• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / نوازل فقهية
علامة باركود

بطاقات التخفيض: حقيقتها وخلاف العلماء حول حكمها

بطاقات التخفيض: حقيقتها وخلاف العلماء حول حكمها
أم يحيى عبدالرحمن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/3/2016 ميلادي - 9/6/1437 هجري

الزيارات: 57294

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بطاقات التخفيض

حقيقتها وخلاف العلماء حول حكمها

 

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإنَّ عظماء العرب والغرب قد أجمعوا على تميُّز النظام الإسلامي وأفضليَّته واستجابتِه لكافة متطلبات نظم الحياة البشرية، كما أنَّهم أشادوا بالرُّقي الحضاري الكبير الذي تُمثِّله قواعدُ ومبادئُ هذا النظام، وإن دل هذا الأمر على شيء، فإنما يدل على حاجةِ الإنسان الماسة إلى النَّهَل من مَعِين الوحي الرباني، ولا عجبَ؛ فشتَّان بين عِلم الكامل ومعرفة الناقص!

 

وقد ظهرت خلال عصرنا الحالي أنماطٌ مختلفةٌ من أساليب الترويج للمؤسسات وللمنتَجات وكَسْبِ الزبائن، وهي غالبًا ما تكون على نمطِ تقليدِ الغرب، لكنْ بموجِب مبدأ أخذ الحسن ورد السيِّئِ؛ فقد تلقَّاها العلماء بعَين النقد والتمحيص، بِعَرْضِها على أحكام الشريعة الإسلامية وتحديدِ الموقف السليم منها؛ حتى يكون مَحْيَانَا ومماتُنا على بصيرة، ومن هذه الطرق الترويجُ لما يعرف بـ "بطاقات التخفيض".

 

وسوف نحاول خلال هذا البحث، بإذن الله، التطرُّق لموضوع بطاقات التخفيض من وِجهة نظر شرعيةٍ بَحْتَةٍ، محاولين سَبْرَ غَوْرِ جوانب الموضوع الذي نشأ بخصوصه.

 

1- أهمية دراسة الموضوع وأسباب اختياره:

تتمثل أهمية دراسة هذا الموضوع - وهي في نفس الوقت غالبُ أسباب اختياره - في الأمور التالية:

أ- شيوعُ عروضُ بطاقات التخفيض وكثرةُ إقبال الناس عليها؛ خدمةً للرغبة في الاستفادة من كُلِّ ما يخفف عبءَ تكاليف الحياة.

 

ب- الغالبُ على الوسائل الترويجية الغربية احتواؤُها على محظورات وتحفُّظاتٍ من وجهة النظَر الإسلامية؛ فوجَب النظر في كل ما يَرِدُنا من طرَفهم.

 

ج- تحقيق الاهتمام بعادات الناس في البيع والشراء تَأَسِّيًا بالشارع الحكيم؛ حيث إنَّ كُتب السُّنة حوت عشرات الأحاديث التي تتعلق بالمعاملات بين الناس، وحيث إنَّ علماء الإسلام خصصوا حيزًا كبيرًا من مؤلفاتهم لشرح واستنباط دروس وفوائد مما ورد في هذه الأمور.

 

د- تعويد المجتمع الإسلامي الرجوعَ للمرجعيات العلمية قبل الخوض في كل أمور دينهم ودنياهم.

 

2- أهداف البحث:

يهدف هذا البحث إلى تحقيق مجموعة من الأمور:

أ- التعرف على بطاقات التخفيض.

ب- التعرف على الحكم الشرعي بخصوص الاستفادة من بطاقات التخفيض.

ج- التعرف على وجهات نظر أهل الاجتهاد، وكذلك على الأدلة التي بَنَوْا أحكامهم عليها.

د- فهم بؤرة الخلاف في الموضوع.

 

3- تقسيمات البحث:

سوف ينقسم هذا البحث إلى:

• تمهيد: التعريف ببطاقة التخفيض واستخداماتها، وفيه مَبْحَثٌ بمطلَبين:

المبحث الأول: نشأةُ بطاقة التخفيض، وفيه مَطْلَبان:

• المطلب الأول: التعريف ببطاقة التخفيض.

• المطلب الثاني: نشأة بطاقة التخفيض.

 

• مبحثٌ ثانٍ بثلاثة مطالب:

المبحث الثاني: خلاف العلماء حول حكم استخدام بطاقة التخفيض، وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: تحرير محل الخلاف.

المطلب الثاني: القائلون بالجواز وأدلتُهم.

المطلب الثالث: القائلون بالتحريم وأدلتُهم.

المطلب الرابع: القول الراجح.

 

• وخاتمة: أهم نتائج البحث.

الفهارس.

 

4- منهج البحث:

سوف أعتمد، بإذن الله، خلال هذا البحث المنهجَ الاستقرائيَّ والوصفيَّ؛ حيث سأقوم بالحديث عن بطاقات التخفيض والتعريف بها، ثم استقراءِ آراء أهل العلم والاجتهاد المعتبَرِين حولها، ما بين المُجيزِين والمانعِين أو مَن يحكم عليها بتحفُّظات، وكذلك استقراء أدلتهم وإيراد ردودِ البعض عليها إن وجدت، ثم استنباط الراجحِ من هذه الآراء.

 

5- الدراسات السابقة:

تعددت الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع بتعدد الباحثين والمستجدات.

 

فعلى مستوى البحوث العلمية والمؤلفات:

• لا يخفى التنويه بمؤلَّف الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله والمعنون بـ: "بطاقات التخفيض: حقيقتها التجارية، وأحكامها الشرعية"، حيث فُصِّلَ للحديث عن بطاقة التعريف ضمن أكثر من عشرة فصول، مبيِّنًا حكم مختلف أهل العلم حولها مع الأدلة والبراهين، وتمحيصٍ لمنافعها ومضارِّها في حياة المسلم.

 

• كما أصدر الشيخ دبيان محمد الدبيان كتابًا بعنوان "المعاملات المالية: أصالةٌ ومعاصَرةٌ"، ضَمَّنَهُ فصلًا عن حكم التعامل ببطاقات التخفيض؛ حيث أبرَز أنواعَ هذه البطاقات وأطرافَها، وبيَّنَ ترجيحَه في مسائل الخلاف المتعلقة بها، مع تفصيل في بيانِ أسباب حكمه بالجواز، وبيانِ الأدلة المعتمَدة في ذلك.

 

• وهناك أيضًا مؤلَّف قيِّم للشيخ خالد المصلح، بعنوان "الحوافز التجارية التسويقية وأحكامها في الفقه الإسلامي" تطرَّق فيه للتعريف ببطاقة التخفيض، وبيانِ أنواعها وكل الصلاحيات التي تُخَوِّلُها للمسلم، كما ضَمَّنَه الحديثَ عن الضمانِ في التعامل معها وضوابطِ المسائل، في علاقة بمباحثِ اختلاف وتماثل الأجناس.

 

تمهيد:

التعريف ببطاقة التخفيض واستخداماتها:

وفيه مبحث واحد بمطلبين:

مبحث: نشأة بطاقة التخفيض، وفيه مطلبان:

1- المطلب الأول: التعريف ببطاقة التخفيض:

بطاقةُ التخفيض: هي قسيمةٌ تُخَوِّلُ الحصولَ على تخفيضٍ في سعر مُنْتَجٍ معين أو خدمةٍ معينة يحصلُ عليها المستهلك، إمَّا عن طريق التوزيع أو الإرسال، أو ببَتْرِها من جريدة أو مجلة، أو تكون مرافِقة لمنتَج معين، وفي هذه الحالة الأخيرة فالتخفيض يكون إما حالًا أو لدى شراء منتَج مماثِل في الأجَل.

 

وهناك نوع آخر من بطاقات التخفيض، التي يحصل المستهلك عن طريقها على حق استرجاع جزء من المال المدفوع لشراء منتَج معين[1]. ا.هـ.

 

فتكونُ بطاقةُ التخفيض - بناءً على التعريف الاصطلاحي - امتيازًا يحظى به المستهلِك المعيَّن في معاملته بخصوص منتَج معين أو خدمة معينة، كما أن هذا الامتياز غالبًا ما يتأتَّى عند معاملة تجارية يكون فيها المستهلك أحد الطرفين، ولا يُستفاد من هذا الامتياز سوى مرةٍ واحدة؛ فهو إذًا مرتبط بأجَل محدد.

 

ومن هنا، يمكننا استنباط تعريفٍ شرعيٍّ لبطاقة التخفيض؛ فنقول: إن بطاقة التخفيض هي "هبة مشروطَة بأجَل محدَّد على سلعة أو خدمة معينة".

 

• فخرج بلفظ "الهبة": الشراءُ والبيعُ والتأجيرُ والرهنُ والجعالةُ والعطيةُ.

• وخرج بـ "الأجل المحدد": ما كان مُؤَبَّدًا كالوقف والزكاة.

• وخرج بـ "السلعة المعينة": ما كان غيرَ معيَّن، كالمجهول والمعدوم، والسمك في الماء، والطير في الهواء.

 

2- المطلب الثاني: نشأة بطاقة التخفيض:

لم تَتَّخِذْ بطاقةُ التخفيض طابعها التداوُلِيَّ الحالي سوى خلال العقود الأخيرة، لكن بالرجوع لصفحات التاريخ الغربي؛ فإننا نجد أن أوائل مراحلِ تداولها نشَأت خلال أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وبالتحديد سنة 1887؛ حيث عمد مؤسس شركة المشروب الغازي الشهير ب"كوكاكولا" وهو "أسا كاندلر"، إلى توزيع بطاقة مكتوبة بخط اليد على زبائنه، وُرَيْقَة صغيرة تُخَوِّلُ لهم حقَّ الحصول مجانًا على كأس من مشروب الكوكاكولا في أماكن ترويجه[2]، وقد حظيت فكرته بالإعجاب والانتشار والفاعلية؛ حيث تفيد إحصائيات تلك الفترة بأن تسعةً من عشرة أشخاص حَظُوا خلال فترة عشرين سنة بامتياز الحصول على كأسٍ مجانيٍّ من هذا المشروب، فكانت بذلك شركة كوكاكولا أولَ من بادر إلى إنشاء هذه البطاقة.

 

ثم حذت حذوها شركاتٌ أخرى متخصصة في منتجات مختلفة، لكنَّ الملاحَظَ على عروضهم لتلك الفترة، كونُها كانت أحيانًا محددة زمانيًّا؛ إذْ كان الهدفُ من بعضها تشجيعَ المستهلكين على التعرُّف على المنتَج لضمان استمرار بيعه بعد انتهاء عروض البطاقات، كما أن المعاب على هذه المبادرات كونُها لم تكن تُيَسِّرُ الحصول على منتَجات رئيسة في لائحة احتياجات المواطنين، فلم تكن هناك بطاقات تخفيضٍ على مادة الحليب ولا البيض ولا السكر وغيرها مما لا يستغني عنه المستهلك خلال يومه، خصوصًا خلال مرحلة الأزمة الاقتصادية الكبرى في الثلاثينِيَّات.

 

بعد ذلك، تم تداول بطاقات التخفيض في أسواق الاتحاد السوفييتي سابقًا؛ حيث كان المواطنون يقفون في صفوف بأعداد كبيرة؛ للاستفادة من تخفيضات بضعة سنتيمات على محلات الملابس والإكسسوارات.

 

وهكذا، فقد تطوَّرَ تداولُ البطاقات، وتطورت أيضًا طرُقُ ومجالاتُ استخدامها حتى صارت رقمية وإلكترونية خلال التسعينيات، مع بدء استخدام الشبكة العنكبوتية أو ما يسمى بـ"الإنترنت"، إلى أنْ صارت تُتَداوَل عبر الهواتف الذكية خلال العقد الحالي.

 

مبحثٌ: خلافُ العلماء حول حكم استخدام بطاقة التخفيض:

ويشمل أربعة مطالب:

1- المطلَب الأول: تحرير محل الخلاف.

2- المطلَب الثاني: القائلون بالجواز وأدلتهم.

3- المطلَب الثالث: القائلون بالحرمة وأدلتهم.

4- المطلَب الرابع: الرأي الراجح.

 

1- المطلب الأول: تحرير محل الخلاف:

اتَّفَقَ العلماء على جواز التعامل ببطاقة التخفيض وصِحَّة معاملتها، مقيَّدةً كانت أو مطْلَقةً، وحالَّةً كانت أو مؤجَّلةً؛ وذلك باعتبار إلحاقها بباب الهبة، حيث وردت نصوص ثابتةٌ بجواز وصحة معاملة الهبة.

 

روى النعمان بن بشير، قال: أعطاني أبي عطية، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني أعطيت ابني عطيةً، وإن أمَّه قالت: لا أرضى حتى تُشْهِدَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهل أَعْطَيْتَ كلَّ ولدك مثل ذلك؟))، قال: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم؛ أليس يسُرك أن يكونوا لك في البر سواءً؟))، قال: بلى، قال: ((فلا إذًا))[3] ا.هـ.

 

فالشاهدُ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَحَّحَ معاملة الهبة.

 

كما اتفق العلماء على نَفَاذِ عقد التخفيض بمجرد استلام المستهلك لبطاقة التخفيض، ما دامت المعاملة وَفْقَ ما اشتَرَطه صاحب العرض لنفاذه، كالأجل وتحديد البضاعة وتحديد الكم والسعر المعتبرَيْن لإنفاذ العقد وذلك في بعض الحالات.

 

واتفقوا أيضًا على جواز التعامل ببطاقة التخفيض التي يتم الحصول عليها بدون دفع مقابل مالي، سواء كان هذا المقابل في صورة اقتطاعات شهرية أو بالتأثير على تسعير بعض منتَجات وخدمات المؤسسة المعنية والموجهة للزبون، لكنَّهم اختلفوا في صحة عقد بطاقة التخفيض التي يتم الحصول عليها بمقابل مالي أيًّا كانت صورته، فظَهَرَ قولان في المسألة؛ قولُ المجيزين وقولُ المانعين.

 

2- المطلب الثاني: القائلون بالجواز وأدلتهم:

وقد قال به جملةٌ من العلماء المعتبَرِين، منهم الشيخ دبيان محمد الدبيان والشيخ فهد بن سالم بَاهَمَّام، وكذلك الشيخ عبدالعزيز الطَّرِيفي، والشيخ خالد بن علي المشيقح، فهم يرون حِلَّها، ويعتبرون المبلغ المدفوع إزاءها أجرَ عمل في حقِّ مَن يُصدر هذه البطاقات، سواء كان البائعَ نفسَه أو الوسيطَ بين البائع والمستهلك، ويَخُصُّ الشيخ المشيقح الحكمَ بالجواز ببطاقات التخفيض الخاصة فقط؛ حيث تكون جهة التخفيض واحدة.

 

هذا، وقد بنَوْا حكمهم بالجواز على أدلة عديدة، منها:

أ- باعتبار القاعدة الفقهية التي تنص على أن الأصل في المعاملات الحل حتى يرد الدليل بخلاف ذلك.

 

ب- أنَّ العقد المُبْرَم بين البائع والمستهلك في حالة بطاقة التخفيض هو عقدُ إجارة، فكما أنَّ المستأجر لبيت مثلًا لا يلزمه استخدامُه أو السكنُ فيه خلال فترة الاستئجار، فلا يلزم مَن اشترى هذه البطاقات استخدامُها بعد ذلك حتى يُعَدَّ العقد نافذًا وصحيحًا.

 

وهناك من يرى كون المعاملة دائرةً بين السمسرة والجِعالة، في علاقة الشركة الراعية بالوسيط المُصْدِرِ لهذه البطاقات، قال الشيخ الدبيان: "الذي أميل إليه أنَّ العَلاقة بين جهة الإصدار وبين شركات التخفيض هي علاقة سمسرة"[4]، وقال أيضًا: "وقد يقال: إن العلاقة بينهما عقد جعالة، فكأَنَّ هذه المحلات قالت: مَن جاءنا بمن يشتري مِنَّا استَحق كذا وكذا، وعلى كلا التوصيفين لا يكون الغرر مؤثرًا في صحة العقد؛ لأن السمسرة والجعالة يُقْبَلُ فيهما الغَرر؛ لقيام الحاجة إلى هذه العقود، والله أعلم"[5].

 

ج- أن الأجر المدفوع للحصول على البطاقة هو أجرُ عاملٍ ووسيطٍ، وهو بمثابة العِوَض، وقد جاء في "المُغْني" تجويزُ الإمام أحمد رحمه الله قولَ الرجل لآخر: اقترض لي من فلان مائةً ولك عشرة، فألْحَقُوا عِوض التخفيض بعِوض القرض، ولعله أولى بالجواز منه.

 

د- أن الغرر في هذه المعاملة يسير مُغْتَفَر، لا تأثيرَ له على أطرافها.

 

غيرَ أن هذا التجويز ليس على إطلاقه؛ إذ مِن العلماء المجيزين من يقيِّده بشروط؛ منها:

أ- معرفة نسبة التخفيض؛ حتى لا يدخل المعاملةَ أيُّ غرر أو جهالة.

 

ب- تحديد العين التي يقع عليها التخفيض، فإن كانت سلعةً وجب تسميتُها، وإن كانت خدمةً وجب تعيينُها؛ حتى نضمن تَماثُل الجنسين[6].

 

3- المطلب الثالث: القائلون بالتحريم وأدلتهم:

وقال به جمعٌ من العلماء، كالشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين والشيخ عبدالله بن جبرين رحمهم الله والشيخ صالح بن فوزان الفوزان، والشيخ خالد المصلح، وغيرهم، كما تضمَّنَتْهُ قرارات العديد من المجامع الفقهية والعلمية، كاللجنة الدائمة للإفتاء، والمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي.

 

وأدلتهم في المسألة كثيرة، منها:

أ- أنَّ هذه المعاملة قائمة على الغُرْمِ والغُنْمِ، ففي حالة انتفاع المستهلك بها؛ يتحقق الغنم بشراء منتَج، أو بالاستفادة من خدمة بسعر أرخص من السعر الاعتيادي، وفي حالة لَم يستخدمها فإنها خسارة في حقه؛ وفي هذه الحالة فإن فيها شَبَهًا بالميسر والقمار.

 

ب- أنها معاملة يتخللها الجهالة والغرر؛ إذ إن المستهلك لا يدري ما نسبة التخفيض التي يستفيد منها، ولا عِلْمَ له عن طبيعة السلعة أو الخدمة التي تفيده البطاقة فيهما بالتحديد.

 

ج- أنها معاملة تجر بالناس إلى العداوة والبغضاء والمشاحنات على العديد من المستويات؛ فلا يمكن للشركات والمؤسسات أن تُلْزِمَ نقاط البيع والمتاجرَ بالتخفيضات التي تُخَوِّلُهَا البطاقة، كما أنَّ زيادة الرواج على بضائع مخفَّضة بالبطاقة يُسَبِّبُ كسادَ غيرها مما هو معروض بالأسعار الاعتيادية؛ فمفاسدُها أكثرُ من مصالحها.

 

جاء في فتوى اللجنة الدائمة: "فتداوُل البطاقة المذكورة يجرُّ إلى إحداث العداوة والبغضاء بين أصحاب المحلات، المشتركين في التخفيض وغير المشتركين؛ حيث تَنْفُقُ سلع محلات التخفيض، وتكسد بضائع الذين لم يشتركوا في التخفيض"[7].

 

د- أن هذه المعاملة تمثل أكلًا لأموال الناس بالباطل؛ إذ إن المستهلك يدفع مالًا مقابل ما قد لا يستفيد منه في المستقبل، وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطب الناس يوم النحر، فقال: ((يا أيها الناس، أيُّ يوم هذا؟))، قالوا: "يومٌ حرام"، قال: ((فأي بلد هذا؟))، قالوا: "بلد حرام"، قال: ((فأي شهر هذا؟))، قالوا: "شهر حرام"، قال: ((فإنَّ دماءكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرامٌ، كحُرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا))، فأعادها مرارًا[8]، قال الحافظ ابن حجر: "وإنما شَبَّهَ حرمة الدم والعِرض والمال بحرمة اليوم والشهر والبلد؛ لأن المخاطَبِين بذلك كانوا لا يرون تلك الأشياء، ولا يرون هتك حرمتها، ويعيبون على من فعل ذلك أشدَّ العيب، وإنما قدَّم السؤال عنها تذكارًا لحرمتها، وتقريرًا لِمَا ثبت في نفوسهم؛ ليبني عليه ما أراد تقريره على سبيل التأكيد"[9].

 

4- المطلب الرابع: القول الراجح:

انطلاقًا من بَسْطِ أقوالِ العلماء في المسألة وأدلتِهم عليها؛ نرى أنَّ أدلةَ المجيزين أقوى وأقربُ لتحقيق المقاصد المبتغاة من المعاملة، كما أنها أكثرُ تحقيقًا للعديد من القواعد الفقهية التي تهدف إلى تنظيم معاملات الناس؛ فاستخدام هذا النوع من البطاقات يُيَسِّرُ للمستفيد مصاعبَه الشرائية؛ حيث يُمَكِّنُه من اقتناء ما يحتاجه بأسعار أرخصَ، كما أنَّه يكفيه عناء انتظار فترات التخفيض السنوية، وفي ذلك اقتصاد في المال والوقت على المدى البعيد.

 

كما أنَّ الحديث عن الغرر والجهالة لدى المانعين ينتفي عند مَن يرى الجواز بشرطَيْ تحديدِ نسبة التخفيض والمنتَج الذي يسري عليه هذا التخفيض، فيزول هنا الإشكال.

 

يبقى إشكالُ جلب النزاعات والمشاحنات ونُفُوق السلع، وهنا لا يخفى كون الأمر نِسْبِيًّا وغيرَ متحقق الوقوع، بالإضافة إلى كَوْنِ الغالب على الشركات التزامُها بالعمل بتخفيضات البطاقات؛ حيث إنَّها خاضعةٌ لاتفاقيات بين المؤسسات الراعية للعروض، وعدم الالتزام بتخفيضات البطاقات يعتبر تَنَصُّلًا من الاتفاق، وبالتالي فهو خَرْقٌ يُوجِب تدخُّلَ الهيئات القانونية المناسبة، والأحكامُ إنما هي للغالب الكثير، والنادر في حكم المعدوم[10]، كما قال ابن القيم رحمه الله.

 

كما أن المشقة المعتبَرة في تجويز هذه البطاقات عامةٌ ومحققةٌ، وهو من ضوابط إعمال قاعدة "المشقة تجلب التيسير"، فقد جاء في المنثور: "هَذَا إذَا كَانَتِ المَشَقَّةُ (وَوُقُوعُهَا) عَامًّا، فَلَوْ كَانَ نَادِرًا، لَمْ تُرَاعَ المَشَقَّةُ فِيهِ"[11].

 

الخاتمة:

• أهم نتائج البحث:

انطلاقًا من هذا الاستقراء للآراء في المسألة وللأدلة التي بنى أصحاب الأقوال عليها حكمهم؛ يَتبيَّن لنا الآتي:

أ- أنَّ مقصدَ التيسير في الشريعة وإسقاطَه على الأحكام والفروع ليس على إطلاقه، بل له ضوابط قبل إعماله، ولا يجوز اللجوء للتيسير إلا بعد إعمالِ الشرع وتحكيمِه والتحقُّقِ من إمكانية تيسير التكليف، فبطاقات التخفيض مِن شأنها أنْ تيسِّرَ للناس أمورَ دنياهم فيما يبدو، لكنْ حينما نظرَ العلماء للمفاسد التي تترتب عن هذا التيسير، وُجد أنه في الحقيقة جالبٌ لمَضَرَّةٍ مُؤجَّلة، ولِخَسارةٍ على المدى البعيد، فكان لزامًا عليهم تقييدُ هذه المعاملة بما قد يمنع الضررَ على المكلَّف، مع الحفاظ على مَقصَد التيسير فيها.

 

ب- نلحظ أيضًا أن تجويز هذه البطاقات بقيود يخدم طابع الوسطية والاعتدال اللذينِ تمتاز بهما الشريعة الإسلامية عن غيرها من الشرائع، ما بين تشدُّد اليهودية وتساهُل المسيحية، فقد حَرَّم اليهود جملةً مما أحل الله، وحَلَّلَ النصارى جملة مما حرم الله، والحكمة تقتضي الأخذَ بالطيب ودفعَ الخبيث، إلا ما غَلَب خبثُه، كالخمر والربا والميسر، وإن أمكن إصلاح الخبث أُصلِح، كما جاء في الخل والإهاب، وإلا تُرِكَ، كحال النجاسة العينية، فإنه لم يمكن أبدًا إصلاح ما قضى الله بفساده مطلقًا، والأخذ بهذه البطاقات مع الضوابط فيه نوعُ تحسينٍ لما خَبُثَ في المعاملة.

 

هذا ما تيسر، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


المراجع:

• موقع أكاديمية العلوم التجارية الفرنسية الرسمي.

• المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د.ت.

• الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، دار طوق النجاة، الطبعة الأولى، 1422.

• زاد المعاد في هدي خير العباد، محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1418.

• فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، دار المعرفة، بيروت، 1379.

• المنثور في القواعد الفقهية، أبو عبدالله بدر الدين محمد بن عبدالله بن بهادر الزركشي، وزارة الأوقاف الكويتية، الطبعة الثانية، 1405.

 


[1] أكاديمية العلوم التجارية، 19 ديسمبر 2015.

[2] تاريخ بطاقات التخفيض، كليمانس، 19 ديسمبر 2015.

[3] رواه مسلم (1623).

[4] الشيخ دبيان محمد الدبيان، بطاقات التخفيض، 19 ديسمبر 2015.

[5] نفس المرجع السابق.

[6] الشيخ خالد بن علي المشيقح، المعاملات المالية المعاصرة، 19 ديسمبر 2015.

[7] فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 14).

[8] رواه البخاري (16/ 52).

[9] فتح الباري (3/ 576).

[10] زاد المعاد (5/ 421).

[11] أبو عبدالله، بدر الدين، محمد بن بهادر بن عبدالله الزركشي المصري، دار الكتب العلمية، لبنان، 1421، الطبعة الأولى، المنثور في القواعد، الصفحة 172.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • النقود الرقمية والبطاقات الذكية

مختارات من الشبكة

  • القرارات الجماعية في البطاقات البنكية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • دراسة نقدية لما كتب حول نازلة بطاقات الائتمان وأحكامها الفقهية(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • حكم الصرف بواسطة بطاقات دفع الثمن الإلكتروني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بطاقات الائتمان، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ومناقشة البدائل (WORD)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • بطاقات التجويد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بطاقات التأمين الصحي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • افتتاح بئر بالنيجر وتوزيع بطاقات الرعاية الصحية وترميم مسجد في رواندا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بطاقات التعامل التجاري والاقتراض من البنوك(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم - بطاقات (PDF)(كتاب - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • بطاقات دعوية بالإنجليزية(مقالة - موقع د. ناجي بن إبراهيم العرفج)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب