• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

الإصلاح بين الزوجين (خطبة)

الإصلاح بين الزوجين (خطبة)
جمعية التنمية الأسرية بالمنطقة الشرقية (وئام)

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/9/2016 ميلادي - 28/11/1437 هجري

الزيارات: 43744

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإصلاح بين الزوجين (خطبة)


♦ النكاح هو الميثاق الغليظ.

♦ علاج القرآن لنشوز أحد الزوجين.

♦ الصلح خير من الفراق.

 

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد[1]:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة[2].

 

عباد الله:

أوصيكم ونفسي بتَقوى الله عزَّ وجل، فهي وصية الله للأولين والآخرين، كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].

 

أيها المسلمون:

إن الله تعالى وصَف عَقد النِّكاح بالميثاق الغليظ، فقال: ﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21]، وسمَّاه عُقدة، فقال: ﴿ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَه ﴾ [البقرة: 235].

 

ومقتضى وصفه بالميثاق الغليظ أنَّه يلزم منه الإلزام والاستدامة، والنصح والوفاء، وترك الكذب والظلم والخديعة؛ ولذا فالأصل في النِّكاح الاستدامة والسَّكَن والاستقرار، وعلى هذا فيجب على الزوجين أن يقاوما كلَّ ما يهدِّد ذلك.

 

ورغَّب الشارِع في الإبقاء على عُقدة النِّكاح، وأمر الزوج بالمعاشرة بالمعروف، ولو مع كراهته لزوجه، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

والآية تأخذ الأبصار إلى النظر في المآلات، إلى الخير الكثير الذي يَنضوي تحت العيب الحاضر المشاهد، وتأخذ بالبصائر إلى استِذكار الحسنات، حين تقع العين على السيئات والعيوب؛ حتى يكون النَّظر بإنصاف واتِّزان وموازنة بين حسنات الزوجة وسيئاتها.

 

عباد الله:

ومع هذه العلاقة المتينة بين الزَّوجين، فإنه كثيرًا ما يقع النِّزاع، وسوء التفاهم بين الزوجين، لا سيما في السنة الأولى وما بعدها عقب الزواج، وهذا أمر طبيعي؛ فإنَّه لا تخلو الحياة الزوجية من مشكلات، حتى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم لم تَخل منها!

 

وطريق إزالة الخِلاف يكون بتقريب وجهات النَّظر، والإصلاح بين الزوجين، من قِبل أنفسهما، أو غيرهما، بالحِكمة والحقِّ والعدل، دون إلحاق جور بأحدهما، أو ميل له؛ فإنَّ العدل أساس سلامة الحل، ودوام العشرة الزوجية، دون نزاع، أو خصام يذكر.

 

وقد أنزل الله تعالى في القرآن الكريم ما يرشِد إلى الصُّلح والعدل في معاملة النساء، فقال سبحانه: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 128].

 

أي: إذا خافت المرأة نشوزَ زوجها؛ أي: ترفُّعه عنها، وعدم رغبته فيها، وإعراضه عنها، فالأحسن في هذه الحالة أن يصلِحا بينهما صلحًا، بأن تسمح المرأة عن بعض حقوقها اللازمة لزوجها على وجهٍ تبقى مع زوجها؛ إما أن ترضى بأقل من الواجب لها من النفقة، أو الكسوة أو المسكن، أو القسم بأن تسقط حقها منه، أو تهب يومها وليلتها لزوجها أو لضرتها، فإذا اتَّفقا على هذه الحالة، فلا جناح ولا بأسَ عليهما فيها، لا عليها ولا على الزوج، فيجوز حينئذٍ لزوجها البقاء معها على هذه الحال، وهي خير من الفُرقة؛ ولهذا قال: ﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128].

 

ويؤخذ من عموم هذا اللَّفظ والمعنى أنَّ الصلح بين من بينهما حق أو منازعة في جميع الأشياء أنَّه خير من استقصاء كل منهما على كل حقه؛ لما فيها من الإصلاح، وبقاء الألفة، والاتصاف بصفة السماح.

فالصلح جائز في جميع الأشياء، إلا إذا أحلَّ حرامًا، أو حرَّم حلالًا، فإنه لا يكون صلحًا؛ وإنما يكون جورًا[3].

 

وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].

 

فهذه الآية تبيِّن أنَّ الإصلاح بين الزوجين أمر واجب، لا يجوز تَجاوزه، فإذا كان الإصلاح بين الناس مطلوبًا شرعًا، فإن الإصلاح بين الزوجين أكثر طلبًا.

وظاهر الأمر في قوله: ﴿ فَابْعَثُوا ﴾[النساء: 35] أنَّه للوجوب؛ لأنه من باب رَفع المظالم، ورفعُ المظالم من الأمور الواجبة على الحكَّام.

 

وقد دلَّت الآية على شدَّة الترغيب في هذا الصلح، بمؤكدات ثلاثة: وهي المصدر المؤكد، في قوله: ﴿ صُلْحًا ﴾ [النساء: 128]، والإظهار في مقام الإضمار في قوله: ﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128]، والإخبار عنه بالمصدر، أو بالصفة المشبهة، فإنها تدل على فعل سجية[4].

 

وأمر الله بالحكَمين؛ لأنَّه في الغالب قد لا يستطيع الزوجان تدارك الخلاف بينهما، ومعالجته بقدراتهما المحدودة، وخاصَّة الأزواج الصغار منهم، فإنَّ سعي الصالحين من الأقارب والمعارف يعدُّ من أعظم وسائل بقاء الحياة الزوجية واستمرارها، خاصة إذا علم أن الخلافات الزوجية أمرٌ واقع، لا يكاد ينفك عنها زوجان، حتى بيت النبوَّة، فقد كان يحصل فيه من الخلاف بين الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته ما يَستدعي التدخل بينهما للإصلاح.

 

وظاهر وَصف الحكَمين بأن يكون أحدهما من أهل الزوج، والثاني من أهل الزوجة - أنَّ ذلك شرط على سبيل الوجوب، إلَّا أن كثيرًا من العلماء حمله على الاستحباب، وقالوا: إذا بعث القاضي بحكَمين من الأجانب، جاز ذلك؛ لأنَّ فائدة بعث الحكمين استطلاع حقيقة الحال بين الزوجين؛ وهذا أمر يستطيعه الأقارب وغير الأقارب.

 

إلا أنَّه يستحب الأقارب فيه؛ لأنهم أعرَف بأحوال الزوجين، وأشد طلبًا للإصلاح، وأبعد عن الظنَّة والرِّيبة، وأقرب إلى أن تسكن إليهم النفس.

 

هكذا المنهج الإسلامي لا يَدعو إلى الاستسلام لبوادر النشوز والكراهية، ولا إلى المسارعة بفصم عُقدة النِّكاح، وتحطيم مؤسَّسة الأسرة على رؤوس مَن فيها من الكبار والصغار، الذين لا ذَنب لهم، ولا يد ولا حيلة، فمؤسسة الأسرة عزيزة على الإسلام، بقَدر خطورتها في بناء المجتمع، وفي إمداده باللَّبنات الجديدة، اللازمة لنموه ورقيِّه وامتداده.

 

إنَّه يلجأ إلى هذه الوسيلة الأخيرة عند خوف الشقاق، فيبادر قبل وقوع الشِّقاق فعلًا؛ يُبعث حكَم من أهلها ترتضيه، وحكَم من أهله يرتضيه، يجتمعان في هدوء، بعيدين عن الانفعالات النفسيَّة، والرواسب الشعورية، والملابسات المعيشية، التي كدَّرَت صفوَ العلاقات بين الزوجين، طليقين من هذه المؤثرات التي تفسد جوَّ الحياة، وتعقِّد الأمور، وتبدو - لقربها من نفسي الزوجين - كبيرة، تغطِّي على كلِّ العوامل الطيبة الأخرى في حياتهما، حريصين على سمعة الأسرتين الأصليتين، مشفقين على الأطفال الصغار، بريئين من الرغبة في غلبة أحدهما على الآخر - كما قد يكون الحال مع الزوجين في هذه الظروف - راغبين في خير الزَّوجين وأطفالهما ومؤسستهما المهدَّدة بالدَّمار.

 

وفي الوقت ذاته هما مؤتمنان على أسرار الزوجين؛ لأنهما من أهلهما، لا خوف من تشهيرهما بهذه الأسرار؛ إذ لا مصلحة لهما في التَّشهير بها، بل مصلحتهما في دفنها ومداراتها! يجتمع الحكَمان لِمحاولة الإصلاح، فإن كان في نفسي الزوجين رغبة حقيقية في الإصلاح، وكان الغضب فقط هو الذي يَحجب هذه الرغبة، فإنه بمساعدة الرغبة القوية في نفس الحكَمين، يقدِّر الله الصلاحَ بينهما والتوفيق: ﴿ إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ﴾ [النساء: 35]، فهما يريدان الإصلاح، والله يستجيب لهما ويوفِّق[5].

 

وقد أمر الله سبحانه وتعالى عبادَه في آية أخرى بالإصلاح بين الناس، فقال تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].

 

وهذه الآية وإن كانت تتحدَّث عن الإصلاح بين الناس عمومًا، إلا أنه تزداد عظمة هذا الصلح إذا كان في إصلاح الأسرة التي هي اللَّبنة المسلمة الأولى؛ ولذلك يجب على المسلم أن يَنهض للإصلاح بين الناس بعامَّة، وبين الزوجين خاصة؛ لما في الإصلاح من أُلفة ومحبَّة ووفاق.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

عباد الله:

إن الأسرة بُنيان المجتمع، والحفاظ عليها من أهمِّ مقاصد الدِّين الحنيف، وقد بيَّن الله تعالى الأحكامَ الشرعيَّة التي تسير عليها حال استقرارها وحال اضطرابها؛ فشرع الله تعالى من طرق الإصلاح بين الزوجين قبل الإقدام على الطلاق، ما يَكفل حِفظَ الأسرة من الانفكاك، وحمايتها من غوائله، وقدَّم الصُّلحَ على الفراق، فقال عز وجل: ﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128]، وقال سبحانه: ﴿ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 129].

 

فقوله تعالى: ﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128] لفظ عام مطلَق، يَقتضي أن الصلح الحقيقي الذي تسكن إليه النفوس، ويزول به الخلاف - خيرٌ على الإطلاق، ويندرج تحت هذا العموم أن الصُّلح بين الزوجين خيرٌ من الفرقة، أو خير من النشوز والإعراض.

 

عباد الله:

ولقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يَسعى للإصلاح، وكثيرًا ما جاءه الأزواج والزوجات يَشكون ويشتكين، فيتدخَّل عليه الصلاة والسلام بالحِكمة الطيبة، وكان يذكِّر النساء بمكانة الزوج؛ كما جاء عن الحصين بن محصن، أنَّ عمَّةً له أتَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم في حاجة، ففرغت من حاجتها، فقال لها النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((أذاتُ زوج أنتِ؟))، قالت: نَعم، قال: ((كيف أنتِ له؟))، قالت: ما آلوه، إلَّا ما عجزت عنه، قال: ((فانظري أين أنتِ منه؛ فإنما هو جنَّتك ونارك))[6].

 

أي: هو سببٌ لدخولك الجنة برضاه عنكِ، وسبب لدخولك النَّار بسخطه عليكِ، فأحسِني عشرته، ولا تخالفي أمرَه فيما ليس بمعصية[7].

 

ومما يدلُّ على فضل الإصلاح بين الزوجين ما جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إيَّاكم وسوء ذات البَين؛ فإنها الحالقة))[8].

 

وهو يعني بذات البين: العداوة والبغضاء التي تَحلق الدِّين، فإذا كان فساد ذات البين بين الناس بعامة يَحلِق الدين، فكيف بفساد ذات البَين بين الزوجين في الأسرة الواحدة؟!

 

وهكذا مضى السَّلَف رحمهم الله والصحابة في التدخُّل لأجل حلِّ المشكلات الزوجية؛ ومن ذلك ما جاء عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: آخى النَّبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمانُ أبا الدرداء، فرأى أمَّ الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنُكِ؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعامًا، فقال: كُل، قال: فإنِّي صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلمَّا كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن، فصلَّيا، فقال له سلمان: (إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كلَّ ذي حق حقَّه)، فأتى النَّبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صَدَق سَلمان))[9].

وفي الحديث: ثبوت حقِّ المرأة على الزوج في حُسن العشرة.

وفيه: النُّصح للمسلم، وتنبيه من أغفل[10].

 

عباد الله:

هذا وصَلُّوا رحمكم الله على خير البريَّة، وأزكى البشرية، محمد بن عبدالله صاحب الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكته المسبحة بقدسه، وثلّث بكم أيها المؤمنون، فقال جل وعلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهمَّ صلِّ وسلم وزِد وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهمَّ عن خلفائه الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر صحابة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وعن التابعين، ومن تَبِعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخذل الشرك والمشركين.

اللهم انصر دينَك وكتابك، وسنة نبيك، وعبادك المؤمنين.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

سبحان ربنا رب العزَّة عما يصفون وسلام على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



[1] هذه خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمها أصحابه، وكان السلف يَفتتحون بها خطبهم في دروسهم وكتبهم وأنكحتهم، وللألباني فيها رسالة لطيفة، جمع فيها طرقَ حديثها، وألفاظها، وذكر فوائد تتناسب مع موضوعها، وقد طُبعَت على نفقة جمعية التمدن الإسلامي بدمشق، ثم طبعها المكتب الإسلامي طبعة ثانية جميلة مزيدة ومنقحة؛ أخرجها أبو داود (4607)، والنسائي (1578)، والحاكم (183)، وأحمد (3720 و4115).

[2] أخرجه مسلم (867).

[3] تفسير السعدي - تيسير الكريم الرحمن (ص: 206).

[4] التحرير والتنوير (5/ 217).

[5] في ظلال القرآن (2/ 656).

[6] أخرجه أحمد (18524)، وصحح إسناده الألباني في (آداب الزفاف) (1/ 213).

[7] فيض القدير (3/ 60).

[8] أخرجه الترمذي (2508)، وحسنه الألباني في المشكاة (5041).

[9] أخرجه البخاري (1968).

[10] فتح الباري؛ لابن حجر (4/ 212).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحوار بين الزوجين تفاهم أم تفاصل!
  • بين الزوجين
  • تنمية الحب بين الزوجين
  • التعاون بين الزوجين
  • زوجي خائن آثم وأنا امرأة صالحة.. ما رأيكم؟
  • حقيقة العلاقة بين الزوجين في الإسلام
  • رسائل حب أنقذت زوجين!
  • العشرة الطيبة بين الزوجين وما يجلب المودة والمحبة بينهما
  • العناد بين الزوجين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الإصلاح الإصلاح(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إصلاح ذات البين من خلال سورة الأنفال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بعث الحكمين ودورهما في الإصلاح بين الزوجين: دراسة وصفية تحليلية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإصلاح بين الزوجين وفضله(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مفهوم الإصلاح .. أو نحو إصلاح لفهم المصطلح (PDF)(كتاب - موقع د. محمد بريش)
  • إصلاح طريق الإصلاح(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • اقتضاء الصلاح الإصلاح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج الإصلاح بين القرآن والسنة والواقع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حركة الإصلاح الديني في أوروبا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإصلاح بين المسلمين وتجنب نشر العداوة بينهم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب