• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

الطب والأطباء: آداب ووصايا

الطب والأطباء: آداب ووصايا
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/8/2016 ميلادي - 13/11/1437 هجري

الزيارات: 22712

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الطب والأطباء

آداب ووصايا[1]

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 71 - 72].


أما بعد: فإن أصدق القيل قيلُ الله، وخير الهدي هدي رسول الله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها الناس، إن الجسم الإنساني ذو شأن عظيم، وله عند الله تعالى وعند الإنسان قدر كريم، فهو الذي تقوم عليه العبادة التي بها صلاح الدنيا والآخرة، وبه تعمر الحياة، ويصلُح عيش الإنسان في هذه الدنيا.


ولما كان كذلك فإن الإنسان العاقل يحافظ عليه بالسعي إلى تحصيل أسباب بقائه ونمائه، والبعد عن عوامل عِلله وفنائه.

وقد جاءت الشرائع السماوية فكان من مقاصدها العظمى: الحفاظ على الجسد الإنساني من كل ما يؤذيه إنْ عاجلاً وإن آجلاً.


ومما يدل على هذا: أن الله تعالى نهى عن الاعتداء على نفس الإنسان من قبل صاحبه أو من قبل غيره، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]. وقال: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ [الإسراء: 33].


فإذا حصل الاعتداء على النفس المعصومة - بجَرح أو قتل فإن الجاني عليها ينتظره القصاص أو الديات.

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [البقرة: 178]، وقال: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ﴾ [المائدة: 45].


ومن نظر إلى دية الاعتداء على جسم الإنسان في الجراح والنفوس في الإسلام سيجد أن الجسد الإنساني ثمين جداً، فدية النفس: مائة من الإبل، ودية: العينين مائة، ودية الأذنين: مائة، ودية الرجلين: مائة، ودية اليدين مائة كذلك، إلى آخر ما يذكر في كتاب الديات عند الفقهاء من التقديرات للدية والأروش والحكومات في حال الاعتداء على أعضاء جسم الإنسان ومنافع تلك الأعضاء.


عباد الله، وكما أن الشرع حمى الجسد الإنساني من الاعتداء عليه بما ذُكر سابقًا من العقوبات على الجُناة؛ فإنه أمر الإنسان بالمحافظة على جسمه بالغذاء والدواء، وبهما تستمر الحياة الجسمية له إلى الأمد الذي كتبه الله له في هذه الدنيا.


ففي الغذاء يقول تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، "قال علي بن الحسين بن واقد: "قد جمع الله الطب كله في نصف آية فقال: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ﴾ [الأعراف: 31] [2].


وفي الدواء جاء الحث من نبينا صلى الله عليه وسلم على التداوي بالدواء المعنوي، وبالدواء الحسي؛ فعن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله، أفنتداوى؟ قال: (نعم، يا عباد الله، تداووا؛ فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، غير داء واحد: الهرم) [3].


وعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: (اعرضوا على رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شرك)[4].


غير أن الغذاء متى ما كان ملائمًا للاستشفاء: قدراً وصفة وظرفًا فهو أولى من استعمال الدواء الحسي، قال الشوكاني رحمه الله: "وقد اتفق الأطباء على أنه متى أمكن التداوي بالأخف لا ينتقل إلى ما فوقه، فمتى أمكن التداوي بالغذاء لا ينتقل إلى الدواء"[5].


أيها المسلمون، إن النفس البشرية تقوم على ركنين أساسيين هما: الروح والبدن، فالروح علاجها: وحيُ السماء، والبدن علاجه: الغذاء والدواء.


فعلوم الشريعة بما فيها من الهدى والنور هي دواء الأرواح، وأما الأبدان فدواؤها في علم الطب، ولهذا كان أفضل العلوم-بعد علوم الشريعة-: علم الطب البشري؛ لأنه يحافظ على الركن الثاني من ركني حياة النفس البشرية. قال الشافعي رحمه الله: " العلم علمان: علم الأديان وعلم الأبدان". وقال أيضاً: "لا أعلم علماً -بعد الحلال والحرام- أفضل من الطب"[6].


فلهذا ينبغي للمسلمين الاعتناء بالطب اعتناء عظيمًا؛ لما له من أهمية كبيرة في الحياة البشرية.

فالإسلام أولى الطب عناية كبيرة في جوانب متعددة، كان من أبرزها: دلالته على أدوية نافعة زخرت بها نصوص السنة النبوية؛ ولذلك ذكر أصحاب الصحاح والسنن في كتب الحديث النبوي أحاديث عن رسول الله تتحدث عن قضايا طبية جعلوها تحت عنوان: كتاب الطب.


ولابن القيم رحمه الله كلام كثير نفيس عن الطب في السنة النبوية جعله تحت عنوان: الطب النبوي، في كتابه العظيم" زاد المعاد في هدي خير العباد" حري بالقراءة والمطالعة.


فمن الأدوية المعنوية التي كان يستعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحث عليها ويقرّها: الرقية بالقرآن الكريم والأدعية، فعن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها) [7].


وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد رضي الله عنه عندما رقى بالفاتحة سيد الحي فبرئ: (وما يدريك أنها رقية؟) [8] على سبيل الإقرار.


قال ابن القيم: " ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه، وفقدت الطبيب والدواء، فكنت أتعالج بها-يعني: الفاتحة- آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليها مراراً ثم أشربه فوجدت بذلك البرءَ التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع بها غاية الانتفاع" [9].


قال تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].


وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقي بهذه الرقية: ( أذهب الباس ربَّ الناس، بيدك الشفاء لا كاشف له إلا أنت) [10].


ومن الأدوية التي حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحبة السوداء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام- يعني: الموت-) [11].


ومن ذلك أيضًا: العسل والحجامة، والكي-مع كراهته، من غير تحريم على الصحيح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنا أنهى أمتي عن الكي) [12].


ومن الأدوية النبوية: التمر، ومنه العجوة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تصبح كل يوم سبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر) [13].


ومن ذلك كذلك: العود الهندي والقُسط البحري، قال النبي صلى الله عليه و سلم: (عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِيِّ؛ فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ: يُسْتَعَطُ بِهِ مِنْ الْعُذْرَةِ، وَيُلَدُّ بِهِ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ) [14].[15].

وقال النبي صلى الله عليه و سلم: (إن أفضل ما تداويتم به: الحجامة والقُسط البحري) [16].


هذه بعض الأدوية النبوية، وهناك منها سواها. غير أن هناك دواءً عظيمًا يشفي من الأمراض الحسية والمعنوية: ألا وهو أداء عبادة الله تعالى، فالروح إذا صلحت أهدت إلى البدن صحة ووقاية، فالمسلم حينما يحافظ على الطهارة ومنها: الوضوء والسواك، ويحافظ على الصلاة بصفتها الصحيحة، ويكثر من صيام النافلة، ويتحلى بالعفاف، ويتمسك بالأخلاق الحميدة، ويتعامل المعاملة المشروعة في بيعه وشرائه؛ فإن هذا يورثه عافية ووقاية وعلاجًا.


أيها الأحبة الفضلاء، وأما الطب التجريبي فقد اهتم به البشر على اختلاف عصورهم وأديانهم وأوطانهم اهتمامًا كبيراً؛ وذلك لحاجتهم الضرورية إليه. وقد ظلوا في تطور مستمر حتى عصرنا وهم يكتشفون يومًا بعد يوم علاجًا جديداً، وتطويراً لعلاج قديم، وتصحيحًا لخطأ طبي سابق.


ولأجل هذا تعلموا هذا العلم، وصنعوا الأدوية، وفي عصرنا أنشأت الجامعات والكليات والمعاهد؛ لتخريج الأطباء ومساعديهم، وقامت شركات التصنيع الدوائي.


وقد كان للمسلمين دور بارز في هذا العلم؛ فما زالت الدراسات الطبية الحديثة تعتمد على ما خلفه الأطباء المسلمون السالفون من نظريات وأدوية وآلات طبية. ولكن الحقيقة تقول: إن مقود هذا العلم بيد غير المسلمين إلى اليوم في جميع المجالات الطبية.


أيها الإخوة الكرام، ما مضى حديث يسير عن الطب، وأما رَبُّ هذا الفن فهو الطبيب، ذلك الرجل العظيم الذي علّمه الله تعالى هذا العلم الشريف؛ ليحفظ به أجسادنا، ويخفف به من آلامنا.


والذي يهمنا من هذا هو الحديث عن أخينا الطبيب المسلم الذي ينبغي له أن يستشعر عِظم منّة الله تعالى عليه بهذا العلم الذي يقدم به مصلحة عظيمة لإخوانه المسلمين، فكم يفرج الله به من كربة، ويسكن به من ألم، ويطفئ به من وجع، حتى يعيد بفضل الله إلى الجسم نشاطه؛ ليعبد الله تعالى، ويقوم بمصالح دنياه.


فعلى الطبيب: أن يشكر الله على هذه النعمة وينوي بها التقرب إليه، ويحتسب عمله الطبي عبادة من العبادات. وعليه أن يكون أمينًا في عمله، فلا يغش مرضاه، أمينًا على أسرارهم الجسدية فلا يفشيها، وأن يكون حسن الأخلاق مع مرضاه، رفيقًا بهم، صابراً عليهم، ناصحاً أمينًا لهم.

 

وأن يكون: متقنًا لعمله وتخصصه حتى لا يخطئ في وصف حالة المريض، وفي نعت الدواء له. وأن يبقى على اطلاع مستمر على الأبحاث الطبية المستجدة، والأدوية الحديثة، فيكثر من القراءة والبحث في مجال تخصصه؛ لأن الطب في تطور دائم. وعليه كذلك: أن لا يقحم نفسه فيما لا يعرف؛ فليس كل طبيب يداوي كل مرض، بل عليه أن يبقى في تخصصه وما يحسنه فيه، ولا يتجاوز ذلك إلى تخصص غيره.


والطبيب المسلم يعتقد أن الشافي هو الله تعالى وحده، وليس الشفاء بيده هو، وهذا يورثه الاستعانة بالله دائمًا؛ طلبًا للتوفيق، ويجعله كذلك متواضعًا غير متكبر على الناس بمهنته.


ومن الأمور المهمة التي ينبغي أن تتوفر في الطبيب المسلم: أن يكون عنده فقه شرعي في مجاله الطبي؛ حتى يعلم الحلال من الحرام في عمله، ومن ذلك: أن تكون عنده معرفة شرعية بأحكام الطهارة والصلاة والصيام والموت، والنظر والجنايات والجراح، وغير ذلك.


وهذا الفقه الشرعي لا يدرس في الكليات الطبية، وللأسف، مع أن بعضه قد يكون من الواجب على الطبيب المسلم معرفته؛ فلذلك عليه أن يحصل هذه المعرفة الشرعية بالدراسة أو القراءة أو البحث والسؤال لأهل العلم.


أيها الأفاضل، إن الطبيب المسلم يمارس عمله الطبي تحت مظلة الإسلام التي يتلقى فيها تعاليمه النيّرة فيعمل المباح، ويترك المحظور. فالطبيب المسلم لا يعالج مرضاه بما حرم الله تعالى عليهم، ولا يقوم بعمل طبي محرم ولا يعين عليه؛ مثل قتل الرحمة، والإجهاض المحرم، والجراحات التجميلية غير المشروعة، وغير ذلك.


والطبيب المسلم لا يتخذ من مهنته عملاً تجاريًا يبتز به أموال المرضى من غير حق؛ كأن يتفق مع شركة طبية أو صيدلية على تصريف دواء معين من غير حاجة ذلك المريض لذلك الدواء في مرضه، أو يقرر للمريض إجراء عملية جراحية، وكان يمكن علاجه بغير العملية التي تطلب منه المال الكثير.


والطبيب المسلم شاهدُ عدل وصدق، فلا يزور التقارير الطبية، ولا يصف الحالة المَرضية على خلاف ما هي عليه.

والطبيب المسلم عفيف شريف، بعيد عن الحرام مع الجنس الآخر؛ فلا يعالج في مشفاه النساءَ مع وجود طبيبات لعلاج ذلك المرض، إلا في حال انعدامهن، أو في حال الضرورة التي تستدعي تدخله الطبي، وهو في علاجه للنساء في تلك الحالات يراقب الله تعالى فلا يخلو بالمريضة إلا ومعه غيره، ولا يطلب منها كشف مكان من جسدها زائدٍ عن موضع العلاج، ولا ينظر من المريضة إلا إلى ما يستدعي النظر الطبي إليه.


والخطاب كما هو للطبيب المسلم هو للطبيبة المسلمة كذلك، كما أن عليها أن تحافظ على عفافها وحجابها وحشمتها، وأن تبعد عن نفسها كل ريبة.

فهذه بعض الآداب والوصايا التي تحتاجها -أخي المسلم- إذا كنت ممن يعمل في المجال الطبي.

فبهذه الآداب الإسلامية والأخلاقية والمهنية تربح الدين والدنيا في مهنتك الطبية.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أيها المسلمون، إن الطب لما كان ذا أهمية عظيمة في الحياة الإنسانية، وصار أكثره وأحسنه بأيدي غير المسلمين؛ كان على المسلمين الاهتمام الكبير بهذا العلم، وإيلاؤه عناية عظيمة؛ حفاظًا على أجساد المسلمين، وتحرراً من أيدي غيرهم.


فمن وسائل الاهتمام: إنشاء الجامعات الطبية الراقية في جميع التخصصات، وتطويرها وتزويدها بالأجهزة الحديثة المواكبة للتطور الطبي الحديث.


ومن وسائل الاهتمام: جلب الطلاب النابغين إلى هذه الجامعات، وتأمين حياتهم الدراسية والمعيشية؛ لكي يفرغوا تفكيرهم ووقتهم وجهدهم لدراستهم؛ كي يبدعوا في تخصصاتهم.


وهذا سيحفظ عقول الطلاب من الانسلاخ الفكري الذي يعود به بعض الطلاب والطالبات الدارسين في بعض بلاد الكفر.

ومن الوسائل كذلك: اختيار الأطباء الأكاديمين الأكفَاء الذين يقومون بتدريس أولئك الطلاب المختارين.


ومن الوسائل أيضًا: بناء المستشفيات والمختبرات الطبية العملاقة المزودة بالأجهزة الحديثة، والأطباء والفنيين المبدعين في تخصصاتهم؛ حتى يكتفي المسلمون بذلك؛ لكي لا يضطروا إلى السفر إلى بلاد الكافرين.


ومن وسائل الاهتمام: الاعتناء بالحياة المعيشية الكريمة للأطباء المسلمين التي تؤمّن لهم حياة مستقرة تجعلهم يتقنون عملهم الطبي، ويزدادون معرفة في تخصصاتهم، ويؤثرون البقاء في بلاد المسلمين.


لأن توفير الحياة الكريمة للطبيب المسلم: يحرسه من الإغراءات الغربية التي تعرض على الأطباء المتميزين؛ لكي يغادروا من البلدان الإسلامية إلى الغرب مقابل الحياة المعيشية الرغدة المغرية، وكم قد هاجر من أطباء المسلمين إلى هناك وصار لبعضهم شهرة طبية عالمية.


أخيراً: على وزارة الصحة في بلاد المسلمين أن تراقب بعناية فائقة صادقة، وتتابع متابعة تامة متواصلة المشافي والعيادات والمختبرات والصيدليات والشركات الطبية؛ حرصًا على سلامة المسلمين.


فهناك ناس متطببون يعبثون بأجسام الناس، ولدى بعضهم شهادات مزورة، وهناك أخطاء طبية فادحة أودت بحياة بعض الناس أو أسلمتها إلى الإعاقة.


ولذلك كانت في الشريعة الإسلامية وكذا في القوانين الطبية ضمانات جنائية، ومساءلة قضائية في حال حصول الأخطاء الطبية التي جاءت بسبب الجهل الطبي أو الإهمال الدوائي.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن)[17].

هذا وصلوا وسلموا على النبي المختار...



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في: 2 /11 /1437هـ، 5 /8 /2016م.

[2] تفسير البغوي (3/ 225).

[3] رواه مسلم.

[4] رواه أحمد والترمذي وأبو داود، وهو صحيح.

[5] نيل الأوطار (9/ 79).

[6] الأحكام الشرعية والطبية للمتوفى في الفقه الإسلامي (ص: 84).

[7] متفق عليه.

[8] متفق عليه.

[9] زاد المعاد (4/ 162).

[10] رواه مسلم.

[11] متفق عليه.

[12] رواه البخاري.

[13] متفق عليه.

[14] متفق عليه.

[15] العذرة: وجع في الحلق يهيج من الدم، وقيل: قرحة تخرج بين الأنف والحلق، ولعله ما يسمى الآن بالتهاب اللوزات. يلد: من اللدود وهو ما يصب في أحد جانبي الفم من الدواء. ذات الجنب: هو ورم الغشاء المستبطن للأضلاع " من تعليق: د. مصطفى ديب البغا على صحيح البخاري (5/ 2155). ويستعط: من السعوط وهو صب الدواء في الأنف، حاشية السندي على ابن ماجه (6/ 410).

[16] متفق عليه.

[17] رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو حسن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الطب والعلوم
  • النظام بين الطب والإسلام
  • مقتطفات صحية نافعة من كتاب ( تسهيل المنافع في الطب والحكمة) (1)
  • الأطباء العرب القدماء

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة مقتدى الشروح في الطب (شرح الموجز في علم الطب لعلي بن أبي الحزم)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • إنجازات المسلمين في مجال الطب ( في طب العيون )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الطب الإسلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إنجازات المسلمين في مجال الطب ( الابتكارات )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • طموحي أن أكون طبيبة(استشارة - الاستشارات)
  • عدالة الشريعة وحزمها في باب الأخطاء الطبية والتعويض عنها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطب والصيدلة في عصر الحضارة الإسلامية(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • خواطر وتأملات في الطب النبوي: المفهوم الشامل والهدي المتكامل(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • الطب في صدر الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحيرة في اختيار التخصص الجامعي(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب