• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

في العزة كل لذة

في العزة كل لذة
محمد عبدالرحمن صادق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/1/2017 ميلادي - 20/4/1438 هجري

الزيارات: 47877

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في العزة كل لذة

 

لو أن العزَّة سلعة تباع وتشترى لتهافت عليها طلابها، ولاكتَنَزها ملَّاكها، ولغلا سعرها، ولبُذلت من أجلها الكنوز، ولكن العزَّة منحة ربانية، يهَبها الله تعالى لمن يؤدي من التقوى حقها، ومن المعاصي اجتنابها، وعرَف قيمتها وقدرها، فيحلق في فضاء رحب فسيح، ويشعر بلذة لا تضارعها لذة، وحينها يزداد لله تواضعًا وقربًا، وبالمؤمنين رحمة ولينًا، وعلى أعداء الله رفعة وأنَفَة وعلوًّا.

 

• قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10].

• قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 139].

• قال الإمام القرطبي - رحمه الله -: "فمَن كان يريد العزَّة لينال الفوز الأكبر ويدخل دار العزَّة، فليقصد بالعزَّة اللهَ سبحانه والاعتزاز به؛ فإنه من اعتز بالعبد أذلَّه الله، ومن اعتز بالله أعزه الله".

 

أولًا: معنى العزَّة:

قبل أن نستعرض التعريفاتِ التي وردت في العزَّة لا بد أن نبدأ بتعريف معنى اسم الله تعالى (العزيز): "العزيز - جل جلاله -: هو المنيع فلا يُرامُ جَنابه، ولا يناله سوء، وهو الغالب الذي لا يُغلَب، والقاهر الذي لا يُقهَر، وهو عديم النظير والشبيه، الذي يُعز مَن يشاء، ويُذل مَن يشاء متى شاء".

• جاء في لسان العرب لابن منظور - رحمه الله -: "العز: خلاف الذل، وهو في الأصل: القوة والشدة، والغلَبة والرفعة والامتناع".

• قال الراغب الأصفهاني - رحمه الله -: "العزَّة: منزلة شريفة، وهي نتيجة معرفة الإنسان بقدر نفسه، وإكرامها عن الضراعة للأعراض الدنيوية، كما أن الكِبْر نتيجة جهل الإنسان بقدر نفسه، وإنزالها فوق منزلتها".

• جاء في معجم المعاني الجامع: عزَّة الجانب: القوة والمنعة والسمو.

• عزَّة النفس: الأنفَة والإباء.

• قال السهروردي- رحمه الله -: "العزَّة غير الكِبْر؛ لأن العزَّة معرفة الإنسان بحقيقة نفسه وإكرامها، كما أن الكِبْر جهل الإنسان بنفسه، وإنزالها فوق منزلتها".

والعزَّة منها المحمودة، ومنها المذمومة.

• أما العزَّة المحمودة فهي: "أن يعتز الانسان بربه وبدِينه، وأن يكون مع المؤمنين لينًا متواضعًا، وعلى أعداء الله عزيزًا مترفِّعًا، ومن العزَّة المحمودة الترفُّع عن الدنايا وسفاسف الأمور وتوافِهِ القضايا".

• قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54].

• وأما العزَّة المذمومة فهي: "البُعد عن الوهاب، والفخر بالأنساب، والتعلُّق بالتراب، والتعالي على العباد، ورفض النُّصح والإرشاد".

قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 204 - 206].

 

ثانيًا: بعض جوانب العزَّة في القرآن الكريم:

ورَد في القرآن الكريم جوانبُ عديدة للعزَّة، منها:

أ) أوصى الله تعالى المؤمنين بالذِّلة واللِّين مع المؤمنين، وبالعزَّة والقوة مع الكافرين: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54].

ب) العزَّة لا تُطلَب ولا ترتجى إلا مِن الله تعالى وحده؛ فهو سبحانه رب العزَّة: قال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].

 

2- قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].

3- قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 139].

4- قال تعالى: ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [يونس: 65].

5- قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10].

 

ج) مَن ارتجى العزَّة مِن غير الله تعالى كتب الله له ذلًّا وعذابًا: قال تعالى: ﴿ كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا * وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ﴾ [مريم: 79 - 82].

د) صاحب الحق قويٌّ، ولا يقبل الدنيَّة ولا المداهنة: قال تعالى: ﴿ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [النمل: 37].

هـ) العزَّة في الرضا والقناعة، وليست في الطمع والكثرة: قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ﴾ [ص: 23].

و) الوَحْدة في الدِّين تمنح العزَّة والتمكين: قال تعالى: ﴿ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ﴾ [يس: 14].

ز) الباطل ما يبغي سوى نزع العزَّة، والبقاء على الناس أذلَّاء: قال تعالى: ﴿ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 34].

 

2- قال تعالى: ﴿ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8].

 

ح) الباطل لا يجلبُ إلا الفساد، ويتكبَّر على قَبول النصيحة مِن العباد: قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 204 - 206].

 

ط) اللهُ تعالى يمتنُّ على أوليائه بالعزَّة، ويذلِّل لهم كل عسير في الدنيا والآخرة: قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [آل عمران: 123].

 

2- قال تعالى: ﴿ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ﴾ [الإنسان: 14].

• هذه الجوانب ترسُمُ ملامح العزَّة التي بها يستطيع المؤمنُ أن يحيَا عزيزًا بالله ولله وفي دِين الله.

 

ثالثًا: بعض جوانب العزَّة في السنَّة النبوية المطهرة: لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم عزيزًا طوال حياته، فقَبْل الإسلام كان يأبى أن يسجد لصنم، فما سجد صلى الله عليه وسلم لصنم قط، كما كانت نفسه العزيزة الطاهرة تمنعه من أن يشارك فيما اعتاده قومه من الفواحش، وبعد الإسلام كانت كلُّ حياته صلى الله عليه وسلم تتصف بالعزَّة دون تكبُّر أو تعالٍ، وغرَس ذلك في نفوس صحابته الكرام؛ فكانوا - رضوان الله عليهم - للعزَّة مناراتٍ.

1- عن عَقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: "جاءت قريشٌ إلى أبي طالبٍ فقالوا: يا أبا طالبٍ، إن ابن أخيك يؤذينا في نادينا وفي مسجدنا، فانْهَه عن أذانا، فقال: يا عَقيل، ائتني بمحمدٍ، فأتيته به، فقال: يا بن أخي، إن بني عمك يزعمون أنك تؤذيهم، فانتهِ عن ذلك، قال: فحلَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره إلى السماء، فقال: ((أترون هذه الشمس؟))، قالوا: نعم، قال: ((ما أنا بأقدرَ على أن أدع لكم ذلك مِن أن تشعلوا منها شعلةً))، قال: فقال أبو طالبٍ: ما كذَبَنا ابنُ أخي، فارجعوا"؛ (أخرجه ابن حجر العسقلاني في المطالب العالية، وقال: إسناده حسن).

 

2- عن كعب بن مالك رضي الله عنه، قال: "نمنا تلك الليلة - ليلة العقبة - مع قومنا في رحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل، خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نتسلل تسلُّل القطا مستخْفِين، حتى اجتمعنا في الشِّعب عند العقبة، ونحن ثلاثةٌ وسبعون رجلًا، ومعنا امرأتان من نسائنا، نسيبة بنت كعبٍ وأسماء بنت عمرو بن عدي، فلما اجتمعنا في الشِّعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءنا ومعه العباس بن عبدالمطلب، وهو يومئذٍ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويستوثق له، فلما جلس كان أول متكلمٍ، قال: يا معشر الخزرج، إن محمدًا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عزَّة من قومه ومنعةٍ في بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافُون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلِموه وخاذلوه بعد الخروج إليكم، فمن الآن فدَعوه؛ فإنه في عزَّة ومنعةٍ من قومه وبلده... قال كعبٌ: فقلنا له: قد سمعنا ما قلت، فتكلَّمْ يا رسول الله، فخذ لنفسك وربك ما أحببتَ، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلا القرآن، ودعا إلى الله، ورغب في الإسلام، ثم قال: ((أبايعُكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم))، قال كعبٌ: فأخذ البراء بن معرورٍ بيده، وقال: نعم، فوالذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن - والله - أبناء الحروب، ورثناها كابرًا عن كابرٍ، فاعترض هذا القول - والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم - أبو الهيثم بن التيهان، فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال - يعني اليهود - حبالًا، وإنا قاطعوها، فهل عسيتَ إن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟! قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ((بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحاربُ مَن حاربتم، وأسالم من سالمتم))، وأمرهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا منهم اثني عشر نقيبًا يكونون على قومهم بما فيهم، فأخرجوا منهم النقباء، تسعةً من الخزرج، وثلاثةً من الأوس"؛ (صححه الألباني).

 

3- روى الحاكم في المستدرك من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: جاء جبريلُ - عليه السلام - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب مَن شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مَجزيٌّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامُه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس))؛ (صحيح الترغيب).

 

4- عن تميمٍ الداري رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليبلغَن هذا الأمرُ مبلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدَرٍ ولا وبرٍ إلا أدخله هذا الدِّين، بعز عزيزٍ أو بذل ذليلٍ، يعز بعز الله في الإسلام، ويذل به في الكفر))، وكان تميمٌ الداري رضي الله عنه يقول: "قد عرفتُ ذلك في أهل بيتي؛ لقد أصاب مَن أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب مَن كان كافرًا الذل والصَّغار والجزية"؛ (رواه الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط الشيخين).

 

5- عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه، قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدرٍ ولا وبرٍ، إلا أدخله الله كلمة الإسلام، بعز عزيزٍ وذل ذليلٍ؛ إما يُعزهم الله فيجعلهم من أهلها، أو يُذلهم فيَدينون لها))، قلت: فيكون الدين كله لله؛ (صححه الألباني).

 

6- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله))؛ (رواه مسلم).

 

7- عن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثةٌ أقسم عليهن، وأحدثكم حديثًا فاحفظوه، قال: ما نقص مال عبدٍ من صدقةٍ، ولا ظُلم عبدٌ مَظلِمةً فصبر عليها إلا زاده الله عزًّا، ولا فتح عبدٌ باب مسألةٍ إلا فتح الله عليه باب فقرٍ، أو كلمةً نحوها، وأحدثكم حديثًا فاحفظوه، فقال: إنما الدنيا لأربعة نفرٍ:

عبدٍ رزقه الله مالًا وعلمًا فهو يتقي ربه فيه ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبدٍ رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالًا، فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالًا لعملت بعمل فلانٍ، فهو بنيَّته، فأجرهما سواءٌ.

 

وعبدٍ رزقه الله مالًا ولم يرزقه علمًا، يخبط في ماله بغير علمٍ، لا يتقي فيه ربه، ولا يصِل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقًّا، فهو بأخبث المنازل، وعبدٍ لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا، فهو يقول: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعمل فلانٍ، فهو بنيَّته، فوِزْرهما سواءٌ))؛ (رواه الترمذي).

 

8- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدَهم في الطريق فاضطرُّوهم إلى أضيقه))؛ (رواه الترمذي).

 

9- عن طارق بن شهاب رضي الله عنه، قال: "خرج عمرُ بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، فأتوا على مخاضة، وعمر على ناقة له، فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، أنت تفعل هذا؛ تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة؟ ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك، فقال عمر: أوه، لو يقول ذا غيرُك أبا عبيدة جعلته نكالًا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ إنا كنا أذلَّ قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله"؛ (رواه الحاكم في المستدرك، وصححه الألباني على شرط الشيخين).

• المخاضة: مكان ضحل الماء يخوضه الناس مشاةً أو ركبانًا.

 

10- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اهجوا قريشًا؛ فإنه أشد عليهم من رشقٍ بالنبل))، فأرسل إلى ابن رواحة فقال: ((اهجُهم))، فهجاهم، فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالكٍ، ثم أرسل إلى حسان بن ثابتٍ، فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنَبِه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه، فقال: والذي بعثك بالحق، لأفرينهم بلساني فَرْيَ الأديم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تعجل؛ فإن أبا بكرٍ أعلم قريشٍ بأنسابها، وإن لي فيهم نسبًا حتى يلخِّص لك نسبي))، فأتاه حسان، ثم رجع فقال: يا رسول الله، قد لخَّص لي نسبك، والذي بعثك بالحق، لأسُلَّنَّك منهم كما تُسَل الشعرة من العجين، قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان: ((إن رُوح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحتَ عن الله ورسوله))، وقالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((هجاهم حسان فشفى واشتفى))، قال حسان:

هجوتَ محمدًا فأجبتُ عنه
وعند الله في ذاك الجزاءُ
هجوتَ محمدًّا برًّا تقيًّا
رسول الله شيمتُه الوفاء
فإن أبي ووالده وعِرضي
لعِرض محمدٍ منكم وقاء
ثكلتُ بنيَّتي إن لم تروها
تُثير النقع مِن كنفي كداء
يبارين الأعنَّة مصعداتٍ
على أكتافها الأسل الظماء
تظل جيادنا متمطراتٍ
تلطِّمُهن بالخُمُر النساء
فإن أعرضتمُ عنا اعتمرنا
وكان الفتحُ وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لضِراب يومٍ
يُعز الله فيهِ مَن يشاء
وقال الله: قد أرسلتُ عبدًا
يقول الحقَّ ليس به خفاء
وقال الله: قد يسرت جندًا
همُ الأنصار عرضتها اللقاء
لنا في كل يومٍ من معدٍّ
سِبابٌ أو قتالٌ أو هجاء
فمن يهجو رسولَ الله منكم
ويمدحُه وينصرُه سواء
وجبريلٌ رسولُ الله فينا
ورُوح القدس ليس له كفاء

(رواه مسلم).

 

رابعًا: بعض مواقف العزَّة من حياة الصحابة والتابعين:

إن طالب العزَّة يلزمه التعرف على سيرة مَن أعزهم الله تعالى ممن سبقوه؛ ليحذوَ حذوهم، ويقتفي أثرهم، ويسير على دربهم، كما يلزمه الموائمة بين اللين والشدة، وأن يعرف الفرق بين العزَّة والكِبْر، فيكون كالنطاسي الذي يضع الترياق في موضعه دون إفراط أو تفريط، فلولا قوة المسلمين ما رضخ الكفار في صُلح الحديبية، ولا في فتح مكة، ولا تمت الفتوحات، ولولا اللين والرحمة ما جاءتْهم الوفود، وما فُتحت لهم البلاد، وما دان لهم العباد.

 

1- موقف للعزَّة في غزوة الأحزاب: جاء في الرحيق المختوم للمباركفوري - رحمه الله - قال: "... كان لا بد مِن إقدام حاسم، يُفضي إلى تخاذل الأحزاب، وتحقيقًا لهذا الهدف أراد أن يصالح عيينة بن حصن والحارث بن عوف رئيسَيْ غطفان على ثلث ثمار المدينة، حتى ينصرفا بقومهما، ويخلو المسلمون لإلحاق الهزيمة الساحقة العاجلة على قريش، التي اختبروا مدى قوتها وبأسها مرارًا، وجرَتِ المراوضة على ذلك، فاستشار السعدينِ في ذلك، فقالا: يا رسول الله، إن كان الله أمرك بهذا فسمعًا وطاعة، وإن كان شيء تصنَعه لنا فلا حاجةَ لنا فيه، لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان وهم لا يطمَعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قِرًى أو بيعًا، فحين أكرمنا الله بالإسلام، وهدانا له، وأعزنا بك نُعطيهم أموالنا؟ والله لا نعطيهم إلا السيف، فصوَّب رأيهما، وقال: ((إنما هو شيءٌ أصنعه لكم؛ لما رأيتُ العرب قد رمتكم عن قوس واحدة)).

 

2- موقف رِبْعي بن عامر رضي الله عنه عندما بعثه سعد بن أبي وقاس رضي الله عنه لرستم:

جاء في البداية والنهاية لابن كثير - رحمه الله - قال: "ثم بعَث إليه سعد رسولًا آخر بطلبه، وهو ربعي بن عامر، فدخل عليه وقد زيَّنوا مجلسه بالنمارق المذهَّبة، والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة، والزينة العظيمة، وعليه تاجه، وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير مِن ذهب، ودخل رِبعي بثياب صفيقة، وسيف وتُرس، وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضة على رأسه، فقالوا له: ضَعْ سلاحك، فقال: إني لم آتِكم، وإنما جئتُكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعتُ، فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق، فخرَّق عامتها، فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج مَن شاء مِن عبادة العباد إلى عبادة الله، ومِن ضيق الدنيا إلى سَعتها، ومِن جَور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى نفضيَ إلى موعود الله، قالوا: وما موعود الله؟ قال: الجنةُ لمن مات على قتال مَن أبى، والظفَر لمن بقِي، فقال رستم: قد سمعت مقالتكم، فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا؟ قال: نعم، كم أحب إليكم؟ أيومًا أو يومين؟ قال: لا، بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا، فقال: ما سنَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث، فانظر في أمرك وأمرهم، واختَرْ واحدة من ثلاث بعد الأجل، فقال: أسيدُهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمون كالجسد الواحد، يُجير أدناهم على أعلاهم، فاجتمع رستم برؤساء قومه، فقال: هل رأيتم قط أعزَّ وأرجح من كلام هذا الرجل؟ فقالوا: معاذ الله أن تميل إلى شيء من هذا وتدعَ دِينك لهذا الكلب! أما ترى إلى ثيابه؟! فقال: ويلكم! لا تنظروا إلى الثياب، وانظروا إلى الرأي والكلام والسيرة، إن العرب يستخفون بالثياب والمأكل، ويصونون الأحساب".

 

3- موقف الرسائل التي أرسَلها خالدٌ رضي الله عنه إلى خاصة الفُرس وعامتهم:

جاء في تاريخ الطبري: "أجمع خالدٌ أمره على منازلة الفرس في ساحات ملكهم بعد أن صفا له الجو في العراق، وأمن ظهره بانحسار أمر فارسَ عن العرب، فيما بين الحيرة ودجلة، وكان أهل فارس في هذه الفترة على خلاف شديد فيمن يولونه عليهم بعد موت كِسْراهم أزدشير، فانتهز خالدٌ هذه الفرصة وكتب إلى خاصتهم يقول: مِن خالد بن الوليد إلى ملوك فارس: أما بعد، فالحمد لله الذي حل نظامَكم، ووهَّن كيدكم، وفرَّق كلمتكم، وأوهن بأسكم، وسلب أموالكم، وأزال عزَّكم، فإذا أتاكم كتابي فأسلِموا تسلَموا، أو اعتقدوا منا الذمة، وأجيبوا إلى الجزية، وإلا والله الذي لا إله إلا هو لأسيرنَّ إليكم بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة، ويرغبون في الآخرة كما ترغبون في الدنيا"، وكتب إلى عامتهم فقال: "مِن خالد بن الوليد إلى مرازبة أهل فارس: الحمد لله الذي فضَّ خدمتكم، وفرَّق جمعكم، وأوهن بأسكم، وسلب أموالكم، وأزال عزكم، فإذا أتاكم كتابي فأسلِموا تسلَموا، أو اعتقدوا منا الذِّمة، وأجيبوا إلى الجزية، وإلا والله الذي لا إله إلا هو لأسيرنَّ إليكم بقوم يحبون الموتَ كما تحبون الحياة، ويرغبون في الآخرة كما ترغبون في الدنيا".

 

4 - موقف سعيد بن المسيَّب مع عبدالملك بن مروان: جاء في سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي - رحمه الله - قال:

"عن ميمون بن مهران، قال: قدم عبدالملك بن مروان المدينة فامتنعت منه القائلةُ، واستيقظ، فقال لحاجبه: انظر هل في المسجد أحد من حداثنا؟ فخرج فإذا سعيد بن المسيَّب في حلقته، فقام حيث ينظر إليه، ثم غمزه وأشار إليه بإصبعه، ثم ولى، فلم يتحرَّك سعيد، فقال: لا أراه فطن، فجاء ودنا منه، ثم غمزه، وقال: ألم ترني أشير إليك؟ قال: وما حاجتك؟ قال: أجِبْ أمير المؤمنين، فقال: إليَّ أرسلك؟ قال: لا، ولكن قال: انظر بعض حداثنا، فلم أرَ أحدًا أهيأ منك، قال: اذهب فأعلِمْه أني لست من حداثه، فخرج الحاجب وهو يقول: ما أرى هذا الشيخ إلا مجنونًا، وذهب فأخبر عبدالملك، فقال: ذاك سعيد بن المسيَّب، فدَعْه".

 

5 - موقف الإمام البخاري - رحمه الله - مع أمير بخارى:

روى (غنجار) - محدِّث بخارى - في تاريخه عن ابن منير: أن سلطان بخارى بعث إلى محمد بن إسماعيل البخاري يقول: "احمل إليَّ كتاب "الجامع" و"التاريخ" لأسمعَ منك"، فقال البخاري لرسوله: "قل له: أنا لا أُذِلُّ العلم، ولا آتي أبواب السلاطين، فإن كانت لك حاجة إلى شيء منه، فلتحضُرْني في مسجدي، أو في داري"؛ اهـ.

 

• جاء في كتاب "فيض القدير" للمناوي - رحمه الله -: "فينبغي للعالم ألا يشينَ علمه وتعليمه بالطمع، ولو ممن يعلِّمه، بنحو مال أو خدمة، وإن قلَّ، ولو على صورة الهدية التي لولا اشتغاله عليه لم يُهدها، وقد حث الأئمة على ألا يُدنَّسَ العلم بالأطماع، ولا يُذَلَّ بالذهاب إلى غير أهله من أبناء الدنيا بلا ضرورة، ولا إلى من يتعلمه منه، وإن عظم شأنه وكبر قدرُه وسلطانه، والحكايات عن مالك وغيره مشهورة؛ فعلى العالم تناولُ ما يحتاجه من الدنيا على الوجه المعتدل من القناعة لا الطمع، وأقل درجاته أن يستقذر التعلق بالدنيا، ولا يبالي بفوتها؛ فإنه أعلم الناس بخِسَّتها وسرعة زوالها، وحقارتها وكثرة عنائها وقلة غَنائها".

 

6- موقف هارون الرشيد - رحمه الله - مع (نقفور) ملك الروم:

جاء في الموسوعة التاريخية (الدرر السنية): اضطُرَّت دولةُ الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت "إيريني" ملكة الروم صُلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة (181هـ - 797 م)، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي خلف إيريني في سنة (186هـ - 802م)، وكتب إلى هارون: "مِن نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك مِن أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردُدْ ما حصل قبلك من أموالها، وافتدِ نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك"، فلما قرأ هارونُ هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر رسالة الإمبراطور: "مِن هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأتُ كتابك يا بن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام"، وخرج هارونُ بنفسه في (187 هـ - 803م)، حتى وصل "هرقلة"، وهي مدينة بالقرب مِن القسطنطينية، واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الخليفة كما كانت تفعل "إيريني" من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام (188هـ - 804م) وهزمه هزيمةً منكرة، وقتل مِن جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه، وقبِل الموادعة، وفي العام التالي (189هـ - 805م) حدث الفداءُ بين المسلمين والروم، ولم يبقَ مسلمٌ في الأسر.

 

7 - موقف الخليفة العباسي المعتصم مع طاغية الروم:

جاء في البداية والنهاية لابن كثير - رحمه الله - قال: "قال الرياشي: كتب طاغيةُ الروم إلى المعتصم يتهدَّده، فأمر بجوابه، فلما عرض عليه رماه، وقال للكاتب: اكتب: "أما بعد، فقد قرأتُ كتابك، وسمعت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، (وسيعلم الكافر لمَن عُقبى الدار).

 

8 - موقف طاوس بن كيسان - رحمه الله - مع هشام بن عبدالملك:

ذكَر ابن خلكان - رحمه الله - في كتابه "وفَيَات الأعيان وأنباء أبناء الزمان" قال: "وحُكي أن هشام بن عبدالملك قدم حاجًّا إلى بيت الله الحرام، فلما دخل الحرَم قال: ائتوني برجل من الصحابة، فقيل: يا أمير المؤمنين، قد تفانَوْا، قال: فمِن التابعين، فأُتي بطاوس اليماني، فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه، ولم يسلِّم بإمرة المؤمنين، ولم يُكنِّه، وجلس إلى جانبه بغير إذنه، وقال: كيف أنت يا هشام؟ فغضب من ذلك غضبًا شديدًا حتى همَّ بقتله، فقيل: يا أمير المؤمنين، أنت في حرَم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يمكن ذلك، فقال له: يا طاوس، ما حملك على ما صنعتَ؟ قال: وما صنعتُ؟ فاشتد غضبه له وغيظه، وقال: خلعتَ نعليك بحاشية بساطي، ولم تسلم عليَّ بإمرة المؤمنين، ولم تكنني، وجلست بإزائي بغير إذني، وقلت: يا هشام، كيف أنت؟ قال: أما خَلْع نعليَّ بحاشية بساطك، فإني أخلعهما بين يدي رب العزَّة كل يوم خمس مرات، فلا يعاتبني ولا يغضب عليَّ، وأما ما قلت: لم تسلِّم عليَّ بإمرة المؤمنين، فليس كل المؤمنين راضين بإمرتك، فخفتُ أن أكون كاذبًا، وأما ما قلت: لم تكنني، فإن الله عز وجل سمى أنبياءه، قال: "يا داود، يا يحيى، يا عيسى"، وكنى أعداءه، فقال: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ [المسد: 1]، وأما قولك: جلست بإزائي، فإني سمعتُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار، فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام، فقال له: عِظْني، قال: إني سمعت أمير المؤمنين رضي الله عنه يقول: إن في جهنم حياتٍ كالقلال، وعقارب كالبغال، تلدَغُ كل أمير لا يعدل في رعيته، ثم قام وخرج".

 

9 - موقف محمد بن عبدالرحمن بن أبي ذئب ـ رحمه الله ـ مع المهدي:

ذكر الإمام الذهبي - رحمه الله - في كتابه "سير أعلام النبلاء" قال: "حدثنا أبو العيناء، قال: لما حجَّ المهدي، دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يبقَ أحد إلا قام، إلا ابن أبي ذئب، فقال له المسيب بن زهير: قم، هذا أمير المومنين، فقال: إنما يقوم الناسُ لرب العالمين، فقال المهدي: دَعْه؛ فلقد قامت كلُّ شعرة في رأسي".

 

10 - موقف العز بن عبدالسلام "سلطان العلماء" مع الصالح إسماعيل:

عندما كان العز بن عبدالسلام في دمشق، كان الحاكم رجلًا يقال له: "الملك الصالح إسماعيل" مِن بني أيوب، فولَّى العز بن عبدالسلام خطابة الجامع الأموي، وبعد فترة قام الملك الصالح إسماعيل هذا بالتحالف مع النصارى الصليبيين، أعداءِ الله ورسله، فحالفهم وسلَّم لهم قلعة الشقيف، وصفد، وبعض الحصون، وبعض المدن؛ وذلك مِن أجل أن يستعين بهم على قتال الملك الصالح أيوب في مصر، فلما رأى العز بن عبدالسلام هذا الموقف الخائن الموالي لأعداء الله ورسله عليهم السلام، لم يصبِر؛ فصعِد على المنبر، وتكلم وأنكر على الصالح إسماعيل تحالفه مع الصليبيين، وقالها له صريحة، وقطع الدعاء له في الخطبة، بعدما كان اعتاد أن يدعو له، وختم الخطبة بقوله: "اللهم أبرِمْ لهذه الأمة أمرًا رشدًا تُعِز فيه وليَّك، وتُذِل فيه عدوَّك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر"، ثم نزل.

 

وعرَف الأمير الملك الصالح إسماعيل أنه يريده، فغضب عليه غضبًا شديدًا، وأمر بإبعاده عن الخطابة، وسجنه، وبعدما حصل الهرج والمرج، واضطرب أمر الناس، أخرجه من السجن ومنَعه من الخطبة بعد ذلك.

 

وخرج العزُّ بن عبدالسلام من دمشق مغضَبًا إلى جهة بيت المقدس، وصادف أن خرج الملك الصالح إسماعيل إلى تلك الجهة أيضًا والتقى أمراء النصارى قريبًا من بيت المقدس، فأرسل رجلًا من بطانته وقال له: "اذهب إلى العز بن عبدالسلام، ولاطِفْه ولايِنْه بالكلام الحسن، واطلب منه أن يأتي إليَّ، ويعتذر مني، ويعود إلى ما كان عليه"، فذهب الرجل إلى العز بن عبدالسلام وقال له: "ليس بينك وبين أن تعود إلى منصبك وأعمالك وزيادة على ما كنت عليه إلا أن تأتي وتقبِّل يد السلطان لا غير"، فضحك العز بن عبدالسلام ضحكة الساخر، وقال: "يا مسكينُ، والله ما أرضى أن يقبِّلَ الملك الصالح إسماعيل يدي، فضلًا عن أن أقبل يده، يا قوم، أنا في وادٍ وأنتم في وادٍ آخر، الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به"، قال: "إذن نسجنَك!"، فقال: "افعلوا ما بدا لكم"، فأخذوه وسجنوه في خيمة، فكان يقرأ فيها القرآن ويتعبَّد ويذكر الله تعالى.

 

وفي إحدى المرات، كان الملك الصالح إسماعيل قد عقد اجتماعًا مع بعض زعماء النصارى الصليبيين، كان اجتماعهم قريبًا من العز بن عبدالسلام بحيث يسمعون قراءته للقرآن، فقال: "هل تسمعون هذا الذي يقرأ؟"، قالوا: "نعم"، فقال متفاخرًا: "هذا هو أكبر قساوسة المسلمين، سجنَّاه؛ لأنه اعترض علينا في محالفتنا لكم، وتسليمنا لكم بعض الحصون والقلاع، واتفاقنا معكم على قتال المصريين"، فقال له ملوك النصارى: "واللهِ، لو كان هذا القسيسُ عندنا، لغسلنا رِجْليه وشربنا مرقته!"، لو كان عندنا رجل بهذا الإخلاص للأمة وبهذه القوة وبهذه الشجاعة، لكنا نغسل رِجليه، ولشربنا الماء الذي غسلنا به رِجليه، فأصيب الملك إسماعيل بالخيبة والذلِّ، وكانت هذه بدايةَ هزيمته وفشله، وجاءت جنود المصريين، وانتصرت عليه وعلى مَن كانوا متحالفين معه مِن الصليبيين، وأفرَجت عن الإمام العز بن عبدالسلام.

 

11 - موقف إبراهيم باشا بن محمد علي حاكم مصر مع الشيخ سعيد الحلبي:

دخَل إبراهيم باشا بن محمد علي حاكم مصر المسجدَ الأموي في وقت كان فيه عالم الشام الشيخ سعيد الحلبي يُلقي درسًا في المصلين، ومر إبراهيم باشا من جانب الشيخ، وكان مادًّا رِجله، فلم يحركها، ولم يبدل جلسته، فاستاء إبراهيم باشا، واغتاظ غيظًا شديدًا، وخرج من المسجد، وقد أضمر في نفسه شرًّا بالشيخ، وما أن وصل قصره حتى حف به المنافقون من كل جانب، يزيِّنون له الفتك بالشيخ الذي تحدى جبروتَه وسلطانه، وما زالوا يؤلِّبونه حتى أمر بإحضار الشيخ مكبَّلًا بالسلاسل، وما كاد الجند يتحركون لجلب الشيخ حتى عاد إبراهيم باشا فغيَّر رأيه؛ فقد كان يعلم أن أي إساءة للشيخ ستفتح له أبوابًا من المشاكل لا قِبَل له بإغلاقها، وهداه تفكيره إلى طريقة أخرى ينتقم بها من الشيخ، طريقة الإغراء بالمال، فإذا قبِله الشيخ ضمن ولاءه، وسقطت هيبته في نفوس المسلمين، فلا يبقى له تأثيرٌ عليهم، وأسرع إبراهيم باشا فأرسل إلى الشيخ ألف ليرة ذهبية، وهو مبلغ يسيل له اللعاب في تلك الأيام، وطلب مِن وزيره أن يعطيَ المال للشيخ على مرأى ومسمع مِن تلامذته ومريديه، وانطلق الوزير بالمال إلى المسجد، واقترب مِن الشيخ وهو يلقي درسه، فألقى السلام، وقال للشيخ بصوت عالٍ سمعه كل مَن حول الشيخ: هذه ألف ليرة ذهبية يرى مولانا الباشا أن تستعين بها على أمرك، ونظر الشيخ نظرة إشفاق نحو الوزير، وقال له بهدوء وسكينة: يا بني، عُدْ بنقود سيدك ورُدَّها إليه، وقل له: (إن الذي يمد رِجْله، لا يمد يده).

 

12 - موقف الشيخ عبدالحميد الجزائري - رحمه الله - مع المندوب السامي الفرنسي:

استدعى المندوب السامي الفرنسي ـ في سوريا ـ الشيخ عبدالحميد الجزائري وقال له: إما أن تقلعَ عن تلقين تلاميذك هذه الأفكار، وإلا أرسلت جنودًا لإغلاق المسجد الذي تنفُثُ فيه هذه السموم ضدنا، وإخماد أصواتك المنكرة، فأجاب الشيخ عبدالحميد: أيها الحاكم، إنك لا تستطيع ذلك، واستشاط الحاكم غضبًا: كيف لا أستطيع؟ قال الشيخ: إذا كنتُ في عُرسٍ هنأت وعلمت المحتفلين، وإذا كنتُ في مأتمٍ وعظت المعزين، وإن جلستُ في قطارٍ علَّمت المسافرين، وإن دخلت السجن أرشدت المسجونين، وإن قتلتموني ألهبت مشاعر المواطنين، وخيرٌ لك أيها الحاكم ألا تتعرَّض للأمة في دِينها ولغتها.

• إن المواقفَ التي تم ذكرها ما هي إلا حفنة من بحر لا قاع له من العزَّة التي خلفها الأوائل؛ لتكون لنا معينًا لا ينضب، وزادًا لا ينفَد، والأمثلة على ذلك كثيرة، بل أكثر من أن تُعَد، ومنها ما هو بين أيدينا إلى الآن، ولولا قول ابن مسعود رضي الله عنه: "مَن كان مستنًّا فليستن بمن قد مات؛ فإن الحيَّ لا تؤمَن عليه الفتنة"؛ (رواه ابن عبدالبر) - لذكرنا من النماذج الكثير والكثير، ولا بد علينا أن ندرك بل نوقن أننا رعاةٌ وحرَّاس وأمناء على عزَّة مَن أعزهم الله، وأمناء على تضحية مَن ضحَّوا، وثبات مَن ثبتوا، وصمود مَن صمدوا؛ حتى لا نكون حلقة ضعيفة في هذه السلسلة المباركة الممتدة إلى يوم القيامة بإذنه تعالى، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان والتقوى، والصبر والمصابرة، والطمع فيما عند الله تعالى، فما عند الله لا يُنالُ إلا بطاعة الله.

 

خامسًا: أقوال الصحابة والتابعين في العزَّة:

1- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فلا نطلب بغير الله بديلًا".

• وقال أيضًا: "كنا أذلَّ قوم، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلَّنا الله".

2- قال الحسنُ رضي الله عنه: "إنهم وإن هملجت بهم البراذين... ووطئت أعقابهم الرجال، إن ذلَّ المعاصي لا يفارق رقابهم، يأبى اللهُ إلا أن يُذِلَّ مَن عصاه".

• هملجت الدابة: سارت سيرًا حسنًا في سرعة.

• البراذين: جمع البرذون: يطلق على غير العربي مِن الخيل والبغال، من الفصيلة الخيلية، عظيم الخِلقة، غليظ الأعضاء، قوي الأرجل، عظيم الحوافر، تُتَّخذ للحمل بخاصة.

3- قيل للحسَن بن علي رضي الله عنهما: "فيك عظَمة، قال: لا، بل فيَّ عزَّة الله تعالى؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8].

4- قال ابن أبي لبابة: "مَن طلب عزًّا بباطل، أورَثه اللهُ ذلًّا بحقٍّ".

5- قال إبراهيم بن شيبان - رحمه الله -: "الشرفُ في التواضع، والعز في التقوى، والحريَّة في القناعة".

6- قال سفيان الثوري - رحمه الله -: "أعزُّ الخَلْق خمسة أنفُس: عالم زاهد، وفقيه صوفي، وغني متواضع، وفقير شاكر، وشريف سني".

7- قال ابن باديس - رحمه الله -: "الجاهل يمكن أن تعلِّمه، والجافي يمكن أن تهذِّبه، ولكن الذليل الذي نشأ على الذل، يعسُرُ أو يتعذَّر أن تغرِس في نفسه الذليلةِ المَهِينة عزَّةً وإباءً وشهامةً تُلحقه بالرجال".

8- قال أبو بكر الشبلي - رحمه الله -: "مَن اعتزَّ بذي العز، فذو العزِّ له عزٌّ".

9- قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: "مَن لم تُعِزَّه التقوى، فلا عزَّ له".

 

10- مِن قصيدة عنترة بن شداد:

وإذا الجبانُ نهاك يوم كريهةٍ
خوفًا عليك مِن ازدحام الجحفل
فاعصِ مقالتَه ولا تحفل بها
واقدِمْ إذا حق اللقا في الأول
واختر لنفسك منزلًا تعلو به
أو مُتْ كريمًا تحت ظل القسطل
فالموت لا ينجيك مِن آفاته
حصنٌ ولو شيَّدته بالجندل
موت الفتى في عزَّة خيرٌ له
مِن أن يبيت أسيرَ طرفٍ أكحل
إن كنتَ في عدد العبيد فهمَّتي
فوق الثريا والسِّمَاك الأعزل

 

وختامًا:

إن الإنسانَ الذي جاهد نفسَه واقترب مِن ربه حتى أذاقه الله تعالى طعم العزَّة والكرامة لا بد عليه أن يغرس هذه العزَّة في نفوس غيره مِن المسلمين، ولا يقبل أن يراهم أذلاءَ إلا لله تعالى، أو لمؤمن يتقي الله تعالى فيهم كما يأمُرُ ربُّنا ويرضى.

اللهم اكتُبْ لنا بالإسلام عزًّا، وبطاعتك عزًّا، وبمرافقةِ خير الأنام صلى الله عليه وسلم عزًّا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هذه طريق العزة
  • دين القوة والعزة
  • خلق العزة والكرامة
  • ضعف الشعور بالعزة
  • العزة الكاذبة

مختارات من الشبكة

  • هذه هي العزة يا باغي العزة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • العزة بالحق والعزة بالإثم(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • اسم الله العزيز معناه وأثره الإيماني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 13/6/1433 هـ - قيمة العزة والكرامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كن عزيزا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: { من كان يريد العزة فلله العزة جميعا... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • العزة بالإسلام(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب