• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

الاختلاف بين الأناجيل

اللواء المهندس أحمد عبدالوهاب علي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/3/2017 ميلادي - 24/6/1438 هجري

الزيارات: 83027

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاختلاف بين الأناجيل

 

يوجد اختلاف كثيرٌ بين الأناجيل: الواحد عن الآخر، واختلاف داخل الإنجيل نفسه، ومن الطبيعي أنه في أيِّ دراسة سواء كانت دراسة دينية أو أي دراسة، وخاصة ما يتعلق بالوحي والتنزيل والكتب المقدسة، فإنه تَحكمنا القاعدة الأساسية التي لا بد أن يقبلَها الكل، وهي أنه: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82].

 

(أ‌) - اختلاف متَّى ولوقا في نسَب المسيح:

لقد جرَتِ التقاليد المسيحيَّة في نسبة المسيح ليوسفَ النجار خطيب مريم[1].

فها هو لوقا يقول: "ولما ابتدأ يسوعُ كان له نحوُ ثلاثين سنةً، وهو على ما كان يظنُّ أنه ابن يوسف (النجار) ابن هالي بن..."؛ (3: 23).

 

ولقد اختَلف متى مع لوقا في تسلسُل نسب المسيح هذا؛ إذ جعله متَّى يأتي من نسل سُليمان بن داود، بينما جعله لوقا يأتي من نسل ابنٍ آخَر لداودَ؛ هو ناثان.

 

ويتَّضح الموقف بعمل جدول يبيِّن الأنساب التي ذكَرها كلٌّ من متى ولوقا مقارنةً بأنساب الآباء التي وردَت في أسفار العهد القديم، وخاصة سفر أخبار الأيام؛ وذلك كالآتي:

مسلسل

إنجيل متى

سفر أخبار الأيام الأول

إنجيل لوقا

مسلسل

إنجيل متى

سفر أخبار الأيام الأول

إنجيل لوقا

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

داود

 

سليمان

رحبعام

أبيا

آسا

يهوشافاط

يورام

عزيا

-

-

-

يوثام

آحاز

داود

سليمان ناثان

رحبعام

أبيا

آسا

يهوشافاط

يورام

اخزيا

يوآش

أمصيا

عزريا

يوثام

آحاز

 

داود

 

ناثان

متاثا

مينان

مليا

الياقيم

يونان

يوسف

يهوذا

شمعون

لاوي

متثات

يوريم

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

حزقيا

منسي

آمون

يوشيا

-

يكنيا

شألتيئيل

-

-

أبيهود

الياقيم

عازور

صادوق

أخيم

حزقيا

منسي

آمون

يوشيا

يهوياقيم

يكنيا

شألتيئيل

فدايا

زربابل

حنتيا

أليعازر

يوسي

عير

المودام

قصم

أدي

ملكي

نيزي

شألتيئيل

زربابل

ريسا

يوحنا

يهوذا

يوسف

 

مسلسل

إنجيل متى

سفر أخبار الأيام الأول

إنجيل لوقا

مسلسل

إنجيل متى

سفر أخبار الأيام الأول

إنجيل لوقا

28

29

30

31

32

33

34

35

اليود

أليعازر

متان

يعقوب

يوسف

 

شمعي

متاثيا

مآت

نجاي

حسلي

ناحوم

عاموص

متاثيا

36

37

38

39

40

41

42

 

 

 

يوسف

ينا

ملكي

لاوي

فتثاث

هالي

يوسف

 

يلاحظ في هذا الجدول أنه - تبسيطًا للدراسة - فقد اكتفينا بتتبع نسب سليمان بن داود كما جاء في سفر أخبار الأيام حتى المسلسل رقم (23) فقط، وصرَفنا النظرَ عن تتبُّع نسب ناثان بن داود، كما أنَّ الأنساب التي وُضع مكانها (-) تحت إنجيل متى إنما تَعني أسماءَ آباءٍ سقطَت خطأ من القائمة التي كتبَها متى.

 

إن الجدول السابق يكشف عن عدد من الملاحظات التي لا تَخفى على أحد، ولقد تحدَّث مفسِّرو الأناجيل في هذه الملاحظات، فكان مما قالوه الآتي:

يقول جون فنتون: "من المحتمل أن يكون متى قد استمرَّ في الاعتماد على (سفر أخبار الأيام الأول 3: 105- 16)، إلا أنه حذف ثلاثة أجيال بين يورام ويوثام، كما حذف يوهاقيم بعد يوشيا. أما تسلسُل النسب في لوقا، فإنَّه يسير خلال ابنٍ آخر لداود وهو ناثان، ولقد استطاع متى أن يأخذ الأسماء الثلاثة: يكنيا، وشألتيئيل، وزربابل، من (أخبار الأيام الأول 16:3) وما يليها، أما بالنِّسبة لبقية الأسماء المذكورة في قائمته فلم يكن لديه أيُّ مصدر مكتوبٍ حسبما نعلم.

 

كذلك فإن لوقا أورد في قائمته: شألتيئيل وزربابل، لكنه لم يذكر أحدًا من الآخرين (المذكورين في متى).

ويشير متى إلى أنه في كلٍّ من العصور الثلاثة يوجد أربعةَ عشَر جيلاً، رغم أنه في الحقيقة لم يَذكر سوى ثلاثة عشر اسمًا في الجيل الأخير ابتداء من 1: 12 - 16[2].

 

ويقول جورج كيرد: "في منتصف قائمة لوقا نجد هذه الأسماء الثلاثة: يوحنا بن ريسا بن زربابل، لكن يوحنا هي صيغة أخرى لاسم حننيا الذي كان ابنًا لزربابل. إن هذا الشخص ريسا لم يُذكر ألبتة في (سفر أخبار الأيام الأول 3: 19)، لكن ريسا هي كلمة آرامية تعني أمير، ولا بد أنها ملحَقة في القائمة الأصلية كلقب يسبق زربابل، وهو الرجل الوحيد الذي كان يمكن الإشارة إليه بهذا اللقب بعد عام 586 ق. م (عام السبي البابلي).

 

إن الخطأ الذي لحق بقائمة لوقا يمكن إرجاعُه إلى أن القائمة الأصلية (التي نقل عنها) كانت مصنَّفة بترتيب عكس هذا: زربابل الأمير ولد يوحنا"[3].

 

وخلاصة القول في نسب المسيح أننا إذا اعتبَرنا سفر أخبار الأيام الأول هو المرجع الرئيسيَّ لأنساب الآباء، نجد الآتي:

1- أخطأ متى في سلسلة نسب المسيح حين أسقَط منها خمسة أسماء (المسلسلات أرقام 9، 10، 11، 18، 21).

2- أخطأ لوقا حين أضاف ريسا (المسلسل رقم 24) بين زربابل ويوحنا.

3- اختلف لوقا مع متى اختلافًا جوهريًّا حين جعل يوسف زوج مريم ينحدر من نسل ناثان بن داود، بينما جعله متى ينحدر من نسل سليمان بن داود.

 

ومنذ قرون مضت بذَل نفرٌ من المدافعين عن الأناجيل - باعتبارها وحيًا من الله - محاولاتٍ مضنيةً للتوفيق بين لوقا ومتى؛ اعتمادًا على التقاليد الإسرائيلية، لكن محاولاتهم باءت جميعها بالفشل.

 

ويكفي التسليم بالخطأ الذي لحق بقائمة متى عند مقارنتها بما في سفر أخبار الأيام الأول - إذ إنه أسقط منها يوآش، وأمصيا، وعزريا، ويهوياقيم، وهو أمر واضح لا يَحتمل الجدل - حتى يكفي التسليمُ تبعًا لذلك باختلاف لوقا مع متى، وهو الشيء الذي قرَّره علماء المسيحية.

 

(ب) اختلاف الأناجيل في أسماء التلاميذ:

يقول متى في إنجيله: "أما أسماء الاثني عشر رسولاً، فهي هذه: الأول سمعان الذي يقال له: بطرس، وأندرواس أخوه، يعقوب بن زبدي، ويوحنا أخوه، فيلبس، وبرثولماوس، توما ومتى العشار، يعقوب بن حلفي، ولباوس الملقب تداوس، سمعان القانوني، ويهوذا الإسخريوطي (10: 2 - 4)".

 

لكن لوقا يقول: "لما كان النهار دعا تلاميذه، واختار منهم اثني عشر، الذين سمَّاهم أيضًا رسلاً؛ سمعان الذي سماه أيضًا بطرس، وأندرواس أخاه، يعقوب، يوحنا، فيلبس وبرثولماوس. متى وتوما، يعقوب بن حلفي، وسمعان الذي يدعى الغيور، يهوذا أخا يعقوب، ويهوذا الإسخريوطي - 6: 13 - 16".

 

ويذكر يوحنا أسماءَ بعض التلاميذ من بينهم يهوذا آخر غير الخائن، وهو الذي يقول عنه: "يهوذا ليس الإسخريوطي"؛ (14: 22).

من الواضح أنَّ هناك اختلافًا بين ما ذكَره متى ومرقس من جانب، وبين لوقا ويوحنا من جانب آخر؛ ولهذا يقول جورج كيرد: "عندما كتبت الأناجيل لم يكن هناك مجرد التحقق من شخصية التلاميذ، إن يهوذا بن يعقوب لا يظهر في القائمة المذكورة في كلٍّ من متى ومرقس، بينما شغل مكانه لباوس الملقب تداوس".

 

وهنا لا بد أن نَلفت النظر إلى أنَّ محمدًا ظهر تحت شمس التاريخ، وقد بلغ صحابته مائةَ ألف أو يزيدون، وقد عُرفت أسماؤهم وأخبارهم، فكيف بكتَبَة الأناجيل يَعجزون عن التحقُّق من الاثني عشر تلميذًا؟!

 

(جـ) اختلاف متى ومرقس في قصة تطهير الهيكل وشجرة التين:

يقول إنجيل متى: "دخل يسوع إلى هيكل الله، وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل، وقال لهم: مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص! ثم تركهم وخرج خارج المدينة إلى بيت عنيا، وبات هناك.

 

وفي الصباح إذ كان راجعًا إلى المدينة جاع، فنظر إلى شجرة تين على الطريق، وجاء إليها فلم يجد فيها شيئًا إلا ورقًا فقط فقال لها: لا يكن منك ثمرٌ بعدُ إلى الأبد، فيبست التينة في الحال.

 

فلما رأى التلاميذ ذلك تعجبوا قائلين: كيف يبست التينة في الحال؟! فأجاب يسوع وقال لهم: الحق أقول لكم؛ إن كان لكم إيمان ولا تشكُّون: إن قلتم لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر فيكون؛ (متى 21: 12 - 21).

 

لكن إنجيل مرقس يقول في هذا الحادث: "في الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع، فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق، وجاء لعله يجد فيها شيئًا، فلما جاء إليها لم يجد شيئًا إلا ورقًا؛ لأنه لم يكن وقت التين، فأجاب يسوع وقال لها: لا يأكل أحد منك ثمرًا بعدُ إلى الأبد، وكان تلاميذه يسمعون.

 

وجاؤوا إلى أورشليم، ولما دخل يسوع الهيكل ابتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل، وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام، وكان يعلم قائلاً لهم: أليس مكتوبًا بيتي بيت صلاة يدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص؟!

 

ولما صار المساء خرج إلى خارج المدينة، وفي الصباح إذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبسَت من الأصول، فتذكَّر بطرس وقال له: يا سيدي، انظر التينة التي لعنتها قد يبست! فأجاب يسوع وقال لهم: من قال لهذا الجبل: انتقل وانطرح في البحر، ولا يشك في قلبه، فمهما قال يكون له؛ (مرقس 11: 12 - 24).

 

ومن الواضح أنَّ هناك اختلافًا بين الروايتين، يمكن تلخيصه في الآتي:

1- بينما يذكر إنجيل متى أن تطهير يسوع للهيكل من الباعة والصيارفة قد حدَث قبل أن يمر بشجرة التين ثم يلعنَها، نجد عكس ذلك في إنجيل مرقس الذي يذكر حادث شجرة التين قبل تطهير الهيكل.

 

2- كذلك فإن تفصيلات حادث شجرة التين مختلفة في كلٍّ منهما.

ويشير جون فنتون إلى نقط الخلاف بينهما، فيقول: "نجد في إنجيل مرقس أن يسوع يبحث عن ثمر في الشجرة، ويلعنها في نفس اليوم، ثم يَلفت بطرس نظرَ يسوع إلى جفافها في اليوم التالي.

ولكنْ نتيجةً لما قام به متى من إعادة ترتيب الرواية فإن جميع أحداثها تقع في نفس اليوم"[4].

 

تعليق الدكتور محمد جميل غازي:

وقد علق الدكتور محمد جميل غازي على قصة شجرة التين بقوله: إنَّ إحدى الروايات تقول: إن الوقت لم يكن وقتَ تين، وهذا يَعني أن معلومات المسيح، الذي قيل: إنه الله، أو إنه ابن الله، لم تصل إلى مستوى معلومات الفلاَّح العادي الذي يعلم إن كان الوقتُ وقتَ تين أم لا، ولم يعلم إن كانت الشجرةُ التي يراها على مدِّ البصر بها تينٌ أم لا.

وتقول الروايتان: إن هذا الإله الجائعَ ذهب إلى الشجرة، ولما لم يجد بها تينًا فإنه لعنها!

 

3- مشكلة التنبؤات التي استحال تحقيقها:

بعد ذلك نأتي لموضوع خطير؛ هو مشكلة التنبؤات التي استحال تحقيقها.

إنَّ المتفق عليه بين علماء الديانات - وخاصة ديانات الكتب المقدسة؛ يعني بذلك عند أهلها - هو أنَّ أحد تعاريف النبي بأنه الشخص المرسَل من عند الله سبحانه وتعالى، أو الذي يتكلَّم بوحي من خالقه ولا يَدخل الخُلْفُ في أخباره.

 

فمن المؤكد أن النبي الذي يَصدُقك فيما حدث في الدنيا، لا بد أن يصدُقَك ما وعد به في الآخرة، لكن عندما تنسب نبوءة لنبي ما، بل وأكثر من نبوءة تثبت أن الحياة الدنيا التي نعيشها قد انتهت، فماذا يكون المصير بالنسبة لتنبؤات الحياة الأخرى؟! من المؤكد أن ما وعد به لن يتحقَّق أيضًا، أعتقد أن هذه قاعدة متفق عليها.

 

وبالنِّسبة لموضوع التنبُّؤات في الأناجيل نجد الآتي:

(أ) التنبؤ بأنَّ نهاية العالم تحدُث في القرن الأول الميلادي:

تقول الأناجيل: إن السيد المسيح "دعا تلاميذه الاثنَي عشر وأعطاهم سُلطانًا على أرواح نجسة حتى يُخرجوها، وشفَوا كل مرض، وأوصاهم قائلاً: هأنا أرسلُكم كغنَم وسط ذئاب، فكونوا حكماء كالحيَّات وبسطاءَ كالحمام، ومتى طرَدوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى؛ فإني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابنُ الإنسان (المسيح)"؛ (متى 10: 1 - 23).

أي: إن عودة المسيح ثانيةً إلى الأرض تحدث قبل أن يُكمل تلاميذُه التبشير في مدن إسرائيل.

 

وهي كذلك تحدث قبل أن يكون مُعاصرو المسيح الذين عاشوا في النِّصف الأول من القرن الأول الميلاديِّ - قد ماتوا:

"إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذٍ يُجازى كلُّ واحدٍ حسبَ عمله، الحق أقول لكم: إن من القيام هاهنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يرَوُا ابنَ الإنسان آتيًا في ملكوته"؛ (متى 16: 27 - 28).

 

وبصورةٍ أخرى تؤكِّد ما سبق؛ فإن نهاية العالم وعودةَ المسيح ثانيةً إلى الأرض لا بد أن تحدث قبل أن يفنَى ذلك الجيل الذي عاش في القرن الأوَّل من الميلاد:

"بعد ضيق تلك الأيام تُظلم الشمسُ، والقمر لا يعطي ضوءه، والنجوم تسقط من السماء، وقوات السماء تتزعزَع، وحينئذٍ تظهر علامةُ ابن الإنسان في السماء، ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوَّة ومجد كثير؛ الحق أقول لكم: لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله"؛ (متى 24: 29 - 34).

 

ويتفق كلٌّ من إنجيلَي (مرقس 13: 24 - 30) و(لوقا 21: 25 - 32) مع ذلك التقرير الخطير الذي قرَّره متى.

هذا، ومن الواضح - كما يقول جون فنتون -: "إن شيئًا من هذا لم يحدث كما توقَّعه متى"[5].

 

وعلى ذلك تكون التنبؤات التي نسبَتها الأناجيل للمسيح عن حدوث نهاية العالم في القرن الأول الميلاديِّ استحال تحقيقُها، ولا يمكن لأحدٍ الدفاعُ عنها.

 

(ب) التنبُّؤ باصطحاب يهوذا الخائنِ للمسيح في العالَم الآخَر:

في حوارٍ جرى بين المسيح وتلاميذِه عمَّن تكون له النجاة في العالم الآخَر، سأل بطرسُ معلِّمه عن أجر المؤمنين به، فقال: "ها نحن قد ترَكنا كلَّ شيء وتبعناك، فماذا يكون لنا؟" فأجابه المسيح: "متى جلس ابن الإنسان على كرسيِّ مجده تجلسون أنتم أيضًا على اثني عشر كرسيًّا، تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر"[6].

 

لقد كان يهوذا الإسخريوطي أحدَ التلاميذ الاثني عشر الذين قيلت لهم هذه النبوءة، وبعد خيانته أصبح يُعرف (بابن الهلاك)؛ لأنَّه طُرد من صحبة المسيح في الدنيا والآخرة.

وبهذا استحال تحقيق هذه النبوءة.

 

وإذا رجعنا إلى نظير هذه الفقرة في إنجيل لوقا، لوجدنا - كما يقول جون فنتون - "أنه حذف العدد الاثني عشر، ولعل ذلك يرجع إلى أنه كان يفكر في يهوذا الإسخريوطي"[7].

 

(جـ) التنبؤ بدفن المسيح في الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ:

حاول قوم من اليهود تعجيزَ المسيح فقالوا له: يا معلِّم، نريد أن نرى منك آية، فأجاب وقال لهم: جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تعطى له آيةٌ إلا آية يونان النبي؛ لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ، يكون هكذا ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ (متى 12: 38 - 40).

 

إن هذا القول شائعٌ في الأناجيل، تكرَّر ذكرُه في أغلبها، وفي أكثرَ من موضع، وقد ذكر في إنجيل (مرقس في 8: 31، 9، 31، 10: 34)، وذُكر في إنجيل لوقا، مع اختلاف هامٍّ يلحظُه القارئ، وذلك في قوله: "هذا الجيل شرِّير يطلب آيةً ولا تُعطى له إلا آية يونان النبي؛ لأنه كما كان يونان آيةً لأهل نِينَوى كذلك يكون ابن الإنسان أيضًا لهذا الجيل؛ (11: 29 - 30)، وذكرت الأيام الثلاثة في إنجيل (يوحنا 2: 19).

 

ونقرأ في سفر يونان (يونس) ما حدَث له؛ فقد "أعد (الربُّ) حوتًا عظيمًا ليبتلعَ يونان، فكان يونانُ في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ، فصلَّى يونان إلى الربِّ إلهه من جوف الحوت، وأمر الربُّ الحوت فقذف يونان إلى البر - (1: 17، 2: 1 - 10)، ومن الواضح إذًا أنه لكي تتحقق هذه النبوءة فيجب أن يبقى المصلوب في بطن الأرض ثلاثةَ أيام وثلاثَ ليالٍ.

 

ولكن إذا رجَعنا إلى ما تذكُره الأناجيل عن أحداث الصَّلب والقيامة، لوجدنا أن المصلوب أُنزل من على الصليب مساء الجمعة (يوم الصَّلب): "ولما كان المساء إذ كان الاستعداد؛ أي: ما قبل السبت، جاء يوسفُ الذي من الرامة، ودخل إلى بيلاطس (الحاكم) وطلب جسد يسوع، فدعا قائد المائة وسأله: هل له زمان قد مات، ولما عرف من قائد المائة وهب الجسد ليوسف.

 

فاشترى كتانًا فأنزله وكفَّنه بالكتان، ووضعه في قبر كان منحوتًا في صخرةٍ، ودحرج حجرًا على باب القبر (مرقس 15: 42 - 46).

 

ولقد اكتشفَ تلاميذُ المسيح وتابعوه أنَّ ذلك القبر كان خاليًا من الميت في الساعات الأولى من فجر يوم الأحد، وفي هذا يقول إنجيل متى:

"وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر، فأجاب الملاك وقال للمرأتين: ليس هو هاهنا؛ لأنه قام كما قال" (28: 1 - 6).

 

كذلك يقول إنجيل يوحنا:

"في أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرًا، والظلام باقٍ فنظرَت الحجر مرفوعًا عن القبر" (20: 1).

 

وبعملية حسابية بسيطة نجد أن:

عدد الأيام التي قضاها الميت في بطن الأرض (في القبر) = 1 يومًا (يوم السبت).

عدد الليالي التي قضاها الميت في بطن الأرض (في القبر) = 2 ليلة (ليلة السبت وجزء من ليلة الأحد على أحسن الفروض).

وبذلك استحال تحقيقُ هذه النبوءة التي قالت ببقاء الميت في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ.



[1] اتِّهام مُخزٍ، نسَبوه إلى هذا النبي الكريم وهو بريءٌ منه أشدَّ البراءة، واتهامٌ لأمِّه البتول العفَّة الحَصَان، وقد قص الله تعالى علينا أمرها وابنِها في سورة مريم؛ قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ﴾ [مريم: 16 - 21]، وقال سبحانه عنها في سورة التحريم: ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ [التحريم: 12].

[2] تفسير إنجيل متى: ص 39، 40.

[3] تفسير إنجيل لوقا: ص 19.

[4] تفسير إنجيل متى: ص 336.

[5] تفسير إنجيل متى: ص 21.

[6] (متى 19: 27 - 29).

[7] تفسير إنجيل متى: ص 317.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رواية لعن المسيح لشجرة تين في الأناجيل!
  • قداسة المسيح عليه السلام والأناجيل
  • معجزات المسيح عليه السلام في الأناجيل
  • تحريف الأناجيل
  • القيامة والظهور

مختارات من الشبكة

  • في سنة الاختلاف وآليات التعامل مع الآخر (قراءة في كتاب: دليل تنمية القدرة على تدبير الاختلاف)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات - الخامس: الاختلاف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أدب الاختلاف في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاختلاف: مفهومه في اللغة والاصطلاح وفي القرآن الكريم، والفرق بينه وبين الخلاف(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • جوانب الاختلاف بيني وبين زوجي كثيرة(استشارة - الاستشارات)
  • خطبة: سنة الاختلاف بين الزوجين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاختلاف في عدد مدارج الأصوات بين اللغويين وعلماء التجويد في ضوء علم اللغة الحديث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أوجه الاختلاف والتشابه بين المترجم والكاتب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة الاختلاف بين رواة البخاري عن الفربري وروايات عن إبراهيم بن معقل النسفي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نتائج الاختلاف بين القاعدة والتطبيق في النحو(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب