• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

حق الله تعالى على عباده (2)

أحمد عماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/12/2016 ميلادي - 18/3/1438 هجري

الزيارات: 18621

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حق الله تعالى على عباده (2)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. ثم أما بعد:

إخوتي الكرام؛ مرة أخرى مع أعظم الحقوق منزلةً وقدراً، وأجلها مكانة وشأناً، مع حق الله الخالق البارئ المصور، الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه، وصوره فأحسن صورته... مع الحق الذي ينبغي أن نجعله في مقدمة همومنا وانشغالاتنا، نسعد بأدائه ونفرح بالقيام به... إنه الحق الذي من أجله خلقت السماوات والأرض ومن فيهن.. إنه الحق الذي ينبغي أن نعظمه ونجله؛ لأن صاحبه هو العظيم الجليل سبحانه.

 

فمن حق الله تعالى على عباده أن تمتلئ قلوبُهم تعظيماً له ومهابة وإجلالاً..


فهو العظيم في ذاته، العظيم في صفاته وأفعاله، هو المتصف بكل كمال وجلال وجمال، وهو المنزه عن كل نقص وعيب وعبث.. له الأسماء الحسنى والصفات العلى. هو القادر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. وهو العليم الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض.. هو الغني ونحن الفقراء، وهو القوي ونحن الضعفاء، وهو الخالق ونحن خلقه، وهو المالك ونحن عبيده..

 

فما كانت الطبيعة يوماً من الأيام مُوجدة ولا خالِقة، بل الله خالقها وخالق كل شيء؛ ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [النازعات: 27 - 33].

 

وما كانت الطبيعة يوماً من الأيام رَازقة لخلق الله، بل الله هو الرزاق ذو القوة المتين؛ ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6]. وما يقوم به الخلق في طلب الرزق مجرد أسباب، أما الرزاق فهو الله، ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 63 - 74]. فسبحان ربنا العظيم.

 

فهاهو ربنا جل وعلا يدلنا على عظمته وجلاله وقدره في كتابه المقروء وفي كونه المنظور..

 

فالقرآن بألفاظه ومعانيه يدل على عظمة الله وجلاله وكماله، ففيه يقول ربنا سبحانه: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]. وفيه يقول ربنا سبحانه: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].

 

والكون بأرضه وسمائه، ونوره وظلامه، وليله ونهاره، وسهوله وجباله، وبره وبحاره... يدل على عظمة الله وقدرته وقهره وسلطانه، لذا أرشدنا الله تعالى إلى النظر والتأمل في كونه ومخلوقاته لنتعرف منها على عظمة الخالق وجلاله، فيقول سبحانه: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 163].

 

فالأمر أمره، والخلق خلقه، والملك ملكه، ولا إله غيره، ولا ربّ سواه؛ ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [القصص: 71 - 73].

 

إنها آيات عظام، وشواهد جسام، وبراهين واضحات، وشواهد بينات، ودلائل ساطعات، تدلّ على عظمة المبدع وكمال الخالق جل شأنه، بادية لأولي العقول والأبصار، قد نُصِبَتْ شاهِدة بالوحدانية والربوبية والعلم والحكمة والعظمة للخالق جل جلاله. ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 190، 191].

تأمل سطور الكائنات فإنها
من الملأ الأعلى إليك رسائل
وقد خط فيها لو تأملت خطها
ألا كل شيء ما خلا الله باطل

 

ومن حق الله تعالى على عباده أن يُعظموا اسْمَه؛ فلا يستهينوا بحقه وقدره، ولا يجعلوه عرضة للسب والإهانة، ولا للأيْمَان الكاذبة.. ﴿ وَلا تجْعَلوا اللَّهَ عُرْضَة لأيْمَانِكُمْ أنْ تَبَرّوا وَتَتَّقوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 224].

 

ومن حق الله تعالى على عباده أن يُعظموا شعائرَه وَحُرُماتِه؛ فلا يستهينون بأمره، ولا يتجرؤون على نهيه، لا يستصغرون معصية، ولا يحتقرون معروفا. ففي تعظيم الحُرُمات خير وفلاح وفوز ونجاة، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30]. وفي تعظيم شعائر الله دليل على تقوى العبد لمولاه، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تقوَى القلوبِ ﴾ [الحج: 32].

 

ومن حق الله تعالى على عباده أن تمتلئ قلوبهم محبة له وشوقا، وطمعا في رحمته ورجاء؛فكيف لا تحبه؛ وهو صاحب الجود والنعم، والعطاء والكرَم، نعمه لا تعَدّ، وعطاؤه لا يُحَدّ، وإحسانه لا ينقطع... ﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان: 20].

 

في كل وقت وحين يُغدِق على عباده من كريم عطائه وبحر جوده وجميل إحسانه... وما من طرفة عين إلا وأنت ترفل في نعمه وجوده وفضله وكرمه.. ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53].

 

كيف لا تحبه؛ وهو الذي منّ عليك بالهداية إلى الإسلام، ونوّرَ قلبك بالإيمان، وأنار عقلك بالقرآن، وجعلك من خير أمة أخرجتْ للناس...

كيف لا تحبه؛ وهو الذي يغفر الذنب، ويقبل التوب، ويعفو عن السيئات، يدعوك إلى التوبة ويفرح بتوبتك وهو الغني عنك، ويرغبك في مغفرته ورحمته مهما أذنبت وأسأت...

 

كيف لا تحبه؛ وحبه دليل على الإيمان، وسبيل إلى الفلاح، وطريق إلى النجاة. ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165].

 

روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كُنّ فيه وَجدَ بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار».

 

ومن حق الله تعالى على عباده أن يخافوه ويستحيوا منه؛ فالله أحق أن تخشاه، وهو أحق أن تستحيي منه سبحانه..

 

فكيف لا تخاف غضبه وهو ناظر إليك وأنت تعصيه؟. وكيف لا تستحيي منه وهو مطلع عليك وأنت تعصيه؟. ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7].

 

كيف لا تخافه؛ وهو شديد العقاب؟. وكيف لا تخاف عذابه؛ وهو يحذرك من عذابه الذي لا يطاق؟ فيقول سبحانه: ﴿ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾  [التحريم: 6]...

 

وكيف لا تستحيي من الله؛ وهو الذي يرزقك وأنت تعصيه، ويسترك وأنت تذنِبُ ولا تبالي؟..

وكيف لا تستحيي من الله؛ والحياء خُلُق جميل يَحملك على فعل الجميل، وتركِ القبيح. وهو شعبة من الإيمان..

 

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استحيوا من الله حق الحياء». قال: قلنا: يا رسول الله إنا نستحيي والحمد لله، قال: «ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء؛ أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء». أخرجه الإمام أحمد والترمذي والطبراني والحاكم وصححه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.

 

ومن حق الله تعالى على عباده أن يكثروا من ذكره في كل وقت وحين، وأن يتضرعوا إليه بالدعاء في الشدة والرخاء..


فكيف تنساه ولا تذكرُه؛ وهو خالقك ومولاك؟. وكيف تغفل عن ذِكره؛ وأنت تزعم أنك تحبه؟. فمن أحبّ شيئا أكثر من ذِكره، لذا قال سبحانه: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200]..

 

فأكثرْ مِنْ ذِكْرِ الله بقدْرِ محبتك وتعظيمك له سبحانه، فقد دعاك إلى كثرة ذكره فقال عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 41، 42].

 

وكيف لا تتضرّع إلى الله بالدعاء؛ والخير بيده، والملك ملكه، والأمر أمره؟.. عن ابن عباس، قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: «يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف»..

 

وكيف لا تلجأ إلى الله بالدعاء؛ وهو القريب المجيب لمن دعاه؟. وقد قال سبحانه: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

 

- كيف نؤدي حق الله علينا؟.

إخوتي الكرام؛ كيف لنا أن نؤدي حق الله علينا بكل يسر ونشاط، دون كلل ولا ملل ولا ضجر... بل بكل سرور وطمأنينة وفرح...؟.

 

أولا: تذكرْ أنك عن هذه الدنيا راحل، ولا ينفعُكَ بعد رحيلك إلا ما أديته من حق الله عليك... قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 9 - 11]. وقال عز وجل: ﴿ يَوْمَ تجدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾ [آل عمران: 30].

 

ثانيا: تذكرْ أنك ستقف بين يدي الله وحيدا فريدا... ستمضي إلى الله صاحب الحق، ليسألك ويحاسبك، فماذا يكون جوابك وقد ضيعتَ حقه الذي أوجبه عليك؟..

 

عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة». متفق عليه.

 

ثالثا: تذكرْ أنك في حاجة إلى ما به يثقل ميزانك يوم القيامة. والميزان إنما يثقل بالحسنات، ويخف بالسيئات. فمن أدى الحق الذي أوجبه الله عليه ثقل ميزانه، ومن ضيع حق الله خف ميزانه. ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: 8، 9].

 

رابعا: تذكرْ أنك فقيرٌ إلى الله، في حاجة إلى رحمة ربك ومغفرته وفضله وإحسانه، والله غنيّ عنك وعن عبادتك وعن الناس أجمعين. فأدّ الحق وقمْ بالواجب لتحظى بفضل الله ورضوانه، فقد قال سبحانه: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60].

 

روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «يا عبادي؛ إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا. يا عبادي؛ كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم. يا عبادي؛ كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي؛ كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم. يا عبادي؛ إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي؛ إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي؛ لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي؛ لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا. يا عبادي؛ لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي؛ إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه».

وأخيرا: تذكرْ أن الفوز بالجنة والنجاة من النار، إنما يكون لمن أدى حق الله عليه في دنياه...

 

قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ * وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾ [الجاثية: 30، 31].

 

فاتقوا الله عباد الله، وأخلصوا دينكم لله، وأدّو الحق الذي أوجبه الله عليكم، وحققوا توحيدكم، وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ، وَافعَلوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

 

ثم صلوا وسلموا على نبيكم نبيّ الرحمة والهدى، فقد أمركم بذلك ربكم، فقال عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلونَ عَلَى النَّبيِّ يَا أيّهَا الذِينَ آمَنُوا صَلوا عَليْهِ وَسَلمُوا تسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم. وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.

وارْضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن باقي الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم اختم لنا بخير، واجعل عواقب أمورنا إلى خير، ووفقنا يا مولانا لما تحبه وترضاه.

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وأعنا على أداء حقك كما تحب وترضى، وتجاوز عما كان منا من تقصير في حقك، يا رب العالمين.

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، وأصلح أحوال المسلمين، واشف مرضى المسلمين أجمعين.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك، وعبادك المؤمنين.

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حق الله تعالى على عباده (1)
  • حق الله تعالى (خطبة)
  • حق الله تعالى (2)

مختارات من الشبكة

  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص في الذكر عند قيام الليل والأذان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (2) الملك(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • تعريف الحقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • التطبيقات الفقهية لقاعدة إذا اجتمع حق الله وحق العبد..(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • خلق النبي مع أهله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق الزوجة وحق الزوج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهم ما ترشد إليه الآية: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- جزاكم الله خيرا
عدنان الحويلي - سوريا 25-12-2018 07:31 AM

جزاكم الله عنا خير الجزاء، وأثابكم من فضله، ونور عقولكم، وحفظ علمائكم وكُتّابكم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب