• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال (خطبة)

ياسر عبدالله محمد الحوري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/7/2016 ميلادي - 15/10/1437 هجري

الزيارات: 43941

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وإن كان مكرهم لِتزولَ منه الجبال


الحمد لله معزِّ من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره وعصاه، مجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وهادي من توجه إليه واستهداه ومحقق رجاء من صدقه في معاملته ورجاه.. من أقبل إليه صادقاً تلقاه ومن ترك لأجله أعطاه فوق ما يتمناه ومن توكل عليه كفاه.. فسبحانه من إله تفرد بكماله وبقاه.. أحمده سبحانه حمدا يملأن أرضه وسماه.. من اعتمد على الناس.. مل.. ومن اعتمد على ماله... قل.. ومن اعتمد على علمه.. ضل.. ومن اعتمد على سلطانه.. زل.. ومن اعتمد على عقله اختل.. ومن اعتمد على الله فلا مل ولا زل ولا قل ولا ضل ولا اختل...

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معبود بحق سواه وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله الذي اصطفاه واجتباه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن نصره وآواه واقتفى أثره واتبع هداه وسلم تسليماً كثيرا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر :18].

 

أما بعد.. معاشر المسلمين..

فإن أعداء الله يجتهدون في ضر المسلمين بكل ما يستطيعون، ولا يستطيعون في الغالب إيصال الضرر للمسلمين إلا بالمكر كما مكر أسلافهم برسل الله.

 

أيها الأحبة في الله، إن أعداء الله يمكرون مكرًا عظيمًا لا يمكن أن نتخيله ولا ندركه منه إلا القليل، قال الله تعالى في وصف مكر أعداء الدين لأهل الإسلام، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ [إبراهيم: 46].

أي: مكرًا عظيمًا تزلزل منه الجبال وتزول من أماكنها، لكن الله جل وعلا لهم بالمرصاد، وهو جلّ وعلا من ورائهم محيط.

 

فإن المؤمن يشهد دائماً في الأحداث التي تقع في الحياة، وفيما يجري من صراع على وجهِ الأرض بين الحق والباطل، يشهد دائماً أثر قدرة الله وتدبيره لهذا الكون، وأن الأمور ليست من هاهنا من الأرض، وإنما تُدارُ بقدرة قادرٍ من السماء، وأن الأزمات والأحداث يبتلي الله بها عباده؛ فيستخرج بها عبادتهم، ويُمحِّصَ بها إيمانهم.

ولذا قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن.

 

فإذا رأيت من يمكر بالإسلام أو بالمسلمين أو بك في خاصة نفسك فتذكر هذه الآية ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر: 43]، فإنها لم تُنزل لتتلى فقط ؛ بل نزلت تحذيرا لأهل المكر السيء وبردا وسلاما على كل من يُمكر به بسوء وهو بريء من السوء، قال محمد بن كعب القرظي‏:‏ ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به، من مكر، أو بغي، أو نكث، وتصديقها في كتاب اللّه تعالى‏:‏ ﴿ ‏‏وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ ﴾‏ [فاطر:43]،‏ ﴿ ‏إنما بغيكم على أنفسكم‏ْ‏ ﴾ [يونس:23]، ﴿ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ [الفتح:10] ] " مختصر ابن كثير.

 

المكر ينقلب على صاحبه

وقص علينا القرآن صورة من مكر ثمود بنبيهم صالح، قال تعالى: ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [النمل:50- 51]، قيل في تفسيرها: وهم لا يشعرون بالملائكة الذين أنزل الله على صالح ليحفظوه من قومه حين دخلوا عليه ليقتلوه، فرموا كل رجل منهم بحجر حتى قتلوهم جميعاً وسلم صالح من مكرهم،.. وقيل: "إنهم مكروا بأن أظهروا سفراً، وخرجوا فاستتروا في غار ليعودوا في الليل فيقتلوه، فألقى الله صخرة على باب الغار حتى سده،، وكان هذا مكر الله بهم".

 

وقد مكر المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَو يَقْتُلُوكَ أَو يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال:30].

 

لقد أنجى الله نبيه صلى الله عليه وسلم، وخرج سالماً من بين ظهرانيهم مهاجراً إلى المدينة، وقتل صناديدهم يوم بدر، كأبي جهل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة... وأدخل الله عليهم الإسلام يوم فتح مكة، ومات صلى الله عليه وسلم يوم مات وقد نصره الله عليهم وأمكنه منهم، ورفع الله له ذكره وأعلى له أثره.

 

وكذلك مكر المنافقون به، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُو يَبُورُ ﴾ [فاطر:10]، لقد كان مآل مكرهم الفساد والبطلان، وظهر زيفهم لأولى البصائر والنهى، فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه، وما أسر أحد سريرة إلا كساه الله تعالى رداءها، إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشر.

 

ومكر يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم ومحاولتهم قتله، وتآمرهم مع المشركين عليه كثير معلوم، فكان أن قتل بعضهم وأجلى آخرين، وظهر أمره صلى الله عليه وسلم، وقرب قيام الساعة يستنطق الحجر والشجر لأمته، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود، ويفتح الله لهذه الأمة بيت المقدس.

 

أيها المؤمنون:

احذروا المكر ولا تنبهروا بأهله، فعن قيس بن سعد بن عبادة- رضى الله عنهما قال: لولا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المكر والخديعة في النار" لكنت من أمكر الناس ". (صححه الألباني).

 

في قصص الغابرين عبرة وانظروا في قصص البغاة قديماً وحديثاً ستجدون تطابقاً بين صفحات الكون المنظور والكتاب المسطور:

فهذا فرعون بغى في الأرض بغير الحق وأدعى الربوبية والألوهية، وقال: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴾ [الزخرف: 51]، وحاول اللحاق بنبي الله موسى ومن آمن معه من بنى إسرائيل، وأتبعهم بجنوده بغياً وعدواً، فأطبق عليه البحر وأجراه سبحانه من فوق رأسه جزاءً وفاقاً، ورآه المصريون جثة منتنة بعد أن كانوا يعبدونه من دون الله: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾ [يونس:92].

 

وكذلك حكى القرآن قصة بغي قارون، قال تعالى: ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ ﴾ [ القصص: 76]، وكان من جملة ما نصحه به الناصحون، أن قالوا له: ﴿ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص:77]، فلم يرفع قارون بذلك رأساً، فأهلكه سبحانه، وانتقل إليه غير مأسوف عليه: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ ﴾ [القصص:81].

 

أحبتي في الله:

إن بغي الأمم الهالكة على الأنبياء والمرسلين فيه عظة وعبرة لأولي الألباب، وقد أخذهم سبحانه وتعالى أخذ عزيز مقتدر، وسارت الأيام والليالي بقوم نوح وعاد وثمود وبقرون بين ذلك كثير، فأسلمتهم إلى ربهم وقدمت بهم على أعمالهم، فهذا فرعون! كم كاد لبني إسرائيل لمّا آمنوا به! ومن جملتهم ذلك الرجل الذي عرف بـ"مؤمن آل فرعون" الذي قصّ الله خبره في سورة غافر! تأمل قوله تعالى: ﴿ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ * يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 45، 46] فنجى الله المؤمن، وأما فرعون وجنوده فهم الآن، بل منذ ماتوا وهم يعذبون وإلى يوم القيامة.

 

فالبغاة الطغاة الذين اعتزوا بقوتهم واغتروا بما لديهم من كثرة عدد وعدة ووسائل أعلنوا غطرستهم، وأظهروا هيمنتهم على المسلمين، ولهم مكر خفي وكيد عالمي، يمكرون به ويكيدون للإسلام وأهله، وكثيرًا ما يروج هذا الكيد، ويمر هذا المكر بغفلة وسذاجة من كثير من أهل الإسلام، بل ربما تروج الحيل حتى يتبناها من بني جلدتنا والناطقين بألسنتنا من يروجون لها، ومن يرون فيها حقًا وصوابًا، بل من يندفعون إليها متحمسين غير مدركين لتلك الألاعيب والحيل التي تسيّرها وتروّجها آلة إعلامية ضخمة، تغير الحقائق، وتجعل البريء الذي ليس متهمًا مدانا مجرمًا، وتجعل الباطل وتصوره على أنه هو الحق الناصع، والعدل التام!

 

وهذا المكر والكيد يحيط بنا من سائر الجوانب، وفي كل مجتمعات المسلمين، وفي سائر ديارهم، وفي جميع مجالات حياتهم، إنه مكر عظيم كبير، إنه كيد خطير، فهل يرعبنا ذلك معاشر المؤمنين؟ وهل يفتّ في عضدنا معاشر المسلمين؟

 

وهل يجعلنا في حيرة من أمرنا وفي شك من ديننا؟ وهل يدفعنا إلى أن نلتمس الخلاص منه في شرق أو غرب أو استعانة بهذا أو ذاك، أو لين وذلّ لا يتفق مع الإسلام لأجل مداراة أو مداهنة؟

 

منذ فجر التاريخ الإسلامي والأعداء لا يكلُّون ولا يملون من التخطيط لقمع هذا الدين والصد عن سبيله وفتنة معتنقيه، وفي سبيل ذلك يجمعون أموالهم ويبذلونها بطريقة هستيرية لمحاربته والكيد لأهله واجتثاثهم من بلدانهم وقتلهم وسجنهم، ورغم ذلك لم يُكلَّل سعيهم بالنجاح إلا بشكل نسبي، فكلما سددوا ضرباتهم إلى الصدر الإسلامي ازداد قوة وانتشارًا بين ربوع العالم، ورغم أنه قد تمر بالإسلام فترات يعاني فيها من حالات ضعف أو انزواء، إلا أنه يعاود الخروج للعالم بقوة، ينشر تعاليمه ويفرض احترامه حتى على غير المؤمنين به.

 

إن المنهج الإسلامي يستمد قوته من الله تعالى رب هذا الكون وخالقه، نعم قد تكون العصابة المؤمنة قليلة العدد والعدة والعتاد، ضعيفة التجهيزات العسكرية، محدودة الإمكانات الحربية، ولكنها تأوي إلى ركن شديد، تحتمي به، وتلقي عليه حمولها، ترتبط به ارتباطًا وثيقًا ليحقق لها النصرة والمنعة، تضع بين يديه أرواحها رخيصة فيحفظها ويعينها ويسدد خطاها، يدبر الله تعالى لها، ويمكر بأعدائها، ويفتك بمناوئيها، وينتقم منهم شر انتقام؛ ذلك أنهم عادوا أولياء الله الذين تكفل بحفظهم ونصرتهم.

قلت ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي كتب العزة لأوليائه المؤمنين وأيد بالحق أصفياءه المتقين وأشهد أن لا إله إلا الله ناصرُ الموحدين ومذلُّ الطغاة والمتجبرين وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خاتم النبيين وإمامُ المرسلين صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: عباد الله:

لما كانت خديجة رضي الله عنها تَعْلَمُ من النبي أنَّهُ الصادِق البار، قال لها لما جاءه الوَحْي: إنَّي قد خشيت على نفْسي، فقالتْ: كلاَّ، فهل نزل القرآن حينما طَمْأنَتْ هذه السيِّدة الجليلة النبي عليه الصلاة والسلام؟ فمِن أيِّ شيءٍ انْطَلَقَتْ؟ مِنْ عِلْمٍ تعلَّمَتْهُ؟‍! لا، مِن وَحْيٍ قرأتْهُ؟ لا، قالتْ: كلاَّ، والله لا يخزيك الله أبَداً، إنَّك تصل الرَّحِم، وتصْدُق الحديث، وتحْمل الكلّ، وتَقْري الضَّيْف، وتكسب المعدوم، وتُعينُ على نوائب الحق، ما معنى هذا الرَّبْط؟ لم يأتِ الوَحْيُ بعْدُ، ولم تأتِ السنَّة بعْدُ، ولم تأتِ التَّفْصيلات بَعْدُ؛ قالتْ: كلاَّ، والله لا يخزيك الله أبَداً.

 

معاشر المسلمين:

للكَوْن إلهٌ عظيم، فالعَبْدُ الذي يُحْسِن لا يُخْزيه الله أبَداً؛ هذه هي الفطْرة، فأنا أقول لكم يا أيها المسلمون: إذا كان الواحد منكم مستقيماً ووقَّافًا عند حُدود الله، ويعرف الحلال والحرام، ولا يَعْصي الله أبَداً؛ وهذا وَعْدُ الله عز وجل فلن يخزيه الله أبداً، لفتَ نظري هذه الكلمة؛ فَهِيَ رضي الله عنها لم تتلقَّ العِلْم بعْدُ، ولم تستمِع إلى أيَّةِ آيَةٍ من كتاب الله، ولا من سنَّة رسول الله، إلا أنّ فِطْرَتَها ألْقَت في رُوعِها أنّ هذا الإنسان الذي يَصِل الرَّحِم، ويصْدُق الحديث، ويحْمل الكلّ، ويَقْري الضَّيْف، ويكسب المعدوم، ويُعينُ على نوائب الحق؛ لا يُخْزيهِ الإله الذي في السماء أبَداً، وهذا الكلام سارٍ مفعولُه إلى الأبَد، وفي كُلِّ عصْر، وفي كلّ زمان، وإقليم، وفي كل قرية، ومدينة، وحيٍّ، وفي أيّ مجتمع، ومن الشمال إلى الجنوب، ومن عهْد آدم إلى يوم القيامة إذا كنتَ مُحْسِنًا ومُتواضِعاً فلا يُخْزيك الله أبَداً، وانْظُر إلى التاريخ فقد بيَّن ما فعَلَ الله بالأنبياء والمؤمنين، وبيَّن ما فعَلَ بأعدائه المُلْحِدين، ألمْ يُخْزِهِم الله عز وجل؟ ويجعلهم في الحَضيض؟ ما وَضْعُ البِلاد التي رفَعَت شِعار: لا إله !! هي في الوَحْل؛ الجريمة والقَتْل والمافْيا والمُخَدِّرات التي انتشرت وتفشَّتْ في الشَّعْب الذي أنْكر الله عز وجل.

 

أيها المؤمنون:

من كان مع الله كان بعين الله التي ترعاه، ومن وجد الله ماذا فقد، ومن فقد الله ماذا وجد.

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه...

اللهم يا من خضعت الرقاب لسطوته، وصعقت الملائكة من مخافته، ورعدت السماء لكلمته، يا مالك الملك والملكوت.. يا ذا العزة والجبروت، يا من لا يحُولُ ولا يزول ولا يفُوت، نسألك أن تنتقم من كل سفاك وسفاح، ومن كل من اعتدى على شعبه ظلماً وعدواناً. اللهم ومن دبر لعبادك المكائد وللمستضعفين الشدائد، اللهم فأبطل بأسه، ونكِّس رأسه، وشرِّد بالخوف نعاسه، واحبُك سلاسله، وانسف معاقله، وقطع اللهم مفاصلَه، وصلب أنامله، وسلِّط عليه الأمراض والأسقام، وألبسه لباس الذل والخوف، وأضعف قوته، واقهر عُتُوَّه، وأسقط عُلُوَّه، واهزم جندَه، وقلِّل رِفدَه، واخذله يوم يتمنى الناصر، واخزِه إنك أنت القوي القاهر، اللهم اقمع نزوته، واردع نشوته، اللهم خيِّب رجاءه، وأكثر عناءه، واكتب فناءَه، واجعله يتمنى الموت فلا يجده. اللهم أرنا في الطُغاة عجائب قدرتك، وسرعة انتقامك، وشدة بأسك، وعظيمَ أخذك؛ إنّ أخذك أليم شديد.

اللهم طال ليل الظالمين، واشتد عداءُ المجرمين، وأينعت رؤوس الباغين، فسلِّط اللهم عليهم يداً من الحق حاصدة، ترفع بها ذلنا، وتعيد بها عزنا.

اللهم عليك بمعاقل الظلم والطغيان، وحصون القهر والاستبداد.

اللهم وارحم عبادك المستضعفين، يا رب بقدرتك اشفِ صدور قومٍ مؤمنين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موت الإلحاد
  • دوائر الإلحاد
  • من هنا يبدأ الإلحاد
  • الإلحاد في العالم العربي
  • فتنة العصر: الإلحاد الحديث
  • كيد الأعداء ومكرهم (1) تاريخ المكر والكيد

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وعند الله مكرهم(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيد الأعداء ومكرهم (2) إحاطة الله تعالى بكيدهم ومكرهم(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • سلسلة المكر في القرآن (6) المكر إفساد في الأرض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة المكر في القرآن (5) المكر بآيات الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة المكر في القرآن (3) المكر صفة للمجرمين(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب