• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الموت والقبر واليوم الآخر
علامة باركود

النذير المبين لمن جاوزوا الخمسين (خطبة)

النذير المبين لمن جاوزوا الخمسين (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/3/2016 ميلادي - 9/6/1437 هجري

الزيارات: 21467

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النذير المبين لمن جاوزوا الخمسين

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18 - 20].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الدُّنيَا دَارُ مَمَرٍّ وَلَيسَت بِدَارِ مَقَرٍّ، وَالعُمُرُ قَصِيرٌ وَإِن هُوَ طَالَ، وَالبَقَاءُ في هَذِهِ الدَّارِ مَحدُودٌ وَإِنِ امتَدَّ، وَكُلُّ حَيٍّ مَصِيرُهُ إِلى الفَنَاءِ، وَكُلُّ مَوجُودٌ فَهُوَ إِلى العَدَمِ وَالزَّوَالِ ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27] نُؤمِنُ بِهَذَا جَمِيعًا وَلا نَشُكُّ فِيهِ أَبَدًا، بَل حَتَّى الكُفَّارُ وَالمُشرِكُونَ وَالمُلحِدُونَ، قَد تَيَقَّنُوا أَنْ لا بَقَاءَ لَهُم عَلَى الأَرضِ وَأَنَّ مَصِيرَهُم إِلى الزَّوَالِ، غَيرَ أَنَّ الفَرقَ بَينَ مُؤمِنٍ بِرَبِّهِ وَمُلحِدٍ مُكَذِّبٍ، أَنَّهُ إِذَا كَانَ المُلحِدُ يَعتَقِدُ أَنَّ المَوتَ هُوَ النِّهَايَةُ، وَمِن ثَمَّ فَهُوَ يَحرِصُ أَشَدَّ الحِرصِ عَلَى مَا جَمَعَ مِن دُنيَاهُ وَحَازَهُ مِن مَتَاعِهَا، وَيَندَمُ عَلَى مَا فَاتَهُ مِن زَخَارِفِهَا وَشَهَوَاتِهَا، فَإِنَّ المُؤمِنَ مُوقِنٌ بِأَنَّ المَوتَ هُوَ البِدَايَةُ لِحَيَاةِ الإِنسَانِ الحَقِيقِيَّةِ، إِمَّا في نَعِيمٍ أَبَدِيٍّ، وَإِمَّا في عَذَابٍ سَرمَدِيٍّ ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾ [هود: 106 - 108] وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ المُؤمِنَ عَلَى هَذِهِ الأَرضِ يَمشِي مَشيَ مُسَافِرٍ، مُكتَفِيًا مِن زَادِ الدُّنيَا بِما يُبَلِّغُهُ غَايَتَهُ، مُتَذَكِّرًا في ذَلِكَ قَولَ القُدوَةِ وَالأُسوَةِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - حِينَ دَخَلَ عَلَيهِ عُمَرُ وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَد أَثَّرَ في جَنبِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذتَ فِرَاشًا أَوثَرَ مِن هَذَا! فَقَالَ: " مَا لي وَلِلدُّنيَا، مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ سَارَ في يَومٍ صَائِفٍ، فَاستَظَلَّ تَحتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً ثم رَاحَ وَتَرَكَهَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. إِنَّ اليَقِينَ بِالرَّحِيلِ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - أَمرٌ مُسَلَّمٌ بِهِ، لا يَختَلِفُ فِيهِ مُسلِمَانِ وَلا يَتَمَارَى فِيهِ مُؤمِنَانِ، إِلاَّ أَنَّ العَاقِلَ يَلحَظُ أَنَّ ثَمَّةَ غَفلَةً شَنِيعَةً قَد أَطبَقَت عَلَى القُلُوبِ في زَمَانِنَا، وَإِعرَاضًا استَولى عَلَى النُّفُوسِ وَمَلَكَ زِمَامَهَا وَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، حَتى أَذعَنَت لِعَدُوِّهَا الشَّيطَانِ، وَأَعرَضَت عَن عِبَادَةِ الرَّحمَنِ، وَتَهَاوَنَت بِالطَّاعَةِ وَتَمَادَت في العِصيَانِ. وَإِنَّ هَذِهِ الغَفلَةَ وَإِن كَانَت مُؤلِمَةً وَمُوجِعَةً مَتى مَا حَصَلَت مِمَّن يَوقِنُ أَنَّ المَوتَ حَقٌّ وَالسَّاعَةَ حَقٌّ، وَأَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ اللهَ يَبعَثُ مَن في القُبُورِ وَيُحَصِّلُ مَا في الصُّدُورِ، فَهِيَ أَشَدُّ إِيلامًا وَمَرَارَةً حِينَ تَحصُلُ مِمَّن جَاوَزَ الخَمسِينَ أَوِ السِّتِّينَ، وَتَوَالَت عَلَيهِ النُّذُرُ وَبَانَ فِيهِ أَثَرُ السِّنِينَ، فَاشتَعَلَ الرَّأسُ شَيبًا وَابيَضَّ العَارِضَانِ، وَاحدَودَبَ الظَّهرُ وَجَفَّتِ الرُّكبَتَانِ، وَثَقُلَ السَّمعُ وَضَعُفَتِ العَينَانِ، وَقَلَّ النَّومُ مِنهُ وَالرُّقَادُ، وَكَثُرَ في الفِرَاشِ التَّمَلمُلُ وَطَالَ السُّهاَدُ، وَمَاتَ الأَقرَانُ وَذَهَبَ الخِلاَّنُ، وَتَتَابَعَت عَلَيهِ حَوَادِثُ الزَّمَانِ، وَمَرَّت بِهِ أَحدَاثٌ وَحَادِثَاتٌ، وَحَصَلَت لَهُ مُتَغَيِّرَاتٌ وَمُتَغَايِرَاتٌ، فَعَايَشَ فَقرًا وَغِنًى، وَأَدرَكَ خَوفًا وَأَمنًا، وَذَاقَ سُرُورًا وَحَزَنًا، وَلَبِسَ عَافِيَةً وَبَلاءً، وَطَعِمَ شِفَاءً وَسُقمًا، عَرَكَتهُ الحَيَاةُ بِهُمُومِهَا وَأَحزَانِهَا، وَذَاقَ مِنهَا مَا ذَاقَهُ مِن كَدَرِهَا، عَرَفَ كَثِيرِينَ مِن أَقَارِبَ وَأَبَاعِدَ، وَصَحِبَ مَن صَحِبَ وَشَاهَدَ مَن شَاهَدَ، ثم فَرَّقَ بَينَهُ وَبَينَهُمُ المَوتُ، وَمَضَوا إِلى الآخِرَةِ وَتَرَكُوهُ يَنتَظِرُ.

 

فَيَا أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَا مَن بَلَغتُمُ الخَمسِينَ أَوِ السِّتِّينَ، وَأَقبَلتُم عَلَى مُعتَرَكِ المَنَايَا، رَاجِعُوا أَنفُسَكُم، وَتَأَمَّلُوا مَسِيرَتَكُم، فَلَعَلَّ لَدَى أَحَدِكُم مَظهَرًا أَو أَكثَرَ مِن مَظَاهِرِ الغَفلَةِ الَّتي لا تَلِيقُ بِالكُهُولِ وَالشُّيُوخِ. إِنَّهُ لَعَيبٌ وَأَيُّ عَيبٍ، وَخَسَارَةٌ فَادِحَةٌ وَمُصِيبَةٌ مُوجِعَةٌ، أَن تَرَى مَن تَجَاوَزَ الخَمسِينَ أَو بَلَغَ السِّتِّينَ، وَهُوَ مَا يَزَالُ في غَفلَةِ الصِّبَا وَسَكرَةِ الشَّبَابِ، لا يَهتَمُّ بِصَلاةٍ في جَمَاعَةٍ، وَلا يَحرِصُ عَلَى تَبكِيرٍ لِجُمُعَةٍ، يَتَشَاغَلُ عَنِ الفَرَائِضِ وَالمَكتُوبَاتِ، وَيَزهَدُ في النَّوَافِلِ وَالمَسنُونَاتِ، شَدِيدٌ عَلَى الدُّنيَا حِرصُهُ، قَلِيلٌ بِالآخِرَةِ اهتِمَامُهُ، ثم هُوَ مَعَ ذَلِكَ مَا زَالَ يُقَارِفُ بَعضَ الكَبَائِرِ وَالمُوبِقَاتِ، وَيُصِرُّ عَلَى الصَّغَائِرِ وَالمُحَقَّرَاتِ، فَتَرَاهُ إِمَّا مُدمِنًا لِشُربِ المُسكِرَاتِ أَوِ المُفَتِّرَاتِ، أَو قَاطِعًا لِلرَّحِمِ هَاجرًا لِلقَرَابَاتِ، أَو آكِلاً لِلرِّبَا وَالِغًا في الحَرَامِ وَالمُشتَبِهَاتِ، فَيَا لَهَا مِن غَفلَةٍ عَظِيمَةٍ وَبَلاءٍ مُستَطِيرٍ، أَن يَغفَلَ الكَهلُ وَالشَّيخُ عَن قَولِ العَلِيِّ الكَبِيرِ: ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ﴾ [فاطر: 37] وَعَن قَولِ البَشِيرِ النَّذِيرِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَعذَرَ اللهُ إِلى امرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً " رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ مَن بَلَغَ السِّتِّينَ فَقَد تَمَّ عُذرُهُ، وَقَامَت عَلَيهِ الحُجَّةُ وَلَم تَبقَ لَهُ شُبهَةٌ؛ لأَنَّهُ رَأَى وَسَمِعَ مِن دَلائِلِ الحَقِّ وَمَوَاعِظِ الإِيمَانِ وَمَشَاهِدِ العِبرَةِ مَا لا يَغفَلُ بَعدَهُ إِلاَّ مُنتَكِسُ الفِطرَةِ مَيِّتُ القَلبِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَعمَارُ أُمَّتي مَا بَينَ السِّتِّينَ إِلى السَّبعِينَ، وَأَقَلُّهُم مَن يَجُوزُ ذَلِكَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَد لَحِقَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِالرَّفِيقِ الأَعلَى وَوَدَّعَ الدُّنيَا وَهُوَ ابنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَعَلَى مِثلِ تِلكَ السِّنِّ مَاتَ أَبُو بَكرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - وَهَكَذَا هِيَ أَعمَارُ أُمَّةِ محمدٍ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - مَن بَلَغَ منِهُمُ السِّتِّينَ فَكَأَنَّمَا قَدِ استَوفَى حَظَّهُ مِنَ السِّنِينَ، وَصَار مَا بَعدَهَا عَطِيَّةً وَهِبَةً، فَإِن لم يَكُنْ في كُلِّ يَومٍ يَحيَاهُ بَعدَ ذَلِكَ يَزِيدُ اجتِهَادًا وَتَقَرُّبًا، وَاستِعدَادًا لِلمَوتِ وَتَهَيُّئًا لِلِقَاءِ رَبِّهِ، فَهُوَ في خُسرَانٍ مُبِينٍ وَضَلالٍ كَبِيرٍ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " خَيرُ النَّاسِ مَن طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَشَرُّ النَّاسِ مَن طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. إِنَّهُ لا يَلِيقُ بِمَن بَلَغَ الخَمسِينَ وَالسِّتِّينَ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ - اتِّبَاعُ الهَوَى وَاللَّهَثُ وَرَاءَ الشَّهَوَاتِ، وَالإِعرَاضُ عَنِ البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، فَقَبِيحٌ بِمَن خَارَت قُوَاهُ وَوَهَنَ عَظمُهُ، وَضَعُفَ رَجَاؤُهُ مِنَ الدُّنيَا وَأَقبَلَ عَلَى الآخِرَةِ، وَكَادَت شَمسُهُ تَغِيبُ وَلَم يَبقَ في عُمُرِهِ مِثلُ مَا مَضَى مِنهُ، قَبِيحٌ بِهِ أَن يَكُونَ سَفِيهًا مَفتُونًا، زَاهِدًا في الحَسَنَاتِ مُتَلَطِّخًا بِالسَّيِّئَاتِ. مَا أَحرَى مَن هَذَا شَأنُهُ بِالتَّوبَةِ النَّصُوحِ وَتَجدِيدِ العَهدِ بِاللهِ، وَالإِقلاعِ عَنِ الذُّنُوبِ صَغِيرِهَا وَكَبِيرِهَا، وَالزُّهدِ في الدُّنيَا قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا، وَالهِجرَةِ إِلى الآخِرَةِ وَالعَمَلِ عَلَى إِحسَانِ الخَاتِمَةِ، وَالحِرصِ عَلَى أَن يَمُوتَ عَلَى الطَّاعَةِ، لا أَن يَبقَى عَلَى الغَفلَةِ وَالشُّرُودِ وَالهُرُوبِ، حَتى يَنزِلَ بِهِ المَوتُ وَهُوَ في سَكرَتِهِ، وَيُختَمَ لَهُ عَلَى أَسوَأِ حَالٍ وَيَمضِيَ بِغُصَّتِهِ، عَن أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدٍ خَيرًا استَعمَلَهُ " قِيلَ: كَيفَ يَستَعمِلُهُ؟! قَالَ: " يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبلَ المَوتِ ثم يَقبِضُهُ عَلَيهِ " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن مَاتَ عَلَى شَيءٍ بَعَثَهُ اللهُ عَلَيهِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ * وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ [الروم: 54 - 57]

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ " ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ المُسلِمَ إِذَا بَلَغَ الكُهُولَةَ أَوِ الشَّيخُوخَةَ، لم يَكُنْ شَيءٌ أَوجَبَ عَلَيهِ مِنَ الحِرصِ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ الخَمسِ في بُيُوتِ اللهِ، وَأَدَاءِ مَا عَلَيهِ مِن حُقُوقٍ مَالِيَّةٍ لِرَبِّهِ كَالزَّكَاةِ وَالنَّذرِ، أَو لِلخَلقِ كَالدُّيُونِ وَالقُرُوضِ، ثم يُكثِرَ بَعدُ مَا استَطَاعَ مِن أَعمَالِ التَّطَوُّعِ وَنَوَافِلِ العِبَادَاتِ بِأَنوَاعِهَا، وَيُلازِمَ الذِّكرَ وَيُكثِرَ الاستِغفَارَ، وَيَبتَعِدَ عَن مَوَاطِنِ الفِتَنِ وَيَجتَنِبَ أَسبَابَ الضَّلالِ، وَيَحذَرَ مُهلِكَاتِ الحَسَنَاتِ وَمُحبِطَاتِ الأَعمَالِ، وَيَجتَهِدَ طَاقَتَهُ لِيَترُكَ لَهُ آثَارًا حَسَنَةً وَأَعمَالاً طَيِّبَةً جَارِيَةً، يَستَمِرُّ بِها ثَوَابُهُ بَعدَ مَمَاتِهِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ مِمَّا يَلحَقُ المُؤمِنَ مِن عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعدَ مَوتِهِ: عِلمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، أَو مُصحَفًا وَرَّثَهُ، أَو مَسجِدًا بَنَاهُ أَو بَيتًا لابنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَو نَهَرًا أَجرَاهُ، أَو صَدَقَةً أَخرَجَهَا مِن مَالِهِ في صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ تَلحَقُهُ مِن بَعدِ مَوتِهِ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن عَبدِاللهِ بنِ بُسرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ شَرَائِعَ الإِسلامِ قَد كَثُرَت فَأَخبِرْني بِشَيءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ: " لا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطبًا مِن ذِكرِ اللهِ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ " ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سيف الله المسلول (خطبة)
  • وأيوب إذ نادى ربه (خطبة)
  • نفع الناس (خطبة)
  • الأمانة: فضائلها ومجالاتها (خطبة)
  • النفائس في التحذير من المباهاة في تجهيز العرائس (خطبة)
  • لا تسبوا جنود الله (خطبة)
  • البدعة وخطرها (خطبة)
  • فتنة الأموال والأزواج والأولاد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • النذر لغير الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محبة العرب من الدين وذمهم من الضلال المبين(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • تفسير قول الله تعالى: هذا نذير من النذر الأولى(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • غصن نضير من دوحة البشير النذير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إذا ضاق صدرك بالهم الكبير فأكثر من الصلاة على البشير النذير صلى الله عليه وآله وسلم(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • التحذير من التقصير في الصلاة والسلام على البشير النذير(مقالة - ملفات خاصة)
  • شذا العبير من سيرة البشير النذير(كتاب - الإصدارات والمسابقات)
  • الجامع الصغير من حديث البشير النذير (القسم الثاني)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الجامع الصغير من حديث البشير النذير (القسم الأول)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • النجاة من الخسران المبين بالإيمان والعمل: في رحاب سورة العصر (3) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب