فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهِ، فَلَمَّا مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ جَزَعَ، فَخَرَجَ يَشْتَدُّ، وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَرَمَاهُ بِوَظِيفِ حِمَارٍ، فَصَرَعَهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَدَّثَهُ بِأَمْرِهِ، فَقَالَ: "هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يَتُوبَ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ" ثُمَّ قَالَ: "يَا هَزَّالُ، لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ، كَانَ خَيْرًا لَكَ".

 

عِبَادَ اللهِ..وَمِنَ الْأَخْطَاءِ الَّتِي تَقَعُ أَيْضًا: تَتَبُّعُ عَوْرَاتِ النَّاسِ، وَمُحَاوَلَةِ مَعْرِفَةِ أَسْرَارِهِمْ، وَالْبَعْضُ يُحَاوِلُ أَنْ يَهْتِكَ خَوَاصَّهُمْ لِيَطَّلِعَ عَلَى مَا أَخْفَوْهُ، وَالشَّرْعُ قَدْ حَفِظَ لِلْمُسْلِمِ حُرْمَتَهُ، حُرْمَتَهُ فِي نَفْسِهِ، وَفِي أهْلِهِ، وَفِي بَيْتِهِ، وَفِي كُلِّ شُؤُونِ حَيَاتِهِ؛ فَفِي جَمْعِ عَرَفَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ" قَالَ: وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى الكَعْبَةِ فَقَالَ: "مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ".

 

بَلْ قَدْ نَهَى الشَّرْعُ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ فِي بَيْتِ أَخِيهِ بِلَا إِذْنِهِ فَإِنْ نَظَرَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَمِنْ قَبْلِ هَذَا وَرَدَ فِي كِتَابِ رَبِّكُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النور: 27].

 

كذلك نَهَى الشَّرْعُ أَيضًا وَحَرَّمَ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إِلَى صُوَرِ النِّسَاءِ عَبْرَ هَذِهِ الْمَوَاقِعِ وَالشَّاشَاتِ، وَأَنْ تَنَظُرَ الْمَرْأَةُ إِلَى الرِّجَالِ، وَرَبُّكُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30] وقال سبحانه ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 31] فَحَذَّرَ اللهُ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ النَّظَرَاتِ الَّتِي تَقُودُ رُبَّمَا إِلَى الْفُجُورِ وَالْعِصْيَانِ، فَالنَّظْرَةُ الْمُحَرَّمَةُ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إبْلِيسَ، وَهِيَ بَرِيدُ الزِّنَا، وَفِي الْحَديثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَقَوَّاهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجْرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ.....

 

فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرْنَا بِالْحِجَابِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْتَجِبَا مِنْهُ"، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا، وَلَا يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟!".

 

كُلُّ هَذَا - أَيُّهَا الإِخْوَةُ - مِنْ أَجْلِ حِفْظِ الْحُرُمَاتِ، وَصِيَانَةِ الْحُقُوقِ، فَحَرِيٌّ بِمَنِ اتَّقَى اللهَ أَنْ يَعْرِفَ لِلْمُسْلِمِينَ حَقَّهُمْ وَأَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُمْ، لَكِنَّ الْبَعْضَ لَمْ يُقَابِلْ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْعِصْيَانِ فَصَارَ يَتَتَبَّعُ الْعَوْرَاتِ وَيَهْتِكُ الأَسْتَارَ، بَلْ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُشِيعَ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ، فَلَا يَجِدُ صُورَةً إِلَّا وَنَشَرَهَا بَيْنَ مَنْ يَعْرِفُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ؛ وَصَدَقَ اللهُ إِذْ يَقُولُ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19] أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ أَهْلِ الْحَمْدِ وَمُسْتَحِقِّهِ، حَمْدًا يَفْضُلُ عَلَى كُلِّ حَمْدٍ كَفَضْلِ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةَ قَائِمٍ بِحَقِّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي صِدْقِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى صَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا جَادَ سَحَابٌ بِوَدَقِهِ، وَمَا رَعَدَ بَرْقُهُ... أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - عبادَ اللهِ - وَأَطِيعُوهُ، وَالْتَزِمُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ تُفْلِحُوا، وَاتَّبِعُوا رَسُولَكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا.

 

عبادَ اللهِ...قَدْ ذَكَرْنَا لَكُمْ أَمُورًا عِظَامًا، وَمُحَرَّمَاتٍ جِسَامًا؛ غَيْرَ أَنَّ ثَمَّ شَيْءٌ يَفُوقُ ذَلِكَ حُرْمَةً وَفُحْشًا؛ مَا وَقَعَ فِي قَوْمٍ إلَّا أَخَلَّ بَدِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ؛ إِنَّهُ نَشْرُ الْإِشَاعَاتِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَكَادُ الْبَعْضُ يَسْمَعُ كَلِمَةً إلَّا وَنَشَرَهَا وَطَارَ بِهَا فِي الْآفَاقِ بِدُونِ تَثَبُّتٍ،...

 

مَعَ أَنَّ اللهَ أَمَرَ بِذَلِكَ فَقَالَ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6] فَكَمْ مِنْ كَلِمَةٍ نُشِرَتْ اسْتُبِيحَتْ بِهَا الأَعْرَاضُ والأَمْوَالُ وظُهُورُ النَّاسِ؟ كَمْ مِنْ كَلِمَةٍ كَانَتْ سَبَبًا فِي فَسَادِ مُجْتَمَعَاتٍ وَبُيُوتٍ؟ كَمْ مِنْ كَلِمَةٍ ضَيَّعَتْ مُسْتَقْبَلَ أَفْرَادٍ بَلْ وَمُسْتَقْبَلَ أُمَمٍ؟!، إِنَّ نَشْرَ الْإشَاعَاتِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَبْرَ الْقَنَوَاتِ الْمَسْمُوعَةِ أَوِ الْمَرْئِيَّةِ أَوِ الْمَقْرُوءَةِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يُخِلُّ بِأَمْنِ الْعِبَادِ وَالْبِلاَدِ، وَرُبَّ كَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ صَاحِبَهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي مَنَامِهِ رَجُلاً يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَسَأَلَ عَنْهُ جِبْرِيلَ فَقَالَ لَهُ: "أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّهُ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغَارَ عَلَى دِينِهِ، وَعَلَى عِرْضِهِ، وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِعَامَّةٍ، وَعَلَى بَلَدِهِ بِخَاصَّةٍ؛ وَلِمَ لَا نَغَارُ عَلَى ذَلِكَ؟! وَرَبُّ الْعِزَّةِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ يَغَارُ عَلَى هَذِهِ الْحُرُمَاتِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ المُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ". فَهَلْ هُنَاكَ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ هَتْكِ أَسْرَارِ الْمُسْلِمِينَ وَخِيَانَةِ أَمَانَاتِهِمْ والْغَدْرِ بَأَعْرَاضِهِمْ، هَلْ هُنَاكَ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ تَتَبُّعِ الْعَوْرَاتِ وَإِطْلَاقِ الْبَصَرِ إِلَى الْمُحَرَّمَاتِ مُخَالِفِينَ أَمْرَ اللهِ وَأَمْرَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!

 

أَلَا فَانْتَبِهُوا - يَا عِبَادَ اللهِ - وَاحْذَرُوا غَضَبَ اللهِ وَشَدِيدَ عِقَابِهِ، وَخُذُوا أَنْفُسَكُمْ بِالْحُسْنَى، وَطَوِّعُوهَا للهِ، وَابْذُلُوهَا لِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُفْلِحُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

اللهَ نَسْأَلُ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ.

 

اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا، اللَّهمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا.. وَاحْفَظْ عَلَينَا أَمْنَنَا وَاسْتِقْرَارَنَا.. وَاكْفِنَا شَرَّ الْأَشْرَارِ .. وَكَيدَ الْفُجَّارِ يَا رَبَّ الْعَالَمينَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لآبَائِنَا وأُمَّهَاتِنَا، واجْزِهِمْ عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.

اللَّهُمَّ انصرْ إِخْوانَنَا المُرابطينَ عَلَى الْحَدِّ الْجَنُوبيِّ.. اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَهُمْ.. اللَّهُمَّ قَوِّ عَزَائِمَهُمْ اللَّهُمَّ كُنْ لَهُمْ مُعينًا وَنَصِيرًا.. اللَّهُمَّ اشْفِ جَرْحَاهُم وَارْحَمْ مَوْتَاهُمْ وَانْصُرهمْ عَلَى مَنْ عَادَاهُمْ ..

اللهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا لِهُداكَ، وَاجْعلْ عَمَلَه في رِضَاكَ، وَوَفِّقْ جميعَ وُلاةِ أُمورِ المُسلمينَ لِلعَمَلِ بِكِتَابِكَ، وَتَحْكيمِ شَرْعِكَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ..

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرائد الأول لحقوق الإنسان
  • حقوق الأخوة
  • حقوق الكبير والكبيرة والأكابر في الإسلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة خطورة التساهل بالديون، وحقوق الآخرين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إنقاذ حياة الآخرين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إياكم وعيوب الآخرين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم الخطبة على خطبة آخر(استشارة - الاستشارات)
  • نقطة ضوء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • احترام الآخرين (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • احترام خصوصيات الآخرين(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • كيف نكسب (خواطر دعوية - احترام الآخرين)(مادة مرئية - موقع د. ناجي بن إبراهيم العرفج)
  • أخي وعدم احترام الآخرين(استشارة - الاستشارات)
  • كيف تكسبين حب واحترام الآخرين(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
1- خطبة الجمعة
الشيخ أشرف عبدالله بدر - مصر 04-09-2021 03:02 PM

جزاكم الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/12/1446هـ - الساعة: 2:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب