• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    اختتام ندوة حول العلم والدين والأخلاق والذكاء ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    لقاءات دورية لحماية الشباب من المخاطر وتكريم حفظة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تزايد الإقبال السنوي على مسابقة القرآن الكريم في ...
    خاص شبكة الألوكة
شبكة الألوكة / المسلمون في العالم / مقالات
علامة باركود

مسألة الجنسية للمسلمين في بلاد الغربة

د. أمين بن عبدالله الشقاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/8/2015 ميلادي - 19/10/1436 هجري

الزيارات: 39777

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسألة الجنسية للمسلمين في بلاد الغربة

 

قد كتب د. محمد يسري إبراهيم في كتابه (فقه النوازل) للأقليات المسلمة تأصيلاً وتطبيقاً بحثاً مطولاً عن الجنسية والتجنس، أفاد فيه وأجاد، أنقل منه بتصرف واختصار، قال حفظه الله: "جرى عمل فقهائنا المتقدمين على تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار كفر، وأما في الواقع المعاصر فقد انقسم الناس باعتبار الجنسيات، وصار من الممكن للإنسان أن يتجنس بجنسية بلد غير بلده الأصلي الذي نشأ فيه هو وآباؤه وفق شروط معينة تختلف من دولة إلى أخرى.


وسعى كثير من أبناء هذا الزمان إلى الحصول على جنسيات غير جنسيات بلادهم الأصلية، تدفعهم إلى ذلك دوافع شتى؛ فمن لاجئ سياسي، ومن باحثٍ عن حرية وساعٍ إلى الحصول على حقوق أو مميزات لم يجدها في قومه.. إلى غير ذلك من المآرب.


ولكن الأمر ليس قاصراً على الميزات التي يُعطاها المرء فحسب، بل ثمة حقوق وواجبات عليه؛ من الالتزام بقوانين تلك البلد، والتحاكم إلى أنظمتها، والدفاع عنها، والانخراط في سلك المدافعين عنها من أبنائها، وبذل الجهد والوسع في تقويتها ورفعة شأنها، وعقد الولاء لها والبراء من غيرها.. إلى غير ذلك من مفردات منظومة كبيرة تسمى بـ "المواطنة".


ومن هنا مسّت الحاجة اليوم إلى معرفة حكم التجنس بجنسيات الدول غير الإسلامية؛ لشدة الدوافع والمقتضيات إلى ذلك.


المفهوم الاصطلاحي للجنسية والتجنس:

يعرف القانونيون "الجنسية" بأنها: (الرابطة القانونية والسياسية التي تربط بين الفرد والدولة، والتي بمقتضاها يعتبر الفرد جزءاً في شعب الدولة يتمتع بالحقوق المترتبة على تمتعه بجنسية الدولة والتي لا يتمتع بها الأجنبي كأصل عام، ويلتزم أيضاً بالالتزامات التي تترتب على وصف الوطني والتي لا يلتزم بها الأجنبي).


وعرّفها بعض القانونيين بقوله: (رابطة سياسية وقانونية بين الفرد والدولة)، وهناك من يضيف إلى هاتين الرابطتين رابطةً ثالثة؛ هي الرابطة الاجتماعية، خاصة إذا كان شعب الدولة مكوناً من أمة واحدة.


أما "التجنس" فهو: (طلب انتساب إنسان إلى جنسية دولة من الدول وموافقتها على قبوله في عداد رعاياها، وينشأ عن ذلك التجنس خضوع المتجنس لقوانين الدولة التي تجنَّس بجنسيتها، وقبوله لها طوعاً أو كرهاً، والتزام الدفاع عنها في حال الحرب).


وللتجنس شروط تشترطها الدول، فمنها العام، ومنها الخاص ببعض الدول.


آثار التجنس:

إن أهم أثر يترتب على التجنس هو كسب صفة الوطني، والتي تستوجب التمتع بجميع الحقوق التي يتمتع بها الوطني الأصلي والالتزام بكافة الواجبات التي يُلزم بها، ولعل من أهم هذه الحقوق والواجبات ما يلي:

أولاً: الحقوق:

يكون المتجنس مساوياً في الحقوق للوطني في الجملة، وإن استثنيت بعض الأمور كالتقدم لوظائف حساسة، ومن بين هذه الحقوق:

1- الحصول على حق المواطنة.

2- التمتع بالإقامة الدائمة.

3- تكفل الدولة الحماية الدبلوماسية للمنتسب إليها، وتتولى القنصليات رعاية أحواله الشخصية خارج البلد.

4- التمتع بالحقوق السياسية كحق الانتخاب بعد اجتياز فترة الاختبار، وبممارسة الحريات الأساسية.


ثانياً: الواجبات:

1- خضوع المتجنس لقوانين الدولة والاحتكام إليها.

2- المشاركة في جيشها والتزام الدفاع عنها في حالة الحرب.

3- تمثيل الدولة خارجياً.

4- مشاركته في بناء صرح الدولة.


حكم التجنس بجنسية الدولة غير المسلمة:

البحث في هذه المسألة يختلف عن البحث في مسألة الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام من حيث إن الهجرة أمر قديم بقِدم الإسلام، وتناوله العلماء في كتب الفقه والتفسير وشروح الحديث وغيرها.


وأما التجنس فمسألة حادثة ونازلة لم تكن على عهد السلف والأئمة، وإنك لواجد في كتب الأئمة الفقهاء التفصيل الواضح في أحكام الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، وأحكام الأقليات غير المسلمة في المجتمع المسلم، أما فقه الأقليات المسلمة في البلاد غير المسلمة فنادر في كتب الفقه؛ لأنه نادرٌ ما كان يحتاج المسلم للإقامة الدائمة هنالك؛ لوجود الخلافة الإسلامية التي يأوي إليها المسلم ويتفيأ ظلالها، ولانعدام الحدود بين الدول الإسلامية، فأينما تيمم المسلم في بلاد الإسلام فهو في بلاده لا يحس بغربة ولا وحشة، وكذا العزة الإسلامية التي يتمتع بها المسلم فهو ليس بحاجة للإقامة في بلاد الكفر فضلاً عن التجنس بجنسياتها، ذلك أن التجنس بجنسية الدول الكافرة موطئ للإقامة في بلاد الكفر، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على خلل أو ضعف حلَّ بالمسلمين والخلل العظيم في هويتهم، إذ المهزوم والضعيف هو الذي يريد أن يشابه المنتصر والقوي فيقتدي به.


ومن نظر في التاريخ وجد أن هذا أمر مطَّرد، فوقت أن كانت الدولة للمسلمين كان المشركون حريصين على تعلم لغتهم والعيش في بلادهم؛ ليتمتعوا بالأمن والعدل ورغد العيش الذي كانت بلادهم قفراً منه.


ثم إنه بعد سقوط الخلافة الإسلامية وانتشار الغزو الصليبي لبلاد الإسلام، أو ما سُمي زوراً بـ (الاستعمار)؛ فتحت دول الكفر باب التجنس لمن يرغب في ذلك من المسلمين؛ لطمس هويتهم، وإخماد روح الإيمان والجهاد في قلوبهم، وذلك في أوائل القرن الميلادي المنصرم، وهي نتيجة طبيعية لضعف المسلمين وقوة شوكة عدوهم.


يقول ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: (المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيِّه ونِحلته وسائر أحواله وعوائده؛ والسبب في ذلك أن النفس أبداً تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت إليه؛ إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أو لما تغالط من أن انقيادها ليس لغالب طبيعي إنما هو لكمال الغالب وتشبُّهه به، وذلك هو الاقتداء، أو لما تراه – والله أعلم – من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية ولا قوة ناس وإنما هو بما انتحل من العوائد والمذاهب.


ولذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها؛ بل وفي سائر أحواله) [1].


والحاصل أن التجنس بجنسية الدول الكافرة مسألة حادثة، وقد اختلف فيها فقهاء العصر على أربعة أقوال:

القول الأول:

قول أكثر الفقهاء المعاصرين وهو المنع، وممن قال به العلامة الشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ علي محفوظ عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والشيخ محمد عبدالباقي الزرقاني، والشيخ إدريس الشريف محفوظ مفتي لبنان، والشيخ يوسف الدجوي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن، والعلامة عبدالحميد بن باديس، والعلامة البشير الإبراهيمي، وكل أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، والعلامة الشيخ ابن عثيمين.. وغيرهم.


القول الثاني:

قول بعض فقهاء العصر وهو الجواز، ومنهم د. وهبة الزحيلي، بشرط المحافظة على الدين والتمسك به، وعدم الذوبان في المجتمع الكافر.


القول الثالث:

جواز التجنس بجنسية الدولة الكافرة عند الضرورة؛ كما لو كان مضطهداً في دينه في بلده المسلم ولم يقبله أحد سوى الحكومة الكافرة، وهو رأي بعض أعضاء مجمع الفقه الإسلامي، وقد وضع الشيخ الخليلي ثلاثة شروط للجواز، وهي:

1- انسداد أبواب العالم الإسلامي في وجه لجوئه إليهم.

2- أن يضمر النية على العودة متى تيسَّر ذلك.

3- أن يختار البلد التي يمارس فيها دينه بحرية.


القول الرابع:

التفصيل في المسألة؛ فالناس في طلب الجنسية على ثلاثة أقسام:

1- التجنس بجنسية الدولة الكافرة من غير مسوِّغ شرعي، بل تفضيلاً للدولة الكافرة وإعجاباً بها وبشعبها وحكمها، وهذه ردة عن الإسلام عياذاً بالله.


2- التجنس للأقليات المسلمة التي هي من أصل سكان تلك البلاد؛ فهو مشروع وعليهم نشر الإسلام في بلادهم، وتبييت النية للهجرة لو قامت دولة الإسلام واحتاجت إليهم.


3- تجنس الأقليات المسلمة التي لم تكن من أهل البلد الكافرة، ويعتريه الحالات التالية:

(أ) أن يترك المسلم بلده بسبب الاضطرار والاضطهاد ويلجأ لهذه الدولة؛ فهو جائز بشرط الاضطرار الحقيقي للجوء، وأن يتحقق الأمن للمسلم وأهله في بلاد الكفر، وأن يستطيع إقامة دينه هناك، وأن ينوي الرجوع لبلاد الإسلام متى تيسر ذلك، وأن ينكر المنكر ولو بقلبه، مع عدم الذوبان في مجتمعات الكفر.


(ب) أن يترك المسلم بلده قاصداً بلاد الكفر لأجل القوت؛ فلو بقي في بلاده لهلك هو وأهله، فله أن يتجنس إذا لم يستطع البقاء بغير جنسيته.


(ج) التجنس لمصلحة الإسلام والمسلمين ونشر الدعوة، وهو جائز.


(د) التجنس لمجرد أغراض دنيوية بلا ضرورة ولا مصلحة للإسلام وأهله، وهو محرم.


وهذا التفصيل رجّحه بعض الباحثين وأصحاب الرسائل الجامعية.


أدلة المانعين:

استدل المانعون بأدلة كثيرة، وعمومات ومقاصد شرعية نوردها فيما يلي:

• قال تعالى: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران: 28].


• وقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [التوبة: 23].


ففي هاتين الآيتين النهي عن اتخاذ ذوي القربى أولياء إن كانوا كفاراً؛ فكيف باتخاذ الأباعد أولياء وأصحاباً، وإظهار الموافقة لما هم عليه والرضا به؟


• وقال عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 97].


• ومن السنة ما رواه أبو داود من حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَإِنَّهُ مِثْلُهُ"[2].


• وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه لِمَ؟ قَالَ: "لاَ تَرَاءَى نَارَاهُمَا"[3].


• وبما رواه النسائي من حديث جرير بن عبدالله قال: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَعَلَى فِرَاقِ الْمُشْرِكِ[4].


• وروى النسائي في سننه من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجل مِنْ مُشْرِكٍ بَعْدَمَا أَسْلَمَ عَمَلاً، أَوْ يُفَارِقُ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ"[5].


• وفي صحيح مسلم عن بريدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث أميراً على سرية أو جيشاً أوصاه بأمور؛ فذكرها، ومنها: "ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ"[6].


وجه الدلالة من الآيات والأحاديث السابقة:

لقد استفاضت النصوص الشرعية السابقة في التحذير من موالاة الكافرين، ومحبتهم ومودتهم، والرضا عنهم وعن منكراتهم، وأوضحت أن ذلك مناقض لأصل الإسلام وهادم لعقيدة الولاء والبراء والحب والبغض في الله التي لا يصح إسلام عبدٍ إلا بها.


ولما كان التجنس يلزم منه - لا محالة - ولاء المرء للدولة التي يحمل جنسيتها وخضوعه لنظامها وقوانينها، ويصير المتجنس واحداً من المواطنين له ما لهم وعليه ما عليهم، وتجري عليه أحكام ملتهم في الأحوال الشخصية والمواريث، وعدم تدخله في شؤون أولاده إذا بلغوا السن القانونية عندهم سواء الذكور والإناث..، لمّا كان الأمر كذلك كان طلب التجنس بجنسية الدول الكافرة من غير إكراه عليها بل طلباً من المتجنس أو موافقة على قبولها صورة من صور الردة عن الإسلام عياذاً بالله، وخروجاً عن سبيل المؤمنين ودخولاً في معية الكافرين؛ الذين حذرنا الله تعالى منهم ومن اتباع سبيلهم، والمقام بين أظهرهم، وموالاتهم والركون إليهم، كما دلت على ذلك النصوص السابقة.


ثم ختم حفظه الله البحث في هذه المسألة بقوله: (والذي يظهر بعد عرض أدلة المختلفين وردَّها إلى الكتاب والسنة والمقاصد المرعية المعتبرة، أن مذهب المحرِّمين هو الصحيح، وأدلتهم قوية سالمة من المعارض المساوي فضلاً عن الراجح.


إلا أنه قد تعتري المسألة أحوال وملابسات تبيح التجنس لضرورة ملجئة فتقدَّر بقدرها، وغنيٌّ عن البيان أن الكلام ليس على من تجنَّس رغبة في الكفر وتفضيلاً لأحكامه واعتزازاً وافتخاراً بتلك الجنسية، ولا الكلام عمّن يتجنس لتحصيل مصالح دنيوية ليست ضرورية، بل غايتها أن تكون من التحسينيات؛ فالأول مرتد قطعاً، ولا يتوقف في هذا عالم، والثاني على خطر عظيم وهو ممن استحبَّ الحياة الدنيا على الآخرة، ويشمله قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [التوبة: 23].


وقوله جل ذكره: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾ [الشورى: 20]. وإنما الكلام في ثلاث حالات، وبيانها كالآتي:

1- الأقليات المسلمة التي هي من سكان تلك البلاد أصلاً؛ فهؤلاء تثبت لهم الجنسية بمجرد ولادتهم، ولا خيار لهم في ذلك؛ فهم مكرهون عليها ولا إثم على مكره، ولا تستقيم لهم حياة بدون جنسية؛ فهي في حقهم ضرورة، لكن مع ذلك لابد أن يلتزموا بأحكام الإسلام جُهدهم ويُظهروا دينهم وإلا وجب عليهم التحول ولزمتهم الهجرة، والهجرة لا تنقطع حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، ومن اختار البقاء، أو ضاقت به السبل فليعمل على إظهار دينه ما استطاع، أو ليعزم على الهجرة لبلاد المسلمين متى ما أمكنه ذلك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.


2- من اضطر إلى التجنس بسبب اضطهاده في بلده الأصلي، أو للتضييق عليه في نفسه أو عِرضه أو قوته، أو كان لا يحمل جنسية أصلاً ومُنع من الإقامة إلا بالتجنس؛ فهؤلاء إن لم يمكنهم دفع ضرورتهم بالإقامة فقط وكان لابد من التجنس وتعيَّن لدفع ضرورتهم الواقعة المعتبرة؛ فلهم التجنس من باب "الضرورات تبيح المحظورات" قال تعالى: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 119]. وقد أباح الشرع النطق بكلمة الكفر حال الإكراه مع طمأنينة القلب بالإيمان. قال تعالى: ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ [النحل: 106]. وقال سبحانه: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران: 28].


ولكن لابد أن تُقدر الضرورة بقدرها بعد تحقق كونها ضرورة ملجئة، وتعين التجنس مزيلاً لها؛ بشرط أن لاَّ تذوب شخصيته في شخصية الكفار، وأن يأمن على نفسه وأهله وأولاده الفتنة، وأن يستشعر انتماءه للإسلام وأهله، وينوي الرجوع إلى بلاد المسلمين متى زال عذره، وأن ينكر المنكرات بقلبه إن لم يمكنه ذلك بيده ولسانه، وأن يتخير البلد الذي يستطيع فيه إظهار دينه بلا غضاضة عليه.


3- أن يتجنس المسلم لتحقيق مصالح كلية كبرى للإسلام وأهله؛ كالدعوة إلى الله، وتحصيل علوم ضرورية يحتاجها المسلمون ولا يمكن تحصيلها بدون ذلك، مع أمنه على نفسه، ودينه، وأهله وولده، وانتفاء المفاسد التي ذكرناها آنفاً في حقه أو في حق أهله، فهذا باب يسوغ فيه النظر والاجتهاد والموازنة بين المصالح والمفاسد، والله يعلم المفسد من المصلح، والله عند قلب المرء ولسانه ولا يخفى عليه شيء من أمره.


وهذه الصورة من التجنس قد تلحق بالتجنس الإجباري ظاهراً، ولكنها من الاضطراري حقيقة وحكماً في حين أن الصورتين الأوليين من التجنس الاضطراري من غير خلاف.. والله أعلم"[7].



[1] مقدمة ابن خلدون، (2 /505).

[2] سنن أبي داود برقم (2787) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (2330).

[3] سنن الترمذي برقم (1604) وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (1307).

[4] سنن النسائي برقم (4175)، وأحمد في مسنده برقم (19238) وقال محققوه حديث صحيح.

[5] سنن النسائي برقم (2568) وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (7748).

[6] صحيح مسلم برقم (1731).

[7] فقه النوازل للأقليات المسلمة للدكتور محمد يسري (2 /1098-1125) بتصرف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أزواج وزوجات في بلاد الغربة
  • الشيخ فيصل بن رميح الرميح في لقاء بعنوان: (المسلمون المنسيون في بلاد الغربة)
  • مقدمة كتاب: المسلمون في بلاد الغربة
  • إسلام الكافر في بلاد الغربة
  • قروض المسلمين في بلاد الغربة
  • مسألة البطاقات الائتمانية للمسلمين في الغربة
  • تربية الأسرة المسلمة في بلاد الغرب
  • خطر السكن في بلاد ينتشر فيها الفساد والانحلال
  • التحاق أطفال المسلمين في بلاد الغرب بمدارس النصارى
  • حكم قبول هدايا الكفار في مناسباتهم وأعيادهم
  • الزواج من الكتابيات
  • الانحراف الجنسي ... التحدي الكبير لمجتمعنا
  • نقيض القصد في مسألة طلاق الفار

مختارات من الشبكة

  • من أين يستقي المسلم العلم الشرعي في بلاد غير المسلمين؟(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • إقامة المسلمين في بلاد غير المسلمين(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • بلادي بلادي، لك حبي وفؤادي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المسلمون في بلاد الغربة (WORD)(كتاب - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • المسلمون في بلاد الغربة (PDF)(كتاب - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • المسلمون المنسيون في بلاد الغربة(مادة مرئية - موقع ثلاثية الأمير أحمد بن بندر السديري)
  • إيطاليا: إمام مسلمي "فلورنسا": لا نتائج ملموسة للمسلمين في البلاد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • خطورة الإقامة الدائمة في بلاد غير المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السفر إلى بلاد غير المسلمين لقضاء شهر العسل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم السفر إلى بلاد غير المسلمين لأجل السياحة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب