• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

حق الزوج على الزوجة

جمعية التنمية الأسرية بالمنطقة الشرقية (وئام)

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/11/2016 ميلادي - 28/2/1438 هجري

الزيارات: 77679

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حق الزوج على الزوجة


• تنظيم شرع الله لحياة البشر لتجلب لهم السعادة.

• بعض من حقوق الزوج على الزوجة:

1 - القوامة.

2 - تمكينه من نفسها.

3 - ألا تُدخِل إلى بيته من يأبى دخوله.

4 - ألا تخرُج من بيته إلا بإذنه.

5 - التأديب بالطرق الشرعية بدون ظلم لها.

 

الحمد لله الذي جعل عشَّ الزوجية مفعمًا بالحبِّ والوئام، وشرع لكلا الزوجين حقوقًا تضمن الانسجام، وتزيد بينهما الود والاحترام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، ألَّف بهديه بين الأنام، ودعا الزوجين إلى أداء الحقوق على التَّمام، وحثَّ الزوجة على طاعة الزوج لترضي العلَّام، ولتسعد بأحلى انضمام، وأجمل عيشة في الدنيا وفي دار المقام.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


أما بعد:

عباد الله، إنَّ ما شرعه الله تعالى من الحقوق بين الخلق هي منظمة لحياتهم، ودافعة لشقائهم، وجالبة لهم من الخير الكثير الذي يحقِّق لهم سعادةَ الدنيا قبل سعادة الآخرة، فالمجتمع لا يَستطيع العيشَ إلَّا بقوانين وأنظمة وحقوق يجب أن تؤدَّى، وإلا عاش الناس في فوضى عارِمة، وتعاسةٍ أبدية، واعتداء بعضهم على بعض، وباختصار حياة حيوانيَّة أشبه ما تكون بحياة الغاب، التي يَأكل فيها القويُّ الضعيفَ، وهذا ما كان في الجاهلية الأولى؛ حيث يلخص تلك المرحلة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه إذ يقول مخاطبًا النجاشي: "أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنامَ، ونأكل الميتةَ، ونأتي الفواحشَ، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوارَ، يأكل القويُّ منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منَّا، نعرف نسَبَه وصِدقَه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحِّده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصِدق الحديث، وأداء الأمانة، وصِلة الرحم، وحُسن الجوار، والكفِّ عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد اللهَ وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام...، قال: فعدَّد عليه أمورَ الإسلام"[1].


فهذه هي الصورة التي كان عليها الناس قبلَ الإسلام، وهي الصورة نفسها تكرر عندما يتمرَّد هذا الإنسان على شرع الله عز وجل، فمهما وضع الناس من قوانين وأحكام ولم يكن الوازِع الديني هو الدافع لتطبيقها، لن تُفلح أبدًا، والشاهد على ذلك الأعداد الهائلة من المجرمين والمسجونين والقَتَلة والمجرمين في بلاد الغرب، فإن غابت عين الرقابة البشريَّة مقدار أنملة، فعَلوا الأفاعيلَ، واضطربت الحياة، واعتدى القويُّ على الضعيف، ولو أنكَروا ذلك فما عليهم إلَّا مراجعة سجلات جرائمهم، وأوراق شكاويهم في المحاكم وغيرها، فالحمد لله على نِعمة الإسلام الذي بيَّن للناس صغيرهم وكبيرهم ما الذي يَفعلونه، وكيف يتعاملون، وما لكلِّ فرد منهم من حقوق، وما عليه من واجبات، واهتمَّ بأهم لَبِنة في المجتمع، التي هي الأسرة، فجعل لها الأنظمة والأحكام، وشرع بين الزوجين الحقوق والواجِبات؛ حتى يتحقَّق معنى الأسرة، ويحصل هدف الزَّواج، وتثمر البيت المسلم بما ينفع الأمة من أولاد صالحين اكتملوا في بيوتهم نفسيًّا وأخلاقيًّا، وتربويًّا وجسديًّا، ولا يصلح ذلك إلَّا إذا صلحت العلاقة بين مؤسسي الأسرة، فأعطى كلٌّ حقَّ الآخر وزيادة، وعاشا يبنيان أحلامهما التي طالما تمنوا تحقيقها، فلا تصرفهم الصوارف عن أداء كل منهما الحق الذي عليه للآخر، بل يبادر مستسلمًا في ذلك لله ربِّ العالمين، راجيًا من الله أن يسعده ويسعد أهل بيته جميعًا؛ لأنه امتثل أوامرَ مَن جعل السعادة في امتثال أمره، واجتناب نهيه، والشَّقاء والتعاسة على كلِّ مَن خالف أمره، واجترأ على نهيه.


إننا اليوم بصدد الحديث عن جانب من جوانب الحقوق الزوجيَّة؛ ألا وهو حق الزَّوج الذي جعل الله له القوامة في عشِّ الزوجيَّة، فقال جل في علاه: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34]، قال ابن عباس: "الرجال أمراء على النساء"[2]، والقوامة هي التربية والتأديب، والقيام بمصالح البيت.


يقول الطبري رحمه الله: "الرجال أهل قيام على نِسائهم، في تأديبهنَّ والأخذ على أيديهنَّ فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم"[3]، وقال البغوي رحمه الله: "هو القائم بالمصالح والتدبير والتأديب"[4].


وجعلَت القوامةُ للرجل ولم تكن للمرأة؛ للفوارق التي جعلها الله تعالى بين الرجل والمرأة؛ فالزوج "يرعاها ويربيها ويصلحها بما أوتي من عَقل أكمل من عقلها، وعلمه أغزر من علمها غالبًا، وبُعد نظره في مبادئ الأمور ونهايتها أبعد من نظرها، يضاف إلى ذلك أنه دفع مهرًا لم تَدفعه، والتزم بنفقات لم تلتزم هي بشيء منها"[5].


والأسرة كغيرها من المؤسسات تَحتاج إلى إدارة وإمارة وقيادة؛ فالحياة بلا قيادة فوضى، يقول الشوكاني رحمه الله: "فمع عدم التأمير يستبدُّ كلُّ واحد برأيه، ويفعل ما يطابق هواه؛ فيهلكون، ومع التأمير يقلُّ الاختلاف، وتجتمع الكلمة"[6].

ومن أولى الأوليات أن يكون للأسرة مَن يقوم بها؛ فهي اللَّبنة الأساسية للمجتمع، والمؤسسة التي من خلالها تَنجح الشعوب، ومن الذي يَصلح لقوامة الأسرة إلا الرجل؟ فالمرأة غير قادرة على مواجهة الكثير من المشكلات التي تواجِه الأسرة؛ فالمرأة ضعيفة في خلقتها، وهي كما قال الله تعالى وهو أعلم بما خلق: ﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ [الزخرف: 18].


فـ "من يربَّى في الزينة لنقصانه، وهو البنات، ﴿ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾؛ لخفَّة عَقله، حتى قيل: ما أدلت امرأة بحجَّة إلا كانت عليها لا لها، فقوله ﴿ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾؛ أي: غير مظهِر للحجَّة لضعفه بالخلقة؛ وهي الأنثى، والضمير عائد على (من) في قوله: ﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ ﴾؛ أي: في الزِّينة"[7].


ومن القوامة أن تقوم الزَّوجة بخدمة الزوج بالمعروف: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]، وحين اشتكت فاطمة رضي الله عنها أنها تتعَب من أعمال البيت، وأرادت أن يعطيها النَّبي صلى الله عليه وسلم خادمًا يساعد في أعمال البيت، ذهب عليه الصلاة والسلام إلى بيتها، فقال لها ولزوجها علي رضي الله عنهما، وهما على مضجعهما: ((ألا أُعلمكما خيرًا مما سأَلتماني؟ إذا أخذتما مضاجعَكما تكبِّرا أربعًا وثلاثين، وتسبِّحا ثلاثًا وثلاثين، وتَحمدا ثلاثًا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم))[8]، فلو كانت الخدمة لا تجِب عليها، لأخبر عليًّا بذلك، وخفَّف على ابنته بذلك الحكم الشرعي، وقد رجَّح جمعٌ من أهل العلم وجوب خدمة الزوجة لزوجها، ومنهم ابن تيمية رحمه الله، حيث قال: "وتجِب خدمةُ زوجها بالمعروف من مثلها لمثله، ويتنوَّع ذلك بتنوع الأحوال؛ فخدمة البدويَّة ليست كخدمة القروية، وخدمة القويَّة ليست كخدمة الضعيفة، وقاله الجوزجاني من أصحابنا، وأبو بكر بن أبي شيبة"[9]، وقال ابن عثيمين رحمه الله: "والصحيح أنه يلزمها أن تَخدم زوجَها بالمعروف"[10]، فالخدمة لو تحقَّقنا في مبدأ قوامة الرجل متبادلةٌ؛ فهي تَقوم بخدمته بالمعروف في البيت، وهو يَقوم بأكثر من ذلك؛ من رعايتها، والنفقة عليها، وتأديبها، وغير ذلك مما علمنا سالفًا.


ومن الخطأ - عباد الله - أن تُجعل قوامة الرجل على المرأة ذريعةً لظُلمها، وانتهاك حقوقها، وعدم مراعاة مشاعرها، واللامبالاة بآرائها، وسوء الخلق في التعامل معها؛ فهذا أمر خَطير، وقع في شراكه الكثيرُ من الرجال؛ مما سبَّب تشويهًا لهذا المبدأ الربَّاني الذي جعله الله صلاحًا للأسرة لا هلاكًا لها وإفسادًا لحالها.


ومن الحقوق للزوج على زوجته أن تمكِّنه من نفسها ليأخذ حقَّه من الجِماع والاستِمتاع بها، وورد الوعيد باللَّعن لكلِّ مَن تأبى أن تمكِّن زوجها من الجماع الشرعي، الذي جعله الله عز وجل حقًّا له، وسببًا لعفافه، وقطعًا لباب الفتنة، وتحقيقًا للسكنى الزوجيَّة، والراحة النفسية، يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا الرجل امرأتَه إلى فِراشه فأبَت فبات غضبان عليها، لعنَتْها الملائكة حتى تصبح))[11]، وإذا كانت فترة الحيض التي أمَرنا الله تعالى أن نَعتزل النساء فيها قد أباح الشارعُ فيها الاستمتاعَ بالحائض، فكيف بما سواها؟ يقول النَّبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ [البقرة: 222]: ((اصنعوا كلَّ شيء إلا النِّكاح))[12]، ولا تَمنعها من ذلك نوافل العبادات، بخِلاف الواجبات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحلُّ للمرأة أن تصوم وزوجها شاهدٌ إلا بإذنه))[13]، يقول ابن حجر رحمه الله تعالى: "وفي الحديث أن حقَّ الزوج آكَدُ على المرأة من التطوُّع بالخير؛ لأن حقَّه واجب، والقيام بالواجب مقدَّم على القيام بالتطوع"[14].


وقد سئل ابن تيمية رحمه الله: "في رجل له زوجة تصوم النهارَ، وتقوم الليل، وكلَّما دعاها الرجل إلى فِراشه تأبى عليه، وتقدِّم صلاةَ الليل، وصيام النَّهار على طاعة الزوج، فهل يجوز ذلك أم لا؟"، فأجاب رحمه الله بقوله: "لا يحلُّ لها ذلك باتِّفاق المسلمين؛ بل يجب عليها أن تطيعه إذا طلبها إلى الفراش؛ وذلك فرض واجب عليها، وأما قيام الليل وصيام النَّهار فتطوُّع، فكيف تقدِّم مؤمنةٌ النافلةَ على الفريضة؟ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حرَّم على المرأة أن تصوم تطوعًا إذا كان زوجها شاهدًا إلا بإذنه فتَمنع بالصَّوم بعضَ ما يجب له عليها، فكيف يكون حالها إذا طلبها فامتنعت؟ فالمرأة الصالحة هي التي تكون قانتةً؛ أي: مداومة على طاعة زوجها، فمتى امتنعَت عن إجابته إلى الفراش، كانت عاصيةً ناشزة"[15]، وكيف لها أن تعصيه وقد عظَّم النبي صلى الله عليه وسلم في طاعة الزوج إذ قال: ((ما يَنبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو كان أحد يَنبغي أن يسجد لأحد لأمرتُ المرأةَ أن تسجد لزوجها؛ لما عظم الله عليها من حقِّه))[16]؟ قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وليس على المرأة بعد حقِّ الله ورسوله أوجَب من حقِّ الزوج"[17].


أعِنا اللهمَّ على شكر نعمة الإسلام، وعلى أداء حقوقك وحقوق خلقك يا حكيم يا علَّام، ووفِّقنا للقيام بما شرعتَ بأحسن صورة وأتمِّ قيام.

أقول ما سمعتم، وأستغفر اللهَ لي ولكم، فاستغروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله على جميل نِعَمه، وعظيم إحسانه، والصَّلاة والسلام على أشرف الخلق، وأحسنهم خلقًا، وأرحمهم قلبًا، وأعظمهم مكانًا، وأجلهم قدرًا وشأنًا.


أما بعد:

مما شرعه الله تعالى أن يكون حقًّا للزوج ألَّا تُدخِل إلى بيته مَن يأبى الزوج دخوله، ويكره أن يَمكث في بيته، كائنًا مَن كان؛ من أقاربه أو من أقاربها، فلا يكون ذلك إلا بإذنه، أو بما يُعرف عرفًا أنه يأذن فيه وجرَت العادة بمثله، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ولكم عليهنَّ أن لا يوطئنَ فرشكم أحدًا تكرهونه))[18].


ومن حقوق الزَّوج ألَّا تَخرج الزوجة من بيت الزوجيَّة إلا بإذنه، وبهذا أفتَت اللجنة الدائمة إذ قالت: "لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه، لا لوالديها ولا لغيرهم؛ لأنَّ ذلك من حقوقه عليها، إلَّا إذا كان هناك مسوغ شرعي يضطرها للخروج"[19]، فالأصل في الزوجة القرار في البيت، وتقليل الخروج إلا لحاجة ماسَّة، وفي ظلِّ إذنِ الزوج، وبهذا يوجِّه الله إماءه إذ يقول: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب: 33]، قال القاسمي رحمه الله في "محاسن التأويل": "أي: اسكنَّ ولا تخرُجنَ منها"[20]، وفي القرار في البيت سلامة للمرأة، وحِفظ لها؛ كما قال السعدي رحمه الله: "أي: اقررن فيها؛ لأنه أسلم وأحفظ لكنَّ"[21]، وخروج المرأة بلا حاجة سبب لأمور خطيرة تضر المجتمع وتضر المرأة نفسها قبل غيرها، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المرأة عورة؛ فإذا خرجَت استشرفها الشيطان[22]))؛ رواه الترمذي، وزاد الطبراني: ((وإنَّها أقرب ما يكون إلى الله وهي في قعر بيتها))[23].


عباد الله، ويحقُّ للزوج تأديب زوجته في المواضع التي تستحقُّ ذلك بالطرق الشرعيَّة التي جعلها الله عز وجل بدون ظلم ولا زيادة، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 34]، يقول السعدي رحمه الله: "أي: ارتفاعهنَّ عن طاعة أزواجهنَّ بأن تعصيه بالقول أو الفعل؛ فإنه يؤدِّبها بالأسهل فالأسهل، ﴿ فَعِظُوهُنَّ ﴾؛ أي: ببيان حكم الله في طاعة الزَّوج ومعصيته، والترغيب في الطاعة، والترهيب من معصيته؛ فإن انتهَت، فذلك المطلوب، وإلَّا فيهجرها الزوج في المضجع، بأن لا يضاجعها ولا يجامعَها بمقدار ما يَحصل به المقصود، وإلا ضربها ضربًا غير مبرح، فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعْنَكم: ﴿ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾؛ أي: فقد حصل لكم ما تحبُّون، فاتركوا معاتبتَها على الأمور الماضية، والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببها الشرُّ"[24]، وجاء أنَّ الضرب يكون بالسواك، فلا يحل الضَّرب المبرح كما قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يجلد أحدكم امرأتَه جلد العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم))[25].


وتأديب الرجل لزوجته داخلٌ كما أسلفنا في قول الله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 34]، وداخل في قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]؛ "قال قتادة: تأمرهم بطاعة الله، وتنهاهم عن معصية الله، وأن تقوم عليهم بأمر الله، وتأمرهم به وتساعدهم عليه، فإذا رأيتَ لله معصية، ردعتَهم عنها، وزجرتَهم عنها"[26]، ويقول الخازن: "يعني: مروهم بالخير وانهوهم عن الشرِّ، وعلِّموهم وأدِّبوهم، تَقُوهم بذلك ﴿ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾"[27]، وفي التفسير الكبير للرازي: "قال مقاتل: أن يؤدِّب المسلم نفسه وأهلَه؛ فيأمرهم بالخير، وينهاهم عن الشر، وقال في الكشاف: قوا أنفسكم بترك المعاصي، وفعل الطاعات، وأهليكم بأن تؤاخذوهم بما تؤاخذون به أنفسكم، وقيل: قوا أنفسكم مما تدعو إليه أنفسكم؛ إذ الأنفس تأمرهم بالشر"[28].


وقال عليه الصلاة والسلام: ((كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته...، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته))[29]، والزوجة من الأهل، وهي أَولى أفراد الأسرة بتأديب الزوج، وتربيتها، وتعليمها؛ فهي مربية الأجيال، وهي التي تحفظ الزوج في غيابه، وهي التي يأتمنها على ماله وأولاده.


وعلى الزوج أن يَعلم أن هذه الحقوق هي له، لكنَّه لا بد أن يعلم أن تعليم الزَّوجة بما عليها، وتربيتها وتأديبها، والعمل على ترقيتها أمرٌ يحتاج إلى وقت إلَّا عند مَن رحم الله، فباللين والرحمة، والعقل والحكمة تصِل الزوجة إلى المرتبة التي يريدها الزوج، وأهم شيء أن تغرس فيها تقوى الله تعالى، وأن تكون أنت أيها الزوج قدوةً لها في امتثال أمر الله تعالى، والابتعاد عما يُغضب الله.


عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، فصلوا وسلِّموا على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.

اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، اللهم اكتب الأمنَ والأمان والخير والإحسان في بيوت المسلمين.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين



[1] أخرجه أحمد (1742)، وحسن إسناده الأرنؤوط وغيره في تحقيق المسند (3/ 268).

[2] تفسير ابن عطية (2/ 47).

[3] تفسير الطبري (8/ 290).

[4] تفسير البغوي (1/ 611).

[5] أيسر التفاسير؛ للجزائري (1/ 473).

[6] نيل الأوطار؛ للشوكاني (8/ 294).

[7] أيسر التفاسير؛ للجزائري (4/ 633).

[8] أخرجه البخاري (3705) بلفظه، ومسلم (2727).

[9] الفتاوى الكبرى؛ لابن تيمية (5/ 480، 481).

[10] الشرح الممتع على زاد المستقنع؛ لابن عثيمين (12/ 441).

[11] أخرجه البخاري (3237)، ومسلم (1736).

[12] أخرجه مسلم (302).

[13] أخرجه البخاري (5195) بلفظه، ومسلم (1026).

[14] فتح الباري؛ لابن حجر (9/ 296).

[15] بتصرف من الفتاوى الكبرى لابن تيمية (3/ 144، 145).

[16] أخرجه ابن حبان في صحيحه (4162)، وقال الألباني: حسن صحيح، انظر الإرواء (1998).

[17] الفتاوى الكبرى؛ لابن تيمية (3/ 145).

[18] أخرجه مسلم (1218).

[19] فتاوى اللجنة الدائمة 26 جزءًا (19/ 165).

[20] تفسير القاسمي (8/ 67).

[21] تفسير السعدي ص (664).

[22] أخرجه الترمذي (1173)، وصححه الألباني في تحقيق المشكاة (3109).

[23] أخرجه الطبراني في الكبير (10115)، وقال الهيثمي: "رجاله موثقون" كما نقل ذلك الألباني في الثمر المستطاب (1/ 303).

[24] تفسير السعدي ص (177).

[25] أخرجه البخاري (5204).

[26] تفسير ابن كثير (8/ 188، 189).

[27] تفسير الخازن (4/ 316).

[28] تفسير الرازي (30/ 572).

[29] أخرجه البخاري (893) بلفظه، ومسلم (1829).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هل من حق الزوج التعرف على ماضي زوجته؟
  • حق الزوجة
  • حق الزوج
  • الحقوق الزوجية (حق الزوج)
  • خطبة حق الزوج
  • الزوجة الفاضلة
  • خطبة: النفقة على الزوجة الموظفة
  • عظمة حق الزوج على زوجته

مختارات من الشبكة

  • حق الزوجة وحق الزوج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين حق الأم وحق الزوجة(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • الإسلام لا يظلم الزوجة ولا يحابي الزوج(مقالة - ملفات خاصة)
  • تقصير الزوج في حق الزوجة الثانية(استشارة - الاستشارات)
  • حق طلب الزوجة الفرقة بسبب إعسار الزوج بالمسكن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الزوج على زوجته (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص في الذكر عند قيام الليل والأذان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (2) الملك(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب