• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

المسكرات والمخدرات: حقيقتها وأسبابها وأضرارها (1)

المسكرات والمخدرات: حقيقتها وأسبابها وأضرارها (1)
أحمد عماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/11/2016 ميلادي - 9/2/1438 هجري

الزيارات: 116004

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المسكرات والمخدرات: حقيقتها وأسبابها وأضرارها (1)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. ثم أما بعد:

إخوتي الكرام؛ نواصل حديثنا في التحذير من مساوئ الأخلاق وقبيح الخصال. وحديثنا اليوم عن خصلة عظيمة الأخطار، جسيمة المضار، وخيمة العواقب، على الصحة والعِرْض والمال والدين، تغضِبُ الربّ، وتذهِبُ العقل، وتوقِعُ العداوة والبغضاء بين الناس، وتدعو إلى كبائر الذنوب والآثام، وتجرّ إلى أبشع الجرائم والمنكرات... إنها آفة المسكرات والمخدرات؛ مرض خطير، وشر مستطير، كم أفقرت من غني، وكم أذلت من عزيز، وكم وَضعت من شريف، وكم سلبت من نعمة، وكم جلبت من نقمة، وكم أوقعت في بلية، وكم أورثت من حسرة... كم من جرائمَ ارْتكبتْ، وفواحشَ وآثام اقترفتْ، ونفوسٍ أتلفت، وصحة تدهورتْ، تحت تأثير الخمر والمخدرات!!، وكم أعراض انتهكتْ، وأموال سُرقت، وحوادثِ سَيْر وَقعتْ، حين غيِّبَتِ العقولُ والإرادات!!، وكم من أسَر تشتتت، وأولاد يُتمت، ونساءٍ رُمّلت، وأرحام قطعت، ومجتمعات صُدّعَتْ، بسبب إدمان المسكرات والمخدرات!!.

 

• حقيقة المسكرات والمخدرات:

المسكرات؛ اسم لكل ما يُغطي العقلَ ويُخرجه عن طبيعته المميزة الواعية. سواء كان هذا المسكر جامدا أو مائعا، وسواء كان مطعوما أو مشروبا، وسواء كان من حَبّ أو تمر أو عنب أو لبَنٍ أو غير ذلك.

والمخدرات؛ اسم لكل ما يورّث الكسل والضعف والفتور والاسترخاء.. سواء كانت نباتا؛ كالحشيش والقات ونحو ذلك. أو كانت عقاقيرَ مصنعة؛ كالحبوب والحُقن..

والخمر؛ اسم لكل ما خامَرَ العقل؛ أي غطاه. سواء كان رطبا أو يابسا أو مأكولا أو مشروبا..

 

ولا فرق في هذه المسكِرَات والمخدرات بين القليل والكثير، مادام أصلها مخدّرا مسكرا.. فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل مُسكر حرام، وما أسكرَ منه الفرَقُ فمِلْءُ الكفّ منه حرام". أخرجه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

 

وعن عامر بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنهاكم عن قليل ما أسكرَ كثيرُه". أخرجه الدارمي والنسائي والدارقطني، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

وعن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما أسكر كثيرُه فقليله حَرام". أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

 

فقليل الخمر يدعو إلى كثيرها، والكأس منه تنادي على أختها، وتغري بغيرها، وهكذا حتى يصل صاحبها إلى حدّ الإدمان.

ولا عبرة بتغيرّ الأسماء وكثرتها، فتغيير المسمَّيَات لا يُغيرُ الحقائق، وستبقى الخمر خمراً ولو سماها شاربُها عسلاً..

فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليشرَبَنّ ناسٌ من أمتي الخمرَ يُسمّونها بغير اسمها". أخرجه أحمد وأبو داود وابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

 

فلقد تنوعت الخمور الآن وأصبحت تسمى بأسماء مختلفة، كالمشروبات الروحية والمنشّطات والمنبهات.. وغير ذلك من الأسماء التي يُحسّنونها بها، فظهرَ في هذا الزمن ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا تذهب الليالي والأيام حتى تشربَ طائفة من أمتي الخمرَ، يسمونها بغير اسمها". أخرجه ابن ماجة وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

 

ولكن الشريعة الغرّاء التي أنزلها الله لكل زمان ومكان سَدّتْ الطريقَ على أولئك، فعرّفتِ الخمرَ بتعربف جامع يُحَرّمُ جميعَ أنواع المسكرات، طبيعية كانت أو صناعية، قليلة كانت أم كثيرة، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام".

وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذ بنَ جبل، قال لهما: "يَسّرَا ولا تعسّرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوَعا". قال أبو موسى: يا رسول الله، إنا بأرْض يُصنع فيها شراب من العسل، يقال له البِتْع، وشراب من الشعير، يقال له المِزْر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام".

 

فكلّ مسكر حرام، كيفما كان لونه، وكيفما كان نوعه، وكيفما كان شكله... دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، لا خلاف في ذلك بين العلماء ولا نزاع ولا إشكال..

أما الخمر؛ فقد قال الله تعالى عنه في آية مُحكَمة واضحة حاسِمة: ﴿ يأيهَا الذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوهُ لعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطانُ أنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَة وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾. (سورة المائدة: الآية 91).

أما ما سوى ذلك من المسكرات والمخدرات؛ فيدل على تحريمها عموم الكتاب، وكذا السنة والإجماع والقياس.

 

فالمخدرات والمسكرات من الخبائث التي حرّمها الله تعالى ونهى عنها، فقال عز وجل في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾. وقال عز وجل: ﴿ قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾. فالله تعالى لم يُحلّ إلا الطيب النافع، ولم يُحرّمْ إلا الخبيث الضارّ، ومن رحمة الله بعبده أنه يَصُونه مما يضرّه، ويحميَه مما يُتلِفه، ولذا حرّم عليه ما يعود بالضرر على بدنه أو نفسه أو عقله أو ماله، كالخمر وسائر المسكرات والمخدرات.. ولم يُضيّق الله تعالى على عباده واسعاً، ولم يَحْرمْهم طيّباً، وإنما أباح لهم من طيبات الحياة وخيْرَاتها ما يزيد عن حاجتهم ورَغباتهم.. وكم في الأرض من خيرات وكنوز وزروع... وقد قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيّهَا النَّاسُ كُلوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾. وقال عز وجل: ﴿ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾. وقال سبحانه: ﴿ يَسْأَلونَكَ مَاذا أحِلَّ لَهُمْ قلْ أحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَات ﴾...

 

وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن رجلا من اليمن قدِمَ فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يَشرَبونه بأرضهم من الذرة، يُقال له المِزْرُ . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أوَمُسكِرٌ هو؟". قال نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام..".

وقاعدة التحريم في الكتاب والسّنة، أن ما ثبت ضررُه فهو حرام، والمخدرات والمسكرات تشتمل على ضرر في الدين والعقل والخلق والطبع والجسم، وضرَرُها على الفرد والأسرة والمجتمع واضح لا نزاع فيه ولا مِراء.

 

• أسباب انتشار المخدرات:

المسكرات والمخدرات داءٌ انتشرَ في المجتمعات كالنار في الهشيم؛ لأسباب فرْدية وأسَرية واجتماعية.

فمن الأسباب الفرْدية التي ترجع إلى الفرْد المُدمِن للمسكرات والمخدرات: ضعفُ الإيمان ورِقة الدّين، والفراغُ والبطالة، ورُفقة السوء، وحبُّ الاستطلاع والتجربةِ والتقليد، والهروبُ من مواجهة المشكلات وعدمُ القدرة على حلها...

ومن الأسباب التي ترجع إلى أسرة المُدمِن: انشغالُ الوالدين، أو إدمانُ أحدِهما، وسوءُ التربية والرعاية، وشدةُ الضغطِ والقسوةِ على الأبناء...

 

ومن الأسباب التي ترجع إلى المجتمع: انتشارُ المسكرات والمخدرات في الأسواق والمحلات التجارية، وكثرة المروّجين والمهرّبين، وتقصيرُ المؤسسات التربوية والدينية في مجال التربية والتعليم، مع سوء ما تقدّمُه وسائلُ الإعلام من صُحُفٍ وقنوات ومَواقع...

 

• أضرارُ المسكراتِ والمخدراتِ ومخاطرُها:

إخوتي الكرام؛ لتعاطي المسكرات والمخدرات أضرارٌ كثيرة، وعواقبُ وخيمة، ومخاطرُ جسيمة؛ فهو علة للخراب والدّمار، ومَجلبَة لسَخطِ الجبّار، وسبيلٌ مظلمٌ يهدي إلى النار..

 

إنها أمّ الخبائث ومفتاح كل شر؛ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم: "لا تشرَب الخمرَ فإنها مفتاح كل شر". أخرجه ابن ماجة، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخمرُ أم الخبائث". أخرجه الطبراني في الأوسط، والطبراني في سننه، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

 

وصدقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فالمسكرات طريق إلى كل شرّ وسوء قد لا يخطر ببال. فهي مفتاحُ الزنا والقتلِ والسرقةِ... وهي الطريقُ إلى الانتحار، وسَبَبُ العقوقِ والحوادثِ المروريةِ وإهمالِ الزوجةِ والأولادِ والوظيفةِ، وغير ذلك من الشرور التي لا يُحيط بها إلا الله...

 

فالمسكرات أمّ الخبائث، ورأسُ الشرور، وكبيرة من كبائر الذنوب، متعاطيها مُعَرّض نفسَه لوَعيد الله ولعنتِه وغضبه... ومدمن المسكرات مفسدٌ لدينه وبدنه، جانٍ على نفسه وأسرته ومجتمعه، عابثٌ بكرامته وجوهر إنسانيته، ساعٍ إلى الإثم والعدوان، صائلٌ متمردٌ على الأخلاق والقيم، وهو عضو مسمومٌ في المجتمع، إذا استفحلَ أمرُه وتطايرَ شرَرُه أصابه بالخراب والدمار.. ومتى غاب عقل المدمن؟ نسيَ ربه، فترك ذِكرَه وخالف أمرَه ووقع في نهيه، قد يقتل، وقد يزني ويَقع على مَحارمه - والعياذ بالله- وقد يسبّ الدين ويتطاول على الله رب العالمين... كم أحدثتِ المسكرات من بغضاء! وكم زرَعت من عداوة! وكم فرَّقت من جماعة! وكم ضيعت من أمة! وكم أهاجت من حروب! وكم شتتت من أسر!... والنهايةَ الحتمية لمتعاطي هذه المُسْكِرَاتِ إما السجونُ، وإما المستشفياتُ النفسيةُ، ناهيك عن تدميرِ الأسرةِ وطلاقِ الزوجةِ وضياعِ الأولادِ والفصلِ من العملِ والعُزلةِ الاجتماعيةِ وغيرِها من النهاياتِ السيئةِ لمن عصى ربه وأطاعَ شيطانه وتأثرَ برُفقاءِ السوءِ... إنها حقا أم الخبائث ومفتاح كل شر..

 

المسكرات رجسٌ من عملِ الشيطانِ؛ فهي من أعظمِ ما يؤجِّجُ به الشيطانُ العداوةَ والبغضاءَ بين المؤمنينَ، ومن أعظمِ ما يَصُدّ به عن ذكرِ الله وعن الصلاة، كما قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ﴾. ومن تأمَّلَ حالَ المدمنينَ وبُعدَهم عن الذكرِ والصلاةِ، وما يحدُثُ بينهم من جرائمَ بسببِ المخدراتِ، علمَ جيدًا معنى هذهِ الآيةِ.

 

بالمسكرات تزول العقول، ويَغيب الإدراك، وتزيغ الأفكار؛ والعقلُ من أكبر نِعَمِ الله على الإنسان، به يميّز الإنسان بين الخير والشرّ والنفع والضرّ، به يَسعَدُ في حياته، وبه يُدَبّرُ أمورَه وشئونه.. بالعقل يفكر الإنسان ويُبدع، ويُنتج ويَخترع... والعقلُ يَحْمِلُ الإنسانَ على التحلي بالفضائل، والتخلي عن الرذائل. به يتمتع ويهنأ، وبه يتبيّن أوامرَ الشرع، ويَعرفُ الخطابَ، ويرُدّ الجواب، ويسعى في مصالحه الدينيّة والدنيويّة. به ترتقي الأمم وتتقدم الحياة، وينتظم المجتمع، ويتعايش الناس، وبالعقل يكون مناط التكليف... لهذا كله حرّمَ الله تعالى الخمرَ لأنها تغيّبُ العقلَ وتغطيه... وخطابُ الله تعالى إنما هو موجّه لأولي العقول والألباب، كما قال تعالى: ﴿ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لعَلكُمْ تعْقِلونَ ﴾. وقال تعالى: ﴿ فاتَّقوا اللَّهَ يَا أولِي الألبَابِ لعَلكُمْ تُفلِحُونَ ﴾. وقال عز وجل: ﴿ إنَّ فِي ذلِكَ لآيَاتٍ لأولِي النّهَى ﴾. ومن غيّبَ عقله وأفسده فقد رضيَ لنفسه بمستوى البهائم العجماوات.. ﴿ أمْ تحْسَبُ أنَّ أكثرَهُمْ يَسْمَعُونَ أوْ يَعْقِلونَ إنْ هُمْ إلا كالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلّ سَبيلا ﴾.

 

فهل يليق بعاقل أن يدمّرَ عقله ويُضيّعه ويُفسدَه؛ بكأسِ خمْر، أو جُرْعةِ مُخدِّر، أو استنشاقِ مُسكِر، وشرْبِ مُفتر، فيَفقدُ هذا الإنسانُ عقله، وينسلخُ من عالم الإنسانية، ويتقمصُ شخصية الإجرام والفتك والفاحشة؛ فتشلّ الحياة، ويُهدَمُ صرحُ الأمة، ويَنسى السكران ربه، ويَظلم نفسه، ويَهيم على وجهه، ويقتل إرادته، ويمزق حياءه، ويُيتم أطفاله، ويرَمّل زوجته، ويُزري بأهله.. لمّا فقد عقله، فعربَدَ ولهى ولغى وطغى واعتدى...

يقول الحسن البصري رحمه الله: لو كان العقل يُشترَى، لتغالى الناس في ثمنِه، فالعجبُ ممن يَشتري بماله ما يُفسده!.

 

بالمسكرات والمخدرات يكون هلاك الأبدان والأجسام؛ أمراضٌ عديدة، وعِللٌ كثيرة، تتسبّبُ فيها المسكرات والمخدّرَات، وفق ما يذكره الأطباء والمختصون... فكم كانت المسكرات والمخدرات سبباً لأمراض القلب، وتصلبِ الشرايين، واعتلالِ الجهاز الهضمي والتنفسي والتناسلي، وإتلافِ خلايا المخ، وتدمير المراكز العصيبة لدى الإنسان، فيصبحُ شخصاً معتلاً شبَحاً مخيفاً، مرتبكَ التفكير، قلقاً غيرَ متوازن، وتقلّ قِوَاه العقلية، فيَهذِي بما لا يَدري، ويَهرف بما لا يَعرف، ويُصاب بالهلوسة والهستيريا، فتسوءُ علاقته مع أسرته ومجتمعه..

 

آلافٌ من البشر يَعكفون على المسكرات والمخدرات، حتى صاروا أشباحًا بلا أرواح، وأجسامًا بلا عقول، يُهلِكون أنفسَهم عن طريق هذه السموم الفتاكة، يُزْهِقون أرواحهم، ويَحفرُون قبورهم بأيديهم، وتلك من أبشع الجرائم في حق هذه النفس التي هي أمانة عند هذا الإنسان. والله تعالى يقول: ﴿ وَلا تقتُلوا أنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ومن تحَسّى سُمّا فقتلَ نفسه، فسُمّه في يدِه يتحَسّاه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا". متفق عليه.

 

بالمسكرات والمخدرات يكون تبذيرُ المال وإتلافه؛ أضرارٌ اقتصادية كثيرة بسبب تعاطي المخدرات والمسكرات، فمُدمِنُوها يُشكلون عائقا كبيرًا في طريق التنمية والتقدّم الاقتصادي، ويَشكلون عِبئا ثقيلاً على عاتق الأمة بما يُهدِرُون من ثروتها وما يَجلبونه لها من المآسي والنكبات...

 

ولا تزال المسكرات والمخدرات تستنزف مالَ متعاطيها حتى يضيقَ بالنفقة الواجبة على أهله وأولاده وعلى نفسه، وحتى تصبح أسرتُه عالة يتكففون الناس، وربّما باعَ متاعه وأهله وعِرضَه مقابلَ جُرْعَةِ مخدّر أو شَربةِ مُسكر.. ويوم القيامة يُسأل عن هذا المال الذي أتلفه في الحرام. فعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه". أخرجه الترمذي والدارمي، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

فانتهوا رحمكم الله عن هذه المسكرات المنتنة الخبيثة، وحذروا منها أبناءكم وذويكم؛ لتسعَدوا في دنياكم وفي أخراكم...

 

إخوتي الكرام؛ لنا موعدٌ مرة أخرى في الجمعة القادمة - إن شاء الله تعالى - مع الحديث عن أضرار المسكرات والمخدرات وسبل الوقاية منها، وإلى ذلكم الحين، نسأل الله تعالى أن يبعد عنا كل بلاء، وأن يشفينا من كل داء، وأن يحفظنا من من زيغ الأهواء وشماتة الأعداء، وأن يجعلنا من عباده الأصفياء الأتقياء، إنه سبحانه وتعالى سميع الدعاء...

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، واجعلنا من عبادك الصالحين. يا رب العالمين..

اللهم حببْ إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرّهْ إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا يا مولانا من الراشدين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم اجمع شملهم، ووحد صفوفهم، وفرج همومهم، ونفس كروبهم، وانصرهم على أعدائهم يا قوي ياعزيز.

 

وصل اللهم وسلم وبارك على حبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أضرار الخمور والمسكرات والمخدرات
  • بلاء المخدرات والمسكرات
  • المحافظة على العقول وتحريم المسكرات
  • المسكرات .. آفة الأبدان
  • المسكرات والمخدرات: أضرارها وسبل الوقاية منها (2)
  • حد المسكر في الإسلام
  • خطبة التحذير من المسكرات والمخدرات
  • المخدرات: خطرها، أضرارها، حرمة تعاطيها

مختارات من الشبكة

  • المسكرات والمخدرات: حكمها وأضرارها(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • المسكرات والمخدرات ضرر وضرار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن المسكرات والمخدرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن المسكرات والمخدرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صوتية عن المسكرات والمخدرات(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • المسكرات والمخدرات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آفة العصر: المسكرات والمخدرات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من المسكرات والمخدرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التجربة الإسلامية للعلاج والوقاية من مشكلة المسكرات والمخدرات.(مقالة - موقع د. سهل بن رفاع بن سهيل الروقي)
  • الخمور والمخدرات والمسكرات، حكمها، أضرارها الدنيوية والأخروية، والأساليب الوقائية منها(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب