• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير الربع الأخير من سورة مريم

تفسير الربع الأخير من سورة مريم
رامي حنفي محمود

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/12/2016 ميلادي - 20/3/1438 هجري

الزيارات: 26440

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

تفسير الربع الأخير من سورة مريم

 

الآية 66، والآية 67: ﴿ وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ ﴾ المُنكِر للبعث: ﴿ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا ﴾ من قبري؟، فرَدَّ اللهُ عليه قائلاً: ﴿ أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ﴾ أي لم يكن له جسد ولا اسم ولا صفة؟ إذاً فليعلم أن الذي خَلَقه من العدم، قادرٌ سبحانه على أن يَبعثه بعد الموت (لأن إعادة الشيء كما كان، أسهل من إيجاده أول مرة).


من الآية 68 إلى الآية 72: ﴿ فَوَرَبِّكَ ﴾ - أيها الرسول - ﴿ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ﴾: أي لَنَجمعنَّ هؤلاء المُنكِرين للبعث يوم القيامة، مع الشياطين الذين كانوا يُضلونهم، ﴿ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ﴾ أي باركينَ على رُكَبهم، لا يَقدرونَ على القيام، لشدة ما هم فيه من الخوف، ﴿ ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ﴾ أي: ثم لَنأخذنَّ مِن كل طائفةٍ - تعاونتْ على الباطل - أشدَّهم تمردًا وعصيانًا للهِ تعالى وظلماً لعباده، فنبدأ بعذابهم، (ولعلَّ اللهَ تعالى ذَكَرَ هنا صفة "الرحمن" لتفظيع تَمَرُّدهم وظُلمهم، لأنّ شديد الرّحمة بالخلق جديرٌ بالشكر له والإحسان، لا بالكفر به والطغيان).


♦ وحتى لا يَزعم أحدٌ منهم أنّ غيره أشدّ عِصياناً منه، فقد أخبر سبحانه أنّه يَعلم ما يَستحقه كل واحد منهم من العذاب، فقال: ﴿ ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا ﴾ أي نحن أعلم بالذين هم أَوْلى بالاحتراق بالنار ومُقاساة حَرّها (فأولئك يدخلون النار قبل غيرهم ثم يَدخل بَقيّتهم بعدهم)، ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ﴾ يعني: وما منكم مِن أحدٍ - أيها الناس - إلا وسوف يَمُرّ مِن على الصراط الممدود فوق جهنم، كلٌ بحسب عمله - كما ثبت ذلك في صحيح مسلم - فمَن وقع: هَلَك، ومَن لم يَقع: نَجا، ﴿ كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴾: أي كانَ ذلك أمرًا قضاه اللهُ سبحانه، ولابد من وقوعه، ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾ - بامتثال أوامر ربهم والبعد عن مَعصيته - فنُنجيهم من النار (وذلك بمرورهم سالمينَ من على الصراط)، ﴿ وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ ﴾: أي ونترك الظالمين لأنفسهم بالكفر والمعاصي - بعدما سقطوا من على الصراط - ﴿ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ أي باركينَ على رُكَبهم في النار، لا يستطيعون الحركة (وذلك من شدة ما يُصيبهم مِن هَولها وعذابها).


الآية 73، والآية 74: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ﴾: يعني وإذا تُقرأ على الناس آياتنا الواضحة في حُجَجها ودلائلها - على التوحيد والنُبُوّة والبعث -: ﴿ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا ﴾: ﴿ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ ﴾ - منَّا ومنكم - ﴿ خَيْرٌ مَقَامًا ﴾ يعني أفضل مَسكناً ومَنزلةً، ﴿ وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ﴾: يعني وأحسن مَجلسًا ونادياً للاجتماع والتشاور فيه؟


♦ والمعنى أنهم عندما تُقرأ عليهم آيات القرآن، يَتعزّزون بالدنيا ويقولون: (إنْ كُنّا على الباطل، فلماذا نحن أكثر أموالاً وأكثر أعواناً منكم؟)، وذلك لأنهم كانوا يُقارنون بين دار "الأرقم بن أبي الأرقم" التي يجتمع فيها الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون، وبين منازل أغنياء مكة ونادي قريش (الذي هو مَجلس مَشورتهم وتبادل آرائهم).


♦ فرَدَّ اللهُ عليهم بقوله: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ﴾: يعني ولقد أهلكنا - قبل هؤلاء الكفار - كثيرًا من الأمم الذين كانوا ﴿ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا ﴾ أي كانوا أحسن منهم متاعًا وأجمل منظرًا، (إذاً فلا يَغُرَّهم هذا الذي يَتبجَّحون به، فإنه لن يدوم لهم إذا استمروا على العناد ومحاربة الحق).


الآية 75: ﴿ قُلْ ﴾ أيها الرسول لهؤلاء الكفار: ﴿ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ ﴾: يعني مَن كان مُصِرّاً على ضلاله، غير مُتِّبع لطريق الهدى: ﴿ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا ﴾: أي فاللهُ تعالى يَمُدّ له في ضلاله، (فإنّ مِن عقوبة الضَلالة: الضَلالة بعدها، وهذا كقوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾، فالإزاغة الثانية كانت عقوبة لهم على زَيغهم، وعلى العكس من ذلك، فإنّ مِن ثواب الهدى: الهدى بعده، كما سيأتي في قوله تعالى: ﴿ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ﴾ .


♦ ويَظَلُّونَ على هذا الضلال ﴿ حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ ﴾: يعني حتى إذا رأوا - يقيناً - ما توعَّدهم الله به: ﴿ إِمَّا الْعَذَابَ ﴾ العاجل في الدنيا، ﴿ وَإِمَّا السَّاعَةَ ﴾ التي تقوم فيها القيامة: ﴿ فَسَيَعْلَمُونَ ﴾ - حينئذ - ﴿ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا ﴾ أي شرٌ منزلةً ومَسكناً ﴿ وَأَضْعَفُ جُنْدًا ﴾ أي أقل أنصاراً (أهُم الكافرون أم المؤمنون؟)، وذلك حين لا يَنفعهم العِلم.


الآية 76: ﴿ وَيَزِيدُ اللَّهُ ﴾ عباده ﴿ الَّذِينَ اهْتَدَوْا ﴾ إلى دينه ﴿ هُدًى ﴾ على هُداهم، وإيماناً على إيمانهم، وتوفيقاً للعلم النافع والعمل الصالح، ﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ﴾: يعني والأعمال الصالحة - وخاصةً قول: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) - ﴿ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا ﴾ في الآخرة مِمّا يَتفاخر به المشركون من متاع الدنيا الزائل، ﴿ وَخَيْرٌ مَرَدًّا ﴾: أي خيرٌ مَرجعًا وعاقبة (وهو نعيم الجنة).


♦ والمقصود من الآية أنه إذا كانت تلاوة القرآن تَزيد المشركين كِبراً وعِناداً، فإنّ المؤمنين المهتدين يَزدادونَ بها هِداية ورَشاداً، لأنهم يَرونَ ما تَحمله الآيات من الدلائل والحُجَج والعظات والهدى، فيَزداد إيمانهم، وتزداد هدايتهم بأداء الفرائض واجتناب النَواهي، (وفي هذه الآية تصبيرٌ للرسول والمؤمنين بأنّ ما يَتفاخر به المشركون من المال وأثاث المنازل لا يُساوي شيئاً أمام الإيمان والعمل الصالح، لأنّ المال يَفنى، وثواب الصالحات باقٍ في الجنة).


من الآية 77 إلى الآية 80: ﴿ أَفَرَأَيْتَ ﴾ - أيها الرسول - هذا الرجل ﴿ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا ﴾ (وهو العاص بن وائل وأمثاله)؟ إذ كَفَرَ بآيات اللهِ وكذَّبَ بها ﴿ وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ﴾ يعني وقال: سآخذ في الآخرة أموالا وأولادًا!، فرَدَّ اللهُ عليه بقوله: ﴿ أَطَّلَعَ الْغَيْبَ ﴾ يعني هل نَظَرَ في اللوح المحفوظ فرأى أنه سيُعطَى مالاً وولدًا يوم القيامة؟ ﴿ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾ بذلك؟ ﴿ كَلَّا ﴾: أي ليس الأمر كما يَزعم ذلك الكافر، فلا عِلمَ له من الغيب، ولا عهدَ له عندنا، بل ﴿ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ ﴾ مِن الكذب والافتراء على اللهِ تعالى ﴿ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا ﴾: أي وسنَزيده في الآخرة من أنواع العقوبات، ونُضاعف له العذاب، كما ازدادَ هو في الضلال ﴿ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ ﴾: أي وسوف نَسلب منه مالَه وولده - الذي يَفتخر به - ونَرثه بعد موته، ﴿ وَيَأْتِينَا ﴾ يوم القيامة ﴿ فَرْدًا ﴾ لا مال معه ولا ولد.


الآية 81، والآية 82: ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً ﴾ من الأصنام، فعَبَدوها ﴿ لِيَكُونُوا لَهُمْ ﴾ - في نظرهم الفاسد - ﴿ عِزًّا ﴾ أي شفعاءَ لهم عند اللهِ تعالى، ليَعتزوا بهم ولا يُهانوا، ﴿ كَلَّا ﴾: أي ليس الأمر كما يَزعمون، فلن يكونوا لهم عِزًّا، بل ﴿ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ ﴾: أي ستكفر هذه المعبودات في الآخرة بعبادة مَن عبدهم (حيث يُنكِرون أنهم أمَروهم بعبادتهم)، ﴿ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ﴾ أي وسيكونون شُهداءَ ضِدّهم، بخلاف ما ظنوهُ مِن أنهم سيَشفعون لهم.


الآية 83، والآية 84: ﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾ - أيها الرسول - ﴿ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ أي سلَّطْناهم عليهم ﴿ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴾؟ أي تُحَرِّكهم تحريكاً شديداً نحو الشهوات والمعاصي والجرائم والمَفاسد، إذاً فلا تَعجبْ مِن مُسارعتهم إلى الشر والفساد والكفر والضلال، وكذلك ﴿ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ﴾: أي لا تستعجل بطلب العذاب الفوري على هؤلاء الكافرين، فـ ﴿ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ ﴾: أي نَعُدّ أعمارهم وأعمالهم ﴿ عَدًّا ﴾ لا تفريطَ فيه ولا تأخير، ثم نُحاسبهم على كل ذلك ونُجازيهم به، (فإنهم كلما ازدادوا ظلماً، ازدادَ عذابهم يوم القيامة).


♦ واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يَستعجل العذاب بقومه إلا في الظروف الخاصة الطارئة، كما حَدَثَ عندما قُتِلَ سبعون مِن حَفَظة القرآن، وأما في غير الظروف الخاصة، فكان يقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يَعلمون)، وكانَ يقول: (أرجو أن يُخرِجَ اللهُ مِن أصلابهم مَن يَعبد اللهَ وحده لا يُشرِك به شيئاً).


الآية 85، والآية 86، والآية 87: ﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ ﴾ أي اذكر - أيها الرسول - يوم القيامة، حينَ نَجمع المتقين ﴿ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ﴾ أي وفودًا مُكَرَّمين، تَحُوطُهم الملائكة حتى يَنتهوا إلى ربهم، فيكونوا في جواره في الجنة، ﴿ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ﴾: أي ونَسُوقُ الكافرينَ سَوقًا شديدًا إلى النار مُشاةً عِطاشًا ﴿ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ ﴾ أي لا يَشفع بعضهم لبعضٍ كالمؤمنين، ولا يَشفع لهم أحدٌ أبداً، ﴿ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾: يعني إنما يَملك الشفاعة مَنِ اتخذ عند الرحمن عهدًا بذلك، وهم المؤمنون بالله ورُسُله، حيثُ يُشَفِّعهم سبحانه في غيرهم، أو يَشفع لهم غيرهم (إنْ هم دخلوا النار بذنوبهم حتى يَخرجوا منها).


♦ ولعل المقصود بعَهد الشفاعة هنا: هو شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً رسول الله، ففي الحديث الصحيح أنّ اللهَ تعالى يقول يوم القيامة: (أخرِجوا من النار مَن قال لا إله إلا الله، وكانَ في قلبه مِن الخير ما يَزِن ذَرَّة) (انظر صحيح الترمذي ج 4 /711).


من الآية 88 إلى الآية 95: ﴿ وَقَالُوا ﴾ أي وقال الكافرون: ﴿ اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ﴾ (حيثُ قال مُشرِكو العرب: الملائكة بنات الله، وقالت النصارى: عيسى ابن الله، وقال بعض اليهود: عُزَيرٌ ابن الله)، ﴿ لَقَدْ جِئْتُمْ ﴾ - أيها القائلون - بهذه المَقالة ﴿ شَيْئًا إِدًّا ﴾ أي شيئاً عظيمًا مُنكَرًا ﴿ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ﴾ أي يَتشقَّقْنَ مِن فظاعة ذلكم القول، ﴿ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ ﴾لأنّ هذا القول مُغضِبٌ لربها عزّ وجلّ، ﴿ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴾ أي وتَسقط الجبال سقوطًا شديدًا غضبًا للهِ تعالى بسبب ﴿ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ﴾ ونَسَبوهُ إليه كَذِباً،﴿ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾: أي لا يَليق بعظمة الرحمن سبحانه أن يتَّخذ ولدًا، لأنّ اتِّخاذ الولد يدل على النقص والحاجة، واللهُ تعالى هو المُبَرَّأ من كل النقائص، الغني عن كل خلقه، لأنه رب كل شيء ومالكه، و﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ أي: ما كل مَن في السماوات من الملائكة، ومَن في الأرض من الإنس والجن، إلا سيأتي ربه يوم القيامة عبدًا ذليلاً خاضعًا مُقِرّاً له بالعبودية، ﴿ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴾ أي عَلِمَهم واحداً واحداً، فلو كانَ بينهم إلهٌ معه، أو ولدٌ له لَعَلِمَه، (سبحانه وتعالى عما يَصفون)، ﴿ وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾: أي وسوف يأتي كل واحد من الخلق إلى ربه يوم القيامة بمفرده، لا مالَ له، ولا ولد معه.


الآية 96: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ - بإخلاصٍ للهِ تعالى، وعلى النحو الذي شَرَعه - أولئك ﴿ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ أي سيَجعل لهم مَحَبّة ومَوَدَّة في قلوب عباده، فيَعيشونَ مُتحابِّينَ فيما بينهم، ويُحبهم ربهم تبارك وتعالى.


الآية 97: ﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ ﴾: يعني فإنما يَسَّرنا هذا القرآن بلُغَتك العربية أيها الرسول، حيثُ أنزلناه بلسانك العربي ﴿ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ ﴾ بالجنة، ﴿ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ﴾: أي وتخوِّف به المُكَذِّبين - المجادلينَ بالباطل - من النار.


الآية 98: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ﴾: يعني ولقد أهلكنا كثيرًا من الأمم السابقة قبل قومك أيها الرسول، فـ ﴿ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴾: يعني هل ترى منهم أحدًا، أو هل تسمع لهم صوتًا خفياً؟ (والجوابُ لا)، فكذلك الكفار من قومك، نُهلكهم كما أهلكنا السابقين مِن قبلهم، (وفي هذا تهديدٌ ووعيد بإهلاك المُكَذِّبين المعاندين، كما حدث يوم بدر).



[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.

واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير الربع الثالث من سورة الكهف
  • تفسير الربع الأخير من سورة الكهف
  • تفسير الربع الأول من سورة مريم
  • تفسير الربع الثاني من سورة مريم

مختارات من الشبكة

  • تفسير ربع: يسألونك عن الخمر والميسر (الربع الرابع عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: واذكروا الله في أيام معدودات (الربع الثالث عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يسألونك عن الأهلة (الربع الثاني عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب (الربع الحادي عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: إن الصفا والمروة من شعائر الله (الربع العاشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: سيقول السفهاء من الناس (الربع التاسع من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم (الربع الثامن من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ما ننسخ من آية أو ننسها (الربع السابع من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ولقد جاءكم موسى بالبينات (الربع السادس من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم (الربع الخامس من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
5- هذه الجملة فيها رد قوي جداً على مَن ينكرون الشفاعة
shadya kotb - Egypt 26-12-2016 12:34 PM

﴿ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ ﴾ أي لا يَشفع بعضهم لبعضٍ كالمؤمنين، ولا يَشفع لهم أحدٌ أبداً، ﴿ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾: يعني إنما يَملك الشفاعة مَنِ اتخذ عند الرحمن عهدًا بذلك، وهم المؤمنون بالله ورُسُله، حيثُ يُشَفِّعهم سبحانه في غيرهم، أو يَشفع لهم غيرهم (إنْ هم دخلوا النار بذنوبهم حتى يَخرجوا منها).

♦ ولعل المقصود بعَهد الشفاعة هنا: هو شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً رسول الله، ففي الحديث الصحيح أنّ اللهَ تعالى يقول يوم القيامة: (أخرِجوا من النار مَن قال لا إله إلا الله، وكانَ في قلبه مِن الخير ما يَزِن ذَرَّة) (انظر صحيح الترمذي ج 4 /711).

4- مشاركة في قوله تعالى: (سيجعل لهم الرحمن وداً)
om hala - الكويت 24-12-2016 04:38 PM

الود هنا هو المحبة في قلوب الخلق، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الله تعالى إذا أحبّ عبداً دعا جبريل عليه السلام فقال: إني أحب فلاناً فأحبّه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء- قال: ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبداً دعا جبريل عليه السلام وقال: إني أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه قال: فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض).

3- مفيد ومؤثر
اسلام محمد جمعه - مصر 24-12-2016 12:04 PM

جزاكم الله خيرا على هذه المعلومات الرائعة

2- في ميزان حسناتكم إن شاء الله
سعد السقا - محافظة البحيرة - مصر 21-12-2016 05:02 PM

أسلوب سهل وواضح جعله الله في ميزان حسناتكم برجاء الاستمرار على هذا النموذج من التفسير السهل

1- أشكر شبكة الألوكة من كل قلبي على هذا التفسير الماتع
رفيعة كمال - الجيزة - مصر 20-12-2016 04:12 PM

جزاكم الله عنا خير الجزاء

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب