تاريخ المسلمين في نيوزيلندا

تاريخ المسلمين في نيوزيلندا

تعددت الروايات حول تاريخ وصول المسلمين إلى نيوزيلندا أو بداية ظهور المسلمين هناك، إلا أن أكثرها تأكيدًا هو عام 1769 من الميلاد على يد اثنين من المسلمين الهنود.

وتشير بعض الوثائق الرسمية إلى أن الفترة ما بين عام 1840 و1878م كانت بمنزلة فترة مهمة؛ حيث تم الاعتراف بالمسلمين لأول مرة بوصفهم مجموعة دينية تعيش في نيوزيلندا، ووفقًا لإحصاء رسمي لعام 1874، فإن عدد المسلمين في نيوزيلندا كان 16 شخصًا يعيشون في إقليم أوتاجو جنوب الجزيرة الجنوبية لنيوزيلندا، وشخصًا في مدينة أوكلاند شمال الجزيرة الشمالية لنيوزيلندا.

وفي أوائل القرن التاسع عشر، أصبحت مصطلحات الإسلام والمسلمين أكثر تداولًا باللغات الأوروبية عن طريق المستشرق "إدورد وليم لين" الذي كان مشهورًا بمعجمه الكبير للغة العربية آن ذاك، لكن في نيوزيلندا أصبح الاستخدام العام لمصطلح الإسلام أكثر شيوعًا في السنوات اللاحقة.

وحسب رواية المؤرخ ويليام شيبارد في أوائل القرن العشرين، وصل ثلاثة رجال مسلمين من الجوجاراتيين الهنود المهاجرين إلى نيوزيلندا، وتحديدًا ما بين عام 1906 و1920، بعدها أنشأ هؤلاء الرجال متجرًا صغيرًا وجلبوا عائلتهم وأطفالهم من الهند في أوائل الخمسينيات للاستقرار في نيوزيلندا؛ ليصبح أبناء الجيل الثاني من تلك العائلات قادة المجتمع الإسلامي في القرن الحادي والعشرين بنيوزيلندا.

وبحلول عام 1950م، وصل 200 مسلم إلى نيوزيلندا أغلبهم مهاجرون من دول الهند وباكستان وبنجلاديش ومصر، ليُكوِّنوا معًا مجتمعًا مترابطًا، ويؤسِّسوا "جمعية مسلمي نيوزيلندا" عام 1959 في منطقة "بونسونبي" إحدى ضواحي أوكلاند.

وفي أواخر الستينيات وصل الشيخ "أحمد سعيد موسى" مهاجرًا من ولاية "غوجارات" إلى أراضي نيوزيلندا، ليبدأ بنفسه تعليم حوالي 23 طالبًا القرآن الكريم، وبعضًا من العلوم الشرعية بطرق ممهدة، وعلى مدار الأعوام القليلة التالية زاد عدد الطلاب.

ولم يكن الشيخ أحمد سعيد موسى يتقاضى مقابلًا ماديًّا على تعليمة للمسلمين آن ذاك، بل كان يعمل في صناعة الحبال وورش لحام الحديد، وبعض المصانع الأخرى.

وفي نهاية الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كانت هناك زيادة في أعداد المسلمين الذين يهاجرون إلى نيوزيلندا بوصفهم مهاجرين ولاجئين من جميع أنحاء العالم، ونتيجة لذلك تَمَّ تشكيل جمعيتين مسلمتين إضافيتين لتلبية احتياجات السكان المتزايدين، ففي عام 1962 تم تشكيل الرابطة الإسلامية العالمية لنيوزيلندا في مدينة ويلينجتون عاصمة نيوزيلندا، وفي عام 1977 تم تشكيل جمعية المسلمين في منطقة كانتربري.

وفي أقل من عامين قرَّرت جميع الجمعيات الإسلامية الثلاث إنشاء اتحاد الجمعيات الإسلامية في نيوزيلندا (FIANZ) بحلول عام 1979، التي اتسعت بعد ذلك لتشمل المزيد من الجمعيات الإسلامية في نيوزيلندا كلها، وفي 30 من مارس عام 1979، وُضِع الأساسُ لأول مسجد في نيوزيلندا "مسجد بونسونبي"، وذلك قبل أن يتم تغيير اسمه إلى المسجد الجامع.

مسجد بونسونبي

وبحلول عام 1986 لوحِظت زيادة في أعداد المسلمين في نيوزيلندا نتيجة للتغيرات التدريجية في سياسة الهجرة إلى البلاد؛ حيث استقبلت نيوزيلندا عددًا من الطلاب المسلمين الذين يدرسون لدى جامعتها.

ومع تنامي المسلمين في نيوزيلندا، وتطوُّرهم وإنشاء جمعيات ومساجد، أخذوا في الترويج للأنشطة الإسلامية والاجتماعية والتعليمية والثقافية، وفقًا لمبادئ الإسلام المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة؛ حيث يسعى اتحاد الجمعيات الإسلامية في نيوزيلندا إلى بناء تفاهم أفضل بين الجالية المسلمة وبين الآخرين.

ويشير التعداد الرسمي لنيوزيلندا عام 2006 إلى أن هناك أكثر من 36000 مسلم مقيم في نيوزيلندا يعيش معظمهم في مدينة أوكلاند، ويبرز تَعداد عام 2013 وجود 46000 مسلم في نيوزيلندا، بينما تظهر تلك الإحصاءات أن 25% من إجمالي المسلمين قد وُلدوا في نيوزيلندا، و21% وُلدوا في جزر المحيط الهادئ، و26,9% وُلدوا في قارة آسيا، و23,3 وُلدوا في الشرق الأوسط وإفريقيا، كما أبرزت تلك الإحصاءات أكثر ثلاث مناطق يتجمع بها المسلمون في نيوزيلندا: أكبرهم منطقة أوكلاند التي يعيش بها 75% من المسلمين، ومدينة كريستتشيرش ومدينة ويلينجتون.

وتشير هيئة الإحصاء النيوزيليندية إلى ارتفاع عدد المسلمين بنسبة 28% ما بين عامي 2006 إلى 2013، وحديثًا يفيد طاهر نواز رئيس الرابطة الإسلامية الدولية لنيوزيلندا أن عدد الأقلية المسلمة في نيوزيلندا وصل الآن إلى ما يقرب من 60,000 شخص، ويشكلون ما يزيد عن 1% من إجمال سكان نيوزيلندا.

ومنذ ظهور المسلمين الأول في نيوزيلندا وحتى الآن، ينظر المجتمع النيوزلندي إلى الأقلية المسلمة على أنها معتدلة ومتعاونة، خصوصًا اتحاد الجمعيات الإسلامية في نيوزيلندا "FIANZ"، باعتبارها أحد أكبر الكِيانات الإسلامية في البلاد.

ويشمل اتحاد الجمعيات الإسلامية في نيوزيلندا حاليًّا عددًا من الجمعيات والكيانات الإسلامية:

رابطة مسلمي نيوزيلندا (NZMA) في مدينة أوكلاند، ورابطة مسلمي جنوب أوكلاند (SAMA)، وجمعية وايكاتو مسلم إنكوربوريتد (WMA)، والرابطة الإسلامية الدولية لنيوزيلندا (IMAN) في ولنجتون، ورابطة المسلمين في كانتربري، ورابطة المسلمين في أوتاجو (OMA).

وتتألَّف نيوزيلندا من جزيرتين رئيسيتين، هما (الجزيرة الشمالية والجزيرة الجنوبية)، ومجموعة من الجزر الصغيرة، عددها حوالي 600 جزيرة، أبرزها جزيرة ستيوارت وجزر تشاتام، وتقع نيوزيلندا جنوب غربي المحيط الهادي، ويبلغ عدد سكان نيوزيلندا حوالي خمسة ملايين نسمة.