الشباب المسلم في البرازيل

الشباب المسلم في البرازيل

من العقبات التي يواجهها مسلمو أمريكا اللاتينية الاندماج المطلق للشباب المسلم في المجتمع؛ والذي يهدد الهوية الإسلامية لديه، وأيضاً الذوبان الملحوظ في أوساط أبناء المسلمين، الأمر الذي أدى إلى انهيار الالتزام وسط العائلات المسلمة، فتجد فيها من لا يعرف من الدين إلا اسمه ولا يعرف من القرآن إلا رسمه، وتجد المصائب الكبرى في أبناء المسلمين الذين ارتدُّوا عن دينهم. وهذا موجود في الأماكن التي يتمركز فيها المسلمون وبنوا المساجد والجمعيات، فما بالنا بالمدن النائية في المساحات الشاسعة لهذه القارة. في هذه الأماكن التي فيها قلة قليلة من عائلات عربية، حيث لا يوجد تجمع كبير للمسلمين ولم يُبْنَ فيها مسجد أو مركز إسلامي؛ فإنك تجد الحالة يرثى لها. ففي البرازيل لا يواجه المسلمون اليوم "نقمة" الاضطهاد والتمييز العنصري، بل يواجهون "نعمة" التعايش والسلام التي قد تتحول إلى نقمة "ذوبان هويتهم" في المجتمع البرازيلي.

يحاول الدعاة في البرازيل دعوة الشباب المسلم إلى حفظ الهوية الإسلامية لأن العزلة ليس هو الحل بل الاندماج مع حفظ الهوية الإسلامية ومع مراعاة الحدود الشرعية بفقه ووعي وحكمة.

لتذكير الشباب المسلم بهذه المسؤولية تقيم بعض المراكز الإسلامية في البرازيل المخيمات الشبابية التي تهدف إلى جمع الشباب وإقامة المحاضرات والصلوات جماعةً وتذكِّرهم بأمور دينهم وواجبهم في حمل أمانة الدعوة إلى الله تعالى. كانت آخر هذه المخيمات في جنوب البرازيل حيث جمع مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي مائتي شخص من أربع ولايات في البرازيل.

اجتمع الشباب المسلم في مدينة فلوريانوبلس وهي مدينة ساحلية في جنوب البرازيل وقد أتوا من مدن بعيدة مثل كوريتيبا وباراناغوا وفوزدوإغواسو (في المنطقة الحدودية مع الأرجنتين والبراغواي) وكريسيوما وساوباولو وبورتوأليغري وغيرها من المدن البرازيلية التي قد يزيد بعدها عن موقع إقامة المخيم على ألف كيلومتر.

ودعا مكتب الندوة دعاةً من أكثر هذه المدن لإلقاء المحاضرات والمواعظ واللقاء مع الشباب والأبناء الصغار فكان لقاءً مميزا ومفيدا حضره ممثل الندوة في أمريكا اللاتينية الشيخ علي عبدوني وأصحاب الفضيلة مدير المدرسة الإسلامية البرازيلية الشيخ محمد أمامة، ومدير الشؤون الدينية في اتحاد الجمعيات الإسلامية في البرازيل الشيخ محمد البقاعي، وإمام مسجد باراناغوا الشيخ ماهر العراقي، وإمام مسجد كريسيوما الشيخ عادل بيشلي وإمام المركز الإسلامي في فلوريانوبلس الشيخ أمين الكرم.

بدأ الملتقى في اليوم السابع من شهر سبتمبر وهو يوم عطلة في البرازيل - يوم عيد استقلال البرازيل - واستمر إلى اليوم التاسع. اجتمع المشاركون لافتتاح الملتقى بحضور الشيخ جهاد حمادة - مدير مكتب الندوة - الذي كانت له أول المحاضرات بعنوان "المسلم واستعمال التقنيات الحديثة". وقد ذكر الداعية الشيخ جهاد أهمية هذه اللقاءات في مجتمعات الأقليات الإسلامية فقال: "نحاول أن نجمع أكبر عدد ممكن من الشباب وقد وجدنا الأثر الطيب في نفوس هؤلاء الفتية الذين يرجعون إلى أهليهم وأعمالهم يتذكرون أنهم مسلمون وأن عليهم الالتزام بهذا الدين وحمل لواء الدعوة إليه". ومن المحاضرات التي ألقيت للشباب المسلم في هذا الملتقى "كيف يكون المسلم داعية إلى الله" ألقاها فضيلة الشيخ علي عبدوني - ممثل الندوة العالمية للشباب الإسلامي في أمريكا اللاتينية، ذكر فيها الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الداعية من علم وصبر وعمل بما يدعو إليه.

وكانت الدروس والمواعظ باللغة البرتغاليه وحلقات الذكر بعد صلاة الفجر والنشاطات الخاصة بالصغار طوال أيام الملتقى، فنسأل الله تعالى أن يكون هذا العمل وغيره مما يعين المسلمين في أمريكا اللاتينية على أن ينشأ الشباب المسلم في البرازيل على الدين القويم وينجيه من الذوبان الملحوظ في هذه البلدان.

صورة للمشاركين في ملتقى ريو دي جانيرو للدراسات الإسلامية وأغلبهم من المسلمين الجدد

وفي مدينة أخرى وهي المدينة السياحية المعروفة - ريو دي جانيرو - أقيم ملتقى آخر بعد أسبوع من ذلك المخيم في مدينة فلوريانوبلس، ولكن الحضور في هذه المرة معظمهم من المسلمين الجدد؛ ومرة أخرى التقى المسلمون بدعاة من خارج هذه المدينة. زار الجمعية الخيرية الإسلامية في مدينة "ريو دي جانيرو" الداعية أحمد مظلوم مبعوث الندوة العالمية للشباب الإسلامي والداعية حسني عبد الحميد مبعوث اتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل. وكانت المحاضرات في موضوع أخلاقيات المسلم.

في إحدى المحاضرات استمع المشاركون إلى بعض الأمثلة عن تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين وقد ذكر أيضاً واجب المسلم تجاه ما يحدث من محاولة إساءة لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام.

هذه بعض الأعمال الدعوية في أمريكا اللاتينية والتي نسأل الله تعالى أن ينفع بها وأن يشاركنا إخواننا في كل أنحاء العالم ولو بدعاء في ظهر الغيب عسى الله أن يفتح علينا وأن تجد كلماتنا أذناً صاغيةً تحمل لواء الدعوة إلى الله تعالى ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.