• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في محاسن الإسلام
علامة باركود

شواهد النعم في بيان فضل الجود والكرم

شواهد النعم في بيان فضل الجود والكرم
الشيخ حسين شعبان وهدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/1/2017 ميلادي - 22/4/1438 هجري

الزيارات: 35928

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شَوَاهدُ النِّعَمِ في بَيانِ فَضْلِ ِالجُودِ والكَرَمِ


الحمد لله الكريم الوهاب عظيم الرحاب واسع الجناب، خزائنه لا تنفدُ وبحر عطائه لا يُحدُّ، ﴿ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التغابن جزء الآية 1].

 

يا أخا الإسلام:

قل لي بربك ماذا ينفعُ المالُ
إن لم يُزيِّنْهُ إحْسَانٌ وإفضالُ
المالُ كالماءِ إن تُحْبَسْ سواقِيَهُ
يَأْسَنْ، إنْ يَجْرِ يَعْذُبْ منْهُ سَلسَالُ
تحيَا على المَاءِ أَعْراسُ الرِّياضِ كَمَا
تحيا على المَالِ أرْواحٌ وآمَالُ
إنَّ الثَّراءَ إذا حِيلتْ مَوارِدُهُ
دونَ الفَقيرِ فَخَيرٌ منْهُ إِقْلاَلُ
اللهُ أعْطاكَ فابذل من عطِيَّتِهِ
فالمالُ عَاريةٌ والعُمرُ رَحَّالُ

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، سبحانه رب العطايا والمكرمات ورازق العباد ومرسل الخيرات، نسأله المنَّ والفضل بالعطاء وتحقيق الرجاء.

وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، أكرم الخلق وأنداهم يدا وأطهرهم نفساً وأعظمهم خُلُقاً.. اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد:

فإن الإسلام دين العطاء والجودِ والكرم البالغ، قد أمر أتباعه به وحثهم عليه، ورصدَ على الكرم أعظمَ الأجور وأجزل المثوبات وأرفعَ الدرجات، وعدَّهُ من أجلِّ النعم في ديوان المتصف به، ولذلك شواهد حيَّةٌ آثِرَةٌ دَرْجَ الكِتابِ العزيز والسنة المطهرة وسيرة الأصحاب الكرام.

 

ولجلال وجمال صفة الكرم فقد نالت المجدَ الأعظم لما نُسبت إلى ربنا الكريم، وكيف لا والخزائن كلها بيده والسماوات والأرضين طوعُ يمينه؟!، فعن أبي مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حوسب رجلٌ ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان رجلا موسراً فكان يخالط الناس وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر، فقال الله تعالى: نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه)) [سنن الترمذي 1322وقال: حديث صحيح]، فكرم المولى أعم على عباده المفتقرين إلى رحمته ورضاه، وقد كذَّبَ الله تعالى مقالة اليهود الآثمين حين قالوا: ﴿ ... إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ... ﴾ [آل عمران جزء الآية 81] ، وجاء الرد عليهم ومن على شاكلتهم في الحديث الشريف: (( قال الله عز وجل: أنفق أُنفِقْ عليك، وقال: يد الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار. وقال: أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يده، وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفع )) [صحيح البخاري 4407 عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه].

 

وقد بلغ الكرم ذرا أوصافه وتجلياته في شخص نبينا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه الكمال البشري المطلق فكان أوفى الخلق عطاءً وأنداهم يداً، قال عنه أعداؤه: يُعطي عطاء من لا يخشى الفقر وكان صلى الله عليه وسلم كالريح المرسلة في العطاء وكان لا يرد سائلاً سأل ولم يقل لطالب حاجةٍ: لا:

لم يقل لا قطٌ إلا في تشهده ♦♦♦ لولا التشهدُ كانتْ لاؤُه نعمُ


وكان صلى الله عليه وسلم يمنح الخلق آيات التكرم والعطاء الروحي فكان ينصر المظلوم ويساعد المحتاج ويواسي الجراح ويزور المرضى ويكون في حاجة من يحتاجه، وكان يحثُّ أصحابه على الجود والكرم فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: ((إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ دخلَ على بلالٍ وعندَه صُبُرٌ من تمرٍ فقالَ: ما هذا ؟ قالَ: أدَّخِرُهُ، فقالَ: أما تَخشَى أن يُرى لَه بُخارٌ في نارِ جَهنَّمَ، أنفِق يا بلالُ ولا تَخشَ مِن ذي العرشِ إقلالًا)) [السخاوي في المقاصد الحسنة 131 وقال: إسناده حسن].

 

ويروى أنَّ خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام أول من أضاء النار بالليل ليعرف مكانه الغرباء، وقد ضحي بنفسه للنيران وبولده للقربان وبماله للضيفان فاستحق الخلة من الله الرحمن، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ﴾ [هود: 69]، وفي آية أخرى قال تعالى: ﴿ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ﴾ [الذاريات: 26].

 

وكان الكرم قبل الإسلام شيمة أهل الفضل والعطاء والسمعة المرضية، وقد ضرب المثل في هذا الشأن كرماء العرب مثل عبد الله بن جدعان وغيره وكان أشهرهم حاتم الطائي فقد كان يضئ النار على المحجات ويتخذ أماكن على الطرقات ويوقف بعض أبنائه لاستقبال القادمين ويضحي بكل ما لديه حتى أنه نحر فرسه في سنين جدبٍ واحتياج، ولا غرو؛ فقد ضُرِبَ به المثلُ وصار وزعة أهل الكرم للعرب قبل الإسلام، وقد أكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولده حاتم وابنته بعد الإسلام لحفظ حقوق هذه الخُلَّةِ الكريمة من والدهما.

 

ومن أطرف ما رويَ في الكرم مع هذا الرجل ما ذكره التنوخي: [سأل رجل حاتمًا الطَّائي فقال: يا حاتم هل غلبك أحدٌ في الكَرَم؟ قال: نعم، غلام يتيم مِن طيئ، نزلت بفنائه وكان له عشرة أرؤس مِن الغنم، فعمد إلى رأس منها فذبحه وأصلح مِن لحمه وقدَّم إليَّ وكان فيما قدَّم إليَّ الدِّماغ فتناولت منه فاستطبته فقلت: طيِّبٌ والله، فخرج مِن بين يدي وجعل يذبح رأسًا رأسًا ويقدِّم إليَّ الدِّماغ وأنا لا أعلم فلمَّا خرجت لأرحل نظرت حول بيته دمًا عظيمًا، وإذا هو قد ذبح الغنم بأسره فقلت له: لم فعلت ذلك؟ فقال: يا سبحان الله! تستطيب شيئًا أملكه فأبخل عليك به، إنَّ ذلك لسُبَّة على العرب قبيحة. قيل يا حاتم: فما الذي عوَّضته؟ قال :ثلاثمائة ناقةٍ حمراء وخمسمائة رأسٍ مِن الغنم، فقيل أنت إذًا أَكْرَم منه فقال: بل هو أكرم ؛ لأنَّه جاد بكلِّ ما يملكه وإنَّما جُدت بقليل مِن كثيرٍ ] (موسوعة الأخلاق/ موقع الدرر السنية نقلاً عن المستجاد من فعلات الأجواد للتنوخي 111).

 

ولا شك أن الكرم يستجيشُ في النفس كوامن التقدير والشكر، لكن هناك قوماً بالغوا في كرمهم كما بالغ من سبقهم في حسن الرفادة، ويحكي قيس بن سعد موقفاً من أغرب المواقف في باب الكرم فيقول: [نزلنا بالبادية على امرأةٍ فجاء زوجها فقالت له: إنه قد نزل بنا ضيفان فجاءنا بناقةٍ فنحرها وقال: شأنكم، فلما كان من الغد جاء بأخرى فنحرها وقال: شأنكم فقلنا: ما أكلنا من التي نحرت البارحة إلا القليل فقال: إني لا أطعم ضيفاني البائت، فبقينا عنده أياماً والسماء تمطر وهو يفعل كذلك فلما أردنا الرحيل وضعنا مائة دينار في بيته وقلنا للمرأة اعتذري لنا ومضينا، فلما ارتفع النهار فإذا برجلٍ يصيح خلفنا: قفوا أيها الركب اللئام أعطيتمونا ثمن قرانا ثم إنه لحقنا وقال: خذوها وإلا طعنتكم برمحي هذا فأخذناها وانصرفنا] (شهاب الدين محمد بن أحمد الإبشيهي/ المستطرف في كل فنٍ مستظرف ص260/ط1 /2014م دار ابن الجوزي / القاهرة).

 

الكرم والعطاء عند الصحابة الكرام:

وعلى هذا النحو من العطاء والكرم سار أصحاب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ليسطروا بسجل التاريخ العام للبشرية صفحةً ناصعةً لم يطمحْ إلى أمثالها متكرمٌ في العالمين، فها هو التاريخ يحكي في سجلات الفخر والكرم متحدثاً: [وأكرم العرب في الإسلام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه جاء إليه رجلٌ فسأله برحمٍ بينه وبينه فقال: هذا حائطي بمكان كذا وكذا وقد أعطيت فيه مائة ألف درهم يراح إليَّ المال بالعشية فإن شئت فالمال وإن شئت فالحائط.

 

وقال زياد بن جرير: رأيت طلحة بن عبيد الله فرَّق مائة ألف في مجلسٍ وإنه ليخيط إزاره بيده!.

 

وكان طلحة بن عبيد الله قد رابه النوم فلم ينم وراجعته زوجته في ذلك فقال لها عندي من المال أربعمائة ألف ولا أدري كيف أصنع، قالت: فرقها في الفقراء والمساكين والأرحام، فقال لها: إنك لموفقةٌ بنت موفق، وباع في ليلةٍ أخرى أرضاً بسبعمائة ألف فلما جاءه المال قال: إن رجلا يبيت عنده هذا المال في بيته لا يدري ما الله صانعٌ به فأرسل رسله تختلف في السكك حتى أسحر وما عنده منها درهم.

 

وذكر الإمام أبو علي القالي في كتاب الأمالي أن رجلاً جاء إلى معاوية رضي الله عنه فقال له: سألتك بالرحم التي بيني وبينك إلا ما قضيت حاجتي فقال له معاوية: أمن قريش أنت؟ قال لا قال: فأي رحمٍ بيني وبينك؟ قال: رحم آدم عليه السلام قال: رحمٌ مجفوةٌ والله لأكوننَّ أول من وصلها ثم قضى حاجته] (السابق 262 بتصرفٍ وانتقاءٍ).

 

وكان عبد الله بن أبي بكر رضي الله تعالى عنه ينفق على أربعين جاراً من أربع نواحٍ ويرسل إليهم الأضاحي كسوة العيد ويعتق في كل عيدٍ مائة من العبيد.

 

[ولما مرض قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه استبطأ إخوانه في العيادة فسأل عنهم فقيل له: إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدين، فقال: أخزى الله مالاً يمنع عني الإخوان من الزيارة ثم أمر منادياً ينادي من كان لقيسٍ عنده مالٌ فهو منه في حلٍّ، فكُسِرَت عتبةُ بابه بالعشي لكثرة عُوّاده] (المستطرف263 "سابق")، وعن أم بكر بنت المسور قالت: {أن عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه باع أرضاً له بأربعين ألف دينار فقسمها في بني زهرة وفقراء المسلمين والمهاجرين وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إلى عائشة رضي الله عنها بمالٍ من ذلك فقالت: من بعث هذا المال؟ قلت: عبد الرحمن بن عوف، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحنو عليكن من بعدي إلا الصابرون سقى الله ابن عوفٍ من سلسبيل الجنة} (مستدرك الحاكم 5356 وقال صحيح الإسناد).

وذكروا عن سعيد بن عبد العزيز قال: " كان للزبير بن العوام رضي الله عنه ألف مملوكٍ يؤدون إليه الخراج فكان يقسمه كل ليلةٍ ثم يقوم إلى منزله وليس معه شيء".

وقال الحسن والحسين يوماً لعبد الله بن جعفر: إنك قد أسرفت في بذل المال فقال: بأبي أنتما؛ إن الله عز وجل عودني أن يتفضل عليَّ وعودته أن أتفضل على عباده فأخاف أن أقطع العادة فيقطع المادة.

 

[وترد العير لعثمان بن عفان من الشام في حمولة ألف بعيرٍ مسوقةٍ تحمل براً وزيتاً وزبيبا في وقت فاقةٍ وجدب وقحط، وجاءه التجار يطلبون الصفقات على هذه السلع الغذائية قائلين: لعلك تعلم ضرورة الناس قال: حبا وكرامة كم تربحوني على شرائي فيجيبون قائلين الدرهم درهمين فيقول أعطيت أكثر من هذا فيقولون: يا أبا عمر وما بقي في المدينة تجارٌ غيرنا وما سبقنا إليك أحد فمن الذي أعطاك ؟ فيجيب: إن الله أعطاني بكل درهمٍ عشرة أعندكم زيادة؟ فيقولون: لا فيشهد الله على أن هذه وما حملت صدقةً لله على المساكين والفقراء من المسلمين)) عبد العزيز بن محمد السلمان / موارد الظمآن لدروس الزمان ص74 / ج3 / ط 20/ 1412هـ بدون ذكر الناشر).

 

[وجاء رجلٌ من الأنصار إلى عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما فقال له: يا ابن عمِّ محمد (صلى الله عليه وسلم) إنه قد ولد في هذه الليلة مولود وإني سميته باسمك تبركاً بك وإن أمه قد ماتت فقال له: بارك الله لك في الهبة وآجرك على المصيبة ثم دعا بوكيله فقال: انطلق الساعة فاشتر للمولود جاريةً تحضنه وادفع لأبيه مائتي دينارٍ لينفقها على تربيته ثم قال للأنصاري عد إلينا بعد أيامٍ فإنك جئتنا وفي العيش يُبْسٌ وفي المالِ قِلَّةٌ فقال الأنصاري: جُعِلْتُ فِدَاءك لو سبقت حاتماً بيومٍ ما ذكرته العرب] المستطرف265"سابق").

وقد أرسل معاوية إلى عبد الله بن عمر مائة ألف فما حال عليه الحول وعنده شيءٌ منها، وكان رضي الله عنه تأتيه الهدايا والأموال بالألوف من الدنانير فينفقها ثم يشتري علفاً لدابته بدرهم نسيئة!.

 

إخوة الإسلام والإيمان:

إن سيدنا عثمان وابن عباس وابن عوف وطلحة وقيس وسعيد وأمثالهم كانوا يعطون للناس معبرين عن خلق الكرم والجود والعطاء بغير انتظارٍ لصدقات التمادح التي ينتظرها عشاقٌ التفاخر من ألسنة الخلق ويرومون تعريف القاصي والداني بما ينفقون من هذا العرض الزهيد ويودون أن يتجاذب الناس عنهم أطراف الحديث في مجال العطاء، ولا يَقِرُّ لهم قرارٌ ولا يرضون إلا بذلك، فكأنهم هم الذين يتلقون الصدقات، وهي ليست صدقات الجيوب والأموال ولكن صدقات المدح والثناء والانكسار أمامهم فهم يعاملون الناس ولا يعاملون رب الناس وهم أبعد شئٍ في حقيقة المعنى عن الجود والكرم.

 

ولا بد أن يحرص المسلمون فيما بينهم على الكرم الروحي والمعنوي، فإكرام المسلمين من أجلِّ الأعمال في ميزان الإسلام، مثل احترام أهل الأقدار ورعاية حقوق الضعفاء وأبناء السبيل والمرضى وأصحاب الحاجات لإخراجهم من تحت وطأة الأحزان ومحاولة سكب السرور والغبطة بين جوانحهم وهذا ما قد بينه الحديث الشريف: ((أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، و لأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ، وإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ)) (الألباني في السلسلة الصحيحة 906 بسندٍ صحيحٍ عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما).

 

ذم البخل وأهله:

وقد ذم الله من الأخلاق ولم يرضها لعباده الصالحين وتوعد المتصفين بها العذاب المهين صفة البخل والشح وكد اليد، قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [آل عمران جزء آية 180]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النساء جزء الآية 37]، وقال تعالى: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ﴾ [محمد جزء الآية 38]، وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم)) (صحيح مسلم 2578).

 

والبخل قليله شرٌ وكثيره ضياعٌ للمروءةِ والذكرِ الجميلِ بين الناس، قال الله تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى ﴾ [سورة والنجم 33 :34]، وحاله كمثل من يحفر في السهل فإذا وصل إلى الجبل أكدى وتوقف وضعفت آلات حفره فهو الذي أنفق قليلاً ثم ضاقت به سبل الكرم والإنفاق.

 

والبخل يُنْقِصُ قدرَ صاحبه ويُقَلِّلُ قيمته بين الناس حتى ولو كان من الأمراء أو العلماء أو الوجهاء. فقد قيل عن حميد الأرقط فيه أنه هَجَّاءُ الأَضْيافِ، وذُمَّ به خالد بن صفوان وهو من حكماء العرب والحطيئة وهو شاعرٌ مشهور وكان يقول عن العصا: لكعابِ الضيفان أعددتها، ووصف به أبو العتاهية، وحتى لو اتصفت قريةٌ أو مدينةٌ بالبخل فإن ذلك من شر الأوصاف، قال الله تعالى: ﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا ﴾ [الكهف جزء الآية 78] واختلفت كلمة المفسرين في تحديد مكان هذه القرية لكنهم اتفقوا إلى حدّ الإجماع على أن قومها كانوا من لئام الناس وأكثرهم بخلاً لما رفضوا إطعام النبي الكريم موسى عليه السلام ومن معه فاستحقوا المذمة والنكير، واشتهر أهل مروٍ بالبخل من سابق الأزمان فلازمهم هذا الوصف المشين ويحكى عنهم أن من عاداتهم إذا كانوا في سفرٍ وترافقوا فيه أن يشتري كل واحد منهم قطعة لحم ويشطها في خيطٍ ويجمعون اللحم كله في قدرٍ ويمسك كل واحدٍ منهم طرف خيطه فإذا استوى جرَّ كلٌّ منهم خيطه وأكلوا لحمه وتقاسموا المرق!.

 

وأخيراً:

أكرموا أهل الله من طلاب الحاجات والفقراء والمساكين والزمنى واليتامى وعاملوهم بالكرم، فهذا بابٌ من أبواب الجنة مباشرةً بلا توقفٍ، أطعموهم من جوعٍ وسددوا ديونهم وكونوا في حاجياتهم في البرد من الكساء والدواء والعطاء وإني لأعرف أناساً من عباد الله ليسو بأغنياء ولا من أهل الثروات لكنهم يتولون أهل الحاجة بالعطاء ويوفرون لهم طعمةً وثوباً ودواءً ولأولادهم مؤن الدراسة والتعلم أو يسددون للأبناء أقساط المعلمين، وكله من صور الكرم الممدوح عند الناس ويورث الرضا من رب الناس.

 

كونوا كراماً فإن ربكم هو الكريم ونبيكم نبي الكرم والعطاء وعبروا عن حسن التدين الصادق في هذا الباب من خير الأخلاق ومكارم الشيم والخُلْفُ عند الله رب الخزائن ومالك الملك ومانح الأرزاق.

 

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الكرم والجود ويفئ علينا منح الأرزاق والعطاء.

والحمد لله في بدءٍ وفي ختمٍ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الجود والكرم (خطبة)
  • خطبة الكرم ومجالاته في الإسلام
  • الكرم والجود والسخاء
  • تجودي واصنعي الفرق في قيادتك
  • الكرم من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم
  • أنواع الجود والكرم (خطبة)
  • الكرم والعطاء
  • فضل الجود (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • إنكار البعض لأحاديث صحيحة مع وجود شواهد لها من القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شواهد النساء الشعرية في التراث النحوي: جمعا وتوثيقا ودراسة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شواهد ومشاهد (4)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شواهد ومشاهد (3)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شواهد ومشاهد (2)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شرح شواهد قطر الندى لصادق الفحام (ت 1205 هـ) دراسة وتحقيق(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • شواهد ومشاهد (1)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شفاء الصدر بتوضيح شواهد شرح القطر للشيخ علي العدوي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب