• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    اختتام ندوة حول العلم والدين والأخلاق والذكاء ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    لقاءات دورية لحماية الشباب من المخاطر وتكريم حفظة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تزايد الإقبال السنوي على مسابقة القرآن الكريم في ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مناقشة القيم الإيمانية والتربوية في ندوة جماهيرية ...
    خاص شبكة الألوكة
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

وداعا رمضان (خطبة)

وداعا رمضان (خطبة)
خميس النقيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/4/2023 ميلادي - 28/9/1444 هجري

الزيارات: 137761

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وداعًا رمضان


الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، الحمد لله خضعت لعظمته الرقاب، وتيسرت بحكمته الأسباب، ولانت لقوته الصِّعاب، غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب ذي الطول، لا إله إلا هو، عليه توكلت وإليه متاب، الحمد لله كتب على نفسه البقاء، وكتب على خلقه الفناء، وقدَّر ما كان قبل أن يكون في اللوح والقلم، وخلق آدم وجعل من نسله العرب والعجم، جعل الدنيا دارَ فناء والآخرةَ دار بقاء؛ ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الأعلى: 16، 17].

 

سبحانه القاهر فوق عباده فلا يُمانَع، والظاهر على خلقه فلا يُدافَع، الآمر بما يشاء فلا يُراجَع، سبحانه ما ذُكر اسمه في قليل إلا كثَّره، ولا في همٍّ إلا فرَّجه، ولا في كرب إلا كشفه، تُكشَف به الكربات، وتُستنزل به البركات، وتُقبل به، وتُغفَر به الذنوب والسيئات، سبحانه به أُنزلت الكتب، وبه أُرسلت الرسل، فسبحان الله ما أحكمه! سبحان الله ما أعدله! سبحان الله ما أعظمه! سبحان الله ما أعلمه! وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند له، ولا مِثْلَ له، من تكلَّم سمِع نطقه، ومن سكت علِم سرَّه، ومن عاش فعليه رزقه، ومن مات فإليه منقلبه؛ ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227].

 

ونشهد أن سيدنا محمدًا عبدُالله ورسوله، اعتز بالله فأعزه، وانتصر بالله فنصره، وتوكل على الله فكفاه، وتواضع لله فشرح له صدره، ووضع عنه وزره، ويسر له أمره، ورفع له ذكره، وذلل له رقاب عدوه، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليك يا رسول الله، وعلى أهلك وصحبك، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

اللهم اختم لنا شهر رمضان برضوانك، والعتق من نيرانك، واجعله شاهدًا لنا لا علينا، وأعِدْهُ علينا أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة؛ أما بعد:

وداعًا رمضان: أيها المسلمون عباد الله:

كنا نقول: أهلًا رمضان، ثم مهلًا رمضان، والآن نقول: وداعًا رمضان:

رمضان طِبتَ مباركًا مقبولًا
‏ما لي أراك على الفراق عَجُولا

وداعًا رمضان: فقد بكت العيون على الفراق، كنت ضيفًا حلَّ بعد اشتياق، ضيفًا مليئًا بفضائل الأخلاق؛ صيامٍ وقيام وطيب الإنفاق، كنت بركةً في الأعمار والأرزاق، وكنت ضيفًا عزيزًا طيب الأعراق.

 

وداعًا رمضان: فقد رحلتَ بروحانية التراويح، وخشوع التهجد، وتلاوة القرآن، ونقاء النفوس، ومائدة الإفطار، وبركة السحور، وحديث القلوب، يا ألله! ما أروعك يا رمضان! وما أسرعك يا شهر القرآن!

 

وداعًا رمضان: نودِّعك ونحن نعلم أن الصوم لن ينتهي، والقرآن لن يرحل، والمساجد لن تُغلَق، والاستجابة لن تتوقف، والأجر - بإذن الله - لن ينقطع، لكن شتان بين روحانياتك وبقية العام.

 

وداعًا رمضان: فقد كنتَ خيرَ جليس، وأحبَّ ونيس، كنت عونًا لنا على الطاعة، وتربية لنا على القناعة، وزادًا لنا يوم قيام الساعة.

 

وداعًا رمضان: فقد تركتنا بين قارئ وصائم، ومتصدق وقائم، وواصل وغانم، ومعتمر وراحم، وباكٍ ودامع، وداعٍ وخاشع.

 

وداعًا رمضان: تركتنا والمساجد تعمر، والآيات تُذكَر، والقلوب تُجبَر، والذنوب تُغفَر، كنت للمتقين روضًا وانسًا، وللعاصين قيدًا وحبسًا، أي شهر رمضان، تمهَّل، لا تُحزِنِ الصائمين، تمهَّل؛ ألَا تسمع أنين العاشقين، وآهات المحبين.

 

وداعًا رمضان: نراك تُلَمْلِمُ حقائبك، وترفع أشياءك، وتتهيأ للرحيل، بعد أن كنت ترطب القلوب، وتثلج الصدور، وتُهذِّب النفوس، وتُغذِّي الأرواح.

 

وداعًا رمضان: طوبي لمن أحسن وفادتك، وهنيئًا لمن أكرم زيارتك، وبشرى لمن أجمل ضيافتك، ويا خسران من رحلت عنهم وأنت تحمل لهم أسوأ الذكريات، علاوة على الذنوب والسيئات.

 

وداعًا رمضان: فقد علمتنا أنه لا قيمة إلا بالإيمان، ولا نجاة إلا بالتقوى، ولا فوز إلا بالطاعة، ولا ينال الدرجات العلا إلا رجل مجاهد ينصر العقيدة، ويحمي الحق، ويجابه الباطل، إذا قرئ عليه القرآن يستمع، وإذا نُودِيَ بالإيمان، فإنه يلبي: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ﴾ [آل عمران: 193]، ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].

 

وداعًا رمضان: فقد مهدت سبيلًا إلى الجنة نترسمه، وطريقًا إلى الله نسلكه؛ ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].

 

وداعًا رمضان: نحن نعلم أنه لا مفرَّ من الوداع، ولا مناص من الرحيل، فكل شيء إلى فوات، وكل جمع إلى شتات، وكل حيٍّ إلى موات، وأن الله عز وجل يجمع الناس كل الناس ليوم لا ريب فيه: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 9].

 

وداعًا رمضان: رغم أننا نعلم أنك ستعود في كل عام وفي نفس الموعد، لكن الذي لا نعرفه، هل سنكون في استقبالك، أو ستنقطع الأسباب، ونفارق الأحباب، ويوارينا التراب؟

 

وداعًا رمضان: فهل سيعود الغبار على المصاحف؟ هل ستبكي المساجد على فراق المصلين؟ هل تعود المساجد تشكو إلى الله قلة عمَّارها، والمصاحف تشكو إلى الله هجرها، والنوادي والشوارع تشكو إلى الله فسقها؟ هل ستعود حياتنا كما كانت، أو أن رمضان كان سببًا في التغيير؟

 

قيل لبشر الحافي رحمه الله: إن قومًا يتعبدون ويجتهدون في رمضان؟ فقال: "بئس القوم قومٌ لا يعرفون لله حقًّا إلا في شهر رمضان"، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها.

 

فماذا عليك الآن وأنت تودِّع شهر رمضان؟


إياكم والانتكاسة: أيها المسلمون: ودِّعوا رمضانَ بمثل ما استقبلتموه بالطاعة والإيمان، والبر والإحسان، والتوبة والغفران، ولا تكونوا كما قال الله تعالى فيها: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [النحل: 92]؛ قال أهل التفسير: "المرأة المقصودة في الآية الكريمة هي امرأة عاشت في زمن ما قبل الإسلام (الجاهلية)، واسمها رابطة، من بني تميم، تسكن بالجعرانة بين مكة المكرمة والطائف، وهو ميقات للإحرام، وإلى جانب ذلك كانت تسمى خرقاء مكة، ويُضرب بها المثل في الحمق، فما قصة حمقها؟ لقد كانت هذه المرأة تجتمع كل يوم، هي ومجموعة من الجواري والعاملات لديها، تأمرهن بالعمل على غزل ونسج الصوف والشَّعر ونحوهما، ثم إذا انتصف النهار، وانتهَيْنَ من أداء عملهن في الغزل، أصدرت أوامرها لهن بنقضه، وإفساد غزله، وإرجاعه أنكاثًا، على أن يقُمْنَ بغزله مجددًا في اليوم التالي؛ فلا تكونوا مثل هذه الحمقاء، تعودون للمعصية بعد الطاعة، وللهجر بعد الوصل، والإمساك بعد الإنفاق، ولا تكونوا من الذين قال الله فيهم: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج: 11].

 

عباد الله: إن من أعظم الجُرم أن يعود المرء بعد الغنيمة خاسرًا، وبعد الطاعة إلى المعصية راكضًا، وبعد البذل ممسكًا، وبعد تلاوة القرآن هاجرًا، وبعد صلة الأرحام قاطعًا، وبعد برِّ الوالدين عاقًّا ومانعًا.

 

إن من أكبر خسران العبد أن يبدِّدَ المكاسب التي يسَّرها الله عز وجل في هذا الشهر الكريم، وأن يرتد بعد الإقبال مدبرًا، وبعد المسارعة إلى الخيرات مهاجرًا، وبعد عمران المساجد بالتلاوات والطاعات مُعرِضًا، فإن هذه الأمور لَتدل على أن القلوب لم تحيَ حياة كاملة بالإيمان، ولم يتلألأ نورها بنور القرآن، وأن النفوس لم تذُقْ حلاوة الطاعة والغفران، وأن الإيمان ما يزال في النفوس ضعيفًا، وأن التعلق بالله عز وجل لا يزال واهنًا.

 

غدًا تُوفَّى النفوس ما كسبت
ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم
وإن أساؤوا فبئس ما صنعوا

 

كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر فيُقال له: إنه يوم فرح وسرور، فيقول: صدقتم، ولكني عبدٌ، أمرني مولاي أن أعمل له عملًا، فلا أدري أيقبله مني أم لا؟


العيون التي بكت من خشية الله، هل تعود إلى الحرام بعد رمضان؟ هذه الأيدي التي كانت ممرًّا لعطاء الله، هل تنقبض بعد رمضان؟ هذه الوجوه التي سجدت لله تعالى، أتركَنُ لغير الله بعد ذلك؟ هذه القلوب التي خشعت لله في رمضان، هل تعود للمعصية مرة ثانية؟

 

ربُّ شوال هو رب رمضان، هو رب الشهور كلها، فمن كان يعبد رمضان، فإن رمضان قد انتهى، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت.

 

رُويَ عن عليٍّ رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: "يا ليت شعري من هذا المقبول فنُهنِّيه، ومن هذا المحروم فنعزيه".

 

المداومة على العبادة: إخوة الإسلام عباد الله: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في تربيته لأصحابه يركِّز على إذكاء روح المداومة في العبادة، وفي الأعمال التي يعود نفعها على المرء في الدنيا والآخرة؛ قال صلى الله عليه وسلم فيما ورد عنه: ((أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قلَّ)).

 

ودِّعوا رمضان بالاستمرار في الصيام:

أخي المسلم، طِبْ نفسًا بمواسم الصيام، وقاوم الشيطان طوال العام، صمت رمضان إيمانًا واحتسابًا، وها قد رحل رمضان، فاستمرَّ في صيام النوافل، تزدَدْ إيمانًا، وتصدَّ الشيطان؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من استطاع منكم الباءةفليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء))؛ وجاء يعني: وقاية، لديك الاثنين والخميس، والأيام القمرية، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، والعشر من ذي الحجة، وغيرها.

 

ودِّعوا رمضان بالحفاظ على الصلاة:

حافظوا على الصلاة؛ فهي مناط الفلاح، وطريق النجاح، والفاصل بين الإيمان والكفر، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة.

 

ولا تكونوا ممن قيل فيهم:

 

صلى وصام لأمر كان يطلبه
فلما قُضيَ الأمر لا صلى ولا صاما

استيقظ أبو يزيد ليلةً، فإذا أبوه يصلي، فقال: علمني كيف أتطهر وأفعل مثل فعلك، وأصلي معك؟ فقال له أبوه: يا بني، ارقد فإنك صغير بعدُ، قال: يا أبتِ، إذا كان يوم يصدر الناس أشتاتًا ليرَوا أعمالهم، أقول لربي: إني قلت لأبي: كيف أتطهر لأصلي معك؟ فأبى، وقال لي: ارقد فإنك صغير بعد، قال أبوه: لا والله يا بني، وعلَّمه فكان يصلي معه، ثم قال له: إياك إياك أن يسبقك الديك، فيكون أكيس منك؛ يسبِّح وأنت نائم.

 

ودِّعوا رمضان بالاستمرار في التهجد:

أخي المسلم، قمت رمضان إيمانًا واحتسابًا، وها قد انقضى شهر القيام، فلا تقصر عنه سائر الأيام، فخُذْ بالجِدِّ فيه؛ عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أتاني جبريل، فقال: يا محمد، عِشْ ما شئت، فإنك ميت، أحْبِبْ مَن شئت، فإنك مفارقه، واعمل ما شئت، فإنك مجزِيٌّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل،وعزه استغناؤه عن الناس))؛ [أخرجه الطبراني].

 

ودِّعوا رمضان بالاستمرار في تلاوة القرآن:

أيها المسلمون: لا تودِّعوا رمضان ثم تهجروا القرآن، استمروا في تلاوة القرآن، فلا تهجروه، فهو كلام الملك العلَّام؛ حتى لا تقعوا تحت طائلة الآية: ﴿ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30].

 

إذا أردت أن يكلمك الله، فاقرأ القرآن، وإذا أردت أن تكلم الله، فافزع إلى الصلاة؛ قال عمرو بن العاص: "كل آية في القرآن درجة في الجنة، ومصباح في بيوتكم"، وقال أيضًا: "من قرأ القرآن فقد أُدرِجت النبوة بين جنبيه، إلا أنه لا يُوحَى إليه".

 

قال أبو هريرة: "إن البيت الذي يُتلَى فيه القرآن اتسع بأهله، وكثُر خيره، وحضرته الملائكة، وخرجت منه الشياطين، وإن البيت الذي لا يُتلى فيه كتاب الله عز وجل ضاق بأهله، وقلَّ خيره، وخرجت منه الملائكة، وحضرته الشياطين".

 

ودِّعوا رمضان بالاستمرار في البذل والإنفاق:

كان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان أجود بالخير من الريح المرسلة، كان مع ربِّه العبدَ الطائع، وكان مع الناس الفقير الجائع، وكان مع الجيران المحبَّ الودود، وكان مع أهله الخير الرشيد، ويوم أن دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للإنفاق والاستعداد للجهاد في سبيل الله، إذا بالصحابة يسارعون بأموالهم وأنفسهم، كلٌّ حسب طاقته وقدرته، بل ينادي صلى الله عليه وسلم: ((من يجهز جيش العسرة - وكان يوم تبوك - وله الجنة))، فيقوم عثمان بن عفان رضي الله عنه ويجهز الجيش بماله؛ فيقول صلى الله عليه وسلم: ((ما ضرَّ عثمان ما فعل بعد اليوم)).

 

يبكون لأنهم لا يجدون ما يعينهم على الجهاد، وهؤلاء فقراء يريدون المشاركة والمنافسة على هذا الباب من أبواب الخير، لكنهم لا يملكون زادًا ولا راحلة، فيأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون منه ما يحملهم عليه للغزو، فقال لهم: ((والله لا أجد ما أحملكم عليه))، فهل عادوا فرِحين مستبشرين لأن الجهاد سقط عنهم، أو لأنهم لا يجدون ما ينفقون فبرِئت ذمتهم؟ كلا ثم كلا، بل تولَّوا وهم يبكون، وعزَّ عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ولا يجدوا نفقة ولا محملًا، ولا ينافسوا في هذا الخير ولا يسبقوا غيرهم إليه؛ فأنزل الله عذرهم في كتابه فقال: ﴿ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ﴾ [التوبة: 92].

 

في يوم من الأيام يسمع الصحابة قول الله تعالى: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 41].

 

وداعًا رمضان:

عباد الله: إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبقَ منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه، فعليه التمام، ومن فرط فيه، فلا يلومَنَّ إلا نفسه، فاغتنموا منه ما بقِيَ من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملًا صالحًا يشهد لكم به عند الملك العلَّام، وودِّعوه عند فراقه بأزكى تحية وأفضل سلام.

 

عن الهيثم بن جماز قال: "دخلت على يزيد الرقاشي وهو يبكي في يوم حارٍّ، وقد عطَّش نفسه أربعين سنة، فقال لي: ادخل تعالَ حتى نبكيَ على الماء البارد في اليوم الحار"؛ أي: يوم القيامة.

 

قال سعيد عن قتادة رحمهم الله: "كان يُقال: من لم يُغفَر له في رمضان، فمتى يُغفَر له؟ ومن رُدَّ في ليلة القدر، فمتى يُقبَل؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان؟ ومتى يصلح من كان فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان؟

 

عباد الله: لا تعودوا إلى التنافس في الدنيا بعد أن تسابقتم في شهر رمضان صوب الآخرة.

 

الله تعالى يدعو عباده للدخول في أبواب الخير:

أيها المسلمون: الله عز وجل يدعو عباده المؤمنين إلى التنافس في الخيرات، كيف؟

 

الله رحيم بعباده؛ إذ يدعوهم إلى السباق للمغفرة: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 21]، ويدعوهم إلى السعي في الخير: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9]، ويدعوهم إلى المسارعة: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، ويرشدهم إلى أفضل أعمال الخير: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [النساء: 114]، ويدعوهم إلى الإنفاق وكظم الغيظ: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].

 

عن الحسن قال: "إن الله جعل شهر رمضان مضمارًا لخَلْقِهِ، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون".

 

التنافس المدمر:

فلا تكونوا كالذين ودَّعوا رمضان، ثم اتجهوا إلى التنافس في الدنيا، فلقد حذَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من التنافس على الدنيا، وأنه سبب للهلاك، كيف؟


فقد قدِم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافت صلاة الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما صلى بهم الفجر، انصرف، فتعرضوا له، فتبسَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم وقال: ((أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء؟ قالوا: أجل يا رسول الله، قال: فأبشِروا وأَمِّلُوا ما يسُرُّكم، فوالله لا الفقرَ أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبسَط عليكم الدنيا، كما بُسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتُهْلِككم كما أهلكتهم))؛ [البخاري].

 

وكان الحسن البصري يقول: "إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا، فنافِسْه في الآخرة".

 

وقال عمر بن عبدالعزيز في حجة حجَّها عندما نزل الناس من عرفة: "ليس السابق اليوم من سبق بعيره، إنما السابق من غفر الله له".

 

وكان أبو مسلم الخولاني - وهو من التابعين - إذا قام الليل يصلي، وتعِبت قدماه، ضربها بيديه، وقال: "أيحسِب أصحاب محمد أن يسبقونا برسول الله؟ والله لَنُزَاحِمَنَّهم عليه في الحوض".

 

والتنافس على الخيرات في الدنيا سببٌ لتفاوت الأجر في الآخرة، كل حسب عمله، وعلوِّ همته، ومسارعته إلى الخيرات.

 

ثواب رمضان ما أعظمه!

أيها المسلمون: إن الخير في رمضان لا يعدله أجر، ولا يضاهيه ثواب، كيف؟


عن طلحة بن عبيدالله، ((أن رجلين من بَلِيٍّ قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إسلامهما جميعًا، فكان أحدهما أشدَّ اجتهادًا من الآخر، فغزا المجتهد منهما فاستُشهد، ثم مكث الآخر بعده سنةً ثم تُوفِّيَ، قال طلحة: فرأيت في المنام بينا أنا عند باب الجنة، إذا أنا بهما فخرج خارج من الجنة، فأُذِن للذي تُوفِّيَ الآخِر منهما، ثم خرج فأُذِن للذي استُشهد، ثم رجع إليَّ، فقال: ارجع فإنك لم يأنِ لك بعد، فأصبح طلحة يحدِّث به الناس فعجِبوا لذلك، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدَّثوه الحديث، فقال: من أيِّ ذلك تعجبون؟ فقالوا: يا رسول الله، هذا كان أشد الرجلين اجتهادًا ثم استُشهد، ودخل هذا الآخر الجنةَ قبله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس قد مكث هذا بعده سنةً؟ قالوا: بَلَى، قال: وأدرك رمضان، فصام وصلى كذا وكذا من سجدة في السَّنَة؟ قالوا: بلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض)).

 

يُروى أن امرأة حبيب أبي محمد كانت تقول له بالليل: "قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد، وزادنا قليل، وقوافل الصالحين قد سارت أمامنا، ونحن قد بقينا".

 

بدائل للفقراء: أعمال يسيرة لها أجر عظيم:

أعمال الخير كثيرة طوال العام، وتحصيل الأجر لا يقتصر على شهر رمضان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أصبح منكم اليوم صائمًا؟قال أبو بكر: أنا، قال: فمن تبِع منكم اليوم جنازة؟قال أبو بكر: أنا، قال: فمن أطعم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن عاد منكم مريضًا؟قال أبو بكر: أنا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة))؛ [مسلم].

 

وأبواب الخير مُفتَّحة طول العام، وفي دُبُر كل صلاة، كيف؟


يأتي الفقراء من الصحابة إلى رسول الله يشتكون الأغنياء، لماذا؟ هل لأنهم لم يعطوهم مما أعطاهم الله، أو أنهم لم يتفقدوا جائعهم ومحتاجهم، أو لأنهم يأكلون أفضلَ منهم ويلبسون أحسن منهم؟ كلا، لم يكن ذلك هو السبب، بل قالوا: ((يا رسول الله، ذهب أهل الدُّثور بالأجور؛ يُصلُّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفُضول أموالهم، قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟إن بكل تسبيحة صدقةً، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن منكر صدقة، وفي بُضْعِ أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال، كان له أجر))؛ [مسلم].

 

وفي رواية قال لهم صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه، سبقْتُم من قبلكم، ولم يدركْكُم أحد ممن يجيء بعدكم؟ قالوا: نعم، قال: تُسبِّحون في دُبُر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمَدون ثلاثًا وثلاثين، وتكبِّرون ثلاثًا وثلاثين، إنكم إذا فعلتم ذلك، سبقتم من قبلكم، ولم يدرككم أحد ممن يجيء بعدكم))، فرح الفقراء بذلك، فلما قُضِيَتِ الصلاة، فإذا لهم زجل بالتسبيح والتكبير والتحميد، التفت الأغنياء فإذا الفقراء يسبحون، سألوهم عن ذلك، فأخبروهم بما علَّمهم النبي عليه السلام، فما كادت الكلمات تلامس أسماع الأغنياء، حتى تسابقوا إليها، نعم، إذا أبو بكر يسبح، وإذا ابن عوف يسبح، وإذا الزبير يسبح، فرجع الفقراء إلى النبي عليه السلام فقالوا: يا رسول الله، سمع إخواننا الأغنياء بما علَّمتنا، ففعلوا مثلنا، فعلمنا شيئًا آخرَ؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء))؛ [رواه ابن حبان، وابن خزيمة].

 

وكان بينهم أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه، وكان قد بلغ من العمر ثمانين عامًا، فقال لبنيه وكانوا أربعة: يا بني، جهِّزوني أريد الخروج في سبيل الله، قالوا: لقد عَذَرَكَ اللهُ؛ فأنت رجل كبير، وقد قاتلت وجاهدت مع رسول الله وأصحابه، ونحن نكفيك، قال: إن الله لم يعذر أحدًا، فقال: ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا ﴾ [التوبة: 41]، فخرج في جيش المسلمين لفتح القسطنطينية، ومات في السفينة، وظل سبعة أيام لم يجدوا جزيرة يدفنونه بها، حتى دُفن تحت أسوار القسطنطينية؛ طلبًا لرضوان الله وطاعته، ورغبةً في الفوز بجنته.

 

تحذير: كان صلى الله عليه وسلم يحذر من انحراف النفوس عن طريق الحق والخير، فتتحول المنافسة على الدنيا وشهواتها وأموالها ومتاعها، فتضعُف القيم، ويندثر الدين، وتسوء الأخلاق، وتزيد الهموم، وهذا ما يعيشه كثير من الناس اليوم.

 

التنافس المحمود:

أيها المسلمون:إن التنافس المحمود في أمر الدنيا هو ذلك التنافس الذي يهدف إلى خدمة الفرد والمجتمع والأمة، وتطور الأمة، وتقدم المجتمع في جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية، والعلمية والتربوية، بل يؤلف القلوب، ويعصم الدماء، ويرأب الصدع، ويوحِّد الكلمة.

 

وهو ذلك التنافس الذي يغرس القيم، ويحافظ على الثوابت، ويقوي الإيمان، ويُطاع الله في أرضه، فينعَم العباد، وتنعم البلاد، ويحل في ربوعها الأمن والأمان.

 

عباد الله: إن العظماء يتنافسون على الأخلاق الحسنة، والمنازل العالية، والقِيَم العظيمة، والإنجازات الكبيرة، والأعمال النافعة، في الدنيا والآخرة، وهم بذلك أقرب الناس إلى ربهم، وأسعد الناس في دنياهم، وأنفع الخلق لمن حولهم، وبهم تسعد مجتمعاتهم.

 

أيها المسلمون: تجد المتقين بعد رمضان يتنافسون في العبادات والطاعات، في الخيرات والمسرات، ويتنافسون فيما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال، والتعاون على البر والتقوى، يجعلون غايتهم رضا الله، ونتنافس في تقديم الخير والنفع للآخرين، عند ذلك يسعد المجتمع، وتَقْوَى الروابط، وتنتشر الرحمة، وتؤدَّى الواجبات، وتُستغَل الطاقات، وتتفجر الإبداعات، وتتلاشى أمراض القلوب.

 

أيها المسلمون: خرجتم من رمضان بالتقوى؛ ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 63]، فحافِظوا عليها، واتخِذوها سلاحًا تقاوموا بها وساوس الشيطان، كونوا أئمة في التقوى، الله يقول: ﴿ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]، ليس شرطًا أن تكون إمامًا في المحراب، يمكن أن تكون إمامًا في التسامح والمحبة والكلمة الطيبة، إمامًا في التقوى والعفة والرضا، إمامًا في البر والصبر وكظم الغيظ، إمامًا في صلة الأرحام، وبرِّ الأيتام، وإفشاء السلام، إمامًا في محبة الخير، وخدمة عباد الله، إمامًا في تربية من حولك، وإرشادهم للحق، وإبعادهم عن الضلالة، إمامًا في حسن الخلق مع أهل بيتك، ومع جيرانك، ومع رحِمِك، ومع خلق الله، إمامًا في استثمار الوقت، واستغلاله في مرضات الله وطلب الجنة، إمامًا في حسن الخلق وطيب الكلام، هنيئًا لمن جعله الله كذلك، وحبَّب عباده فيه، اللهم اجعلنا أئمة في الخير ودعاة إليه، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وداعا رمضان
  • وداعا رمضان
  • خطبة وداعا رمضان
  • وداعا رمضان
  • وداعا رمضان
  • خطبة: وداعا يا رمضان
  • وداعا رمضان

مختارات من الشبكة

  • وداعا يا رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وداعا يا رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • وداعا يا رمضان يا شهر البركات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وداعا رمضان (مطوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • رمضان وداعا(مقالة - ملفات خاصة)
  • وداعا شهر الصيام(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • وداعا صاحب العيش في مكة(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • حكم طواف الوداع للمعتمر(مقالة - ملفات خاصة)
  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: وداعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (10)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وداعا يا شهر التوبة(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
1- جزاكم اللّه خيرا
مأمون هزاع الشرعبي - اليمن 21-04-2024 01:02 AM

دمتم فخرا وعزا لنشر قيم ومبادئ وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف
أسأل من الله تعالى أن يجعل كل ما بذلتموه من جهد في ميزان حسناتكم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب