• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    اختتام ندوة حول العلم والدين والأخلاق والذكاء ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    لقاءات دورية لحماية الشباب من المخاطر وتكريم حفظة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تزايد الإقبال السنوي على مسابقة القرآن الكريم في ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مناقشة القيم الإيمانية والتربوية في ندوة جماهيرية ...
    خاص شبكة الألوكة
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

صوموا تصحوا (خطبة)

صوموا تصحوا (خطبة)
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/6/2018 ميلادي - 27/9/1439 هجري

الزيارات: 40302

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صوموا تَصِحُّوا [1]

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها الصائمون، إن الله تعالى شرع العبادات وجعل لها غايتين تتعلقان بالعابد: غاية أخروية، وغاية دنيوية، وكلتا الغايتين تعود على الإنسان بالفائدة: الآجلة والعاجلة.


فالغاية الأخروية للعبادة: الحصول على الأجور الموصلة إلى رضوان الله تعالى ودخول الجنة، والنجاة من النار. والغاية الدنيوية: إصلاح الروح والبدن، حتى تزكو نفس العابد، فيقوم بالغاية التي خُلق لأجلها، فيؤدي حق الله، ويؤدي حقوق خلق الله عليه. فمن تلك العبادات العظيمة التي شرعها الله تعالى لغايات جسيمة: عبادة الصوم؛ فإن للصوم ثوابًا عظيمًا في الآخرة، فقد تكفل الله تعالى بأجر فاعله من غير حدٍّ لذلك الأجر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)[2].


ومما يدل على عظم أجر الصيام ومنزلة أهله عند الله تعالى: أنه سبحانه جعل بابًا خاصًا من أبواب الجنة الثمانية للصائمين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة بابًا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد)[3].


والغاية الأخروية للصيام هي التي ينبغي أن نراعيها، ونجعلها دافعنا الأساس للإقبال على هذه العبادة الشريفة.

غير أن الصيام يعطي أهله فائدة أخرى تفضلاً من الله وكرمًا منه، وهي الفائدة البدنية والنفسية.


وقد اشتهر على الألسنة خبر: (صوموا تصحوا)[4]. وهو وإن كان ضعيف الإسناد إلا أن معناه صحيح؛ فإن الصيام له فوائد صحية عديدة، إذا صامه الإنسان على الطريقة الصحيحة، وليس عنده أمراض أو أحوال يضر معها الصيام.


أيها المسلمون، كثيراً ما يتكلم الخطباء والمحاضرون والدعاة عن الصيام من ناحية دينية، مبيِّنين حُكم الصيام وأحكامه وآدابه وشروطه، وحِكمه وثمراته. ولكن هناك جانب آخر عن الصيام يتحدث عنه بعمقٍ أطباء البدن، وأطباء النفس، فالصيام كما له فوائد أخروية له فوائد دنيوية كذلك. ولعل ذلك يستفاد بعموم بعض النصوص في بيان خيرية الصيام ونفعه من غير تقييد بالفائدة الأخروية فحسب. كقوله تعالى: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 184]. فهو خير دينًا ودنيا. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي أمامة رضي الله عنه حين جاءه فقال: يا رسول الله، مرني بعمل. قال: (عليك بالصوم؛ فإنه لا عدل له). قلت: يا رسول الله، مرني بعمل. قال: (عليك بالصوم؛ فإنه لا عدل له). قلت: يا رسول الله، مرني بعمل. قال: عليك بالصوم؛ فإنه لا مثل له)[5]. وفي رواية للنسائي: مرني بأمر ينفعني الله به. فقال: (عليك بالصوم؛ فإنه لا عدل له). وهذا يمكن أن يشمل النفع الديني والدنيوي، والله أعلم.


أيها الأحباب الفضلاء، إن الأطباء بعد دراسات وأبحاث قاموا بها وحالات مرضية عالجوها وصلوا إلى نتيجة مهمة ألا وهي: أن الجسم بحاجة شديدة إلى ممارسة الصيام، فقد "ثبت أن الصيام ظاهرة طبيعية يجب للجسم أن يمارسها حتى يتمكن من أداء وظائفه الحيوية بكفاءة، وأنه ضروري جداً لصحة الإنسان، تمامًا كالأكل والتنفس والحركة والنوم، فكما يعاني الإنسان بل يمرض إذا حُرم من النوم أو الطعام لفترات طويلة، فإنه كذلك لا بد أن يصاب بسوء في جسمه لو امتنع عن الصيام"[6].


وهذا في حق من لم يؤدِّ به الصيام إلى الضرر لمرض فيه؛ ولهذا عذر الله المريض من الصيام فقال: ((فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)).


عباد الله، إننا في رمضان نؤدي عبادة الصيام لمدة شهر كامل من السنة، وذلك يمثل إجازة للراحة لجهازنا الهضمي. ومن المتعارف عليه في واقع حياتنا أن الشركات والمؤسسات العامة والخاصة قد تعودت على أن تعطي موظفيها إجازة سنوية من شهر إلى شهرين، ومن غايات ذلك: إعطاؤهم فرصة زمنية للتخفيف من وطأة العمل وهمومه؛ حتى يجددوا نشاطهم في تلك الإجازة ليعودوا إلى العمل بحيوية وجِد.


وجهازنا الهضمي موظف نشط يعمل في أجسامنا ليل نهار، فهو يحتاج إلى إجازة أيضًا؛ فلذلك كان شهر رمضان إجازةَ العام لهذا الجهاز حتى يستريح، ليعود بعد ذلك إلى عمله بنشاط.


لكن هذا لا يتحقق إلا إن صام الإنسان صومًا صحيحًا؛ بحيث يقلل من الطعام والشراب في الليل، أما إذا أكثر من ذلك، وسامَ نفسَه في مراتع شهواتها التي تطلبها فإنه لم يعط لجهازه الهضمي إجازة حتى في رمضان!


أيها الصائمون، لقد ذكر الأطباء فوائد صحية عديدة للصيام، خصوصًا صيام رمضان، ولم يكن هؤلاء الأطباء من المسلمين فقط، بل ذكر ذلك أطباء كثر من غير المسلمين. بل حتى الأطباء والحكماء القدامى أمثال: سقراط وأفلاطون وأرسطو وجالينوس، فقد أكدوا أن الصيام هو الطريق الطبيعي للشفاء من الأمراض[7].


ونحن في الإسلام - ولله الحمد - لا نعرف الصيام في رمضان فحسب، بل الصيام مشروع لنا-نحن المسلمين- ومستحب طوال العام. ففي الأسبوع يستحب صيام الاثنين والخميس، وفي الشهر يستحب صيام ثلاثة أيام، وفي السنة يستحب صيام ست أيام من شوال، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، والإكثار من الصيام في محرم وشعبان، كما يستحب صيام يوم وإفطار يوم كغاية قصوى اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.


فلذلك تظل صحة المسلم متجددة بالصيام؛ لأن الجسم إذا بقي مستهلكًا للطعام خاصة من يستطيع أن يأكل ما يشاء بالقدر الذي يريد؛ فإن لذلك أضراراً كثيرة على بدنه.


لقد ذكر الأطباء فوائد صحية كثيرة للصوم، فمنها:

أنه "يساعد الجسم على القيام بعملية الهدم التي يتخلص فيها من الخلايا القديمة وكذلك الخلايا الزائدة عن حاجته"[8].

والصيام خير فرصة لخفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، وعلى هذا فإن الصيام يعطي غدة البنكرياس فرصة رائعة للراحة، فالبنكرياس يفرز الأنسولين الذي يحول السكر إلى مواد نشوية ودهنية تخزن في الأنسجة، فإذا زاد الطعام عن كمية الأنسولين المفرزة فإن البنكرياس يصاب بالإرهاق والإعياء، ثم أخيراً يعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر"[9].

 

ومن فوائد الصيام الصحية: أنه أحسن علاج لمن يعانون من مرض السمنة وثقل الوزن، "فإن الصيام يؤدي حتمًا إلى إنقاص الوزن، بشرط أن يصاحبه اعتدال في كمية الطعام في وقت الإفطار، وألا يتخم الإنسان معدته بالطعام والشراب بعد الصيام، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ إفطاره بعدد من التمرات لا غير، أو بقليل من الماء، ثم يقوم إلى الصلاة، وهذا الهدي هو خير هدي لمن صام عن الطعام والشراب ساعات طوالاً، فالسكر الموجود في التمر يشعر الإنسان بالشبع؛ لأنه يمتص بسرعة إلى الدم، وفي نفس الوقت يعطي الجسم الطاقة اللازمة لمزاولة نشاطه المعتاد"[10]. والإنسان حينما يبدأ الصيام" تبدأ الخلايا الضعيفة والمريضة أو المتضررة في الجسم لتكوِّن غذاءً لهذا الجسم حسب قاعدة: (الأضعف سيكون غذاءً للأقوى). وسوف يمارس الجسم عملية الهضم الآلي للمواد المخزنة على شكل شحوم ضارة، وسوف يبدأ بالتهام النفايات السامة والأنسجة المتضررة ويزيل هذه السموم"[11].

 

ومن فوائد الصيام الصحية: أنه "يفيد في علاج الأمراض الجلدية والسبب في ذلك أنه يقلل نسبة الماء في الدم فتقل نسبته بالتالي في الجلد، مما يعمل على:

• زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية.

• التقليل من حدة الأمراض الجلدية التي تنتشر في مساحات كبيرة في الجسم مثل مرض الصدفية.

• تخفيف أمراض الحساسية والحد من مشاكل البشرة الدهنية.

• مع الصيام تقل إفرازات الأمعاء للسموم وتتناقص نسبة التخمر الذي يسبب دمامل وبثوراً مستمرة"[12].

 

ومن فوائد الصيام الصحية: " أنه يساعد على شفاء آلام الظهر والعمود الفقري والرقبة. وقد أوضحت دراسة نروجية أن الصوم علاج ناجع لالتهاب المفاصل بشرط أن يستمر الصوم لمدة أربعة أسابيع"[13].

 

وتأملوا - إخوة الإسلام- إلى هذا التحديد: أربعة أسابيع!! يعني: شهراً كاملاً كرمضان.


إن آلام المفاصل مرض يتفاقم مع مرور الوقت، فتنتفخ الأجزاء المصابة به، ويرافق الانتفاخَ آلام مبرِّحة... وقد ثبت بالتجارب العلمية في بلاد روسيا أنه يمكن للصيام أن يكون علاجاً حاسماً لهذا المرض، وقد أرجعوا هذا إلى أن الصيام يخلص الجسم تمامًا من النفايات والمواد السامة، وذلك بصيام متتابع لا تقل مدته عن ثلاثة أسابيع، وفي هذه الحالة فإن الجراثيم التي تسبب هذا المرض تكون جزءاً مما يتخلص منه الجسم أثناء الصيام، وقد أجريت التجارب على مجموعة من المرضى وأثبتت النتائج نجاحًا مبهراً[14].

 

أيها الإخوة الفضلاء، ومن فوائد الصيام الصحية: أنه يؤدي إلى نقص مادة الكوليسترول. فقد أكد كثير من الباحثين الطبيين وأغلبهم غير مسلمين أن الصوم لكونه ينقص من الدهون في الجسم فإنه يؤدي إلى نقص مادة "الكوليسترول". والكوليسترول "مادة تترسب على جدار الشرايين، وبزيادة معدلاتها مع زيادة الدهون في الجسم تؤدي إلى تصلب الشرايين، كما تسبب تجلط الدم في شرايين القلب والمخ[15].

 

ومن فوائد الصيام الصحية: أنه" أفضل سلاح لاستئصال المواد السامة من الجسم؛ فإن الإفطار على التمر المقاوم للسموم هو بحق علاج متكامل للضعف والوهن الناتج من تراكم المواد السامة والمعادن الثقيلة في خلايا الجسم"[16].

 

"يقول أحد الأطباء: يدخل إلى جسم كل واحد منا في فترة حياته من الماء الذي يشربه فقط أكثر من مئتي كيلو غرام من المعادن والمواد السامة!! وكل واحد منا يستهلك في الهواء الذي يستنشقه عدة كيلوغرامات من المواد السامة والملوثة مثل: أكاسيد الكربون والرصاص والكبريت"[17].

 

وهذه السموم تنعكس سلباً على جسد الإنسان، وقد تكون سببًا لكثير من الأمراض، والعلاج لهذا هو استخدام سلاح الصوم الذي يقوم بصيانة هذه الخلايا وتنظيفها. والتنظيف المستمر للخلايا باستخدام الصيام يؤدي إلى إطالة عمر هذه الخلايا وبالتالي تأخر الشيخوخة لدى من ينتظم في الصيام. حتى إن حاجة الجسم من البروتين تخف خلال الصيام إلى الخُمس! وهذا ما يعطي قدراً من الراحة للخلايا[18].

 

ومن فوائد الصيام على صحة البدن كذلك: أنه" وسيلة جيدة لعلاج الربو وأمراض الجهاز التنفسي"، وعلاج للأمراض القلبية وتصلب الشرايين، وعلاج لأمراض الكبد مهما كان نوعها، فقد أثبت الصوم قدرته على علاجها بدون آثار سلبية، وهو وقاية من مرض الحصى الكلوية، وعلاج الأمراض للسرطان[19].

 

بل إن مرضى السرطان الذين يصومون ثلاثة أيام قبل خضوعهم للعلاج الكيميائي يساعد صيامهم على حماية خلايا الجهاز المناعي من التلف الذي يسببه العلاج.

 

ومما ذكره الأطباء أيضًا: أن الصوم يعتبر السلاح الأول في الطب الوقائي، فهو يحسن أداء أجهزة الدفاع لدى الجسم ويقوّي نظام المناعة، ويزيل عن الجسد المواد الضارة[20].

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد.

أيها المسلمون، كما أن للصيام فوائد صحية على البدن، فإن له فوائد صحية كذلك على النفس يذكرها أطباء النفس والمتخصصون في دراسة علم النفس.

 

فالصيام "علاج للاضطرابات النفسية القوية مثل الفصام، حيث يقدم الصوم للدماغ وخلايا المخ استراحة جيدة، وبنفس الوقت يقوم بتطهير خلايا الجسم من السموم، وهذا ينعكس إيجابياً على استقرار الوضع النفسي لدى الصائم. حتى إن مدير وحدة الصوم في معهد موسكو النفسي قد عالج أكثر من سبعة آلاف مريض نفسي باستخدام الصوم، حيث استجاب هؤلاء المرضى لدواء الصوم فيما فشلت وسائل العلاج الأخرى، وكانت معظم النتائج مبهرة وناجحة! واعتبر أن الصوم هو الدواء الناجع لكثير من الأمراض النفسية المزمنة مثل مرض الفصام والاكتئاب والقلق والاحباط.

 

وقد أكدت إحدى المجلات الطبية اليابانية في دراسة لها أن الصيام يحسِّن قدرتنا على تحمل الإجهادات وعلى مواجهة المصاعب الحياتية، بالإضافة للقدرة على مواجهة الإحباط المتكرر-وما أحوجنا في هذا العصر المليء بالإحباط أن نجد العلاج الفعال لمواجهة هذا الخطر!- كما أن الصوم يحسن النوم ويهدّئ الحالة النفسية"[21].

 

ومن فوائد الصيام على صحة النفس: أنه ينمي قدرة الإنسان على التحكم في الذات ويدربه على ترك عادات سيئة ويمنحه الفرصة على اكتساب ضوابط جديدة في السلوك تنعكس إيجابيًا على شخصيته، وهناك قانون نفسي يقول: (كثرة التدرب على سلوك جديد يؤدي إلى ثباته).

 

ومن فوائد الصيام النفسية: أنه يعلمنا أن نتجاوز أنانية الذات، فنفكر في الآخرين من الفقراء والمحتاجين، وذلك عندما نحس بآلام الجوع وتعب فَقْد الحاجة، فنذكر غيرنا ممن يعانيها طوال السنة. وهذا يفيد في ضبط الرغبة، ويدعو إلى التضامن الاجتماعي، فيعمل ذلك على إنماء شخصية الإنسان وتكاملها لتكون على أجمل حالاتها في الصحة الروحية والعقلية، والجسدية والنفسية.

 

أيها الإخوة الفضلاء، ومن فوائد الصيام النفسية: أنه يقلل من النزعة الاستهلاكية التي أصبحت هي السائدة في نمط العيش الحديث، فلقد أشار بعض الأطباء النفسيين إلى سلبية خطيرة تنخر نفسية الإنسان تتمثل في طغيان رغبات التملك والاستهلاك المصحوبة بالقلق النفسي. ومن منظور نفسي أكدت بعض الأبحاث أن ارتفاع معدلات الاكتئاب يتناسب مع ارتفاع الاختيارات الاستهلاكية وتعددها، وعدم قدرة الناس على ضبط رغباتهم وكبحها؛ ولهذا نصحت الكثير من الأبحاث بالتدرب على كبح الشهوات الغريزية والسيطرة على الرغبات عن طريق الصوم.

 

ومن فوائد الصيام النفسية: أنه برنامج ارتقائي يعين على ضبط نوازع الشر داخل الإنسان؛ ولهذا أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصائم بتجنب أخلاق سيئة، ولزوم أخلاق حسنة أثناء صيامه.

 

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به. والصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم) [22]. وقال عليه الصلاة والسلام: (ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم إني صائم) [23]. وقال: (رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش)[24].

 

ومن الجدير بالذكر أنه أُنشئت مراكز كثيرة في دول متعددة كأمريكا والصين وروسيا وكندا وغيرها، منطلقة من فكرة إثارة الانتباه إلى فائدة ضبط الشهوات والتحكم بها عن طريق الصوم.

 

بل وألِّفت مئات الكتب في علم النفس من مؤلفين غير مسلمين تحث على استخدام الصوم علاجًا نفسيًا.

 

أيها المسلمون، وبعد هذا العرض لفوائد الصيام البدنية والنفسية كما ذكر الأطباء من المسلمين وغير المسلمين علينا:

أولاً: أن نحمد الله تعالى على نعمة الإسلام، هذا الدين العظيم الذي تظهر روائعه للعالم يومًا بعد يوم، فقد بهر غير المسلمين على اختلاف تخصصاتهم بما فيه من التشريعات التي تشهد بصحتها أبحاثهم ودراستهم العلمية في مختلف المجالات.

 

وثانيًا: علينا أن نشكر الله تعالى على نعمة الصيام الذي شرعه ربنا لنا من أجل مصلحتنا في الدنيا والآخرة.

 

وثالثًا: علينا اتباع الهدي الشرعي الصحيح في عبادة الصيام، فنعتدل في تناول الغذاء في ليالي الصيام؛ لأن ذلك هو الطريق الصحيح للحصول على تلك الفوائد الصحية السالف ذكرها.

 

ورابعًا: علينا أن لا نجعل هذه الفوائد الصحية هي غايتنا من الإقبال على الصيام، بل نجعل غايتنا الكبرى القيام بعبادة الله تعالى ورجاء ثوابه وغفرانه، وتلك الفوائد الطبية جوائز معجلة قبل الجائزة الكبرى يوم القيامة.

هذا وصلوا وسلموا على خير البشرية...

 


[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في 16/ 9/ 1439هـ، 1/ 6/ 2018م.

[2] متفق عليه.

[3] متفق عليه.

[4] رواه الطبراني وأبو نعيم وابن عدي، وضعفه العراقي والشوكاني والألباني، وبالغ الصاغاني فحكم عليه بالوضع، وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات". وينظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (1/ 420).

[5] رواه النسائي وابن خزيمة، وهو صحيح.

[6] أسباب الشفاء من الأسقام والأهواء (ص: 19).

[7] روائع الإعجاز الطبي في القرآن والسنة (ص: 24).

[8] موسوعة العلاج بالأعشاب (ص: 13).

[9] أسباب الشفاء من الأسقام والأهواء (ص: 22).

[10] المصدر السابق.

[11] روائع الإعجاز الطبي في القرآن والسنة (ص: 26).

[12] روائع الإعجاز الطبي في القرآن والسنة (ص: 28).

[13] موسوعة العلاج بالأعشاب (ص: 16).

[14] أسباب الشفاء من الأسقام والأهواء (ص: 25).

[15] المصدر السابق.

[16] روائع الإعجاز الطبي في القرآن والسنة (ص: 19).

[17] المصدر اسابق (ص: 24).

[18] روائع الإعجاز الطبي في القرآن والسنة (ص: 24،27).

[19] المصدر السابق (ص: 28).

[20] روائع الإعجاز الطبي في القرآن والسنة (ص: 28،29).

[21] روائع الإعجاز الطبي في القرآن والسنة (ص: 25).

[22] رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وهو صحيح.

[23] متفق عليه.

[24] رواه الحاكم وابن ماجه والنسائي، وهو حسن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وأن تصوموا خير لكم
  • صوموا لعلكم تتقون
  • {وأن تصوموا خير لكم}
  • صوموا تصحوا... على الطريقة الألمانية
  • شرح حديث: إذا رأيتموه فصوموا
  • صوموا تصحوا

مختارات من الشبكة

  • شرح متن الدرر البهية: كتاب الصيام(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • التنبيه على ضعف حديث صوموا تصحوا (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • صوم التطوع(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • وقفات رمضانية (7) الموسم الرابع(مقالة - ملفات خاصة)
  • الأحاديث الضعيفة والموضوعة في رمضان وفضله (17)(مقالة - ملفات خاصة)
  • مظاهر اليسر في الصوم (4) النهي عن صوم الأبد(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • (احتساب سبعين نية لصوم رمضان) من كتاب (بذل الجنان في احتساب سبعين نية لصوم رمضان: ج1)(مقالة - ملفات خاصة)
  • صوم الدهر (الصيام كل يوم - سرد الصوم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل تكميل فرائض العبادات بنوافلها وعبادة الصوم والصوم في المحرم(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • الصوم الحقيقي، وصوم المريض والمسافر(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب