أسوأ أحداث عنف شهدتها سريلانكا ضد المسلمين

أسوأ أحداث عنف شهدتها سريلانكا ضد المسلمين

شهدت سريلانكا أسوأ أحداث العنف والعنصرية ضد المسلمين في تاريخها الطويل في 15 يونيو الماضي، حيث خلفت في المدن التالية "ألوثجاما"، و"درجا تاون" و"بيروالا" التي تقع في مقاطعة "كالوتورا" من المحافظة الغربية السريلانكية - دمارًا وحشيًّا دمويًّا هائلًا خلال دقائق، واستشهد ثلاثة من الأبرياء المسلمين، وأُصيبَ المئات منهم بجروح بينهم نساء وأطفال، وتم تدمير وإحراق عدد من المساجد، ومنازل المسلمين، ومحلاتهم التجارية، وسياراتهم، وممتلكاتهم، وهرب آلاف منهم إلى الغابات والمساجد والمدارس؛ فرارًا من الحشود البشرية، ودفاعًا عن أنفسهم، كما تم نهب ما يساوي مليارات روبية من ممتلكاتهم من الجواهر، والأموال، والأحجار الكريمة، والوثائق، وسندات ملكية الأراضي وغيرها خلال ليلة واحدة.

وذلك بعد تجمع بوذي حاشد، ومسيرة بوذية كبيرة، قادهما الرهبان البوذيون المتطرفون ضد المسلمين في مدينة "ألوثجاما" في 15 يونيو الماضي، واستخدم أمين عام تلك المنظمة الراهب البوذي "كالابودي أتي نجاناسارا" أثناء كلمته التي ألقاها في الاجتماع - عباراتِ السب والشتم والتنقص والازدراء ضد المسلمين، بأسلوب يثير البوذيين إلى ممارسات عنصرية، واستخدام العنف ضدهم، والاعتداء على مساجدهم ومحلاتهم التجارية، ونهب ممتلكاتهم.

وشهدت المنطقة حالة من الفوضى ووضعًا خطيرًا بسبب هذه الأحداث العنيفة التي حدثت أمام رجال الأمن، وفشلوا في اتخاذ إجراءات قانونية سوى فرض حظر التجول، الذي مهد الطريق للغوغائيين البوذيين للاعتداء على المسلمين ونهب ممتلكاتهم، وقد امتدت أعمال الشَّغْب والنهب ضد المسلمين لمدة أسبوع منتشرة في عدد من أرجاء البلاد.

وقد سبقت هذه الأحداث إشاعة كاذبة ضد بعض الشبان المسلمين، حيث زعموا بأنهم اعتدوا على راهب بوذيٍّ، وقاموا بتصوير حادثة اشتباكات كلامية بسيطة حدثت عند ازدحام مروريٍّ كالاعتداء على الراهب، وعلى الرغم من أن هؤلاء المشتبه بهم نفوا تلك المزاعم بشدة، ولم يثبت التقرير الطبي هذا الاعتداء، قامت الشرطة بالقبض عليهم في يوم 12 يونيو الماضي، وقام آلاف من البوذيين بمظاهرات في شارع "جال" مطالبين بتسليمهم للانتقام منهم؛ مما أدى إلى إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، وتم نشر رجال الأمن وتعزيز أمني في المنطقة، وقد ناشد المسلمون ومحبو الوئام الديني الجهاتِ الأمنيةَ بمنع ذلك التجمع وتلك المسيرة؛ بسبب التوتر الذي شهدته المنطقة قبل إقامته، إلا أنه تمت إقامته بحضور عدد كبير من البوذيين المتطرفين ضد المسلمين.

وبعد انتهاء التجمع العنصري البوذي، سارت حشود من البوذيين المتطرفين في مسيرة احتجاج ضد المسلمين متجهين إلى مدينة "درجاتاون"، وكان المسلمون يشاهدون المسيرة في الشوارع والمساجد والمنازل بحيث لا يدرون ما مصيرها، وهم عازمون على عدم حدوث أي عنف ضدهم؛ بسبب انتشار رجال الأمن والتعزيزات الأمنية في المنطقة، وعندما اقترب المتظاهرون البوذيون الغوغائيون من المسجد الكبير الواقع بمدينة "درجاتاون"، فوجئوا بالاعتداء على المسلمين العزَّل برمي الحجارة والقضبان وغيرها، واندلعت أحداث شغب خلال دقائق، وتم فرض حظر التجول، فتم حصر المسلمين حيثما كانوا، ووقعوا فرائس في أيدي الصقور الجارحة البشرية من الرهبان البوذيين المتطرفين، والتي كانت تحلق في جميع أنحاء البلاد بحثًا عن فرائسها، وفقًا لخططها التي طال انتظارها لفرصة لتنفيذها.

ويفيد المحللون أن هذا العنف لم ينفجر فجأة؛ وإنما ذلك بسبب ما كانت تقوم به منظمة "بودو بالاسينا" البوذية المتطرفة من ترسيخ العنصرية والعنف ضد المسلمين منذ عامين، كما قامت بممارسات وهجمات عنصرية عديدة ضدهم؛ من الاعتداءات على المساجد، وإحراق محلاتهم التجارية، وحملات ضد الحلال، ومضايقة الإعلاميين المسلمين، وإشاعة أكاذيب حول الإسلام والمسلمين، وتصويرهم قساة ومتطرفين، وكان المسلمون يتحملون ويصبرون على أذاهم كله؛ حفاظًا على استقرار الأمن الوطني.

كما أن المسلمين كانوا يعانون كثيرًا في الفترات السابقة على يد جبهة متمردي نمور التاميل؛ بسبب وقوفهم مع الحكومة والأغلبية السنهالية في الكفاح في البلاد لهزيمة نمور التاميل الإرهابيين ضد مطالبهم بالحكم الذاتي باسم "إيلام"، فإن المسلمين يواجهون معاناة شديدة الآن بسبب حملات الكراهية والعنصرية ضد الأقلية المسلمة التي تقودها الحركات البوذية المتشددة، وعلى رأسها منظمة "بودو بالاسينا" البوذية المتطرفة.

هذا، وقد أثبت السياسيون المسلمون وغيرهم، والمنظمات الأهلية، من خلال أدلة واضحة - أن الحركات البوذية المتطرفة تعمل بدعم من الحكومة، وأنها تحميهم وترعاهم لمصالحها السياسية.

بيان الشيخ محمد أشكر الذي تم القبض عليه بتهمة الاعتداء على راهب بوذي، مما أدى إلى اندلاع أحداث العنف ضد المسلمين في البلاد.

ومن هؤلاء الشبان المسلمين الأشقاء الثلاثة الذين تم القبض عليهم بتهمة الاعتداء على الراهب البوذي.

الشيخ محمد أشكر من حي "كادياواتا" الواقعة في مدينة "درجاتاون"، خريج كلية إظهار الإسلام العربية، ويعمل مدرسًا في إحدى المدارس الشرعية بمدينة "درجاتاون"، وهو يوضح الأحداث في بيان أدلى به لإحدى وسائل الإعلام المحلية بما يلي:

"كان أخي الكبير واقفًا أمام منزلي في حي "كادياواتا" الساعة 12:30 ظهرًا في يوم 12 يونيو الماضي، وكانت فرحة الزواج لصاحب المحل الذي يشتغل فيه أخي الصغير مزمعًا عقدها في هذا اليوم، وكانت سيارة الأجرة التي استأجرها أخي الصغير لأخذ الوالدة والأخت إلى حفل الزواج واقفة أمام المنزل، وأوقف أخي دراجته النارية في جانب يسار سيارة الأجرة، وعندما جاءت السيارة التي كان فيها الراهب أزال أخي دراجته النارية من المكان الذي كان فيه إلى خلف سيارة الأجرة؛ لكي يسهل المرور على سيارة الراهب.

وجاء إلينا سائق سيارة الراهب بعد أن قام بإيقاف سيارته أمام سيارة الأجرة قليلًا، وبدأ يشتم ويسب بكلام بشع للغاية على أخي الكبير، ورد عليه أخي، ولم ينه السب والشتم، وقام أخي بدفعه إلى الأمام حتى يتخلص منه، ثم نزل إلينا الراهب وكان يتحدث معنا بكلام طيب، وكنا نوضح ما حدث، وذهب السائق بعد أن ترك الراهب معنا، وبعد قليل جاء إلينا رئيس معبد "باتيراجاجودا" البوذي، وبدأ يسب علينا باستخدام كلام شنيع، حتى جاء أحد أخوالي للتفاهم معه وتهدئته، ثم اعتذرنا له عما حدث، وذهب أخواي لحفل الزواج، وكنت أتحدث مع الرهبان.

وفي الوقت نفسه جاء إلينا بعض رجال شرطة المرور، وأشار الراهب رئيس معبد "باتيراجاجودا" إلي قائلًا: إنه هو الذي اعتدى على الراهب، وتم القبض علي بتهمة الاعتداء على الراهب الساعة الواحدة والنصف ظهرًا، وفي أثناء قيام الشرطة باستجوابي حول الحادث، تجمع عدد من البوذيين أمام الشرطة مطالبين باتخاذ إجراءات فورية ضدي، كما حذر رئيس المعبد البوذي "باتيراجاجودا" بحدوث العنف حال فشل الشرطة في اتخاذ الإجراءات الفورية، وأرغم الشرطة على نقل الراهب المزعوم الاعتداء عليه إلى المستشفى لتلقي العلاج حتى تتخذ الإجراءات.

ثم قامت الشرطة بالقبض على أخويَّ في الساعة الثالثة والنصف مساء، وتمت إحالتنا إلى سجن منطقة "كالوتورا"، واعتقلنا هناك لمدة 21 يومًا، وقام الرهبان البوذيون بالاعتداء علينا والتعذيب في السجن، كما حرضوا سائر السجناء على الاعتداء علينا، والقتل، حيث اعتدى علينا السجناء اعتداء وحشيًّا، ثم أخرج السجناء من هناك، وأرغمونا على السجود للرهبان والاعتذار لهم".