• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

وأعوذ بك من العجز والكسل

وأعوذ بك من العجز والكسل
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/9/2016 ميلادي - 21/12/1437 هجري

الزيارات: 53581

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وأعوذ بك من العجز والكسل


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، ثَمَّةَ صِفَتَانِ غَيرُ حَمِيدَتَينِ، بَل مَرَضَانِ خَطِيرَانِ وَدَاءَانِ فَتَّاكَانِ، انتَشَرَا مُؤَخَّرًا في مُجتَمَعِنَا وَاستَشرَيَا في أُمَّتِنَا، وَبُلِي بِهِمَا كَثِيرُونَ مِنَّا كِبَارًا وَصِغَارًا وَآبَاءً وَأَبنَاءً، وَأُصِيبَ بِهِمَا فِئَامٌ مِمَّنَ حَولَنَا قَادَةً وَمَقُودِينَ وَرُؤَسَاءَ وَمَرؤُوسِينَ، هُمَا مِن أُصُولِ الشُّرُورِ وَمَفَاتِيحِ البَلايَا، وَمِنهُمَا تَنبَعِثُ كَثِيرٌ مِنَ المَصَائِبِ وَالرَّزَايَا، تَعَوَّذَ مِنهُمَا نَبِيُّنَا - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -، وَحَذَّرَ مِنهُمَا وَأَمَرَ بِضِدِّهِمَا وَحَثَّ عَلَيهِ. وَإِذَا أَرَدتُم أَن تَعرِفُوا هَاتَينِ الصِّفَتَينِ وَتَستَجلُوا ذَينِكُمُ الدَّاءَينِ، فَانظُرُوا إِلى النَّاسِ عِندَ إِقبَالِ كُلِّ إِجَازَةٍ وَبَعدَ رَحِيلِهَا، لِتَرَوا كَم يَفرَحُونَ بِقُدُومِهَا وَيُسَرُّونَ، وَكَم يَسُوؤُهُم رَحِيلُهَا وَيَثقُلُ عَلَيهِم وَدَاعُهَا!! ثُمَّ كَم مِنَ الوَقتِ يَحتَاجُونَهُ بَعدَهَا لِيُصَدِّقُوا أَنَّهُم بَدَؤُوا مَرحَلَةَ عَمَلٍ وَجِدٍّ وَإِنتَاجٍ، وَخَاصَّةً في المُؤَسَّسَاتِ التَّعلِيمِيَّةِ وَالتَّربَوِيَّةِ، وَالَّتي كَانَت هِيَ المَشَافِيَ الَّتي يُعَالَجُ في أَروِقَتِهَا كَثِيرٌ مِنَ الأَمرَاضِ، فَأَصبَحَت تُعَانِي مِن هَذَينِ الدَّاءَينِ، بَل وَتَشَبَّعَت بِهِمَا أَجسَادُ كَثِيرِينَ مِن أَهلِهَا، وَسَكَنَا قُلُوبَهُم وَخَالَطَا دِمَاءَهُم!! أَخرَجَ مُسلِمٌ في صَحِيحِهِ مِن حَدِيثِ زَيدِ بنِ أَرقَمَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبنِ وَالبُخلِ، وَالهَرَمِ وَعَذَابِ القَبرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفسِي تَقوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنتَ خَيرُ مَن زَكَّاهَا، أَنتَ وَلِيُّهَا وَمَولاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ، وَمِن قَلبٍ لا يَخشَعُ، وَمِن نَفسٍ لا تَشبَعُ، وَمِن دَعوَةٍ لا يُستَجَابُ لَهَا " لَقَدِ استَعَاذَ نَبِيُّنَا - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - في هَذَا الحَدِيثِ مِن عِدَّةِ صِفَاتٍ غَيرِ حَمِيدَةٍ، غَيرَ أَنَّهُ بَدَأَ بِصِفَتَينِ مَقِيتَتَينِ، فِيهِمَا جِمَاعٌ لأَبوَابٍ كَثِيرَةٍ مِن أَبوَابِ الشَّرِّ وَالبَلاءِ، تَانِكُم هُمَا العَجزُ وَالكَسَلُ؛ وَمَا ذَاكَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِلاَّ لأَنَّهُمَا لا تَتَمَكَّنَانِ مِن مُجتَمَعٍ إِلاَّ وَضُيِّعَت فِيهِ وَاجِبَاتٌ وَفُعِلَتِ مُحَرَّمَاتٌ، وَنُسِيَتِ حُقُوقُ أُنَاسٍ وَظُلِمُوا وَهُضِمُوا.

 

وَإِذَا كَانَ العَجزُ هُوَ عَدَمُ قُدرَةِ المَرءِ عَلَى فِعلِ الشَّيءِ لأَنَّهُ قَد لا يَملِكُ أَدَوَاتِهِ، وَمِن ثَمَّ فَالأَصلُ أَلاَّ يُلامَ عَلَيهِ وَلا يُذَمَّ، فَإِنَّ الكَسَلَ هُوَ تَركُ الشَّيءِ مَعَ القُدرَةِ عَلَى الأَخذِ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَستَحِقُّ صَاحِبُهُ اللَّومَ وَالذَّمَّ؛ حَيثُ تَرَكَ بِرَغبَتِهِ مَا يُدرِكُ بِهِ الخَيرَ وَيَنَالُ به المَكَارِمَ، وَيَحظَى فِيهِ بِالأَجرِ وَالثَّوَابِ وَمَحَبَّةِ الخَالِقِ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهُ وَإِعَانَتِهِ إِيَّاهُ عَلَيهِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " المُؤمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلى اللهِ مِنَ المُؤمِنِ الضَّعِيفِ، وَفي كُلٍّ خَيرٌ، اِحرِصْ عَلَى مَا يَنفَعُكَ وَاستَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعجِزْ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

لَقَد تَعَدَّدَت فِينَا صُوَرُ العَجزِ وَالكَسَلِ حَتَّى بَلَغَت بِبَعضِنَا إِلى تَركِ فَرَائِضَ وَاجِبَةٍ، وَالوُقُوعِ في كَبَائِرَ مُوبِقَةٍ، وَالتَّهَاوُنِ بِحُقُوقٍ لِلنَّاسِ لازِمَةٍ، فَهَذَا التَّسَاهُلُ بِأَدَاءِ حُقُوقِ الوَالِدَينِ مِن قِبَلِ الأَبنَاءِ، وَقَضَاءُ السَّاعَاتِ الطِّوَالِ في تَقلِيبِ عَشَرَاتِ المَوَاقِعِ في الشَّبَكَاتِ لِتَتَبُّعِ الأَخبَارِ وَأَحوَالِ الآخَرِينَ، مَعَ هِجرَانِ كِتَابِ اللهِ وَدِرَاسَةِ السُّنَّةِ وَكُتُبِ العِلمِ المُفِيدَةِ، وَنُزُوعُ النُّفُوسِ إِلى رِحلاتِ الصَّيدِ وَالنُّزهَةِ وَأَسفَارِ السِّيَاحَةِ وَمَجَالِسِ القِيلِ وَالقَالِ وَالسَّهَرَاتِ في الاستِرَاحَاتِ، مَعَ عُزُوفِهَا في المُقَابِلِ عَنِ المُشَارَكَةِ في الأَعمَالِ الدَّعَوِيَّةِ وَبَذلِ النُّفُوسِ وَالأَوقَاتِ في مُتَابَعَةِ المَشرُوعَاتِ الخَيرِيَّةِ، وَزُهدِهَا في الجُلُوسِ لِتَعَلُّمِ كِتَابِ اللهِ وَتَعلِيمِهِ وَحُضُورِ مَجَالِسِ الذِّكرِ وَحَلَقَاتِهِ، وَتَفرِيطُ كَثِيرِينَ في الحُضُورِ المُبَكِّرِ لاستِمَاعِ الذِّكرِ في خُطَبِ الجُمُعَةِ، وَالتَّثَاقُلُ في الحُضُورِ لِصَلاةِ الجَمَاعَةِ، نَاهِيكُم عَنِ التَّسَاهُلِ في فِعلِ النَّوَافِلِ المَندُوبَاتِ وَالرَّغبَةِ عَنِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَالقُرُبَاتِ، وَالانشِغَالُ في أَغلَبِ الأَوقَاتِ عَن ذِكرِ اللهِ مَعَ سُهُولَتِهِ وَتَيَسُّرِهِ عَلَى اللِّسَانِ، إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَهُوَ مِن نَتَائِجِ الكَسَلِ أَوِ العَجزِ الَّذِي بُلِيَ بِهِمَا المُجتَمَعُ، وَنَجَحَ الشَّيطَانُ في الاستَيلاءِ بِهِمَا عَلَى القُلُوبِ، فَكَسِلَتِ الجَوَارِحُ وَضَعُفَتِ الأَجسَادُ، وَصَدَقَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حَيثُ قَالَ: " يَعقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أَحَدِكُم إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضرِبُ عَلَى كُلِّ عُقدَةٍ عَلَيكَ لَيلٌ طَوِيلٌ فَارقُدْ، فَإِنِ استَيقَظَ فَذَكَرَ اللهَ انحَلَّت عُقدَةٌ، فَإِن تَوَضَّأَ انحَلَّت عُقدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انحَلَّت عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأَصبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفسِ، وَإِلاَّ أَصبَحَ خَبِيثَ النَّفسِ كَسلاَنَ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

وَإِنَّهُ لَمِنَ الخَسَارَةِ أَن يَستَسلِمَ امرُؤٌ لِلكَسَلِ أَوِ العَجَزِ، فَيَقعُدَ عَن طَلَبِ رِزقِه وَالسَّعيِ في مَنَاكِبِ الأَرضِ لِتَحصِيلِهِ، وَأَشَدُّ مِن ذَلِكَ أَلاَّ يُبالِيَ بِأَخَذِهِ رَاتِبًا أَو أُجرَةً دُونَ إِتمَامِ عَمَلٍ وَلا إِتقَانِهِ، في أَيَّامٍ وَشُهُورٍ يَقضِيهَا ذَاهِبًا إِلى مَقَرِّ عَمَلِهِ وَآيِبًا، في تَضيِيعٍ لِلوَقتِ عَلَى جَوَّالِهِ، أَو في الحَدِيثِ مَعَ مَن حَولَهُ، أَو في الخُرُوجِ قَبلَ اكتِمَالِ وَقتِ عَمَلِهِ، أَو في الغِيَابِ المُتَكَرِّرِ بِلا عُذرٍ، مَعَ التَّحَايُلِ عَلَى مَن يُحَاسِبُهُ بِتَقَارِيرَ مُزَوَّرَةٍ، تَجمَعُ لهُ مَعَ أَكلِ الحَرَامِ أَوِ المُشتَبِهِ، تَسَاهُلَهُ بِالكَذِبِ المُحَرَّمِ، وَمُخَادَعَتَهُ المَسؤُولَ عَنهُ بِالحِيَلِ، وَخَيَانَتَهُ العُهُودَ وَعَدَمَ وَفَائِهِ بِالعُقُودِ. وَيَا لَخَسَارَةِ المُجتَمَعِ وَالأُمَّةِ حِينَ يَكسَلُ فِتيَانُهَا وَشَبَابُهَا عَن طَاعَةِ رَبِّهِم، وَيَتَرَاخَونَ عَن نَفعِ مَن يَحتَاجُ إِلَيهِم، ثم لا يَنشَطُونَ مِمَّا هُم فِيهِ مِنَ فَرَاغٍ قَاتِلٍ، إِلاَّ في الشَّوَارِعِ وَالأَسوَاقِ وَالمُجَمَّعَاتِ، لِلاستِعرَاضِ بِالسَّيَّارَاتِ، وَالتَّضيِيقِ عَلَى النَّاسِ في الطُّرُقَاتِ، أَو إيذَاءِ النِّسَاءِ بِالمُعَاكَسَاتِ، عِندَ المَدَارِسِ وَالجَامِعَاتِ وَالكُلِّيَّاتِ.

 

إِنَّ الكَسَلَ آفَةٌ قَلبِيَّةٌ مُقعِدَةٌ، وَعَائِقٌ نَفسِيٌّ شَدِيدٌ، يُوهِنُ الهِمَّةَ وَيُضعِفُ العَزِيمَةَ، وَيَقتُلُ الإِرَادَةَ وَيَقُودُ إِلى الفُتُورِ، وَحِينَمَا تَقعُدُ النُّفُوسُ عَنِ الخَيرِ وَلا تَنبَعِثُ إِلى بَذلِهِ مَعَ قُدرَتِهَا عَلَيهِ، فَإِنَّهَا بِذَلِكَ إِنَّمَا تُظهِرُ لِمَن حَولَهَا أَنَّهَا نُفُوسٌ ضَعِيفَةٌ دَنِيئَةٌ، جَبَانَةٌ خَوَّارَةٌ، رَاكِنَةٌ إِلى الرَّاحَةِ وَالدَّعَةِ وَالخُمُولِ، زَاهِدَةٌ فِيمَا عِندَ اللهِ مِنَ المَثُوبَةِ وَمُضَاعَفِ الأُجُورِ، فَاقِدَةٌ لِرُوحِ الشَّجَاعَةِ وَحَرَارَةِ الإِقدَامِ، مُتَلَبِّسَةٌ بِثِيَابِ الفَشَلِ وَالإِحجَامِ، وَأَصلُ ذَلِكَ وَسَبَبُهُ هُوَ عَدَمُ الرَّغبَةِ في ثَوَابٍ وَلا الرَّهبَةِ مِن عِقَابٍ، وَهُوَ نَوعٌ مِن ضَعفِ اليَقِينِ وَسُوءِ الظَّنِّ بِاللهِ، وَخَلَلٌ في العُقُولِ وَعَمًى في البَصَائِرِ، وَإِلاَّ فَإِنَّ المُؤمِنَ المُصَدِّقَ بِمَا عِندَ اللهِ، المُوقِنَ بِأَنَّ عَلَيهِ مِن رَبِّهِ حَسِيبًا وَرَقِيبًا، لا يَستَبدِلُ الأَدنى بِالَّذِي هُوَ خَيرٌ، وَالنُّفُوسُ الشَّرِيفَةُ الكَبِيرَةُ لا تَرضَى بِالدُّونِ وَلا الهُونِ، وَلا تَستَسلِمُ لِلخُمُولِ وَالرَّاحَةِ، بَل تَجهَدُ في طَلَبِ الأَمجَادِ وَتَتعَبُ في اكتِسَابِ المَكَارِمِ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَجِدُّوا وَجَاهِدُوا، وَاحذَرُوا النُّفُوسَ؛ فَإِنَّهَا مَيَّالَةٌ إِلى الكَسَلِ مُحِبَّةٌ لِلرَّاحَةِ، وَذَاكَ مَدخَلٌ كَبِيرٌ لِلشَّيطَانِ لِلاستِيلاءِ عَلَيهَا بِوَسَاوِسِهِ، فَيُضعِفَ إِيمَانَهَا وَيَقِينَهَا، وَيَصُدَّهَا عَن عِبَادَةِ رَبِّهَا، وَيُثَبِّطَهَا عَنِ التَّزَوُّدِ لِلِقَائِهِ بِصَالِحِ العَمَلِ، وَمِن ثَمَّ يَجُرُّهَا مِنَ الفُتُورِ وَالكَسَلِ، إِلى الشُّعُورِ بِالسَّآمَةِ وَالمَلَلِ، ثم كَرَاهِيَةِ العَمَلِ حَتى الصَّالِحِ مِنهُ، وَمِن ثَمَّ يَتَّصِفُ المَرءُ بِصِفَاتِ المُنَافِقِينَ، الَّذِينَ قَالَ اللهُ - تَعَالى - فِيهِم: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142] اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجزِ وَالكَسَلِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبنِ وَالبُخلِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن غَلَبَةِ الدَّينِ وَقَهرِ الرِّجَالِ.

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ لَعَجِيبٌ أَن يَستَولِيَ الكَسَلُ عَلَى نُفُوسٍ تَقرَأُ صَحِيحَ النُّصُوصِ وَصَرِيحَهَا، وَتَعلَمُ مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلعَامِلِينَ الجَادِّينَ، ثم تَقعُدُ وَلا تَحتَسِبُ خَطوَةً في طَاعَةٍ، وَلا كَلِمَةَ خَيرٍ تُعَلِّمُ بها مَن يَحتَاجُهَا، وَلا تَبذُلُ جُهدًا وَلا وَقتًا في خِدمَةِ عِبَادِ اللهِ أَو قَضَاءِ حَاجَاتِهِم، أَو دَعوَتِهِم لِخَيرٍ أَو أَمرِهِم بِمَعرُوفٍ أَو نَهيِهِم عَن مُنكَرٍ. وَإِنَّهُ مَهمَا سَاغَ لأَحَدٍ أَن يَتَكَاسَلَ - وَمَا ذَاكَ بِسَائِغٍ وَلا مَقبُولٍ - فَمَا أَقبَحَ الكَسَلَ مِن أَهلِ العِلمِ مُعَلِّمِينَ أَو طُلاَّبًا، وَمَا أَشَدَّهُ عَلَى النَّفسِ أَن يَبدَأَ العَامُ الدِّرَاسِيُّ بِكَسَلٍ وَعُزُوفٍ عَنِ العِلمِ وَالعَمَلِ، وَتَزجِيَةٍ لِلأَوقَاتِ الغَالِيَةِ بِلا اشتِغَالٍ بِالبَذرِ وَسَقيِ الزَّرعِ، كَيفَ وَهُم يَقرَؤُونَ قَولَ الحَقِّ - سُبحَانَهُ -: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9] وَقَولَ الصَّادِقِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فِيمَا رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ: " إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّملَةُ في جُحرِهَا وَحَتى الحَوتُ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيرَ " وَقَولَهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فِيمَا رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ: " وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلتَمِسُ فِيهِ عِلمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلى الجَنَّةِ " أَلا فَخَالِفُوا النُّفُوسَ وَاحتَسِبُوا الأُجُورَ، وَاعلَمُوا أَنَّ الرَّاحَةَ لا تُنَالُ بِالرَّاحَةِ، بَل لا بُدَّ لِمَن أَرَادَ الفَلاحَ وَالنَّجَاحَ مِنَ الصَّبرِ وَالمُصَابَرَةِ وَالمُجَاهَدَةِ، وَاستِبَاقِ الخَيرَاتِ وَاحتِسَابِ الحَسَنَاتِ، وَاغتِنَامِ الأَعمَارِ قَبلَ أَن تَقُولَ نَفسٌ يَا حَسرَتَا عَلَى مَا فَرَّطتُ في جَنبِ اللهِ، وَقَد حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ، وَالمُحسِنُونَ الَّذِينَ امتَدَحَهُمُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17، 18] ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ [السجدة: 16] ﴿ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61] وَقَد أَمَرَ - تَعَالى - نَبِيَّهُ بِمُصَاحَبَةِ الجَادِّينَ وَحَذَّرَهُ مِنَ الرُّكُونِ إِلى المُتَكَاسِلِينَ المُفَرِّطِينَ، فَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أبناؤنا والكسل
  • الكسل.. الموت البطيء
  • الكسل: مخاطره وصوره وعلاجه
  • إياك وهاذم الأحلام والأماني (الكسل)
  • موضع دعاء: اللهم أعوذ برضاك من سخطك
  • (أعوذ بالله من قول: أنا) كلام لا معنى له
  • رسالة في ذم الكسل
  • الشعور بالعجز
  • قواعد مواجهة الفتور والكسل في العبادة وطلب العلم

مختارات من الشبكة

  • اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • دعاء الكرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في الاستعاذة بالله من الشيطان خوف أن يتخبط المسلم عند الموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم وأظلم»(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أذكار الصباح والمساء بحسب العدد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • شرح دعاء: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب