• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)

حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته
أحمد عماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/12/2016 ميلادي - 24/3/1438 هجري

الزيارات: 36490

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. ثم أما بعد:

إخوتي الكرام؛ ومع حق آخر من حقوق الإسلام العظيمة، التي أوجب الإسلام على أتباعه رعايتها وأداءها وصيانتها، مع حق عظيم جليل، لا يتم الإيمان إلا بأدائه ولا تكون النجاة إلا برعايته؛ إنه حق رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولتعلمَ قيمة هذا الحق وعِظَمَه، تعرّف على قيمة صاحب هذا الحق ومكانته وقدْره.. لتعلمَ أنّ حقه من أعظم الحقوق بعد حق الله ربّ العالمين سبحانه، كيف لا؛ وهو حق المصطفى وكفى.

 

كيف لا يكون حقه عظيما؛ وهو الحبيب المصطفى، والرسولُ المجتبى، والنبيّ المرتضى، خاتم الرسل، وخِيرة الأنبياء، وسيد الخلق، وشفيع الأنام.. هو صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والمقام المحمود، أشرفُ حاضر وباد، وأجلّ مصلح وهاد...

 

إنه الحبيب المصطفى؛ جليلُ القدر، مشروح الصدر، مرفوع الذكر، رشيد الأمر، القائم بالشكر، المحفوظ بالنصر، البريء من الوزر، المبارك في كل عَصر، المعروف في كل مِصر... فعنه يقول سبحانه: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 1، 4].

 

إنه الحبيب المصطفى؛ الرسول الذي بشّرَتْ به الرسل، وأخبرَتْ به الكتب، وحَفَلتْ باسمه التواريخ، وتشرّفتْ به النوادي، وتضوّعتْ بذكره المجامع، وصدَحَت بذكراه المنائر، ولجلجت بحديثه المنابر... فعنه يقول سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 146].

 

إنه الحبيب المصطفى؛ الرسولُ الذي عُصِم من الضلالة والغواية، وحُفِظ من الزيغ والهوى، فكلامُه شريعة، ولفظه دين، وسنته وَحي... فعنه يقول سبحانه: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 2 - 4].

 

إنه الحبيبُ المصطفى؛ نعمة ربانية، ومنة إلهية، منّ الله بها على عباده رحمة وتكرّما منه وفضلا.. فعنه يقول ربنا سبحانه: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].

 

فهلْ مِن نعمة أعظم من نعمة الهداية؟ هلْ مِن نعمة أجلّ من نعمة الإيمان؟ هلْ مِن نعمة أفضل من نعمة الإسلام؟.. كلا، كلا، فلا فلاحَ ولا نجاة للإنسان دون الهداية إلى طريق الإسلام والإيمان الذي دلنا عليه محمد صلى الله عليه وسلم.

 

إنه الحبيب المصطفى؛ رسالته نعمة لا تقدّرُ بثمن، رسالة رحمةٍ ومحبة وسعادة ونجاة وفلاح. رسالة لا يَلفها الظلام، ولا يَحجُبها الغمام، عَبَرَتِ البحار، واجتازت القفار، ونزلت على العالم نزول الغيث النافع، وأشرقت إشراق الشمس الساطعة المضيئة... وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «لَيَبْلغَنَّ هَذَا الأمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إلاَّ أدْخَلَهُ اللَّهُ هَذا الدِّينَ، بعِزِّ عَزِيزٍ أوْ بذلِّ ذلِيلٍ، عِزّا يُعِزّ اللَّهُ بهِ الإِسْلاَمَ، وَذلاّ يُذِلّ اللَّهُ بِهِ الكُفرَ». أخرجه الإمام أحمد والحاكم عَنْ تمِيمٍ الدّارِيِّ. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرّجاه، ووافقه الذهبي.

 

إنه الحبيب المصطفى؛ الرسول الذي اصطفاه الله واجتباه، فاختاره ليكون للعالمين بشيرا ونذيرا، وللأمة كلها نبيا ورسولا. فقال سبحانه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 28]. وقال عز وجل: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45، 46].

 

إنه الحبيب المصطفى؛ الرسول الذي اصطفاه الله واجتباه، فخصّة بالسيادة والشفاعة يوم القيامة؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أنَا سَيِّدُ وَلدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأوَّلُ مَنْ يَنْشَقّ عَنْهُ القبْرُ، وَأوَّلُ شَافِعٍ وَأوَّلُ مُشَفع».

 

إنه الحبيب المصطفى؛ الرسول الذي اصطفاه الله واجتباه، فجعله خاتم الأنبياء والرسل، أتم الله ببعثتة النعمة على البشرية؛ فبرسالته ختمت الرسالات السماوية، وبنبوته ختمت النبوة، فلا نبي بعده، ولا رسول بعده، ومن ادعى النبوة بعده فهو سفيه أحمق دجّال.. قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 40].

 

إنه الحبيب المصطفى؛ الرسول الذي اصطفاه الله واجتباه، فأنزل عليه خيرَ الكتب، وأصدق الكتب، وهو القرآن الكريم... فمن أراد أن يتعرف على قدر المصطفى ومكانته فليقرأ القرآن الكريم؛ فهو أعظم هدية قدمها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته من عند ربه سبحانه. ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].

 

إنه الحبيب المصطفى؛ الرسول الذي اصطفاه الله واجتباه، فبعثه بالدين الإسلامي العظيم، دين الفطرة، دين الوسَط، دين الفلاح والنجاة، الدين الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه، ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]. ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]. روى مسلم في صحيحه عَنْ أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ؛ لاَ يَسْمَعُ بي أحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأمَّةِ؛ يَهُودِيّ وَلاَ نَصْرَانِيّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أرْسِلتُ بِهِ، إلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار».

 

الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءنا بهذا الدين العظيم؛ الدين الذي جاء لإسعاد البشرية في الدنيا والآخرة، فقد قال ربنا سبحانه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

إنه الحبيب المصطفى؛ الرسول الذي اصطفاه الله واجتباه، فأرسله رحمة للعالمين، فقال عنه ربنا سبحانه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

 

فهو رحمة للإنسان؛ إذ عرّفه بالرحمان، وسكب في قلبه نورَ الإيمان، ودَله على طريق الجنان...

هو رحمة للشيخ الكبير؛ إذ سهَّل له العبادة، وأرشده لحُسن الخاتمة، وأيقظه لتدارُكِ العُمُر واغتنامِ بقية الأيام...

وهو رحمة للشابِّ؛ إذ هداه إلى أجملِ أعمال الفتوَّة، وأكمَل خِصال الصِّبا؛ فوجَّه طاقته لأنبل السَّجايا وأجلِّ الأخلاق...

 

وهو رحمة للطفل؛ إذ سقاه مع لبنِ أمِّه دِينَ الفطرة، وألبَسه في عهد الطفولة حُلَّة الإيمان.. كان يحمل الصبيان ويقبّلهم، ويتركهم يركبون على ظهره، ويضعهم في حِجره، ويحملهم على عاتقه، وكان يلوم من يقسو عليهم ولا يَرْفق بهم..

 

وهو رحمة للمرأة؛ إذ أنصَفها في عالم الظلم، وحفِظ حقها في دُنيا الجَوْر، وصانَ جانبها في مهرجان الحياة، وحفِظ لها عفافها وشرَفها ومستقبلها، فعاش أبًا للمرأة، وزوجًا، وأخًا ومُربِّيًا..

 

وهو رحمة لليتيم؛ إذ كان يخصّه برحمة تعوّضه عن حنان أبيه أو أمه، وكان يوصي بالإحسان إليه، والعطف عليه، ورحمةِ حاله، ويبيّن الأجر الجزيل والثواب الكبير لمن تولى كفالة يتيم أو أحسن إليه..

 

وهو رحمة للفقير والمسكين، والأرملة والمحتاجة؛ إذ كان يزور ضعفاء المسلمين ويُلاطفهم ويؤانسهم، ويجلس معهم، ويعود مرضاهم، ويحضر جنائزهم، وكان يوصي بالإحسان إليهم، ويَعِدُ مَن نفسَ عنهم كرْبة من كرَب الدنيا بأن ينفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، وأن من يسر عليهم في الدنيا يسّر الله عليه يوم القيام، وأنّ من تصدق عليهم بصدقة عوّضه الله عنها خيرا منها في الدنيا والآخرة...

 

وهو رحمة للخدَم والعُمّال؛ إذ كان يهتمّ بأمورهم وشؤونهم، لأنهم مَظنّة وقوع الظلمِ عليهم والاستيلاءِ على حقوقهم، فكان يُقرّرُ بأنهم الإخوان الذين جعلهم الله تحت اليد، فمن كان أخوه تحت يده فليطعِمْه مما يأكل، وليُلبسه مما يَلبَس، وألا يُكلفه من العمل ما يَغلبه، فإن كلفه فليُعِنه..

 

وهو صلى الله عليه وسلم رحمة للولاة والحُكام؛ إذ وضَع لهم ميزان العدالة، وحذرهم مِن متالف الجَوْر والظلم والتعسّف، وحدَّ لهم حدود التبجيل والاحترام والطاعة في طاعة الله ورسوله...

 

وهو رحمة للرعيَّة؛ إذ وقف مدافعًا عن حقوقها، مُحَرِّمًا الظلمَ والعدوان، ناهيًا عن السَّلب والنَّهْب والسَّفك، والابتزاز والاضطهاد والاستبداد...

 

وهو رحمة لأعدائه؛ فكم لقي من سفهاءِ قريش وأشِدّائِهم من الغلظة والسفاهة والجفاء والأذى، وهو صابرٌ متحمّل محتسب متسامح، مُصِرّ على دعوتهم وإرشادهم إلى طريق النجاة والفلاح... قيل له: يا رسول الله؛ ادْعُ على المشركين. قال: «إني لم أبعَثْ لعّانا، وإنما بعثتُ رحمة». رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

 

إذاً، فرسولُ الله صلى الله عليه وسلم رحمة للجميع، ونعمة على الكُلّ، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

فسبحانَ مَن اجتباه واصطفاه، وتولاه وحَمَاه، ورَعاه وكفاه، ومِن كل بلاء حسن أبلاه..

 

إنه الحبيب المصطفى؛ الرسولُ الذي أدّبه ربه فأحْسَن تأديبه، ورباه فأحسن تربيته، فهو أحسن الناس خلقا، وأسدّهم قولا، وأمثلهم طريقة، وأصدقهم خبَرا، وأعدلهم حُكما، وأطهرهم سريرة، وأنقاهم سيرة، وأفضلهم سجية، وأجودهم يدا، وأسمحهم خاطرا، وأصفاهم صدرا، وأتقاهم لربه، وأخشاهم لمولاه، وخيرُهم نفسا ونسبا وخُلقا ودِينا...

 

هو الحبيب الذي ثبّت الله قلبه فلا يزيغ، وسدّد كلامه فلا يجهل، وحفظ عينه فلا تخون، وحصّن لسانه فلا يَزل، ورعى دينه فلا يَضل، وتولى أمره فلا يضيع، فهو محفوظ مبارك ميمون، سجاياه طاهرة، وطبيعته فاضلة، وخصاله نبيلة، ومواقفه جليلة، وأخلاقه عظيمة... وقد قال عنه ربنا سبحانه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].

 

واللهِ، إنك يا رسول الله لعظيمُ الأخلاق، كريمُ السّجايا، مهذَّب الطِّباع، نقيّ الفطرة..

والله، إنك جَمّ الحياء، حيّ العاطفة، جميل السيرة، طاهر السريرة..

والله، إنك قمة الفضائل، ومنبَع الجود، ومَطلع الخير، وغاية الإحسان..

 

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ يظلِمونك فتصبِر، يُؤذونك فتغفِر، يشتُمونك فتحلُمُ، يسبّونك فتعفو، يَجفونك فتصفَح...

 

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ يحبُّك الملِك والمملوك، والصغير والكبير، والرجل والمرأة، والغنيّ والفقير، والقريب والبعيد؛ لأنك ملَكْتَ القلوبَ بعَطْفك، وأسَرْتَ الأرواح بفضلك، وطوَّقْتَ الأعناقَ بكرَمِكَ...

 

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ هذَّبك الوحيُ، وعلَّمك جبريل، وهداك ربّك، وصاحبَتْك العناية، ورافقَتْك الرعاية، وحالَفك التوفيق...

 

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ البسمةُ على محيَّاك، البِشْر على طَلْعتِك، النور على جبينِك، الحبّ في قلبك، الجودُ في يدِك، البَرَكة فيك، الفوزُ معك...

 

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ لا تكذِبُ ولو أنّ السيفَ على رأسك، ولا تخونُ ولو حُزْتَ الدنيا، ولا تغدِرُ ولو أُعطِيتَ المُلك؛ لأنك نبيّ معصوم، وإمام قدوة، وأسوة حسنة...

 

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ صادقٌ ولوْ قابلَتْك المَنايا، وشجاعٌ ولو قاتَلْتَ الأسُود، وجَوَادٌ ولو سُئِلْتَ كل ما تملِكُ؛ فأنت المثالُ الراقي، والرمز السامي...

 

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ سبقتَ العالم دِيانةً وأمانة، وصيانة ورَزانة، وتفوَّقْتَ على الكل علمًا وحِلمًا، وكرَمًا ونُبلًا، وشجاعةً وتضحية...

 

إنه الحبيب المصطفى؛ الرسولُ الحريصُ على هداية أمته.. تعب من أجل هداية أمته، وأوذي فصبر من أجل هداية أمته، ما مِن خير إلا ودلّ الأمة عليه، وما من شرّ إلا وحذر الأمة منه.. فعنه يقول ربنا سبحانه: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

 

لقد كان عليه الصلاة والسلام يتألم لآلام قوْمه، ويَصبر على أذاهم، ويفرح بهدايتهم، ويخشى عذابَ الله عليهم، كان يدعو لهم ولا يدعو عليهم.. روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ﴾ [إبراهيم: 36]، وقال عيسى عليه السلام: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]. فرفع يديه، وقال: «اللهم أمتي أمتي». وبكى صلى الله عليه وسلم. فقال الله: «يا جبريل، اذهب إلى محمد - ورَبّك أعلم - فسَله ما يبكيه». فأتاه جبريل فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال، وهو أعلم، فقال الله: «يا جبريل؛ اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك، ولا نسوؤك».

 

وها هو عليه الصلاة والسلام يُجَسّدُ لنا حِرصَه على إنقاذ أمته من الهلاك والضلال فيقول: «مثلي ومثلكم كمثل رجل أوْقدَ نارا، فجعل الجنادِب والفراش يقعْنَ فيها، وهو يَذُبّهن عنها؛ وأنا آخِذٌ بحُجَزِكم عن النار، وأنتم تفَلَّتُون مِن يَدِي». رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه.

 

ولكل نبيّ من الأنبياء عليهم السلام دعوة مستجابة، دَعَوْا ربهم فاستجاب الله تعالى دَعَوَاتِهم، وأعطاهم مسائلهم، إلا رسولنا صلى الله عليه وسلم فإنه ادّخرَ دَعْوَته شفاعة لأمته في موقفٍ هُمْ أحوَجُ ما يكونون إلى شفاعتِه، فصلوات ربي وسلامه عليه. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل نبيّ دعوة مستجابة، فتعجّلَ كل نبيّ دعوَته، وإني اختبأتُ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله مَنْ ماتَ مِنْ أمّتي لا يشركُ بالله شيئا».

 

فاللهم ثبتنا على طريق حبيبنا حتى نلقاه.

اللهم ألحقنا به طائعين ثابتين سالمين، لا مبدلين ولا مغيرين، ولا ضالين ولا مضلين، ولا فاتنين ولا مفتونين، يا رب العالمين.

اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين، وصل على سيدنا محمد في الآخرين، وصل على سيدنا محمد في الملإ الأعلى إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا يا رب العالمين.

وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن باقي الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..

اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، وأصلح أحوال المسلمين، واشف مرضى المسلمين أجمعين.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك، وعبادك المؤمنين.

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شهادة أهل التوراة والإنجيل في حق النبي صلى الله عليه وسلم
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (2)
  • وجوب تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم
  • أمور ثلاثة خافها النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (خطبة)
  • أخطاء في حق النبي صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص في الذكر عند قيام الليل والأذان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (2) الملك(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • خلق النبي مع أهله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف الحقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: كان لسانه الشريف لا ينطق إلا بالحق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضائل وواجبات في حق النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • تأكيد حقوق ولاة الأمر وشرح الحديث النبوي: "ثلاث لا يغل عليهن صدر مسلم"(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • حق الزوجة وحق الزوج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهم ما ترشد إليه الآية: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- تعظيم شعائر الله
موفق عزالدين محمد النجار - Iraq 10-06-2022 08:48 AM

جزيتم خيرا وجعلها الله تعالى في ميزان حسناتكم إبداع في التفاصيل ورؤوس نقاط رائعة.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب