• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

حقيقة الإيمان ومقتضياته

د. ناصر بن محمد بن مشري الغامدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/8/2007 ميلادي - 1/8/1428 هجري

الزيارات: 113019

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقيقة الإيمان ومقتضياته

 

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيوم يوم الدين، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله إمام المتقين، وسيد الخاشعين، وقدوة الناس أجمعين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين وصحبه الطاهرين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين.

 

أما بعد فيا أيها الناس:

اتقوا الله تعالى ربكم واشكروه على وافر نعمه، وأطيعوه واعبدوه ما لكم من إله غيره ولا رب لكم سواه، الزموا أمره، واحذروا نهيه فبذلك أمركم وشرع لكم؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾؛ [الأحزاب: 71 - 72].

 

أيها المسلمون:

لقد كرم الله تعالى بني آدم، وأنعم عليهم بوافر النعم، وحباهم من الخيرات ما يعجِزون عن شكره والقيام لله سبحانه بحقه، وإن أفضل نعمة أنعمها الله على الإنسان وكرمه بها وميزه عن سائر المخلوقات: العقل والإدراك. وإن من تمام هذه النعمة اتباع الدين الذي شرعه، والإيمان بالإسلام الذي اختاره للعالمين ديناً لا يقبل من أحد سواه.

 

عباد الله:

القلب هو مدار صلاح الإنسان ومعيار استقامته وتقواه، إذا صلح قلبه أفلح وفاز، وإذا فسد قلبه خاب وخسر. عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشبَّهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغه، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))؛ متفقٌ عليه.

 

قال سفيان بن عيينة عليه رحمة الله: "من أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه".

 

قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا الله ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾؛ [فصلت: 30].

 

الإيمان هو المقبول عند الله دون سواه، وهو عصمة للإنسان في الدنيا، وحفظ له في الآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله))؛ رواه البخاري.

 

من رضي بالله تعالى ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً فقد ذاق طعم الإيمان وحلاوة الحياة، فعاش مطمئناً، ومات آمناً، لرحمة الله راجياً.

 

وإذا تمكن الإيمان من النفوس، وخالطت بشاشته القلوب خرج الإنسان من ظلمات الجهل والشك والخرافة إلى نور الإيمان واليقين، وشرح الله صدره، ويسَّر أمره، وأصلح له شأنه، فأصبح من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

 

أيها المسلمون:

الإيمان من أجَلِّ نعم الله تعالى على العباد، ﴿ فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجّاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ الله الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾؛ [الأنعام: 125].

 

ومعنى الإيمان: التصديق والاعتقاد الجازم بأن الله تعالى هو رب كل شيء ومليكه، وخالقه ومدبره، وأنه وحده الذي يستحق العبادة؛ من صلاة وصوم ودعاء ورجاء، وخوف وذل وخضوع، وأنه المتصف بصفات الكمال كلها، المنزه عن كل عيب ونقص.

 

فالإيمان بالله تعالى وحده يتضمن توحيده في ثلاثة أمور: في ربوبيته، وفي ألوهيته، وفي أسمائه وصفاته، وهذا يعني تفرده سبحانه وتعالى بالربوبية والألوهية وصفات الكمال وأسماء الجلال. لا كما فعل أهل الجاهلية الأولى الذين أقروا لله بالربوبية، وأشركوا معه في الألوهية؛ ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً ﴾؛ [الفرقان:60].

 

وأركان الإيمان التي لا يسلم لأحد دينه ما لم يؤمن بها إيماناً جازماً هي: الإيمان بالله تعالى وملائكته، وكتبه، ورسوله، واليوم الأخر، وبالقدر خيره وشره من الله.

 

ففي حديث جبريل المشهور حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الإيمان، فقال: ((الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، وبلقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث))؛ رواه البخاري.

 

وهذه هي أركان الإيمان التي من آمن بها فقد نجا وفاز، ومن جحدها فقد خاب وخسر؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِالله وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً ﴾؛ [النساء: 136].

 

أيها المسلمون:

الإيمان قول باللسان، وتصديق بالجَنان، وعمل بالجوارح والأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، ولقد ضلت طوائف من أهل البدع والأهواء في معنى الإيمان؛ فمنهم من زعم أن الإيمان هو مجرد التصديق بالقلب دون عمل بالجوارح أو نطق باللسان. ومنهم من زعم أن الإيمان مجرد النطق باللسان وحده دون تصديق أو عمل. ومنهم من زعم أن أهل الكبائر مخلدون في النار. وطائفة زعموا أن من آمن بقلبه، ونطق بلسانه فهو في الجنة ولو ارتكب الذنوب العظام.

 

وهذا كله جهل وضلال، وتخبط وفساد ما أنزل الله به من سلطان, وهؤلاء إنما يدَّعون الإيمان ادِّعاء لا حقيقة وانتماء.

وَالدَّعاوَى ما لَمْ يُقِيمُوا عَلَيها  ♦♦♦ بَيِّناتٍ    أَصْحابُها     أَدْعِياءُ

 

يقول الحسن البصري عليه رحمة الله: "ليس الإيمان بالتحلي، ولا بالتمني، ولكن هو ما وقر في القلوب، وصدقته الأعمال".

 

وصدق رحمه الله: فإن الإيمان إذا تمكن من النفوس، وخالطت بشاشته القلوب ظهرت نتائجه من خلال الأعمال، فكيف يزعم هؤلاء الجهال الضلال أن الإيمان مجرد التصديق بالقلب، أو النطق باللسان، دون عمل واجتهاد، وكأن إبليس وفرعون وهامان لم يصدقوا، ولم يقروا بوجود الله تعالى وأنه المستحق للعبادة دون مَن سواه. وكأن أهل الجاهلية الأولى كانوا ينكرون وجود الخالق سبحانه وتعالى وقد قال الله: ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السماوات وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ الله ﴾؛ [الزمر:38].

 

أما أهل السنة والجماعة فإن الإيمان عندهم قول وتصديق وعمل، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان، ومما يؤكد ذلك أعظم التأكيد قَرْنُ الله تعالى في كتابة العزيز في مواضع عديدة بين الإيمان والعمل الصالح؛ بل لا تكاد تجد آية في كتاب الله تعالى تدعو إلى الإيمان إلا وتذكر العمل الصالح معه؛ مما يدل على أن مجرد التصديق أو النطق وحده لا يكفي.

 

وأما أهل الكبائر من المسلمين عند أهل السنة والجماعة فهم تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم، ولا يخلدون في النار ما داموا مسلمين؛ فإن الله تعالى لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.

 

قال الإمام ابن عطية عليه رحمة الله: "وقد أجمعت العلماء - لا خلاف بينهم - أنه لا يُكفَّر أحد من أهل القبلة بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بمعصيته، نرجو للمحسنين، ونخاف على المسيئين".

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل))؛ متفقٌ عليه.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله))؛ متفقٌ عليه. وعن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله - تباك وتعالى -: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن ادم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة))؛ رواه الترمذي وحسنه.

 

عباد الله:

الإيمان بضع وستون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. والإيمان أمانة بين العبد وربه، وعهد بينه وبين الناس، فمن ضاعت أمانته ذهب إيمانه، ومن خان عهده قل إيمانه، فلا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له.

 

الإيمان يحمل صاحبه على مكارم الأخلاق، وجميل السجايا والصفات، فيحب للناس ما يحب لنفسه، ويعيش مع إخوانه في العقيدة آلامهم وآمالهم، يحزن لحزنهم، ويفرح لفرحهم. يخاف الله ويتقيه ويعظمه عن أن يكون أهون الناظرين إليه.

 

﴿ إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾؛ [الأنفال: 2 - 4].

 

قال مجاهد: "هو الرجل يهُم بالمعصية فيتذكر مُقامه بين يدي الله، فيتركها خوفاً من الله".

 

وأوثق عرى الإيمان: الحب في الله تعالى والبغض فيه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "من أحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجد عبد طعم الإيمان، وإن كثرت صلاته وصيامه، حتى يكون كذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئاً".

 

قال الله سبحانه: ﴿ لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أبناءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الله أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ المُفْلِحُونَ ﴾؛ [المجادلة: 22].

 

وفي "الصحيحين" من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلالله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)).

 

ومن كمال الإيمان: قول الخير والصمت عما عداه، وحفظ حقوق الجار، والبعد عن أذاه، وإكرام الضيف؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيراً أو ليصمت))؛ رواه البخاري وغيره.

 

بل إن اللسان هو السبب العظيم في صلاح القلب أو فساده، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل رجل الجنة لا يأمن جاره بوائقه))؛ رواه أحمد.

 

ومن علامات الإيمان: محاربة المنكرات، ونشر الخير، والدعوة إلى المعروف، قال صلى الله عليه وسلم: ((من رأي منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))؛ رواه مسلم. وعنده من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)).

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله أيها الناس، واعلموا رحمكم الله أن أكثر الناس أو جلهم يدَّعون الإيمان، وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين.

 

من الناس من حظه من الإيمان مجرد الإقرار بوجود الخالق، وأنه الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما، وهذا لم ينكره حتى عباد الأوثان والأصنام.

 

وآخرون إيمانهم مجرد النطق بالشهادتين، دون عمل أو متابعة أو استجابة لله تعالى ولرسوله.

 

وآخرون إيمانهم عبادة لله تعالى على وَفق أذواقهم، ومواجيدهم وما تهواه نفوسهم، من غير تقيد بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله سبحانه وتعالى.

 

وطائفة إيمانهم: ما وجدوا عليه آباءهم وأسلافهم كائنا ما كان، ولو كان مخالفاً للشرع الحنيف.

 

وفئام من الناس: إيمانهم مكارم أخلاق، وحسن معاملة، وطلاقة وجه.

 

وفريق من الناس: إيمانهم تجرد من الدنيا وعلائقها، وتفريغ للقلب منها، والزهد فيها، فمن كان هكذا جعلوه من سادات أهل الإيمان، وإن كان منسلخاً من ربقة الإيمان علماً وعملاً، وهذه رهبانية ابتدعوها ما كتبها الله عليهم، فإن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.

 

وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو القدوة والأسوة، وسيد العباد والمؤمنين جامعاً بين الدنيا والآخرة بقدر، يأكل الطعام، ويمشى في الأسواق, يجالس أصحابه، ويمازحهم, ويتزوج النساء, ويصوم ويفطر، ويقوم وينام، فمن رغب عن سنته فليس منه.

 

وهذه الطوائف كلها لم تعرف حقيقة الإيمان، ولا قام بها ولا قامت به؛ فالإيمان هو معرفة ما جاء به الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم والتصديق به اعتقاداً، والإقرار به قولاً ونطقا، والانقياد له محبة وخضوعاً، والعمل به باطناً وظاهراً، وتنفيذه والدعوة إليه بحسب الإمكان.

 

وكمال الإيمان يكون بكمال الحب في الله تعالى والبغض فيه، والعطاء لله والمنع لله، ومنه محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))؛ رواه البخاري.

 

ألا وإن من محبته صلى الله عليه وسلم محبة أتباعه والمتمسكين بسنته في كل زمان ومكان، واتباع أمره، وتحكيم سنته، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وألا يعبد اللهُ سبحانه وتعالى إلا بما شرع. ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً ﴾؛ [الأحزاب: 36].

 

أيها المسلمون:

الإيمان حصن حصين من الشهوات، والمحرمات ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن))؛ متفقٌ عليه.

 

وهو سبب للأمن والطمأنينة في الدنيا والآخرة؛ ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ الله أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ ﴾؛ [الرعد: 28].

 

فالمؤمنون لهم الأمن في الدارين، أمن وسلام، وهداية وتوفيق في الدنيا، وأمن من المخاوف، وسلامة من المضائق يوم الفزع الأكبر؛ ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾؛ [الأنعام: 82]. قال الحسن  رحمه الله: "لهم الأمن في الآخرة، وهم مهتدون في الدنيا".

 

وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( قال الله: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: ﴿ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾؛ [السجدة: 17].

 

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد بن عبد الله صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين، وارض اللهم عن أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أثر الإيمان في إشاعة الاطمئنان
  • الحث على الإيمان بأسماء الله
  • حكم الإيمان بالقدر
  • حكم الإيمان بالقدر وكيفيته أيضا
  • من محاسن الإسلام الإيمان بجميع الكتب والرسل
  • الإيمان بالغيب
  • استعلاء الإيمان
  • الإيمان وشعبه وأصحابه
  • تنمية الإيمان بالنظر في آيات الله تعالى
  • المنهج المفيد في بناء الإيمان والعقيدة (عرض)
  • الإيمان والحياة (1)
  • سياحة في مفهوم الإيمان
  • الإيمان الذي يدخل الجنة
  • تذكير بني الإنسان بأصول الإيمان (1)
  • من أسباب زيادة الإيمان ونقصانه
  • فلماذا إذًا تبحث عن الحقيقة؟
  • سبيل النجاة
  • أحاديث الإيمان
  • الإيمان وأسباب زيادته ونقصانه
  • خصال أهل الإيمان
  • فضل الإيمان وأنه يزيد وينقص
  • الإيمان قاعدة الإصلاح
  • الإيمان قول وعمل
  • الإيمان باليوم الآخر
  • صورة من صور الإيمان الحق في قبسات من كتاب الله
  • الإيمان هو الحل
  • حقيقة الإيمان (1)
  • الإيمان درجات والنفاق دركات
  • تبديل الإيمان
  • الفرق بين الإيمان والإسلام والعبادة في الشرع
  • الإيمان البارد وأثره على جدية الالتزام
  • الإيمان
  • حقيقة الإيمان
  • الإيمان بين الإطلاق والتقييد
  • الإيمان هدى ونور
  • ذاق طعم الإيمان
  • حقيقة الإيمان المنجي من شقاء الدنيا والآخرة
  • بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة، وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة (1)
  • الإيمان بالرسل والقدر واليوم الآخر
  • حقيقة الإيمان
  • الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص
  • حاجتنا إلى الإيمان
  • الإيمان راحة وواحة
  • حققوا الإيمان وأبشروا بالخير (خطبة)
  • الإيمان بالقرآن

مختارات من الشبكة

  • دراسة اعتقاد أهل الحديث من خلال أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (حقيقة الإيمان - الإيمان بالله)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • وقفة مع الباحثين عن الحقيقة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • معنى العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحقيقة وإحياء حقيقة الصدق - باللغة الألمانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحقيقة وإحياء حقيقة الصدق - باللغة الإنجليزية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإيمان بالكتب السماوية(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • الدرس التاسع: حقيقة الإيمان (4)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الدرس الثامن: حقيقة الإيمان (3)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الدرس السابع: حقيقة الإيمان (2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الدرس السادس: حقيقة الإيمان (1)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب