• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

منظومة الأمانة في الإسلام

محمد عبدالرحمن صادق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/9/2016 ميلادي - 17/12/1437 هجري

الزيارات: 45936

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منظومة الأمانة في الإسلام

 

إن الأمانة في الإسلام منظومة شاملة ومتكاملة ومظلة لا تستثني أحداً. وبدون الأمانة لا تستقيم الحياة ولا تستقر الأرض لأهلها بل ستضطرب وتمور موراً. فالأمانة تنظم علاقة العباد بالخالق سبحانه وتعالى فتؤدى العبادات بالكيفية التي يرتضيها الله تعالى من عباده. وكذلك تنظم حياة الأفراد فيما بين بعضهم البعض فتحترم الخصوصيات ولا تنتهك الحريات ولا تضيع الحقوق، كما أنها تنظم حياة المجتمعات والشعوب والأمم فتحترم العهود والمواثيق وتسود الضوابط التي معها لا تضيع حقوق الأمم ولا تنتقص هيبتها كبيرة كانت أو صغيرة، قوية كانت أو ضعيفة.

 

• قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين: " الأمانة باب واسعٌ جدًّا، وأصلها أمران: أمانة في حقوق الله: وهي أمانة العبد في عبادات الله عزَّ وجلَّ. وأمانة في حقوق البشر ".

 

أولاً: معنى الأمانة: جاء في لسان العرب لابن منظور رحمه الله أن: " الأمانة ضد الخيانة، وأصل الأَمْن: طمأنينة النفس وزوال الخوف، والأمانة مصدر ( أمِن ) - بالكسر - أمانة فهو أمين، ثم استعمل المصدر في الأعيان مجازًا، فقيل الوديعة أمانة ونحوه، والجمع أمانات، فالأمانة اسم لما يُؤمَّن عليه الإنسان، نحو قوله تعالى: ﴿ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ ﴾ [الأنفال: 27]، أي: ما ائتمنتم عليه، وقوله: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأحزاب: 72].

 

• وجاء في تهذيب الأخلاق للجاحظ أن الأمانة هي: " التَّعفُّف عمَّا يتصرَّف الإنسان فيه مِن مال وغيره، وما يوثق به عليه مِن الأعراض والحرم مع القدرة عليه، وردُّ ما يستودع إلى مودعه ".

• وجاء في فيض القدير أن: الأمانة: هي كلُّ حقٍّ لزمك أداؤه وحفظه.

 

• وقال الكفوي رحمه الله: " كلُّ ما افترض على العباد فهو أمانة، كصلاة وزكاة وصيام وأداء دين، وأوكدها الودائع، وأوكد الودائع كتم الأسرار ".

 

• قال ابن القيم رحمه الله: " لا تظن أن الأمانة أن تتوضأ بركل من الماء، وتصلي ركعتين في المحراب، إنما الأمانة أن تحمل هم هذا الدين ".

• قال الإمام القرطبي رحمه الله " والأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال.

 

• وقال أيضاً في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8] " والأمانة والعهد يجمع كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه قولاً، وفعلاً، وهذا يعم معاشرة الناس، والمواعيد وغير ذلك، وغاية ذلك حفظه والقيام به ".

 

• قال الأصبهاني رحمه الله: " إنَّ الأمانة هي عين الإيمان، فإذا استمكنت الأمانة من قلب العبد قام حِينئذٍ بأداء ما أُمِرَ به، واجتنب ما نُهي عنه ".

 

ثانياً: منظومة الأمانة في القرآن الكريم: إن المتتبع لآيات القرآن الكريم يجد أن هذه الصفة قد تم ذكرها والتأكيد عليها في آيات كثيرة وفي مواقف كثيرة، كما يجد أن الله تعالى قد كلف الإنسان دون غيره بالأمانة، ووصف جبريل عليه السلام بالأمين، ووصف الله تعالى أنبيائه عليهم السلام بالأمانه، ووصى ولاة أمر المسلمين بالأمانة، وجعل الله تعالى من صفات المؤمنين الأمانة، ووصى الأجراء والتجار بالأمانة، وجعل الله تعالى غاية الإنسان أن يعيش في بلد آمن، ووصف أطهر بقاع الأرض بأنها البلد الأمين، بل وصف الله تعالى مقام المؤمنين في الجنة بأنه مقام أمين. إلى غير ذلك من الآيات في هذا الجانب.

 

1- التكليف من الله تعالى للإنسان بحمل الأمانة: قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].

 

2- وصف الله تعالى أمين الوحي جبريل عليه السلام بالأمانة: قال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾ [الشعراء: 192 - 194].

 

• قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ [التكوير: 19 - 21].

 

3- وصف الله تعالى أنبيائه عليهم السلام بالأمانة وكذلك وصفهم لأنفسهم بما وصفهم به الله تعالى: قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الدخان: 17، 18].

 

• قال تعالى: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ *‏ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف:67، 68]

 

• قال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ *‏ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ *‏ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾ [الشعراء: 105 - 107]. وهكذا جاءت مع أنبياء الله عليهم السلام ( هود - صالح - لوط - شعيب ) في نفس السورة.

 

4- أمر الله تعالى ولاة أمر المسلمين بالأمانة: قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

 

• جاء في كتاب السياسة الشرعية للإمام ابن تيمية رحمه الله: قال العلماء: نزلت... في ولاة الأمور: عليهم أن يؤدُّوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكموا بين النَّاس أن يحكموا بالعدل... وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل، فهذان جماع السياسة العادلة والولاية الصالحة.

 

• وجاء في فتح القدير للإمام الشَّوكاني رحمه الله: هذه الآية مِن أمَّهات الآيات المشتملة على كثير مِن أحكام الشَّرع، لأنَّ الظَّاهر أنَّ الخطاب يشمل جميع النَّاس في جميع الأمانات، وقد رُوِي عن علي، وزيد بن أسلم، وشهر بن حوشب أنَّها خطاب لولاة المسلمين، والأوَّل أظهر، وورودها على سبب لا ينافي ما فيها مِن العموم، فالاعتبار بعموم اللَّفظ لا بخصوص السَّبب، كما تقرَّر في الأصول، وتدخل الولاة في هذا الخطاب دخولًا أوَّليًّا، فيجب عليهم تأدية ما لديهم مِن الأمانات، وردُّ الظُّلامات، وتحرِّي العدل في أحكامهم، ويدخل غيرهم مِن النَّاس في الخطاب، فيجب عليهم ردُّ ما لديهم مِن الأمانات، والتَّحرِّي في الشهادات والأخبار. وممَّن قال بعموم هذا الخطاب: البراء بن عازب، وابن مسعود، وابن عبَّاس، وأبيُّ بن كعب، واختاره جمهور المفسِّرين، ومنهم ابن جرير، وأجمعوا على أنَّ الأمانات مردودة إلى أربابها: الأبرار منهم والفجار، كما قال ابن المنذر.

 

5- جعل الله تعالى من صفات المؤمنين الأمانة بل إن الإيمان لا يكتمل إلا بها: قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].

• قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8].

 

6- جعل الله تعالى من صفات العمال والأجراء الأمانة: قال تعالى: ﴿ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ﴾ [النمل: 39].

• قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ﴾ [يوسف: 54].

 

6- قال تعالى: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26].

 

7- أمر الله تعالى التجار بالأمانة في كل أحوالهم: قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 283].

 

8 - والبلد الآمن هو غاية ما يتمناه الإنسان لنفسه ولمن يعول: قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 126].

 

• ربما يقول قائل بأن اللفظ الذي ذُكر في الآية الكريمة هو ( الأمن ) وليس ( الأمانة ) وأن هناك فرق بين الأمن والأمانة. وهنا لابد وأن نقول: " وكيف يتحقق الأمن إذا غابت الأمانة؟ فهما قرينان ومتلازمان إذا غاب أحدهما غاب الآخر. فهل تتخيل أنه سيكون هناك بلد يسوده الأمن وقد نزعت من أهله الأمانة؟ ".

 

9 - وصف الله تعالى أطهر بقاع الأرض - مكة - بـ " البلد الأمين ": قال تعالى: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ [التين: 1 - 3].

 

• قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 57].

 

10- وصف الله تعالى مقام المؤمنين بالجنة بأنه مقام أمين: قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ﴾ [الدخان: 51]. أي: يؤمن فيه من الآفاتِ ومن كل أذى.

• تلك عشرة كاملة عليها تُبنى منظومة الأمانة في الإسلام وهي كلُ لا يتجزأ كما أنها غير قابلة للنقصان أو الاختزال.

 

ثالثاً: منظومة الأمانة في السُّنَّة النَّبويَّة المطهرة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغت أمانته مداها في حياته كلها وهذه صفة الأنبياء والمرسلين فهو صلى الله عليه وسلم جاء على درب يوسف عليه السلام وأمانته مع ملك مصر، ودرب موسى عليه السلام وأمانته مع بنات شُعيب عليه السلام. فمنهجهم جميعاً - عليهم السلام - إنما جاء من مِشكاة واحدة.

 

• فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أميناً في مال السيدة خديجة رضي الله عنها وتجارتها قبل البعثة.

• ولقد كان أميناً على أموال قريش، فبالرغم من معاداتهم له صلى الله عليه وسلم إلا أنهم لم يجدوا غيره ليستأمنوه على ودائعهم وأماناتهم.

 

• ولقد حسم النبي صلى الله عليه وسلم النزاع بين القبائل عندما اختلفوا فيمن ينال شرف وضع الحجر الأسود فلمَّا رأوه صلى الله عليه وسلم قالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمَّد، فلمَّا انتهى إليهم، وأخبروه الخبر، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: " هلمَّ إليَّ ثوبًا "، فأُتِي به، فأخذ الركن، فوضعه فيه بيده، ثمَّ قال: " لتأخذ كلُّ قبيلة بناحية مِن الثَّوب، ثمَّ ارفعوه جميعًا "، ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه، وضعه هو بيده، ثمَّ بنى عليه.

 

• عن عبد الله بن أبي الحمساء قال بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يُبعث وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها في مكانه فنسيت ثم ذكرت بعد ثلاث فجئت فإذا هو في مكانه فقال: " يا فتى لقد شققت علي أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك ". والانتظار هنا كان ليفي بالوعد وليس ليقبض ما تبقى له من مال.

• ولقد شهد أبو سفيان بن حرب قبل أن يُسلم شهد بأمانة النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال هرقل: " سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنَّه يأمر بالصَّلاة، والصِّدق، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمَانَة، قال: وهذه صفة نبيٍّ ".

 

• وفي موضع آخر يقول هرقل: " وسألتك هل يغدر؟ فزعمت أن لا، وكذلك الرُّسل لا يغدرون ".

• وفي فتح مكة رفض النبي صلى الله عليه وسلم انتزاع مفتاح الكعبه من عثملن بن طلحة بل رده النبي صلى الله عليه وسلم إليه وقال له: " هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم برٍّ ووفاء ". وفي رواية: فدعا عثمان فقال: " خذوها يا بني شيبة خالدة مُخلّدة ". وفي لفظ: " تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم ".

 

• حقيقة إن المواقف تتزاحم والمأثورات في هذا الجانب تترى ويكفينا ما تم ذكره لتسليط الضوء فقط على هذا الجانب من حياته صلى الله عليه وسلم.

• إن السنة النبوية المطهرة كذلك لم تترك مجالاً من مجالات الأمانة إلا وبينته تِبييناً وفصلته تفصيلاً. لتنظم علاقة العباد مع خالقهم سبحانه وتعالى، ولتنظم علاقة الأفراد فيما بينهم، وكذلك لتنظم علاقة المجتمعات والشعوب فيما بينهم.

 

• ونسوق هنا بعضاً من هذه الأحاديث في هذا الجانب:-

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان " ( رواه البخاري ومسلم ).

 

2- وعن عبد الله بن عمرو عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا يضرَّنَّك ما فاتك مِن الدُّنْيا: صِدْق حديث، وحِفْظ أمانة، وحُسْن خليقة، وعفَّة طُعْمة " ( رواه أحمد ).

 

3- عن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال: " أخبرني أبو سفيان أنَّ هرقل قال له: سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنَّه يأمر بالصَّلاة والصِّدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمَانَة. قال: وهذه صفة نبي " ( رواه البخاري ).

 

4 - وعن عبد الرحمن بن أبي قراد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يوماً، فجعل أصحابه يتمسحون بوضوئه، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: " ما يحملكم على هذا؟ " قالوا: حب الله ورسوله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من سره أن يحب الله ورسوله أو يحبه الله ورسوله فليصدق حديثه إذا حدث، وليؤد أمانته إذا أؤتمن، وليحسن جوار من جاوره " ( حسنه الألباني ).

 

5- وعن عبادة بن الصامت رضِي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: " اضمَنُوا لي سِتًّا من أنفسِكُم أضمنْ لكم الجنَّة، اصدقُوا إذا حدَّثُتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدُّوا إذا اؤتمنتُم، واحفَظُوا فُروجكم، وغضُّوا أبصاركم، وكفُّوا أيديكُمْ " ( رواه أحمد وابن حبان والحاكم ).

 

6- وعن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود قال: " إن الشهادة تكفر كل ذنب إلا الأمانة، يؤتى بالرجل يوم القيامة - وإن كان قد قتل في سبيل الله - فيقال: أد أمانتك. فيقول وأنى أؤديها وقد ذهبت الدنيا؟ فتمثل له الأمانة في قعر جهنم، فيهوي إليها فيحملها على عاتقه. قال: فتنزل عن عاتقه، فيهوي على أثرها أبد الآبدين. قال زاذان: فأتيت البراء فحدثته فقال: صدق أخي: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58].

 

7- ومن وصايا النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع أنه قال: " ألا ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ". وبسط يده، فقال: " ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟ " ثم قال: " ليبلغ الشاهد الغائب؛ فإنه رب مبلغ أسعد من سامع " ( رواه أحمد وأبو داوود ).

 

8 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله " ( رواه البخاري ).

 

9 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قال الله ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعط أجره " ( رواه البخاري ).

 

10 - وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع: " ألا أُخبركم بالمؤمن؟ مَن أمِنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم مَن سلِم الناس من لسانه ويده، والمجاهد مَن جاهَد نفسه في طاعة الله، والمهاجر مَن هجَر الخطايا والذنوب " ( رواه أحمد ).

 

11- وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على صُبْرَة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: " ما هذا يا صاحب الطعام؟ "، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: " أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني " ( رواه مسلم ).

 

• جاء في مجموعة الفتاوى لابن تيميَّة رحمه الله: " بخس المكيال والميزان من الأعمال التي أهلَكَ الله بها قومَ شُعيب عليه الصلاة والسلام وقصَّ علينا قصَّتهم في غير موضعٍ من القُرآن، لنعتبر بذلك، والإصرارُ على ذلك من أعظم الكبائر، وصاحِبُه مُستوجِبٌ تغليظَ العُقوبةِ، وينبغي أنْ يُؤخَذ منه ما بخسَه من أموال المسلمين على طُول الزَّمان، ويُصرَف في مَصالح المسلمين، إذا لم يمكن إعادته إلى أصحابه ".

 

12- عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: " ما منعني أن أشهد بدراً إلا أني خرجت أنا وأبي، فأخذنا كفار قريش، فقالوا: إنكم تريدون محمدا؟ فقلنا: ما نريد إلا المدينة، فأخذوا العهد علينا: لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه. فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " نفي بعهدهم، ونستعين الله عليهم " ( رواه مسلم ).

 

• ولقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رد أبو بصير ومن معه من المسلمين حتى لا يخون العهد الذي أبرمه مع قريش في صلح الحديبية ثم قال له: " يا أبا بصير، انطلق فإن الله سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجاً " ( البخاري ).

 

13 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سيأتي على الناس زمان سنوات خداعات: يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل يا رسول الله وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه ينطق في أمر العامة " ( رواه أحمد وابن ماجه ).

 

14 - وعن الحسن أن عبيد الله بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه الذي مات فيه فقال له معقل إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة " ( رواه البخاري ).

 

• جاء في شرح رياض الصالحين للشيخ بن عثيمين رحمه الله أنه قال: " ومِن الأمَانَة - أيضًا - أمانة الولاية، وهي أعظمها مسؤوليَّة، الولاية العامَّة والولايات الخاصَّة، فالسُّلطان - مثلًا، الرَّئيس الأعلى في الدَّولة - أمينٌ على الأمَّة كلِّها، على مصالحها الدِّينية، ومصالحها الدُّنيويَّة، على أموالها التي تكون في بيت المال، لا يبذِّرها ولا ينفقها في غير مصلحة المسلمين وما أشبه ذلك. وهناك أمانات أخرى دونها، كأمانة الوزير - مثلًا - في وزارته، وأمانة الأمير في منطقته، وأمانة القاضي في عمله، وأمانة الإنسان في أهله ".

 

• وجاء في مجموع الفتاوى للإمام بن تيمية رحمه الله أنه قال: " واجتماع القوَّة والأمَانَة في النَّاس قليل، ولهذا كان عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يقول: " اللَّهمَّ أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثِّقة ". فالواجب في كلِّ ولاية الأصلح بحسبها، فإذا تعيَّن رجلان أحدهما أعظم أمانة، والآخر أعظم قوَّة، قُدِّم أنفعهما لتلك الولاية وأقلهما ضررًا فيها، فيُقَدَّم في إمارة الحروب الرَّجل القوي الشُّجاع - وان كان فيه فجور- على الرَّجل الضَّعيف العاجز، وإن كان أمينًا، كما سُئل الإمام أحمد عن الرَّجلين يكونان أميرين في الغزو، وأحدهما قويٌّ فاجر، والآخر صالح ضعيف، مع أيِّهما يُغْزى؟ فقال: أمَّا الفاجر القويُّ فقوَّته للمسلمين، وفجوره على نفسه، وأمَّا الصَّالح الضَّعيف فصلاحه لنفسه، وضعفه على المسلمين، فيُغْزَى مع القويِّ الفاجر، وقد قال النَّبيُّ: " إنَّ الله يؤيِّد هذا الدِّين بالرَّجل الفاجر " ( رواه البخاري ومسلم ). ورُوِي: " بأقوام لا خلاق لهم " ( رواه النسائي من حديث أنس رضي الله عنه )، وإن لم يكن فاجرًا كان أولى بإمارة الحرب ممَّن هو أصلح منه في الدِّين، إذا لم يسدَّ مسدَّه ".

 

15 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي الهيثم بن التيهان: " هل لك خادم؟ " فقال: لا. قال: " فإذا أتانا سبي فأتنا ". فأتي النبي صلى الله عليه وسلم برأسين، فأتاه أبو الهيثم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اختر منهما ". فقال: يا نبي الله! اختر لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن المستشار مؤتمن. خذ هذا فإني رأيته يصلي، واستوص به معروفاً " ( رواه الترمذي ).

 

16- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: " أين السائل عن الساعة؟ ". قال: ها أنا يا رسول الله قال: " فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ". قال: كيف إضاعتها؟ قال: " إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " ( رواه البخاري ).

 

17- عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يُقال له ابن اللتبية على الصدقة، فقال: هذا لكم، وهذا أُهدي إليَّ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول: هذا لكم، وهذا أهدي إليّ؟‍‍‍‍. ألا جلس في بيت أبيه فينظر أيهدى إليه أم لا ‍‍‍‍‍‍!! والذي نفس محمد بيده، لا نبعث أحداً منكم فيأخذ شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، فرفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه فقال: اللهم هل بلغت ثلاثاً " ( رواه البخاري ومسلم ).

 

18 - وعن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: " يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها " ( رواه مسلم ).

 

19 - وعن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " ( رواه البخاري ).

 

20- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ مِن أشرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرَّها " ( رواه مسلم ).

 

21 - وعن جابر رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إذا حدَّث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة " ( رواه أبو داوود والترمذي وأحمد ).

• جاء في إحياء علوم الدين أن الحسن البصري قال: " إنما تُجالسوننا بالأمانة، كأنَّكم تظنُّون أنَّ الخِيانة ليست إلاَّ في الدِّينار والدِّرهم، إنَّ الخيانة أشدَّ الخيانة أنْ يُجالسنا الرجل، فنطمئن إلى جانبه، ثم ينطلق فيسعى بنا ".

 

22 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين " ( رواه أبو داوود ).

 

23- وعن قزعة رضي الله عنه قال: قال لي ابن عمر: هلم أودعك كما ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك " ( رواه أبو داوود ).

 

24- ورد في حديث أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذكر ذهاب الناس إلى آدم، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم محمد، قال صلى الله عليه وسلم: " وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً " ( رواه مسلم ).

 

• يقول الإمام النووى فى شرحه لصحيح مسلم: " وإرسال الأمانة والرحم على جانبى الصراط لتطالب كل من يمر على الصراط بحقها ".

• قال الحافظ: " والمعنى أن الأمانة والرحم لعظم شأنهما وفخامة ما يلزم العباد من رعاية حقهما يوقفان هناك للأمين والخائن، والمواصل والقاطع، فيحاجان عن المحق، ويشهدان على المبطل ".

 

25- وعن أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: " لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار، فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له: " أيها الملك كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده، وأداء الأمانة " ( رواه أحمد ).

 

26- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اشترى رجل مِن رجل عقارًا له فوجد الرَّجل الذي اشترى العقار في عقاره جرَّةً فيها ذهبٌ، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك منِّى، إنَّما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذَّهب. فقال الذي شرى الأرض: إنَّما بعتك الأرض وما فيها. قال: فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولدٌ؟ فقال: أحدهما لي غلامٌ، وقال الآخر: لي جارية. قال أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسكما منه وتصدَّقا " ( رواه البخاري ومسلم ).

 

27 - وعن عبدالله بن مسعودٍ رضِي الله عنه قال: كنتُ أرعى غنمًا لعُقبة بن أبي مُعَيْطٍ، فمَرَّ بي رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأبو بكرٍ، فقال: " يا غُلامُ، هل من لبنٍ؟ " قال: قلت: نعم، ولكنِّي مُؤْتَمَنٌ، قال: " فهل من شَاةٍ لم يَنْزُ عليها الفحْلُ؟ " فأتيتُه بشاةٍ، فمَسَح ضَرْعَها، فنزَل لبنٌ، فحلَبَهُ في إناءٍ، فشربَ وسقَى أبا بكرٍ، ثم قال للضَّرْع: " اقْلِصْ " فقَلَصَ، قال: ثم أتَيْتُه بعد هذا فقلتُ: يا رسول الله، علِّمْني من هذا القول، قال: فمسَح رأسي، وقال: " يَرحمُكَ اللهُ، فإنَّك غُلَيِّمٌ مُعَلَّمٌ ". وفي روايةٍ: فأتاه أبو بكرٍ بصَخرةٍ مَنقورةٍ، فاحتلب فيها وشرب، وشرب أبو بكرٍ وشربتُ قال: ثم أتيته بعد ذلك، قلت: عَلِّمني من هذا القُرآن: قال: إنَّك غُلامٌ مُعَلَّم قال: فأخَذتُ من فيه سبعين سورةً.

• يَنْزُ: يثب.

• اقْلِصْ: انقبض - انحسر.

 

28 - وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما، وأنا انتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن فَعلموا من القرآن، وعَلمُوا من السنة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال: " ينام الرجل النومة فتقبض الأمانةُ من قلبه، فيظل أثرها مثل الوكت، ثم ينام النومةً، فتقبض الأمانةُ من قلبهِ فيظلُ أثرها مثل المجلِ، كجمر دحرجته على رجلك، فنفط فتراهُ منتبرا وليس فيه شيءُ " ثم أخذ حصاة فدحرجه على رجلهِ " فيصبح الناسُ يتبايعون، فلا يكادُ أحدٌ يؤدي الأمانة حتى يقالَ: إن في بني فُلانٍ رجُلاً أميناً، حتى يقال للرجل: ما أجلده، ما أظرفه، ما أعقله! وما في قلبه مثقال حبةٍ من خردلٍ من إيمانٍ، ولقد أتى علي زمانٌ وما أُبالي أيكم بايعتُ: لئن كان مسلماً ليردنه على دينهُ، ولئن كان نصرانياً أو يهودياً ليردنه على ساعيه، وأما اليوم فما كنتُ أُبايع منك إلا فُلاناً وفُلاناً " ( متفق عليه ).

 

• الوكت: الأثر اليسيرُ.

• والمجلُ: مَجَلَتْ يدُهُ: تقرَّحت من العمل وتكوَّن بين الجلد واللَّحم فيها ماءٌ بإصابة نار أَو مشَقَّة أَو معالجة الشيء الخشن.

• منتبراً: مُرتفعاً.

 

29 - وعن عبدالله بن عَمرو بن العاص رضِي الله عنهما قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: " كيف بكمْ وبزمانٍ يُوشِكُ أنْ يأتَي يُغَرْبَلُ الناسُ فيه غربلةً، ثم تبقى حُثَالةٌ من الناس قدْ مرجَتْ عُهودُهم وأماناتهم، فاخْتلَفُوا هكذا "، وشَبَّكَ بين أصابعهِ، قالوا: كيف بنا يا رسولَ الله إذا كان ذلك؟ قال: " تأخُذون بَما تعرفون، وتدعُونَ ما تُنْكِرون، وتُقْبِلون على خاصَّتِكم، وتذَرُون أمرَ عَوامِّكم " ( رواه أحمدُ وابن ماجه ).

 

30 - وعن أنس رضِي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: " لِكُلِّ أمَّةٍ أمينٌ، وأمين أمَّتي أبو عُبَيدة بن الجرّاح " ( رواه البخاري ومسلم ).

 

• هذا غيض من فيض من منظومة الأمانة التي غرسها النبي صلى الله عليه وسلم في صحابته الكرام ووضع منهجاً متكاملاً للأمة تسير به على الجادة فلا تزيغ ولا تهلك طيلة التزامها بهذه المنظومة.

 

رابعاً: منظومة الأمانة عند الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين: كما رأينا أن النبي صلى الله عليه وسلم غرس في صحابته الكرام منظومة متكاملة من الأمانة فترجموا هذه الأمانة ترجمة عملية وتحركوا بها في ربوع الأرض ففتحوا البلاد ودانت لهم العرب والعجم لِما يحملونه من أمانة فتحت القلوب والعقول قبل أن تفتح الحصون. عن أنس رضي الله عنه قال: " قلَّما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له " ( رواه أحمد ).

 

• نطرح هنا بعض المواقف والأقوال من حياة الصحابة والتابعين للمثال لا الحصر:

1- لما بويع أبو بكر رضي الله عنه بالخلافة بعد بيعة السقيفة تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ".

 

2 - لَمَّا عزَم أبو بكرٍ الصِّدِّيق رضِي الله عنه على جمع القُرآن، قال لزيد بن ثابت رضِي الله عنهما: " إنَّك رجلٌ شاب عاقل لا نتَّهمُكَ، قد كنت تكتبُ الوحي لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فتتبَّع القُرآن فاجمَعْه ".

• والمقصود بكلمة لا نتهمك هنا أي: لا نتهمك في أمانتك ورجاحة عقلك ومراقبتك لله تعالى فيما كُلفت به.

 

3- قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: اشتريت إبلا وارتجعتها إلى الحِمى ( الموضع الذي يُحمى ويدافع عنه )، فلما سمِنت قدمت بها، قال: فدخل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - السوق فرأى إبلا سِمانا، فقال: لمن هذه الإبل؟ قيل: لعبد الله بن عمر، قال: فجعل يقول: يا عبد الله بن عمر بخ بخ ابن أمير المؤمنين، قال: فجئته أسعى، فقلت: ما لك يا أمير المؤمنين؟ قال: ما هذه الإبل؟ قال: قلت: إبل أنضاء ( ضعيفة هزيلة )، اشتريتها، وبعثت بها إلى الحِمى، أبتغي ما يبتغي المسلمون، قال: فقال: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبد الله بن عمر، اغد على رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين.

 

4- عن أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالبٍ رضِي الله عنه قال: رأيتُ عمر بن الخطاب - رضوان الله عليه - على قتبٍ يعدو، فقلت: يا أمير المؤمنين، أين تذهب؟ فقال: بعيرٌ نَدَّ من إبل الصدقة أطلبه. فقلت: لقد أذللتَ الخلفاء بعدَك. فقال: يا أبا الحسن، لا تلُمْني، فوالذي بعث محمدًا بالنبوَّة لو أنَّ عَناقًا ذهبت بشاطئ الفُرات لأُخِذَ بها عمرُ يوم القيامة. ( ند: هرب ).

 

5- استدان ابن عمر بن الخطاب من أبي موسى الأشعري حين كان والياً على الكوفة أموالاً من خزينة الدولة ليتاجر بها على أن يردها بعد ذلك كاملة غير منقوصة، واتجر ولد عمر فربح، فبلغ ذلك عمر فقال له: إنك حين اشتريت أنقص لك البائعون في الثمن لأنك ولد أمير المؤمنين، ولما بعت زاد لك المشترون في الثمن لأنك ولد أمير المؤمنين، فلا جرم أن كان للمسلمين نصيب فيما ربحت، فقاسمه نصف الربح، واسترد منه القرض وعنفه على ما فعل، واشتد في العقاب على أبي موسى لأنه أسرف من أموال الدولة ما لا يصح أن يقع مثله، وهذه أمانة الحاكم الذي يسهر على مال الأمة فلا يحابي فيه صديقاً ولا قريباً.

 

• إن هذا ليس بغريب على الفاروق رضي الله عنه فلقد بلغ به الخوف من الله تعالى مداه فكان يذهب إلى حذيفة رضي الله عنه - كاتم سر رسول الله صلى الله عليه وسلم - ويقول له: أنشدك الله هل سماني لك رسول الله مع من سماهم من المنافقين؟ " فيقول حذيفة: لا. ولا أزكي بعدك أحداً.

 

6- عن قتادة قال: كان مُعَيقِيبٌ على بيت مال عمر فكسَح بيت المال يومًا فوجد فيه درهمًا، فدفَعَه إلى ابن عمر، قال مُعَيقِيبٌ: ثم انصرفت إلى بيتي، فإذا رسول عمر قد جاء يدعوني، فجِئت فإذا الدرهم في يده فقال: " ويحك يا مُعَيقيب! أوجدت عليَّ في نفسك سببًا؟ أَوَمالي ومالك؟ فقلت: وما ذاك؟ قال: أردت أنْ تُخاصِمني أمَّةُ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - في هذا الدرهم يوم القيامة.

 

7- قال نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهم: " طاف ابن عمر سبعًا وصلَّى ركعتين، فقال له رجل مِن قريش: ما أسرع ما طفت وصلَّيت يا أبا عبد الرَّحمن. فقال ابن عمر: أنتم أكثر منَّا طوافًا وصيامًا، ونحن خير منكم بصدقِ الحديث، وأداء الأمَانَة وإنجاز الوعد ".

 

8- جاء في عيون الأخبار لابن قتيبة: عن ابن أبي نجيح رحمه الله قال: " لما أُتِي عمر رضي الله عنه بتاج كسرى وسواريه جعل يُقلِّبه بعود في يده ويقول: والله إنَّ الذي أدَّى إلينا هذا لأمين. فقال رجل: يا أمير المؤمنين أنت أمين الله يؤدُّون إليك ما أدَّيت إلى الله فإذا رتعت رتعوا. قال: صدقت ".

 

9- جاء في أسد الغابة لابن الأثير رحمه الله: عن نافعٍ مولى ابنِ عمر رضِي الله عنه قال: " خرج عبدُالله بن عمر رضِي الله عنهما في بعض نواحي المدينة، ومعه أصحابٌ لهُ، ووضَعُوا السفرة لَهُ، فمَرَّ بهم راعي غنمٍ، فسلَّم، فقال ابن عمر: هَلُمَّ يا راعٍ فأصِبْ من هذه السفرة، فقال له: إنِّي صائم، فقال ابن عمر: أتصومُ في مثل هذا اليوم الحارِّ الشديد سمومُه وأنت في هذه الحال ترعى الغنم؟! فقال: والله إنِّي أبادر أيامي الخالية، فقال لهُ ابن عمر وهو يريد أنْ يختبر ورعه - وأمانته -: فهل لك أنْ تبيعنا شاةً من غنمك هذه فنُعطِيَك ثمنها ونُعطِيَك من لحمِها ما تفطر عليه؟ قال: إنها ليست لي بغنمٍ، إنها غنمُ سيدي، فقال له ابنُ عمر: فما يفعلُ سيدك إذا فقَدَها؟ فولَّى الراعي عنه، وهو يرفعُ أصبعَه إلى السَّماء، وهو يقول: فأين الله؟ قال: فجعل ابن عمر يُردِّدُ قولَ الراعي، يقول: قال الراعي: أين الله؟ قال: فلمَّا قدم المدينة بعَث إلى مولاه، فاشترى منه الغنم والراعي، فأعتَقَ الراعي ووهَبَ له الغنم ".

 

10- جاء في تاريخ الطبري: " كان أمير المؤمنين عثمان بن عفان من أشد الناس حرصاً على المال العام وكان دائماً يتعهد عماله بالتوجيه والنصح حيث جاء في أول كتاب منها: " أما بعد فإن الله خلق الخلق فلا يقبل إلا الحق، خذوا الحق، وأعطوا الحق به والأمانة الأمانة، قوموا عليها، لا تكونوا أول من يسلبها، فتكونوا شركاء من بعدكم إلى ما اكتسبتم، والوفاء الوفاء، لا تظلموا اليتيم ولا المعاهد فإن الله خصم لمن ظلمهم ".

 

11 - قالت فاطمة بنت عبدالملك زوجة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم: " دخلتُ عليه وهو في مصلاه ودُموعه تجري على لحيته، فقلت: أحَدَثَ شيء؟ فقال: إنِّي تقلدتُ أَمْرَ أُمَّةِ محمدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتفكَّرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والغازي، والمظلوم المقهور، والغريب الأسير، والشيخ الكبير، وذي العِيال والمال القليل، وأشْباههم في أقطار الأرض، فعلمت أنَّ ربي سيَسألُني عنهم يوم القيامة، وأنَّ خَصمي دُونهم محمدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى الله تعالى، فخشيت ألا تثبت حُجَّتي عند الخصومة، فرحمت نفسي فبكيت ".

 

12- كان المبارك عبدًا رقيقًا يشتغلُ أجيرًا عند صاحب بستان، وفي ذات يومٍ خرَج صاحبُ البستان مع أصحابٍ له إلى البستان وقال للمُبارك: ائتِنا برمَّان حلو، فقطف المبارك رمانات ثم قدَّمَها إليهم، فإذا هي حامضةٌ، فقال صاحب البستان: أنت ما تعرف الحلو من الحامض؟ قال المبارك: لم تأذَنْ لي أنْ آكُل حتى أعرف الحلو من الحامض، فقال له: أنت من كذا وكذا سنة تحرسُ البستان وتقول هذا! وظَنَّ أنَّه يخدعه، فسأل الجيران، فقالوا: ما أكَل رمانة واحدة.

• سُرَّ صاحب البستان من المبارك وما كان منه إلا أن كافئه وزوجه ابنته وأنجب منها عبدالله بن المبارك الذي صار من علماء المسلمين وأئمتهم.

 

13- جاء في سير أعلام النبلاء: قال أبو المظفَّر سِبط ابن الجوزي: " حكى ابن عقيل عن نفسه قال: حججت، فالتقطت عقْدَ لؤلؤٍ في خَيْطٍ أحمرَ، فإذا شيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار، فرددته عليه، فقال خُذِ الدنانير، فامتنعتُ، وخرجت إلى الشام، وزُرْتُ القدسَ وقصدت بغداد، فأويت بحلب إلى مسجد وأنا بردان جائع، فقدَّموني فصلَّيْتُ بهم، فأطعَموني، وكان أوَّل رمضان، فقالوا: إمامُنا تُوفِّي فصَلِّ بنا هذا الشهر، ففعلتُ، فقالوا: لإمامنا بنتٌ، فزُوِّجتُ بها، فأقمتُ معها سنةً، وأولدتها ولدًا ذكرًا، فمرِضَتْ في نِفاسها، فتأمَّلتُها يومًا فإذا في عُنُقِها العقدُ بعينه بخيطِه الأحمر، فقلتُ لها: لهذا قصة، وحكيت لها، فبكَتْ، وقالت: أنت هو، والله لقد كان أبي يبكي، ويقول: اللهمَّ أرزق بنتي مثل الذي ردَّ العقْدَ عليَّ، وقد استَجاب الله منه، ثم ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعُدْت إلى بغداد ".

• هذه كما ذكرنا مجرد أمثلة فقط إنما حياة الصحابة والتابعين بها من المواقف في هذا الجانب أكثر من أن تُحصى.

 

خامساً: أقوال في منظومة الأمانة في الإسلام: لعظم صفة الأمانة لم تخلوا الأدبيات الإسلامية من الأقوال والحكم والمأثورات التي وإن دلت على شيء فإنما تدل على انشغال هذه الأمة بهذه التبعة العظيمة، وحرصها على هذه الصفة.

1- قال أبو بكر الصِّديق رضي الله عنه: " أصدق الصِّدق الأمَانَة، وأكذب الكذب الخيانة ".

• وقال أيضاً: " أكيس الكيس التقوى، وأحمق الحمق الفجور، وأصدق الصدق الأمانة، وأكذب الكذب الخيانة ".

 

2- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا يعجبكم من الرجل طنطنته، ولكن من أدى الأمانة وكف عن أعراض الناس، فهو الرجل".

 

3- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " من ضيع الأمانة ورضي بالخيانة فقد تبرأ من الديانة ".

• وقال أيضاً: " أداء الأمانة مفتاح الرزق ".

 

4- قال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: " لم يرخِّص الله لمعسر ولا لموسر أن يمسك الأمَانَة ".

 

5- قال أُبَيِّ بن كعبٍ رضِي الله عنه: " من الأمانة أنَّ المرأة اؤتمنت على فَرْجِها ".

 

6 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أوَّل ما يرفع مِن هذه الأمَّة الحياء والأمَانَة، فسلوها الله".

 

7- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " القتل في سبيل الله كفَّارة كلِّ ذنب إلَّا الأمَانَة، وإنَّ الأمَانَة الصَّلاة والزَّكاة والغسل مِن الجنابة والكيل والميزان والحديث، وأعظم مِن ذلك الودائع ".

 

8- قال الإمام الشَّافعي رحمه الله: " آلات الرِّياسة خمس: صِدق اللَّهجة، وكتمان السِّرِّ، والوفاء بالعهد، وابتداء النَّصيحة، وأداء الأمَانَة ".

 

9- قال الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله: " علم بغير أمانة شر من الجهل، وذكاء لا يصاحبه صدق اللهجة نكبة على العقل ".

 

10 - قال سيد قطب رحمه الله: " إن الإسلام يكره الخيانة، ويحتقر الخائنين الذين ينقضون العهود، ومن ثم لا يحب للمسلمين أن يخونوا أمانة العهد في سبيل غاية مهما تكن شريفة.. إن النفس الإنسانية وحدة لا تتجزأ، ومتى استحلت لنفسها وسيلة خسيسة، فلا يمكن أن تظل محافظة على غاية شريفة.. وليس مُسلماً من يبرر الوسيلة بالغاية، فهذا المبدأ غريب على الحس الإسلامي والحساسية الإسلامية، لأنه لا انفصال في تكوين النفس البشرية وعالمها بين الوسائل والغايات.. إن الشط الممرع لا يغري المسلم بخوض بركة من الوحل، فإن الشط الممرع لابد أن تلوثه الأقدام الملوثة في النهاية.. من أجل هذا كله يكره الله الخائنين ويكره الله الخيانة ". ( مُمرع: خِصب وكثير العُشب ).

 

11- قال كعب المزني:

أرعَى الأمَانَةَ لا أخونُ أمانتي ♦♦♦ إنَّ الخؤونَ على الطريقِ الأنكبِ

 

12 - وقال المعري:

يخونُك مَن أدَّى إليك أمانةً
فلم ترعَه يومًا بقولٍ ولا فعلِ
فأَحْسِنْ إلى مَن شئتَ في الأرضِ أو أسئْ
فإنَّك تجزي حذوك النَّعل بالنَّعلِ

 

• وختاماً: لنا أن نتخيل مُجتمعاً ضُيِّعت فيه الأمانة فسنجد أن الموازين قد اختلت، والحدود قد عُطلت، والحرمات قد انتهكت، والقيم قد دِيْسَت، والحقوق قد أهدرت، والحريات قد قيدت، والأسرار قد أُفشيت، والأموال قد نُهبت، والعهود قد نكثت، والدماء قد أُبيحت، والأعراض قد هُتكت، والأمن قد زال، والأوطان قد بيعت، والعلوم قد كُتِمت، والظلم قاد ساد، والباطل قد انتفش، والنور قد خفت، والظلام قد عم، والبلاء قد طم، والبركة قد مُحقت.

 

• وعندها ستتنكر الأرض لمن عليها وستضيق بهم ذرعا، ولن يكون هناك مجتمعاً يصلح للعيش فيه، ولن تروق الحياة لكائن عليها، وحينها ننتظر الساعة، والساعة أدهى وأمر.

 

• اللهُمَّ اقسِم لنا من خشْيتك ما يَحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتِك ما تبلِّغُنا به جنَّتك، ومن اليقين ما تهوِّن به عليْنا مصيبات الدّنيا، ومتِّعْنا بأسماعنا وأبصارنا وقوَّتنا ما أحييْتَنا، واجعله الوارِث منَّا، واجعل ثأْرَنا على مَن ظلَمنا، وانصُرْنا على مَن عادانا، ولا تجعل مُصيبتَنا في دينِنا، ولا تجعلِ الدُّنيا أكبرَ همِّنا ولا مبْلغ عِلْمِنا، ولا تسلِّطْ عليْنا مَن لا يرحمُنا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أداء الأمانة
  • الأمانة أمان
  • حكاية الأمانة
  • وارتفعت الأمانة
  • الإسلام دين الأمانة
  • خلق الأمانة (خطبة)
  • منظومة عقد الماس في بيان خير الناس
  • موضوع عن الأمانة
  • الإسلام نظام والتزام
  • الأمانة في العمل والوظيفة
  • خطبة قصيرة عن الأمانة

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة حقائق المنظومة في شرح منظومة النسفي في الخلافيات(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • إسعاد البرية بشرح المنظومة اللامية المنسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منظومة الأمن في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منظومة الانتماء في الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • منظومة التكافل في الإسلام (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • منظومة الشورى في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعليقات المرضية على المنظومة اللامية لشيخ الإسلام ابن تيمية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإسلام منظومة قيم شاملة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الجمع البهي لمنظومات الفقه الحنبلي لعامر بهجت(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة قطعة في الفرائض - شرح المنظومة الرحبية ( جزء منه )(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب