• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الدور الاجتماعي للفتوى الشرعية من خلال علاقتها بالمجتمع في ضوء نصوص القرآن الكريم

د. عبدالمنعم نعيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/7/2016 ميلادي - 29/9/1437 هجري

الزيارات: 11874

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدور الاجتماعي للفتوى الشرعية من خلال علاقتها بالمجتمع

في ضوء نصوص القرآن الكريم


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعه، أما بعد:

فإن للفتوى الشرعية في الإسلام دورًا اجتماعيًّا غاية في الأهمية؛ إذْ ترسم لأفراد وجماعات المجتمع المسلم القواعد الصحيحة لسلوكياتهم وتصرفاتهم القولية والفعلية، وفق مُقتضيات الشريعة الإسلامية التي ارتضاها الله عز وجل شرعةً ومنهاجًا للعالمين، وتُعرِّفهم بحُكم الشريعة الإسلامية فيما يَعرِض لهم من قضايا ويحُلُّ بهم من نوازل.

 

يستهدف هذا المقال المقلُّ المقتضَب تسليطَ الضوء على جانب من علاقة الفتوى الشرعية بالمجتمع؛ من حيث إنها إخبار بالحكم الشرعي في مسائل تكون محل تساؤل واستفسار من المجتمع، فردًا كان أو جماعة أو هيئة رسمية، نتناول هذه العلاقة في ضوء نصوص من القرآن الكريم من جانبين:

الأول: من حيث الغاية والهدف من الفتوى الشرعية.

والثاني: من حيث مضمونها.

 

أولًا: من حيث الغاية والهدف من الفتوى الشرعية:

إن الفتوى إنما تهدف في الأساس إلى إصلاح المجتمع وإفادة أفراده وجماعاته بإجابات شافية كافية ووافية لعِيِّ تساؤلاتهم وإشكالاتهم، وغاية الفتوى من إصلاح المجتمع، وتبيين ما يُشكل عليه من أحكام نوازله - يظهر بوضوح ارتباط الفتوى بالمجتمع، وباستقراء النصوص الشرعية تتضح أصالة هذا الارتباط من وجهة نظر الشريعة الإسلامية؛ من ذلك قول الله تعالى: ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النساء: 176]، وقوله سبحانه:﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 127].

 

فهاتان الآيتان[1] فيهما نص صريح على فتوى شرعية أطلع الله تعالى عليها نبيه صلى الله عليه وسلم؛ ليُجيب بها من استفتاه وطلَب حكم الله تعالى فيما اعتراه؛ تتعلق الفتوى في الآية الأولى بمسألة الكلالة، وهي من مسائل الميراث المشهورة والمختلف فيها[2]؛ وهي ميراث من يموت وليس له ولد ولا والد، على الرأي الذي رجَّحه ابن جرير الطبري في تفسيره[3]، وهو قول أكثر العلماء (جمهور الصحابة والتابعين والأئمة قديمًا وحديثًا، والأئمة الأربعة، والفقهاء السبعة، وعلماء الأمصار قاطبة)، وقضاء أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه كما نقل ابن كثير في تفسيره[4].

 

وتتعلق الفتوى في الآية الثانية: بأمر يتامى النساء الواجب لهن وعليهن، وحقهن في النكاح والميراث، ورفع الغبن عن اليتيمة التي تكون تحت ولاية رجل يعضلها ويحبسها حتى تموت ولا يُنكحها غيره؛ مخافة أن يشركه في مالها كما كان سائدًا زمن الجاهلية، وشأن الوِلْدان المستضعفِين الذين لم يبلغوا الحُلُم بعد، والذين كانوا يُمنعون من حقهم في الميراث بدعوى أنهم لم يبلغوا.

 

والمستفتي هنا: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم بضعة من المجتمع المحمدي الإسلامي، واتصالُ الفتوى بشؤونهم وتوضيح ما أشكل عليهم - فيه دليل صريح على أن الفتوى وظيفة شرعية تتصل اتصالًا مباشرًا بشؤون أفراد المجتمع وما يحل بهم من نوازل ووقائع، والتخفيف عنهم برفع ما يعتري تصرفاتهم وشؤون حياتهم من لبس ومشكل وحرج.

 

وقول الله تعالى: ﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النساء: 176] وقوله: ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 127] فيه توضيح للغاية الشرعية المرعية من الفتويين[5]:

فأما بالنسبة إلى الفتوى في الآية الأولى، فإن الله تعالى ذكر أن الغاية من توضيح حكم الكلالة وما أعقبها من تبيين لأنصبة الورثة: ألا يضل المجتمعُ المسلم في أمر قسمة المواريث والفرائض التي فرضها الله سبحانه عليهم، والشرائع التي سنَّها لهم، ويُحصِّلوا مصالحهم وما فيها من خير وسعادة لهم، ويستحق كلٌّ منهم نصيبه بحسب قرابته من الميت، فالفتوى هنا تحجز المعنيِّين بها عن الضلال والجور في المواريث، وقد ختم الله تعالى بيان الفتوى بالنص على سَعة علمه واطلاعه؛ حتى يستحضر ويستشعر ويستديم المجتمعُ الإسلامي معيَّة الله تعالى ورقابته، ويكون ذلك له أدعى ليأمن سلوك مسالك الضلال وسبل المهاوي.

 

وأما بالنسبة إلى الفتوى في الآية الثانية، فقد بينتْ أن الله سبحانه وتعالى مُحصٍ لأفعال عباده مطَّلع عليهم، لا يعزب عنه مثقال ذرة من أحوالهم، ومن ثَمَّ فإنهم معنيون ومطالَبون بالمسارعة إلى فعل الخير؛ بالتزام تعاليمه التي فرضها عليهم، في وجوب رعاية من هم تحت وصايتهم وولايتهم من النساء والولدان واليتامى، وأن يحفظوا لهم حقهم في الميراث وغيره؛ فالفتوى إذًا - كما يذكر ابن كثير - فيها تهييج للنفوس على فعل الخيرات وامتثال الأوامر؛ تحصيلًا لرضا الله جل في علاه.

 

وفي سياق ما تقدم؛ فقد تضمن القرآن الكريم أيضًا عددًا من التساؤلات (الأسئلة) الشرعية التي تَوجَّه بها الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فأجابهم عليها صلى الله عليه وسلم بوحيٍ من ربه، وقد أحصاها القرآن الكريم في خمسة عشر[6] موضعًا منه، سبعة منها في سورة البقرة[7]، كلها تبتدئ بتساؤل: ﴿ يَسْأَلُونَكَ ﴾.


وباستقراء هذه التساؤلات، نجد أنها في مجملها تتضمن إجابات عن أسئلة فقهية تتعلق بأحكام كلٍّ من الأهِلَّة ومواقيت عبادات الناس، النفقة (الإنفاق)، الشهر الحرام، اعتزال النساء الحُيَّض ومنع إتيانهن زمن الحيض، الخمر والميسر، الأنفال، هذا كله إضافة إلى الأسئلة الغيبية المتعلقة بخبر سر الروح، ونبأ الساعة وما يقع فيها، وخبر ذي القرنين.

 

والغاية المرجوة من طرح هذه الأسئلة: تعريف المجتمع الإسلامي بجوانب من أحكام الشرع الإسلامي الذي يدينون به، ولا غنى لهم عنه في تهذيب حياتهم الشخصية الذاتية وحياتهم الاجتماعية المجتمعية؛ فبه تنتظم معايشهم، وتستقيم مصالحهم، وتنصلح أحوالهم في الدنيا والآخرة.

 

فمثلًا: ما يتعلق بفتوى النفقة أو الإنفاق[8] قال الله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 215]؛ فغايته تعزيز أواصر الصلة بين الأرحام وذوي القربى، وبث الود بين أفراد المجتمع المسلم، وتعزيز مظاهر التراحم والتواصل والتحابب بينهم، وتوثيق عُرى تماسكه وتلاحمه بمن فيهم الأقليات من غير المسلمين، هذا كله بصرف النظر عن القول بنسخ الآية المذكورة من عدمه.

 

وبالنسبة لفتوى حكم الخمر والميسر والنفقة[9]، قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 219]؛ فيه دعوة للفِطَر النقية والعقول السليمة لتهذيب النفوس الكريمة، وإرشادها إلى ما يحفظها ويُهذبها، دون التلبُّس بما يؤثر في نقاوتها وسلامتها وصحتها بشرب المُسْكِر والتلهِّي بالمَيسِر، وكذا فيها إرشاد إلى النفقة مما تيسَّر وفَضَلَ على نفقة الأهل حتى لا يتركهم هملًا لا مال لهم يعولهم ويُقيم معيشتهم؛ ولهذا دعانا الله تعالى بعد ذلك للتفكُّر في حجم الضرر والإثم المترتب عن وَدْعِ هذه التوجيهات والإرشادات؛ فقال في ختام الآية: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 219]؛ أي: إن الله تعالى يمتن على عباده أن أوضح لهم هذه الأحكام؛ حتى ينظروا فيما يحقق لهم الخير، ولخير الآخرة آكدُ وأولى.

 

وأما يتعلق بالغاية من الفتوى الخاصة بتحريم إتيان الحائض في مدةحيضتها[10]: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222]؛ ففيها توجيه لأفراد المجتمع الإسلامي إلى ترك النجاسة، وما يجلب لهم الضرر، ويُذهب عنهم العافية والصحة.

 

ولعلي أكتفي في الأخير بالفتاوى الخاصة بالتساؤل عن الساعة؛ فمنها قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ... ﴾ الآية [الأعراف: 187]، وقوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا ﴾ [النازعات: 42 - 44]، وقوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 187]، وقوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴾ الآية [طه: 105]، والتساؤل عن سر الروح: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ الآية [الإسراء: 85]، والتساؤل عن خبر ذي القرنين: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ﴾ الآية [الكهف: 83].

 

فإن الإخبار عن الساعة وعن بعض مشاهدها الـمُروِّعة وأهاويلها الـمُفزعة - له وقع على النفوس والقلوب؛ من حيث تهذيبها وتليينها وإذهاب قسوتها، فيكون أدعى للانتفاض نحو التغيير، ونحو الأحسن والأكمل بما يُرضي الله عز وجل، كذا بالنسبة للإخبار عن عجيب سير الأولين كذي القرنين، ممن تركوا آثارًا أو مآثر، أو حتى بالنسبة لمن تركوا مساوئ؛ فإن الإفتاء به وتبيينه وكشفه لا يخلُو من فائدة؛ من حيث إن فيه عبرًا ودروسًا لغيرهم تُسهم في الإصلاح والتغيير والتخطيط والاستشراف.

 

2- من حيث مضمون الفتوى الشرعية:

بالنظر إلى مضمون الفتوى - وهو: تبيين الحكم الشرعي للنوازل والـمُشكلات التي تحُلُّ بأفراد المجتمع وجماعاته - نجد أنها وثيقة الصلة بالمجتمع المسلم؛ بل إنما شُرعت لصلاحه في الدنيا وفلاحه في الآخرة، وقد اتضح مما تقدم أن الاستفتاءات التي ألقاها على النبي صلى الله عليه وسلم صحابتُه رضي الله عنهم؛ إنما تتضمن توضيحًا كافيًا، وتبيينًا وافيًا، وجوابًا شافيًا لتساؤلاتهم وانشغالاتهم الشخصية والاجتماعية.

 

كذلك بالنسبة إلى الأسئلة التي جاء التصريح بها في عديد من المواضع من القرآن الكريم - وقد تقدَّم ذكر طرف منها - فإنها أسئلة فقهية صِرْفة، فيها استفتاء وجَّهَه - في الغالب الأعمِّ - الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم عن بعض ما عرَض لهم من استفسارات وإشكالات ذات صلة بشؤونهم الاجتماعية والخاصة، فأجاب عنها النبي صلى الله عليه وسلم الفقيهُ العالم المفتي بوحيٍ وإطْلاعٍ من ربه عز وجل.

 

إن المفتي إنما يُخبر بحكم شريعة الإسلام فيما يُستفتَى بشأنه من مسائل ونوازل من المجتمع أفرادًا وجماعاتٍ، ومن ثَمَّ فإن الفتوى الشرعية تتضمن حلولًا لمشكلات المجتمع وجوابًا لانشغالاته، وقد رأينا أن أسئلة واستفسارات القرآن الكريم التي جاء ذكر طرف منها آنفًا - تُجيب عن مشكلات اجتماعية شخصية لا يخفى ضررها الاجتماعي على المجتمع ككل؛ كما هو الحال مثلًا بالنسبة إلى تحريم الخمر، وهي أم الخبائث، ورأسُ كثيرٍ من الجرائم التي ترتكب بسببها؛ كالقتل والجرح والضرب والاغتصاب...

 

اليوم، ومع وجود الفتوى الجماعية عن طريق المجامع الفقهية والهيئات الإفتائية، تتضح العلاقة الوثيقة بين الفتوى الشرعية والمجتمع من حيث مضمونها القيمي الاجتماعي؛ إذْ تُعين المجتمع على نطاق واسع على معرفة القيم التربوية والأخلاقية والإيمانية والعبادية والمعاملاتية التي جاء بها دين الإسلام ودعا إليها، وتعينه أيضًا على الاستمساك بعروته الوثقى كما أمر ونهى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

عندما نرى جريرة ما فعلت الفتاوى الشاذة والمضطربة من قلاقل وفتن في بعض البلاد الإسلامية، التي وقفت مع الظلم وسايرت أهله، على شاكلة الفتاوى التي تستند إليها بعض الفرق الإسلامية الضالة في إجازة الخروج على الحكام من غير ضوابط الشرع التي تُجيز ذلك في حالاتٍ وتمنعه في أخرى، وأيضًا الفتاوى المرتبطة بما عُرِفَ سياسيًّا وأمنيًّا واستخباراتيًّا واجتماعيًّا بالثورات العربية أو حراك الشعوب العربية أو الربيع العربي، والحالُ في مثل هذه الثورات أن لكل منها خصوصية، قد تُسوغها أسبابٌ دون أخرى.

 

في سياق متصل، قسْ على ذلك نوازل الأمة الجسيمة التي تحل في الأمة، ويحتاج الإفتاء فيها إلى الاجتهاد الجماعي، فإن مضامينها مُوجَّهة أيضًا لخدمة المجتمع المسلم، وتحقيق أحكام ومقاصد الشريعة الإسلامية، على غرار الأزمات الاقتصادية التي تذهب باستقرار أوضاع الدول وانتظام معايش الأمم.



[1] حول تفسير هذه الآيات انظر: ابن جرير الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 7/ 530-544، 713-726، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، 4/ 296-298، 393-402.

[2] حول هذا الاختلاف انظر: ابن جرير الطبري: المصدر السابق، 6/ 475-482.

[3] انظر: ابن جرير الطبري: المصدر نفسه، 6/ 481-482، 7/ 713.

[4] انظر: ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، 4/ 402، 396، 394.

[5] حول تفسير الآيتين اللتين ورد فيها ذكر الفتويين انظر: ابن جرير الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 7/ 547-548، 725-726، ابن كثير: المصدر السابق، 4/ 298، 399.

[6] انظر: محمد صدقي العطار: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم؛ ص 673.

[7] الآيات من سورة البقرة، 189، 215، 217، وموضعان في الآية 219، 220، 222، وأما بقية المواضع فهي: سورة المائدة الآية 4، موضعان من سورة الأعراف الآية 187، سورة الأنفال الآية 1، سورة الإسراء الآية 85، سورة الكهف الآية 83، سورة طه الآية 105، سورة النازعات الآية 42.

[8] حول تفسير هذه الآية انظر: ابن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 3/ 639-643، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، 2/ 283.

[9] حول تفسير هذه الآية انظر: ابن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 3/ 669-698، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، 2/ 291-294.

[10] حول تفسير هذه الآية انظر: ابن جرير: المصدر السابق، 3/ 720-744، ابن كثير: المصدر السابق، 2/ 300-305.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الفتوى: ضوابطها وآثارها - قضية للبحث
  • مع شعار.. تغيير الفتوى
  • الفتوى.. بين المفتي والمستفتي
  • الفتوى الفضائية
  • الفتوى تنظيم أم تعظيم؟
  • تعظيم قدر الفتوى
  • خطر الفتوى

مختارات من الشبكة

  • مؤتمر يناقش دور الهيئات الإسلامية خلال جائحة كورونا بجمهورية القرم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • نظرية السلم الاجتماعي من خلال تحكيم سعد بن معاذ في بني قريظة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • القابلة في المغرب والأندلس: الدور الطبي، القضائي والاجتماعي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • عبيدالله بن عبدالله بن عمر العدوي: حياته ودوره الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الزوايا ودورها الاجتماعي بالمغرب الأقصى في عصر بني مرين (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ندوة دولية افتراضية حول دور المؤسسات الخيرية في تعزيز السلام الاجتماعي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحصيل الأكاديمي(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في تدهور استخدام اللغة العربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دور مواقع التواصل الاجتماعي في الاحتساب: تويتر نموذجا ‫(PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • دور شبكات التواصل الاجتماعي في نشر الإسلام في أمريكا اللاتينية(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب