• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    قهر الملة الكفرية بالأدلة المحمدية لتخريب دير ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    صدام الحضارات بين زيف الهيمنة الغربية وخلود ...
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    المرض الاقتصادي: أشكاله وآثاره
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير العلمي: كيف ...
    محمد نواف الضعيفي
  •  
    حقوق البيئة
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الأرض: رؤية من الخارج
    سمر سمير
  •  
    من أعلام الأدب الرشيد (عماد الدين خليل أنموذجا)
    د. منير لطفي
  •  
    شرح منهاج البيضاوي لعز الدين الحلوائي التبريزي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    إشكالية اختيار الثغر: كيف يجد الشاب المسلم دوره ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    أسباب فيروس كورونا
    د. صباح علي السليمان
  •  
    قراءات اقتصادية (68) الانهيار الكبير
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    أسباب الطاعون والوقاية منه
    د. صباح علي السليمان
  •  
    التغيير
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    نماذج لفقهاء التابعين من ذوي الاحتياجات الخاصة ...
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    الإدارة بين الإتقان الشرعي والنجاح الدنيوي
    د. أحمد نجيب كشك
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

التعامل الأمثل مع العصاة والمذنبين (خطبة)

التعامل الأمثل مع العصاة والمذنبين (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/7/2023 ميلادي - 1/1/1445 هجري

الزيارات: 14805

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التَّعَامُلُ الأَمْثَلُ مَعَ العُصَاةِ والمُذْنِبِين

 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد: مع أنَّ الصَّحابةَ الكرامَ رضي الله عنهم كانوا مُعَظِّمِينَ لِحُرُمَاتِ اللهِ، ومُجْتَنِبِينَ لِلْمَعاصِي؛ لَمْ يَخْلُ مُجْتَمَعُهُمْ مِمَّنْ اسْتَزَلَّهُ الشَّيطانُ، وهوَى النَّفْسِ فَوَقَعَ في بعضِ الذُّنوبِ والمَعاصِي، ولا سيما أنَّهم كانوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ. ولكنَّهم سُرْعَانَ ما كانوا يَتُوبونَ ويَرْجِعونَ ويُنِيبُونَ.

 

والأَصْلُ هو الرِّفْقُ بِالمُذْنِبِينَ والعُصَاةِ، ومُعَامَلَتُهم بِالشَّفَقَةِ والرَّأْفَةِ، ولا سِيَّمَا فِئَةُ الشَّبَابِ: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ. مَهْ. فَقَالَ: «ادْنُهْ، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا». قَالَ: فَجَلَسَ؛ قَالَ: «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟» قَالَ: لَا. وَاللهِ؛ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: «وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ». ثم قال له: «أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟» «أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟» «أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟» «أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟». [اسْتَعْمَلَ معه الخِطَابَ العَقْلِيَّ] ثم وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: «اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ». فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ، ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ. صحيح - رواه أحمد.

 

ويُحَثُّ مَنِ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً عَلَى الإِكْثَارِ مِنَ الأعمالِ الصَّالِحَةٍ؛ لِتَكُونَ سَبَبًا في قَبُولِ تَوْبَتِهِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً [أي: تَنَاوَلَهَا، وَاسْتَمْتَعَ بها] فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا، فَأَنَا هَذَا، فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ سَتَرَكَ اللَّهُ، لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ! قَالَ: فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا. فَقَامَ الرَّجُلُ، فَانْطَلَقَ. فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً دَعَاهُ، وَتَلاَ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114]. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذَا لَهُ خَاصَّةً؟ قَالَ: «بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً» رواه مسلم. وفي روايةٍ: «لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ» رواه البخاري. قال ابنُ حَجَرٍ رحمه الله: (وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَنَحْوِهِمَا، وعَلى سُقُوط التَّعْزِيزِ عَمَّنْ أَتَى شَيْئًا مِنْهَا، وَجَاءَ تَائِبًا نَادِمًا).

 

ولا بُدَّ مِنَ الاحْتِيَاطِ فِي إِقَامَةِ الحُدُودِ؛ فَيُؤْمَرُ المُذْنِبُ أَنْ يَسْتُرَ على نَفْسِه، ويَتُوبَ فِيمَا بينه وبين رَبِّه: فقد جاء غَيرُ واحدٍ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم طَالِبِينَ منه إِقَامَةَ الحَدِّ عليهم؛ بِسَبَبِ ما اقْتَرَفُوهُ مِنَ الذُّنوبِ والمَعاصِي، فكان صلى الله عليه وسلم يُحاوِلُ – في أَوَّلِ الأَمْرِ – صَرْفَهُمْ، فإذا وَجَدَ منهم إِصْرَارًا؛ أقامَ عليهم الحَدَّ. ولَمَّا جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طَهِّرْنِي. فَقَالَ: «وَيْحَكِ! ارْجِعِي فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ، وَتُوبِي إِلَيْهِ». قَالَتْ: إِنَّهَا حُبْلَى مِنَ الزِّنَا». فَكَفَلَهَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ. فَقَالَ: «إِذًا لاَ نَرْجُمَهَا، وَنَدَعَ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ». فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: إِلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ. قَالَ: فَرَجَمَهَا. رواه مسلم. فَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهَا قِصَاصٌ - وَهِيَ حَامِلٌ - لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا حَتَّى تَضَعَ، ولا يُقْتَصُّ منها بعدَ وَضْعِها حتى تَسْقِيَ وَلَدَها اللَّبَنَ، ويَسْتَغْنِيَ عَنْهَا بِلَبَنِ غَيْرِها.

 

ولا يُسبُّ مَنْ أُقيمَ عليه الحَدُّ؛ فَإِنَّ فِي ذلك عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: مَالَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ» رواه البخاري. وفي روايةٍ: «وَلَكِنْ قُولُوا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ» صحيح – رواه أبو داود. فالشَّيْطَانُ يُرِيدُ أَنْ يَحْصُلَ له الخِزْيُ، فإذا دَعَوا عليه بِالْخِزْيِ؛ فكأنَّهم حَصَّلُوا مَقْصُودَ الشَّيطانِ.

 

وجَاءَ النَّهْيُ عَنِ الدُّعَاءِ عَلَى العَاصِي بِاللَّعْنِ والسَّبِّ: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه؛ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَلَدَ رَجُلاً فِي الشَّرَابِ [أي: بِسَبَبِ شُرْبِه الشَّرَابَ المُسْكِرَ]. فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا، فَأَمَرَ بِهِ، فَجُلِدَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَلْعَنُوهُ؛ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إلاَّ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» رواه البخاري. فَلَا مُنَافَاةَ بينَ ارْتِكَابِ النَّهْيِ، وثُبُوتِ مَحَبَّةِ اللهِ ورَسُولِه فِي قَلْبِ العَاصِي.

 

وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُشَدِّدُ فِي تَعْنِيفِ مَنْ وَقَعَ فِي مَعْصِيَةٍ، وخَاصَّةً مَنْ كَانَتْ لَهُ مَنْزِلَةٌ عِنْدَهُ: عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلاً، فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ. فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟! إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ» رواه البخاري. قال ابنُ حَجَرٍ رحمه الله: (إِنَّمَا وَبَّخَهُ بِذَلِكَ - عَلَى عَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ - تَحْذِيرًا لَهُ عَنْ مُعَاوَدَةِ مِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْعُذْرِ، لَكِنْ وُقُوعُ ذَلِكَ مِنْ مِثْلِهِ يُسْتَعْظَمُ أَكْثَرَ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ).

 

وأَحْيَانًا يُشَدَّدُ عَلَى العَاصِي، ويُكَرَّرُ عَلَيهِ؛ لِيَعْلَمَ فَظَاعَةَ الذَّنْبِ الَّذِي ارْتَكَبَهُ: عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحُرَقَةِ [هُمْ بَطْنٌ مِنْ جُهَيْنَةَ]، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ، فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ". فَكَفَّ الأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ. فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: «يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ"؟» قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. رواه البخاري. وفي روايةٍ: «أَقَالَ: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ" وَقَتَلْتَهُ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا؛ خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ. قَالَ: «أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ؛ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لاَ». فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ. رواه مسلم. قَالَ ابْنُ التِّينِ رحمه الله: (فِي هَذَا اللَّوْمِ تَعْلِيمٌ وَإِبْلَاغٌ فِي الْمَوْعِظَةِ؛ حَتَّى لَا يُقْدِمَ أَحَدٌ عَلَى قَتْلِ مَنْ تَلَفَّظَ بِالتَّوْحِيدِ). وقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ رحمه الله: (كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ سَبَبَ حَلِفِ أُسَامَةَ أَنْ لَا يُقَاتِلَ مُسْلِمًا بَعْدَ ذَلِكَ).

 

الخطبة الثانية

الحمد لله... أيها المسلمون.. يَنْبَغِي أَنْ يُبَيَّنَ لِلْعَاصِي شَنَاعَةَ مَعْصِيَتِهِ؛ لِئَلاَّ يَعُودَ لِمِثْلِهَا: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا – تَعْنِي: قَصِيرَةً. فَقَالَ: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ؛ لَمَزَجَتْهُ» صحيح – رواه أبو داود. أي: لَغَيَّرَتْهُ عَنْ حَالِهِ، مَعَ كَثْرَتِهِ وغَزَارَتِهِ.

 

ولا تَسْقُطُ الحُدُودُ عَنِ العُصَاةِ إذا وَجَبَتْ، وتُمْنَعُ الشَّفَاعَةُ حِيْنَئِذٍ: عَنَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ!» ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ: أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ؛ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» رواه مسلم. وفي روايةٍ: «ثُمَّ أَمَرَ فَقُطِعَتْ يَدُهَا» رواه البخاري.

 

ويُعَلَّمُ – بِرِفْقٍ - مَنِ ارْتَكَبَ ذَنْبًا جَهْلاً، أو خَطَأً، ولا يُعَنَّفُ عليه؛ فَضْلاً عَنْ مُعَاقَبَتِهِ: عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ. فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ. فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ! مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ [أي: لِيُسْكِتُوهُ – وذلك قَبْلَ أَنْ يُشْرَعَ التَّسْبِيحُ لِلتَّنْبِيهِ]. فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي سَكَتُّ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ، وَلاَ بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي [أي: ما انْتَهَرَنِي]، وَلاَ ضَرَبَنِي، وَلاَ شَتَمَنِي. قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» رواه مسلم.

 

وأَحْيَانًا يُغَيَّرُ المُنْكَرُ بِالْيَدِ؛ إذا عُلِمَ أنَّ ذلك لا يُنَفِّرُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ. وَقَالَ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ، فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ؟!». فَقِيلَ لِلرَّجُلِ - بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ". قَالَ: "لاَ وَاللَّهِ، لاَ آخُذُهُ أَبَدًا، وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم". رواه مسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عن تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع العصاة والمذنبين والتائبين
  • عقوبة العصاة كما رآها الرسول صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • التعامل النبوي مع الفقراء والمساكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التعامل مع الشاب اليتيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دعوة للمراجعة في التعامل مع التفسير المأثور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج أهل الحق وأهل الزيغ في التعامل مع المحكم والمتشابه: موازين الاستقامة والانحراف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • قواعد مهمة في التعامل مع العلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعامل الأمثل مع الأخطاء الأسرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • السماحة في التعاملات المالية في الإسلام (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • القواعد السبع للتعامل مع المخالف: كيفية التعامل مع زلة العالِم(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • حوار مع فاطمة عشري مستشارة الصحة النفسية حول كيفية التعامل مع ذوي الإعاقة(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/5/1447هـ - الساعة: 15:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب