• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم
    د. وفا علي وفا علي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    إطعام الطعام من أفضل الأعمال
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    { لا تكونوا كالذين كفروا.. }
    د. خالد النجار
  •  
    دعاء من القرآن الكريم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القدوس، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    منهج البحث في علم أصول الفقه لمحمد حاج عيسى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    حفظ اللسان (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: التحذير من الغيبة والشائعات
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    {أو لما أصابتكم مصيبة}
    د. خالد النجار
  •  
    خطبة: كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة قصة سيدنا موسى عليه السلام
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

سورة آل عمران (3) تقرير الألوهية

سورة آل عمران (3) تقرير الألوهية
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/9/2021 ميلادي - 25/1/1443 هجري

الزيارات: 16595

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة آل عمران (3)

تقرير الألوهية

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّبِّ الْكَرِيمِ، الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوهُ، وَتَابَعَ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُ لِيَشْكُرُوهُ وَلَا يَكْفُرُوهُ، وَأَرَاهُمْ آيَاتِهِ لِيُؤْمِنُوا بِهِ وَلَا يَجْحَدُوهُ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ هِدَايَةً لِلْعَالَمِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ إِمَامُ الْمُرْسَلِينَ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102- 103].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْرِفَةَ مُرَادِهِ مِنْ عِبَادِهِ فَعَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ؛ فَهُوَ كِتَابُهُ إِلَى خَلْقِهِ. وَسُورَةُ آلِ عِمْرَانَ مِنَ السُّوَرِ الطِّوَالِ، وَحَوَتْ مَوْضُوعَاتٍ كَثِيرَةً، أَهَمُّهَا وَأَنْفَعُهَا تَجْرِيدُ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِفْرَادُهُ وَحْدَهُ بِالْعِبَادَةِ دُونَ سِوَاهُ. وَكُرِّرَ هَذَا الْمَوْضُوعُ فِي السُّورَةِ كَثِيرًا؛ لِيَعِيَهُ قَارِئُهَا، وَيَرْسَخَ فِي قَلْبِهِ، وَيَعْمَلَ بِمُوجَبِهِ.

 

وَلِأَهَمِّيَّةِ التَّوْحِيدِ افْتُتِحَتْ بِهِ السُّورَةُ: ﴿الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 1- 3] أَيْ: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، الَّذِي لَهُ الْحَيَاةُ الْكَامِلَةُ، وَلَهُ الْقَيُّومِيَّةُ الدَّائِمَةُ، فَهُوَ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ، الْمُقِيمُ لِغَيْرِهِ، وَلَا شَيْءَ يَقُومُ إِلَّا بِهِ سُبْحَانَهُ، وَقَدْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ عَلَى عِبَادِهِ؛ لِيَعْرِفُوهُ وَيَعْرِفُوا شَرِيعَتَهُ فَيَعْمَلُوا بِهَا. ثُمَّ بَعْدَ هَذَا التَّقْرِيرِ بِآيَتَيْنِ يُكَرَّرُ مَرَّةً أُخْرَى فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 6]. وَيُكَرَّرُ فِي وَسَطِ السُّورَةِ فِي سِيَاقِ ذِكْرِ قِصَّةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 62].

 

وَأَهْلُ الْإِيمَانِ يَتَوَسَّلُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِإِيمَانِهِمْ فِي دُعَائِهِمْ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْصَافَهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ * شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 16-18]. وَحَيْثُ ذُكِرُوا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فَإِنَّهُمْ ذُكِرُوا فِي آخِرِهَا؛ إِذْ تَفَكَّرُوا فِي خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَلَحُّوا فِي دُعَائِهِ، وَالتَّفَكُّرُ عِبَادَةٌ، وَالدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، وَتَوَسَّلُوا فِي دُعَائِهِمْ لِرَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ بِإِيمَانِهِمْ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 190-194]. فَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ دُعَاءٍ، وَمَا أَبْيَنَ الْعُبُودِيَّةَ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ!!

 

وَمِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْحُبُّ وَالْبُغْضُ وَالْوَلَاءُ وَالْعَدَاءُ فِي اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ لِأَجْلِ الْمَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّةِ. وَهَذَا مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 28].

 

وَمِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ طَاعَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتِّبَاعُ سُنَّتِهِ، وَهُوَ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 31-32].

 

وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَقَالَ لِقَوْمِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 51-53].

 

وَسُورَةُ آلِ عِمْرَانَ فِيهَا مُحَاجَّةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي قَضَايَا عِدَّةٍ، أَهَمُّهَا قَضِيَّةُ الْأُلُوهِيَّةِ الَّتِي هِيَ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعِبَادَةِ، وَمِمَّا جَاءَ فِيهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا أَهْل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 64].

 

وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ السُّورَةِ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ دِينَ الْأَنْبِيَاءِ وَاحِدٌ، وَهُوَ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَنْ يَقْبَلَ اللَّهُ تَعَالَى دِينًا سِوَاهُ، وَلَكِنَّ كُفَّارَ أَهْلِ الْكِتَابِ حَادُوا عَنْهُ إِلَى الشِّرْكِ ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ * قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 83-85].

 

وَلَمَّا نَسَبَ الضَّالُّونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَيْهِمْ نَفَى اللَّهُ تَعَالَى نِسْبَتَهُمْ إِلَيْهِ، وَبَيَّنَ انْتِسَابَ أُمَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى دِينِهِ الْحَقِّ ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 67-68].

 

وَسَبَبُ ضَلَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي بَابِ الْأُلُوهِيَّةِ رُهْبَانُهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ بَاعُوا دِينَهُمْ، وَحَرَّفُوا كُتُبَهُمْ، وَأَضَلُّوا عَامَّتَهُمْ، وَزَيَّنُوا لَهُمْ شِرْكَهُمْ، وَهُوَ مَا تَنَاوَلَتْهُ السُّورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 67-68]. وَفِي آخِرِ السُّورَةِ: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 187].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131- 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَشَدِّ الْمُهَدِّدَاتِ لِإِيمَانِ الْعَبْدِ وَتَوْحِيدِهِ الشُّبُهَاتُ؛ فَهِيَ الَّتِي ضَلَّ بِهَا أَهْلُ الْكِتَابِ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَتَاهَ بِهَا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ عَنِ السُّنَّةِ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ، وَقَدْ جَاءَ فِي أَوَائِلِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ بَيَانُ ذَلِكَ؛ لِيَكُونَ قَارِئُهَا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ دِينِهِ، حَذِرًا مِنَ الشُّبُهَاتِ الَّتِي قَدْ تَفْتِكُ بِقَلْبِهِ ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ * رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 7- 8].

 

وَمِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ تَعَلُّقُ الْقُلُوبِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَتَوَكُّلُهَا عَلَيْهِ، وَتَفْوِيضُ الْأَمْرِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَهُوَ مَا جَاءَ فِي مَوَاضِعَ مِنَ السُّورَةِ، مِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 122]. وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ * إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 159- 160]. وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 173- 174].

 

وَهَذِهِ الْكَثَافَةُ فِي تَقْرِيرِ الْأُلُوهِيَّةِ، وَلُزُومِ إِفْرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعُبُودِيَّةِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ لَتَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ كُلُّ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَبَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ أَحْسَنَ بَيَانٍ؛ لِيَعْتَنِيَ بِهِ قُرَّاءُ الْقُرْآنِ، وَيَتَفَقَّدُوا قُلُوبَهُمْ فِيهِ، وَيُرَبُّوا نَشْأَهُمْ عَلَيْهِ، وَيَدْعُوا النَّاسَ إِلَيْهِ، وَيَصْبِرُوا عَلَى تَعَنُّتِهِمْ وَاسْتِكْبَارِهِمْ وَأَذَاهُمْ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 200].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سورة آل عمران (1) لا دين يقبل إلا الإسلام
  • سورة آل عمران (2) تقرير الربوبية
  • هدايات سورة آل عمران (خطبة)
  • سورة آل عمران (4) النفاق والمنافقون
  • سورة آل عمران (5) غزوة أحد (خطبة)
  • مع سورة آل عمران
  • سورة آل عمران (6) الدنيا متاع الغرور
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (1)

مختارات من الشبكة

  • أستراليا: مظاهرة مناهضة لبناء مسجد تنتهي بوضع رأس خنزير على سوره(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بين تقارير الدنيا وتقارير الآخرة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • كتابة التقرير(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • من أساليب العربية: أسلوب التقرير وأدواته(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ملخصات اقتصادية (10) تقرير برانت(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • التوحيد في القرآن الكريم (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جهود علماء الشافعية في تقرير عقيدة السلف في مباحث الإيمان والرد على المخالفين(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تقرير مشرف في شعبان لأهل الإيمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج القرآن الكريم في تقرير توحيد الربوبية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تقرير القوانين(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/1/1447هـ - الساعة: 14:50
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب