• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

إحياء سنة الجاهلية

إحياء سنة الجاهلية
د. طه فارس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/5/2016 ميلادي - 17/8/1437 هجري

الزيارات: 30977

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إحياء سنة الجاهلية

 

السُّنَّة في اللغة: الطريقة[1]، أما الجاهليَّة: فهي من الجَهْل، والجهل: خلافُ العلم ونقيضه، والجَهالة: فعلُ شيء بغير علمٍ، والجاهلية: هي الحال التي كان عليها العربُ قبل الإسلام؛ من الجهل بالله سبحانه ورسوله وشرائع الدين، والمفاخرة بالأنسابِ، والكبر والتجبُّر، وغير ذلك، ويقال مبالغة: الجاهليَّة الجهلاء[2].

 

وقد استُعمل لفظ الجاهلية في كتاب الله للدَّلالة على معانٍ متعددة؛ منها:

• الكفر والجحود: وذلك في قوله تعالى: ﴿ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [الفتح: 26]؛ حين صدَّ المشركون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابَه عن الوصول إلى بيت الله الحرام، وأبى أن يكتب مفاوضُهم في المعاهدة: "بسم الله الرحمن الرحيم"، كما رفض أن يكتب: "هذا ما قاضى عليه محمدٌ رسول الله"؛ إنكارًا لنبوته صلى الله عليه وسلم، وما ذلك إلا بدافع الأنفة الجاهليَّة، والإصرار على الجحود والكفر[3].

 

• ترك الاحتكام إلى شرع الله: وذلك في قوله تعالى: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50]، فهذه الآية الكريمة تتعلَّق بأمورِ الحكم والتشريع، وفيها ينكرُ اللهُ تعالى على كلِّ مَن خرج عن حكم الله المحكم المشتملِ على كلِّ خير، الناهي عن كلِّ شر، إلى ما سواه من الآراءِ والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستندٍ من شريعة الله، كما كان أهلُ الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائِهم وأهوائهم[4].

 

وقد رُوِي عن الحسن البصري قولُه: هو عامٌّ في كل من يبغي غيرَ حكم الله، والحكم حكمان: حكمٌ بعلم، فهو حكمُ الله، وحكم بجهل، فهو حكم الشيطان[5].

 

• العادات والمعاصي التي كان يفعلُها أهل الجاهليَّة: وذلك في قوله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33]، وهو أمر الله تعالى لنساء النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالقَرار في بيوتهنَّ، وعدم إكثار الخروج منها، ونهيهنَّ عن تبرُّجِ الجاهليَّة، وذلك بالمشي بين يدَيِ الرجال، مع التكسُّر والتغنُّج، وإظهار الزينة، من قلائد وقرطٍ وغيرها، ونساء الأمَّة تبعٌ لهن في ذلك[6].

 

ووصفُ الله تعالى للجاهليَّة بـ"الأولى" قيل في بيان المراد منها أقوال؛ قال الزمخشري: هو الكفرُ قبل الإسلام، وأما الجاهلية الأخرى: فهي جاهليَّة الفسوق والفجور في الإسلام، فكأن المعنى: ولا تُحدِثْنَ بالتبرج جاهليَّة في الإسلام، تتشبَّهن بها بأهل جاهليَّة الكفر[7].

 

وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن مِن أبغضِ الناس إلى الله تعالى مَن يطلب في الإسلام بقاء سُنن الجاهليَّة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((أبغضُ الناس إلى الله ثلاثة: ملحدٌ في الحرم، ومبتغٍ في الإسلام سنةَ الجاهلية، ومطَّلبُ دم امرئٍ بغير حقٍّ لِيُهَرِيقَ دمه))[8].

 

ومعنى: ((ومبتغٍ في الإسلام سنَّة الجاهلية))؛ أي: طالب في ملَّة الإسلام إحياءَ مآثر أهل زمن الفترة قبل الإسلام وإبقاءها، أو أشاعتها، أو تنفيذَها، وذلك شاملٌ لكل ما كانت عليه الجاهليَّة من الطرائق والسير؛ من أَخْذِ الجار بجاره، والحليف بحليفه، والطعن في الأنساب، والفَخْر في الأحساب، والتعايرِ، والنِّياحة، وضرب الخدودِ، وشق الجيوب، وأكل الرِّبا، ونحو ذلك، ويلتحقُ بذلك ما كانوا يعتقدونه؛ كالطِّيرة، والكهانة، والاستسقاء بالنُّجوم، وغير ذلك[9].

 

وقد أعلن النبيُّ صلى الله عليه وسلم في خطبة حجَّة الوداع إبطالَ أمور الجاهلية التي أحدَثوها مما لم يُنزِّل اللهُ به سلطانًا، فجعلها كالشيءِ الموضوعِ تحتَ الأقدام، إشارةً إلى إبطالِها، بادئًا بنفسِه صلى الله عليه وسلم وبقرابتِه[10]، فعن جابرِ بنِ عبدِاللهِ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حجة الوداع: ((إن دماءكم وأموالَكم حرامٌ عليكم كحُرمة يومِكم هذا، في شهرِكم هذا، في بلدِكم هذا، ألا كلُّ شيء من أمر الجاهليَّة تحت قدميَّ موضوعٌ، ودماء الجاهلية موضوعةٌ، وإن أوَّل دمٍ أضعُ من دمائنا دمُ ابن ربيعة بن الحارثِ، كان مسترضعًا في بني سعد فقتلَتْه هذيل، وربا الجاهليَّة موضوع، وأوَّلُ رِبًا أضع رِبانا؛ رِبا عباس بن عبدالمطلب، فإنه موضوعٌ كلُّه))[11].

 

ووصف النبي صلى الله عليه وسلم دعوى الجاهليَّة واستنجادهم بالقبائل - بالقبيحةِ المذمومة، والدنيئة المؤذيةِ، فنهى عنها وأمر بتركِها[12]، فعن جابر بنِ عبدالله رضي الله عنهما قال: كنَّا في غزاة فكَسَع[13] رجلٌ من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصارِ! وقال المهاجريُّ: يا للمهاجرين! فسمع ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما بالُ دعوى الجاهليَّة؟!))، قالوا: يا رسولَ الله، كسَع رجلٌ من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال: ((دَعُوها؛ فإنها مُنْتنةٌ))[14].

 

وأمر بشَتْم المنتسب إلى الجاهليَّة، والدَّاعي إلى إحياء سُننِها، واتِّباع سبيلها، شتمًا صريحًا لا كناية فيه؛ زجرًا له عن دعوته، وتنكيلًا به، فعن عُتيِّ بنِ ضَمْرةَ قال: رأيتُ رجلًا تعزَّى عند أُبَيٍّ بعزاءِ الجاهلية - افتخر بأبيه - فأعضَّه بأبيه ولم يُكنِّه، ثم قال لهم: أما إني قد أرى الذي في أنفسكم، إني لم أستَطِعْ إذ سمعتها ألَّا أقولَها؛ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن تعزَّى بعزاء الجاهليَّة، فأَعِضُّوه بهنِ[15] أبيه، ولا تَكْنوا))[16]، والتعزِّي: هو الانتماءُ والانتساب إلى القوم، يدعو بدعْواهم، فيقال له: عَضَّ على ذَكَرِ أبيك[17]، وفي هذه الشتيمة إشارةٌ إلى أَنْ ليس لك أصلٌ تنتمي إليه، وتهتف به إلا هذا الذي هو مخرجك، وليس لك فيه شيءٌ من النُّصرة، ولا من إجابة ندائك، إلا أن نسدَّ به فاك حتى لا تنطقَ بما يكرهه اللهُ ورسولُه، وفيه كسرُ قسورة معيَّنة، وردٌّ لجماحِ عصبيَّتِه[18].

 

وإن لم يتُبْ الداعي إلى سنن الجاهلية من دعوتِه، فإنه يكون يوم القيامة من جماعات أهلِ نار جهنم - والعياذ بالله -؛ فعن الحارث الأشعريِّ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((من ادَّعى دعوى الجاهليَّة، فهو من جُثَى جهنَّم))، قيل: يا رسولَ الله، وإن صام وصلى؟ قال: ((وإن صام وصلَّى، تداعوا بدعوى اللهِ الذي سمَّاكم بها: المؤمنين، المسلمين، عبادَ الله))[19]، قوله: ((مَن جُثَى جهنَّم)): أي: من جماعات جهنَّم، وواحدتها: جثوة، وتعني: الشيءَ المجموعَ من تراب وغيره، واستُعير للجماعة[20].

 

وقد ذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم جملةً من سنن الجاهليَّة المذمومة، أذكرُ بعض النصوص التي بيَّنتها:

فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أربعٌ في أمتي من أمرِ الجاهليَّة لا يتركونَهنَّ: الفَخْرُ في الأحساب، والطعنُ في الأنساب، والاستسقاءُ بالنجوم، والنِّياحة))[21].

 

فقوله صلى الله عليه وسلم: ((مِن أمر الجاهليَّة))؛ أي: من أفعالِ أهلِها، يفعلها بعضُ أفرادِ هذه الأمة على أنها معاصٍ يأتونها مع اعتقاد حرمتِها[22]، وعليه؛ فإن كلَّ معصية يفعلها المسلم؛ من ترك واجبٍ، أو فعل محرَّم - فهي من أخلاق الجاهليَّة، والشركُ أكبر المعاصي[23].

 

وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثٌ من عمل الجاهليَّة لا يتركُهن أهلُ الإسلام: النِّياحة، والاستسقاءُ بالأنواء، والتَّعاير))[24].

 

وقد جاء الإسلام فجعل التقوى ميزانَ التفاضل والتكريمِ؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وحرَّم ما كانت عليه الجاهلية من التفاخر والتعاظم بالآباء، فمن أصرَّ على هذه الخصلة الذميمة، عامَلَه الله بنقيضِ قصده، وكان عنده أهونَ من تلك الدُّويبةِ التي تعيش على القذارة والنَّتْنِ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن اللهَ عز وجل قد أذهب عنكم عُبِّيَّة[25] الجاهلية وفخرَها بالآباء، مؤمنٌّ تقيٌّ، وفاجر شقيٌّ، والناس بنو آدم، وآدمُ من ترابٍ، ليَنتهيَنَّ أقوامٌ فخرهم برجال، أو ليكونُنَّ أهونَ عند الله من عدتهم من الجِعْلان التي تدفع بأنفها النَّتْنَ))[26]، قوله: ((عُبِّيَّةالجاهليَّة))؛ أي: نخْوتَها وكِبْرَها وفخرَها، فالمتكبِّر ذو تكلُّف وتعبية، خلاف مَن يسترسل على سجيَّته[27]، و((الجِعْلان)): دُويبةٌ سوداء، قُوتُها الغائط، فإن شمَّت ريحًا طيِّبة ماتت، فهي هينةٌ عند الله تعالى[28].

 

فعزُّ المسلم إنما هو بانتمائه لدِينه وأمَّته، لا إلى قومه وعشيرته، وفي ذلك يقول أمير المؤمنين عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه: (إنَّا قومٌ أكرَمَنا الله بالإسلام، فمن يَلتمسِ العزَّ بغير الإسلام، يُذِلَّه الله)[29].

 

ولما عيَّر أبو ذرٍّ رضي الله عنه رجلًا بأمِّه، زجرَه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: ((يا أبا ذرٍّ، أعيَّرْتَه بأمِّه؟! إنك امرُؤٌ فيك جاهلية))[30]، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذرٍّ رضي الله عنه بأن لديه بقيَّة جاهلية - لا يُخرِجُه عن وصف الإيمان، وقد قال ابن تيميةَ معلِّقًا على هذا الحديث: "فيه: أن الرجلَ مع فضله وعلمه ودينِه، قد يكون فيه بعض هذه الخِصال المسماة بجاهليَّة، وبيهوديَّة، ونصرانية، ولا يُوجِبُ ذلك كفرَه، ولا فسقَه"[31].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اثنتان في الناس هما بهم كفرٌ: الطعنُ في النَّسب، والنِّياحة على الميِّت))[32]؛ أي: من أعمال أهل الكفر وعادتهم وأخلاق الجاهليَّة[33].

 

وقد كان من عادة النَّائحات على الميت لطمُ خدودِهنَّ، وإكمال شقِّ فتحات الثياب من جهة الرأس إلى آخره، وإطلاق ألفاظ جاهلية يَندُبْنَ بها الميت؛ كـ(واجبلاه، وواكهفاه، وواسنداه) والدعاء بالويل والثُّبور؛ تعبيرًا عن حزنِهنَّ وتسخُّطهِنَّ، وعدم الرضا بقضاء الله عليهنَّ[34]؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من ضرَب الخدودَ، وشقَّ الجيوبَ، ودعا بدعوى الجاهليَّة))[35]، وعن أبي مالكٍ الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((النِّياحة من أمر الجاهليَّة، وإن النَّائحة إذا ماتَتْ ولم تتُبْ، قطع الله لها ثيابًا من قطران، ودرعًا من لهبِ النار))[36].

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على النساء حين بايعْنَ أن لا يَنُحْنَ، فقُلْنَ: يا رسولَ الله، إن نساءً أسعَدْنَنا في الجاهليَّة؛ فنُسعِدُهنَّ في الإسلام؟ قال: ((لا إسعادَ في الإسلام، ولا شِغارَ في الإسلام، ولا عقرَ في الإسلام، ولا جلبَ، ولا جنبَ، ومن انتَهَبَ فليس منَّا))[37]، ومعنى الإسعاد: هو أن تُساعِدُ المرأة جارتَها في النِّياحة على الميِّت وتصيح معها، وأما الشِّغار: فهو صورة مرفوضة من صور النِّكاح، وهي أن يُنكِحَ رجلٌ مَوْلِيَّتَهُ لرجل بمَوْلِيَّتِه، ويجعل بضعَ كلٍّ منهما صداقًا للأخرى، وأما العقرُ: فهو نحرُ الإبل عند القبر، يزعمون أن الميت يكافأ بذلك عن عقره للأضياف في حياتِه، والجَلَبُ: هو الصِّياح على الخيل عند المسابقة، وهو منهيٌّ عنه في الإسلام، فقد كانوا عند السِّباق يصيحون على الخيل تسبق، فنهى عنه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأما الجَنَب: فهو أن يجنبَ في السباق فرسًا إلى فرسِه الذي يسابق عليه، فاذا فتَر المركوبُ تحوَّل للمجنوب، والانتهاب: هو الأخذُ من الغنيمة، أو من مال الناس بدون إذنٍ[38].

 

ومن عادات الجاهلية المنهيِّ عنها أيضًا: الدعوة في النَّسبِ، وانتساب الإنسان إلى غير أبيه وعشيرتِه، أو استلحاقُ ولدٍ من امرأة بغير عقدٍ شرعيٍّ[39]، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال: قام رجلٌ فقال: يا رسولَ الله، إن فلانًا ابني، عاهرْتُ بأمِّه في الجاهلية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا دعوةَ في الإسلام، ذهب أمرُ الجاهليَّة، الولدُ للفراش، وللعاهر الحجرُ))[40].

 

قال ابنُ عبدالبرِّ: أجمع العلماء أنه لا يُلحَقٌ بأحدٍ ولدٌ يستلحقُه إلا من نكاحٍ، أو مِلْكِ يمينٍ، فإذا كان نكاحٌ أو مِلكٌ، فالولد لاحقٌ بصاحب الفراش على كلِّ حال.

 

والفراشُ في الحرة: عقدُ النكاح عليها مع إمكان الوَطْءِ عند الأكثر[41].

 

وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس مِن رجلٍ ادَّعى لغيرِ أبيه وهو يعلمُه إلا كفَر، ومن ادَّعى قومًا ليس له فيهم نسبٌ، فليتبوَّأْ مقعدَه من النار))[42].

 

قال النووي: فيه تأويلان؛ أحدهما: أنه في حقِّ المستحلِّ، والثاني: أنه كفرُ النعمة والإحسان وحق الله تعالى وحق أبيه، وليس المرادُ الكفرَ الذي يخرجُه من ملة الإسلام[43].

 

وقال ابن الأثير: والادِّعاء إلى غير الأبِ مع العلم به حرامٌ، فمن اعتقد إباحةَ ذلك كفرَ؛ لمخالفة الإجماع، ومن لم يَعتَقِدْ إباحتَه، ففي معنى كفرِه وجهان؛ أحدهما: أنه أشبَه فعلُه فعلَ الكفار، والثاني: أنه كافرٌ نعمةَ الله والإسلام عليه[44].



[1] انظر: مختار الصحاح ص: 326، المصباح المنير 1: 292.

[2] انظر: لسان العرب 11: 129.

[3] انظر: تفسير الطبري 22: 251، وتفسير البغوي 7: 321، وتفسير ابن كثير 7: 345.

[4] انظر: تفسير ابن كثير 3: 131.

[5] انظر: الكشاف؛ للزمخشري 1: 675، وتفسير ابن كثير 3: 131.

[6] انظر: تفسير الرازي 25: 168، وتفسير ابن كثير 6: 408 - 410.

[7] انظر: تفسير الكشاف 3: 546.

[8] أخرجه البخاري في الديات برقم 6374.

[9] انظر: الكواكب الدراري؛ للكرماني 24: 14، وفتح الباري 12: 211، والتيسير؛ للمناوي 1: 31، والتنوير؛ للصنعاني 1: 249.

[10] انظر: إكمال المعلم 4: 276، وشرح مسلم؛ للنووي 8: 182، وشرح المشكاة؛ للطيبي 6: 1965.

[11] أخرجه مسلم برقم 1218.

[12] انظر: إكمال المعلم 8: 53، وشرح مسلم؛ للنووي 16: 138، والكواكب الدراري؛ للكرماني 18: 148.

[13] الكَسْعُ: هو ضربُ الرجل عجزةَ الآخرِ بظهر الرِّجْل، وقيل: هو ضربُ الدُّبر، وقيل: هو ضربُه بالسيف على مؤخِّره؛ انظر: إكمال المعلم 8: 54.

[14] أخرجه البخاري برقم 4622، ومسلم برقم 2584.

[15] الهَن: بالتخفيف والتشديدِ؛ الفَرْج.

[16] أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم 963، وأحمد في المسند 5: 136 برقم 21272، والنسائي في السنن الكبرى 5: 272 برقم 8864، وابن حبَّان في صحيحه 7: 424 برقم 3153، وسنده صحيح، ورجاله ثقات.

[17] شرح السنة؛ للبغوي 13: 121، وشرح المشكاة؛ للطيبي 10: 3151، وفيض القدير 1: 357، التيسير؛ للمناوي 1: 197.

[18] التنوير؛ للصنعاني 2: 63 - 64.

[19] أخرجه الترمذي في السنن برقم 2863 وقال: حسن صحيح غريب، والنسائي في السنن الكبرى برقم 8866، وابن خزيمة في صحيحه برقم 1895، وأبو يعلى في مسنده برقم 1571، وذكره الهيثمي في المجمع 5: 391 برقم 9094، وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات رجال الصحيح، خلا علي بن إسحاق السلمي، وهو ثقةٌ.

[20] انظر: شرح السنة؛ للبغوي 10: 52، وشرح المشكاة؛ للطيبي 8: 2575، وتحفة الأحوذي 8: 132.

[21] أخرجه مسلم في الجنائز برقم 934.

[22] انظر: فيض القدير؛ للمناوي 1: 462.

[23] انظر: فتح الباري؛ لابن حجر 1: 85.

[24] أخرجه أحمد في المسند 2: 262 برقم 7550، وابن حبان في صحيحه 7: 410 برقم 3141، وإسناده صحيح.

[25] قال في لسان العرب 1: 572 مادة عبب: "يعني: الكبر، بضم العين وتكسر، وهي فعولة أو فعيلة، فإن كان فعولةً: فهي من التعبيةِ؛ لأن المتكبِّر ذو تكلُّف وتعبية خلاف المسترسل على سجيَّته، وإن كانت فعيلة: فهي من عباب الماء، وهو أوله وارتفاعه".

[26] أخرجه أحمد في المسند 2: 361 برقم 8721، والترمذي في السنن برقم 3956، وهو حديث حسن.

[27] انظر: شرح السنة 13: 124، والنهاية؛ لابن الأثير 5: 240.

[28] انظر: فيض القدير 5: 37، والتنوير؛ للصنعاني 8: 209.

[29] انظر: شرح السنة؛ للبغوي 13: 124.

[30] أخرجه البخاري في الإيمان برقم 30، ومسلم في الإيمان برقم 1661.

[31] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ص: 203.

[32] أخرجه مسلم برقم 121.

[33] انظر: إكمال المعلم؛ للقاضي عياض 1: 326.

[34] انظر: فتح الباري 3: 163، والتيسير؛ للمناوي 2: 640، والتنوير؛ للصنعاني 9: 285.

[35] أخرجه البخاري برقم 1232، ومسلم برقم 103.

[36] أخرجه أحمد في المسند 5: 343 برقم 22955، وابن ماجه واللفظ له برقم 158، قال في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات.

[37] أخرجه أحمد في المسند 3: 197 برقم 13055، وعبدالرزاق في المصنف برقم 6690، وابن حبان في صحيحه 7: 415 برقم 3146، وسنده صحيح.

[38] انظر: التيسير؛ للمناوي 2: 941، والتنوير؛ للصنعاني 11: 69 - 70.

[39] انظر: النهاية؛ لابن الأثير 3: 149.

[40] أخرجه أحمد في المسند 2: 179 برقم 6681، وأبو داود برقم 2274، والهيثمي في المجمع 6: 260 برقم 10262، وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات، قلت: والجزءُ الأخير منه في الصحيحين، وحسَّن ابنُ حجر إسنادَه في الفتح 12: 34.

[41] الاستذكار 7: 164.

[42] أخرجه البخاري برقم 3317، ومسلم برقم 61.

[43] شرح مسلم؛ للنووي 2: 50.

[44] النهاية؛ لابن الأثير 3: 149.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الجاهلية الجديدة
  • التحذير من عادات الجاهلية
  • الجاهلية تخطئ والإسلام يضع الحل
  • الفرح المذموم
  • الحالة في الجاهلية

مختارات من الشبكة

  • أنواع الجاهلية _ تبرج الجاهلية(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • الكلام على تعليق ابن تيمية على قوله صلى الله عليه وسلم: (سنة الجاهلية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السيرة ووجوب معرفة أحوال الجاهلية (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السيرة ووجوب معرفة أحوال الجاهلية (6)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الجاهلية القديمة والحديثة (س/ج)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تطور النقد الأدبي العربي من الجاهلية حتى الأندلس(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المرأة عند العرب في الجاهلية(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب