ثورة على الذنوب

ثورة على الذنوب!

لو كنتِ عزيزتي تعلمين أن زفافاً لأحد أقربائك سيقام قريباً لكنتِ -وبلا أدنى شك- سارعتِ في تجهيز نفسك لذلك اليوم باللباس الجميل والحليّ الثمينة وغير ذلك، ذلك أن مناسبة عزيزة كتلك يجدر بالمرء أن يستعد لها جيداً، فكيف إذا كانت سبيلاً لنيل الجنان ورضا الرحمن؟! كيف عساه سيكون استعدادنا لها حينها؟!

إنّه رمضان!

لعل رمضان هو خير مناسبة يجدر بنا الاستعداد لها، ألا ترَيْن معي أنه أعظم فرصة من رب العباد يمنّها ويَهبها لمن يشاء؟! كم إنساناً حضر بصحبتنا رمضان الفائت وها هو اليوم قد توفّته المنية وتغمدته رحمة المولى- بإذن الله - قبل أن يدرك رمضاننا هذا؟! فالحمد لله الذي منّ علينا بتبليغنا هذه اللحظات.. شهر يتضاعف فيه الأجر فكيف لا نستغلّه ونستعد للاستفادة من كل ثانية فيه؟!

صديقة قالت لي: أريد أن أستغل رمضان لكنني أجد نفسي خاملة عن أداء الطاعات حتى قبل أن يدخل! فكيف أستعد له؟!

حبيبتي: خير ما تستعدّين به: استغفار كثير! لماذا؟!

• لأن الذنوب، كما قال علماؤنا وأئمتنا، تثقل الإنسان عن الطاعات وتجمع عليه الكسل والخمول والركون إلى المباحات غير النافعة.. علينا إذاً أن نستثمر أيام رمضان في استغفار كثير يملأ علينا وقتنا ويُعيننا على التخلص من المعاصي.

• ماذا أيضاً؟! علينا أن نخصِّص أياماً من الأسبوع لقيام الليل تقرّباً للمولى وتشجيعاً لأنفسنا على المداومة على ذلك الحال في رمضان المبارك..

• ولنقرأ كذلك وِرْداً من القرآن يزيد على وِرْدنا المعتاد قليلاً..

• وتذكري عزيزتي تجديد نيتك يومياً بدءاً من اليوم بأنك ستجعلين رمضان هذا العام ثورة على أهوائك ونقطة بداية جديدة في علاقتك مع الله لتكسبي أجر كل هذا بالنية فقط قبل أن يبدأ رمضان!

أضافت صديقتي: والآن، وبعد أن استعددْتُ له جيداً، كيف لي أن أستغل رمضان؟!

• جميل جداً، إنّ كل ثانية «رمضانية» كنز يجب على كل عاقل فينا أن لا يغفل عنه.. ونحن - خصوصاً بنات حواء - نضطر في أحيانٍ كثيرة، ولكثرة واجباتنا المنزلية، إلى تضييع جزءٍ من أوقاتنا في أعمال المنزل أو تدريس إخوتنا الصغار أو الطبخ وتحضير الطعام.. لذلك فإن خير ما نفعله لنكون مأجورات في كل ذلك هو تجديد النية! فأنا أساعد أمي في تحضير الطعام بنية تفطير صائم! إلخ.. وتخيلي بعد ذلك عِظَم الأجر يوم القيامة وأنت تحتسبين أجر كل ثانية رمضانية وتضعينها في ميزان حسناتك!

• كذلك أُخيتي قراءة القرآن.. فلنحدد لأنفسنا وِرْداً مكثَّفاًً.. فشهر رمضان شهر القرآن كما نعلم: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185]؛ أفلا نختم القرآن ولو لمرة في شهر القرآن؟!

• يمكننا أيضاً السعي للإقلاع عن الذنوب; بحيث أن نختار 3 أو 4 معاصٍ كنا نداوم عليها قبل رمضان ونحاول جدّيْاً التخلص منها.. كسماع الأغاني أو التلفظ بألفاظ غير أخلاقية أو الغيبة أو حتى متابعة بعض المسلسلات المحرّمة شرعاً وغيره.. وبذا يكون رمضاننا بالفعل ثورة على الذنوب وهجرة إلى الرحمن!

• الإكثار من ذكر الغفّار!.. وهو من أسهل الطرق التي تكسبين بها الأجر.. داومي على ذكر المولى في كل لحظة وثانية.. أيضاً عزيزتي: احرصي على إدخال السرور على قلوب مَن حولك قدر المستطاع..

• ولنخصص جزءاً من مالنا للصدقة، فقد قال  حين سُئل عن خير الصدقات: «صدقة في رمضان»..

• لا تنسَيْ الدعاء أيضاً.. خصوصاً في الأوقات المستحبَة له.. حين ينزل ذو الجلال والإكرام كرماً منه وينادينا: «هل من مستغفر فأغفرَ له؟! هل من داعٍ فأستجيبَ له؟! هل من تائبٍ فأتوبَ عليه؟!» وهو وقت السَّحَر لا شك.. ووقت الإفطار قال : «للصائم عند فِطْره دعوة لا تُردّ».

ما رأيك؟!

• ما رأيك أن تأخذي من أجور الآخرين وتضعي في ميزان حسناتك؟! هل أدلّك على كيفية ذلك؟! ببساطة حبيبتي: إنها الدعوة إلى الخير! «والدالّ على الخير كفاعله»، أرسلي لصديقتك رسالة من جوالك تدْعينها فيها إلى قيام ليلة رمضانية.. أو قراءة جزء من القرآن.. حثّيها على الذكر والعبادة، ولتسعدي بعبادات صديقتك تلك كلها في ميزان أعمالك يوم القيامة دون جهد يُذكر!

صديقة أخرى سألتني: ماذا عن العبادة في أيام الدورة الشهرية؟!

تستطيعين مراجعة محفوظاتك من القرآن والإضافة عليها بنية التعلم إن كنت ملتزمة بختمة حفظ؛ فخصصي لنفسك صفحة يومياً للحفظ في هذه الأيام.. وأضيفي إليها ما سبق وذكرنا من عبادات وطرق لاستغلال رمضان، فتكونين بذلك قد أديّت الكثير بإذن الله حتى في أيام الدورة الشهرية!

ختاماً عزيزتي: فلنتواصَ على الدعاء لأهلنا المستضعفين في فلسطين والشام وغيرها من بلاد المسلمين، فالدعاء للمجاهدين صورة من صور الجهاد، فكيف بأجر الجهاد إذا كان في رمضان أيضاً!!

أكرمنا الله وإياكن بالاستفادة من رمضاننا واستغلاله أحسن استغلال.

تُنشر بالتعاون مع مجلة (منبر الداعيات)