• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    نكتب المنثور (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

تمهيد حول التاريخ القديم للعربية الفصحى

تمهيد حول التاريخ القديم للعربية الفصحى
محمد أحمد محمود

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/7/2014 ميلادي - 24/9/1435 هجري

الزيارات: 7035

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تمهيد حول التاريخ القديم للعربية الفصحى

وحدود توافق عربية القرآن

مع لغات الكتب السابقة عليه: (التوراة والإنجيل)


إن أي بحث أو دراسة في محاولة الكشف عن تاريخ العربية الفصحى القديم قبل الشعر الجاهلي يرتبط بمجموعة من الحقائق، كالآتي:

1- حيث إن القرآن الكريم هو كتاب العربية الفصحى الأول، فهو قاعدتها ووعاؤها اللغوي اللساني الشامل في كل ما ورد فيه: مفردات وأسماء وأفعال وحروف، مبانٍ أو معانٍ، ومضمر وغير مضمر، وجمل أو حروف، قراءة في كل آياته وسوره، وأنه قد جاء في سياق الكتب قبله: صحف إبراهيم، والتوراة، والزبور، والإنجيل، ومصدقًا بها وخاتمًا لها وجميع الأنبياء والرسل الذين ذكرهم أو لم يذكرهم عليهم السلام.

 

2- وليس في منهج القرآن ذكر التواريخ بالسنين، فالعبرة فيه وفي قصصه تتمثل في مشيئة الله تعالى ومراده في توالي بعث الرسل والأنبياء والكتب في أقوامهم هداية لهم بالشرائع التي ذكرها وبشريعة الإسلام الخاتمة ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111]، والتاريخ من شأن المخلوقين ويتعلق بمصالحهم، والقرآن ليس كتاب تاريخ ﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ ﴾ [المؤمنون: 112، 113]، ﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾ [الحج: 47]، ولا يمنع الإسلام من دراسة التاريخ بالسنين إذا ما كان صحيحًا واستنبطت منه العبر، وإلا فالقرآن قصصه أحسن القصص حينما نتوخى ونتقصد العبرة فيه، ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [الروم: 9]، وينظر كذلك آيتي غافر: (21 و82).

 

3- إن الله تعالى قد بعث كل نبي بلسان قومه ليبين لهم ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [إبراهيم: 4]، وإن الله تعالى قد علم أنبياءه الكتاب والخط والقراءة، قال تعالى في حق موسى عليه السلام وقومه: ﴿ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [الأعراف: 145]، وقال تعالى في حق عيسى عليه السلام وقومه: ﴿ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [آل عمران: 48، 49]، وقال في حق داود عليه السلام: ﴿ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا ﴾ [النساء: 163]، وقال تعالى في حق نبينا الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم وقومه وأمته: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 1 - 4]، وقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2]، والعبرة في القرآن هي في العمل الصالح الذي يقرب إلى الله تعالى بقراءته وتعلمه، وفهمه وتدبره، والتعبد به وتطبيق شريعته أفرادًا وجماعات، وأمةً وحاكمين، ومن أجل سلامة الرسالة وحصانتها وتمام تطبيق النبي محمد صلى الله عليه وسلم لشريعة الله وحكمه في الأرض؛ أمر كاتبه زيد بن ثابت رضي الله عنه أن يتعلم الكتاب السرياني؛ تحوُّطًا من أن يؤثر شيء في مهمته الرسالية وهو يخاطب صلى الله عليه وسلم يهود المدينة المنورة.

 

4- التأكيد على الأصل الواحد للبشرية في الأرض، وأن الناس كلهم ذكرهم وأُنثاهم خلقهم الله تعالى من أبيهم سيدنا آدم وزوجه حواء عليهما السلام، وأن الله تعالى كرمهم بهذا الخلق، وأن اللسان الأول هو الذي كان قد تكلم به سيدنا آدم عليه السلام وبنوه.

 

5- التأكيد على وراثة نوح عليه السلام والمؤمنين برسالته للرسالات قبله، ووراثته كذلك للسان الذي كانوا يتكلمون به قبل الطوفان، وأن البشرية بعد هذا الطوفان لم تعد تشهد كفرًا مطلقًا يسود الأرض كلها، وأن البشرية بعد الطوفان من سلائل نوح عليه السلام والمؤمنين معه في الفلك (السفينة)، وقد انتشروا في الأرض بعد هبوطها ورسوها بسلام الله وبركاته على نوح والأمم الذين معه.

 

6- التأكيد على ما ذكره القرآن الكريم في أن أقوامًا قضت مشيئة الله بإهلاكهم لكفرهم، ولا نعلم شيئًا عنهم ولا عن لغاتهم وألسنتهم، وأن القرآن قد نفى لأحد العلم بهم سوى الله تعالى الذي اختص علمه وحده بهم: ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴾ [إبراهيم: 9]، وأن أنبياء ورسلًا لم يقصصهم القرآن علينا.

 

7- التأكيد على أن الأساس الأول في العربية هو ارتباطها بعرب الجنوب اليمنيين في شبه الجزيرة العربية، وهم العرب العاربة الذين أقاموا حضارتهم ودولهم منذ ما قبل الألف قبل الميلاد، وقد اشتهر من لغاتهم كما تقول الدراسات الحديثة: المعينية والقتبانية والسبئية والحضرمية وغيرها، وهي قريبة من اللهجات الحبشية، وقد أظهرت النقوش المتعلقة بهذه اللغات، والتي قام بدراستها ونشرها المستشرقون من علماء أوربا في القرن التاسع عشر الميلادي وبعده - مفردات وأسماء وتراكيب تماثل ما في العربية الفصحى، والشيء نفسه العرب الشماليون العدنانيون أو الإسماعيليون، حيث ميزت الدراسات بين أربع لهجات أو لغات، هي: اللحيانية والثمودية والصفوية والنبطية، وقالت: إن خطوط الثلاث الأولى مشتقة من الخط العربي الجنوبي، وإن اللحيانية والثمودية تشتملان على كلمات وصيغ لا تختلف عن العربية الفصحى، وإن النبطية منقوشة بخط آرامي، ولهجتها آرامية اختلط بها صيغ وكلمات عربية.

 

8- ومهما اتسعت دراسة هذه النقوش، وما يقترحه متخصصون في اللغات القديمة من البدء بدراسات لغوية عربية تنطلق من عربيتنا إلى الأقرب إليها، فإن هذه النقوش بما ورد فيها من مفردات عربية متنوعة لا ترقى وحدها إلى العربية الفصحى كلغة عربية قومية قبل الإسلام، وصارت بالقرآن لغة أمة إسلامية كبيرة، وإنما تعتبر شواهد على قدم العربية ولهجاتها من ناحية، فضلًا عن أنها قطعٌ لغوية كتابية وأبعاضٌ من لغات اندثرت ولم يبق لها وجود حي من ناحية ثانية، يضاف إلى ذلك صعوبة تحديد زمن وتاريخ البعض منها، كما أن الخطوط المتنوعة المتعددة لكتابة لغات هذه النقوش لا تكفي للجزم بحقيقة منطوق ودلالة أشكال وهيئات حروف الهجاء، وإن تساوت في أعدادها مختلف اللغات، على أنه يمكن الاستعانة بكتاب: "صفة جزيرة العرب"؛ للهمداني المتوفى سنة (334 هجريًّا)، والمطبوع في ليدن سنة 1884 ميلاديًّا؛ كون الهمداني من السابقين في قراءة القطع الأثرية والنقوش، إضافة إلى المختصين من المستشرقين، وهم بالنسبة له متأخرون عنه بقرون عديدة.

 

9- التأكيد على أن البناء الأساس للعربية الفصحى يرتبط بسيدنا إبراهيم خليل الله وابنه إسماعيل عليهما السلام، وبنائهما الكعبة بيت الله الحرام كأول بيت لعبادة الله في الأرض ربًّا وخالقًا للسموات والأرض وما بينهما، وإلهًا واحدًا دونما شريك، والحج إليه والصلاة فيه والطواف وسائر المناسك وأنواع العبادة، مثلما ترتبط بدين الحنيفية والتوحيد ونشره في منطقة الحجاز وباقي مناطق شبه الجزيرة العربية على الجملة.

 

10- التأكيد على إقامة سيدنا إسماعيل عليه السلام وسكناه بجوار البيت الحرام بوادٍ غير ذي زرع مع أمه السيدة هاجر المصرية، وزواجه من قبيلة جرهم ومصاهرته لها وتعلمه العربية منها، ثم تعليمه إياها لأبنائه، ومثلما ذكرت الروايات التاريخية العربية القديمة، وتذكر التوراة أن إسماعيل أقام في برية فاران، كما تذكر أبناءه الاثني عشر بأسمائهم وتقول: إنهم زعماء لقبائلهم.

 

11- التأكيد على ارتباط العربية بأبناء إسماعيل وذريته وأحفاده وسلائلهم الذين تكاثروا وانتشروا في الأرض، وخلال قرون عديدة بدءًا من أرض البيت الحرام في وادي مكة والحجاز وتهامة ونجد وسائر مناطق شمال شبه الجزيرة العربية، وحتى جنوب بلاد الشام ومناطق جنوب غرب العراق المتصلة بنجد، وتقول الروايات الخاصة بأنساب العرب والمؤرخين: إن أبناء إسماعيل تناسلوا من قيدار الابن المباشر له، وإنه أصل العرب العدنانيين الذين تحدروا من عقبه، وقيدار هذا تذكره التوراة باسم (قيدر) وبدون حرف الألف، وقد توارثت أجيال العرب العدنانيين الإسماعيليين العربية في وضعها الجديد الذي تمحور حول الحنيفية ودين التوحيد، مع التأكيد على نبوة إسماعيل ونشره لرسالته في العرب بعد أبيه إبراهيم الخليل عليهما السلام.

 

12- يمكن إظهار مادة العربية الفصحى من خلال كل ما جاء في القرآن الكريم في سور: النحل وإبراهيم والبقرة والحج وغيرها من مفردات الكلم الذي ورد على لسان إبراهيم وابنه إسماعيل في دعائهما إلى الله تعالى ربهما ورب البيت وهما يرفعان قواعده، وأذان إبراهيم في الناس بالحج إليه بعد تمامه، وكل ما جاء من مفردات خاصة في دعاء إبراهيم الوارد في سورة إبراهيم، وكل ما له علاقة بالبيت من الشعائر والمناسك والعبادات المتضمنة بدين الحنيفية والتوحيد، والشيء نفسه إمكانية إظهار المادة اللغوية كما جاءت في صحف إبراهيم وتحدثت عنها سورة الأعلى، حيث تضمنت صراحة البعث وجزاء الآخرة.

 

إن إمكانية إظهار مادة العربية الرسالية بالمضامين والمعاني، وحسبما يحتملها النص القرآني الحكيم، ومثلما ورد على لسان إبراهيم وذريته: إسماعيل وأبنائه العرب عدنانيين وقحطانيين فيما ورثوه من دين الحنيفية والتوحيد - قد تتحقق بالتوجه نحو دراسات لغوية مقارنة جديدة من خلال لغة الكتب المنزلة السابقة على القرآن مباشرة: (التوراة) على وجودها الحاضر كمرجعية لغوية تاريخية وكأقدم نص عبري، و(الإنجيل) كأقدم نص آرامي، على أن يكون القرآن أساسًا ومرتكزًا في هذه الدراسات؛ لأسباب تتعلق في المقام الأول بصحته وسلامة وصيانة نصه الحكيم في الآيات والسور الكريمة، وكفالة الله تعالى بحفظه، وهيمنته وشهادته على تلك الكتب السابقة عليه، وتصديقه بها وبالرسل التي نزلت عليهم، ومثلما تحدث بها موسى وعيسى عليهما السلام عن الله تعالى ووحيه، وتُعتمَد النسخ المترجمة للنص التوراتي العبري والنص الآرامي للإنجيل كعامل مساعد في مدلول الكلمات والمفردات والأسماء، سواء كانت النسخ مكتوبة بالسريانية أو النبطية أو القبطية أو اللاتينية أو اليونانية أو الحبشية أو الفارسية، ويمكن الأخذ في الاعتبار لغة التوراة إن كانت بابلية أو سامرية أو آرامية.

 

إن أهمية مثل هذه الدراسات المقارنة: عبرية التوراة، وآرامية الإنجيل وفرعها السرياني، وعربية القرآن، تتمثل في ظهور العديد من المشتركات في المعاني اللغوية لأسماء ومفردات في مادة لغة الكتب المقدسة الثلاثة ما يظهر:

1- تفرد القرآن الكريم بتفاصيل عن وحدانية الله التي دعا إليها إبراهيم وابنه إسماعيل في العبادة، وبناء الكعبة بيت الله الحرام في قلب شبه الجزيرة العربية، وعدم التوجه نحو التماثيل والأصنام والأوثان والكواكب وغيرها من الآلهة والمعبودات.

 

2- تصديق القرآن بالكتب قبله وأنبيائها ورسلها عليهم السلام، وهيمنته عليها وختامه لها.

 

وفي مثل هذه الدراسات ستكون النقوش الحجرية والألواح الأثرية رديفًا للغة الكتب السماوية المنزلة، وتفصح عما إذا كانت هي في سياقاتها اللغوية ومادتها وحسب الفترات التاريخية.

 

ويمكن للمتضلعين في فقه اللغات القديمة للكتب المنزلة: التوراة والإنجيل - أن يقابلوا بين كلمات وألفاظ وأسماء ومفردات وردت في القرآن؛ لإظهار مدى التوافق اللغوي مع ما كان في الكتب المقدسة المذكورة بلغاتها الأصل: العبرية والآرامية، فيما يتعلق بإبراهيم وديانة إبراهيم عليه السلام من ناحية، وكل ما تضمنته مادة القرآن الكريم في السور والآيات من عقائد وشرائع وأحكام ومعاملات وقصص وأخبار.

 

إن توافق اللغات قال به علماء اللغة وأئمة التفسير قبل ابن كثير الدمشقي رحمه الله، من هؤلاء: أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة (224 هجريًّا) في كتابه: "لغات القبائل الواردة في القرآن الكريم"، فقد ذكر فيه كلمات عديدة في القرآن ما اعتبره موافقًا ومطابقًا في المعنى للغات غير العرب للأمم المعاصرة، فقد قال في مقدمة كتابه في معنى قوله تعالى: ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 195]، و﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4]: "فليس ما وقع من ألسنة الأمم أو سمع من لسان العرب في القرآن ليس فيه إلا لغة العرب، وربما وافقت بعض اللغات أيضًا، فأما الأصل والجنس، فعربي لا يخالطه شيء"، ويأتي بعد أبي عبيد الإمام الطبري المتوفى سنة (310 هجريًّا)؛ حيث عقد في مقدمة تفسيره: "جامع البيان" بابًا في (القول في البيان عن الأحرف التي اتفقت فيها ألفاظ العرب وألفاظ غيرها من بعض أجناس الأمم)، فهو يناقش فيه ذلك ويدلل عليه ببراهين وأمثلة، وتعتبر مداخلته - رحمه الله - في هذا الباب وتفصيله ما يستحق أن يكون إحدى الحيثيات المهمة للدراسات اللغوية التاريخية المقارنة، وخاصة لغة الكتب المنزلة: العبرية والآرامية وفروعها، وغيرها مما ذكر، وعربية القرآن الكريم، وبما يعزز وحدة الكتب وجنسها ومصدرها، ووراثة المسلمين لها بالقرآن، فضلًا عن وراثة الحكم والنبوة.

 

وممن قال بتوافق اللغات كذلك الإمام أبو بكر محمد بن عزيز السجستاني في القرن الرابع الهجري، وذلك في معجمه: غريب القرآن، المسمى بنزهة القلوب.

 

فمع أنه يرى وجود المعرب في القرآن، وهذا أمر خلافي كما نعلم، فإننا نجد من أهم ما فيه من توافق اللغات المتعلقة بالكتب قوله: (إن الأسباط من بني يعقوب وإسحاق كالقبائل في بني إسماعيل، واحدهم: سبط، وهم اثنا عشر سبطًا من اثني عشر ولدًا ليعقوب عليه السلام)، وكذلك قوله في الإنجيل: (إنه بوزن إفعيل؛ من النجل، وهو الأصل، فالإنجيل أصل لعلوم وحكم، ويقال: هو من نجلت الشيء: إذا استخرجته وأظهرته، والإنجيل مستخرج به علوم وحكم)، وكذلك قوله في التوراة: (إن معناه: الضياء والنور)، ويذكر السجستاني أقوال النحاة البصريين والكوفيين في تركيب الكلمة وصرفها الدلالي، هذا فضلًا عما جاء من روايات في التفسير عن ابن عباس ترجمان القرآن رضي الله عنه وغيره من بعض المفردات في القرآن التي تعطي توافقًا في لغات غير العرب، وفي معاجم اللغة تتوفر مادة يمكن الاستناد إليها في هذا الباب.

 

ومثل توافق اللغات تماثل وتقارب اللغات كذلك، بحكم الأصل المشترك الواحد لها جميعًا، ومنذ ابتكار الحروف الأبجدية الهجائية في الكتابة وهو من أعظم مآثر شعوب بلاد الشام والعراق، والمصطلح عليها بـ: الشعوب السامية، التي خرجت أصلًا من شبه الجزيرة العربية في موجات متتالية وأورثتها البشرية وهي تبني حضاراتها أمة بعد أمة، ويرجح أن هذا الحدث الكبير في التاريخ الإنساني إن لم يكن متزامنًا مع عصر إبراهيم الخليل عليه السلام، فهو قريب منه، وقد تُظهِر مثلُ هذه الدراسات اللغوية المقارنة لعبرية التوراة وآرامية الإنجيل كذلك ومن خلال عربية القرآن - العديدَ من المشتركات، سواء ما تعلق منها برسالة موسى عليه السلام، وفرعون وبني إسرائيل، والشريعة والأحكام، والوصايا الإلهية والقصص، أو ما تعلق منها برسالة عيسى عليه السلام وبعثته في بني إسرائيل، وأقواله وتعليمه لتلاميذه، وما جاء في هذا التعليم من نصائح وحكم.

 

إن توافق وتماثل وتقارب اللغات بحكم الأصل الواحد لها جميعًا، وكما كشفت عنه دراسات الألسنية اللغوية الحديثة في أوربا، وتخصص بها علماء عرب ومسلمون معاصرون في عالمنا الإسلامي - قد تفضي دراساتها ما أمكن إلى نتيجة تقرر أن حِقبة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام تمثل مرحلة إحداثية لغوية لسانية جديدة، شهدتها عربية جرهم وغيرها من القبائل العربية العاربة والقبائل العدنانية، وقد أصبح بيت الله الحرام وكعبته منذ هذه الحقبة عامل جذب لقبائل شبه الجزيرة العربية؛ تحج إليه، وتتبرك به، وتستوطن بجواره وقريبًا منه، وخاصة القبائل التي دخلت في دين إبراهيم واتبعته، واقتدت في هذا الدين بابنه، ومنها قبائل هاجرت من اليمن وتركت أراضيها؛ بسبب القحط الذي أصاب اليمن وميناء الشحر في حضرموت كما ذكر المسعودي، ويقدر مؤرخون غربيون أن التجارة في اليمن قد تدهورت في حوالي القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد، ويقال مثل هذا عن أهالي مدينة سبأ، الذين تفرقوا في أنحاء الجزيرة شمالًا وشرقًا وغربًا بعد سيل العرم الذي سلطه الله تعالى على سبأ وأهلها؛ بسبب كفرهم النعمة وتكذيبهم رسل الله.

 

وكان تمحور القبائل المهاجرة على امتداد القرون حول بيت الله الحرام ومناطق الحجاز وتهامة ونجد وشمال شبه الجزيرة، ما يعتبر مرحلة بناء وتكوين جديدة في حياة العرب، استغرقت وقتًا طويلًا، تمحورت فيها عربية دين إبراهيم وابنه إسماعيل وسنته، وقد شكل البيت الحرام الذي جعله الله مثابة للناس وأمنًا عاملًا أساسيًّا في هذا البناء التكويني الجديد، وقد ساعد هذا العامل على قيام مكة المكرمة بجنب البيت الحرام وحوله ومدينة يثرب (المدينة المنورة)، وهما من أقدم الحواضر التي ستلعب دورًا حاسمًا ورئيسيًّا عند ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي.

 

13- التأكيد على الضعف الذي أصاب دين الحنيفية والتوحيد في نفوس العرب في أواخر حقبة جرهم وولايتها على البيت الحرام، وانتزاع قبيلة خزاعة هذه الولاية منها، ثم تغيير دين إبراهيم كلًّا أو جزءًا بدخول الوثنية والشرك وعبادة الأصنام، وأثر ذلك في دخول أسماء وكلمات ومصطلحات الشرك في العربية الفصحى لأول مرة، مع إمكانية حصر المصطلحات المذكورة تاريخيًّا، وتتبُّع ظهورها منذ ضعف وتغيير دين إبراهيم الخليل، وحتى ظهور الإسلام الحنيف، ويمكن غربلة الأخبار والروايات العربية القديمة وتلبيات القبائل والشعر الجاهلي؛ لاستقراء كل الأسماء والمصطلحات ومدلولاتها كلما أمكن، إن هذا يساعد في تنحية حتميات وفرضيات بعض المؤرخين عن الطوطمية جانبًا، فضلًا عن أنه يؤكد الانحراف الذي حصل في نفوس العرب عن التوحيد ودين إبراهيم الذي جاء الإسلام ليقيمه مثلما جاء مصدقًا بالكتب والنبوات والديانات قبله وخاتمًا لها.

 

وكذلك يستلزم الكشف عن تاريخ العربية الفصحى التأكيد على ولاية قريش للبيت الحرام بعد أن انتزعته من قبيلة خزاعة، والتحول الكبير في عهد قصي بن كلاب بدخول المستجدات اللغوية في ضوء تجديده بناء البيت الحرام لأول مرة منذ عهد إبراهيم عليه السلام، وتوزيعه المهمات والمسؤوليات الخاصة بالحج وشؤونه في بطون قريش خاصة، وإشراك عشائر أخرى من غير قريش، فضلًا عن نشوء العمران والمساكن حول بيت إبراهيم، وكذلك تأسيسه لدار الندوة للتشاور في شؤون المجتمع المكي عامة، ويمكن الاستعانة في هذه الحقبة خاصة بتلبيات القبائل في الحج وبالشعر الجاهلي الصحيح بمعلقاته، وتقرير ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنه : "إن القرآن نزل بلغة الكعبين: كعب بن لؤي، وكعب بن عمرو بن لحي من خزاعة"؛ باعتبار أن دارهم كانت واحدة، فضلًا عما أُثر من أسماء وكلمات ومصطلحات في القصص الذي أورده الأخباريون عن حروب ومنازعات القبائل، وعداواتها وأسبابها وأحلافها، وأيام العرب وأمثالهم.

 

14- التأكيد على أثر موقع الحجاز الجغرافي بعيدًا في قلب شبه الجزيرة العربية في بقاء العربية الفصحى بعيدة عن التأثيرات اللغوية الخارجية، بحكم ما آل إليه وضعها في خضم تكاثر القبائل العدنانية الإسماعيلية الشمالية، وكذلك القبائل القحطانية، التي أضحت تتكلم بها جميعًا أخلافًا عن أسلاف، وبحكم فشل محاولات الغزو الأجنبية ومنذ وقت مبكر للسيطرة على البيت الحرام ومكة ويثرب والحجاز عامة، وهو أمر حال دون نجاح الغزاة المحتلين في الاستيطان وفرض لغاتهم؛ مما ساعد هو الآخر على احتفاظ العربية بخصائصها السليمة، والشيء نفسه يقال عن هذا الأمر بين سكان المدينة؛ إذ لم تتأثر تأثيرًا يذكر بعبرية اليهود وأسباط بني إسرائيل الذين لجؤوا إليها وإلى المناطق الشمالية منها بعد الشتات الذي أصابهم جراء وقوعهم تحت ضربات الأمم القوية وجيوشها في فلسطين والأرض المقدسة كالآشوريين والبابليين والرومان منذ ما قبل الميلاد وفي فترات قرونه الأولى، وإظهار دور المشيئة الإلهية بهذا الخصوص.

 

ولا يخفى على المتضلعين في تاريخ العرب والجزيرة العربية قبل الإسلام دخول بعض الكلمات العبرية والآرامية وكلمات من لغات أجناس من الأمم واختلاطها بالعربية؛ وذلك نتيجة لاتصال العرب خاصة بغيرهم من أقوام الأمم المجاورة، وأثر الموقع الجغرافي للحجاز على الطريق الساحلي التجاري بين بلاد الشام واليمن، وهو يمتد بموازاة ساحل البحر الأحمر، وازدياد هذا الاتصال خاصة منذ ولاية قريش على البيت الحرام ونشوء الإيلاف، ويذكر أن التوراة تسمي ذلك الطريق الساحلي بالطريق السلطاني.

 

على أن نزول القرآن الحكيم باللسان العربي المبين قد أخذ من العربية الفصحى ذروتها في البيان، ولم يتسلل إليه لحن أو عجمة؛ ما أقام الحجة على العرب وأعجزهم عن مضاهاته والإتيان بمثله فصاحة وبلاغة، وهم أهل لغته المالكون لناصيتها في شعر شعرائهم وحكم حكمائهم والخطباء وخطبهم، ما كان خطابه الدعوي والمباشر لهم أحد العوامل الأساسية التي دفعتهم للدخول في الإسلام والحنيفية دين إبراهيم الخليل عليه السلام.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هدم اللغة العربية الفصحى!
  • العربية الفصحى
  • الرأي العام في العربية الفصحى
  • من أثر اللغة الفصحى في الملتزمين بها
  • ويل للعرب من شر قد اقترب

مختارات من الشبكة

  • التمهيد للدرس: أهدافه، شروطه، طرقه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • استقرار الأنظمة اللغوية للعربية الفصحى سبيل إلى الوحدة الثقافية العربية بل الإسلامية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تمهيد حول المهن والوظائف خارج ديار الإسلام(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • نحو القرآن الكريم: دراسة تأصيلية للعربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • عالمية الدور الحضاري للعربية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من مشاهداتي في تركيا .. عرس بهيج للعربية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إسبانيا: مدرسة المترجمين تترجم نصوص الأمم المتحدة للعربية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سبل خدمة وسائل الإعلام للعربية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حبي للعربية أرشدني للإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تمهيد في دراسة علم التاريخ(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب