• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

محكم القرآن ومتشابهه

عبدالباقي يوسف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/1/2017 ميلادي - 24/4/1438 هجري

الزيارات: 18856

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مُحكَم القرآن ومُتشابهه


يقول تعالى في الآية السابعة من سورة آل عمران:

﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7].

 

﴿ هُوَ ﴾ الله ﴿ الَّذِي ﴾ بذاته الإلهية قد ﴿ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ﴾ تنزيلًا تنزيلًا، آية فآية ﴿ مِنْهُ ﴾ من القرآن ﴿ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ ﴾ ثابتات أحكامهن، جليَّة فيهن، ولا تقبلن التشبيه، أو اختلاف التفاسير، و: ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ هذه الآيات المحكمات هنَّ أصل الكتاب ومصدره، ولا يصح تحريك هذا المحكَم تحت أي ذريعة، كون الأحكام فيها بيِّنة وقاطعة لا استثناء فيها، ثم: ﴿ وَأُخَرُ ﴾ ممَّا يتضمن هذا الكتاب ﴿ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ المتشابه: هو نقيض المحكَم، الذي يحتمل تعدُّد الأحكام، واستخراج الاستثناء الذي يتوافق مع شرع الله وفق تبدُّل الزمان، أو المكان، أو الحالات التي يكون فيها الناس، فهذا الحُكم في هذه الآية المتشابهة يمكن العمل به في حالة ما، ويجوز اللاعملُ به في حالة أخرى حتى بالنسبة لذات الشخص، إنها أحكام متحرِّكة بحسب الموقف الذي يكون فيه الإنسان؛ فهي تبيح لك المنهيَّ عنه في موقف، ولا تبيحه لك في موقف آخر تكون فيه، وفي ذلك يُقال: "الضرورات تُبِحْنَ المحظورات"، وارتكاب هذه المحظورات لا يُرتِّب عليك إثمًا في ذاك الموقف الذي اضطررت فيه إلى المحظور،ومما يبيِّن اللهُ في ذلك: ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 173].

 

﴿ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 119]، وبذلك فإن القرآنَ يغتني بالمحكَم، يغتني بالمتشابه، وهذا ما يضفي إليه طابع التجدُّد، فيتجدَّد القرآن بمحكَمه في كل زمان ومكان، ويتجدَّد بمتشابهه في كل مكان وأوان.

 

بمقابل ذلك ورد في الآية الأولى من سورة (هود) بأن القرآن كله محكَم: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1]، كما ورد في سورة الزُّمَر بأن القرآن كله متشابه؛ كما في قوله عز وجل: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 23].


القضاء والفُتيا

فالقرآن هنا حق خالص بمحكَمه ومتشابهه، كما أنه حق خالص بمتشابهه ومحكَمه؛ فمثلًا الحُكم بموجب هذه الآية المتشابهة في حال ما يجعله متساويًا مع الآية المحكَمة، ثم في حال أخرى، مع تبدُّل الموقف، وتبدُّل الحُكم من خلال تشريع الآية المتشابهة، يأخذ الحكمُ كذلك ذاتَ حكم الآية المحكمة، فيتحوَّل المتشابهُ إلى مُحكَم في القضاء والفتيا، وحق الله في كِلا الآيات المحكَمة والمتشابهة يتشابه مع بعضه بعضًا، كون ارتكاب الحرام في بعض المواقف مجازٌ برخصة من الله كما بيَّنا في الآيتين السابقتين من سورتَي البقرة والأنعام.

 

يقول ابن عباس: ( المتشابِهُ حروفُ التهجي في أوائل السور؛ وذلك أن رهطًا من اليهود - منهم حُيَيُّ بن أخطب وكعب بن الأشرف ونظراؤهما - أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له حيي: بلغنا أنه أنزل عليك ﴿ الم ﴾، فننشدك الله أنزلت عليك؟ قال: ((نعم))، قال: فإن كان ذلك حقًّا، فإني أعلم مدة مُلك أمتك، هي إحدى وسبعون سنة، فهل أنزل غيرها؟ قال: ((نعم؛ المص))،قال: فهذه أكثر، هي إحدى وستون ومائة سنة، قال: فهل غيرها؟ قال: ((نعم؛ الر))،قال: هذه أكثر، هي مائتان وإحدى وسبعون سنة، ولقد خلطت علينا فلا ندري أبكثيره نأخذ أم بقليله ونحن ممن لا يؤمن بهذا؟! فأنزل الله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾ [آل عمران: 7].


وقد اغتنى ذلك بوجهات نظر مختلفة؛ يقول قتادة والضَّحَّاك والسُّديُّ: المُحكَم الناسخ الذي يُعمَل به، والمتشابه المنسوخ الذي يؤمن به ولا يعمل به،وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مُحكَمات القرآن: ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه، وما يؤمن به ويعمل به، والمتشابهات: منسوخه ومقدَّمه ومؤخَّره وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به، وقيل: المحكَمات: ما أوقف الله الخَلْق على معناه، والمتشابه: ما استأثر الله تعالى بعلمه لا سبيل لأحد إلى علمه، نحو الخبر عن أشراط الساعة؛ مِن خروج الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وطلوع الشمس من مغربها، وقيام الساعة، وفَناء الدنيا.

وقال محمد بن جعفر بن الزبير: المحكَم: ما لا يحتمل من التأويل غيرَ وجه واحد، والمتشابه: ما احتمل أوجُهًا.

 

وقد ذكر الطبري في تفسيره حديثًا للنبي يقول فيه: حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن ابن أبي مُلَيكة، عن القاسم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [آل عمران: 7] إلى آخر الآية، قال: ((هم الذين سَمَّاهم الله، فإذا أريتموهم فاحذَروهم)).

 

منهج الزَّيْغ

ولعل ذلك يجعل البعضَ يميل إلى غير الحق، فيقول بأنه مِن القرآن؛ ولذلك يتوجَّب العودة إلى المحكَم الثابت للتأكد من الحق، وبذا فالمتشابه له مرجع، وهو المحكَم، بَيْدَ أن هؤلاء يأبَوْن الرجوع إلى المحكَم لغايات في نفوسهم،تستأنف السورة:

﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾ [آل عمران: 7] الذين فسدت قلوبهم بالشكوك، ونزعة الميل عن الحق، والجنوح إلى النعرات، ولا يعجبهم أن النبوةَ تنتقل من بني إسرائيل إلى نبي عربي قُرشي، مكِّي أُمِّي، يختتم النبوة في السلسلة الإنسانية، وهو نبي إلى جميع الثقلين من إنس وجن، ﴿ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ﴾ [آل عمران: 7] الذي يحتمل أكثر من تأويل، أو المنسوخ الذي يؤمَن به، لكن لا يُعمل به، وهم يكتفون بهذا التشابه دون الرجوع إلى المُحكَم الذي جعل هذا القسم من القرآن متشابهًا، ولولا المحكَم، لما كان التشابه؛ لأن نزولَ المُحكَم هو الذي أحاله إلى تشابه، فهم هنا يؤوِّلون النصف، ويتجاهلون النصف الآخر: ﴿ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ﴾ [آل عمران: 7]؛ لنيةِ إحداث شروخ في الدِّين، وزرع شكوك في نفوس المؤمنين، وتفعيل الفتنة، ونشرها في الناس.

 

ثمة تعريف لأبي مسلم الأصفهاني عن الزائغ، يقول فيه: "الزائغ الطالب للفتنة هو مَن يتعلق بآيات الضلال، ولا يتأوَّله على المحكَم الذي بيَّنه الله تعالى بقوله: ﴿ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ﴾ [طه: 85]، ﴿ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى ﴾ [طه: 79]، ﴿ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴾ [البقرة: 26]، وفسروا أيضًا قوله: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا ﴾ [الإسراء: 16] على أنه تعالى أهلكهم وأراد فِسقهم، وأن الله تعالى يطلب العِلل على خلقه ليهلكهم، مع أنه تعالى قال: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ ﴾ [النساء: 26]، وتأوَّلوا قوله تعالى: ﴿ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [النمل: 4] على أنه تعالى زيَّن لهم النعمةَ، ونقضوا بذلك ما في القرآن؛ كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، ﴿ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴾ [القصص: 59]، وقال: ﴿ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى ﴾ [فصلت: 17]، وقال: ﴿ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ﴾ [يونس: 108]، وقال: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ [الحجرات: 7]"؛ انتهى قول أبي مسلم.

﴿ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آل عمران: 7]: شرحِه، وهو شرح مبنيٌّ على الزَّيغ الذي في قلوبهم.

 

الراسخون في العلم

يبيِّنُ الله لرسوله في هذا الحديث منزلةَ الراسخين في العلم؛ لأن مسؤولية تكملةِ نشر الرسالة تقع على عاتقهم، ثم تجلو هنا منزلة أهل العلم، وخصوصيتهم في الناس، بحيث يتحولون إلى مراجعَ لعامة الناس، ويؤهِّلُهم الله تعالى كي يوقِّعوا عنه على الأحكام الإلهية؛ فهم وكلاء الله في أرضه، ويحملون وكالة من الله، فيخبر الله رسوله: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ ﴾ [آل عمران: 7] شرحَ المتشابه، وتفسيره، والمراد منه، والحكمة منه: ﴿ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ [آل عمران: 7] الذي أنزَل هذا القرآن، وجعل المتشابه حكمة فيه، وفيما أرى أن الواوَ غيرُ معطوفة بامتياز على الله، فأعتقد بوجوب التوقف أمام ﴿ الله ﴾ ثم البدء بـ ﴿ وَالرَّاسِخُونَ ﴾، فإن كانت الواو معطوفة على ﴿ الله ﴾ لأعطت الآية معنى بأن الله مع الراسخين: ﴿ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ [آل عمران: 7]، وهذا لا يعني بأن التوقف عند ﴿ الله ﴾ والبدء من: ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ أنهم لا يعلمون شيئًا من تأويل المتشابه، بل يعلمون شيئًا من هذا التأويل، ولكنه علم لا يتساوى مع علم الله به، وبناءً على قاعدة هذا العلم: ﴿ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ﴾ بالقرآن ﴿ كُلٌّ ﴾ محكَمه ومتشابهه: ﴿ مِنْ عِندِ رَبِّنَا ﴾، وهذا يشير إلى منزلة الراسخين في العلم، ودرجاتهم المتقدمة في القرب من الله عز وجل، وخصَّهم - دون غيرهم- مما يعلم؛ فقد قال الله: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، وهي خشيةٌ بما آتاهم اللهُ من العلم في آياته، سواء في القرآن، أو في خَلق الله، فهؤلاء الذين يبتغون الفتنة ويبتغون تأويل المتشابه مِن آيِ الله ليسوا مِن أهل العلم، وإنما يبغونها فتنة، استنادًا إلى ما يُضمِرون في قلوبهم مِن زيغ.

 

العلماءُ هم خاصةُ الله في أرضه وفي عبادِه؛ ولذلك تفرَّدُوا بخشية الله، وحباهم الله بنعمة خشيته، لقد بوَّأهم الله بفضل منزلة المرجعية البشرية برمتها، فطلب من الناس الذين لا يعلمون أن يسألوهم علمَ الله كي يعلِّموهم مما آتاهم الله تعالى من العلم، وقد أورد الله نص الآية مكررة في سورتين بقوله: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وكذلك: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنبياء: 7].

 

كلما علِم أهل العلم من علم الله، بذلوا كل ما باستطاعتهم وهم يسألون الله أن يَزيدهم علمًا، بل حتى النبي صلى الله عليه وسلم أمره الله تبارك وتعالى أن يسأله المزيد من العلم بقوله: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]،هنا يذكر الله "الرسوخ"، والرسوخ درجة متقدمة من درجات العلم، فليس كل عالمٍ براسخ في علمه، والعلم درجات حتى تبلغ بصاحبها منزلة الرسوخ.

 

عندما سُئل مالك بن أنس رضي الله عنه عن الراسخين في العلم، قال: العالم العامل بما علِم، المتَّبِع له.

ومما يُوصف به الراسخ في العلم: أنه العالم الذي وُجد في علمه أربعة أشياء: التقوى بينه وبين الله، والتواضع بينه وبين الخَلْق، والزهد بينه وبين الدنيا، والمجاهدة بينه وبين نفسه.

 

يقول النبي صلى الله عليه وسلم بأن الراسخ في العلم هو:

((مَن برَّت يمينه، وصدق لسانه، واستقام به قلبه، وعفَّ بطنه وفرجه، فذلك الراسخ في العلم))[1].

فأن يرسخ العالمُ في العلم يعني أن يتبحَّرَ فيه حتى يرسخ العلمُ فيه، ويرسخ هو في العلم، والعلم في هذا المقام مفتوح، وليس مقتصرًا على علم القرآن؛ فالطبيعة برمتها تتحوَّلُ بالنسبة للمترسخ في العلم إلى قرآن منظور؛ ولذلك يسعى الراسخ في العلم إلى أن يكون ملمًّا بشتى العلوم والمعارف، فتقول بأنه متبحِّرٌ في العلم، مهما سألته من أسئلة مختلفة، وجدته ملمًّا بها، فالراسخ في العلم إن وجد كتابًا عن النبات، لا يقول: هذا لا يلزمني،بل يقبل على قراءته، إن وجد كتابًا عن الحيوان، لا يقول: هذا لا يلزمني،بل يقبل على قراءته، إن وجد كتابًا عن الفلَك، لا يقول: هذا لا يلزمني،بل يقبل على قراءته، إن وجد كتابًا عن الطب، لا يقول: هذا لا يلزمني،بل يقبل على قراءته، وإلى ما هنالك من علوم ومعارفَ يمكن له أن يزداد بها سَعة في علمه، من ناحية أخرى، فإن هذه العلوم المتنوعة مِن شأنها أن تجعل قراءته للقرآن أكثر غنًى، وأكثر تدبُّرًا.

 

﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7]: أصحاب القلوب المؤمنة التقية الصالحة، التي ليس فيها زيغ، يحضرني هنا قول لابن عباس يقول فيه: "أنا ممن يعلَمُ تأويله".



[1] يروي الطبري في تفسيره هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "حدثني المثنى وأحمد بن الحسن الترمذي، قالا: حدثنا نعيم بن حماد، قال: حدثنا فياض الرقي، قال: حدثنا عبدالله بن يزيد الأودي قال: وكان أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: حدثنا أنس بن مالك وأبو أمامة وأبو الدرداء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن الراسخين في العلم، فقال: ((مَن برَّت يمينه، وصدق لسانه، واستقام به قلبه، وعفَّ بطنه وفرجُه، فذلك الراسخ في العلم)).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قراءة تحليلية لقوله تعالى: الحمد لله رب العالمين

مختارات من الشبكة

  • القرآن عند الأصوليين: تعريفه وحجيته، عروبته وتواتره، المحكم والمتشابه في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معجم المتشابهات للزواوي لألفاظ القرآن الكريم وعلامات للآيات المتشابهات لتثبيت الحفظ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المحكم والمتشابه في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدر حديثاً ( مهارات محكمي مسابقة القرآن الكريم) للشيخ إبراهيم بن الأخضر(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مبحث مختصر للناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكمة من وجود المتشابه في القرآن الكريم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكمة من وجود المتشابه في القرآن الكريم (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوصاف القرآن الكريم (17) {كتابا متشابها مثاني}(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الآيات المتشابهات في القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب