• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أعظم النعم
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطورة التبرج
    رمزي صالح محمد
  •  
    خطبة: السعادة الزوجية
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    خطبة: كيف نستحق النصر؟
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    فقه الأولويات في القصص القرآني (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق المعلم
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الهم والغم والحزن: أسبابها وأضرارها وعلاجها في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    حرص الصحابة رضي الله عنهم على اقتران العلم ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    إجارة ما منفعته بذهاب أجزاءه مع بقاء أصله
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خطبة: يا شباب عليكم بالصديق الصالح
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    صفة الرزق والقوة والمتانة
    عبدالعزيز بن محمد السلمان
  •  
    من مائدة الحديث: الحث على العفو والتواضع
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    حكم السفر لبلاد يقصر فيها النهار لأجل الصوم بها: ...
    أ. د. عبدالمجيد بن محمد بن عبدالله ...
  •  
    تحريم التفكر في ذات الله جل وعلا
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    امتنان الله تعالى على الخليل عليه السلام بالهداية
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ابتلاء الأبرص والأقرع والأعمى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / العيد سنن وآداب / خطب
علامة باركود

خطبة عيد الفطر المبارك: البشر بين الإكرام والهوان

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/5/2021 ميلادي - 27/9/1442 هجري

الزيارات: 32850

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الفطر المبارك

البشر بين الإكرام والهوان


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 2-4]. الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ؛ مَا أَوْسَعَ مَغْفِرَتَهُ وَرَحْمَتَهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ؛ مَا أَعْظَمَ مُلْكَهُ وَقُدْرَتَهُ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ سِوَاهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ؛ خَالِقُ الْخَلْقِ وَمُدَبِّرُهُمْ، وَمُحْصِيهِمْ وَرَازِقُهُمْ، وَمُمِيتُهُمْ وَمُحْيِيهِمْ، لَا يُحْصِي خَلْقَهُ سِوَاهُ، وَلَا يَقُومُ بِهِمْ غَيْرُهُ جَلَّ فِي عُلَاهُ ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ﴾ [الرُّومِ: 25].

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ، الْبَرِّ الرَّحِيمِ؛ وَفَّقَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ لِاغْتِنَامِ رَمَضَانَ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ وَالْإِحْسَانِ، وَحُرِمَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالِاسْتِكْبَارِ وَالْعِصْيَانِ، نَحْمَدُهُ فَهُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ كُلِّهِ، وَبِيَدِهِ الْأَمْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ اسْتَغْنَى عَنِ الْخَلْقِ وَافْتَقَرُوا إِلَيْهِ، وَقَدَرَ عَلَيْهِمْ وَعَجَزُوا عَنْهُ، وَكُلُّهُمْ تَحْتَ قَهْرِهِ، لَا يُقْضَى لَهُمْ شَأْنٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الْكَوْنِ إِلَّا بِأَمْرِهِ ﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ [الرَّحْمَنِ: 29]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَتَرَكَنَا عَلَى بَيْضَاءَ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ فَإِنَّهَا وَصِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ، وَوَصِيَّةُ الرُّسُلِ لِأَتْبَاعِهِمْ، وَهِيَ الْعُدَّةُ فِي الشَّدَائِدِ، وَالْمَخْرَجُ مِنَ الْمَضَائِقِ، وَالنَّجَاةُ يَوْمَ التَّغَابُنِ ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزُّمَرِ: 61].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مَضَى رَمَضَانُ بِمَا عَمِلَ الْعِبَادُ فِيهِ؛ فَمُحْسِنُونَ رَابِحُونَ، وَمُقْتَصِدُونَ، وَمُفَرِّطُونَ خَاسِرُونَ، فَمَنْ أَحْسَنَ فَلَا يُعْجَبْ بِعَمَلِهِ؛ فَإِنَّهُ مَحْضُ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَمَنِ اقْتَصَدَ أَوْ فَرَّطَ؛ فَفِي مَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ سَعَةٌ لِتَوْبَةٍ وَاسْتِعْتَابٍ، وَفُسْحَةٌ لِعَمَلٍ وَاسْتِدْرَاكٍ، فَلَا يَغْلِبَنَّهُمُ الشَّيْطَانُ عَلَى التَّسْوِيفِ وَالتَّأْجِيلِ، حَتَّى تَنْقَضِيَ أَعْمَارُهُمْ وَلَمَّا يَتَدَارَكُوا وَيَعْمَلُوا. وَاللَّهُ تَعَالَى يُعْبَدُ وَيُطَاعُ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ، وَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَدُومَ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الْحِجْرِ: 99].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَشَرَ لِعِبَادَتِهِ، وَكَرَّمَهُمْ بِمَا لَمْ يُكْرِمْ بِهِ غَيْرَهُمْ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ؛ فَمِنْ إِكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْبَشَرِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ كَرَّمَ أَبَاهُمْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ فَخَلَقَهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ، فَأَيُّ تَكْرِيمٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؟! لَوْ تَدَبَّرَهُ الْبَشَرُ وَعَقَلُوهُ ﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [ص: 71-78].

 

وَمِنْ إِكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْبَشَرِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَهُمْ سَادَةَ الْأَرْضِ وَمُلَّاكَهَا وَعُمَّارَهَا ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [فَاطِرٍ: 39].

 

وَمِنْ إِكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْبَشَرِ: أَنَّهُ تَعَالَى سَخَّرَ لَهُمْ مَا خَلَقَ وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْهُمْ وَأَقْوَى ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 29]، ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 13].

 

وَمِنْ إِكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْبَشَرِ: أَنَّهُ تَعَالَى رَكَّبَ فِيهِمْ أَدَوَاتِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَهِيَ الْعُقُولُ وَالْأَبْصَارُ وَالْأَسْمَاعُ؛ فَسَيْطَرُوا بِهَا عَلَى الْمَخْلُوقَاتِ الْأُخْرَى ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 78].

 

وَمِنْ إِكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْبَشَرِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَهُمْ مِحْوَرَ رِسَالَاتِهِ وَكُتُبِهِ وَشَرَائِعِهِ؛ فَمَا أَرْسَلَ الرُّسُلَ إِلَّا إِلَيْهِمْ، وَلَا أُنْزِلَتِ الْكُتُبُ إِلَّا عَلَيْهِمْ، وَلَا شُرِعَتِ الشَّرَائِعُ إِلَّا لَهُمْ؛ لِهِدَايَتِهِمْ وَصَلَاحِهِمْ وَسَعَادَتِهِمْ فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النِّسَاءِ: 165]، ﴿ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 3-4]، ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [الْمَائِدَةِ: 48].

 

وَيَنْتَظِمُ التَّكْرِيمُ وَالتَّفْضِيلُ الرَّبَّانِيُّ لِلْبَشَرِ عَلَى سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 70].

 

وَانْقَسَمَ النَّاسُ إِزَاءَ التَّكْرِيمِ الرَّبَّانِيِّ لِلْبَشَرِ إِلَى طَائِفَتَيْنِ؛ فَطَائِفَةٌ قَبِلَتْهُ، وَشَرُفَتْ بِهِ، وَشَكَرَتِ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ؛ فَسَارَعَتْ إِلَى تَوْحِيدِهِ وَعُبُودِيَّتِهِ، وَالْتَزَمَتْ دِينَهُ، وَأَقَامَتْ شَرِيعَتَهُ، وَهَؤُلَاءِ لَهُمُ الْكَرَامَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَفِي الدُّنْيَا بِالنَّصْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالْعِزَّةِ ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الرُّومِ: 47]، ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصَّافَّاتِ: 171-173]، ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 8]. وَلَهُمُ الْكَرَامَةُ وَالْفَوْزُ الْعَظِيمُ فِي الْآخِرَةِ ﴿ أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [الْمَعَارِجِ: 35]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ﴾ [الْبُرُوجِ: 11]، ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴾ [الْإِنْسَانِ: 20]، نَعِيمٌ مُقِيمٌ، وَمُلْكٌ كَبِيرٌ، لَمْ تَرَهُ عَيْنٌ مِنْ قَبْلُ، وَلَمْ تَسْمَعْ بِهِ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السَّجْدَةِ: 17].

 

وَطَائِفَةٌ أُخْرَى رَفَضَتْ تَكْرِيمَ اللَّهِ تَعَالَى لَهَا، وَرَضِيَتْ لِنَفْسِهَا بِالذُّلِّ وَالْإِهَانَةِ وَالْعَذَابِ وَالصَّغَارِ؛ فَاسْتَكْبَرَتْ عَلَى رَبِّهَا سُبْحَانَهُ، وَصَدَفَتْ عَنْ آيَاتِهِ، وَاسْتَنْكَفَتْ مِنْ عُبُودِيَّتِهِ، وَرَفَضَتْ طَاعَتَهُ، وَخَرَجَتْ عَنْ وِلَايَتِهِ، فَرَكِبَتْ أَهْوَاءَهَا، وَأَطَاعَتْ شَيَاطِينَهَا، وَعَطَّلَتْ عُقُولَهَا؛ فَلَهُمُ الذُّلُّ وَالْهَوَانُ وَالصَّغَارُ وَالْعَذَابُ ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الْحَجِّ: 18]، ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 44]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾ [الْبَيِّنَةِ: 6]. «هَانُوا عَلَيْهِ فَعَصَوْهُ، وَلَوْ عَزُّوا عَلَيْهِ لَعَصَمَهُمْ، وَإِذَا هَانَ الْعَبْدُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يُكْرِمْهُ أَحَدٌ، وَإِنْ عَظَّمَهُمُ النَّاسُ فِي الظَّاهِرِ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِمْ، أَوْ خَوْفًا مِنْ شَرِّهِمْ، فَهُمْ فِي قُلُوبِهِمْ أَحْقَرُ شَيْءٍ وَأَهْوَنُهُ». «وَمَا حَلَّتِ الْمَعَاصِي فِي دِيَارٍ إِلَّا أَهْلَكَتْهَا، وَلَا فِي قُلُوبٍ إِلَّا أَعْمَتْهَا، وَلَا فِي أَجْسَادٍ إِلَّا عَذَّبَتْهَا، وَلَا فِي أُمَّةٍ إِلَّا أَذَلَّتْهَا، وَلَا فِي نُفُوسٍ إِلَّا أَفْسَدَتْهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَعَاصِي إِلَّا أَنَّهَا سَبَبٌ لِهَوَانِ الْعَبْدِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَسُقُوطِهِ مِنْ عَيْنِهِ لَكَفَى، وَإِذَا هَانَ الْعَبْدُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يُكْرِمْهُ أَحَدٌ».

 

وَأَكْرَمُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَتْقَاهُمْ لَهُ. وَأَقْرَبُهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَطْوَعُهُمْ لَهُ. وَعَلَى قَدْرِ طَاعَةِ الْعَبْدِ تَكُونُ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَهُ، فَإِذَا عَصَاهُ هَانَ عِنْدَهُ، وَأَوْجَبَ ذَلِكَ الْقَطِيعَةَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ مَوْلَاهُ، وَإِذَا وَقَعَتِ الْقَطِيعَةُ انْقَطَعَتْ عَنِ الْعَبْدِ أَسْبَابُ الْخَيْرِ، وَاتَّصَلَتْ بِهِ أَسْبَابُ الشَّرِّ، فَأَيُّ فَلَاحٍ، وَأَيُّ رَجَاءٍ، وَأَيُّ عَيْشٍ لِمَنِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَسْبَابُ الْخَيْرِ، وَقَطَعَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْلَاهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟!

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا؛ مَدَّ فِي أَعْمَارِنَا حَتَّى أَدْرَكْنَا رَمَضَانَ، وَنَجَّانَا مِنَ الْوَبَاءِ وَقَدْ هَلَكَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَشَرَعَ لَنَا الْعِيدَ فَفِيهِ فَرَحُنَا بِطَاعَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ: مَنْ أَرَادَتِ الْكَرَامَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالسَّعَادَةَ الْأَبَدِيَّةَ، وَالنَّجَاةَ مِنَ الْكُرُوبِ وَالْمَضَائِقِ؛ فَعَلَيْهَا أَنْ تُحَصِّنَ نَفْسَهَا وَذُرِّيَّتَهَا بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَأَنْ تُحَافِظَ عَلَى عِفَّتِهَا وَحِجَابِهَا وَلَوْ ضَلَّ أَكْثَرُ النِّسَاءِ؛ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا بِطَاعَةِ الْبَشَرِ، وَإِنَّ الْفَوْزَ الْحَقِيقِيَّ يَكُونُ حِينَ الْقُدُومِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 88- 89]، وَلَا سَلَامَةَ لِلْقَلْبِ إِلَّا بِاسْتِسْلَامِهِ الْكَامِلِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ بِاتِّبَاعِ شَرْعِهِ كُلِّهِ، وَعَدَمِ الِانْتِقَاءِ مِنْهُ؛ فَإِنَّ الِانْتِقَاءَ مِنَ الشَّرْعِ طَرِيقَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الَّذِينَ يُفَرِّقُونَ دِينَهُمْ؛ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ مَا يَهْوَوْنَ، وَيَرْفُضُونَ مَا لَا يَهْوَوْنَ ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النَّازِعَاتِ: 40-41].

 

حَفِظَ اللَّهُ الْمُؤْمِنَاتِ بِحِفْظِهِ، وَأَسْبَغَ عَلَيْهِنَّ عَافِيَتَهُ وَسِتْرَهُ.

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: افْرَحُوا بِعِيدِكُمْ بَعْدَ تَمَامِ شَهْرِكُمْ، وَأَدَاءِ صَوْمِكُمْ، وَاكْتِمَالِ نِعَمِكُمْ، وَأَتْبِعُوا رَمَضَانَ بِصِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ؛ لِيَكُونَ لَكُمْ كَصِيَامِ الدَّهْرِ، وَاشْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى وَسَلُوهُ الْقَبُولَ ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185].

 

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ.... ﴾ [الْأَحْزَابِ: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الفطر للعام 1439هـ الأنفس الفائزة بيوم العيد يوم الجائزة
  • خطبة عيد الفطر 1440هـ (آثار الصوم المفيد تظهر في فرحة العيد)
  • من معاني العيد (خطبة عيد الفطر 1440هـ)
  • خطبة عيد الفطر المبارك
  • خطبة عيد الفطر: عيد فطر بعد عام صبر
  • خطبة عيد الفطر لعام 1442هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك (شوال 1442هـ)
  • فلتنطلق سفينة التقوى (خطبة عيد الفطر المبارك)
  • عيد الفطر المبارك 1443 هـ (خطبة)
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1443هـ
  • خطبة عيد الفطر المبارك (شوال 1443هـ)
  • خطبة عيد الفطر المبارك

مختارات من الشبكة

  • التوحيد بين الواقع والمأمول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زيارة القبور بين المشروع والممنوع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين خطرات الملك وخطرات الشيطان (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم بين النضوج والإهمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أولادنا بين التعليم والشركاء المتشاكسين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين الإهانة والتكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موقفان تقفهما بين يدي الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البناء والعمران بين الحاجة والترف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/5/1447هـ - الساعة: 18:37
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب