• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ضياع الأمانة من أشراط الساعة
    د. ناصر بن سعيد السيف
  •  
    شروط وجوب الصوم
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    التنبيه على ضعف حديث في فرضية صوم رمضان على الأمم ...
    وائل بن علي بن أحمد آل عبدالجليل الأثري
  •  
    على رسلكما إنها حفصة
    السيد مراد سلامة
  •  
    تسبيح الكائنات لخالقها سبحانه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإسراف في الطعام والشراب
    هيام محمود
  •  
    مع القرآن في رمضان (1)
    د. علي أحمد عبدالباقي
  •  
    ليلة الجن
    السيد مراد سلامة
  •  
    من آداب الصيام: تبييت النية من الليل في صوم ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    رمضان والخشية وعمارة المساجد والمصاحف (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: تسمعون ويسمع منكم ...
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    الفاتحة وتوحيد الأسماء والصفات
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    صلاة القيام جماعة في المسجد الحرام في خلافة عمر ...
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    من يرخص لهم الفطر في رمضان
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    حماية جناب التوحيد
    ولاء بنت مشاع الحربي
  •  
    حكم أكل لحم الكلاب
    وحيد بن عبدالله أبو المجد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

فوائد من كتاب الكلام على مسألة السماع لابن القيم

فوائد من كتاب الكلام على مسألة السماع لابن القيم
فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/9/2019 ميلادي - 30/1/1441 هجري

الزيارات: 7641

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فوائد من كتاب الكلام على مسألة السماع

لابن القيم

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فمن كتب العلامة ابن القيم رحمه الله النافعة كتابه الموسوم بـ "الكلام على مسألة السماع"، عالج فيه موضوع السماع والغناء، فذكر أدلة تحريم الغناء من الكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة، وتحذير سائر طوائف أهل العلم من الغناء والسماع، وأجاب فيه عن جميع شبه من يجعلون من الغناء والسماع قربة إلى الله. وفي ثنايا الكتاب فوائد منثورة في مواضيع مختلفة، انتقيت منها ما يسَّر الله الكريم منها، أسأل الله أن ينفع بها، ويبارك فيها، فمن تلك الفوائد:


ما من أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ومأخوذ من قوله ومتروك:

ما من أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ومأخوذ من قوله ومتروك، ولا يُقتدى بأحد في أقواله وأفعاله وأحواله كلها إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن نزَّل غيره في هذه المنزلة، فقد شرح بالضلالة والبدعة صدرًا، ولا يُغني عنه ذلك الغير من الله شيئًا، بل يتبرأ منه أحوج ما يكون إليه؛ قال تعالى: ﴿ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ﴾ [البقرة: 166، 167].

 

ما دعا إليه الرسول هو حياة القلوب، وما يدعو إليه مخالفوه هو موت القلوب:

ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو حياة القلوب، ونجاة النفوس، ونور البصائر، وما يدعو إليه مخالفوه فهو موت القلوب، وهلاك النفوس، وعمى البصائر؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24].

 

وتأمَّل كيف أخبر عن حيلولته بين المرء وقلبه بعد أمره بالاستجابة له ولرسوله، كيف تجد في ضمن هذا الأمر، والخبر أن من ترك الاستجابة له ولرسوله حال بينه وبين قلبه، عقوبةً له على ترك الاستجابة، فإنه سبحانه يُعاقب القلوب بإزاغتها عن هداها ثانيًا، كما زاغت هي عنه أولًا؛ قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف: 5]، وقال: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [الأنعام: 110]، وقال: ﴿ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [التوبة: 127]، فصرف قلوبهم عن الهدى ثانيًا، لما انصرفوا عنه بعد إذ جاءهم أولًا.

 

وقد حذَّر سبحانه من خالف أمر رسوله بإصابة الفتنة في قلبه وعقله ودينه، وإصابة العذاب الأليم له، إما في الآخرة أو في الدنيا والآخرة، فقال: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].

 

وأخبر سبحانه وتعالى أن من تولى عن طاعة رسوله، فإنه لا بد أن يُصيبه بمصيبةٍ وقارعةٍ بقدر توليه عن طاعته، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 49].

 

وجوب الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله عند التنازع:

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]، وقد أجمع الناس على أن الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول هو الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد مماته، فأمر سبحانه عباده المؤمنين أن يردوا ما تنازعوا فيه إليه وإلى رسوله، وخاطبهم أولًا بلفظ الإيمان، ثم جعل آخرًا الإيمان شرطًا في هذا الرد، فالإيمان يوجب عليهم هذا الرد، وينتفي عند انتفائه، فمن لم يردَّ ما تنازع فيه هو وغيره إلى الله ورسوله، لم يكن مؤمنًا، وتأمَّل قوله: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾، كيف أعاد الفعل وهو طاعة الرسول؛ ليدل أنه يُطاع استقلالًا، وإن أمر بما ليس في القرآن الأمرُ به، ونهى عما ليس في القرآن النهي عنه، فإنه أوتي الكتاب ومثله معه، ولم يُعد الفعل في طاعة أولي الأمر، بل جعلها ضمنًا وتبعًا لطاعة الرسول، فإنهم إنما يُطاعون تبعًا لطاعة الرسول إذا أمروا بما أمر به ونهوا عما نهى عنه، لا تجب طاعتهم في كل ما يأمرون به وينهون عنه.

 

ثم قال: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾، ولم يقل: (وإلى الرسول)؛ إعلامًا بأن ما رُدَّ إلى الله فقد رُدَّ إلى رسوله، وما رُدَّ إلى رسوله فقد رُدَّ إليه سبحانه، وإن ما حكم به فقد حكم به رسوله، وما حكم به رسوله فهو حكمه سبحانه.

 

وقال: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ﴾، وهذا يعمُّ دقيق ما تنازع فيه المسلمون وجليله، فمن ظن أن هذا في شرائع الإسلام دون حقائق الإيمان، وفي أعمال الجوارح دون أعمال القلوب، أو في فروع الدين دون أصوله وباب الأسماء والصفات والتوحيد، فقد خرج عن موجب الآية علمًا وعملًا وإيمانًا.

 

أشرح الناس صدرًا وأوضعهم وزرًا وأرفعهم ذكرًا - أتبعهم لرسول الله:

أتبعُ الناس لرسوله صلى الله عليه وسلم أشرحُهم صدرًا، وأوضعهم وزرًا، وأرفعهم ذكرًا، وكلما قويت متابعتُه علمًا وعملًا وحالًا واجتهادًا، قويت هذه الثلاثة حتى يصير صاحبُها أشرح الناس صدرًا وأرفعهم في العالمين ذكرًا، وأما وضع وزره فكيف لا يوضَع عنه وزرُه ومن في السماوات والأرض ودواب البر والبحر يستغفرون له؟!

 

وهذه الأمور الثلاثة متلازمة، كما أن أضدادها متلازمة، فالأوزار والخطايا تقبضُ الصدر وتُضيقه، وتُخمل الذكر وتضعُه، وكذلك ضيق الصدر يضع الذكر ويجلب الوزر، فما وقع أحد في الذنوب والأوزار إلا مِن ضيق صدره وعدم انشراحه، وكلما ازداد الصدر ضيقًا كان أدعى إلى الذنوب والأوزار؛ لأن مرتكبها إنما يقصد بها شرح صدره، ودفع ما هو فيه من الضيق والحرج، وإلا فلو اتسع بالتوحيد والإيمان ومحبة الله ومعرفته وانشرح بذلك، لا ستغنى عن شرحه بالأوزار.

 

الوضوء ظاهره طهارة البدن، وباطنه طهارة القلب من أوساخه وأدرانه بالتوبة:

الوضوء له ظاهر وباطن، فظاهره طهارة البدن وأعضاء العبادة، وباطنه وسره طهارة القلب من أوساخه وأدرانه بالتوبة، ولهذا يقرن سبحانه بين التوبة والطهارة في قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222]، وشرع النبي صلى الله عليه وسلم للمتطهر بعد فراغه من الوضوء أن يتشهد، ثم يقول: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين)، فكمل له مراتب الطهارة باطنًا وظاهرًا.

 

فإنه بالشهادة يتطهر من الشرك، وبالتوبة يتطهر من الذنوب، وبالماء يتطهر من الأوساخ الظاهرة، فشرع أكمل مراتب الطهارة قبل الدخول على الله والوقوف بين يديه، فلما طهر ظاهرًا وباطنًا، أذِن له بالدخول عليه بالقيام بين يديه.

 

سر الصلاة ولبُّها إقبال العبد على الله بكُليته:

وسر الصلاة ولبُّها هو إقبالُ العبد على الله بكليته، فكما أنه لا ينبغي له أن يصرف وجهه عن قبلة يمينًا وشمالًا، فكذلك لا ينبغي له أن يصرف قلبه عن ربه إلى غيره، وللإقبال في الصلاة ثلاث منازل: إقبال على قلبه، فيحفظه من الوساوس والخطرات المبطلة لثواب صلاته أو المُنقِصة له، وإقبال على الله بمراقبته حتى كأنه يراه، وإقبال على معاني كلامه وتفاصيل عبودية الصلاة ليعطيها حقَّها، فباستكمال هذه المراتب الثلاث تكون إقامة الصلاة حقًّا.

 

وكما أن الصوم ثمرته تطهير النفس، وثمرة الزكاة تطهير المال، وثمرة الحج وجوب المغفرة، وثمرة الجهاد تسليم النفس التي اشتراها سبحانه من العباد، وجعل الجنة ثمنها، فالصلاة ثمرتها الإقبال على الله، وإقبال الله سبحانه على العبد، وفي الإقبال جميع ما ذُكِرَ من ثمرات الأعمال، ولذلك لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: جُعِلت قرة عيني في الصوم ولا في الحج والعمرة، وإنما قال: (جعلت قرةُ عيني في الصلاة)، وتأمل قوله: (جُعلت قرةُ عيني في الصلاة) ولم يقل بالصلاة، إعلامًا بأن عينه إنما تقرُّ بدخوله فيها، كما تقرُّ عين المُحب بملابسته محبوبه، وتقرُّ عين الخائف بدخوله في محل أمنِه، فقرَّةُ العين بالدخول في الشيء أكملُ وأتمُّ من قرة العين به قبل الدخول. ولما جاء إلى راحة القلب من تعبه قال: (يا بلالُ، أرحنا بالصلاة)؛ أي: أقِمها لنستريح بها من مقاساة الشواغل، كما يستريح التعبان إذا وصل إلى نُزله وقرَّ فيه، وتأمل كيف قال: أرحنا بها، ولم يقل: أرحنا منها، كما يقوله المتكلف بها الذي يفعلها تكلفًا وغُرمًا، فالفرق بين من كانت الصلاة لحوائجه قيدًا ولقلبه سجنًا ولنفسه عائقًا، وبين من كانت الصلاة لقلبه نعيمًا، ولعينه قرة، ولحوائجه راحة، ولنفسه بستانًا ولذة.

 

الصلاة قرة عين المحبين ولذة أرواح الموحدين:

لا ريب أن الصلاة قرة عين المحبين، ولذة أرواح الموحدين، ومحكُّ أحوال الصادقين، وميزان أحوال السالكين، وهي رحمته المهداة إلى عبيده، هداهم إليها وعرفهم بها رحمة بهم وإكرامًا لهم؛ لينالوا بها شرف كرامته والفوز بقربه، لا حاجة منه إليهم، بل منَّة منه وفضلًا منه عليهم، وتعبد بها القلب والجوارح جميعًا، وجعل حظ القلب منها أكمل الحظين وأعظمهما، وهو إقباله على ربه سبحانه وفرحه وتلذُّذه بقربه وتنعُّمه بحبه، وابتهاجه بالقيام بين يديه، وانصرافه حال القيام بالعبودية عن الالتفات إلى غير معبوده، وتكميل حقوق عبوديته؛ حتى تقع على الوجه الذي يرضاه.

 

وجه المطيع ووجه العاصي:

تجد وجه المطيع لله قد كُسِي من الجمال والحسن والملاحة ما لم يُكسه وجهُ العاصي، فإن كان جميل الوجه ازداد جمالًا إلى جماله الخلقي، وأُلقيت عليه من المحبة والجلالة والحلاوة ما لم يُلق على غيره، وإن حُرِمَ جمال الوجه وحُسنه، أُلبس من جمال الطاعة وبهجتها ونورها وحلاوتها أحسن مما فاته من الجمال الظاهر، وكلما كبر وطعن في السن ازداد حسنًا وحلاوة وملاحة.

 

وقال: وأما جميل الوجه إذا لم يصن جماله وحسنه، وبذله وتبذل به، فإنه كلما كبر وطعن في السن ازداد وحشةً وظلمة وقبحًا، وكلما ازداد من الفواحش والمعاصي، ازداد حتى تكسف ظلمة المعصية شمس حسنه، وتخسف قمرها، ويعلو قبحها وسوادها الجمال الصوري، فتراه في السن لا يزاد إلا قبحًا ووحشةً ونفرةً عنده.

 

أظهر السمات على الوجوه سمة الصدق والكذب:

أظهر السمات على الوجوه سمة الصدق والكذب، فإن الكذاب يُكسى وجهه من السواد بحسب كذبه، والصادق يُكسى وجهه من البياض بحسب صدقه، وهذا أمر محسوس لمن له قلب، فإن ما في القلب من النور والظلمة والخير والشر، يسري كثيرًا إلى الوجه والعين، وهما أعظم الأعضاء ارتباطًا بالقلب.

 

وتأمل قوله تعالى: ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ﴾ [محمد: 30]، فهذا قسم محقق لا شرط فيه، وذلك أن ظهور ما في قلب الإنسان على لسانه أعظمُ من ظهوره على وجهه، لكنه يبدو بُدوًّا خفيًّا يراه الله، ثم يقوى حتى تصير صفةً في الوجه يراها أصحاب الفراسة، ثم يقوى حتى يظهر لجمهور الناس.

 

أقسام الناس في عبودية الجوارح:

في كل جارحة من جوارح العبد عبودية تخصُّه، وطاعة مطلوبة منها، خُلقت لأجلها وهُيئت لها، والناس بعد ذلك ثلاثة أقسام:

أحدها: من استعمل تلك الجوارح فيما خُلقت له، وأُريد منها، فهذا هو الذي تاجر مع الله بأربح التجارة، وباع نفسه لله بأربح البيع.

 

الثاني: من استعملها فيما لم تُخلق له، ولم يُخلق لها، فهذا هو الذي خاب سعيه وخسرت تجارته، وفاته رضا ربه عنه، وجزيلُ ثوابه، وحصل على سخطه وأليم عقابه!

 

الثالث: من عطل جوارحه وأماتها بالبطالة، فهذا أيضًا خاسر أعظم خسارة، فإن العبد خُلق للعبادة والطاعة لا للبطالة، وأبغض الخلق إلى الله البطال الذي لا في شغل الدنيا ولا في سعي الآخرة، فهذا كَلٌّ على الدنيا والدين.

 

غالب القول يكُبُّ قائله في النار على منخره:

قال سبحانه: ﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ﴾ [الزمر: 17، 18]، فمدحهم باستماع القول واتباع أحسنه، ومن المعلوم أن كثيرًا من القول، بل أكثره ليس فيه حسن، فضلًا عن أن يكون أحسن، بل غالب القول يكُبُّ قائله في النار على منخره، والأقوال التي ذمها الله في كتابه أكثر من أن تُعدَّ كالكلام الخبيث والقول الباطل، والقول عليه بما لا يعلم القائل والكذب والافتراء والغيبة، والتنابز بالألقاب، والتناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول، وتبييت ما لا يرضى من القول، وقول العبد بلسانه ما ليس في قلبه، وقوله ما لا يفعله، وقول اللغو، وقول ما لم يُنزل به سلطانًا، والقول المتضمن للشفاعة السيئة، والقول المتضمن للمعاونة على الإثم والعدوان، وأمثال ذلك من الأقوال المسخوطة والمبغوضة للرب تعالى التي كلها قبيحة لا حسن فيها ولا أحسن.

 

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبة استماع القرآن:

كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، إذا اجتمعوا واشتاقوا إلى حادٍ يحدُو بهم ليطيب لهم السيرُ، ومُحركٍ يحرك قلوبهم إلى محبوبهم، أمروا واحدًا منهم يقرأ والباقون يستمعون، فتطمئن قلوبهم، وتفيض عيونهم، يجدون من حلاوة الإيمان أضعاف ما يجده السماعاتيه من حلاوة السماع، وكان عمر بن الخطاب إذا جلس عنده أبو موسى يقول: يا أبا موسى، ذكِّرنا ربنا، فيأخذ أبو موسى في القراءة، وتعمل تلك الأقوال في قلوب القوم عملها، وكان عثمان بن عفان يقول: لو طهرت قلوبنا لما شبِعنا من كلام الله، إي والله، كيف تشبع من كلام محبوبهم وفيه نهاية مطلوبهم؟ وكيف تشبع من القرآن وإنما فتحت به لا بالغناء والألحان؟

 

إذا مرضْنا تداوينا بذِكركم *** فإن تركناه زاد السُّقم والمرضُ

 

غذاء القلوب بسماع القرآن:

السماع الشرعي أصلح الأغذية وأطيبها وأنفعها؛ كما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: لو طهرت قلوبنا لما شبعنا من كلام الله"، وفي صفة القرآن: "لا تنقضي عجائبه ولا يشبع منه العلماء"، فهو قوت القلب وغذاؤه، ودواؤه من أسقامه وشفاؤه، وأما السماع الشعري الشيطاني، فهو سُحت، وقلب تغذى بالسُّحت بعيد من الله، غير الله أَولى به.

 

صوت القرآن وصوت الغناء:

صوت القرآن يُسكِّن النفوس ويُطمئنها ويُوقرها، وصوت الغناء يستفزها ويُزعجها ويُهيجها، فتبارك من جعل كلامه شفاءً لصدور المؤمنين، وحياةً لقلوبهم، ونورًا لبصائرهم، وغذاءً لقلوبهم، ودواءً لأسقامهم، وقرةً لعيونهم، وفتح به منهم أعينًا عُمينًا، وآذانًا صُمًّا وقلوبًا غلفًا، فأشرقت به الوجوه، واستنارت به القلوب.

 

صوت الشيطان كل صوت في غير طاعة الله:

قال تعالى للشيطان: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ﴾ [الإسراء: 64]، فالصوت الشيطاني يستفز بني آدم، وصوت الشيطان كل صوت في غير طاعة الله، نُسِبَ إلى الشيطان لأمره به ورضاه به، وإلا فليس هو الصوت نفسه، فصوت الغناء وصوت النوح وصوت المعازف، كلها من أصوات الشيطان التي يستفز بها بني آدم، فيستخفهم ويُزعجهم، ولهذا قال السلف في هذه الآية: "إنه الغناء".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • بعض أنواع الذكر وثمرتها ، مع ديباجة لابن القيم
  • قواعد وفوائد من كتاب شفاء العليل لابن القيم
  • كلام على "الرسالة الحلبية" لابن القيم
  • إضاءة على سقطين في "المنار المنيف" لابن القيم
  • فوائد عزيزة جدا في تفاضل الأعمال وقبولها لابن القيم رحمه الله
  • فوائد غض البصر لابن القيم
  • فوائد من كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين لابن القيم
  • فوائد من كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم
  • فوائد من كتاب الصلاة للعلامة ابن القيم
  • فوائد من تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم
  • فوائد من كتاب الفروسية المحمدية لابن القيم
  • فوائد من كتاب "أعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم
  • فوائد من كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم
  • فوائد من كتاب الروح لابن القيم
  • فوائد من طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن القيم
  • آداب الكلام في الإسلام
  • جواز الأخذ من غير مسألة ولا تطلع

مختارات من الشبكة

  • فوائد من كتاب الفوائد للعلامة ابن القيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد من كتاب الفوائد (WORD)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد من بدائع الفوائد لابن القيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الفوائد المستغربة ( فوائد الحافظ ابن بشكوال )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • ويقيمون الصلاة: فوائد وفرائد (خمسة وأربعون فائدة)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • 100 فائدة من فوائد حديث: ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخذ قرض من البنك دون فوائد لكنه إذا تأخر بالسداد أصبح بفوائد(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • مخطوطة الفوائد المشتملة على فوائد البسملة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة فائدة في فوائد اللباس(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مجمع فوائد: بستان من الفوائد العلمية والحكم الوعظية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو مدينة سينسيناتي يوزعون 30 ألف وجبة إفطار خلال رمضان
  • افتتاح أكبر مسجد بجنوب داغستان
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/9/1444هـ - الساعة: 15:11
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب