واجبات هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

واجبات هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مُضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

أما بعد:

فإن خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزءٌ من كيان هذه الدولة، التي قامت على تَحكيم الكتاب والسنة على منهج سَلَف الأمة، كما يُؤكد ذلك وُلاة هذا البلد في كل مُناسبة، وكما هو منصوص في النظام الأساسي للحكم، ففي المادة الثالثة والعشرين تَحمي الدولة عقيدة الإسلام، وتطبق شريعته، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله.

فهذه الشعيرة قامت مع قيام الدَّولة السعودية، فمن حين بَدأ حُكْمِ الملك عبدالعزيز قامَ الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان في بَدء الأمر؛ حيث قلة الإمكانات، كان العمل تطوعيًّا كسائر الأعمال، كالتعليم والدَّعوة والقضاء، ثُمَّ مرَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمراحلَ، حتى صدر المرسوم الملكي رقم: (م/64) في 1/9/1396هـ بتوحيد عمل الهيئات تحت مظلة الرِّئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثم هذا الجهاز كغيره من أجهزة الدَّولة حددت واجباته وصلاحياته، فلم يترك الأمر من غير ضبط، ولو حصل تَجاوز من بعض المنتسبين لهذا الجهاز، فالمتجاوز كغيره من مُوظفي الدولة عُرضة للمسألة والمحاسبة، ولعلَّ بعض من يتكلم على عمل الهيئات لا يعلم المهام المناطة بالهيئات، فعمل الهيئة مُنصَبٌّ على حماية أمن المجتمع، أمنه الفكري والأخلاقي والعَقدي.

وهذه مُقتطفات من اللائحة التنفيذية لنظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الصَّادر بالمرسوم الملكي رقم: (م/37)، وتاريخ 26/10/1400هـ:

الباب الأول: (واجبات الهيئة):

المادة الأولى: على أعضاء هيئات الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر القيام بواجبات الهيئة، حسبما حددتها المادة التاسعة من نظام الهيئة الصادر بالمرسوم الملكي رقم: (م/37) وتاريخ 26/10/1400هـ، والتي أهمها إرشاد الناس، ونصحهم لاتِّباع الواجبات الدِّينية المقررة في الشريعة الإسلامية، وحمل النَّاس على أدائها، وكذا النَّهي عن المنكر بما يَحول دون ارتكاب المحرَّمات والممنوعات شرعًا، واتِّباع العادات والتقاليد السيئة، أو البدع المنكرة، ويكون ذلك باتباع الآتي:

أولاً: حثُّ الناس على التمسُّك بأركان الدين الحنيف، من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وعلى التحلي بآدابه الكريمة، ودعوتِهم إلى فضائل الأعمال المقررة شرعًا، كالصدق، والإخلاص، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانات، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ومراعاة حقوق الجار، والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين، ومساعدة العَجَزة، والضُّعفاء، وتذكير الناس بحساب اليوم الآخر، وأن {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46].

ثانيًا: لما كانت الصلاة هي عمود الدين، وسنامه، فيتعيَّن على أعضاء الهيئة مراقبة إقامتها في أوقاتِها المحددة شرعًا في المساجد، وحث الناس على المسارعة إلى تلبية النِّداء إليها، وعليهم التأكُّد من إغلاق المتاجر، والحوانيت، وعدم مزاولة أعمال البيع خلال أوقات إقامتها.

ثالثًا: مُراقبة الأسواق العامة، والطُّرقات، والحدائق، وغير ذلك من الأماكن العامة، والحيلولة دون وقوع المنكرات الشرعية الآتية:

1- الاختلاط والتبرج المحرمان شرعًا.

2- تشبه أحد الجنسين بالآخر.

3- تعرض الرجال للنِّساء بالقول أو بالفعل.

4- الجهر بالألفاظ المخلة بالحياء، أو المنافية للآداب.

5- تشغيل المذياع، أو التلفزيون، أو المسجلات، وما ماثل ذلك بالقُرب من المساجد، أو على أي نحو يشوش على المصلين.

6- إظهار غير المسلمين لمعتقداتهم، أو شعائر مللهم، أو إظهارهم عدم الاحترام لشعائر الإسلام وأحكامه.

7- عرض أو بيع الصور والكتب، أو التسجيلات المرئية، أو الصوتية المنافية للآداب الشرعية، أو المخالفة للعقيدة الإسلامية، اشتراكًا مع الجهات المعنية.

8- عرض الصور المجسمة، أو الخليعة، أو شعارات الملل غير الإسلامية؛ كالصليب، أو نجمة داود، أو صور بوذا، أو ما ماثل ذلك.

9- صنع المسكرات أو ترويجها أو تعاطيها، اشتراكًا مع الجهات المعنية.

10- منع دواعي ارتكاب الفواحش، مثل: الزنا، واللواط، والقمار، أو إدارة البيوت أو الأماكن لارتكاب المنكرات والفواحش.

11- البدع الظَّاهرة، كتعظيم بعض الأوقات أو الأماكن غير المنصوص عليها شرعًا، أو الاحتفال بالأعياد والمناسبات البدعية غير الإسلامية.

12- أعمال السحر والشعوذة، والدجل لأكل أموال الناس بالباطل.

13- تطفيف الموازين والمكاييل.

14- مراقبة المسالخ؛ للتحقُّق من الصفة الشرعية للذَّبح.

15- مراقبة المعارض ومحلات حياكة ملابس النساء. اهـ.

الخطبة الثانية

الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر بصفة رسمية شامة في جَبين هذه الدولة، وميزة تُميزها عن غيرها من بلاد المسلمين، ولا زال هذا الجهاز المبارك يقوم بدَورِه المساند للأجهزة الحكومية الأخرى، لا سيما الجهاز الأمني، فهو نعم المعينُ والمساعد له.

فعمل هذا الجهاز عمل توعية، وذلك عن طريق المحاضرات والمطويات والأشرطة المسموعة، ويعمل على التقليل من المنكرات مُتَّخذًا من المناصحة والستر مبدأً له، ففي آخر تقرير صَدَر لإنجازات الرِّئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خلال العام المالي 1427/ 1428: عددُ المحاضرات والنَّدوات والكلمات التوجيهية المقامة 33667، وتَمَّ توزيع 8812153 ما بين كتاب، وكتيب، ونشرة، وموادَّ مسموعةٍ، هذا في باب الأمر بالمعروف.

أما في باب إنكار المنكر والتصدي للمخالفات الشرعية، فقد جاء في التقرير: تَمَّ ضبط 300879 وقوعة، وقد بلغ عددُ أطراف هذه الوقوعات 323761، وتَمت معالجة هذه الوقوعات كما يلي: قضايا أحيلت إلى جهات الاختصاص بَلَغَ عددُها 24141 قضية، بمعدل 8% من إجمالي الوقوعات، كما بلغ عدد أطرافها 47023 شخصًا، بمعدل 10% من إجمالي المضبوطين، ومُخالفات انتهت بالتعهد بلغ عددها 276738 مخالفة، بمعدل 92% من إجمالي الوقوعات، كما بلغ عدد أطرافها 276738 شخصًا، بمعدل 90% من إجمالي المضبوطين.

فرجال الهيئة يَحرصون على السرية، وعدم الفضح، وهذا هو الأصل، فلذا 90% من أصحاب القضايا تحل قضياهم بسرية داخل مراكز الهيئة، ولا ترفع مخالفاتهم لجهات التحقيق والجهات الأمنية، ولم يرفع إلاَّ 10% من أصحاب القضايا، ومن تعامل مع المخالفات يعلم أنَّ هذه النسبة هي خاصة بطائفة تتكرَّر منها المخالفة، وتُصِرُّ عليها، ولا يُجدي معها النُّصح والتوجيه.

دور الإعلامي في القضايا التي تقع في المجتمع هو نقلُ الخبر، فلا تثريبَ على الإعلامي إذا نقل خبرًا بعد أن يَتَثبَّت من صِحَّته، ثم يأتي دور الجهة المعنية في الرد، ويبقى دورُ الإعلامي هو نقل وجهات النَّظر، والمطالبة بالتحقيق في مُلابسات القضية إذا لم يقتنع بالرد، ثم يترك الأمر للجهات المسؤولة عن التحقيق، فهي التي تصدر الحكمَ، وتبيِّن للنَّاس الملابسات والخطأ إن وجد ونوعه.

أمَّا أن تكون الوسيلة الإعلامية هي الحَكَم، الذي يصدر الحُكْم، ويُؤلب الناس على هذه الجهة، بل ربَّما صعدت القضية عالميًّا، فهذا مسلك شائن خلاف العدل، ويزداد الأمر سوءًا حينما يطبق هذا المنهج على طائفة خاصة دون غيرها، وهذا يظهر بعض الأحيان في القضايا، التي تكون أحد الجهات الشرعية طرفًا فيها.

فمثلاً حينما تَحصل مخالفة شرعية من امرأة، وتقوم الهيئة بتوقيف المرأة مع سائقها، والتحفُّظ على هاتفها؛ لأنه من الأدلة التي يُستعان بها على بيان المخالفة - ينبري بعضُ الإعلاميِّين بالتشنيع على الهيئة، وعلى تصرفها، مع أنَّ الإجراء جارٍ في كل مكان داخل المملكة وخارجها، فمثلاً التحفُّظ على الهاتف الخاص إجراءٌ مُتَّخذ في مدارس البنين والبنات، وحينما يقبض رجال الأمن على مُتهم يتحفظون على بعض ما يَجدونه من أشياء خاصَّة، كالهاتف، والحاسب الشخصي، والمحفظة؛ للاستعانة بها أثناء التحقيق، ولا نرى مَن ينبري لتخطئتهم، أو يُؤلب النَّاس أو الجهات الرسمية عليهم.

وهنا سؤال يتبادر للذِّهن: ما الذي يَجعل طائفة من الناس تستغل أيَّ خطأ - على التسليم أنه خطأ - ما الذي يَجعلها تستغل هذا الخطأ، وتشن الغارة على هذه الجهة، وتؤلب ضدها؟ الحامل للبعض منهم حنقهم ومُخالفتهم لهذه الجهة، فهم يظنون أنَّ هذه الحملات وسيلةُ ضغط، قد تُثمر إغلاق هذه الجهة، أو ضمها لجهة أخرى تذوب فيها، أو تقليص صلاحياتها، خَيَّبَ الله ظنهم، ورَدَّ كيدهم في نُحورهم.

معاشر الإخوة:

لا نُبَرِّئ الجهات الشرعية، كالمحاكم، ومكاتب الدَّعوة، والهيئات، والجمعيات الخيرية، وجَمعيات تَحفيظ القرآن، وغيرها من الأخطاء، فمَن يَعمل لا بُدَّ أن يقع في الخطأ، لكن المستنكر هو تلفيق التهم، وإصدار الأحكام من غير أهلها، وتضخيم الأخطاء، والتشهير، والتركيز على جهة دون أخرى، وإلاَّ النُّصح وإصلاح الأخطاء مَطلب ينشده كل عاقل.