• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

صور ومواقف حاسمة من إسهامات المرأة المسلمة (خطبة)

صور ومواقف حاسمة من إسهامات المرأة المسلمة (خطبة)
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/3/2016 ميلادي - 11/6/1437 هجري

الزيارات: 36681

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صور ومواقف حاسمة

من إسهامات المرأة المسلمة [1]

 

عناصر الخطبة:

1- مكانة المرأة في الإسلام

2- إكرام الإسلام للمرأة

3- إسهامات المرأة في الحياة العلمية

4- إسهامات المرأة في إعمار المساجد

5- إسهامات المرأة في الوقف

6- دور المرأة في الحياة السياسية

 

الخطبة الأولى

الحمد لله خلقنا من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء، أحمده تعالى وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، أسبغ علينا من فضله نعماً وآلاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بحقه وثناء، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، أفضل الخليقة بهاءً وأعلاهم سناءً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خيار هذه الأمة صفاءً ووفاءً، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم بعث الخلائق حساباً وجزاءً، وسلم تسليماً كثيرا.

 

أما بعد:

فيا أيها المسلمون والمسلمات: اتقوا الله تبارك وتعالى رب البريات، فإنها خير ذخر يدخر في الحياة وبعد الممات، وبها تحصل البركات، وتنال الكرامات، وترفع الدرجات، وتقال العثرات، وتكفر السيئات: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً ﴾ [الطلاق: 5].

 

فإن شريعة الإسلام شريعة واسعة، وشريعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، من الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، وقد ذكر الله تعالى في القرآن نساء الدنيا، وجعل لهن أحكاماً، وذكر ثوابهن في الآخرة كثواب المؤمنين من الرجال.

 

وقد كانت المرأة قبل الإسلام لا قدر لها عند الجاهليين، بل كانوا يحتقرونها ولا يعطونها شيئاً من المال؛ لأنها في زعمهم لا تقاتل ولا ترد الأعداء ونحو ذلك، فجاء الإسلام وجعل لها حقاً، وجعل لها مالاً، وجعل لها ملكاً، وعلق بها أحكاماً كثيرة، وألزمها بعبادات كما ألزم الرجال بعبادات، وجعل لها من الأحكام مثل ما للرجال، وجعل النساء شقائق الرجال.

 

فهيا أخوة الإسلام لنتعرف على مكانة المرأة في الإسلام وعن أهم صور مساهمة المرأة في الحياة في جميع الجوانب العلمية والفكرية والاجتماعية والسياسة فأعيروني القلوب والأسماع.

 

1- مكانة المرأة في الإسلام:

لقد أَوْلَى الإسلامُ المرأة اهتماماً كبيراً، يتضحُ لنا جلياً من خلال كثير من آيات القرآن الكريم التي أرست قواعدَ الرحمة والمساواة في التعامل مع المرأة بعد الظلم الذي كان يقع عليها قبل الإسلام.

 

والمتأمل لهذه الآيات يجدُها صانت ما للمرأة من حقوقٍ ابتداءً من الحفاظ على حقها في الحياة، محارباً عادةَ وأدِ البنات التي كانت سائدة في الجاهلية، ثم حثت على رعايتها وهي طفلة إلى امرأة ثم في مرحلة الشيخوخة، وكذلك المتأمل للسيرة النبوية الشريفة يجدُها جاءت مبينةً ومفصلة لتلك الحقوق الممنوحة للمرأة في ظل الإسلام، وكفانا قولُ عمر بن الخطاب عن مكانة المرأة قبل الإسلام حتى يتضح لنا كيف كانت مهضومةَ الحق ذليلة القدر.

 

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أهابه فنزل يوما منزلا فدخل الأراك فلما خرج سألته فقال عائشة وحفصة ثم قال كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقا من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا[2].

 

وهكذا جاء الإسلام بما يحفظ للمرأة قدرَها بعد أن كانت لا قدر لها، ومن العزة للمرأة في الإسلام أنه لم يأتِ أي من الشرائع الأخرى ولا حتى القوانين المتعددة سواء شرقية أو غربية، لم يأت أي منهم بما جاء به الإسلام..!، وهذا مما يُثير العجب، ويحثنا على التوقف لتأمل حقيقة تلك الدعوات التي ترتقي لمسامعنا من وقت إلى آخر.

 

تلك الدعوات التي تنادي بحقوق المرأة، حاملةً فوق عاتقها همومَ المرأة، ومحاولةً رفعَ تلك الهموم عن كاهلها، مطالبةً لها بأقصى حقوق المساواة مع الرجل، والحق في المشاركة الكاملة في شتى مناحي الحياة، ومظهرةً مدى الظلم الواقع على المرأة وبشاعة الحال التي هي عليه.

 

2- إكرام الإسلام للمرأة:

♦ تسوية الله تعالى بين الرجل والمرأة في الثواب والعقاب لقد ساوى الله عز وجل بين الرجل والمرأة في الجزاء في الآخرة قال عز وجل: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل:97].

 

يقول الزحيلي -رحمه الله- لا تفرقة في أصول التشريع الإسلامي وإعطاء فرص العمل بين الرجال والنساء، فللمرأة أن تنافس الرجل وتسبقه في ميدان القربات إلى الله تعالى، والمبادرة إلى العمل الصالح والقول الفاضل، وكم شهد التاريخ الإسلامي مواقف، مشاهد مشرفة وسبّاقة للمرأة، تميزت بالوعي والحكمة، وإدراك آفاق المستقبل، واستطاعت بها المرأة أن تثبت جدارتها، وتفوّقها أحيانا على الرجال في النواحي الاجتماعية، فاستحقت بهذا بطاقة سامية من الحب والتقدير، والوفاء والجزاء الحسن في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى مبينا مبدأ تساوي النّساء والرجال، في مجالات العمل البنّاء الطيب)[3].

 

وساوى الله عز وجل في التوجيه في سورة الحجرات لما قال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات:11].

 

وكرَّم الله المرأة وحرم على الآباء أن يقتلوهن فقد كان أهل الجاهلية يئدون البنات فكان الواحد منه إذا بشر بالأنثى يسود وجهه وتضيق نفسه يقول الله تعالى ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾  [النحل: 58، 59].

 

وأخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة قال: أخبرنا في قوله (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) قال: كانوا يقتلون البنات خشية الفاقة.

 

♦ إكرام المرأة كأم:

أكرمها أماً: الإسلام كرَّمها أماً، فقال عز وجل: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾ [البقرة:83] وقال عز وجل: ﴿ فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا ﴾ [الإسراء:23].

 

ويروي البخاري ومسلم في عن هريرة، جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتى؟ قال:« أمك »، قال: ثم من؟ قال: « ثم أمك »،قال: ثم من؟ قال:« ثم أمك »، قال: ثم من؟ قال: « ثم أبوك »[4].

 

يقول ابن بطال - رحمه الله - في هذا الحديث دليل أن محبة الأم والشفقة عليها ينبغي أن تكون ثلاث أمثال محبة الأب، لأن عليه السلام كرر الأم ثلاث مرات، وذكر الأب في المرة الرابعة فقط، وإذا تؤمل هذا المعنى شهد له العيان، وذلك أن صعوبة الحمل وصعوبة الوضع وصعوبة الرضاع والتربية تنفرد بها الأم، وتشقى بها دون الأب فهذه ثلاث منازل يخلو منها الأب.

 

قصة: وقد جرى لابي السود الدؤلي مع زوجته قصة أثار فيها هذا المعنى، ذكر أبو حاتم عن أبى عبيدة أن أبا الأسود جرى بينه وبين امرأته كلام فأراد أخذ ولده منها، فسار إلى زياد وهو وإلى البصيرة، فقالت المرأة: أصلح الله الأمير، هذا بطني وعاؤه وحجري فناؤه وثدي سقاؤه، أكلؤه إذا نام، وأحفظه أذا قام، فلم أزل بذلك سبعة أعوام حتى استوفى فصاله وكملت خصالة وأملت نفعه وروجوت رفعه أراد أن يأخذه منى كرها. فقال أبو الأسود: أصلحك الله، هذا ابني حملته قبل أن تحمله، ووضعته قبل أن تضعه.. وأنا أقوم عليه في أدبه، وحملته ثقلا، ووضعه شهوة، ووضعته كرها. فقال له زياد: اردد على المرأة ولدها فهي أحق به منك، ودعني من سجعك.

 

♦ أكرمها الإسلام بنتاً:

فقد كانت توأد في الجاهلية، والله عز وجل حرم هذه العادة وأبطلها، وجعل تربية اثنتين من البنات سبباً لدخول الجنة، عن ثابت عن أنس أو غيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عال ابنتين أو ثلاث بنات أو أختين أو ثلاث أخوات حتى يمتن أو يموت عنهن كنت أنا وهو كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى[5].

 

عروة بن الزبير أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته قالت جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني فلم تجد عندي غير تمرة واحدة فأعطيتها فقسمتها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال من يلي من هذه البنات شيئا فأحسن إليهن كن له سترا من النار[6].

 

♦ والمرأة أكرمها الإسلام زوجةً:

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُكُمْ خَيْرَكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيركُمْ لأهلي وَإِذا مَاتَ صَاحبكُم فَدَعوهُ"[7].

 

وامتدح الله رسله فقال: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً ﴾ [الرعد:38] وجعلها نعمة وآية من آياته قال: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾ [الروم:21].

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء[8].

 

يقول المناوي -رحمه الله- أي اطلبوا الوصية والنصيحة لهم من أنفسكم أو اطلبوا الوصية من غيركم بهن (أو اقبلوا) وصيتي فيهن واعملوا بها وأرفقوا بهنَّ وأحسنوا عشرتهن، والأول للطيبي والأخير للقاضي، قال ابن حجر: وهو أوجه الأوجه، والخير الموصى به لها أن يداريها ويلاطفها ويوفيها حقوقها المشار إليها بنحو خبر الحاكم وغيره: حق المرأة على الزوج أن يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى ولا يضرب الوجه ولا يقبح ولا يهجرها[9].

 

♦ وأكرمها أيضاً مؤمنة:

فكان أول قلبٍ مؤمن تألق بنور الإيمان هو قلب خديجة رضي الله عنها، فأول من آمن من النساء خديجة رضي الله عنها، وكانت أول شهيدة في الإسلام امرأة وهي سمية أم عمار بن ياسر وزوجة ياسر رضي الله عنهم.

 

قتلها أبو جهل، وكانت الأسرة كلها مؤمنة: سمية وولدها عمار وزوجها ياسر.

 

الأسرة كلها مؤمنة، وهم كانوا عبيداً وموالي، وكان أبو جهل يعذبهم تعذيباً لا يعلمه إلا الله، ويمر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ويقول: ( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) ويمر الخبيث عليها فيطعنها بالرمح حتى ماتت ويسيل دمها على الأرض فكانت أول قطرة دم تقع على الأرض في سبيل الله، أي شرف أعظم للمرأة من هذا الشرف أيها الإخوة.

 

يقول الشاعر:

فلو كان النساء كمن ذكرن
لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس
عيبٌ وما التذكير فخر للهلال
يا فتاة الدين يا بنت الحجاب
أنت في أوطان أسما والرباب
أنت يا من يحفظ الله لها
عرضها بين الأفاعي والذئاب
استري وجهك عن حر اللظى
وارتدي في زمن الفسق الثياب
وارفضي كل داعٍ خائن ليس
يخشى الله في يوم الحساب
وانعمي في ظل دين خالد
رددي يا أختنا أم الكتاب

 

3- إسهامات المرأة في الحياة العلمية:

أمة الحبيب الأعظم محمد –صلى الله عليه وسلم – لقد كان للمرأة المسلمة في التاريخ إسهام كبير في إغناء الحركة العلمية والفكرية والأدبية، وفي إقامة أسس الحضارة الإسلامية، فقد نبغ في مختلف مراحل التاريخ الإسلامي الآلاف من العالمات المبرّزات والمتفوقات في أنواع العلوم وفروع المعرفة وحقول الثقافة العربية الإسلامية، وقد ترجم الحافظ ابن حجر في كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة»، لثلاث وأربعين وخمسمائة وألف امرأة، منهن الفقيهات والمحدثات والأديبات، وذكر كل من الإمام النووي في كتابه «تهذيب الأسماء واللغات»، والخطيب البغدادي في كتابه «تاريخ بغداد»، والسخاوي في كتابه «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع»، وعمر رضا كحالة في «معجم أعلام النساء»، وغيرهم ممن صنف كتب الطبقات والتراجم، تراجم مستفيضة لنساء عالمات في الحديث والفقه والتفسير وأديبات وشاعرات.

 

ومنذ عهد النبوة، كان للمرأة المسلمة شغف بطلب العلم والنبوغ فيه، فأمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كانت من أعلم الناس بالقرآن والفرائض والشعر وأيام العرب (التاريخ). قال هشام بن عروة يروي عن أبيه: «ما رأيت أحداً أعلم بفقهٍ ولا بطبٍّ ولا بشعرٍ من عائشة»[10].

 

والعالمة الجليلة السيدة فاطمة بنت الحسين بن علي، كانت من أنبغ نساء عصرها وأكثرهن علماً وورعاً، وقد اعتمد على روايتها كل من ابن اسحاق وابن هشام في تدوين السيرة النبوية. والسيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي، كانت تحضر مجلس الإمام مالك بن أنس في المدينة المنورة، واشتهرت بعلمها وصلاحها، وبعد انتقالها إلى مصر، أقامت مجلساً علمياً كان يحضره أشهر علماء عصرها، وفي مقدمتهم الإمام الشافعي الذي كان يزورها ويتدارس معها مسائل الفقه وأصول الدين، ولم ينقطع عن زيارتها والاستزادة من علمها حتى توفاه الله، وكانت من المشيعين له، وزينب بنت عباس البغدادية، كانت من أهل الفقه والعلم، وكانت تحضر مجالس شيخ الإسلام ابن تيمية. وشهدة بنت الأبري الكاتب، كانت من المبرزين في علوم الحديث، وقد تتلمذ على يديها عدد كبير من العلماء، منهم ابن الجوزي وابن قدامة المقدسي، وأم حبيبة الأصبهانية كانت من شيوخ الحافظ المنذري الذي ذكر انه حصل على اجازة منها، وفاطمة بنت علاء الدين السمرقندي كانت فقيهة جليلة، وكانت ترد على زوجها الشيخ علاء الكاساني صاحب البدائع خطأه في الفقه إذا أخطأ.

 

حرص المرأة على المشاركة في الحياة العلمية يبدوا واضحا فيما يلي:

1- المطالبة بمجلس علمي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاص بهن فقط.

2- حرص أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- على العلم والتلقي والسماع.

3- الجلوس إلى أمهات المؤمنين، وارتياد مجالسهن، وخاصة الصحابيات الصغيرات والتابعيات.

4- الرحلة من الشام، وبغداد، والبصرة في طلب العلم، وخاصة الرحـلة إلى حجرات أمهات المؤمنين

5- مجالس العلم داخل الأسر، والسماع المرأة من الوالد العالم،والزوج، والأخ.

6- عقد مجالس نسائية علمية للسماع والتعلم.

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.

 

أما بعد:

4- إسهامات المرأة في إعمار المساجد:

أخي السلم: ولقد كان للمرأة المسلمة دورا بارزا منذ عهد النبوة ونذكر من ذلك:

♦ أنها كانت تقوم بنظافة المسجد:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَتْ، فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عَنْهَا بَعْدَ أَيَّامٍ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا مَاتَتْ، قَالَ: "فَهَلَّا آذَنْتُمُونِي"، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا[11].

 

♦ أنها تقوم غلى بناء وإعمار المساجد:

جامع القرويين في فاس:

يعتبر هذا الجامع الذي أصبح فيما بعد جامعا وجامعة من أقدم أوقاف نساء الغرب الإسلامي، وتأكد المصادر التاريخية أن منشأة هذا الجامع هي فاطمة بنت محمد عبد الله الفهري [12]؛ الذي توفي وترك لابنتيه مريم وفاطمة ثروة هائلة أنفقتاها في وجوه الخير والبر والإحسان. حيث قدمتا من القيروان واستقرتا بفاس، فنسب القرويين لفاطمة ونسب جامع الأندلس لمريم[13]. وكان الشروع في بنائه سنة 245هـ، ولم تزل قائمة عليه إلى أن أكملته، وصلت فيه شكرا لله –تعالى-.وقد لعب هذا الجامع الذي أصبح جامعا وجامعة دورا كبيرا في الحياة العلمية في بلاد المغرب في حفظ الحياة العلمية والدينية، ولقنت فيه جميع العلوم. وتوافدت عليه الوفود من جميع العالم لطلب العلم.

 

مما اضطرها إلى جعل جامع أختها مريم ملحقة من ملحقات الجامعة.

 

فهو الجامعة الأولى في العالم.

 

وتأسست أول جامعة في العالم سنة 1050م. قال “دلفان” في كتابه حول فاس وجامعتها:( إن فاس هي دار العلم وأن القرويين هي أول مدرسة في الدنيا ).

 

وقال المؤرخ المغربي الكبير عبد الهادي التازي: ”وكان هذا الجامع يتوفر على 140 كرسيا علميا، منها كرسيان اثنان خصصا للنساء يوجدان في أماكن خاصة تساعد من حيث موقعهما على تمكين المرأة من الاستماع مباشرة إلى كبار المشايخ مثل ما يسمعه الرجال، وهكذا كان في استطاعة المرأة أن تتابع ما يعطى من أعلى هذين الكرسيين لمختلف الحاضرين من الطلبة وغيرهم، والملاحظ أن الكرسيين المذكورين ظلا معا إلى اليوم يؤديان واجبهما العلمي والتثقيفي وكان هناك العديد من مدارس البنات التي كانت تعرف باسم”دور الفقيهات”وكل حي من أحياء المدينة، بل وكل درب ومنعرج كان ينعم ببعض هذه الدور التي كانت من إنشاء سيدات محسنات أخذن على عاتقهن أن ينصبن أنفسهن لتعميم المعرفة ونشر الفضيلة” [14].

 

5- إسهامات المرأة في الوقف:

و لم تكتفي المرأة في إعمار المسجد بالبناء والتشييد بل تعداه إلى الوقف الخيري على المساجد والزوايا والربط ونذكر من النسوة اللواتي كن نماذج رائعة لفعل الخير ونشر العلم عن طريق وقف الكتب:

1- وقف الكتبة العلمية: فها هي السيدة فاطمة الحاضنة من القرن الخامس الهجري لمجموعة من المؤلفات النفيسة على جامع عقبة بن نافع بالقيروان، التي ما يزال بعضها موجوداً حتى الآن في مكتبة الجامع. قال عمر رضا كحالة عنها[15]: هي من ربات البر والإحسان والعقل والرأي والفكر والتدبير وسعة الإدراك وعلو الهمة، كانت تدين بالنصرانية فأسرها بعض غزاة البحر وسيقت إلى المهدية ثم إلى القيروان على عهد المنصور الصنهاجي فاقتناها وأدخلها في حرمه....”

 

♦ زوجة الخليفة المستعصم أم ولده أبى نصر التي بنت المدرسة البشيرية في بغداد وجعلتها للمذاهب الأربعة ووقفت عليها خزانة كتب: تفرقت بدداً لا يعرف منها غير المجلد الخامس من تفسير القرآن المسمى العيون والنكت للماوردي وهو ضمن خزانة آل باش في البصرة.

 

2- وقف المال على العلم:

ومن صور الوقف التي ساهمت المرأة في إنشائها والقيام عليها وقف المال والعقارات وغير ذلك من صور المال وهذا كذلك كثير جدا فقد وقفت النساء الغنيات المحسنات أموالهن التي تنوعت بني نقد وغلال الزراعة وأفران الخبز ومـنتوج الأرض من كل نوع والحوانيت والنقود والمزارع والبيوت والخانـقاهات غيرها على المساجد والأئـمة والقراء والعمال بالمدرسة وكأجرة وكخدمات وأدوات ومفروشات وأكل وشرب وغيرها ومن الواقفات الشهيرات:

1- جميلة بنت ناصر الدولة الحسن بن عبد الله الحمداني [16].

كانت من ألمع نساء عصرها في القرن الرابع الهجري على صعيد السياسة والإدارة، وقد لعبت دوراً مهماً في حياة أبيها وأخيها أبو تغلب (ت369هـ/ 979م). يذكر المؤرخون أنها أوقفت على جامع النبي يونس.

 

2- الملكة أروى بنت أحمد الصليحي[17] وفي اليمن وبالتحديد في أواخر الدولة الصليحية 439هـ-532هـ / 1047-1137م. التي تصفها المصادر بأنها كانت على قدر كبير من رجاحة العقل، وبعد النظر وقوة الإدراك حتى أنها كانت تلقب بـ “بلقيس الصغرى”. وقد شاركت زوجها المكرم بن علي في الحكم ثم زوجها اللاحق سبأ بن أحمد حيث استقلت بعدها في حكم هذه الدولة إلى أن توفيت عن 88 عاماً سنة 532?/ 1137م.

 

3- شغب أم المقتدر بالله، لم يكن لامرأة بعد زبيدة بنت جعفر من الخير ما كان لها فإنها كانت مواظبة على صلاح حال الحاج وإنفاذ خزانة الطب والأشربة إلى الحرمين، وإصلاح الطرق والحياض والآبار، وكان يرتفع إليها من ضياعها الخاصة ألف ألف دينار في كل سنة، وتتصدق بأكثرها، ووقفت وقوفاً كثيرة على مكة والمدينة. ولما قتل ولدها المقتدر وأفضت الخلافة إلى القاهر، قبض عليها واخذ أموالها وأمر الشهود أن يشهدوا عليها بحل وقوفها، فأبت وقالت: شيء وقفته لله لا أرجع فيه، خذوا غيره من أموالي، وعذبها عذاباً شديداً، ومرضت فلم يخفف عنها من العذاب، إلى أن هلكت في الاعتقال سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة)[18].

 

4- الأميرة صفية 1014/ 1605م زوجة السلطان مراد الثالث التي وقفت أموالا بقصد ختم القرآن الكريم في مكة والمدينة في مختلف الأوقات، ويحمل أول دفتر للصرّة خاص بها تاريخ 25 جمادى الآخرة 1047هـ/ 24 يناير 1664م، وتتضمن إحساناتها مبلغ 14 ذهبا لشيخ الحرم، و308 ذهب لستين شـخص من أهل القرآن لختم القران في صـلاتي الصبح والظهر، و154 ذهبا لواحد وثلاثين شخص من أهل القرآن لختم القرآن في صلاة العصر...

 

6- دور المرأة في الحياة السياسية:

اعلموا -علمني الله وإياكم -لقد أقر الإسلام للمرأة بحقوقها في المشاركة السياسية ولعبت المرأة دورا كبيرا في نصرة الإسلام والتمكين له منذ البعثة وعبر مختلف العصور وإن اختلف هذا الدور من وقت لآخر.

 

ويوضح الدكتور جعفر عبدالسلام الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية أن السيدة خديجة رضي الله عنها قد قامت بدور كبير في نصرة الإسلام والتمكين له. وكان أول دور سياسي لها أن اكتشفت هذا النبي العظيم وعرفت قدره ثم جعلته مندوبها في التعامل التجاري الكبير وبأموالها التي تمتلكها أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَتْ: كَانَ أَوَّلَ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حَبَّبَ اللهُ إِلَيْهِ الْخَلَاءَ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ أُولَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ بِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجَأَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقَالَ: " مَا أَنَا بِقَارِئٍ "، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: " مَا أَنَا بِقَارِئٍ "، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: " مَا أَنَا بِقَارِئٍ "، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 2]، فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَقَالَ: " زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي "، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ: " أَيْ خَدِيجَةُ مَا لِي "، وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، قَالَ: " لقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي "، قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَلَّا أَبْشِرْ فَوَاللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، وَاللهِ إِنَّكَ لِتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ ابْنُ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ مِنَ الْإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيْ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ "، قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

ومن هنا يتجلى الدور السياسي للسيدة خديجة رضي الله عنها في أنها لم تقتصر في علاقتها بالرسول علي شئون المنزل، بل اهتمت بشئون حياته العامة وهي الدعوة ولم يقتصر دورها هنا علي الإيمان بالرسول وبرسالة الإسلام فقط، بل ناصرته وطمأنته علي النصر لصفاته الحميدة ثم الذهاب معه لورقة بن نوفل مما يعد دورا أساسيا لنصرة الدعوة، وهو بلا شك يظهر قدرة المرأة علي العمل إلي جانب الحق، ونصرة الدين.

 

♦ كما كان هناك دور سياسي في مبايعتهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَرَأَ عَلَيْنَا أَنْ: ﴿ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ﴾، وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ منَّا يَدَهَا، فَقَالَتْ: أَسْعَدَتْنِي فُلاَنَةُ، وَأَنا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا. فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا، فَانْطَلَقَتْ وَرَجَعَتْ فَبَايَعَهَا فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرَ خَمْسِ نِسْوَةٍ: أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأُمِّ الْعَلاَءِ، وَابْنَةِ أَبِى سَبْرَةَ امْرَأَةِ مُعَاذٍ، وَامْرَأَتَيْنِ، أَوِ ابْنَةُ أَبِى سَبْرَةَ وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَةٍ أُخْرَى"[19].

 

عنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " جَاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتُبَايِعَهُ، فَنَظَرَ إِلَى يَدَيْهَا فَقَالَ لَهَا: «اذْهَبِي فَغَيِّرِي يَدَكِ». قَالَ: فَذَهَبَتْ فَغَيَّرَتْهَا بِحِنَّاءٍ، ثُمَّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكِي بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقِي وَلَا تَزْنِي». قَالَتْ: أَوَ تَزْنِي الْحُرَّةُ؟ قَالَ: «وَلَا تَقْتُلَنَّ أَوْلَادَكُنَّ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ». قَالَتْ: وَهَلْ تَرَكْتَ لَنَا أَوْلَادًا نَقْتُلُهُمْ؟ قَالَ: فَبَايَعَتْهُ ثُمَّ قَالَتْ لَهُ وَعَلَيْهَا سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ مَا تَقُولُ فِي هَذَيْنِ السِّوَارَيْنِ؟ قَالَ: «جَمْرَتَانِ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ»[20].

 

♦ السيدة نفيسة المكرمة الصالحة، ابنة أمير المؤمنين الحسن بن زيد بن السيد سبط النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما، العلوية الحسنية.

 

♦ موقفها من ظلم ابن طولون:

ولما ظلم أحمد بن طولون قبل أن يعدل استغاثه الناس من ظلمه، توجهوا إلى السيدة نفيسة، فشكوه إليها، فقالت لهم: متى يركب؟ فقالوا: في غد فكتبت رقعة ووقفت في طريقه، وقالت: يا أحمد بن طولون فلما رآها عرفها وترجل عن فرسه وأخذ الرقعة منها وقرأها، فإذا فيها مكتوب ملكتم فأسرتم، وقدرتم وقهرتم، وخولتم فعسفتم ودرت عليكم الأرزاق فقطعتم، هذا، وقد عملتم أن سهام الأسحار نافذة لاسيما من قلوب أوجعتموها، وأجساد أعريتموها، اعملوا ما شئتم فإنا صابرون، وجوروا فإنا مستجيرون واظلموا فإنا متظلمون " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " قال: فعدل من وقته وساعته.) [21].

 

♦ الملكة عصمة الدين أم خليل شجر الدر:

ويقول المقريزي -رحمه الله- الملكة عصمة الدين أم خليل شجر الدر:

كانت تركية الجنس، وقيل بل أرمنية، اشتراها الملك الصالح نجم الدين أيوب، وحطت عنده بحيث كان لا يفارقها سفراً ولا حضراً. وولدت منه ابنا اسمه خليل، مات وهو صغير. وهذه المرأة شجر الدر، هي أول من ملك مصر من ملوك الترك المماليك، وذلك أنه لما قتل الملك المعظم غياث الدين تورانشاه ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب، كما تقدم ذكره، اجتمع الأمراء المماليك البحرية، وأعيان الدولة وأهل المشورة، بالدهليز السلطاني، واتفقوا على إقامة شجر الدر أم خليل زوجة الملك الصالح نجم الدين أيوب في مملكة مصر، وأن تكون العلامات السلطانية على التواقيع تبرز من قبلها، وأن يكون مقدم العسكر الأمير عز الدين أيبك الزكماني الصالحي أحد البحرية. وحلفوا على ذلك في عاشر صفر، وخرج عز الدين الرومي من المعسكر إلى قلعة الجبل، وأنهى إلى شجر الدر ما جرى من الاتفاق، فأعجبها، وصارت الأمور كلها معقودة بها، والتواقيع تبرز من قلعة الجبل، وعلامتها عليها والدة خليل. وخطب لها على منابر مصر والقاهرة، ونقش اسمها على السكة، ومثاله المستعصمة الصالحية، ملكة المسلمين، والدة الملك المنصور خليل أمير المؤمنين، وكان الخطباء يقولون في الدعاء: اللهم أدم سلطان الستر الرفيع، والحجاب المنيع، ملكة المسلمين، والدة الملك الخليل، وبعضهم يقول، بعد الدعاء للخليفة: واحفظ اللهم الجبة الصالحية، ملكة المسلمين، عصمة الدنيا والدين، أم خليل المستعصمية صاحبة الملك الصالح[22].



[1] كتاب مواقف حاسمة من تاريخ المرأة المسلمة للشيخ السيد مراد سلامة ط دار التقوى.

[2] أخرجه البخاري ح 5843.

[3] التفسير الوسيط للزحيلي - (2 / 1300).

[4] أخرجه الحميدي ح1118- وأحمد ح 8326 والبخاري ح 5971 ومسلم ح 2548 وابن ماجة (2706).

[5] أخرجه أحمد ح 12520 ومسلم ح 2631.

[6] أخرجه أحمد ح 24101 والبخاري ح 1418 ومسلم ح 2629.

[7] أخرجه الترمذي (5/ 709، رقم 3895) وقال: حسن غريب صحيح. وابن حبان (9/ 484، رقم 4177)، والبيهقي في شعب الإيمان (6/ 415، رقم 8718). وأخرجه أيضًا: الدارمي (2/ 212، رقم 2260).

[8] أخرجه البخاري ح 3331 ومسلم ح 1468.

[9] فيض القدير - (1 / 642).

[10] المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 12).

[11] أخرجه البخاري 460.

[12] أنظر ترجمتها في أعلام النساء -كحالة 4/ 107- الأعلام للزركلي 5/ 132..

[13] أنظر كتب زهرة الآس في بناء مدينة فاس - أبو الحسن على الجزنائي ص213.

[14] كتاب التازي المرأة في الغرب الإسلامي.

[15] أعلام النساء -كحالة -4/ 136.

[16] سير أعلام النبلاء 15/ 170- الأعلام 2/ 13.

[17] الخطط للمقريزي 1/ 213- خريدة القصر وجريدة العصر- ابن القم 3/ 106 - الأعلام 2/ 303-6.

[18] الوافي بالوفيات - (5 / 208) المنتظم - (4 / 135) تاريخ الإسلام للذهبي - (5 / 429).

[19] صحيح البخاري.

[20] مسند أبي يعلى الموصلي (8/ 194) إسناده ضعيف.

[21] الكشكول - (1 / 152).

[22] السلوك لمعرفة دول الملوك - (1 / 118).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • استراتيجيات التنمية وإسهامات المرأة اقتصادياً!!
  • فتنة الأموال والأزواج والأولاد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • حضور الجن في صورة الإنس والحيوانات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل الرياء يعد صورة من صور النفاق(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • حديث: من صور صورة في الدنيا...(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • صورة من صور الإيمان الحق في قبسات من كتاب الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حياتنا ووسائل التواصل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صور النساء بالمجلات والإنترنت، ومكانة المرأة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الصور والتماثيل المسموح بها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صور الشرك (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صور من فتن نساء بني إسرائيل في الحديث النبوي(مقالة - ملفات خاصة)
  • صور مشرفة من سير النساء(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب