• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    اختتام ندوة حول العلم والدين والأخلاق والذكاء ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    لقاءات دورية لحماية الشباب من المخاطر وتكريم حفظة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تزايد الإقبال السنوي على مسابقة القرآن الكريم في ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مناقشة القيم الإيمانية والتربوية في ندوة جماهيرية ...
    خاص شبكة الألوكة
شبكة الألوكة / المسلمون في العالم / تقارير وحوارات
علامة باركود

مساهمة المسلمين العائدين من السيراليون والبرازيل في التاريخ والتطور النيجيري

أ. تاج الدين جباداموسي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/4/2013 ميلادي - 16/6/1434 هجري

الزيارات: 6659

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مساهمة المسلمين العائدين من السيراليون والبرازيل في التاريخ والتطور النيجيري

 

مقدمة:

خلال الزيارات الأربع التي قمتُ بها إلى البرازيل، نظمتُ ندوتَين مع الأخ أحمد الصيفي حول الجذور الإفريقية البرازيلية المسلمة في باهيا، العاصمة الأولى للبرازيل؛ حيث يَنتشِر المسلمون البرازيليون والذين يَنتمون إلى الجذور الإفريقية، وقد تمَّ إعداد خمسة أبحاث للندوة الأولى في عام 1983 بالتعاون من جامعة باهيا، ولسبب أو لآخَر لم تُعقَد تلك الندوة، وكان مِن بين تلك الأبحاث بحث الدكتور تاج الدِّين من جامعة لاجوس في نيجيريا، والذي احتوى على قدر كبير من المعلومات.

 

وقد ركَّز البحث على دور ومساهمات المسلمين العائدين من السيراليون والبرازيل في نيجيريا بعد عودتهم مرة أخرى إلى ديارهم في غرب إفريقيا.

 

بعد فترة قصيرة من إلغاء تجارة الرقيق، كانت هناك حركة لتشجيع عودة العبيد المحرَّرين إلى ديارهم، وكان غالبية هؤلاء العائدين قد اعتنقوا النصرانيَّة، وقد دُوِّنت خبراتهم وتأثيراتهم بالتفصيل في تاريخ غرب إفريقيا، ومما لا شكَّ فيه أن عددًا كبيرًا من هؤلاء قد عادوا مرة أخرى إلى الإسلام، ونحن بصدد دراسة تَجارِبهم والأماكن التي رغبوا في الذهاب إليها بعد عودتهم، ويَسعى هذا البحث إلى تركيز الاهتمام على خبرة النيجيريِّين المسلمين العائدين إلى بلادهم وإسهاماتهم في التاريخ الإسلامي على وجه الخصوص بالإضافة إلى التاريخ والتنمية النيجيرية.

 

وقبل وصول هؤلاء العائدين إلى نيجيريا، ترسَّخ الإسلام في أجزاء كبيرة من البلاد منذ القرن الحادي عشر، وكان هناك وجود إسلامي ملحوظ في أجزاء كبيرة من تلك البلاد، نَذكر على سبيل المثال منها: بورنو، وكانو، وزاريا، وكاتسينا، وأجزاء أخرى مِن أراضي الهوسا. بينما يقلُّ الوجود الإسلامي في الأجزاء الجنوبية مِن البلاد، على الرغم من وجوده بوضوح في المناطق الشمالية من أراضي اليوروبا؛ حيث كان لهم اتِّصال واسع بالولايات الشمالية المسلمة، وقد أقام العائدون المسلمون في مناطق المسلمين اليوروبا، وسوف يكون من المفيد أن أتطرَّق إلى حال الإسلام في أراضي اليوروبا، وخاصة قبل وصول هذا العنصر الجديد وتأثيره في تاريخهم.

 

في فترة ما قبل العائدين كان الإسلام في أراضي اليوروبا يأتي أساسًا من الشمال؛ حيث أتى العلماء، والدعاة، وقادة المُجتمع المسلم من مختلف المراكز المُسلمة الشمالية والغربية، ونتيجة لأنشطتهم ونُفوذهم، قد تركَّزت التجمُّعات المسلمة في المراكز الحضرية الكُبرى مثل أويو، أوسجبو، إيبادان، إيدي، جيما، وأوجبوموسو، على سبيل المثال لا الحصر، وقد نظَّمت كل مجموعة نفسها بشكل مستقلٍّ عن الأخرى بالرغم من حرية تحرُّك العلماء والدعاة بين تلك التجمُّعات، كما اعتمدت كل مجموعة منها على موارِدها الخاصة من أجل التنمية ووجودهم التاريخي داخل تلك البلدات، وبالتالي كانت هناك بعض الاختلافات النسبية في وضع وقوة التجمُّعات المُسلِمة في مدن اليوروبا.

 

وإزاء هذه الخلفيَّة من مجتمع شمالي مسلم مُستقلٍّ ويَعتمِد على ذاته، ومُتحضِّر، ويعيش على اللامركزية، يجب علينا أن نوضِّح عودة المسلمين من سيراليون والبرازيل.

 

زاد الإسلام في أراضي اليوروبا عن طريق الهِجرة الكبيرة التي حدَثت مِن أنحاءٍ شتَّى، فقد عاد المسلمون المُحرَّرون بأعداد كبيرة، والذين كانوا قد اعتنقوا النصرانية فيما سبق، واعتقد مُحرِّروهم أنهم سيؤسِّسون للنصرانية والإشعاع الحضاري الأوروبي في غرب إفريقيا، وبالتالي قد فُتحت سُبل العودة أمامهم إلى ليبريا وفري تاون، وأيضًا من المناطق البعيدة إلى أماكن أخرى في الساحل الغربي لإفريقيا، وقد كان للتجارة المُزدهِرة التي كانت تتمُّ عبر المُحيطات والتي ربطَت مدن ساحل غرب إفريقيا وانتشَرت على طول تلك المُستعمَرات - دورٌ كبير في تسهيل عودة المسلمين المُحرَّرين إلى بلادهم، ونتيجة لتشجيع حركة العودة والتجارة المزدهرة، عاد الأفارقة المُحرَّرون إلى بلاد اليوروبا.

 

كان بعض الآكو السيراليين مُسلمين، بما في ذلك أولئك الذين أسلموا قبل القبض عليهم وإرسالهم كعبيد، تَذكَّر بعض المسلمين الآكو بوضوح مساكنهم الخاصة في أويو، وأوتا وغيرها، بينما لم يتعرف كثير منهم على منازلهم في مدن اليوروبا، واعتنقوا الإسلام فقط في بيئتهم الجديدة، وبينما كانوا في سيراليون، كان هؤلاء الآكو المسلمون حريصين على المشاركة في حركة عودة المُحرَّرين إلى بلاد اليوروبا، وأشار كراوثر أنه عندما عرف الناسُ أننا استأجرْنا سفينة للذَّهاب إلى بادجاري، تلقَّينا طلبات من المسلمين والوثنيِّين للعمل كعمال وخدَم على السفينة مِن أجل العودة إلى بلادهم، وقد شجَّع هذا العرضُ المسلمين الآكو على اغتِنام الفرصة للعودة إلى ديارهم؛ نتيجة لمشاعر الحَنين وحبِّ العودة لوطنهم في تلك الفترة التي تعالَت فيها الدعوات بالعودة إلى الوطن الأم، وبالنِّسبة لبعض المسلمين الآكو ، لم يكن هناك أي سبب يُمكن تصوُّره يمنع الآكو من العودة إلى بلادهم، خصوصًا عندما بدأ الجميع في العودة إلى وطنه، وربما يَكمن السبب في عدم رغبتهم في مواجهة الصعاب السياسية وغيرها، والتي كانوا قد واجَهوها في سيراليون من قبل؛ فإنهم لم يعيشوا سعداء مع غيرهم في سيراليون، وقد شَعروا بأنهم مَنبوذون ليس فقط مِن قبل الإنجيليِّين النصارى المتعصِّبين، ولكن أيضًا من قِبَل المسؤولين المسلمين أنفسِهم.

 

وقد اهتمَّت هاتان الفئتان بنشر النصرانية والحضارة أكثر من اهتمامهم بالمسلمين الآكو، وفي ظل تلك الظروف انغلَق المسلمون الآكو على أنفسهم في مركزَين رئيسَين، هما مدينتا فوراه وفولا، وعندما بدأت حركة العودة إلى بلاد اليوروبا، كانوا حريصين على الاستفادة مِن أيِّ فُرصة معروضة أمامهم.

 

ومِن بين رعاة هِجرة النصارى الأصليين من سيراليون كان هناك بعض الجدل حول فكرة تشجيع عودة المسلمين الآكو والوثنيِّين إلى البلاد، وكان هدف المُبشِّرين هو جعل البلاد من أفضل عشرة بلدان، وحاولوا إخماد مُخطَّطات المسلمين قدر الإمكان، وظهَرت حكايات مُبالَغ فيها حول المشقَّة التي يُعانيها الناس في عودة السيراليين إلى باداجري؛ مثل قصة الدوق ولنجتون، ومن المفهوم أن التردُّد النصراني في تلك الظروف كان موجَّهًا بشكل خاصٍّ إلى الوثنيين، على أية حال لم يكن المسلمون الآكو مُضطرِّين للاعتماد على تأييد النصارى؛ لأن العديد منهم قد دفعوا مقابل عودتهم إلى بلادهم، وقد نظَّمت الفئات المتميزة منهم - مثل الشيتا والسافاج - مجموعاتهم الخاصة من أجل العودة؛ فقد اشترى محمد سافاج - وهو أحد المشاهير من مسلمي الآكو في فوراه - سفنًا خاصَّةً، وقد أبحر معه ما لا يقلُّ عن خمسين من قومه عائدين إلى الوطن في مجموعة واحدة.

 

ونتيجة لهذه الجهود الفردية والجماعية وجَد المسلمون الآكو طريق العودة إلى أراضي اليوروبا خلال الفترة الموجودة قيد الدراسة، وفي بادجري كان هناك عدد من هؤلاء المسلمين، وبعضهم - وفقًا لشهادة كراوثر - يمتلك نسخًا من الكتاب المقدَّس باللغة العربية، والتي أُعطيَتْ لهم في سيراليون، وربما كانت أبرز مجموعة من المهاجرين المسلمين والتي أتَتْ إلى بادجري مجموعة يَقودها سالو شيتا؛ فقد جمَع هذا الشخص عائلته وابنه الذي يبلغ من العمر عامًا واحدًا، وترك إيترلو في عام 1831 لبك فوراه في سيراليون وهناك أصبح شيتا إمامًا للمسلمين في ذلك المجتمع، وهو المَنصِب الذي حافَظَ عليه لسنوات.

 

وفي عام 1844 قرَّر أن يترك سيراليون والانضِمام إلى المسلمين الآكو في أسفل الساحل على رأس مجموعة من حوالي خمسين من أتباعه مع زوجاتهم وأطفالهم، وقد نزل مع عائلته إلى بادجري في عام 1844، وبقيَت الأسرة هناك لفترة طويلة يَختلِطون بحرية مع غيرهم من المسلمين في المدينة.

 

وقد كانت لاجوس وجهة المُغتربِين المسلمين العائدين أكثر بكثير من مدينة بادجري، وهناك ظهرت مجموعتان متميزتان، وهما مجموعة السيراليون ومجموعة البرازيل، وقد عُرفت المجموعة الأولى باسم مجموعة الفوراه بك أو المسلمين السارو، والذين استقروا في منطقة أولوجبو ومنطقة إيصال إيكو، وقد كانوا أكثر عددًا من العائدين من المجموعة البرازيليَّة، وكان من بينهم بعض أفراد العائلات المعروفة؛ مثل: عبدالله كول، أمودو كاريو، ومحمد سافاج، وعمر ووليام، وكان عددهم وخبراتهم وتوقعاتهم، بالإضافة إلى علاقات التواصُل الطيبة - قد جعلهم يتولون بناء أول وأكبر مسجد في أولوجبو في عام 1861، وقد سُمي في البداية فاميو مبارك (المسجد المبارك)، ولكنه فيما بعد أصبح يعرف شعبيًّا باسم مسجد هوروباي.

 

وقد جاءت المجموعة البرازيلية المعروفة باسم أجودا إلى لاجوس بعد وقت قليل من وصول مجموعة سيراليون، وقد ذُكر أن المجموعة الأولى من العائدين قُدرت بـ 1841 عائدًا، وكان قد ارتفع عددهم بشكل مطرد من 1237 إلى 1800، خصوصًا منذ عام 1847 فصاعدًا، وذلك بعد الضمانات والتشجيعات التي قدَّمها الرئيس تابا أوسودي، وبالرغم من عددهم الكبير إلا أن عددهم هذا لم يكن ليُقارن بعدد المسلمين العائدين من سيراليون، وقد وُجدت عائلات مرموقة من بين الأجودا؛ مثل: بيدرو، مارتن، دا سيلفا، تايميو جوميز، يحيى تكونبو، وسلفادور، وأوجوستو، والذين استَقرُّوا بشكل أساسي في شارع بامجبوز في لاجوس، وفيها أسَّسوا مساجدهم الخاصة؛ مثل مسجد أولوسون، ومسجد الأجبيون، ومسجد تايو إيكو، ومسجد سلفادور.

 

وبعد أن استقرَّ بعض العائدين المسلمين في تلك المناطق مثل (لاجوس وبادجري)، تذكَّروا مدنَهم وبيوتهم السابقة وبعد البحث والاستِفسار رحَلوا إليها؛ ولذلك تجدهم أقلية في أراضي اليوروبا مثل أبادان وإليسا وغيرها، وقد حَكى أحد العائدين قصة لِمِّ الشمل هذه بوضوح في قصة بورايمو آينا، وقال مواطن مِن أوتا: إنه قد تمَّ نقلُه كأحد العبيد، ولكنه تحرَّر في سيراليون؛ حيث افتدى نفسه وتزوج واستقر هناك حتى عام 1838 عندما بدأ الجميع بالعودة إلى بلادهم، وبِناءً على ذلك، تذكر بورايمو آينا أهلَه وجمع عائلته في سفينة عائدًا إلى لاجوس، وعندما وصَل إلى لاجوس في عام 1842، اشترى قطعة أرض وبَنى عليها منزله في مكان يُسمَّى الآن شارِع أكاني، ولكن بورايمو تذكَّر أهلَه في أوتا وظلَّ يَسأل كل مَن أتى مِن أوتا إلى لاجوس عنهم، ونتيجةً لمثابرته فقد ساعده بعض أهالي أوتا للمَجيء إلى أوتا عام 1847، وقد أوضحَت اللغة الحيَّة والمُثيرة القصة كاملة؛ حيث كان إعادة الشمل لا يُنسى ومؤثِّرًا جدًّا، ولكنها تَبقى حالة واحدة فقط مِن آلاف الحالات التي مرَّ بها المسلمون العائدون إلى ديارهم في أراضي اليوروبا قادمين من لاجوس.

 

ومع أنه يَبدو صحيحًا أن كثيرًا من هؤلاء العائدين لم يلحَقوا بأهلهم داخل البلاد، بل استقرُّوا في لاجوس نفسها، إلا أن العديد من هؤلاء لا يتذكَّرون ديارهم الأصلية؛ لأن بعضهم قد وُلد في الخارج ولا يَعلمون شيئًا عن وطنهم الأمِّ، والبعض الآخَر قد أحجَم عن العَودة؛ نتيجة القصص المُفزعة التي سَمعوها عن السرقة والمشقَّة التي يُعاني منها الوطن، بينما فضَّل البعض الآخر البقاء في لاجوس؛ حيث استقروا وبنوا تجارتهم وأسَّسوا لدينهم، وبالنسبة لهؤلاء الأشخاص الذين استقروا في لاجوس فقد وجدت بعض الأدلة على أنهم كانتْ لهم اتِّصالات مفيدة مع التجمُّعات الإسلامية في الداخل؛ فعلى سبيل المثال انتقلت عائلة شيتا بك في سنة 1852 من بادجاري إلى لاجوس واستقرُّوا في شارع مارتن، وبدأ ابنه محمد في التجارة الداخلية؛ حيث عمل كوكيل لشركة بينوك، حتى أسَّس شركته الخاصة، وبعد ذلك استطاع مع إخوته تأسيس تجارة مُزدهِرة في إيجا، وأصبح غنيًّا وسخيًّا في نصرة الإسلام، ليس فقط في لاجوس، ولكن في جميع أنحاء مُستعمَرة سيراليون.

 

وهناك سؤال مهمٌّ يَطرح نفسه، وهو الأهمية التاريخية للمجتمع المسلم الذي أسَّسه هؤلاء العائدون، فأولاً عودتهم تعني تزايُد أعداد المجتمع المسلم في تلك المناطِق؛ مما أدى إلى توسيع أماكن الصلاة خصوصًا في صلاة العيدَين، وبناء مساجد جديدة في المدينة؛ لمُواكَبة الزيادة المُستمرَّة في السكان؛ مما أدى إلى بناء المَزيد من المساجد في لاجوس؛ مثل مسجد الأجبايون في شارع تايو، ومسجد سلفادور في بامجبوز، ومسجد هوروباي.

 

وعلى الرغم مِن وجود المَجموعتين اللتين يَسهُل التعرُّف عليها من الأجودا والسارو، فلم تكن هناك أيُّ غيرة بينهما، وكان بينهما تعاونٌ ملحوظٌ بناءً على خبراتهم ومهاراتهم المختلفة، وإذا وُجد أي انقسام بين المجتمع المسلم، فإن الانقِسام في أغلب الأحيان يَكون حول القضايا الدينيَّة والسياسيَّة، ولم يكن على أساسي طائفي.

 

والأهمُّ من ذلك هو جهود المسلمين في الخارج لتعزيز الانتِماءات الدينيَّة في الداخل، وكان هذا التأثير نسبيًّا طبقًا لعدد كل فئة من تلك الفئات، كما وُجد أيضًا العديد من الخياطين والنجارين والبنائين والخبازين ورجال آخرين من المهَرة، والذين استَفادوا مِن مَهاراتهم العملية ومواهبِهم في تعزيز مواقفِهم في المجتمع، وأفادوا العديد من المسلمين بشكل كبير؛ فعلى سبيل المثال كان المهندسون المعماريون المحليون قد تخلَّوا عن بناء المسجد الكبير في وسط لاجوس، ولكن العمل استمرَّ وتم إنهاؤه بواسطة السنوسي ألاكا، والذي كان مُتدرِّبًا موهوبًا عند سينور جوا دا كوستا رئيس البنائين في لاجوس، وعند الانتهاء منه كان المسجد يُنظَر إليه كأحد أفخم المباني الموجودة في لاجوس.

 

وقد كانت إسهاماتهم في نموِّ المجتمع المسلم، ليس فقط عن طريق التقنية، ولكن أيضًا عن طريق تأكيد ثقتهم في المجتمع المسلم الوليد في أراضي اليوروبا، وكان التطور في لاجوس واضحًا جدًّا.

 

وقد انتشَر الإسلام بطبيعة الحال في لاجوس قبل وقت طويل من عام 1840؛ حيث كانت أعداد المسلمين قليلة، وقد تم طردهم مرتين من لاجوس، ولكنهم استعادوا مكانتهم في ظل حكم الأمير كوسوكو، ولكن عند عودتهم لمدنهم الأصلية في عام 1841 أصبحت مكانتهم غير مُستقِرَّة، واعتُبر العديد منهم أجانبَ، واحتلوا مرتبة متدنِّية في مدينة جامباريس، ولم يُسمَح لهم بممارسة شعائرهم الدينية إلا في منازلهم وفي سرية تامَّة، ثم ما لبث موقفهم أن تطوَّر مع وصول المسلمين من دول أخرى، والذين لم يساهموا بدورهم فقط في زيادة أعداد المسلمين هناك، بل أضافوا قوةً وثِقةً وشجاعة في داخل المجتمع المسلم، وبعد ذلك بفترة قصيرة أصبحت ممارسة شعائر الإسلام مسموحًا بها في عام 1841 حينما عُقدت أول صلاة جمعة بصورة علنيَّة، عُرفت فيما بعد باسم أنيماسون لين، ومما لا شك فيه أنه مع رعاية الأمير كوسوكو فقد تأسَّس مجتمع بقيادة سالو، وهو أستاذ في الهوسا ضمن حاشية الأمير كوسوكو، وفي أغسطس 1845 تولى كوسوكو المسؤولية في لاجوس، وهو عامل مُهمٌّ قد أدَّى إلى مُساعدة المجتمع في تطوير أصوله، وعن طريق بِناء المسلمين في الخارج لمَساجدهم فقد اكتملت قوة المسلمين في ذلك الوقت، ولكن وقعت المصيبة في عام 1850 عندما طُرد كوسوكو من لاجوس، ولحق به العديد من المسلمين، ومن بينهم الإمام سالو وعدد آخَر من القادة البارزين، ثم أصبَح موقف الإسلام قويًّا ولم يُؤثِّر طرد كوسوكو وسالو على وجود الإسلام في لاجوس، وتمَّ اختيار شخص آخَر ليَؤمَّ المسلمين في الصلاة، وهو نافيو جانا، واستمرَّ المُجتمع يَعبُد الله كما كان في السابق، وعندما زار بيرتون لاجوس في عام 1860 والتقى بالمجتمع المسلم قُدِّر عدد المسلمين هناك ما بين 700 إلى 800 على أقلِّ تقدير، وبصورة واضحة كان بقاء المسلمين في لاجوس فيما بين 1841 إلى 1862 يرجع إلى تأثير المسلمين المُهاجِرين هناك، وبحُلول عام 1871 قُدِّر عدد المسلمين بـ 10600 من مجموع السكان البالغ عددُهم 60200، وفي عام 1871 زاد عدد المسلمين إلى 14295 وصاروا يُمثِّلون حوالي 44% من السكان الأفارقة البالغ عددهم 32508 في مدينة لاجوس، وحقيقة هذه الأرقام [لا] يُمكن أن يتمَّ التحقُّق منها؛ نظرًا لقِلة الموظَّفين وضَعف الإمكانات والمُعوِّقات الأخرى، وعلى كل حال فإن الإحصاءات الأولية لا يُمكن أن توضِّح طبيعة وخصائص مُعتقَد هؤلاء المسلمين، ولكن هذه الأرقام توضِّح فقط تزايد عدد المسلمين والذي تمَّ مُلاحظته بشكل واضح مِن قِبَل بعض النصارى المُعاصِرين والمراقبين للمسلمين.

 

وتزامُنًا مع تزايد عدد المسلمين، كانت هناك زيادة كبيرة في عدد المساجد التي بُنيَت واستُخدِمت، فلم يكن في العقود السابقة سِوى عدد قليل من تلك المساجد، مِن بينها مسجد أنيماساون في شارع شيتا، والذي ظلَّ المسجدَ المركزيَّ حتى عام 1864 حينما تمَّ بناء مسجد جيمو موسالاسي في شارع فيكتوريا، وفي عام 1881 كان هناك ما يُقارب واحدًا وعشرين مسجدًا، بالإضافة إلى الساحات الثماني الموجودة في آبين والتي كانت مخصصة للعبادة، وقد تمَّ بناء ستَّة منها بشكل جيِّد وغُطِّيت بألواح الحديد المُموج، وبحلول عام 1887 ارتفع عدد المساجد إلى ستة وثلاثين، وكانت مساحة تلك المساجد وأسلوبها المعماري غير معروف، وليس لدينا أية تفاصيل عن سعتها الحقيقية، ولكن يُمكن أن نقول: إن انتِشارها كان مؤشِّرًا ليس فقط على انتِشار الدِّين، ولكن أيضًا على حَماس وتفاني مِن بَناها، واستمر هذا التطور للإسلام والذي أصبح سمتًا مميزًا ليس للاجوس وحدها، ولكن لكلِّ المسلمين الذين يَعيشون في أراضي اليوروبا، وفي عام 1894 تمَّ افتتاح مسجد شيتا بك الشهير في شارع مارتن في لاجوس.

 

وقد ظهَرت لاجوس كحالة مميَّزة في ظلِّ الهِجرة المُستمِرَّة مِن وإلى المدينة مِن التجار وغيرهم، وخاصَّة مِن المقيمين في اليوروبا، ومع ذلك، فهذا لا يَنتقِص من حقيقة أن هناك توسُّعًا كبيرًا للمجتمع المسلم في لاجوس؛ لأنَّ مُعظَم المُهاجِرين قد استقروا بشكلٍ دائم هناك.

 

وفي عام 1891 كان المسجد هو المشروع الوحيد للمُجدِّد محمد شيتا الأمير المسلم التاجر الناجح، وبينما كان المسجد لا يزال قيد الإنشاء، انتشَرت شهرته في كل أراضي اليوروبا وعبر البحار إلى سيراليون وإنجلترا وتركيا، وعند الانتِهاء منه كان المسجد يتَّسع لأكثر من 200 مصلٍّ، وكان فريدًا من نوعه؛ حيث خُصِّص فيه مكان للإمام وللمؤذن، وقد تكلَّف بناء هذا المسجد نحو 3000 جنيهٍ إسترلينيٍّ في ذلك الوقت، لقد كان البناء رائعًا، وكان الافتتاح الرسمي في 4 يوليو 1894 مناسَبةً كبيرة حضَرها مَسؤولون حكوميُّون رفيعو المُستوى، ومُمثِّلون عن المجتمعات المسلمة في جميع أنحاء اليوروبا، ومِن بين الذين حضروا افتتاحَ المسجد كان الحاكم جي تي كارتر وبعض مُمثِّلي سلطان تركيا عبدالله كولام رئيس رابطة مسلمي ليفربول، وافتُتح المسجد رسميًّا مِن قِبَل المُمثِّل التركي بناء على طلب من السلطان، وقد تمَّ مَنحُ الرجل المحسن شيتا وسامَ الشرف من الدرجة الثالثة، والإنعام عليه برتبة البكويَّة بأمر من الإمبراطورية العثمانية، ولم يكن هذا فقط تمييزًا له على المستوى الشخصي، ولكنه أيضًا اعتراف بذلك المجتمع المسلم الموجود في أراضي اليوروبا؛ مما أضفى عليه اعترافًا دوليًّا.

 

وبقدر أهمية الإنجازات المادية، فقد كانت الإنجازات الروحية والتعليميَّة التي حقَّقها المجتمع أكثر أهمية، وبالتأكيد كانت التطورات المادية تَبدو وكأنها ناتِجة عن الصحوة وحبِّ الدين، والذي أثر بدَوره على الإنجازات في بقيَّة المجالات.

 

وطالب المسلمون في لاجوس بإنشاء المَحاكم الإسلامية، وفي اجتماع لشيوخ وعلماء المسلمين، تقرَّر تقديم التماسٍ إلى الحكومة بخصوص طلبات المسلمين في لاجوس، وبناءً عليه تمَّ إرسال عريضة لحاكم لاجوس في يوليو 1894 مُطالِبين بضرورة خضوع المسلمين في لاجوس لأحكام الشريعة الإسلامية مِن الآن فصاعدًا، وأنه ينبغي الحكم عليهم فيما يتعلق بحقوقهم المدنية والمظالم وفقًا للشريعة والأعراف الإسلامية، وللأسف فشِل الالتماس في تحقيق تلك المطالب؛ بسبب سياسة الحُكومة في تطبيق القانون والعرف الغربي المعمول به في البلاد، ويَكمُن مَغزى هذا الالتماس في كونه مؤشِّرًا على استعداد المسلمين لبذل الجهد من أجل عقيدتهم، وربما كان الالتماس نقدًا للسياسات والأحكام البريطانية، غير أنه كان مؤشرًا واضحًا على نمو الوعي الإسلامي والوحدة فيما بينهم.

 

التعليم الغربي:

ولا نستطيع أن نُغفِل الدور المهمَّ الذي لعبه المسلمون المتعلمون في لاجوس في ضمان حصول المسلمين النيجيريين على التعليم الغربي لمُواكَبة العصر الحديث، وأصبحت لاجوس مختبرًا للتجارِب، والمركز الذي تشعُّ منه أفكارٌ جديدة للمناطق المحيطة بها.

 

في البداية، كانت هناك لامُبالاة بل مُعارَضة كبيرة مِن قِبَل المسلمين تجاه قضية التعليم الغربي، وكان موقف المسلمين من الأمر كله أنه تكريس للاستعمار المؤيِّد للفِكرة النصرانيَّة المُعادية للإسلام؛ فموظَّفو الحكومة كانوا نصارى، وكانت الأوامر تأتي إلى الحاكم في الفترة ما بين 1862 و 1886 مِن قبل وزارة المستعمرات لاتِّخاذ تدابير كانت تراها ضرورية في البلاد لتحويل الشعب إلى الإيمان بالمعتقد النصراني والانطلاق نحو الحضارة، وقد لفَت موقف المُسلمين اللامبالي اهتمامَ الحكومة بطريقة غير مباشرة.

 

وفي عام 1867 أبدت الحكومة قلقَها إزاء تطوُّر التعليم عندما بدأت في تَخصيص مبالغ معيَّنة لصيانة وتعليم أطفال الأفارقة المُحرّرين، وفي عام 1872 وسَّعت الحُكومة نِطاق التزاماتها التعليمية من خلال بعض المِنَح الرمزيَّة التي كانت تُقدَّر بعشرة جنيهات لكلِّ جمعية من الجمعيات التبشيرية لمُساعدتهم في برامجهم التعليميَّة، وقد استمرَّ اهتمام الحكومة بالتعليم والمساعدات المالية؛ ولكنها لاحظَت أن الحضور في تلك المدارس لم يكن يَتناسب مع المُتوقَّع؛ وذلك بسبب قِلَّة عدد الأطفال في سنِّ المدرسة، وبناءً على توصية من وزير الدولة لشؤون المستعمرات تمَّ تعيين لجنة تابعة لمجلس التعليم في يوليو 1889 للنظر في مشكلة قِلَّة الحضور في مدارس لاجوس، ووجَدت اللجنة أن الحضور كان مُنخفِضًا إلى حدٍّ كبير؛ لأن المسلمين قد عزفوا عن الالتحاق بالمدارس التبشيرية، وبناءً على ذلك قُدمت بعض التوصيات للحكومة بشأن كيفية مُشارَكة المسلمين في المشاريع التعليمية، وهكذا بدأ منذ عام 1889 اهتمام الحكومة بمُشكلة امتناع المسلمين عن إرسال أولادهم إلى مدارس الإرساليات التبشيريَّة لتلقي التعليم الغربي في لاجوس.

 

وقد تمَّت التوصية بأنه ينبغي على الحاكم أن يؤكد على مزايا التعليم الغربي في لقاء مع الشيوخ والملالي.

 

ثانيًا: تمَّ مَنحُ 50 جنيهًا لكل مدرَسة تُضيف اللغة العربية إلى مناهِجِها الدراسية؛ بهدف جعل تلك المدارس أكثر جذبًا وفائدة للتلميذ المسلم.

 

ثالثًا: يَنبغي أن يُطلب من المسلمين إدراج مناهج تعليم اللغة الإنجليزية إلى مدارسهم التي يتعلمون فيها القرآن.

 

أسس التعليم الغربي:

تدلُّ هذه التوصيات على استعداد الحكومة لمُعالَجة مشكلة عدم حضور الطلاب المسلمين بطريقة سطحيَّة، كما كانت بعض تلك التوصيات في حدِّ ذاتها أمرًا غير عملي كما لو كانت معلوماتهم عن الوضع المحلي ضئيلة للغاية، فلم يكن يوجد إلا عدد قليل من الأشخاص الذين يعرفون العربية والإنجليزية بالقدر الكافي الذي يُمكِّنهم مِن أن يُصبِحوا معلمين في المدارس الإرسالية أو في المدارس الإسلامية، بينما برزَت قضية أكبر من ذلك، وهي أنه على الرغم من الإغراء المالي الذي تُقدِّمه الحكومة لم يكن يرغب أيٌّ من الطرفين في إدخال مواضيع أو أساليب جديدة في المناهج الدراسية، والتي مِن شأنها أن تُعرقِل في نهاية المطاف برامجَها الدينية والتعليمية.

 

وفي ذلك الوقت، تمَّ قَبول تلك التوصيات، والتي شكَّلت فيما بعد أُسس سياسة الحكومة بالنسبة للمسلمين من أجل قَبول التعليم الغربي، وتمَّ تمديد المناهج الدراسية في المدارس لتشمل إدراج ثلاث مواد إسلامية، وإدراج اللغة العربية في المناهج الدراسية في المدارس التبشيرية.

 

وكان أول حاكم يقوم بتنفيذ تلك السياسة هو السيد مولوني، والذي كان مُهتمًّا بشكل كبير بالعمل التربوي، وخصوصًا حل مشكلة التعليم من وجهة نظر المسلمين، وبناءً على هذه التوصيات وعلى أمل الحُصول على أكبر حضور في المدارس مِن بين السكان المسلمين؛ قام بتقديم إغراءات مالية للمدارس النصرانيَّة؛ من أجل إتقان اللغة العربية، كما أجرى مناقشات مع قادة المسلمين وشجَّعهم على توسيع نطاق المناهج الدراسية في مدارسهم، وكما كان مُتوقَّعًا، فقد أسفَرت جهوده عن بعض النَّجاح المَلحوظ، فلم تستطع المدارس النصرانيَّة تعليم اللغة العربية، وكان قادة المسلمين المؤثِّرين قَلِقين من تعديل نظام مدارسهم التقليدية لتُناسِب الأساليب الحديثة التي اقترحتْها الحكومة.

 

وعندما لم يكن هناك حلٌّ لمُشكلة قبول المسلمين للتعليم الغربي، استمر قلق الحكومة إزاء الأزمة، ثم جاء حاكم جديد، وهو السيد جي تي كارتر، والذي أبدى اهتمامًا شديدًا بالمجتمع المسلم، وركَّز جهود الحكومة من أجل حلِّ تلك القضية، وفي البداية كان يسير على نفس النهج الذي وضعه سلفه، ولكن بعد وقت قصير من وصوله كحاكم للمستعمرة دعا المسلمون للترحيب به في لاجوس، وقد انتهز الحاكم الجديد تلك المناسبة للتحدُّث مجددًا عن قضية ضرورة إقبال المسلمين على التعليم الغربي وتطوير المناهج الدراسية، وقال لوزارة الخارجية: إنه مَبهور بهم، وإن القدرة على تأمين مِنحة حكومية للمدارس سوف تعود بالفائدة على إنشاء جيل مِن المتعلمين الذين يعرفون الإنجليزية والعلوم الأساسية التي تُدرَّس في المدارس الإنجليزية، وكان هذا الاجتماع الأول ضِمنَ سلسلة مِن الاجتماعات العامَّة التي عقدت مع المجتمع المسلم في لاجوس لتشجيع المسلمين على إرسال أبنائهم إلى المدارس النصرانيَّة، وتقديم مساعدات مالية مِن الحكومة لدَفعِهم إلى إعادة بناء البرنامج التعليمي في المدارس الخاصة على أسُسٍ مشابهة لتلك الموجودة في المدارس النصرانيَّة، ولكن كالعادة أثارت الاقتراحات الشكوكَ، وخلقت نوعًا من المقاوَمة في أذهان المسلمين.

 

وعلى الرغم من ذلك لوحظ ارتفاع في عدد المسلمين الذين يَدرُسون في المدارس النصرانيَّة؛ فعلى سبيل المثال: كان عدد الطلاب المسلمين في لاجوس 408 من إجمالي 1892، وهو عدد الطلاب المسجَّلين في المدارس النصرانيَّة، بزيادة قدرها 61 عن العام السابق، وفي عام 1893 كان إجمالي عدد المسلمين في المدارس النصرانيَّة 412، وهو ما يُمثِّل زيادة قدرها 0.3 في المائة من العدد الإجمالي للتلاميذ المسجَّلين، وفي عام 1894 ارتفع العدد إلى 442؛ أي: بزيادة قدرها 13% من إجمالي الطلاب المُلتحقِين بالمدارس، وكان هذا أعلى رقم ونِسبة تمَّ تَسجيلهما حتى ذلك الوقت، ويرجع هذا الارتفاع إلى إصرار الحكومة وضَغطِها المستمر على المسلمين للالتحاق بتلك المدارس، كما أن هناك عوامل أُخرى ساعدت على ذلك؛ مثل النمو الطبيعي للسكان، والظروف المحيطة، واللذان لَعِبا دورًا كبيرًا في ذلك.

 

وقد اهتمَّت الحكومة بشكل تدريجي بالاعتراضات التي أبداها المسلمون على التعليم الغربي، ومِن المُحزِن أن الحُكومة لم تكن تأخُذ بعين الاعتبار تلك الاعتراضات ولم تَدرسْها بشكل مُناسِب؛ بل كانت تُلقي باللوم على المسلمين بسبب تحفُّظاتهم على ذلك التعليم؛ ونتيجة لذلك لم تنجَح سياسة الحُكومة، ولكن بعد جلسات مِن الاجتماعات بين الحكومة والمسلمين بدأت الحكومة في تفهُّم مَخاوف المسلمين بشكل أكثر وضوحًا، وقال الحاكم جيلبرت كارتر: إن سبب مُعارَضة المسلمين لذلك هو سبب ديني، وقال: إنَّ إغراء الحكومة للمسلمين بالمال لم يؤتِ ثمرته، ولم يُجب عن التساؤلات التي تَدور في عقولهم عن تعارُض التعليم الغربي مع تعاليمهم الدينيَّة، وعلى الرغم من ذلك، كان واضحًا من إصرار الحكومة على إلحاق المسلمين بالمدارس النصرانيَّة أنه كان لاعتناق النصرانيَّة وليس للتعليم، ولحثِّهم على إعادة بناء النظام التقليدي للمَدارس المسلمة مما أثار مَخاوفهم من الخضوع تحت تأثير التعليم النصراني.

 

وأدَّى تفهُّم الحكومة وكارتر لمواقف المسلمين ومخاوفِهم إلى بدء الحكومة في تعديل سياستها، وفي برقيَّة أرسلها إلى لندن أكَّد فيها على قناعته بأن "هذه المبادرة يجب أن تأتي من الحكومة، ويجب إنشاء المدارس المناسبة واختيار مُعلِّمين أكْفاء من المسلمين، وبعبارة أخرى يتعيَّن على الحكومة اتخاذ خطوة جريئة نحو إنشاء مدارس يتولى التعليم فيها مُعلمون مسلمون".

 

وبدأ الحاكم في تنفيذ ذلك التغيير الذي طرأ على سياسة الحكومة، وقام بتدشين عدد من المُناقَشات مع المسؤولين المسلمين الذين لدَيهم نفوذ واضح في المدينة ومع المشايخ، ولاسيما محمد شيتا؛ بهدف إقناعهم بدعم هذا الطرح، وإخضاع مدرسة واحدة على الأقل لمَجلِس التعليم، ولم يتمَّ الإفصاح عن تفاصيل هذا المُخطَّط، ولكن كان من المقرَّر أن يتمَّ خضوع المدرسة لمجلس التعليم، ثم بعد ذلك تخضع المدرسة المسلمة إلى قانون 1887، وتُوافِق على المِنَح وتقوم بإدخال موضوعات جديدة للدراسة، وقد كان جيلبرت مُقتنِعًا بأنه إذا تمَّ تنفيذ ذلك فإن مثل هذه المدرسة ستكون بمثابة المدرسة الرائدة التي ستقود عملية إدخال المدارس المسلمة - التي يبلغ عددها 50 مدرسة - إلى منظَّمة التعليم الحكومي، وتلقِّي مساعدات من الحكومة، وتخضع مناهجها الدراسية لخطَّة الحكومة، وهو الاتجاه المطلوب.

 

وبينما كانت الحكومة تبحَث عن سبُلٍ جديدة فيما يتعلق بتعليم المسلمين، كان المجتمع المسلم في لاجوس نفسُه يعاني من الاضطرابات الداخلية؛ ففي 20 أبريل 1894 وصل الحاج هارون الرشيد إلى لاجوس قادمًا من سيراليون بلده الأصلي، وكان شابًّا في الثلاثينات من عمره، وباحثًا متميِّزًا في اللغة العربية، والذي قد تدرَّب في جامعة فاس، وعمل بعد ذلك مدرسًا للغة العربية في كلية فورا باي، ولدى وصوله إلى لاجوس أصبح مشاركًا في الضجة التي كان يَعيشها الإقليم حول قضية التعليم الغربي، وقام بعقد سلسلة من الاجتماعات مع المسلمين، وفعَل الكثير لإثارة المسلمين لضرورة توسيع التعليم للشباب.

 

ومع زيادة الاضطرابات ورغبة الحكومة في ممارسة مزيد من الضغوط على المسلمين مِن أَجلِ قَبول التعليم الغربي، قرَّر المجتمع المسلم في لاجوس الاتصال بسلطان تركيا في يوليو 1894، والذي أرسل لهم رسالة يحثُّهم فيها على أن ينهلوا من التعليم الغربي؛ لخِدمة الجيل المسلم الصاعد.

 

وتمَّ تعزيز هذا الطلب التركي مِن قِبَل عبدالله قولام الممثِّل الشخصي للسلطان عبدالحميد الثاني في نيجيريا، وكان السيد قولام محاميًا في المحكمة العليا في ليفربول، ومنذ اعتناقه الإسلام وهو نشيط في نشرِه، وفي أثناء زيارته إلى لاجوس كممثِّل شخصي للسلطان كان رئيسًا لرابطة مسلمي ليفربول، وبمناسبة افتتاح المسجد الشهير شيتا بك في يوليو 1894 حثَّ قولام المسلمين علنًا على قَبول التعليم الغربي.

 

ومنذ ذلك الحين بدأت مُعارَضة المسلمين للتعليم الغربي تقلُّ إلى حدٍّ كبير، ولم يبقَ سوى عدد قليل مِن المُعارِضين الذين تمسَّكوا بموقفِهم، وظلوا يُعارِضون التعليم الغربي، وكانت قوة الإقناع كبيرةً، خصوصًا بعد الإعلان عن مزايا التعليم الغربي، ورفع شِعارات أن التعليم الغربي ليس معناه دراسة التعاليم النصرانيَّة، ولكنَّه تعليم مُتطوِّر ومَرغوب في ذاته، وأن المسلمين في أماكن كثيرة يَخضعون للتعليم الغربي دون التأثير على عقيدتهم الإسلامية.

 

وعندما بدأت المَصالح في الالتقاء بين الحكومة والمجتمع المسلم تدريجيًّا، ضاقت الفجوة بينهما، وظلت تَضيق حتى تلاشت في نهاية الأمر من خلال جهود الدكتور بلايدن؛ لأسباب سياسية وتربوية، والذي قد عُيِّن مِن قبل الحاكم كارتر في أكتوبر 1895 وكيلاً لشؤون السكان، وكانت مهمَّته الرئيسية التعامل مع المجتمع المسلم في مسألة التعليم، وكان ينفِّذ سياسات الحكومة في هذا الصدد؛ لإزالة مخاوف المسلمين من التعليم الغربي والتعاليم النصرانيَّة، وللاستفادة من التعليم النصراني في ارتقاء المناصب العُليا في الدولة، والاستفادة مِن المِنَح الحكومية في الأغراض التعليمية، وقد كان بلايدن مؤهَّلاً لتلك المهمَّة؛ حيث قضى أربع سنوات في تنظيم التعليم الغربي للمسلمين في سيراليون، وقد سبقته خبرته في التعليم وتعاطفه مع الإسلام إلى لاجوس؛ فبعد عقد سلسلة من المُشاورات مع المسلمين الذين وثقوا به، نجح في وضع اتِّفاق مقبول بين كل مِن الحكومة والمسلمين، وكانت الخطة تقضي بوضع أحد أفضل المدارس الإسلامية في لاجوس الكائنة في شارع بانكولي، تحت السيطرة الجزئية للحكومة، وسوف يتمُّ تقديم التعاليم الإسلامية جنبًا إلى جنبٍ مع اللغة الإنجليزيَّة، وأن الحكومة سوف تتكفَّل بمرتبات المعلمين في تلك المدرسة التي كان المعلمون والطلاب بها مُسلمين، وتقوم المدرسة بالمحافظة على القيم الإسلامية الأساسية؛ مثل الطابع الإسلامي، وتدريس الإسلام واللغة العربية، وكان مِن المعروف أن المجتمع المسلم يَحتفظ بالمباني ودفع إيجار المدرسة، كما سيتمُّ تطبيق التجربة لمدَّة عام، ثم بعد ذلك يتمُّ تقييم التجربة وعرض النتائج، وأن الاتِّفاق سوف يكون مرنًا ويقدِّم تَنازلات للمسلمين.

 

خلقت تلك المدرسة اهتمامًا بالغًا وثقة بين المسلمين، وسعد إدريس أنيماساون سعادة بالِغةً بالفِكرة وباهتمام المسلمين بالفِكرة، وأعرب عن تأييده الكامل للفِكرة، وكتب إلى بلايدن رسالة يقول فيها: إنها مسؤوليتي من الآن فصاعدًا أن أُشجِّع ما ترغب فيه أنت والحكومة ومِن أجل مصلحة المسلمين، ثم تطوَّع للعمل في المدرسة لمدة عام دون أجر، هذا وقد ساد جوٌّ مِن الحماسة بين أولياء أمور الطلاب، وبعضهم قام بتحويل أبنائه من المدارس النصرانيَّة إلى المدرسة الجديدة، وكان من بين الطلاب الأربعين أكثر مِن عشرين طالبًا كانوا يَدرُسون في المدارس النصرانيَّة.

 

تمَّ افتتاح المدرسة رسميًّا في 15 يونيو 1896، تحت مُسمى المدرسة الحكومية المسلمة، والتي ضمَّت أربعين طفلاً، وستةً وأربعين شابًّا، تحت إشراف مدير المدرسة إدريس أنيماسون بمساعدة اثنين مِن المدرسين المُعيَّنين مِن سيراليون نظير راتب عشرة جنيهات إسترلينيَّة، وتمَّ تقسيم الأولاد إلى خمس فئات مُتدرِّجة، يضمُّ الفصل الأول 12 طالبًا، بينما يضمُّ الفصل الثاني 8 طلاب، ووزِّع باقي الطلاب على ثلاثة فصول، تمَّ تدريس اللغة الإنجليزية في أراضي اليوروبا، والقراءة والحساب في كل فئة عُمريةٍ تبعًا لمستوى الذكاء، وفي الفصل المتميِّز يتمُّ تدريس اللغة الإنجليزية الكلاسيكية من خلال ثلاثة كتُب، وتدريس بعض القواعد والضمائر، وما إلى ذلك؛ وهكذا الأمر بالنسبة لمادة الحساب، وتمَّ تَدريس الجمع والطرح البسيط، والقِسمة المُطوَّلة، والأوزان، وهلم جرًّا، أما بالنسبة للشباب، فقد ركَّزوا على كتاب "صنداي سكول برايمير"، وكتاب القراءة الأساسية، وبعض الرياضيات.

 

وكما تمَّ الاهتمام بالدراسات العربية والإسلامية في المدارس الحكومية المسلمة، ووفقًا للتقارير المدرسية التي قام مدير المدرسة بتَجميعها تمَّ تدريس اللغة العربية وترجمتها إلى اليوروبا، كما تمَّ تدريس الإسلام، وقد أحرَز الطلاب تقدُّمًا في تلك المواد، وقد كان التدريس يتمُّ في خمسة أيام في الأسبوع مِن السبت إلى الأربعاء من الساعة 00 : 9 حتى 30 : 1 للأولاد، ومِن 00 : 11 إلى الساعة 30 : 12 للشباب، ولم تكن هناك دروس يومي الخميس والجمعة؛ وذلك لحضور صلاة الجمعة.

 

وقد أشادت الحكومة بافتتاح هذه المدرسة في يونيو عام 1896، واعتبرتها مرحلة جديدة في تاريخ لاجوس عندما قرَّرت العناصر الإسلامية المُحافِظة في نهاية الأمر المنافَسة مع النصارى في جهودهم للحصول على التعليم الغربي، وقد أثبتَت التجربة نجاحًا كبيرًا في عام 1896 بفضل تعاون الحكومة والمسلمين.

 

وفي عام 1897 عندما تم تقييم التجربة كان الجانبان على استعداد لمُناقَشة وتسوية بعض القضايا العالقة؛ مثل أجر مدير المدرسة الذي عمل عامًا كاملاً دون أجر، والذي أعلنَ في وقت لاحق أنه ليس لدَيه دخل ليُنفِق منه على أسرته، وبالتالي سوف يقوم بالبحث عن عمل في مكان آخَر، ولكنَّه على استعداد أن يَحضر إلى المدرسة مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع إذا لم يوجد حلٌّ آخَر، وبناءً على خدماته وتأثيره؛ فقد تمَّ تَحفيزه للبقاء في منصبه نظير راتب 60 جنيهًا أستراليًّا سنويًّا، وبناءً على توصية من الدكتور بلايدن، تمَّ توظيف اثنين من المدرسين براتب 30 جنيهًا أستراليًّا سنويًّا؛ مما جعل العدد الإجمالي للمُدرِّسين أربعة، وقد كان إيجار المدرسة 3 جنيهات إسترلينيَّة في الشهر، والتي دفعها المسلمون لمدة عام كامل، ولكن الحكومة قرَّرت تحمُّل التكاليف الإيجارية في مقابل تفتيش الحكومة على المدرسة وكتابة تقرير عنها، وفي غضون ذلك، اتخذت ترتيبات لإقامة الحكومة مدرسة تتَّسع لعدد أكبر من الطلاب - حوالي 200 طالبٍ - بتكلفة تتراوَح بين 400 و 500 جنيهٍ إسترلينيٍّ، وبناءً على إصرار الحاكم، الذي أراد أن يتحمَّل المسلمون بعض المسؤولية في هذا الشأن، تحمَّل المسلمون مسؤولية صيانة المبنى، وبِناءً على طلب من بلايدن، بُذلت جهود لضمان المحافظة على بساطة وسَمتِ المدرسة الإسلامي؛ عن طريق استخدام الحَصير بدلاً من الكراسي؛ على سبيل المثال.

 

وكان أساس نَجاح هذه التجربة يَكمُن في قلق الجانبين من الاستمرار في هذا المُخطَّط، فمن جانب الحكومة كانت التجربة تحتاج إلى نفقات أكبر مِن أيِّ وقت مضى، وكما طالب الحاكم بشدَّة عند المُوافَقة على هذه النفقات - أنه لا مَفرَّ من هذه النفقات من أجل الحفاظ على إنجاز عام 1896، وقال:

في أبريل 1896 وافَق المسلمون على تأسيس أول مدرسة على النظُم الغربية، وقد حاربْنا من أجل هذه الفِكرة لسنوات، والآن بعد أن اكتسبنا ذلك، يجب علينا - في رأيي - مَنح تَحفيزات للمُعلِّمين إذا تمَّ تطوير هذه الفِكرة.

 

ومِن ناحية المسلمين، أثبتَ الدمجُ بين الدراسات الأجنبية والإسلامية نجاحًا، قال بلايدن: لقد أعجِب أولياء الأمور كثيرًا بالتقدُّم الباهِر الذي حقَّقه أولادهم في دراسة اللغة الإنجليزية، وأكَّد بلايدن في عام 1897 أن هذا المشروع قد تأصَّلت جذوره في عقليَّة المسلمين.

 

لقد كان للنجاح الباهر في تأسيس مدرسة حكومية مُسلمة في لاجوس آثارٌ مفيدة وفورية على أوساط المجتمع المسلم ككلٍّ؛ فقد قدَّمت بلدة إيب المسلمة التماسًا في يونيو 1898 لإقامة مدرسة مُماثِلة، والتي افتُتحت في 16 نوفمبر 1898، وبعد خمسة أشهر طلبتْ بلدة بادجري افتتاح مدرسة مماثِلة، والتي افتُتحت قبل نهاية عام 1899، ثم توالت الطلبات من إيبادان، وإيجيبو أود، وكان هذا مؤشِّرًا على نجاح وشعبيَّة تلك المدارس.

 

جهود المسلمين في التعليم الذاتي:

استمرَّت المدارس الحُكومية المسلمة حتى عام 1926، وكانت طليعة الجهود التي بذلها المسلمون من أجل توفير التعليم الغربي لأنفسهم، وفي هذا الصدد، كان دَور جمعية أنصار الدِّين رائدًا في المجتمع، وربما يكون الدور الأقوى والأكثَر انتشارًا في نيجيريا، ولما برَز دور العائدين من سيراليون، والذي تمثَّل في دور جمعية أنصار الدين؛ كان لزامًا أن نُركِّز قليلاً على هذه القضية.

 

في نهاية القرن التاسع عشر ظهرت تحديات ومطالبُ جديدة في المجتمع:

أولاً: انتشر الدين بسرعة كبيرة، لدرجة أن النمو العددي لم يكن عن مَعرفة حقيقيَّة للدين، ولم يعد التعليم الديني مأمونًا عليه إلا في يد مجموعة قليلة من العلماء التقليديِّين، الذين لم تخلُ أساليبهم من بعض الانتقادات.

 

ثانيًا: كان المُبشِّرون النصارى الذين ظهروا على الساحة يتحدَّون سيادة الإسلام، وقبل كل شيء كان الموقف البطيء والمشكوك فيه للمسلمين من التعليم الغربي قد أضعَف موقف الإسلام، وأدَّى إلى المفارقة العجيبة أن المسلمين كثرة ولكن ضُعفاء، ولا يعرفون اللغة العربية، ويجهلون التقنية الحديثة، ومُتخلفون ورجعيون.

 

ولمُواجَهة هذه التحديات الجديدة، كان على المجتمع المسلم أن يَتبنَّى مناهِج وأساليب جديدة؛ ففي البداية كان هناك عدد مِن المُنظَّمات التي وجِّهت إلى أهداف مُحدَّدة؛ مثل الجمعيات الأدبية والنقاشية، المَكتبات، والنوادي الاجتماعية وغيرها، لكن ضخامة المُشكلة قد تطلَّبت نهجًا أكثر شمولاً وأكثرَ إحكامًا، وبالتالي عقَدت مجموعة من الشباب الأكثر نشاطًا في السنوات القليلة الماضية مُحاضَرات في الأماكن العامَّة حول التاريخ الإسلامي والتراث، وقاموا بتدشين مُجتمع جديد يَستطيع التعامل مع المشاكل الكبيرة والملحَّة التي تُواجه المجتمع المسلم؛ لذلك تمَّ تأسيس جَماعة شَباب أنصار الدِّين في 21 ديسمبر 1923.

 

وكان لا بدَّ مِن تأسيس كيان لتوجيه الجَماعة الجديدة، وتمَّت المُوافَقة في نهاية المطاف بعد سلسلة من المُراجَعات في عام 1924، 1925 و 1926، على تأسيس كيانٍ جديد في 16 أغسطس، وفي عام 1927 تأسَّست رسميًّا جماعة شباب أنصار الدِّين في يونغ تحت مُسمى أرض الخِلافة في 1924، تحت قيادة ميسرس لاول رئيسًا، وبونيامين كاسمو جاباجابياملا أمينًا، وأوريولا كأمين مساعد، وقد أُعلنت الجمعية كمُنظَّمة مُسلمة غير طائفية، وغير سياسية، وتهدف إلى إنشاء هيئة منظَّمة تنظيمًا جيِّدًا وفعالاً لخدمة الإسلام، وكانت عضوية الجمعية مَفتوحة لجميع المسلمين - رجالاً ونساء - والذين تُوافِق عليهم لجنة من الجمعية مُكوَّنة مِن فردَين، وبعد ذلك يكونون مستعدِّين لإعلان انضمامهم إلى الجماعة، وبهذا سوف يقومون بخدمة الجماعة لنهاية حياتهم وتحت جميع الظروف، ولكونها تحت التأسيس فإن الأهداف المختلفة للجماعة تمَّ تَلخيصها إلى ثلاثة أهداف رئيسيَّة، وهي: التعليم، والإصلاح والدعوة، والدفاع عن الإسلام.

 

يُمكننا أن نسأل الآن ثلاثة أسئلة مُهمَّة:

أولاً: مدى تحقيق الجماعة لأهدافها، على الرغم من الصعوبات والمشاكل التي تُهدِّد تحقيق أهدافها؟

ثانيًا: ما هي الأسباب الكامنة وراء إنجازاتهم؟

وأخيرًا، ما الدروس التي يُمكن أن نَستخلصها من خبراتهم؟

 

مِن أجل أهدافهم المَحمودة، واجهت الجماعة الكثير من الصعوبات حتى مِن داخل المجتمع المسلم نفسه، وقام بعض المسلمين بتوجيه التُّهم إلى الجماعة بدعوى أنها طائفيَّة، وأنها تُشكِّل جزءًا من جماعة المسلمين التي أسَّست (المسجد المركزي) في لاجوس، وعندما تمَّ اكتشاف أن الجماعة كانت تهدف إلى تكوين شخصية مُستقِلة وغير متحيِّزة، بدأ الناس في القول بأن المجموعة غير حزبية، أو ذاتُ توجُّه أيديولوجي إسلامي، ويكفي أن نقول: إن تاريخ لاجوس يؤكِّد وجود صراع كبير بين السكان المسلمين، وبعد القضية السياسية الخاصة بإيشوغاي إليكو بدا أنه لا يوجد نهاية لنقاشاتهم وانقساماتهم الدينيَّة، فضلاً عن القضايا السياسية، ولم يستفد المجتمع من آبائه الأوائل الذين قادوا بأمان سفينةَ لاجوس وسط تيارات خطيرة وأزمات جمَّة، ولكن الجماعة استطاعت تحمُّل هذه النوعيات المختلفة مِن المُعارَضة، وأظهرت نفسها كطرف يَجمع كل المسلمين الذين كرَّسوا أنفسهم لتحقيق التعليم والوحدة والرخاء للمسلمين.

 

وقد ظهر هذا الدور جليًّا في مناسبة تحويل أول مدرسة للأركورو يوم الأحد 16 سبتمبر 1929 إلى مدرسة حكومية مسلمة، عندما تمَّت دعوة كل المسلمين من مختلف الطبقات والتوجُّهات، وصرَّح حينها الحاكم العسكري لمُستعمَرة لاجوس أنه مَبهور بالنظام التعليمي للجماعة والتي تهدف إلى الوحدة والتعاون، وقال: "إنني سعيد لوجودي معكم هنا اليوم، وأنا أثمِّن ما قام به أعضاء الجَماعة، وإنَّني سعيد لرؤية مثل هذه الأشياء تَحدُث في لاجوس، وأن يقوم مجموعة من الشباب من مختلف المُجتمعات بتكوين هذه الجماعة، وإنني سعيد لرؤية الأئمَّة الأربعة يَجتمعون هنا اليوم؛ فهذه بادرة طيبة، وأنا سعيد بالجمعية؛ لقدرتها على جَمعِ الأئمة الأربعة معًا"، وبالطريقة المنهجية التي تمَّت بها تلك الاحتفالات المختلفة، بالفعل يبدو واضحًا أن هذا أحد الإنجازات الرئيسيَّة للجماعة، والتي ظلت غير طائفية، وتضمُّ بين جنباتها كل الأطياف الإسلامية.

 

وقد كان هناك احتلال مهِمٌّ قد غزا المجتمع، وهو الجهل والمفاهيم المغلوطة عن الإسلام، خصوصًا بين العامة، ومنذ أن نشأت تلك الجمعية كرَّست جزءًا كبيرًا من وقتها وطاقتها نحو الارتفاع بمُستوى المعرفة الإسلامية بين جميع المسلمين، ولتحقيق هذه الغاية، تمَّ وضع عدد من الإستراتيجيات المُعتمدة والجيِّدة التخطيط، وتمَّ مُتابعتها بفعالية ومُثابَرة، وتحسَّنَ نمط المُحاضَرات الشعبية التي تُعقد في الأماكن العامة عن طريق الاستعانة بخِبرة الدعاة، والذي كان من بينهم أشهرم مسرس إيكيمود، وأكونو، وإمام جباجالابياميلا، وبالمثل أصبحَت المُناسَبات الدينيَّة المُهمَّة - مثل ليلة القدر ومولد النبي - صلى الله عليه وسلم - تُستخدَم لنشر المعرفة الدينيَّة الصحيحة، ولكن ربما كان الأكثر تميُّزًا لأنصار الدِّين هو برنامج الدروس المسائية للكبار التي بدأت واستمرَّت حتى اليوم، وفي إطار هذا البرنامج، أسَّس المُعلِّمون تلاميذهم في علم التفسير بِناءً على منهج دراسي مُحكم، كما درَّسوا لهم علم الكلام، والتاريخ، والعلوم المعروفة لدى المسلمين، ولم تألُ جمعية أنصار الدين جهدًا في الحصول على مجموعة مِن المُدرِّسين الأكْفاء؛ مثل: عمر سافاج، والسيد نجار.

 

ومِن أهمِّ ما كان يُميِّز هذا البرنامجَ التدريبي الضخم هو عدم إغفال النساء والأطفال كما يَحدث عند النصارى، وأيضًا بخلاف المنظَّمات الإسلامية التي كانت موجودة في ذلك الوقت؛ فقد عُقدت الفصول التعليمية الخاصة بهم، وكانت النتيجة هائلة، وبغضِّ النظر عن ارتفاع الصحوة العامَّة، والاهتمام بمبادئ ومحاسِن الدِّين، فإن المجتمع المسلم ككلٍّ استفاد مِن تدفُّق الدعاة والعلماء الموجودين في أنصار الدين، وقبل كل شيء كانت هناك لمسَة مميَّزة أضفتْها جماعة أنصار الدين على عدد من الاحتفالات الاجتماعية والدينية؛ مثل: الزواج، والميلاد، والجنازة، والتي كانت أكثر تنظيمًا من تلك الأمور التي كان العلماء يَعقِدونها في السابق، ووُضعت اللوائح المناسبة طبقًا لقواعد الشريعة الإسلامية، والتي كانت ذات طابع عَصريٍّ ومقبول من المسلمين، ومثل المُصلِحين الحقيقيِّين، فقد وضَعوا قواعد وإجراءات لهذه الاحتفالات.

 

وقد ظهَرت قضية وضع المرأة في بداية الثلاثينيات بعد النشاطات التي قامت بها مجموعة من النساء، وقد تمَّ رفع قضية المرأة كقضية عامة في المجتمع ككلٍّ، وتمَّ طرح القضية على مجلس مُكوَّن من رجال وعلماء دِين ومُتعلِّمين، والذي كان يُسمَّى سابقًا مجلس العُلماء، ثمَّ أصبح يُشار إليه في وقت لاحق بـ "المحكمة الكنسية للمجتمع"، وفي تقريرها أكَّد المجلس على الامتيازات التي تتمتع بها المرأة بموجَب الشريعة الإسلامية، وصرَّح بدَعمِه لبرنامج تحرير المرأة، وانسجامًا مع هذا القرار قضى المجلس في عام 1931 قرارًا برفض عزل النساء؛ لأن التمييز ضد النساء ليس جزءًا من الشريعة الإسلامية، ولكنه جزء من العادات التي انتشَرت في المجتمع على مدى عقود طويلة قبل ظهور النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يُعدُّ انحرافًا عن النهج الذي أتى به نبيُّنا الكريم.

 

وكردٍّ منطقيٍّ قد أُعطي اهتمامٌ كبيرٌ للأنشطة النسائية في أنصار الدِّين، وتمَّ تشجيعهم على شغل جميع الوظائف وعدم التقاعس، وتمَّ عقد فصولٍ وأنشطة خاصة لهن، وتم تأسيس اتحاد الأصالة في وقت مُبكِّر، وكانت تتزعَّمه مدام أشيماو أيورند، ومدام سافوراتو أديتون؛ بسبب شعبية نشاطاتهما، وتمَّ زيادة أعضاء الاتحاد ثمَّ أصبَح سِمةً لا يُمكن الاستغناء عنها في مؤسَّسة أنصار الدين (وفي وقت لاحِق تمَّ تَشكيل هذا الاتحاد في أماكن أخرى)، ونتيجة لذلك الاهتمام الذي أبداه أعضاء هيئة التدريس؛ استفاد الأعضاء النساء مِن أنصار الدِّين لسنوات عديدة من فصول تعليم الكبار في أراضي اليوروبا، ثمَّ امتدَّ هذا الامتياز للنساء المسلمات في مُنظَّمات نسائية أخرى في لاجوس، واستمرَّت جمعية أنصار الدين مَفتوحةً للأولاد والبنات، وُوضعت خطة لتدريب المسلمين في المدرسة الملَكيَّة لكي يُصبِحوا مُعلِّمين في مدرسة أنصار الدِّين، وهكذا أصبحت مؤسَّسة أنصار الدين من رُوَّاد المسلمين في مجال التعليم وتحرير المرأة في نيجيريا.

 

ومما لا شكَّ فيه أن البرنامج التعليمي للجمعية هو ما جذَب ذلك الاهتمام؛ فقد كان سجلُّهم الحافل بالنشاطات مثيرًا للإعجاب من حيث الحجم والأهمية، وبعد وقت قصير من تأسيسِها أطلقت الجمعيَّة برنامجًا جريئًا للتعليم، والذي وصَل إلى 5000 جنيه إسترليني، وبعد فترة وجيزة جدًّا كان الهدف قد تحقَّق وبُنيت مدرسة الآكورو على أرض مُستصلَحة كان أصلها أهورًا ومُستنقعات، كما فُتحت في وقت لاحِق عدد مِن المدارس الابتدائية في بادجري، وأوندو، وكابا وأوو، لكن المَطالب كانت كَبيرة وملحَّة، وكان لا بد مِن وضع خطَّة جديدة، وفي عام 1943 بدأ البرنامج العشري - الذي سيَستمرُّ إلى عشر سنوات - للتربية، والتي بموجبها سوف تؤسَّس 5 مدارس ابتدائية جديدة؛ مركز تأهيلي لتدريب المعلمين، ومدرسة ثانوية للبنين والبنات المسلمين، وقد تكلَّف البرنامج حوالي 50.000 جنيهٍ إسترليني، وبعد عقد من الزمن بدأ البرنامج الجريء في الأربعينيات، والذي كان ضخمًا جدًّا إذا ما قورن بسابقه، وفي نهاية الخمسينيات أنشأت الجماعة ما يقرب من 200 مدرسة ابتدائية، و 18 مدرسة ثانوية حديثة، وثلاث مدارس ثانوية للقواعد واحدة منها للبنات، وثلاث كليات تدريب للمُعلِّمين، وبحلول عام 1971 كان عدد المؤسَّسات بعد المرحلة الابتدائية وحدها أربع عشرة مؤسَّسة - باستثناء المدارس الحديثة - المُنتشِرة في جميع أنحاء نيجيريا، وقد قدَّمت العديد من المِنَح الدراسية حتى مُستوى الجامعة في نيجيريا وغانا والدول العربية وأوروبا، وكما صرح أحد المُحلِّلين المسلمين - والذي كان حريصًا على عدم ذِكر اسمه - أن المسلمين اليوم يَحتاجون جهود أنصار الدِّين في التعليم.

 

واليوم أصبحَت جهود أنصار الدِّين قوية وجوهرية، فبجانب جهودها الكبيرة في تعليم الرجال والنساء، فإن دعوتها مِن أجل الوحدة والتعاليم الإسلامية قد أنشأت شبَكة مُكوَّنةً مِن مائة فرع، ولدَيها أعضاء بالآلاف، والذين يتمتَّعون بالاحترام وحُسنِ السُّمعَة مِن قِبَل المسلمين وغير المسلمين على حدٍّ سواء.

 

وحدة المسلمين والإصلاح:

لعِبَ المُسلمون الوافدون مِن البرازيل دورًا مُهمًّا في نشأة الجماعة الإسلامية، والتي تأسَّست في لاجوس عام 1944 مِن قِبَل أبي بكر سينور أوغوستو تاو، وقد وقفت الجماعة الإسلامية ببسالة على مرِّ السنين من أجل وحدة المسلمين والإصلاح، وبالنسبة لمؤسِّسها الإمام أوغوستو، فقد كان محاميًا وداعمًا للوحدة والإصلاح بين المسلمين؛ ففي البداية أسَّس مع بعض أصدقائه جمعية أدبية ونقاشيَّة؛ لنشر المعرفة الإسلامية ورفع مُستواها من خلال المشاركة في مُراجعات إسلامية كانوا قد تلقَّوها من الطريقة الأحمدية، وليس مِن المستغرب أن أوغوستو قد لعب دورًا أساسيًّا في جلب الحركة إلى نيجيريا، وأصبَح رئيسها الأول حتى اكتِشاف بعض الانحرافات العقائدية في الحركة، ثمَّ ترك الحرَكة وأسَّس الجَماعة الإسلامية في نيجيريا، وكانت وجهة نظر أوغوستو تغيير بعض خواص المذهب المالكي المعمول به في نيجيريا.

 

كان المجتمع ينظر إلى الإسلام على أنه دينُ غيرِ المتعلِّمين والعناصر المُحافِظة والرجعية في المجتمع، وعندما ننظر إلى تعاليم الإسلام نجد أنه ثمَّن دور التعليم، وذلك من خلال ما دعا إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرغم من كونه أميًّا حين قال: ((اطلبوا العلم ولو في الصين)).

 

كان الرجال راضين عن تعلُّم القرآن، ولكن إذا ما ذهبوا إلى المدارس التبشيرية كانوا سيَعتنقون النصرانية؛ نتيجة للضغوط التي كان يُمارسها المجتمع عليهم؛ مثل: إيجاد زوجة مُتعلِّمة، ثم التمييز تجاه المرأة، ثمَّ تسبَّبت المشاكل المادية في تسرُّبهم من مدارس القرآن، وتمَّ استِبعادهم من المدارس الغربية بشكل كامل، وعلى الرغم مِن أن عددهم ليس كبيرًا في بوردا، فقد تمَّ استبعادهم من ممارسة عبادتهم في المساجد أو الذهاب إلى الجماعات وصلاة العيد، وكان يتمُّ إلقاء الخطبة في الجمع والأعياد باللغة العربية ثمَّ تحولت إلى طقوس غير مفهومة بالنسبة لغالبية المصلين، على الرغم مِن أن المقصود من تعميم اللغة العربية فهمُ المسلمين للشعائر والطقوس، فهل من الغريب أن نرى المسلمين جهلاء ورجعيِّين ولا يُفضِّل الشباب أن يرتبطوا بهم؟ كانت مهمَّة أوغوستو باسيل لاوال هي تغيير كل هذا خلال حياته، والتصدِّي للتعليم الغربي من خلال تأسيس أول مدرسة مُسلمة لتعليم القواعد في لاجوس، والتي ازدهرت حتى تمَّ التخلُّص منها عن طريق وضع قواعد استعمارية جديدة؛ وبعد ذلك قامت جماعته بتأسيس مدرسة ابتدائية.

 

وبهذه الطريقة أتاح فرصًا للحصول على التعليم الغربي في المدارس الإسلامية، والتي آتَت أُكُلَها عندما استولت الحكومة على جميع المدارس التي أسَّستها الجماعة، ووضَعت عليها قيودًا في تعليم الدين والأخلاق، ومن تلك الأمثلة التي حدثت للمدارس التي أسَّستها الجماعة الإسلامية ذَهابُ الأولاد والفتيات معًا في كل مراحل التعليم، وضاع التمييز بين الأولاد والبنات في مجتمعنا.

 

والعديد من الابتكارات التي قدَّمتْها الجماعة الإسلامية في نيجيريا في عام 1924 قد أصبحت الآن شائعة في الأوساط الإسلامية؛ فالنساء اليوم يَذهبنَ إلى الصلاة في المسجد في الأماكن المُخصَّصة لهن، ويَحضرْنَ جميع المُناسَبات الدينية على قدم المساواة مع نظرائهنَّ الرجال، فرائدنا (أوغوستو) قد قدَّم تلك الأشياء ورآها واقعًا في حياتنا اليوم، ومما لا شك فيه أن الجماعة الإسلامية التي رأسها، ثمَّ مَنصب إمام الأئمة الذي شغَله حتى فاضَت روحه إلى بارئها في عام 1971 هو أهمُّ أعماله الكبرى، وإذا تمَّ الحكم عليه فقط من خلال هذا العمل فإنه يُعتبَر شخصية أسطورية فريدة في عصرها؛ لأنه قد أسَّس الجماعة الإسلامية التي انتمى إليها العديد من الشخصيات الإسلامية رجالاً ونساءً والتي امتدَّت إلى جميع أنحاء نيجيريا؛ مما جعل المسلمين رجالاً ونساءً يَرفعون رؤوسهم؛ لأنهم لا يشعرون بأي حال من الأحوال أنهم أقل شأنًا مِن نُظرائهم النصارى.

 

الملخَّص:

كانت هذه المُساهَمات التربوية والاجتماعية من هاتين المجموعتين الكبيرتين مهمَّة جدًّا في رفع وتيرة ونوعية الحياة في المجتمع المسلم في نيجيريا، وكان تأثيرها في انتشار التعليم الغربي كبيرًا ومُهمًّا، ولكن الأهم من ذلك أنهم نجحوا في تحدِّي الجهل العقائدي الذي كان منتشرًا بين المسلمين، وبالتالي استطاعوا استعادة بعض المسلمين الذين قد تحوَّلوا إلى النصرانية، كما قاموا أيضًا بنشر حب التعايش ليس فقط بين أصحاب العقيدة الواحدة ولكن بين المسلمين والديانات الأخرى في نيجيريا، ومِن ثَمَّ فقد لعبوا دورًا مُهمًّا في تطور مفهوم السلام الديني بين مختلف الأديان في نيجيريا، وكانوا حاملين لشعلة الإصلاح والنهضة، ودعاةً للوحدة والتقدُّم، وقاموا بتدريب وتنوير الناس الذين كانت إسهاماتهم البارزة سببًا في الحصول على الاستحسان، سواء على المستوى القومي أو العالَمي، وكانت تأثيراتهم مُهمَّةً ومُرحَّبًا بها حتى اليوم.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تقرير: نيجيريا ومذبحة جوس ضد المسلمين
  • ونيجيريا أيضًا، فماذا أفعل؟
  • المسلمون في نيجيريا.. أكثرية مستضعفة
  • نيجيريا ومؤامرات الاستعمار
  • نيجيريا والحرب الصليبية
  • موقف المسلمين من نيجيريا
  • نافذة على تاريخ الصراع الديني العرقي في نيجيريا

مختارات من الشبكة

  • سلوفينيا: معرض عن مساهمة المسلمين في العلم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • هولندا: مساهمة المسلمين في التشجير(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بريطانيا: مساهمات المسلمين في الاقتصاد 31 مليار إسترليني سنويا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • هولندا: مساهمة المسلمين في التشجير(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بريطانيا: عمدة لندن يشكر المسلمين على المساهمة في نجاح الأولمبياد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • رئيسة أيرلندا تشيد بمساهمات الطلاب المسلمين في المجتمع الأيرلندي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • علاقة المسلمين وغير المسلمين في نسيج المجتمع المسلم(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • بريطانيا: المسلمون يشاركون في شهر الاحتفال بمساهمات وتاريخ السود(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ألمانيا: وزيرة الأسرة تطالب الأئمة بالمساهمة في العناية بالشباب المسلم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بريطانيا: وزراء يطالبون مسلمي بريطانيا بالمساهمة الإيجابية في المجتمع(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب